تعمل برامج التعرف والتنقل على  تزوید الشخص المكفوف، بشكل عام، بالمعارف والمھارات التي تمكنھ من التحرك والتنقل في بیئتھ ومجتمعھ بشكل مستقل، أو بأقل درجة من الاعتماد على الآخرین؛ وهي تساعد على  تنمیة مھارات المشي مع المرشد المبصر وغیره بشكل فاعل؛ وتجعله قادراً  على عبور الطرق والشوارع واستخدام وسائل النقل؛ كما تعمل برامج التعرف والتنقل على  تنمیة مھارات استخدام الحواس كالبصر (البقایا البصریة)، والشم،واللمس، والسمع؛ وتساعد الشخص المكفوف  على استخدام وسائل وأدوات الحیاة الیومیة، والخرائط البارزة، والسمعیة، مع القدرة على استخدام الوسائل الموجودة في الأبنیة الحدیثة، والأسواق التجاریة، مثل الدرج الكھربي، والأبواب الدوارة، والمصعد، وغیرھا.

لقد طلق الكاتب على هذا الدليل لقب "طريق الاستقلالية" لأن مهارات التعرف والتنقل تزيد من استقلالية الشخص المكفوف كلما اكتسبها وأتقنها، وبالتالي تحسن من نوعية حياته، وتقلل اعتماده على الآخرين، وبالتالي تعزز من كرامته.

الھدف من ھذا الدلیل الإرشادي تفید الدراسات أنھ لا یتسنى للغالبیة العظمى من المكفوفین في مجتمعاتنا العربیة والنامیة، تلقي خدمات أو برامج التعرف والتنقل، وھي إذا ما كانت موجودة، تقدم في المدارس، التي لا یلتحق

 بھا إلا الأطفال وبعض الشباب، الذین یشكلون نسبة ضئیلة من المكفوفین في المجتمع، وھذا یعني أن السواد الأعظم من المكفوفین لاسیما الأكبر سناً، یبقى محروما من ھذه الخدمات الأساسیة، والتي لم یعد ھناك أدنى شك في أھمیتھا لحیاتھم الیومیة وكرامتھم الإنسانیة، ویزداد جدواھا كلما قدمت بشكل أبكر، وفور حدوث كف البصر.

 

لقد كتب ھذا الدلیل الإرشادي موجھا إلى العاملین الصحیین والاجتماعیین، وذوي الأشخاص المكفوفین، وجمعیاتھم والمتطوعین، من أجل إكسابھم المعارف والمھارات الأساسیة للتعرف والتنقل وإدراك أھمیتھما الكبیرة في حیاة الأشخاص المكفوفین من مختلف الأعمار.

يدعو الدكتور غسان شحرور من خلال ھذا الكتاب  إلى إدراج برامج التعرف والتنقل في برامج وخدمات التعلیم العالي لتأھیل المدربین والمختصین، وكذلك إدراجھا في مناھج مدارس ومعاھد تأھیل المكفوفین، بالإضافة إلى تشجیع الأھالي من ذوي المكفوفین والمتطوعین، على تشكیل الجمعیات المتخصصة بتأھیل ودمج المكفوفین، والالتحاق ببرامج تدریبیة قصیرة لإتقان مھارات التعرف والتنقل، ومن ثم القیام بالتعاون مع الجھات المختلفة بتنظیم برامج تدریبیة موجھة لذوي المكفوفین في المجتمع والمتطوعین.

 

يسلط الكاتب الدكتور غسان شحرور الضوء  على  اتفاقیة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي كما يصفها بأنها تشكل نقلة نوعیة في میادین القانون الدولي الإنساني، وتسھم في تحقیق الحمایة المطلوبة لحقوق الأشخاص المعوقین الإنسانیة وكرامتھم، لقد فتح باب التوقیع على ھذه الاتفاقیة اتفاقیة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أمام جمیع دول العالم في مقر الأمم المتحدة اعتبارا من ٣٠ آذار/مارس ٢٠٠٧، إلى أن دخلت حیز التنفیذ في ٣ أیار/ مایو ٢٠٠٨ .ويعد هذا الدليل أول كتاب عربي يصدر عن الاتفاقية بعد أن دخلت حيز التنفيذ.

 

يضم الكتاب  تعاریف وأساسیات عن  الإعاقة البصریة (العمى أو كف البصر)، ضعف البصر، وأسباب الإعاقة البصریة عند الأطفال، و  كبار السن. كما يضم  المھارات الأساسیة لتعلیم وتدریب المعوقین بصریاً لاسيما  مھارة القراءة والكتابة بطریقة برایل،  مھارة تعلم الآلة الكاتبة العادیة،  مھارة إجراء العملیات الحسابیة وبشكل خاص  مھارات التعرف والتنقل، وكيفية  الاستعانة بمرشد مبصر، وكيفية وأهمية  الاستعانة بالعصا البیضاء وأهم  خدمات برامج التعرف والتنقل.

كذلك يتحدث الدكتور غسان شحرور عن  تنمیة الحواس ومھارات التعرف عند صغار الأطفال المكفوفین و كبار الأطفال المكفوفین والشباب، وكيفية تنقل الشخص المكفوف  في المنزل،  التعرف والتنقل في الحیاة الیومیة.

 

بقدم الكتاب الآفاق المستقبلیة للتعرف والتنقل بفضل التطور المتسارع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، كما يقدم إرشادات للسائقين وإرشادات عامة للمجتمع حول التعامل مع الشخص المكفوف.

      لقد قدم الكاتب هذه المعلومات على شكل أحاديث جرت بينه وبين صديقه المكفوف من جهة، ومع الموجه في معهد المكفوفين من جهة أخرى، كما استعان بعشرات الرسوم التوضيحية لإيصال رسائله بنجاح عن التعرف والتنقل وتأهيل الأشخاص المكفوفين.

      يسعى الكاتب من خلال هذا الدليل وما يدعو إلى تحقيقه إلى تمكین الأسرة والمجتمع المحلي، وجمعيات ومراكز الأشخاص المكفوفين والعاملین معھم، للوصول إلى مجتمع أفضل للجمیع یعیش فیھ أفراده جنبا إلى جنب، یتمتعون فیھ جمیعا بكرامتھم،واستقلاليتهم، وكامل حقوقھم.