.

آثــارتغذ يـةتراجــمعلـــومالأدبكتــــبالديـنالطــبالقانونالتعلـيمالتربيـةكومبيوتر

شم النسيم
(عيد الفصح)

يحتفل أتباع الديانتين المسيحية واليهودية بعيد الفصح .. مع اختلاف معنى المناسبة لدى كل منهما. ورغم انه هذه المناسبة دينية بحته، الا ان جملة من العادات والتقاليد تختلف من بلد لأخر اقترنت بها وأصبحت جزءا منها

يحتفل المسيحيون واليهود ببدء عيد الفصح .. الذي يعد عند أتباع الديانة المسيحية امتدادا لنفس العيد عند أتباع الديانة اليهودية، ولكن مع اختلاف في المعنى. ففي الوقت الذي يعتقد اليهود ان الفصح هو ذكرى انتقالهم من العبودية إلى الحرية بعد خروجهم من مصر الفرعونية، يعتقد المسيحيون ان الفصح هو الانتقال من الموت إلى الحياة ومن العبودية للخطيئة إلى الحرية والتحرر. وداخل الديانة المسيحية يختلف المسيحيون في تقييم درجة قدسيتهم للمناسبات المسيحية الدينية. البروتستانت يعتبرون يوم الجمعة الحزينة أو العظيمة، وهو اليوم الذي صلب فيه المسيح، أقدس الأيام على الإطلاق لان المسيح حسب اعتقادهم تحمل أخطاء البشر جميعا وضحى بنفسه لأجلهم، في حين يعتبر الكاثوليك والأرثوذكس يوم "قيامة" السيد المسيح، الذي يصادف اليوم الأول من عيد الفصح، من بعد صلبه وعودته إلى الحياة أقدس أيام السنة لأنه يرمز إلى تجدد الحياة وتغلب المسيح على الموت.

 

 طقوس عيد الفصح

 وفقا للديانة المسيحية يفترض ان يصوم المسيحيون أربعون يوما قبل عيد الفصح: من أربعاء الرماد وحتى يوم عيد الفصح. والصوم هنا بمعنى الامتناع عن أكل اللحوم ومشتقاتها بما في ذلك الحليب والبيض وكذا عدم شرب النبيذ. والغرض منه هو التذكير بالأيام التي قضاها السيد المسيح في الصحراء وكنوع من التكفير وتصفية الروح. ولكن هذه الطقوس مثلها مثل غيرها من الطقوس في الأديان الأخرى أخذت في الاندثار شيئا فشيئا وصار الاحتفال بعيد الفصح عادة اجتماعية ومناسبة للاحتفال أكثر من كونه طقس ديني، بل أنه صار مثله مثل غيره من الأعياد مناسبة للتسوق والشراء والأكل والشرب واللهو وغير ذلك من المظاهر الاحتفالية. وتستغل المحلات التجارية هذه المناسبة لتصريف منتجاتها وجني الأرباح.

 

 الفصح في مصر

تعود تقاليد عيد الفصح في مصر إلى ما قبل الميلاد، وتحديدا إلى أيام الفراعنة. ويختلف إسم المناسبة عنه في أي مكان آخر،  لكن الرموز تظل متشابهة. ويحتفل الأقباط في مصر، وهم أتباع الكنيسة الأرثوذوكسية، بعيد الفصح، او "بقيامة" السيد المسيح الذي يصادف هذا العام يوم 23 ابريل/ نيسان نظرا لاعتماد الكنيسة القبطية على التقويم اليولياني بينما يعتمد الغرب التقويم الغريغوري وهذا ما يخلق فارقا في توقيت الاحتفال بالعيد. في اليوم التالي لعيد الفصح يحتفل المصريون جميعهم بمناسبة "عيد شِم النسيم" الذي يعد عطلة رسمية في مصر. وتعود تقاليد "عيد شم النسيم" الذي يعني الإحتفال ببدء فصل الربيع، إلى أيام الفراعنة. طقوس عيد الفصح في مصر لا تختلف كثيرا عن بقية البلدان من حيث استخدام البيض الملون الذي هو جزء من هذه الطقوس، والذهاب إلى الحدائق العامة، واكل السمك المملح جدا. وهناك علاقة بين البيض والسمك في هاتين المناسبتين اللتين تزامنتا تاريخيا منذ أيام الفراعنة وكان للبيض والسمك حينها معنى دينيا مرتبطا بالإله "براهمت"، إله البقاء والحياة في الحضارة الفرعونية، كما ان أكل السمك هو رمز مسيحي حتى أيامنا هذه.

 

 الفصح في ألمانيا

 يعد عيد الفصح في ألمانيا مناسبة للاحتفال والتسوق، حتى أن الطابع الديني لهذه المناسبة يكاد أن يختفي، لاسيما بين جيل الشباب. وحتى الصيام صار مقتصرا على كبار السن الملتزمين دينيا، كما أنه في الغالب يكون في الامتناع عن الحلويات والكحوليات والتدخين. وهناك من يعتقد انه يجب الامتناع عن أكل أو شرب او ممارسة كل شيء محبب للشخص وذلك كعلامة على كبح الرغبات. ويمثل البيض والأرنب رموزا تقليدية كجزء لا يتجزأ من طقوس عيد الفصح في ألمانيا. ولهذه التقاليد خلفية دينية ايضا حيث يمثل البيض رمزا للحياة والانبعاث بينما يرمز الأرنب للإخصاب. ويتم تزيين وتلوين البيض بأشكال ونقوش جميلة حيث يخفي في أماكن مختلفة ويترك الأطفال الذين يتنكرون في شكل أرانب لكي يبحثوا عنه. ويشكل التسوق في الوقت الحالي جزءا أساسيا من التقاليد التي ارتبطت بعيد الفصح في ألمانيا. فحركة البيع والشراء في الأيام التي تسبق عيد الفصح تزداد بشكل ملفت للنظر، لاسيما مبيعات الحلويات والشكولاتة التي تأخذ إشكالا وألوانا عدة أبرزها شكل الأرنب. وقد أثبتت بعض الدراسات في ألمانيا أن اكبر كمية من الحلوى والشوكولاته تباع في ألمانيا في أيام عيد الميلاد والفصح.

 

يذكر انه قد جرت العادة في ألمانيا، وأوروبا عموما، أن تقوم مسيرات سنوية حاشدة في عيد الفصح تغير طابعها الديني مع مرور الوقت لتأخذ مظهرا سياسيا ولتصبح على شكل احتجاجات سلمية عامة ضد الحروب والظلم والقهر. ويغلب على هذه المظاهرات تأثير اليساريين ومعارضي العولمة.

 

 الفصح في أمريكا

لعيد الفصح في أمريكا تقليد مختلف إلى حد ما، حيث يقام هناك في البيت الأبيض وفي كل مكان احتفالات بهده المناسبة. ويقوم الآباء والأمهات بإخفاء البيض بينما يتولى الأطفال مهمة البحث عنه ودحرجته. ويحضر الأطفال من كل مكان إلى البيت الأبيض حيث يقومون هناك ايضا بمثل هذه الألعاب والمسابقات كما يتولى مسؤول من البيت الأبيض توزيع الهدايا عليهم.  وللاحتفال في البيت الأبيض خلفية تاريخية قديمة حيث خطرت فيما مضى من الدهر فكرة ببال بعض الأطفال ان يدحرج البيض على مقربة من مبنى الكونجرس، ولكن ذلك  الأمر أزعج الأعضاء والنبلاء فيه لأنه تسبب في تلف النباتات والحشائش في حديقة "الكابتول هول"، مما حدا بالكونجرس إلى إصدار قانون لمنع لعب الأطفال هناك.  فما كان من الرئيس الأمريكي أنذاك روثرفورد الا أن دعا الأطفال في يوم عيد الفصح إلى البيت الأبيض، فاتحا أمامهم أبواب الحديقة للعب ودحرجة البيض في عيد الفصح قائلا: " دعوا الأطفال يلعبون ويتشاقون كما يريدون". ومنذ ذلك التاريخ صار قضاء الأطفال لعيد الفصح في البيت الأبيض تقليدا سنويا.  

 

 الفصح في البرازيل

وفي البرازيل يحتفل البرازيليون بعيد الفصح على طريقتهم الخاصة حيث تمثل الشوكلاتة والحلويات على شكل بيض محور الاحتفال. ويتوقع هذه السنه ان يبلغ عدد البيض المصنوع من الشكولاته والتي تأخذ أشكالا وألوانا وأحجاما مختلفة حوالي 100 مليون بيضة. لكن هناك تقليد مميز وهو ان يقوم ممثلون مسرحيون بإعادة تمثيل معاناة السيد المسيح في الهواء الطلق.وفي أنحاء متفرقة من البلاد يقوم البرازيليون بصنع دمى على شكل إنسان محشوة بالحلويات وترمز "ليوداس"  الذي خان السيد المسيح وأخبر عن مكان تواجده حيث تم اعتقاله وصلبه. هذه الدمي يتم تعليقها في الشوارع العامة ويقوم الأطفال والكبار بتوجيه الشتائم اليها. ومن أجل إعطاء الأمر طابعا سياسيا خاصا ترمز هذه الدمى في بعض الأحيان إلى شخصيات فاسدة من كبار السياسيين في البلد.


 دويتشه فيله DW
اعداد : عبده جميل المخلافي
(بتصرف)