.

آثــارتغذ يـةتراجــمعلـــومالأدبكتــــبالديـنالقانونالتعلـيمالتربيـةكومبيوترثقــافـة

نومة القيلولة

 
يتصور البعض خطأً بأن القَيْلُولَة هي نَومَةٌ من اختراع الكُسالى الذين يميلون إلى قضاء أوقاتهم بالنوم و يفضلون الخلود إلى الراحة بدلاً من العمل و النشاط و الحيوية .

و هذا التصور الخاطيء إنما هو ناتج عن عدم معرفتهم بالقيلولة و نابع عن جهلهم بها ، فهم يتصورون أن نومة القيلولة إنما هي النومة المستغرقة لفترة الصباح حتى الظهر ، و لأن من شأن هذه الفترة أن تكون مهداً لأعلى مرتبة من مراتب النشاط و الحيوية في حياة الإنسان و حيويته ، ذلك لأن المتوقع هو أن يصل النشاط الطبيعي للإنسان إلى ذروته في هذه الفترة .
لكن هذا التصور و الاستنتاج خاطىء ، ذلك لأن القَيْلُولة هي نَوْمةُ قصيرة في نِصْف النهار ، أو استراحة و استرخاء لبعض الوقت في نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، و الهدف منها طرد الكسل و استعادة النشاط و الحيوية

 القيلولة و علماء اللغة  
قال في لسان العرب : " القَيْلُولة : نَوْمَةُ نِصْف النهار ، و هي القائلةُ ، قال يَقِيل ُ ، و قد قال القوم قَيْلاً و قائلةً و قَيْلولةً و مَقالاً و مَقِيلاً " .
و قال أيضا : " و المَقِيل و القَيْلولة : الاستراحة نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، يقال : قال يَقِيل قَيْلولة ، فهو قائِل " .
و قال العلامة الطريحي في مجمع البحرين : " و قال قيلا و قائلة و قيلولة : نَامَ " .

 

 القيلولة في منظار الشرع
نومة القيلولة مستحبة شرعاً لما فيها من الأثر الإيجابي في حياة الإنسان المادي و المعنوي على حد سواء .
فقد رُوي عن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) أنه قال : "
تَعَاوَنُوا بِأَكْلِ السَّحُورِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ و بِالنَّوْمِ عِنْدَ الْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ "
[1] .

 

 نومة القيلولة المكروهة
و أما نومة القيلولة المكروهة و المنهي عنها شرعاً و التي تورث الفقر فهي نومة وقت صلاة الفجر ، قال الشَّيْخُ الطُّرَيْحِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ، و فِي الْحَدِيثِ : " و الْقَيْلُولَةُ تُورِثُ الْفَقْرَ " و فُسِّرَتْ بِالنَّوْمِ وقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ [2]
.

 

 القيلولة في القرآن الكريم
جاء ذكر القيلولة في القرآن الكريم في موضعين هما :
1 . قول الله تعالى :
{ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [3] ، و أَحْسَنُ مَقِيلًا أي موضع قائلة ، قال الأزهري القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر و إن لم يكن مع ذلك نوم و الدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها و قال ابن عباس و ابن مسعود لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار [4] .

2 . قول الله عزَّ و جلَّ : {
وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ} [5] ، قال في تفسير القمي : " أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني وقت القيلولة نصف النهار " [6]
.

 القيلولة تزيد من إنتاجية العمال
و الجدير بالذكر ان العلماء توصلوا إلى معلومات تسترعي الانتباه بالنسبة إلى نومة القيلولة ، فقد افادت دراسة صادرة عن "
معهد علم النفس الاندلسي " في جنوب اسبانيا ان القيلولة تزيد من إنتاجية العمال و تساهم في إزالة التوتر .

ذلك لأن القيلولة تؤدي إلى الراحة الدماغية و الارتخاء العضلي و العصبي بما يساعد على زيادة إنتاجية العمال حسب هذه الدراسة التي نشرت تحت أشراف الباحث سيزار ايسكالانتي .

و تقول الدراسة "
ان القيلولة تعزز الذاكرة و التركيز و تفسح المجال امام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط اكثر ارتياحا ، كما تشدد على عدم الاطالة في القيلولة لان الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي " .
و أشار
سيزار ايسكالانتي إلى أن الدول الغربية بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية و أوصى بقيلولة تتراوح بين 10 و 40 دقيقة ، و رأى ان قيلولة أطول من ذلك قد تؤدي إلى " شعور بعدم الراحة و المزاج السيئ و صعوبة في الاستيقاظ " .
هذا و لقد طلبت كبرى المؤسسات الأمريكية و اليابانية من العاملين بها ضرورة اللجوء إلى فترة القيلولة لمدة تتراوح من 5 إلى 30 دقيقة يوميا لمالها من فوائد عديدة للجسم خاصة بالنسبة للأشخاص المعروفين بالنشاط الزائد و الذين يعانون من ضغط عصبي في أعمالهم .
فقد كشف فريق من الباحثين الأمريكيين أن فترة القيلولة القصيرة تعمل على خفض نسبة الهرمون المسئول عن الضغط .
و الجدير بالذكر أن بعض المؤسسات وفرت لعملائها المكان الذي يستريح فيه فترة القيلولة .

 

 مراجع

[1] من لا يحضره الفقيه : 2 / 136 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
[2]
مجمع البحرين : 5 / 459 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
[3]
القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 24 ، الصفحة : 362 .
[4]
بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 7 / 151 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
[5]
القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 151 .
[6]
بحار الأنوار : 14 / 454 .