.

آثــارتغذ يـةتراجــمعلـــومالأدبكتــــبالطــبالقانونالتعلـيمالتربيـةكومبيوترثقــافـة

قبض العلم

 
وقال - -صلى الله عليه وسلم- -: {إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا }.

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح". وابن ماجه، ورواه بن وضاح في "البدع والنهي عنها" بسند صحيح، ورواه الشهاب القضاعي في مسنده، وقال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني في الأوسط، والبزار بطرق فيها ضعف، ورواه عبد الرزاق في مصنفه، وابن المبارك في الزهد.

ذكر أنه رواه الترمذي، ورواه الشهاب، وابن ماجه وعبد الرزاق. لكن فات على المُحَشِّي أنه أخرجه الشيخان -البخاري ومسلم-. هذا الحديث فات على المحقق، الحديث أخرجه الشيخان -البخاري ومسلم-.

وَلَفْظُ البُخَارِي: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا } قَالَ الْفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ ". وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الإِمَامُ مُسْلِم.

هذا فات على المحقق، مع أن الصحيحيْن واضحان، ينبغي أن يرجع إلى الصحيحين في المقدمة، ولكن الكمال لله. فالنبي - -صلى الله عليه وسلم- - يقول: {إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء } هذا فيه الحث على التعلم، وأخذ العلم من أفواه العلماء قبل قبضهم: قبل موتهم.

وفيه أن قبض العلم، بقبض العلماء، ولو كانت الكتب بين أيديهم. القرآن بين أيديهم والسنة، ولكن العلماء هم الذين يبينون للناس، ويوضحون معاني الكتاب العزيز، ومعاني السنة، ويجمعون بين النصوص، ويؤولونها على تأويلها.

بخلاف أهل البدع، فإن أهل البدع يضربون النصوص بعضها ببعض، ويؤولونها على غير تأويلها، فيضلون ويضلون، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا فيه الحث على طلب العلم، والعناية بطلب العلم، وأخذ العلم من أفواه العلماء.

ولا يكفي أن يكون الإنسان يأخذ العلم من الكتاب والقراءة، ما يكفي. وليس هناك أحد تعلم، وصار طالب علم من الكتب أبدا. العلم إنما يؤخذ من أفواه العلماء. لو جلس الإنسان طول حياته، ومعه الكتب وحدها، ما صار طالب علم، ما يكفي لأن يكون طالب علم؛ ولهذا قال العلماء: " من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه ".

والحديث واضح، يقول النبي: {إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال }ما يُقبض من صدور الرجال، لكن يُقبض بأي شيء؟ بموت العلماء. يموت العلماء واحدا بعد واحد بعد واحد، حتى يُقبض العلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا لم يُبْقِ عالما، وفي رواية {حتى إذا لم يُبقِ عالما، اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا }ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لأنه إذا مات العلماء، المناصب لا بد لها من يتولاها: الإفتاء والقضاء والتدريس، وغيرها من المناصب، فلا بد أن تُسد. فإذا مات العلماء -أهل البصيرة، وأهل العلم- من يتولاها؟ يتولاها الأمثل فالأمثل. فإذا انتهى العلماء، تولى هذه المناصب من ليس من أهل العلم.

ومن يتولاها منهم لا بد أن يفتي، لا بد أن يقضي، لا بد أن يدرس، لا بد أن يعلم؛ لأنه في هذا المركز، في هذا المنصب، مفتي لا بد أن يفتي، قاضي لا بد أن يقضي، مدرس لا بد أن يعلم. فإذا لم يكن عنده علم ولا بصيرة، أفتى بغير علم، ودرس بغير علم، وقضى بغير علم؛ فضل وأضل، وهلك الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم.