السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 
النمسـا اليـوممفكـــــرةخدمات & طوارئ النمسـا الوطـنإخترنـا لكإعلانــــــاتحـوار صـريحمجتمــــــعهيئة التحـريرمواقع إلكترونيةتواصـــل
 
 

عمرو الدلق
فيينا

كرنفال

أزياء

الأزياء لها مناسباتها، فكما لكل مقام مقال، فلكل مناسبة أيضا ما يناسبها من الملابس، يعني مثلا ما يناسب موقع العمل أو الزيارة، الاحتفال بالأعياد أو غرفة النوم، التريض أو الزفاف، و خلافه. الاختلاف يأتي من حتميات مختلفة، أساسها طبيعة الشيئ الذي يؤديه الإنسان، فمثلا الذهاب إلى المسجد بالاسموكن، أو حضور اجتماع مجلس رئاسة الوزراء بملابس تنكرية، أو أن تزف العروس إلى زوجها مرتدية تايير من قطعتين، أشياء ممكن تخيلها لكنها ستصف صاحبها بالعَتَه. كما أن للتبعية العرقية  كعامل في التنوع أطر لتفصيل الملابس، فالساري الهندي إما أن يطول الفستان فيه للأرض، أو يُلبس تحته البنطلون، نساء وسط و شرق أوربا يرتدين أزياءهن الشعبية و فوقها مريلة، الجلابية الصعيدي تختلف عن اختها الفلاحي، و غير هذا الكثير و الكثير من تنويعات ملابس الشعوب. أما في حالة التنكر فينتحل المرء شخصية أخرى، بارتدائه ملابس ليست من دولاب ملابسه الخاص، حيث يظهرللناظرين بشخصية أخرى، كنابوليون، بحار، أمير بترول عربي أو هندي أحمر.

تنكر

اعتاد الأوربيون على التنكر بالجملة في حفلات جماعية أثناء موسم الكرنفال، حيث يمضي الناس بضعة أيام صاخبة مليئة بالمرح و الخروج عن المألوف، مثل التحية بألفاظ غير معهودة، ارتداء ملابس غريبة التفصيل صاخبة الألوان، نظم أشعار من نوع النقد الاذع، ذاتيا و سياسيا، و أداء مشاهد مسرحية كوميدية قصيرة، أيضا ذات طابع نقضي. 

"الكرنفال هو استعراض شعبي واحتفالات شعبية تجوب الشوارع، موسم الكرنفالات، يبدأ عادة مع العطلة التي تسبق الصيام الكبير، في المسيحية. الكلمة من اللاتينية ربما تعني حرفيا (الابتعاد عن اللحوم). تبدأ الاحتفالات من الأحد الأخير الذي يسبق أربعاء الرماد، لكنه في بعض الأماكن يبدأ قبل ذلك التاريخ بإثنى عشر ليلة، ويستمر حتى الليلة التي تسبق الصوم الكبير. ،وضعت هذه الفترة للاستمتاع بكل المنتجات الحيوانية كالزبدة، والبيض، التي يبدأ الصيام عنها. تنتهي هذه الاحتفالات في (ماردي قراس)، فرنسية، والتي تعني (الثلثاء الدسم)، قبل اليوم الذي يسبق رماد الإربعاء، بعدها تبدأ فترة الصيام التي تستمر 40 يوما" (عن ويكي).

في أغلب الاحتفالات يتنكر الناس بأزياء مرحة تشبه المهرجين و يطلقون على أنفسهم مجانين أو ملاحيس الكرنفال، ويخرجون في طوابير تجوب الشوارع، يدقون الطبول، و يعزفون الموسيقى الصاخبة، ثم يصنع الشعب في إطار تهريج و مرح شيئا يشبه الانقلاب على الحاكم حيث يتم اختيار أمير و أميرة و مستشار و ينتقل الحكم في هذا اليوم للشعب، مثل ما كان يحدث في العصور الوسطى عندما يبدأ الاحتفال داخل الكنيسة و يأخد صغار الكنسيون دور القساوسة و يقيمون قداسا و يختارون حتى بابا مزيف. العادات تكثر و تختلف من بلد لبلد، و بين زمان و آخر، إلا أنها تبقى أوربية من الناحية الثقافية و التاريخية. من المعتاد أن يطلق منسقي مثل هذه الحفلات شعارات، مثل حفلة البيجاما، حفلة الطراطير، رحلة إلى أفريقيا، إلعب يا مُلعب . . .

تقليعة

أدخلت طبقة النبلاء هذه العادة إلى مصر و قت الخديوية و الملكية إما تقليدا أعمى للغرب "المتحضر" حيث يتشبهون بهذا التقليد مثل القرد و عجين الفلاحة، أو مواكبة لعادات الغربيين شركاء المال و المصالح. و لعدم توافقية هذه العادات ذات البعد الكاثوليكي مع المجتمع الشرقي في مصر اقتصرت هذه الحفلات على الأماكن المغلقة، و لم يخطر على بال أحد من منظمي هذه الحفلات أن يخرجوا بمواكب تنكرية إلى الشارع، و تقلصت في حدود سهرة الحفلة التنكرية كما كان يسميها النبلاء، أو حفلة مسخرة باللسان البلدي. و حتى هذه السهرات المرحة (المسخرة) انقرضت تقريبا،  فما كانت إلا تقليعة زمانها.

مع الوقت لم تجد هذه التقليعة أرضية في مصر، نظرا لغرابتها و انعدام الخلفية التارخية لها في تراثنا. و لكن تطور الأحوال الاجتماعية و تدهور الأحوال الاقتصادية دفع الكثير من الناس عبر أجيال إلى الهجرة إلى الدول البترولية و المكوث هناك سنوات عدة اكتسبوا خلالها عادات و تقاليد أثرت على اسلوب معيشتهم بعد عودتهم إلى مصر، مثل عدم النفور من فكرة السكن في المدن الجديدة المحاطة بالصحراء من كل جانب و تركهم و اهمالهم للمدن العريقة، و عدم الشعور بقيمتها.

كذلك عاد الكثير منهم  بتقليعة جديدة تم الصمت عنها و التغاضي عن عواقبها، و كان من اهتمامات هذه الفئة أصحاب التقليعة هو البحث عن أتباع، و هو ما تم أيضا تجاهله عن عمد. و من مواصفات هذه الجماعات هو التنكر، فغيروا ملابسهم المدنية و الصعيدية و الفلاحي و كل ما يبرز خصوصية أوطانهم الأصلية، و انتماءاتهم العرقية و أبدلوها بأزياء تبعث للناظر إليها برسائل مثل: اليونيفورم حيث تفتقد التنوع، و من الناحية الجمالية فهي إهانة للعين، لذلك لم يجدوا فرصة للقيام بحفلات تنكرية في الشارع ليعرضوا مهرجان التهريج المقزز، إلا بعد أعوام طويلة فكانت الثورة التي طالب أصحابها من ضمن ما طالبوا به الحرية، فأقيمت بحجة الحرية أول حفلة في الهواء الطلق open air لهم نُظمت بعد الثورة أقيمت على أرض مخضبة بأطهر دماء دُفعت ثمنا للحرية، أقيمت الحفلة التنكرية تحت شعار "جمعة قندهار"، و كانت على مستوى ناجح و مشابهة لطوابير مجاذيب الكرنفال في بون و مهرجانات فيينا و ريو، مع الفارق، أن هنا دهست شباشب الزنوبة الورد اللي فتح في جناين مصر.

عمرو الدلق

انتبهوا أيها السيدات و السادة

النموذج التركي و النموذج الإيراني: أيهما الخيار؟

الجمهورية التركية بدأت بانتهاء دولة الخلافة، أخذ قياديو الجيش فيها على عاتقهم حماية الدستور و بالتحديد صياغة هيئة الدولة على أساس قومي (تركي) و ليس ديني، على قناعة بأن ضعف الدولة و هزيمتها أمام الغرب العلماني سببه في الأساس هو منهج الدولة ذو المرجعية الدينية. على مدى عقود تمتع الجيش بصلاحيات كبيرة و امدادات مالية لا يساءل عنها، مكّنته من قدرات عالية في صناعة التسليح، و بالتالي سيطر الجيش على جزء كبير من اقتصاد الدولة. ظلت أعين جنرالته طوال الوقت مفتوحة لمراقبة أي نزعات دينية بين صفوفه، و كذلك بين صفوف السياسيين المدنيين، و انقلب بالفعل عدة مرات على حكومات اتسم بعض أعضائها بميول دينية، كما كان استبعاد الضباط الذين ثبت عنهم المواظبة على الفروض أو الاستهانة بحلق الذقون، كان من الأحداث الشبه يومية داخل الصفوف. مع الوقت تراجعت نسبة الأمية في البلاد، و ازداد الوعي الثقافي و السياسي، مصاحبا بالترقي بمفاهيم دينية من تراث الأجداد القديم، و الذي تم تعاطيها من جيل جديد مثقف رُبِّيَ في بيوت أهلها متعلمون و متربون على مبادئ الحرية. استطاع هذا الجيل الأخير أثناء البحث عن هويته، متسلحا في الوقت نفسه بالعلم، باحثا داخل ثنايا أمجاد الأجداد القديمة، استطاع وضع يده على جوهر العقيدة و اتخذها حجر أساس لنهضة قومية ذات طابع وطني حقيقي يستمد مقوماته من تراثه، بدون الحاجة لاستيراد مبادئ من شرق أو من غرب.

الوضع في مصر وتطوره كان مشابها لتركيا، منذ ثورة 1952 و حتى أتى زمن الانفتاح، حيث تم الاستغناء تدريجيا عن تطوير الصناعات العسكرية الثقيلة، و تقليص انتاج مصانع المدرعات لإنتاج حِلل و أواني مطبخ، و لا ننسى بوتاجاز مصنع الطيران الشهير. و بعد أن رصدنا التطورات السياسية و تبعاتها الاقتصادية في تركيا، هل نريد أن نتبع هذا المنهج؟ ليس هذا هو بالأهمية الآن بالقدر الذي يجب فيه الوعي بأننا لم نتوصل لهذا التحليل وحدنا، فهناك دول أخرى عظيمة (ليس عظمة شأن بقدر عظمة البطش) قد توصلت أيضا إلى نفس الاستنتاج، فهل سيجلسون أمام الشاشات ليتابعوا إعادة المسلسل التركي مرة أخرى بالدبلجة العربية؟

عندما قام الشعب التونسي المقدام بثورته فاجأ الدنيا كلها، و أيقن الجميع وقتها أن الثورات و الهتافات الالكترونية ليست كما تسمى بالانجليزة "افتراضية" بمعنى خيالية virtual بل ممكن أن تنقلب إلى واقع و في لمح البصر. فقامت قائمة الدول الغربية "الديمقراطية" و لم تقعد حتى تنقذ ما يمكن إنقاذه من أنظمة الولاء الغير مشروط للغرب في المنطقة، فكانت خسارتهم في مصر أقل قدرا منها في تونس، حيث استطاعوا في غضون ساعات تأسيس و نشر الثورة المضادة، و هي فترة انقطاع الاتصالات المحمولة و الانترنت، حيث كرست السلطة إمكانات موارجها البشربة والالكترونية لقرصنة صفحات الصورة و إنشاء صفحات مضادة. في اليمن التعيس تأخر قيام الثورة على الشاويش لفترة أطول مكنت للثورة المضادة من الإعداد أكثر و كانت للثورة بالمرصاد، و لن يُسمح بالتغيير في اليمن. أما في مصر فالتغيير حتمي، فالشعب أصبح لا يقبل شيء سواه، و لكن التغييرليس بيد الثورة. النموذج التركي أصبح ورقة محروقة، فلن يُترك مرة أخرى للتنفيذ في مصر، و لكن ما الحل أمام القوى الرجعية التي تمسك بالفعل بزمام الأمور في مصر أمام رغبات الشعب؟ إن كان ولا بد، فهو النموذج الإيراني الحالي، ليس نموذج الثورة الإيرانية. الأمثلة على ذلك كثيرة، غزوة الصناديق، ديناميكا الحملات الانتخابية، المحلات و المقاهي التي يُفصل فيها بين الجنسين، و غيره من آداب معسكرات الكشافة للأطفال حيث يزج بهم في مكان يعلمهم الأدب و الأخلاق كما لو كان الآباء داخل البيوت على درجة من الجهل لا يقدرون بها على تربية أبنائهم، و هو الدور الذي لعبه المطوعون الوهابيون، و من يحب تقليدهم في مصر، فهكذا بدأ الأمر في إيران ثم وصل إلى الشرطة الإسلامية التي تدور في الشوارع لتتأكد من التزام الناس، فنصبت العساكر أوصياء على سلوكيات الناس.

هذا ما يدعمه النظام الحاكم في مصر الآن، فكانت الصفقات مع التيارات الدينة التي اعتمدت على ما يعتمد عليه أي نظام رجعي ألا و هو الفقر و الجهل، فكانت الأصوات تعطى إما بباكو سكر و علبة زيت أو بـ "انا رايح انتخب الناس بتوع ربنا". تم توفير كل وسائل الحماية و الأمن لإجراء الانتخابات وسط هذه الأجواء (ترى أي انفلات أمني كان سيقع فيه الوطن ان أنبأت استطلاعات الرأي بفوز التيار القومي الليبرالي؟) في نفس الوقت الذي تحارب فيه الأصوات المنادية بالنموذج التركي (و هو ايضا متدين) بأبشع وسائل القمع من سحل و قتل و فقء عيون و دهس بالمصفحات و تلفيق التهم من عمالة إلى دعم خارجي إلى مخربين . . . و القائمة طويلة و الكل يعرفها.

من السذاجة أن يعتقد بعض الإسلاميين أنه ممكن بقليل من الميكيافيللية، و بعض التضحيات أن يصلوا إلى الدولة الإسلامية، لن يُعطى الإسلام السياسي في المنطقة، رجعيا كان أم مرجعيا، الفرصة، فاسرائيل الآن محاصرة بالمد الإسلامي السياسي شرقا و غربا، شمالا و في الداخل، و تتعجل الهروب منه إلى الأمام و ذلك بحشد الغرب عسكريا ضد إيران، تماما مثل ما حدث ضد العراق، وبنفس حجة أسلحة الدمار الشامل، و بنفس سيناريو الإرهاب ـ انظروا إلى عملية الهند، و المتهم الأول فيها طبعا هي إيران (مش عايزة فكاكة)، مثل ما كان صدام هو المتهم بـ11 سبتمبر. أعني أن النموذج التركي صعب التخلص منه لأنه يتبنى مبادئ الديمقراطية و الحرية الغربية، و من يريد بناء مصر على هذا الأساس نفسه هم من يُبْطَش به الآن، أما الشبه إيراني هو الذي يدعم من السلطة الآن. فحين يخرج هذا عن طوع الغرب يسهل ضربه لأنه نظام عدو للديمقراطية.

أصحاب المبادئ يُعْرَفوا من وقوفهم على مبادئهم، و ليس بالاحتيال و التلون و الالتفاف و غيره من أساليب غير أخلاقية. المثل العامي يقول امشي عدل يحتار عدوك فيك. الحفاظ على المبادئ يثمر خيرا، و اللف و الدوران و التسلق و الانتهازية و كل ما يصنف في أيامنا هذه تحت الحنكة السياسية و الشطارة سيجلب الخراب على صاحبه و أهله. فانتبهوا أيها السادة . . و السيدات.

عمرو الدلق

لدغة البرغوث

المقصود هنا هو ليس البرغوث المتعارف عليه في علم الأحياء، هناك فروق ضئيلة، فالاسم متشابه، و هناك شبه أيضا في بعض الصفات . يا له من كائن غتت، ثقيل الدم، لابِد في الفراش، يدخل من تحت اللحاف و يزحف بدون حفيف تحت القميص، و يقرص القرصة، لا تشعر بها إلا بعد أن يصل هو لغايته و يأخذ مراده و يتركك لتفرك أثر الأكلان في جتتك. ليس له كبير، لا يفرق بين عزيز و حقير، و لا بين ملك و صعلوك، لا يسلم من غتاتته الفراعين ولا الهامانيون. أذكر هنا بعض الأمثلة لوخزاته:

يا مصر هانت و بانت كلها كام يوم، نهارنا نادي ونهار الندل موش باين

الدولة ما فضلشي فيها غير شوية شوم، لو مش مصدق تعالى ع الميدان عاين

 لم يسلم من لدغاته كنباوي حين وخز بلسانه اللاذع:

يا ناس ما فيش حاكم إلا من خيال محكوم، و اللي ح يقعد في بيته بعدها خاين

اللي ح يقعد كأنه سلم التانيين،  للأمن بإيديه و قال له هم ساكنين فين

و لم يسلم من لدغاته وطني:

قلت لصحابي انزلوا، و أنا بعيد عنهم

قلت لقرايبي انزلوا، و أنا بعيد عنهم

نزلوا الشباب الميدان و أنا بعيد عنهم

كسروا الشباب البيبان، و أنا بعيد عنهم

دخل الشباب في الموت، و أنا بعيد عنهم

يا موت قوم امتحنني أعتذر منهم

اشمعنى يا كلب تستثنيني من بينهم

يوم الخطر قبلها ما كنت أجبنهم

يا موت تعالى أعوض غربتي و منفاي

يا موت تعالى أحاسبك ع القديم و الجاي

يا موت تعالى و نتقاسمك أنا و عداي

و لا تطال عزوتي، و أنا بعيد عنهم

يا ولداه، حتى الموت لم يسلم من قرصه. و القدر؟

يا صبح طلّعت روحنا لاجل تيجي يا خيّ، طالعين نجيبها أهُه في كل حارة و حيّ

الآلهة لم تسلم من  البرغوت:

كان للفراعنة إله قرد و إله تمساح

و للإله كهنة و عسكر يقف بسلاح

و خزنة متقفلة بالضبة و المفتاح

و قصر يشبه قصور الجمهورية براح

يا عيني ع الآلهه بقوا فرجة للسياح

آه منك مخلوق غتت، يحلو لك الوخز في الجروح، و النخورة فيها قبل أن تلتئم. أدعو الله لك أن يلهمك مزيدا من الوخز و حارق اللسع، فمن لم يستطع مثل هذا البرغوت أن يقلق منامه، لا يستحق أن يوصف بالآدمية، فتحية لكل ملسوع منك متيقظ، و الويل لمعدومي الإحساس.

أما العبد لله فلم يسلم مع غيره من اللدغ، و تسبب البرغوت في قض المضجع، و لم اعد اهنأ من ساعتها بنومة صحية:

لما تشوف الشهيد تبقى السلامة خجل،

و تبقى عايز تقول له: يا أخي آسف

طب قول لي بس اعمل ايه؟ لو يعني فيها عمل

اللقمة دي لك نصيب فيها باشيلهولك،

و اشيل نصيبك من القعدة و كاسات الشاي

لكن نصيبك في أنفاسي أشيله ازاي؟

و ازاي أشيل لك نصيبك من فرحنا الجاي

مين قال لك الموت طبيعي يبقى مش شايف،

 الموت ده شيء مش طبيعي الموت ده أصله خلل

الأصل فينا الخلود، و ها ييجي يوم نلقاه

ما تحسبوش الشهيد إدّاكوا بس حياة،

 ما موتهوش هو وحده اللي برصاصة رماه

ده طخ إبنه اللي لسه ما اتولدشي معاه

و طخ أولاد ولاده لآخر الأيام،

 موّت معاه بشرية كاملة محتملة

عِدّوا بقى فيها كام شاعر و كام رسام،

 و كام طبيب عبقري بين الأطبة إمام

و فيلسوف له على حكم الليالي كلام

و بنت نظرتها تشفي القلب من داؤه

فيه شعب كامل رحل ما عرفش أسماؤه

في جسم كل شهيد فيه مصر مكتملة،

 ف خلوا مصر اللي فاضلة تعيش كما شاؤا

إمضاء: ملسوع

(مقبسات من أشعار تميم البرغوثي)

الوداع يا بونابرت

في أحد مشاهد هذا الفيلم لعبقري السينما يوسف شاهين، تجلس عاهرة عجوز شمطاء قبيحة على كرسي عالي و يدور حولها و يجلس تحت أرجلها أناس ينتابهم الذهول و يطفو على سلوكهم لا مبالاه و عدم اتزان، كل واحد ينتظر إشارة من إصبع هذه المرأة إما أن تختاره ليحصل منها على قدر ضئيل من الوهم بالسعادة، أو أن تحكم على آخر بالحرمان من نعمة عطيتها (نعيمة الصغير تقول: إنت آه، و انت لأ). الأمر الذي يتقبله الجميع ـ إلا من رحم ربي ـ بالقبول و الاستسلام للأمر الواقع، وانتظار العطية المقززة تهبط على المحتاج من فوق. في المشهد يبدو أن المانح الوحيد هو أرذل القوم، وإن أعطى شيئ فإنه الوهم، و المقهورون يتهافتون للحصول على شيئ من هذا الوهم. الأمر الذي لا يثير أحد إلا بطل الفيلم الشاب الذي أثر فيه هذا المشهد بشكل يدل على صحة بدنه و فكره، بأن أرجع ما في بطنه. هذا المشهد كان لوحه من رموز تصف حالة ما، و خلاصة المشهد أن البحث عن الوهم أو انتظاره شيء يدعو للقرف.

ما علينا. رأيت برنامج بثته أحد المحطات الفضائية على الإنترنت حيث يعرض بضع نماذج من جيل الثورة، أكثر ما يلفت النظر إليهم هو اجتماع حداثة سنهم مع عمق الوعي الثوري لديهم، و قدرتهم على التمييز بين الغث و السمين في مجريات الأحداث، و ما يعرضه أطراف النزاع من مطالب و وسائل و حلول و خلافه. هذا الجيل أكثر منا تفتحا و أكثر مرونة وسرعة في تناول معطيات العصر، نعم.

 مما ورد في اللقاء ظهور تباين كبير بين وجهات نظر أصحاب الثورة وتلك لأعضاء حزب الكنبة، سببه الرئيسي هو اختلاف مصادر المعلومات لكليهما. فالأول لا يستجدي المعلومات، بل هو صانع الأحداث، يعرف أخبار الساعة الآن لأنه هو مبدعها. بينما يعتمد الطرف الآخر على وسائل الإعلام التي تبث له الوهم الذي يحب أن يجتره بمحض ارادته، مثل هذه التحليلات الاستراتيجية التي يكتبها أحد ساقطي الابتدائية، و التي لا تثير شيئا في النفس بقدرما تثير الاشمئزاز، و تزيد الهوة بين وجهات النظر و تزرع الفرقة و الفتنة بين أبناء الوطن. فشيوخ النظام الغير بائد و أتباعهم يضيقون حصارهم على الثورة و أبنائها، و يلملمون تأييدا ـ ينزايد مع الوقت ـ من حزب الكنبة، ممن يكرهون تشغيل المخ و يحاربون عن عمد أو جهل إعمال العقل، يصفهم العامة بالـ "عباسية".

 المتتبع للنشرات و البيانات يستطيع أن يعرف على الفور أين هي الثورة، ما هي مطالب الثوار و ماذا تحقق منها ـ إن كان قد تحقق شيء. ممكن الحصول على الإجابة عن طريقين: إما بالحصول على معلومة جاهزة  عن طريق فتح محطة تليفزبونية، أو مطالعة جريدة و البحث من خلالها عن معلومات منقولة بعد توليف محتواها لملاءمة أوهام من يجلس على الكرسي،  أو بواسطة إعمال هذا العضو العجيب الذي يحمل العقل في ثناياه، و الذي يستبدله 99,99% من البشر عن طيب خاطر بالمهلبية، و يتركوا نعمة التفكير للأغبياء، فيتحكموا في مصائر البشر و يقدروا مستقبلهم. الحمد لله على نعمة العقل.

إن صوت الباطل في علو متطرد، إنهم يضيقون الحصار على الثوار بإلصاق التهم العجيبة لهم، و هذا في حد ذاتة غير مستغرب. الغريب هو هبوط حزب الكنبة إلى هذا المستنقع، و التلذذ بالعبث في وحله، و تلطيخ الثوار برجس هم منه براء، و نعتهم بصفاتِ من ثاروا في بادئ الأمر عليهم، فهم الآن يخربون البلد، هم عملاء، يقبضون من الخارج، . . . و كل هذا الصديد الإعلامي الذي يجبر المعدة الصحيحة على أن ترجع ما فيها، هذا القيح الإخباري وراءه طرف ثالث لم يعد خفي، لا إنه ليس الشيطان. مسكين أنت يا إبليس، برغم كونك لعينا إلا أنهم اتهموك أنت أيضا ظلما.

الثورة في خطر شديد، الثورة على شفا أن توأد حية. حزب العباسية يحرض. الثوار يزج بهم في ركن ضيق و يعانون الغربة بين أهليهم و أقاربهم و جيرانهم و أصدقائهم، و ما يزالون على ثبات، كان الله في عونهم، يتحولون في ميدانهم و على أرض وطنهم إلى غرباء، لهم الله، و طوبى للغرباء.

عمرو الدلق

تعليقا على الأحداث في مصر

الجيش ، الشرطة ، الشعب، و ماذا يفعلون ببعض، في القاهرة و السويس وبورسعيد.

المشكلة هي قلة التربية، سواء عند البسطاء ممن ليس لهم حظ وافر من التعليم، أو عند الأكاديميين. و أعني هنا بند معين من التربية، و هو كيفية تناول مشكلة ما، و تصنيفها مبدأيا من أجل البحث عن أدوات للعلاج.

قلة التربية المتهم فيها ليسو الآباء، بل الدولة ـ الجمهورية ـ فقد تعلمنا في المدارس نحن و أباؤنا حتمية وجود زعيم نقتفي أثره و نسمع كلامه، ارجع معي إلى تاريخ مصر الحديث، استعيد بالذاكرة كتاب التاريخ، و انظر الصورة التي ترسم بها الشخصيات الوطنية في الكتب، و كذلك كيف تظهر الشخصيات الوطنية في الأفلام و المسلسلات في شكل أقرب ما يكون للقديسين، و هو ما يتنافى مع الصفة البشرية الإنسانية، مثل أحمد عرابي و سعد زغلول و أم كلثوم و سيد درويش. فعندما نتعلم في المدرسة أن هذه كانت صفات الزعماء، و تؤكد وسائل الإعلام من خلال الإنتاج الفني الموجَّهِ على هذه الصفات، و في نفس الوقت لا يذكر رئيس الجمهورية إلا قبل أن يسبق اسمه بلقب الزعيم، فلا مفر لدى حَسَني النية من متلقي الأخبار من التلفاز أو الجريدة من أن يسلموا بفذاذة القيادة السياسية لأنها وطنية. هذا أحد بنود سوء التربية المتعمد من قبل القائمين على أمور الدولة.

البند الثاني هو كيفية تعاطي المشاكل أولا، ثم تحليلها ووضع خطط للعلاج، هذا كله بشكل مستقل و بالاعتماد على الذات. أعود مرة أخرى إلى المدرسة، و أذكر أحد أبسط الطوارئ ـ مشكلة ـ التى كانت تعترض الفصل الدراسي بين حين و آخر، مثل خروج الأستاذ أو الأبلة من الفصل و تركه بضع دقائق بدون رقابة، ترى ماذا كان الإجراء المتبع لمقابلة هذا الظرف؟ كانت الأبلة تكلف أحد التلاميذ الشطار (اللي بيسمع الكلام) أن يرصد المشاغبين، و يبلغ الأبلة (الزعيم) بالأسماء كي تتصرف هي. أعني أن ما تربى عليه الأجيال في المدرسة هو أنه أنسب أسلوب لتناول المشكلة هو إرجاؤها إلى "زعيم" منزه عن الأخطاء.

أجد أنه من أهم المناحي من أجل تربية جيل جديد صالح هو اعتماد أساليب التربية المبنية على الاعتماد على الذات و التعلم من الأخطاء من سن مبكرة، و التخلي عن فكرة الزعيم الفذ و الرئيس المؤمن، و صاحب البطحة الأولى. أما من تخطى زمن التلمذة، و كسب كرسي البرلمان بكيلو سكر و عبوة زيت و كام باكو شاي، فأحرى به أن ينظر كيف يؤسس للمواطن طريقة يكتسب بها تموينه بنفسه، و بشكل شريف دون الحاجة إلي مد يده أمام اللجان الانتخابية (مقتبسة من مَثَل السمكة و السنارة ، و أيهما أهم: أن أعطي المحتاج سمكة أم أعلمه كيفية الصيد؟)

عمرو الدلق

شروط نشر الأعمال الفنية و الأدبية (المؤلفة أو المنقولة) فى أوسترو عرب نيوز :

عدم التعرض إلى (الذات الإلهية) .. الأديان السماوية .. المذاهب الدينية .. القوميات .

عدم التعرض بالسب أو الانتقاص من شخصية خاصة أو اعتبارية  .. بشكل مباشر أو بالتورية حال النقد .

أن لا ينشر فى أي وسيلة إعلامية صادرة بالعربية من النمسا .. خلال فترة النشر بـ أوسترو عرب نيوز .

أن يضمن المؤلف أو المراسل نشره فى النمسا مذيلا بعبارة : منقول عن أوسترو عرب نيوز (كلمة شرف)

ما ينشر في أوسترو عرب نيوز .. يعبر عن رأي كاتبه أو ناقله أو راسله ..
أوسترو عرب نيوز .. لا تتحمل المسئولية الأدبية أو القانونية .

أوسترو عرب نيوز .. تهيب بحضراتكم الإبلاغ عن أي تجاوز .. لعمل الإجراء المناسب على الفور .. بالحذف مع الاعتذار .

أعلى الصفحة


الموقع غير مسئول عن تصحيح الأخطاء الإملائية و النحوية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رئيس التحرير : أيمن وهدان




أخبار عرب النمسا