الإعلام
الهمجي
أشرعت الأقلام ونشرت المقالات وتنوعت
الموضوعات خلال الفترة الماضية وحتى الآن،
أعجبني ما أعجبني، ولم أقبل كثيرا منها،
وشعرت أن أكثرها ما هو إلا فرقعة إعلامية
هدفها الشهرة ـ ولكن كيف ـ إن للشهرة
نوعان منها ما هو على حق وما هو على باطل،
وكلاهما يصل بصاحبهما للشهرة، ولكن الباطل
تكون شهرته سيئة ويساعد على كراهية
الناس له والعياذ بالله.
بدأت هذه الهمجية في الأسلوب والتعبيرات
غير النقية من خلال الكتابات بعد ثورة 25
يناير بالوطن الأم، وكأن الثورة فتحت
أفواه كثيرة، أفواه تعي ما تقوله وأفواه
أخرى تقول بلا وعي.
فلقد افتقد الكثير من المصريين للفهم
الصحيح لمعنى هذه الثورة، والتي حدثت من
أجل رفع المعاناة عن الشعب، والعدالة
الاجتماعية لأفراده، وزوال التفاوت بين
الطبقات بإسقاط النظام، والقضاء على
الفساد، وبالفعل بدأت تحقق كثيرا من
أهدافها، وبالرغم من ذلك نجد أن الإعلام
المصري وحتى اليوم لا يقوم بالدور الصحيح
لتهيئة الجو المناسب للتقدم إلى الأمام،
بل ما زال يبحث عن مواد إعلامية يبثها عن
الأحداث الماضية، والتي تجعل الناس يعيشون
في ظل الإحساس بعدم الأمان من خلال شخصيات
معينة تتحدث من برامج إعلامية، وكثير منهم
يريد أن يقدم نفسه للناس بأنه هو الوحيد
القادر على تسيير الأحداث والعارف ببواطن
الأمور، وأن مصر بدونه لا يمكن أن تتقدم،
ولكن إذا دخل ضمن مجموعة عمل، لا يستطيع
أن يتواصل معهم، وعلى الوجه الآخر نجد
كثيرا من المصريين القادرين على تسيير
الأمور بدون وجاهة إعلامية لأنهم بالفعل
يريدون أن يصلوا بمصر إلى بر الأمان إن
شاء الله.
أما
بالنسبة للمصريين الذين يعيشون خارج
الوطن، وخاصة هنا في النمسا، فهم ليسوا
أقل وطنية ممن يعيشون في الداخل، ومنهم من
قام بالفعل بأعمال إيجابية كثيرة منذ بدء
الثورة وحتى الآن، وسوف يظلون دائما هكذا
لأنهم دائما يفكرون في بلدهم ويتأثرون بكل
الأحداث التي مرت بها، ولم يتغيروا قبل أو
بعد الثورة لأن أفعالهم وأقوالهم دائما
كانت على حق.
أود
أن أذكر أسماء كثيرة منهم، ولكني أخاف أن
أنسى أحدا، ولكن الكل يعرف هؤلاء الرجال
لأنهم بالحق رجال في كل ما فعلوه.
وهناك أيضا رجال من الجالية المصرية
بالنمسا كانوا يخدمون النظام السابق،
والحق بالحق يذكر أن كثيرا منهم خدعوا،
ومنهم من كان على علم بكل خطايا النظام
السابق.
ولكن ليس من حق أي
إنسان أن يصنف الجالية ويقسمها ويقول هذا
مع وهذا ضد، ولنترك الأيام لتثبت
للجميع من هو الأجدى والأحق، فبالعمل تظهر
الأمور.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن كثيرا من أعضاء
الجالية المصرية، لم يصل إليهم المعنى
الصحيح للثورة والتي نجحت
بسبب التلاحم والحب
وإنكار الذات والتسامح، والحرية، واحترام
الآخر، واحترام حرية الرأي والرأي الآخر
بمفهومها الصحيح.
ولكنهم أخذوا أو تعلموا شيئا واحد فقط وهو
ما حدث بعد الثورة من أشياء يرفضها العقل
من قلة قليلة من الخارجين عن القانون
الذين دمروا وسرقوا ونهبوا في ظل ظروف غير
آمنة مرت بها مصر.
وكما تحدثنا عن الإعلام بمصر جاء الدور أن
نتحدث عن المواقع
الإعلامية والتي تهتم بشأن الجالية
في النمسا.
فمنذ أن بدأت الثورة بدأت بين أعضاء
الجالية ظاهرة ـ وإن كانت موجودة قبل
الثورة أيضا ـ وهي همجية الحوار والأسلوب،
وعدم استيعاب الآخر، وتوزيع الاتهامات،
وكأن الآخر مرفوض رفضا باتا ولا يحق له
العيش بينهم، يحاولون الاستخفاف بعقول
المصريين منصبين أنفسهم أبطالا للثورة
وحماة لمصر، مع العلم أن بعضهم كان أول من
نادي وكتب وأيد النظام والتوريث قبل
الثورة، ولكنه عاد واعترف بأنه كان مخدوع
ولم يكن متفهما للأمور، فلم تعلق له
المشانق، ولم يهاجم من الآخرين، وهذا
دليل على أن الآخر تفهم الموقف مثله مثل
الآخرين.
لقد
تحدث العالم أجمع عن ثورة الشباب بمصر،
لقد عرفوا جميعا أن الشعب المصري قادر على
تغيير الأمور عندما يريد، لقد زاد احترام
المصري احتراما أكثر بعد الثورة، ورغم عن
ذلك نجد من خلال الأحداث والمقالات التي
نشرت بأننا بالفعل لا نريد أن نستفيد من
الثورة ومن نظرة العالم لنا، فنجد
المقالات التي تشوه صورة المصريين، وكأن
من يكتب يعيش في كوكب آخر، كوكب حجري مظلم
ليس به حياة، ولا أحاسيس ولا روح،
وبالتالي ينعكس عليهم في أفكارهم
وتصرفاتهم. عموما كل إنسان له فكره الخاص
وأسلوبه المعهود به وكل مصري هنا يعلم
جيدا ما هدفه من كتاباته التي لا توصف إلا
بالهمجية وعدم فهمه للأمور.
وإذا تحدثنا عن بعض ما قرأناه في الفترة
الماضية وهو ما يؤكد أننا لن نتغير مهما
حدث، نجد أن:
أولا: الاتفاق الذي
تم بين اتحاد المصريين والنادي المصري.
ثانيا: موضوع
المركز الثقافي وامتحانات أبناءنا في
الخارج.
ـ
سمعنا وقرأنا بأن هناك
اتفاق تعاون بين الإتحاد والنادي المصري،
فتمنيت أن يكون خيرا وأن يساعد على إقامة
عمل جماعي يفيد الجالية، فكل من الاثنين
له دستوره الخاص به وينظم عمله وبالتالي
سوف يكون التعاون له شروطه التي تلزم كل
طرف منهما، ولكن سرعان ما سمعنا عن
اعتراضات كثيرة على هذا الاتفاق، وأن هناك
مصالح شخصية، وقد أقيمت عدة جلسات خاصة
قبل الاتفاق، وبدأنا في توزيع الاتهامات.
وأقول إلى متى تظل نظرية المؤامرة هي
شغلنا الشاغل، لماذا لا ندع فرصة للتعاون
وياليت يكون بين أكثر من كيان مصري؟ أليس
هذا يخدم الجالية؟ أليس الأشخاص زائلين
والكيانات مستمرة، وبأيدي أعضاء النادي
والإتحاد، تغيير ما يمثلهم في الانتخابات،
ليكن البدء توحيد الفكر والنهوض بالجالية
بعيدا عن العواطف وبعيدا عن مبدأ هذا أحب
وهذا أكره، وفي النهاية ليس لي أي مصلحة
في كلا الكيانين سوى أنني عضو في كل منهما
وأتمنى التوفيق لأي كيان مصري.
ثانيا: موضوع
المركز الثقافي والامتحانات والمصروفات:
هذا
الموضوع قرأت عنه الكثير بدءً من الحوار
الذي أجراه المستشار الثقافي على أحدى
الصفحات، مرورا بمقال كتبه الدكتور
طلعت الحداد يوضح فيه قصة
الامتحانات والمصروفات، منتهيا بالجلسة
التي أقيمت بمسجد الفتح والتي كانت بحضور
المهندس مصطفي عبد
الله، وانتهاءً بما كتبته بعض
المواقع.
بدأ
الموضوع بالحوار وانتهى بمحاكمة وإعلان
نتيجة التحقيق علنا على المصريين بالنمسا.
وهنا أقول لماذا كل
الهجوم على المستشار الثقافي المصري
بالنمسا، وخصوصا عندما يأتي الهجوم من
أناس مثقفين ولديهم من العلم والخبرة
الكثير للوصول إلى ما يريدونه بدون تشويه
سمعة إنسان أعتقد أنه جاء ليمثل مصر ويعمل
على نشر الثقافة المصرية في الغرب.
فالطريق لمعرفة الحقيقة ليس بالصعب عليهم
للحصول عليه وبطريقة في غاية البساطة،
وبدون أن نفتح ملف لتشويه سمعته والطلب
بمحاكمته، وإذا ثبت عليه شيء فيكون هناك
مصداقية وحقيقة واضحة ومقنعة للجميع.
كان
من الممكن من أي أحد منهم أن يوجيه سؤال
رسمي إلى معالي السفير بجميع الاستفسارات
ونطلب منه ردا رسميا على هذه الرسالة
بصفته هو المسئول الأعلى للمكتب الثقافي
والمكاتب الأخرى التي تمثل مصر بالنمسا،
وأظن بهذا الأسلوب سوف يجعل السفير ملزم
بالرد، وفي هذه الحالة يمكن أن تنشر
الرسالة والرد عليها، وبذلك يعلم الجميع
الحقيقة واضحة جلية بدون أي تشويه وتوزيع
الاتهامات قبل التأكد من حقيقتها، وهذا
الأسلوب هو الأسلوب العملي لإظهار الحقيقة
أمام الجميع، وهذا هو العمل الإعلامي
الصحيح والنقد الهادف البناء وتوضيح
الحقيقة للناس.
وفي
النهاية وبصفتي مواطن مصري يقيم في النمسا
أتمنى أن لا نوزع الاتهامات، ونرتقي
بأنفسنا ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا
يرضى على الظلم، والظالم سوف ينال جزاء ما
اقترفه، وأنه سبحانه وتعالى يمهل ولا
يهمل، فكونوا قوامين للحق، وابحثوا عن
الحقيقة قبل أي شيء، حتى عندما يتحرك
القلم يسجل ما هو حق باليقين الثابت وليس
بالحكايات. |