السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 
النمسـا اليـوممفكـــــرةخدمات & طوارئ النمسـا الوطـنإخترنـا لكإعلانــــــاتحـوار صـريحمجتمــــــعهيئة التحـريرمواقع إلكترونيةتواصـــل
 
 

السيرة النبوية الشريفة

تقديم : د. محمد الرمادى
فيينا / 2016

أهمية دراسة السيرة النبوية

التَّمْهِيدُ :
مِن المُسَلم به عند العقلاء وجوب وجود خالق جل جلاله؛ صانع؛ واجد ، مبدع؛ رازق؛ محيي؛ مميت.. أوجد الحياةَ وصنع الإنسان وخلق الكون من عدمٍ؛ ويستدل علىٰ هذا من أربعة أمور، ثلاثة منها متعلقة بقدرات الإنسان الإدراكية الذهنية العقلية والخَلقية، فأوَّلها: العقل؛ وثانيها: الفطرة؛ ثالثها: الحس؛ والأمر الرابع متعلق بالشارع سبحانه وتعالى؛ الذي هو صاحب التكاليف الشرعية والأوامر التشريعية والنواهي في الحياة الدنيا: والأمر المتعلق بالشرع قسمان؛ الأول: الذكر الحكيم آيات القرآن الكريم -كلام رب العالمين الذي تعالىٰ في سماه وتقدست اسماه-، والأمر الثاني المتعلق بالشرع: السنة الرسولية النبوية؛ أو ما يسمىٰ بالأحاديث القولية؛ هذا أولاً، أو ما صدر منه عليه الصلاة السلام مِن أفعال؛ وهذا ثانياً؛ أو ما حدث أمامه من أفعال أو أقوال أو تصرفات وأقرها؛ وهي السنة التقريرية؛ وهذا ثالثا.. فيحتاج البشر للرسل لضرورة وجود المُبَلِغ عن الخالق الصانع الواجد المهيمن الشارع ليخبرنا عن كيفية تنظيم حياة الإنسان وكيفية إدارة معاملاته وتصرفاته وتنظيم علاقات الإنسان الثلاث؛ الأولى مع نفسه والثانية مع غيره والثالثة مع المعبود جلا وعلا؛ وهو الله تعالى ذكره. والثابت كما وصل إلينا وبلغنا به شرعاً وجود خاتم للأنبياء وآخر المرسلين؛ وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب؛ العدناني القرشي المكي ثم المدني عليه كامل الصلوات وأنمىٰ التسليمات وخالص البركات
ولمعرفة منهاج السماء وشريعة الخالق أختار -اصطفىٰ واجتبىٰ واحتبىٰ وارتضىٰ- للعالمين رسولا يبلغ رسالة ربه سبحانه؛ ويوضح منهاج المبدع الخالق ويبين شريعة الواجد؛ ولكي ندرك هذه الشريعة علىٰ حقيقتها ونفهم هذا المنهاج بصحته وجب علينا معرفة المبلغ -وهو الرسول أحمد والنبي محمد صلى الله عليه وعلىٰ آله وسلم- معرفة يقينية حقيقية كاملة واضحة صحيحة... ومِن هنا وجب علينا دراسة سيرة وحياة وسنة وطريقة هذا المبلغ الأمين.
فهذه سلسلة بحوث عن : الرسالة النبوية؛ والدلائل الإعجازية؛ والدعوة الإبراهيمية؛ والبشرىٰ العيساوية؛ والشمائل المصطفوية؛ والخصائل الرسولية؛  والصفات الأحمدية؛ والأخلاق المحمدية؛ لـــــ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم
واختصرته بـ : « خاتم الأنبياء » صلى الله عليه وآله وسلم.
وتكمن أهمية دراسة السيرة النبوية في النقاط الأساسية الآتية:
١.) أمر جل جلاله النبيَّ صلى الله عليه وعلىٰ آله وسلم بأن يقص لأمته سيرة النبيين الذين جاءوا مِن قبله فقال تعالى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّـهِ فَعَلَىٰ اللَّـهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ ﴾ [يونس: ٧١]، وقال سبحانه يخاطب خاتم الأنبياء وآخر المرسلين: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الشعراء: ٦٩]؛ ونبهه صاحب الملكوت فقال :﴿ اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: ١٧]؛ ثم عاد القرآن الكريم فنطق فقال: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ص: ٤٥]، لذلك امتلأ القرآن الكريم؛ والذكر الحكيم بذكر سير الأنبياء السابقين؛ وقد ذكر الله تعالىٰ الحكمة من ذلك في كثير من الآيات، من ذلك قوله تعالىٰ: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 120] بعد أن ذكر الله تعالىٰ تسعة عشر» ١٩« رسولاً في آيات متتالية في سورة الأنعام، أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتداء بهديهم فقال: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90].
وبيَّن الذكر الحكيم هدف القصص القرآني فقال ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: ١١١]؛ فقد أشار القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم إلىٰ أن قصص النبيين هدىٰ ورحمة فاستوجب ذلك تفصيل سير الأنبياء، للاهتداء بهم وذلك أمر واضح من توزع قصص النبيين علىٰ شتىٰ سور الذكر الحكيم، في كل سورة جزء من قصة نبي من المرسلين، حسبما تقتضيه طبيعتها، وحسبما تتوفر عليه من معالجة قضايا تختص به دون غيرها. فإذا كان الأمر بالنسبة للأنبياء والمرسلين السابقين هكذا؛ ينبغي معرفة سيرتهم وتفحص أحوالهم ومدارسة شؤونهم فيكون من باب أولىٰ معرفة سيرة النبي الخاتم ومدارسة أحوال آخر المرسلين وإدراك أخبار متمم المبتعثين وتفحص شؤون مُبَلِغ شرع الله للعالمين. هذا أولاً؛ أما ثانياً :
٢.) التثبت والتوثق من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن سيرته صلى الله عليه وآله وسلم تعد رسماً لطريقِهِ التي سلكها، وقد أمرنا اللهُ تعالىٰ باتباع هديه، والسير علىٰ سنته، والتأسي بافعاله وأقواله، والتمسك بمنهاجهِ والتقييد بشريعتهِ، فكان لابد من توثيق كل ما ينسب إلىٰ سيرة النبي المصطفىٰ صلى الله عليه وسلم واثبات صحة سنتهِ، لأن ذلك أصل من أصول الدين.  إذ أن علىٰ الدارس:
٣.) أن يقف علىٰ السيرة النبوية العطرة -علىٰ صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وكامل التبريكات- فـ السيرة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن ليتمكن من التطبيق الفعلي لأحكام الإسلام مِن خلال ما تضمنته آيات وحي السماء -القرآن الكريم- ويُعْمِل الأحاديث النبوية في كافة أنماط أعماله وكل تصرفاته وجميع سلوكه وأخلاقه وأحواله؛ بل وفي كافة مجالات حياة الإنسان؛ وعلاقته بمَن حوله مِن إنسان مثله وحياة ومظاهرها وكون، لذا فينبغي :
٤.) معرفة تفاصيل سيرته صلى الله عليه وسلم حتىٰ يمكن الاقتداء به في جميع شئون الحياة، والتأسي بافعاله وأقواله؛ حيث كانت سيرته تطبيقاً عملياً لأحكام الإسلام وشريعته؛ بتعبير آخر إحسان تطبيق القرآن الكريم والسنة النبوية، حتى لا يظن ظان أن هذه الأحكام مجرد نظريات غير قابلة للتطبيق، وقد قال الله تعالىٰ: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الأحزاب: 21]، ونستدل بقول أم المؤمنين فـ عَنْ عَائِشَةَ بنت أبي بكر رضي الله تعالىٰ عنها وعن أبيها أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ »:كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ « [رواه مسلم]؛ أَيْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِآدَابِ الذكر الحكيم وَأَوَامِرِ القرآن الكريم وَالبعد عن نَوَاهِيهِ وَالإلتزام مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكَارِمِ وَالْمَحَاسِنِ وَالْأَلْطَافِ. فمن أهداف دراسة السيرة النبويّة أنها:
٥.) تُعرّفك بـ صِفات النبيّ الكريم عليهِ أفضل الصلاةُ وأتم السلام الخَلقيَّة والخُلُقيَّة، وكذلك معرفة شمائلهِ وخِصاله ومناقبه، فلا خيرَ في أُمّةٍ لا تعرفُ نبيّها، ولا خيرَ في شخصٍ لا يعرف نبيّه ورسوله؛ فنقتدي بالذي ثبت أنه رسول الله وخاتم أنبياءه وآخر رسله محمد بن عبدالله صلى الله تعالىٰ عليه وآله وسلم.. وهذا الإقتداء يقتضي منا ويلزم علينا معرفة شمائله وخصائله ومناقبه وأحواله في مجالاته المختلفة وأحواله المتعددة، فمَن عرف شمائله وأحواله أحبه، ومَن أحبه أقتدى به واستفاد، ومَن التزم هديه واتبع سنته فسينال ما أدخره خالقنا فنص قوله تعالىٰ: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب :٢١]،
٦.) هذا الإقتداء برسول الله واتباعه دليلُ محبة العبد له، وسينال العبد محبة الله تعالىٰ له : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران :٣١]،
٧.) إن تقديم السيرة النبوية الموثقة بأسانيدها المتصلة إلىٰ مصادرها الأصلية المتضافرة، والتي تبين كل ما يتعلق بحياته صلى الله عليه وآله وسلم بجميع تفاصيلها سواء كان في شئونه الخاصة أو العامة، مهما بلغت تلك التفاصيل من خصوصية، وسرد الحوادث التاريخية التي صاحبت تلك الحقبة مع وجود الآثار المادية التي تؤكد البحوث العلمية صحتها ومطابقتها للمذكور في الحوادث التاريخية كل ذلك يدعم صدق نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه مهما بلغ المرء من عظمة، فإن من العسير أن تتوافر له الظروف التي تمكن من متابعة جميع مسيرة حياته حتىٰ من قبل ولادته إلىٰ وفاته، فإذا تم ذلك لشخص، وتضافرت المصادر المتعددة علىٰ رصد وتسجيل مسيرة حياته، دون أن تختلف تلك المصادر علىٰ شيء ذي بال، إلا في أمور يسيرة تحتمل التأويل بيسر، دل ذلك علىٰ أن هذا ليس أمراً طبيعياً بل هو أمر خارق للمعتاد مما يؤكد رعاية الله له تصديقاً لنبوئته.  فـ
٨.) يقف الدارس علىٰ سيرته علىٰ دلائل معجزاته؛ ويلمس دلائل نبوته مما يقوي إيمانه ويزيد في صحة عقيدته، فالمعجزات التي أجراها الله تعالىٰ علىٰ يدي خاتم رسله وآخر أنبياءه لا يتأتىٰ معرفتها ولا تفهم بشكل جيد إلا من خلال دراسة وقائع السيرة التي وقعت من خلالها تلك المعجزات؛ وقد عدَّها العلماء فقالوا أنها تربو على عشرة آلاف معجزة.
٩.) معرفة ما حفلت به السيرة النبوية وأحوال أصحاب النبي عليهم جميعاً رضوان الله تعالىٰ من مواقف عقدية إيمانية لأعلاء كلمة الله تعالىٰ تقوي من عزائم المؤمنين برسالته والسائرين علىٰ منهجه والملتزمين بسنته؛ وتثبتهم علىٰ الدفاع عن الحق وتقذف في قلوبهم الطمأنينة فيشملهم الهدوء النفسي، وتحل عليهم الراحة الذهنية ليتمكنوا من حمل الرسالة كما أوضحها لنا صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام،
١٠.) حوَّت السيرة الكثير من العبر والحكم والعظات التي يتعظ بها البشر من حاكم ومحكوم؛ فلا يتصف بالجبروت والكبرياء والظلم لغيره والقهر لضعاف الناس،
١١.) في السيرة النبوية والطريقة المحمدية الكثير من الدروس لكافة فئات الناس ومواساة لمَن أبتلي أو أمتحن والصبر علىٰ أنواع الإبتلاءات التي يتعرض لها حملة الدعوة ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
١٢.) تُبيّن لكّ دراسة السيرة النبويّة حديثَ رسولِ الله صلّىٰ الله عليهِ وآله وسلّم، فهوَ أقوالهُ وأفعالهُ وتقاريرهُ عليهِ الصلاةُ والسلام؛ فـالسيرة النبوية وحياة محمد عليه السلام المثل الأعلىٰ للإنسان الذي يسعىٰ للكمال في جميع جوانب حياته،
١٣.) تُفقهك السيرة النبويّة بالدين، فإنَّ الفِقه هوَ الفهم الذي يستند إلىٰ أدلّة، وفي أفعال النبيّ الكريم عليهِ الصلاةُ والسلام ما يُفقّهُ المُسلمَ بدينه، خُصوصاً حين تدرسُ السيرة النبويّة بمواقفها الرسوليّة التي تُبيّن الأحكام الشرعيّة إزاءَ كُلّ موقف، فتتبلور لديكَ حقيقة الحُكم الشرعيّ وذلك بحس واقع الحال الذي نقلتهُ لنا أخبار السيرة النبويّة الشريفة؛ فـ السيرة مُبيّنة لكتاب الله تعالىٰ: القرآن الكريم وموضحه لأحاديث الرسول العظيم، إذاً سيرة النبي المصطفىٰ الخاتم يجد الإنسان في دراستها ما يعينه علىٰ فهم كتاب الله :
١٤.) الدارس للسيرة النبوية الشريفة يُحصل قدرا كبيرا من العلوم الصحيحة في علوم الإسلام: من العقيدة والشريعة والمعاملات والأحكام والأخلاق والتفسير والسياسة والتربية والاجتماع وبقية العلوم ..
١٥.) بدراسة السيرةِ النبويّة فإنّكَ تعيش في خِضَمّ الحياة التي عاشها النبيّ الكريم عليهِ الصلاةُ والسلام، وتعرف كم من الأذىٰ قد تحمّل عليهِ الصلاةُ والسلام حتّىٰ يُبلّغ رسالةَ الله تعالىٰ إلينا، فيزداد حُبّكَ لهُ عليهِ الصلاةُ والسلام، حينَ تقف علىٰ الجُهود العظيمة التي بذلها ليُنقذكَ بعدَ إرادةِ الله تعالى من النار ويُدخلكِ الجنّة بإذن الله الغفور الرحيم.
١٦.) الدارس لسيرته عليه السلام يتعرف علىٰ مراحل سير الدعوة الإسلامية -المرحلة المكية ثم المرحلة المدنية- فتعين حامل الدعوة علىٰ القيام بوجباته؛ فيدرك ما واجهه وأصابه من مشكلات وما أعترض طريق الدعوة من صعوبات وما وقف أمامه من مخاطر وأزمات،
١٧.) السيرة النبويّة تشرحُ الذكر الحكيم القُرآن الكريم، خُصوصاً حين تعرف أسباب نُزول الآيات والأحداث التي دعَت لنزول الآيات القُرآنيةّ، وبالتالي تستطيع أن تُفسّر كلامَ الله تعالىٰ علىٰ المعنىٰ الحقيقيّ وبدون التباس أو عدم فهم، وكذلك فإنّ دراسة السيرة النبويّة ومعرفة أحداثها تجعلكَ تعرف التسلسل الزمني للآيات الكريمة، وكذلك علم معرفة الناسخ والمنسوخ من آياتِ القُرآن الكريم؛ والأحاديث النبوية؛ وهذا لا يتأتي إلا من دراسة وقائع السيرة، فـمعرفة أسباب نزول الآيات ومناسبات اقوال الرسول عليه الصلاة والسلام تُعرف من خلال دراسة السيرة.
? : د. مُحَمَّدُ فَخْرُ الدينِ الرَّمَادِيُّ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِحَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى
Dr.MUHAMMADELRAMADY
حُرِّرَ في يوم الإثنين ٢١ صفر ١٤٣٨ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢١ من شهر نوفمبر عام ٢٠١٦ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
**
(يُتْبَعُ بإذنه تعالى)

أعلى الصفحة
فهرس

أخبار وأحداث ما قبل ميلاد خاتم الأنبياء

[ ١. ] القسم الأول :
أخبار وأحداث ما قبل ميلاد خاتم الأنبياء: محمد بن عبدالله وأمنة بنت وهب!
الْبَابُ الْأَوَّلُ :التنويه بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ " زَمَنِ(1) آدَمَ" عَلَيْهِ السَّلَامُ.
﴿١.﴾ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ(2) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ(3) (4)، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ(5)، وَأَبِي(6) مُنْجَدِلٌ(7) فِي طِينَتِهِ... ».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري في مستدركه علىٰ الصحيحيين؛ كتاب التفسير: تفسير سورة الأحزاب، وأيضاً تجد الحديث عنده في :" كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين؛ ذكر أخبار سيد المرسلين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ "؛ قال:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (8) " .
وحديث السيد الجليل الصحابي الكريم العِرباض بن سارية له عدة مشاهد؛ منها:
١ . ) المشهد الأول : السماع من فم الصادق المصدوق محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام؛ وهذا ما كان تحرص عليه صحابته مِن القرب منه وسماع قوله؛ ورؤية فعله؛ ومدارسة هديه وتعلم وتعليم سنته .
٢ . ) المشهد الثاني : وصف النبي الكريم والرسول نفسه بأنه « عَبْدُ اللَّهِ ».وهي درجة عالية رفيعة.
٣ . ) المشهد الثالث : أخبر عن نفسه الزكية فقال " « خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ».
٤ . ) المشهد الرابع: يعلمنا النبي الكريم أدب الحديث فيقول " « وَأَبِي ». قاصدا أبا البشرية « آدم عليه السلام ».
٥ . ) المشهد الخامس: إخبار مِن خاتم الأنبياء وآخر المرسلين بقِدم نبوته وانه مكتوب في الأزل برسوليته منذ زمن أبيه آدم عليه السلام: « مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ».
قال الرَّمَادِيُ : للحديث الشريف بقية مشاهد سنذكرها في موضعها المناسب إن شاءالله تعالىٰ ذكره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمصادر وتخريج الحديث:
(1) عَنْوَنَ صاحبُ مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد؛ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في كتاب علامات النبوة: بَابُ " قِدَمِ " نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
(2) ترجمة الراوي: قال صاحب كِتَاب ( مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ علي بن سلطان محمد القاري:" وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ:" بِكَسْرِ الْعَيْنِ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ ". أما الذهبي في سير أعلام النبلاء فقد ترجم لراوي الحديث بقال:" الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ: يُعد مِن طبقة صغار الصحابة؛ وهو مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الصُّفَّةِ، سَكَنَ حِمْصَ، وَرَوَىٰ أَحَادِيثَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " كُنْيَةُ الْعِرْبَاضِ» أَبُو نَجِيحٍ« ؛ تُوُفِّيَ الْعِرْبَاضُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ من الهجرة الشريفة. ". في مسند أحمد وفي المعجم الكبير أيضاً أثبت " الـ " فقال:" عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ ".
زيادات وردت في الحديث من مصادر آخرى: » «
(3) اثبت صاحبُ مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد في كتاب علامات النبوة رواية آخرى فقال : »عِنْدَ اللَّهِ «؛ بدلا من القول :» عَبْدُ اللَّهِ «؛ وعند البغوي بشرح القاري:" قال القاري في المرقاة : أَنَّهُ قَالَ : »إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ ». وفي مسند أحمد في مسند الشاميين :" إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ". وجاء في سير أعلام النبلاء؛ لصاحبه محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي:" إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ".
عند صاحب كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى؛ للقاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي المغربي :" وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ "
(4) في بعض الروايات جاءت لفظة :« مَكْتُوبٌ » ؛ فجاءت إضافة عند البغوي؛ (رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ")؛ كِتَابِ الْفَضَائِلِ". بَابُ فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: لنفس الراوي ؛ العرباض :" إِنِّي «عِنْدَ» اللَّهِ «مَكْتُوبٌ» : خَاتَمُ النَّبِيِّينَ"؛ فقال القاري في المرقاة شرح السنة للبغوي: « مَكْتُوبٌ » أَيْ : كُتِبْتُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْحَالِ الَّتِي آدَمُ مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ حَاصِلٌ فِي أَثْنَاءِ خِلْقَتِهِ ، لَمَّا يُفْرَغْ مِنْ تَصْوِيرِهِ وَتَعَلُّقِ الرُّوحِ بِهِ ، ثم عقب القاري بالقول :" كَذَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ .".
(5) قال القاري في المرقاة :" أَنَّهُ قَالَ « إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ » : بِفَتْحِ التَّاءِ وَ: « خَاتِمُ النَّبِيِّينَ » بكَسْرِهَا.
قال الرَّمَادِيُ : ووجدتُ زيادة بعد القول : « وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ » هذه الزيادة « فِي أُمِّ الْكِتَاب »، جاءت عند :" مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد (ابن الأثير)" في موسوعته :" النهاية في غريب الحديث والأثر ". وجاء في المعجم الكبير للطبراني (أبو القاسم سليمان بن أحمد :" إِنِّي «عِنْدَ» اللَّهِ فِي « أُمِّ الْكِتَابِ». وجاء عند البغوي بلفظة :" فِي «أُمِّ الْكِتَابِ». وجاءت رواية عن الحاكم النيسابوري في مستدركه: بدلا من « في أم الكتاب » جاءت إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ « فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ » لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ".
(6) وضح مَن المقصود مِن لفظة : « أَبِي ».حين جاءت بلفظة :" وإِنَّ « آدَمَ » لمُنْجَدِلٌ فِي طِيْنَتِه؛ كما جاءت الرواية في مجمع الفوائد ومنبع الفوائد. وَإِنَّ « آدَمَ » لَمُنْجَدِلٍ فِي طِينَتِهِ. وفي المعجم الكبير للطبراني :" وَإِنَّ « آدَمَ » «عَلَيْهِ السَّلَامُ» لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ " .
(7) القاري في شرحه على البغوي اثبت :"الــ " عند منجدل فقال :" وَآدَمُ « الْمُنْجَدِلُ » فِي طِينَتِهِ ". ومعنى الكلمة كما قال القاري في المرقاة :" ( وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ ) مِنَ الْجَدْلِ وَهُوَ الْإِلْقَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الصَّلْبَةِ أَيْ : وَالْحَالُ أَنَّهُ لَسَاقِطٌ وَمُلْقًىٰ ( فِي طِينَتِهِ ) ، أَيْ : خِلْقَتِهِ ". وقال صاحب سير أعلام النبلاء -وهذا من كتب التاريخ والتراجم- محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي :" قَوْلُهُ " لَمُنْجَدِلٌ" أَيْ مُلْقًىٰ " . وقال صاحب لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية؛ محمد السفاريني الحنبلي :" وَالْجَدَالَةُ : الْأَرْضُ؛ يُقَالُ طَعَنَهُ فَجَدَلَهُ؛ أَيْ رَمَاهُ عَلَى الْأَرْضِ. واستشهد بحديث الباب فقال :" وَمِنْهُ حَدِيثُ " كُنْتَ نَبِيَّنَا وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ" أَيْ مُلْقًىٰ عَلَىٰ الْجَدَالَةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ"؛ كما جاء عند القاري في شرحه علىٰ البغوي :" ( مُنْجَدِلٌ ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ : مُلْقًى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ مُلْقًىٰ عَلَىٰ الْجَدَالَةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ". قال تقي الدين ابن تيمية في مجموع فتاويه : "وَقَالَ : " وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ " : لِأَنَّ جَسَدَ آدَمَ بَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: » هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ » الْآيَةَ : وَقَالَ تَعَالَى » وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ » الْآيَتَيْنِ . وَقَالَ تَعَالَى » الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ» الْآيَتَيْنِ وَقَالَ تَعَالَى :« إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ« الْآيَةَ . ثم عقب ابن تيمية بالقول:" وَالْأَحَادِيثُ فِي خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِمَا"؛ ونقل لنا ابن تيمية رواية أحمد من مسنده:" إنِّي «عَبْدُ» اللَّهِ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ " . ثم يقول في فتاويه :" وَقَوْلُهُ » لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ« أَيّ مُلْتَفٌّ وَمَطْرُوحٌ عَلَىٰ وَجْهِ الْأَرْضِ صُورَةً مِنْ طِينٍ لَمْ تَجْرِ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدُ .". ويقول ابن تيمية :" قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ » ويعلق ابن تيميه علىٰ هذا الحديث بالقول :" أَيْ كُتِبَتْ -الحديث عن محمد بن عبد الله- نُبُوَّتِي وَأُظْهِرَتْ لَمَّا خُلِقَ آدَمَ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا يَكْتُبُ اللَّهُ رِزْقَ الْعَبْدِ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ إذَا خُلِقَ الْجَنِينُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ .". وقال ابن تيمية في موضع آخر من فتاويه :" فَقَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا، وَكُتِبَ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ. وَمُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ نُبُوَّتَهُ، وَأَظْهَرَهَا وَذَكَرَ اسْمَهُ، وَلِهَذَا جُعِلَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بَعْدَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، كَمَا يُكْتَبُ رِزْقُ الْمَوْلُودِ وَأَجَلُهُ وَعَمَلُهُ، وَشَقِيٌّ هُوَ أَوْ سَعِيدٌ بَعْدَ خَلْقِ جَسَدِهِ، وَقَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ . " انتهى.
ــــــــــــــ
تخريج الحديث:
(8) قال صاحب المستدرك :" ... وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ." هما الإمام أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا". وحديث الباب رواه: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد في مسنده: 4 / 128: 17203؛ والبزار: 10 / 656؛ قال البزار :" لا نعلمه يروى بإسناد متصل أحسن من هذا الإسناد، وعند البغوي في شرح السنة: 13 /207.، وقال الحاكم النيسابوري في مستدركه :" هذا حديث صحيح الإسناد؛ ووافقه الذهبي، وقال نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: 8 / 226 :" أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد؛ وقد وثقه ابن حبان، وقال صاحب المعجم الكبير؛ أبو القاسم سليمان بن أحمد المعروف بـ الطبراني باب العين؛ ما أسندَ العِرباض بن سارية. وجاء عند: حافظ بن أحمد الحكي في كتابه:" معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول -وهذا من كتب العقيدة-:" وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَىٰ التِّرْمِذِيُّ:« كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ مُنْجَدِلٍ فِي طِينَتِهِ»؛ قال الرَّمَادِيُ : فاستفدنا أن الحديث رواه الترمذي ايضاً .
**
تأويل الحديث: « إِنِّي » (محمد بن عبدالله) « عَبْدُ اللَّهِ » (فِي أُمِّ الْكِتَابِ) (« فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ » )، (وَ« إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ « مَكْتُوبٌ » (لَـ) ) وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ»، وَ (إِنَّ) « أَبِي (آدَمَ) (عَلَيْهِ السَّلَامُ) (لَـ) «مُنْجَدِلٌ » (« الْمُنْجَدِلُ ») فِي « طِينَتِهِ... ».بمراجعة المصادر التي ذكرتها في التخريج؛ وهي التي تحت يدي إثناء كتابة هذا الباب؛ وجمعها؛ وترتيبها ظهر المعنى الذي كتبته. فـ إنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ توفيق اللَّهِ وعونه وعصمته ؟ !وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَهُوَ مِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ.
والحديث له مشاهد سأثبتها في موضعها.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .

أعلى الصفحة

الفضائل الواقعة قبل مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

[ ١.] القسم الأول من السيرة النبوية العطرة:
الفضائل الواقعة قبل مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
﴿٢.﴾ الْبَابُ الثَّانِي:

في ذكر الطينة التي خُلق منها محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
نقرأُ في بعض المصادر هذا العنوان:" ذكر الطينة التي خُلق منها محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ فاردنا أن نتحقق مِن صحة ما جاء فيها. فجاءت رواية عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ(*) قال :" لما أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَخْلُقَ مُحَمَّدًا أَمَرَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَتَاهُ بِـ الْقَبْضَةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَعُجِنَتْ بِـ مَاءِ التَّسْنِيمِ فَــ غـُمِسَتْ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَطَيَّفَهَا فِي السَّمَاوَاتِ، فَعَرَفَتِ الْمَلَائِكَةُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُعْرَفَ آدَمُ، ثُمَّ كَانَ نُورُ مُحَمَّدٍ يُرَى فِي غُرَّةِ جَبْهَةِ آدَمَ، وَقِيلَ لَهُ : يَا آدَمُ هَذَا سَيِّدُ وَلَدِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ بِـ شِيثَ انْتَقَلَ النُّورُ مِنْ آدَمَ إِلَى حَوَّاءَ، وَكَانَتْ تَلِدُ فِي كُلِّ بَطْنٍ وَلَدَيْنِ إِلَّا شَيْثًا، فَإِنَّهُ وَلَدَتْهُ وَحْدَهُ كَرَامَةً لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَنْتَقِلُ مِنْ طَاهِرٍ إِلَى طَاهِرٍ إِلَى أَنْ وَلَدَتْهُ آمِنَةُ مِنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ »
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْتُ الرَّمَادِيُ : هذه الرواية ذكرها:
[١.] أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التميمي البكري، من وَلَدِ الإمام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه؛ قال الذهبي: "كان مبرزاً في التفسير والوعظ"؛ فهو فقيه حنبلي، محدِّث، ومؤرِّخ، ومتكلِّم؛ وُلد ببغداد تقريبا سنة ثمان - أو عشر - وخمسمائة هـ ~ 1116م؛ وتوفي عام 597هـ ~ 1200م؛ انظر طبقات المفسرين للسيوطي (50). عُرف بـ ابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بـ"واسط"، ولم تكن بالبلدة شجرةُ جَوز سواها، وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز"، وهي مرفأ نهر البصرة.
قُلْتُ الرَّمَادِيُ : ولعل استحضار ابن الجوزي في كتابه:" الوفا بتعريف فضائل المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ تحت" أبواب بداية نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؛ الباب الثاني؛ فذكر الطينة التي خُلق منها محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " أعطىٰ هذه الرواية قبولا عند الناس في الإستدلال بها.
[٢.] كما استشهد بها شيخ جليل وعالم فضيل هو علي بن سلطان محمد القاري في شرحه المسمىٰ:" مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"؛ كِتَابِ الْفَضَائِلِ؛ بَابُ فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ دون أن يبين لها تحسين أو تضعيف. فذكر القاري مصدرها وقال :" رَوَى الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْوَفَاءِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ..."؛ وذكر الرواية.
[٣.] كما ذكر صاحب "سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد: محمد بن يوسف الصالحي الشامي؛ ذكر رواية في مقدمتها بعض الإضافات؛ تحت عنوان: جماع أبواب بعض الفضائل والآيات الواقعة قبل مولده صلى الله عليه وسلم؛ وأخبرنا الصالحي الشامي بمصدرٍ ثان بالإضافة إلى المصدر الأول: ابن الجوزي في الوفا؛ فقال ص: 68: وروى أبو سعد النيسابوري في " الشرف "، عن كعب الأحبار، قال: لما أراد لله سبحانه وتعالى أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بـ "الطينة" التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها، فهبط جبريل في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيق الأعلى، فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من موضع قبره الشريف، وهي بيضاء نيرة، فعجنت بماء التسنيم في معين أنهار الجنة، حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيم.. "؛ وبقية الرواية أثبتاها؛ فلا داعي لإعادتها.
[٤.] شرح الزرقاني علىٰ المواهب اللدنية بالمنح المحمدية؛ لـ: أبي عبدالله محمد بن عبدالباقي بن يوسف بن أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (المتوفى: 1122هـ)؛ ص 81: وأخبرنا بمصدرين آخرين فـ" (ذكر العارف الرباني [٦.] عبدالله بن أبي جمرة في كتابه "بهجة النفوس")؛ ثم يستدرك الزرقاني فيقول:"( ومن قبله [٥.] ابن سبع في "شفاء الصدور" عن كعب الأحبار .. وذكر الرواية.
[٤. ١.] في بحث نشرته وزارة الأوقاف للمملكة المغربية جاء فيه أن " أقدم عالم مغربي وصلنا تراثه: يسمىٰ أبو الربيع سليمان ابن سبع الستي " ثم ذكرت بعض المآخذ عليه فقالت في مقدمة جيدة :" وقَدرُ النُبوة أسمىٰ من أن يحتج له بالأحاديث الضعيفة، والتأويلات الواهية"؛ كما يقول الذهبي(1)؛ قلتُ الرَّمَادِيُ:"وهذه قاعدة ذهبية أعتمدتها في هذه البحوث؛ كما قال الإمام الذهبي" . ثم تكمل وزارة الأوقاف المغربية فتقول:" ولنذكر من الأحاديث المطعون فيها -على سبيل المثال- حديث كعب الأحبار، قال: "لما أراد الله أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة ..."(2). وقد تابعه على ذلك العارف الرباني أبو محمد ابن أبي جمرة في كتابه "بهجة النفوس"(3) ، ونقله صاحب المواهب (القسطلاني) دون أن يتعقبه بتصحيح أو تضعيف، لكن شارحه أبا عبدالله الزرقاني ذكر عن بعض العلماء أنه قال: إن هذا لا يقال من قبل الرأي -يعني فهو إما عن الكتب القديمة، لأنه حبرها، أو عن المصطفىٰ - بواسطة، فهو مرسل، وقد ضعفه بعضهم أشد الضعف، ورد ذلك الشارح الزرقاني -قائلا: وتضعيف بعض المتأخرين جدا له - باحتمال أنه من الكتب القديمة، وقد بُدلت -غير مسموع، فالتضعيف إنما هو من جهة السند، لأنه المرقاة كما هو معلوم عند من له أدنىٰ إلمام بالفن، وليس كل ما ينقل عن الكتب القديمة مردوداً بمثل هذا الاحتمال(4)". أنتهى ما خطَّه الزرقاني العالم المِصري
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر نسيم الرياض ج 1/4، والرسالة المستطرفة ص 106.
(2) انظر شفاء الصدر، مخطوطة الخزانة العامة ص 86-87.
(3) انظر ج 2/91-92.
(4) انظر الزرقاني على المواهب ج 1/43."ـ
ـــــــــــــــــــــــــ
[٧.] تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام؛ لـ ابن الضياء " قال الشيخ عبدالله المرجاني في " بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة المختار" : لما جرىٰ سابق شرفها في القدم أخذ من تربتها حين خلق آدم فأوجد الموجد وجودها من بعد العدم.
قال أهل السير: إن الله تبارك وتعالىٰ لما خمّر طينة آدم عليه السلام حين أراد خلقه أمر جبريل أن يأتيه بالقبضة البيضاء التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها؛ ليخلق منها محمداً صلى الله عليه وسلم فهبط جبريل في ملائكة الفراديس المقربين وملائكة الصفح الأعلى، فقبض قبضة من موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ بيضاء نقية، فعجنت بماء التسنيم ورعرعت حتى صارت كالدرة البيضاء ثم غمست في أنهار الجنة كلها، وطيف بها في السماوات والأرض والبحار، فعرفت الملائكة حينئذ محمداً صلى الله عليه وسلم وفضله قبل أن تعرف آدم وفضله، ثم عجنت بطينة آدم بعد ذلك، ولا يخلق ذلك الجسد إلا من أفضل بقاع الأرض... حكاه الثعلبي.".
[٨.] وذكر صاحب تفسير الحَاوِي فى تَفْسِيرِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ ويُسَمَّىٰ ( جَنَّةُ الْمُشْتَاقِ فى تَفْسِيرِ كَلَامِ الْمَلِكِ الْخَلَّاقِ؛ جمعه : عبدالرحمن بن محمد القماش؛ إمام وخطيب بدولة الإمارات العربية؛ ص: 12032:" ذكر الراوي عن كعب؛ فقال:" وقال سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه عن كعب الأحبار قال: لما أراد الله أن يخلق محمدا صلى الله عليه وآله وسلّم أمر جبريل فأتاه بالقبضة...".
[٩.] وجاء في :"مولد نور الأعظم"؛ لــ مُحي الدين أبن عربي :" قال كعب لما أراد الله سبحانه وتعالى أن يَخلُقَ نَبّيَهُ سيدنا مُحَمَداً صل الله تعالى عليه وآلِهِ وَسَلَم أمَرَ جبريل أن يأتيهِ بالطينة...".
[١٠.] أيضا تجد الرواية في "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس"؛ لـ:حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ) ؛ ص 20. ويتميز هذا الكتاب بذكر مصادره في مقدمته؛ وهي عنده وفيرة.
[١١.] وزاد يوسف إسماعيل النبهاني؛ قاضى بيروت الفقيه الصوفي، والشاعر الأديب، المكثر من مدائح رسول الله محمد تأليفاً ونقلاً وروايةً وإنشاءً وتدويناً، (1265- 1350هـ = 1849- 1932م). ونسبته إلى بني نبهان من عرب البادية بفلسطين، استوطنوا قرية إجزِم -وولد فيها- التابعة لحيفا في شمالي فلسطين. تعلم بالأزهر الشريف بمصر (سنة 1283- 1289هـ)، وتلقىٰ فيها العلم علىٰ أكابر علماء الأزهر.. قال في " الأنوار المحمدية مختصر المواهب اللدونية للقسطلاني " خَلق نور ولادة النبي المصطفىٰ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على هذه الرواية زاد بالقول " قال ابن عباس أصل طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرة الأرض بمكة ومن موضع الكعبة؛ دحيت الأرض فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأصل فى التكوين، والكائنات تبع له.". ثم قال النبهاني بعد ذلك :" وعن صاحب عوارف المعارف "أن الماء -يعني- فى الطوفان لما تموج رمى بالزبد إلى النواحي فوقعت جوهرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مايحاذي تربته بالمدينة فكان صلى الله عليه وسلم مكياً مدنياً". قلتُ الرَّمَادِيُ: سأعود بإذنه تعالىٰ لبحث قول حَبر هذه الأمة "ابن عباس" رضي الله تعالى عنهما.
أقول الرَّمَادِيُ: ومِن اللهِ تعالىٰ الهداية والتوفيق :" هذا الإخبار ينسب إلىٰ كعب الأحبار ولا تنسب هذه الرواية إلىٰ الحبيب محمد ﷺ؛ ولا تروىٰ عن أحد من صحابته الكرام رضوان الله تعالىٰ عليهم أجمعين هذا أولاً؛ أما: ثانياً: فكما قال الزرقاني بأنه منقول:" عن الكتب القديمة، أو عن المصطفى - بواسطة، فهو مرسل، وقد ضعفه بعضهم أشد الضعف، ثم رد الزرقاني -قائلا: وتضعيف بعض المتأخرين جدا له - باحتمال أنه من الكتب القديمة، وقد بدلت -غير مسموع، فالتضعيف إنما هو من جهة السند، لأنه المرقاة، وليس كل ما ينقل عن الكتب القديمة مردودا بمثل هذا الاحتمال" فقلتُ الرَّمَادِيُ -وارجو أن يكون صواباً-:" كل المسائل الغيبية تؤخذ مباشرة إما مِن كلام الله عز وجل -القطعي الثبوت والقطعي الدلالة- أو مِن حديث متواتر؛ إذ أن المسائل الغيبية ستكون عقيدة راسخة في القلوب وإيمان لا يتطرق إليه شك أو ريبة؛ كـ صفات الله تبارك وتعالىٰ ووحدانيته أو اسمائه الحسنىٰ؛ أو مثل أمور ما بعد الموت؛ و وصف الجنة ونعيمها؛ ونعت النار وعذابها؛ فهذه وأمثالها مسائل غيبية لا تُنقل وفق تصوَّر أحد أو إعمال عقل إنسان فيها؛ فنجد في سورة الكهف؛ الآية رقم ٥١ ينطق القرآن الكريم فيقول:" مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ "؛ فمن أين يتأتىٰ هذا الإخبار لكعب!؟. أما ثالثاً:.مثل هذه الروايات والأخبار المتعلقة بالمسائل الغيبية؛ والتي تحتاج للإستدلال بها إلىٰ يقين من المصدر وصدق -إما قرآن كريم؛ أو حديث لخاتم الأنبياء وآخر المرسلين؛ وذلك غير متوفر هنا- أو صحة السند... أقول: مثل هذه الروايات لا يؤخذ منها حكماً شرعياً متعلق بأعمال المسلم في حياته الدنيا؛ وبالتالي لا يؤخذ منها فقهاً.. والمسألةُ هنا اقصى ما نقول فيها أن يستأنس بها؛ ونتساءل: وهل يصلح الاستئناس بمثل هذه الروايات المجهولة المنبع وليس المصدر في مسألة الخَلق والإيجاد والتكوين!؟ . وفيما هذا الإستئناس!؟.وردنا :" أن نتوقف عن الإستشهاد بمثل هذه الروايات إذ أنها لا تفيد العلم الشرعي بشئ؛ إذ ليست هي مِن متين العلم ولا مِن مِلح الأقوال ". والله تعالى أعلم . هذا أمر .أما الأمر الثاني فقد : بحثتُ في كتب الحديث فلم أجد ما يطمئن إليه القلب فأثبته.
(*)ترجمة الراوي:" هُوَ كَعْبُ بْنُ مَاتِعٍ الْحِمْيَرِيُّ الْيَمَانِيُّ؛ أبو إسحاق؛ الْعَلَّامَةُ الْحَبْرُ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ فهو من مسلمة أهل الكتاب، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنَ الْيَمَنِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَجَالِسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَكَانَ يُحَدِّثُهُمْ عَنِ الْكُتُبِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ، وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ الصَّحَابَةِ. وَكَانَ حَسَنَ الْإِسْلَامِ، مَتِينَ الدِّيَانَةِ، مِنْ نُبَلَاءِ الْعُلَمَاءِ. ويعتبر من كبار التابعين، روىٰ عنه أبو هريرة وابن عباس ومعاوية وجماعة من التابعين. قال ابن سعد: توفي سنة اثنتين وثلاثين، انظر الخلاصة 2 / 366 (5964). وعلىٰ هذه الترجمةفــ كعب الأحبار اسلم بعد وفاته عليه السلام أي لم يجالسه ولم يصاحبه ولم يسمع منه، لذلك قال الإمام صاحب سير أعلام النبلاء:" أن كعبا من طبقة كبار التابعين". وكان يحدث من الكتب الإسرائيلية "
...." وقد ورد أن عزرائيل عندما قبض القبضة من الأرض وطئ إبليس الأرض بقدميه، فمن التربة التي لم يصل إليها إبليس خلق الأنبياء والأولياء(!) وكانت درة سيدنا رسول الله من تلك البقعة فكانت المدينة. "
بيد أنني وجدت ما يقترب من المعنى قليلاً:" أن اللهَ قبض من نورِ وجهِه قبضةً ونظر إليها فعرقت ودلقت، فخلق من كل قطرةٍ نبيًا، وأن القبضةَ كانت هي النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأنه بقي كوكبٌ دريٌّ". انظر عند ابن تيمية، في مجموع فتاويه :18 /366؛ وحكم على الحديث بـ الكذب باتفاق أهل المعرفة بحديثه. هذا قول؛ أما الآخر:
أنَّ اللَّهَ قبضَ من نورِ وجْهِهِ قبضةً ونظرَ إليْها فعَرِقَت ودلِقَت فخلقَ اللَّهُ من كلِّ قطرةٍ نبيًّا وَكانت القبضةُ النَّبيَّ وبقيَ كوْكبٌ درِّيٌّ وَكانَ نورًا منقولًا من أصلابِ الرِّجالِ إلى بطونِ النِّساءِ". انظر ابن تيمية، في مجموع فتاويه: 18 /357؛ وقال هذا :" من الأحاديث المفتراة باتفاق أهل العلم".
ــــــــــــــــــــــــــ
محصلة البحث :
أدق تعبير وجدته إثناء البحث ما كتبه صاحب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد؛ الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي المتوفي سنة 942 ه‍؛ فقال في الجزء الثالث؛ ص : 316:" ... أثر كعب.. "؛ فأعطىٰ الدقة في التسمية :"أثر".. مِن الكتب القديمة... وعليه فهو إخبار لا يرتقي إلى درجة حديث.
نال شرف بحث ومراجعة هذه النصوص: مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
الأحد: 26 صفر 1438ه~ 27 / 11 / 2016م
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة

قصة انتقال النبي إلى الأصلاب

يسعىٰ موقع وكاتب هذه السطور؛ بل والإرادة متوفرة والعزيمة متحققة لتقديم صحيح السيرة النبوية علىٰ صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وكامل البركات؛ ونعتمد خطة التوثيق فيما نكتب؛ وسياسة التحقيق فيما ننشر؛ خاصةً وإن هناك الكثير من أقوال وأفكار ومفاهيم مغلوطة يجب تصحيحها عند العامة من المسلمين؛ وعند وسائل الإعلام غير المتخصصة في الغرب يقرأها مَن ليس لديه خلفية صحيحة واعية عن الإسلام ورسوله وأحكامه وشريعته؛ بل يختزل الإسلام في ما يتعلق بشؤون المرأة؛ ولباس الرجل ولحيته... أضف إلى ذلك الأحاديث الموضوعة(الكاذبة) والضعيفة والتي قد يبنى عليها عقيدة... فمِن الله تبارك وتعالىٰ التوفيق والرشاد والسداد والهداية؛ وعليه سبحانه التوكل ونستمد منه عز وجل العون.
**
[ ١.] القسم الأول من السيرة النبوية العطرة:
الفضائل الواقعة قبل مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
﴿٣.﴾ الْبَابُ الثَّالِثُ :" قصة انتقال النبي ﷺ إلىٰ الأصلاب"
« عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقُلْتُ :" فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؛ أَيْنَ كُنْتَ، وَآدَمُ فِي الْجَنَّةِ ؟"، قَالَ : فَتَبَسَّمَ حَتَّىٰ بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ :" كُنْتُ فِي صُلْبِهِ، وَرُكِبَ بِيَ السَّفِينَةُ فِي صُلْبِ أَبِي نُوحٍ، وَقُذِفَ بِيَ فِي صُلْبِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَلْتَقِ أَبَوَايَ عَلَىٰ سِفَاحٍ قَطُّ(2)، لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَنْقُلُنِي مِنَ الْأَصْلَابِ الْحَسِيبَةِ إِلَىٰ الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ(1)، صِفَتِي مَهْدِيٌّ لَا يَنْشَعِبُ شُعْبَتَانِ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا(2) وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ مِيثَاقِي، وَبِالْإِسْلَامِ عَهَدِي، وَبَشَّرَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ذِكْرِي؛ وَبَيَّنَ كُلُّ نَبِيٍّ صِفَتِي تُشْرِقُ الْأَرْضُ بِنُورِي وَالْغَمَامُ لِوَجْهِي، وَعَلَّمَنِي كِتَابَهُ وَرَوَىٰ بِي سَحَابَهُ، وَشَقَّ لِيَ اسْمًا مَنْ أَسْمَائِهِ فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَأَنَا مُحَمَّدٌ(3)، وَوَعَدَنِي أَنْ يَحْبُوَنِي بِالْحَوْضِ وَالْكَوْثَرِ، وَأَنْ يَجْعَلَنِي أَوَّلَ شَافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ، ثُمَّ أَخْرَجَنِي مِنْ خَيْرِ قَرْنٍ لِأُمَّتِي، وَهُمُ الْحَمَّادُونَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. ».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) أَخْرَجَ أبو نعيم؛ باسناد حسنٍ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " مِنْ طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَنْقُلُنِي مِنَ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ مُصَفًّى مُهَذَّبًا، لَا تَنْشَعِبُ شُعْبَتَانِ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا ».
قلتُ :" رواه أيضاً البيهقي فى الدلائل ". وبمراجعة السند؛ وجدتُ أنه قد:" أخرجهُ أبو نعيم؛ والحديث بهذا اللفظ ضعيف جداً، إسناده مسلسل بالمجاهيل، فقد أورده ابن الجوزي وقال : من وضع القصّاص، وأيضاً الكناني في "تنزيه الشّريعة"؛ كما وضعّفه الألباني ". وحديث : « لم أزل أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات » فهو ضعيف أشار إلىٰ ضعفه النيسابورى فى تفسيره.
قلتُ:" ولي عودة لبحث هذه المسألة؛ قريباً إن شاء الله تعالى".
(2).« لم يلتقِ أبوايَ في سفاحٍ لم يزلِ اللهُ عزَّ وجلَّ ينقِلُني من أصلابٍ طيبةٍ إلى أرحامٍ طاهرةٍ صافيًا مُهذَّبًا لا تتشعَّبُ شعبتانِ إلا كنتُ في خيرِهما ».رواه: عبدالله بن عباس؛ انظر: الألباني في: إرواء الغليل: 6/331؛ الحديث إسناده واه.
(3) وجاء برواية :« خلقتُ أنا وعليٌّ من نورٍ، وكنا علىٰ يمينِ العرشِ، قبل أن يخلقَ آدمُ بألفي عامٍ، ثم خلقَ اللهُ آدمَ فانقلبْنا في أصلابِ الرجالِ، ثم جعلنا في صلبِ عبدِالمطلبِ، ثم شقَّ أسماءَنا من اسمِه فاللهُ محمودٌ؛ وأنا محمدٌ واللهُ الأعلىٰ؛ وعليٌّ عليٌّ» رواه:أبو ذر الغفاري؛ انظر عند ابن الجوزي؛ في كتابه الـ "موضوعات" :2/95؛ وقال الحديث: موضوع "، وافقه:" الشوكاني؛ انظر الفوائد المجموعة: 343 ؛ وقال الحديث : موضوع ". كما تجده عند : الذهبي؛ في ترتيب الموضوعات؛ ص: 98؛ الحديث: فيه جعفر بن أحمد بن بيان، وكان رافضياً وضّاعاً".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم نكمل رواية حَبر هذه الأمة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ(*) فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ ** وَفِي مُسْتَوْدَعٍ يَوْمَ يُخْصَفُ الْوَرَقُ
ثُمَّ سَكَنْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ** أَنْتَ وَلَا نُطْفَةٌ وَلَا عَلَقُ
مُطَهَّرٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ ** وَقَدْ أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ أَصْلُبٍ إِلَى رَحِمٍ ** إِذَا مَضَى طَبَقٌ بَدَا طَبَقُ
قلتُ الرَّمَادِيُ " ولهذه الأبيات بقية؛ كما جاءت عند ابن كثير في بدايته.
ـــــــــــــــــ
(*) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ :" وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِلْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قلتُ الرَّمَادِيُ: انظر ما قاله القاضي عياض؛ أسفل الصفحة عند التخريج؛ فقرة رقم "٧".)، ثُمَّ أَوْرَدَهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي السَّكَنِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى الطَّائِيِّ؛ ويكمل ابن عساكر:" فِي الْجُزْءِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ (أي إلىٰ أَبِي السَّكَنِ زَكَرِيَّا) الْمَشْهُورِ : حَدَّثَنِي عَمُّ أَبِي زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ قَالَ جَدِّي خُرَيْمُ بْنُ أَوْسٍ: هَاجَرْتُ إِلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ فَأَسْلَمْتُ فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ :
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ** وَفِي مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ
ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ **أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ **وَقَدْ أَلْجَمَ نَسْرَا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحَمٍ** إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ
حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ خِنْدَفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي الـــ **ـنُّورِ وَسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
ثم يقول ابن كثير في بدايته:" وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الشِّعْرُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ". ثم قال ابن كثير:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهَا لِلْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ ".نقرأُ هذا في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير الدمشقي.
قلتُ الرَّمَادِيُ:" ذكر أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( بن منظور)؛ في موسوعته "لسان العرب"، كما ذكر ايضاً: أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة في كتابه " تأويل مختلف الحديث"؛ وكذلك اثبت :" القاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي المغربي "في كتابه :" الشفا بتعريف حقوق المصطفىٰ "(القسم الأول في تعظيم العلي الأعلىٰ لقدر هذا النبي المصطفىٰ صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا»؛ الباب الثالث فيما ورد من "صحيح" الأخبار و"مشهورها" بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خصه به في الدارين من كرامته صلى الله عليه وسلم »؛ الفصل الأول مكانته صلىٰ الله عليه وسلم)؛ أثبتوا جميعاً " قَوْلَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
مِن قَبلِها طِبتَ فِي الظِلالِ وَفي**مُستَودَعٍ حَيثُ يُخصَفُ الوَرَقُ
فنسبوه إليه؛ وأخذ (أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة في كتابه " تأويل مختلف الحديث") يشرح لنا الألفاظ؛ فمن الفائدة معرفة المقاصد من هذه الأبيات:
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ** وَفِي مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ
يُرِيد (الْعَبَّاسُ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أن يقول): طِبْتَ فِي ظِلَالِ الْجَنَّةِ، وَفِي مُسْتَوْدَعٍ؛ يَعْنِي: الْمَوْضِعَ الَّذِي اسْتُودِعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ، أَيْ: حَيْثُ خَصَفَ آدَمُ وَحَوَّاءُ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ، طَيِّبًا فِي صُلْبِ آدَمَ، ثُمَّ قَالَ:
ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ **أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
يُرِيدُ أَنَّ آدَمَ هَبَطَ الْبِلَادَ، فَهَبَطْتَ فِي صُلْبِهِ، وَأَنْتَ إِذْ ذَاكَ، لَا بَشَرٌ وَلَا مُضْغَةٌ، وَلَا دَمٌ. ثُمَّ قَالَ:
بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ **وَقَدْ أَلْجَمَ نَسْرَا(1) وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ
يُرِيدُ أَنَّكَ نُطْفَةٌ فِي صُلْبِ نُوحٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ رَكِبَ الْفُلْكَ ثُمَّ قَالَ:
تُنْقَلُ مِن صالِبٍ(2) إِلى رَحِم**إِذَا مَضى عَلَمٌ بَدا طَبَقُ
يُرِيدُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ:
فَجَعَلَهُ طَيِّبًا وَهَابِطًا لِلْبِلَادِ** وَرَاكِبًا لِلسُّفُنِ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ.
وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ آبَاءَهُ، الَّذِينَ اشْتَمَلَتْ أَصْلَابُهُمْ عَلَيْهِ.
__________
(1) النَّسْر: صنم من أصنام قوم نوح عَلَيْهِ السَّلَام، راجع ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث: جزء 1 ؛ ص : 147...". ..
(2) جاء في لسان العرب لأبن منظور :" قِيلَ : أَرَادَ بِالصَّالَبِ الصُّلْبَ ، وَهُوَ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ . وَيُقَالُ لِلظَّهْرِ : صُلْبٌ وَصَلَبٌ وَصَالَبٌ ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْعَرَبِ : هَؤُلَاءِ أَبْنَاءُ صِلَبَتِهِمْ . وَالصُّلْبُ مِنَ الظَّهْرِ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الظَّهْرِ فِيهِ فَقَارٌ فَذَلِكَ الصُّلْبُ" [لسان العرب ص : 141؛ حَرْفُ الصَّادِ]
ـــــــــــــــــــــــــــ
ثم نأتي لنهاية الخبر عن ابن عباس رضي الله تعالىٰ عنهما:
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"يَرْحَمُ اللَّهُ حَسَانَ!"؛ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:" وَجَبَتِ الْجَنَّةُ لِحَسَّانَ؛ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :
قبل أن نُخَرِج خبرَ ابن عباس ننقل ما قاله :" أبو عمرو عثمان بن عبدالرحمن الشهرزوري" المعروف بـ " ابن الصلاح " في كتابه :" علوم الحديث "؛ إذ قال :" وَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ مِنْ أَفْضَلِ الْعُلُومِ الْفَاضِلَةِ، وَأَنْفَعِ الْفُنُونِ النَّافِعَةِ؛... وَيُعْنَى بِهِ مُحَقِّقُو الْعُلَمَاءِ وَكَمَلَتُهُمْ، وَلَا يَكْرَهُهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رُذَالَتُهُمْ وَسَفَلَتُهُمْ. وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ الْعُلُومِ تَوَلُّجًا فِي فُنُونِهَا، لَا سِيَّمَا الْفِقْهُ الَّذِي هُوَ إِنْسَانُ عُيُونِهَا. وَلِذَلِكَ كَثُرَ غَلَطُ الْعَاطِلِينَ مِنْهُ مِنْ مُصَنِّفِي الْفُقَهَاءِ، وَظَهَرَ الْخَلَلُ فِي كَلَامِ الْمُخِلِّينَ بِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ ".
ثم نستعن بالله على التخريج :
١) رواه عبدالله بن عباس؛ ذكره ابن كثير في : البداية والنهاية: 2 / 241؛ والحديث منكر جدا . جاء في البداية: (فَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ ... عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا؛ فرد عليه ابن كثير في البداية قائلاً : بَلْ مُنْكَرٌ جِدًّا . ) انتهى النقل من بداية ابن كثير .
٢) قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: 3/408 الحديث: غريب جدا.
٣) قال ابن الجوزي في الموضوعات: 2/8 الحديث: موضوع.
٤) قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة: 1/264 ؛ الحديث: فيه علي بن محمد بن بكران. قال الذهبي:" شيخ لـ هناد النسفي جاء بخبر سمج". وقال الخليلي:" خلف بن محمد ضعيف جدا روى متونا لا تعرف" .
٥) قال الشوكاني في الفوائد المجموعة: 320 الحديث: موضوع .
٦) قال الذهبي في ترتيب الموضوعات : 76الحديث: من وضع القصاص .
٧.) : ذكره القاضي عياض في كتابه "الشفا" دون تعليق... بيد أنه يبدء صاحب الشفا الباب الثالث من القسم الأول بقوله :" فِيمَا وَرَدَ مِنْ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ ، وَمَشْهُورِهَا ". لكنه؛ رحمه الله تعالى لم ينتبه إلى مدى صحة الأحاديث المشهورة أو المشتهرة على لسان العامة؛ أو التي تقال على لسان خطباء الزوايا ومتربعي التكايا؛ كـ حديث هذا الباب.. لكنه قال؛ صاحب الشفا القاضي عياض:" وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا "الْخَبَرِ " شِعْرُ الْعَبَّاسِ الْمَشْهُورُ فِي مَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
**
خلاصة البحث:
ما أوردته في هذا الباب أنه خبر ينسب إلى "حَبر" هذه الأمة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
**
قلتُ الرَّمَادِيُ: سأبحث مسألة نسب محمد النبي؛ وأحمد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وطهر ابائه وعفاف امهاته؛ وذكر طهارة مولده الشريف وطيب أصله المنيف وكرم محتده بتفصيل؛ فَـ قَدْ وَرَدَ أَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَةِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ دَنَسِ الشِّرْكِ وَشَيْنِ الْكُفْرِ.. ونتحدث عن تأويل قوله تعالى :( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (الشعراء:218-219)؛ وأي وجه من أوجه التأويل نرى صحته. واللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
ثم الحمد لله أن وفقني للحصول علىٰ هذا القدر من العلم ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه :
لا يصح أن يرد في خاطر القارئ أن كاتب هذه السطور يشكك في نسب أو اصول خاتم الأنبياء وآخر المرسلين؛ ولكن أريد أن اثبت ما صح رواية أو سندا.. ومراد الكاتب وموقع أسترو عرب نيوز تقديم السيرة الصحيحة للقارئ؛ ونعتمد خطة عمل تبنى علىٰ التوثيق وتعتمد التحقيق. والخطوة القادمة بإذنه تعالىٰ إذا تيسر لنا ذلك تقديم ترجمة صحيحةوافية باللغة الألمانية؛ فيكون لدينا الأصل المعتمد الذي نترجم عنه ولدينا نص ترجمة نطمئن إلىٰ صحته. ومن الله تعالىٰ التوفيق والرشاد والهداية لذا وجب التنبيه.

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة

نور نبيك

[ ١.] القسم الأول من السيرة النبوية العطرة على صاحبها أَزْكَى الصَلَوَاتِ، وَأَفْضَلَ السَلَامِات، وَأَتَمَّ التَحِيَّاتِ:
بعض الفضائل والآيات الواقعة قبل مولده صلى الله عليه وسلم:
﴿٤ . ﴾ الْبَابُ الرَّابِعُ: „النور المحمدي (!) ‟؛ „ الحقيقة المحمدية (!) ‟ „ نور نبيك.. يا جابر ! (!) ‟
١.) الحديث الأول نُسبَ إلى جَابِرٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ الأَشْيَاءِ، فَقَالَ : يَا جَابِرُ؛ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُورُ نَبِيِّكَ مِنْ نُورِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ النُّورِ يَدُورُ بِالْقُدْرَةِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْحٌ وَلا قَلَمٌ، وَلا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ، وَلا مُلْكٌ، وِلا سِمِاءٌ وَلا أَرْضٌ، وَلا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ، وَلا جِنِّيٌ وَلا إِنْسٌ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الجملة "خلقه الله تعالى من نوره قبل الأشياء"، فإن قُدّرت هذه الإضافة التي في كلمة نوره إضافةَ المِلْك إلى المالك كان المعنى أنَّ أول المخلوقات نورٌ خلقه الله تعالى ثم خلق منه نورَ محمدٍ فيكون هذا نقضًا لأوله فلا يصحُّ على هذا قولُ "نورُ محمدٍ أول المخلوقات على الإطلاق". وأما إن قُدّرت هذه الإضافة إضافةَ الصفة إلى الموصوف فالبَليّةُ أشدُّ وأكبرُ لأنه يكون المعنى على هذا التقدير أنَّ نور محمد جزءٌ من الله وهذا هو الشرك الأكبر والكفر الأشنع، لأنَّ العقيدة الصحيحة أن الله تعالى لم يَنْحَلَّ منه شىء ولا يَنْحَلُّ هو من شىءٍ غيره وأنه ليس مركبًا وأنه ليس شيئًا له أجزاء وإنما الجزء للمخلوقات.
فـحديث جابر ذكر العجلوني في كشف الخفا : ج 1 / 265، وقال: روىٰ عبدالرزاق بسنده عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما، ومصنف عبدالرزاق بن همام الصنعاني؛ المتوفى سنة (211) من أهم وأقدم وأكبر مصادر السنّة النبوية، ويحتوي علىٰ عدد كبير من الأحاديث المرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وعدد أكبر من الآثار عن الصحابة والتابعين. وقد طُبع هذا المصنف كاملاً بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي. وهو حديث مكذوب عُزي خطأً لمصنف عبدالرزاق وليس الحديث في "المصنف" كما ذكره شيخ الطريقة البرهانية في كتابه تبرئة الذمة؛ حيث يقول:" روى عبدالرزاق ابن همَّام الصنعاني بسنده في كتابه جنة الخلد.
وعزاه أيضاً اللكنوي في كتابه:" الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" 1/42؛ للمصنف أيضاً وذكر ايضاً أن الحديث ذكره القسطلاني في:" المواهب اللدنية"، جاء في حاشية الزرقاني على القسطلاني؛ الجزء الأول :" كما في حديث جابر عند عبدالرزاق مرفوعًا: يا جابر إن الله قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره،". كما عاد وجاء في الجزء السادس فقال :"... إشارة إلى النور الذي خلق منه، كما قال صلى الله عليه وسلم: "يا جابر! ؛ إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره" رواه عبدالرزاق، هذا ما ذكره القسطلانى فى كتاب " المواهب اللدنية "ج 1 ص 9 ، 10 ولم يعلق هو ولا شارحه الزرقانى على هذه الأحاديث .
كما نقرأه في السيرة الحلبية: المسمى: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ الجزء رقم: 1 رقم الصفحة: 6؛ لمؤلفه: علي بن برهان الدين الحلبي.
وقال السيوطي في:" الحاوي في الفتاوى 1/479 :" ليس له إسناد يعتمد عليه".
وبين السيد رشيد رضا في فتاواه 2/447: أنه حديث لا أصل له.
و ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية؛ نصه : ما هو أول ما خلق الله سبحانه وتعالى في الوجود؟. فجاءت الفتوى : بعض الناس يقولون إنه نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الأحاديث الواردة فى ذلك أحاديث آحاد ولم يتفق على صحتها، فلا تصلح لبناء عقيدة عليها. ثم ذكر مفتى الديار المصرية الحديث الذي رواه عبدالرزاق بسنده؛ دون ذكر اسم الكتاب؛ او السند . [ عطية صقر؛ مايو 1997؛ دار الإفتاء المصرية].
وقال الحمش:" نسبه العجلوني إلى عبدالرزاق؛ وقد كنتُ أرجح أنه في تفسيره لأنني اجتهدت فلم أقف عليه في المصنف... إلى أن قال: ثم ترجح عند الحمش أنه من غرائب ابن عربي وابن حمويه والبكري" . [ عدَّاب بن محمود الحمش؛ النور المحمدي بين هدى الكتاب المبين وغلو الغالين ص (46)] .
وقال ابن باز :" حديث عبدالرزاق عن جابر موضوع وهو قول بأن محمد أول المخلوقات، وأنه نور من نور الله، هذا باطل، وهذا موضوع، وأما تسميته نوراً فهو نور عليه الصلاة والسلام، لا من أجل ذاته، إنما هو نور بما بعثه الله من الشرع والهدى، "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين": نور الإسلام ومحمد نور، كما قال جل وعلا: "إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً": فهو سراج منير بما بعثه الله من الهدى وقبل أن يبعث بالهدى ما كان نوراً؛ كان من أعظم الناس، ليس فيه نور، وإن كان له مميزات في الجاهلية من الصدق والأمانة لكن لم يكن نوراً إلا بعد ما بعثه الله بالهدى ودين الحق فهو نور بما بعثه الله، لا في ذاته الحسية، ولكن بما بعثه الله من الهدى والعلم النافع والعمل الصالح، وكان يصلي في البيت؛ والبيت ليس فيه نور فيكون البيت مظلماً وليس فيه نور، كما قالت عائشة رضي الله عنها:" كان يصلي وأنا أبسط رجلي بين يديه، فإذا سجد غمزني وإذا قام بسطتهما"، قالت:" والبيوت ليس فيها يومئذٍ مصابيح"، يعني ليس فيها نور، كان يلمسها بيديه لأنه ظلام، فالحاصل أنه لم يكن نوراً بمعناه الحسي، وإنما هو نور بما بعثه الله من الهدى والعلم النافع والعمل الصالح وشريعته العظيمة، وأما الحديث أنه نور من نور الله وأنه سبق المخلوقات فهذا خبر مكذوب، موضوع".
قال د.الصادق محمد ابراهيم؛ الأحد 1 رمضان 1427ه" ... بل قد شهد شاهد من القوم على براءة عبدالرزاق من هذا الحديث. يقول عبدالله بن الصديق الغماري معلقاً على قول السيوطي في الحاوي على هذا الحديث: "إنه غير ثابت" (وهو تساهل قبيح بل الحديث ظاهر الوضع، واضح النكارة، وفيه نَفَسٌ صوفي... إلى أن قال: والعجب أن السيوطي عزاه إلى عبدالرزاق، مع أنه لا يوجد في مصنفه ولا تفسيره ولا جامعه؛ وأعجب من هذا أن بعضهم صدَّق هذا العزو المخطىء، فرّكب له إسناداً من عبدالرزاق إلى جابر، ويعلم الله أن هذا كله لا أصل له.
أضف:" خلو دواوين السنة المعتبرة عند عامة المسلمين من الحديث هذا كالصحاح والسنن والمسانيد، ومن القرائن التي يعرف بها الوضع في الحديث أن لا يتداوله علماء الحديث ".
والحديث يظهر وضعه لتعارضه مع الآية ﴿ قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثلُكُمْ ﴾ [سورة الكهف آية 110] معناه أن الرَّسول عليه السلام خلق من نطفة أبويه. وهذه الآية ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ﴾ [سورة الفرقان آية 54] دليلٌ واضح أنَّ البشَرَ خلق منَ الماءِ والرَّسول بَشَرٌ.
ومن جملة ألفاظ الحديث المنسوب إلى جابر ما نقله سليمان الجمل في شرحه على الشمائل عن سعد الدين التفتازاني في شرح بردة المديح عند قوله:
وكل ءاي أتى الرسل الكرام بها * فإنما اتصلت من نوره بهم
وهذا نص عبارته: "عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول شىء خلقه الله فقال: هو نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير وخلق بعده كل شر، فحين خلقه أقامه قدامه في مقام القرب اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام، فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام، فخلق القلم من قسم والروح من قسم والجنة من قسم وأقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أجزاء فخلق الملائكة من جزء وخلق الشمس من جزء وخلق القمر والكواكب من جزء وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء والحلم والعلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني عشر ألف سنة، ثم نظر إليه فترشح ذلك النور عرقًا فقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفًا وأربعة آلاف قطرة فخلق الله تعالى من كل قطرة روح نبي أو رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم نور أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة، فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون والروحانيون من الملائكة من نوري، وملائكة السموات السبع من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري، والشمس والقمر والكواكب من نوري، والعقل والعلم والتوفيق من نوري، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري، والشهداء والسعداء والصالحون من نتائج نوري، ثم خلق الله اثني عشر حجابًا فأقام النور وهو الجزء الرابع في حجاب ألف سنة وهي مقامات العبودية وهي حجاب الكرامة والسعادة والرؤية والرحمة والرأفة والحلم والعلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد الله ذلك النور في كل حجاب ألف سنة، فلما خرج النور من الحجب ركَّبه الله في الأرض فكان يضيئ، وركب فيه النور في جبينه ثم انتقل منه إلى شيث ولده، وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبدالله بن عبدالمطلب ومنه إلى زوجه أمي آمنة، ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة للعالمين وقائد الغر المحجلين هكذا كان بدء خلق نبيك يا جابر".اهـ.". واللفظ الذي ساقه العجلوني ونسبه إلى مصنف عبدالرزاق وهذا نصه: "عن جابر بن عبدالله قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شىء خلقه الله قبل الأشياء قال: يا جابر إن الله تعالى قد خلق قبل الأنبياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوحٌ ولا قلمٌ ولا جنةٌ ولا نارٌ ولا ملكٌ ولا سماءٌ ولا أرضٌ ولا شمسٌ ولا قمرٌ ولا جنٌّ ولا إنسٌ، فلما أراد الله تعالى أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول حملة العرش ومن الثاني الكرسي ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السموات ومن الثاني الأرضين ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله تعالى ومن الثالث نور أنفسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم". اهـ. وبين الروايتين المنقولتين اختلاف كبير فظاهر هذا اضطراب؛ والاضطراب من موجبات الضعف. ثم إن الإسناد الذي ذكر لهذا الحديث منقطع ". فـ ظهر بذلك أن فيه ثلاث علل: الاضطراب، وانقطاع الإسناد، والركاكة، والركاكة من علامات الوضع كما قرره علماء الحديث في كتب المصطلح.
ومِن الروايات الواهية الموضوعة :
٢.) الحديث الثاني: أول ما خلق الله نوري؛
٣.) أما الثالث: لما أردتُ (أي الله) أن أخلق الخلق قبضتُ قبضةً من نوري، فقلتُ لها : كوني محمداً ، ثم خلقتُ من نور محمد كل الأشياء . وتخريجه لم نقف عليه في الأحاديث الصحيحة ولا الضعيفة بهذا اللفظ. ولكن ورد حديث بلفظ:
٤.) : لولاك لما خلقت الأفلاك؛ وحديث
٥.): لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار" ؛ قلتُ:" هذه كلها أحاديث مكذوبة موضوعة باطلة كما في كتاب اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له، أو بأصله موضوع؛ لمحمد بن خليل القاوقجي ص: 452-454)؛
٦.)؛ لولاك ما خلقت الدنيا " وقد رواه الإمام ابن الجوزي في الموضوعات، وأقره السيوطي في اللآلئ المصنوعة: 1/272؛ وضعفه وأبطله الألباني أيضا؛ انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/450؛ وانظر: المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف لـ: عبدالمتعال الجبري ص: 13"
٧ . ) : أنا نبي الأنبياء؛
ومن آثار مفاسد اعتماد مثل هذا الأقوال مفاسد في العقيدة ومغالاة في الرسول؛ إذ يعتقد الغلاة من الصوفية أن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور، وأن هذا النور مخلوق من نور الله جلَّ وعلا. فممن قال بذلك منهم: ابن عربي الحاتمي (الفتوحات المكية 1/119؛ دار صادر.)؛ وعبدالكريم الجيلي(الإنسان الكامل ؛2/46؛ وأبو الحسن بن عبدالله البكري(الأنوار ومصباح السرور والأفكار وذكر نور محمد المصطفى المختار ص: 4 وما بعدها.)؛ وأحمد رضا البريلوي، مؤسس الطريقة البريلوية بباكستان. انظر: رسالة صلاة صفا المندرجة في مجموعة رسائل؛1/33، نقلاً عن البريلوية عقائد وتاريخ لإحسان إلهي ص: 17. وعند محمد عثمان عبده البرهاني: شيخ الطريقة البُرهانية الدسوقية الشاذلية بالسودان ومصر، انظر: تبرئة الذمة له ص :9... وغيرهم.
وقالت دار الإفتاء المصرية:".إن كل هذه الأخبار لا تثبت بها عقيدة ولا يضرنا الجهل بها، ولا نسأل عنها أمام اللّه إلا بمقدار ما أفدنا من هذه المخلوقات لتحقيق الخلافة فى الأرض. فلنترك ما وراء ذلك لعلم الله تعالى، ونضع أمام أعيننا قوله سبحانه " ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم" [الكهف : 51]؛ وقوله "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهِدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون" [الزخرف : 19]. [مفتي مصر : عطية صقر؛ مايو 1997؛ دار الإفتاء المصرية].
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّىٰ اللَّهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَىٰ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة
فهرس

« „النور‟ المحمدي(!)„الحقيقة‟المحمدية(!)»
مكمل للباب الرابع

﴿ ٤ . ١. ﴾ مسألةٌ أثيرت بشكل لافت للإنتباه بين أصدقائنا الصوفية يجاورهم جيراننا الشيعة وبين أهل الحديث؛ أو أهل السنة والجماعة؛ أو أهلنا من السلفية العلمية أو الدعوية؛ وهي مسألة: „النور‟ المحمدي؛ أي ما إدركته الأذهان في فهم المسألة وفق ما جاء من أدلة(!)، أو ما أطلق عليه عند البعض بـ „الحقيقة‟ المحمدية.. فحقيقة الواقع اليوم أن تلك الفرق والجماعات والتكتلات والطرق والتنظيمات تحمل عقائد وتتبنىٰ مبادئ ذات ملامح ايديولوجية أو يدْعون إلى أفكار ووجهات نظر يمكن القول -عند البعض منها تجاوزاً- أنها تخرج من تحت سماء الإسلام الواسعة؛ وما يهم كاتب هذه السطور أن لا ينبغي أن يبنىٰ عليها -الأفكار ووجهات النظر- خصومات بل حوارات أو مناظرات؛ والمحصلة أن يُقبل في نهايتها بقوة الدليل وصحيح الحجة وساطع البرهان، طالما يدعي الجميع أنهم يتبعون كتاباً واحداً أُنزل من رافع السماء بغير عمدٍ نراها بواسطة أمين السماء الملك جبريل على قلب خاتم الأنبياء وآخر المرسلين عليه صلوات الله تعالى وسلامه وبركاته؛ إذ هو أمين السماء والأرض على وحي ربه عز وجل؛ وهذا المصدر الأول والثاني السنة المحمدية الطاهرة.، أقول: هذه الفرق والجماعات وجد لها أتباع وأنصار، وفي المقابل أصطنع مَن يعارضها وجند مَن يحاربها؛ وخطط لضرب بعضها ببعض، فتقسيم الأمة الإسلامية إلى طوائف وجماعات ومذاهب وفرق وكتل وأحزاب يضعفها ويفتت قواها، ونحن نرى على ظاهر الكف حال أمة «اقرأ» وما وصلت إليه في نهاية عام ٢٠١٦ من الميلاد العجيب؛ والربع الأول من العام ١٤٣٨ من الهجرة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام؛ ورضوان الله تعالى على رفيق الطريق وأبنته صاحبة النطاق.
ورد في المسألة :
﴿ ٤ . ٢. ١. ﴾ عن عائشةَ قالت :« كنتُ قاعدةً أغزلُ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يخصفُ نعلهُ، فجعل جبينهٌ يعرقُ، وجعل عرقهُ يتولّدُ „نورا‟ فبُهِتُّ، فنظرَ إليَّ فقال :" ما لكِ يا عائشةُ بُهِتِّ ؟"؛ قالت :" جعلَ جبينكَ يعرقُ، وجعل عرقكَ يتولّدُ „نورا‟، ولو رآكَ أبو كبيرِ الهذلِيّ لعلمَ أنكَ أحقُّ بشعرهِ. قال :" وما يقولُ أبو كبير ؟ ". قلت : يقول :
وَمُبَرَّأٌ مِنْ كُلِّ غَيْرِ حَيْضَةٍ .**. وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءٍ مُغَيِّلِ
فَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ .**. بَرَقَتْ كَبَرْقِ الْعَارِضِ الْمُتَهَلِّلِ
قالت :" فقام إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقبّلَ بين عينيّ"؛ وقال :" جزاكِ اللهُ يا عائشةَ عنّي خيرا، ما سُررتُ منّي كسُرورِي منكِ" . تخريج حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها :
1.) انظر عند المزي في تهذيب الكمال 18 /276 ؛ الحديث: من غرائب حديث معمر بن المثنى.
2.) وانظر عند الذهبي في المهذب 6 /3023 ؛ الحديث: منكر لا يعرف إلا بهذا الإسناد .
﴿ ٤ . ٢. ٢. ﴾ جاء(*) في كتاب الأحكام للحافظ الناقد أبي الحسن بن القطان: روى علي بن الحسين، عن أبيه عن جده مرفوعا: » كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام« (1)
ثم اضاف الصالحي في كتابه سبل السلام والرشاد في سيرة خير العباد: وروى الحافظ محمد بن عمر العدني شيخ مسلم في مسنده عن ابن عباس (6) رضي الله عنهما:" أن قريشاً -أي المسعدة بالإسلام- كانت نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه. قال ابن القطان: فيجتمع من هذا مع ما في حديث علي: أن النور النبوي جسم(!) بعد".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التراجم والحواشي والتخريج:
(*) تجده في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد؛ للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي الشافعي، المتوفي سنة 942 ه‍؛ والكتاب: تحقيق وتعليق الشيخ عادل احمد عبدالموجود؛ والشيخ علي محمد معوض؛ كما تجده عند شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية للقسطلاني.
(1) الحديث ذكره العجلوني في كشف الخفا 1 / 312 وعزاه لابن القطان في الأحكام. قلتُ الرمادي و:" رواه أحمد في مسنده " ؛ راجع: حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين 1/244-245.، وعند صاحب السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي، أبو الفرج، نور الدين ابن برهان الدين، كما تجده في :"شرف المصطفى للنيسابوري الخركوشي؛ فقال محققه:" قوله: «روي عن عبدالله بن عباس» : بإسناد مجهول لا يعتمد عليه، فأخرجه ابن أبي عمر العدني في مسنده فقال: ثنا عمر بن خالد، قال: حدثني الحلبي: محمد بن عبد الله- كذا في المسندة من المطالب، وإتحاف البوصيري، وإنما هو: محمد أبو عبد الله- عن عبد الله ابن الفرات، عن عثمان، عن الضحاك، عن ابن عباس به. أورده البوصيري في الإتحاف [9/ 7] رقم 8485- ووقع فيه: عن عثمان بن الضحاك، ولعله من أخطاء الطبع-، والحافظ في المطالب [4/ 177] رقم 4256. أما عمر بن خالد فشيخ قال عنه أبو حاتم- فيما رواه عنه ابنه في الجرح والتعديل [6/ 106]-: لا أعرفه، ولا أعرف الحلبي- يعني: شيخه-. وأما عبدالله بن الفرات، فلم أره في الأسماء فيما لدي من المصادر. وأما عثمان فهو: ابن داود، ذكره العقيلي في الضعفاء [3/ 201] ممن يروي عن الضحاك، وقال: مجهول بالنقل، وتبعه الذهبي في الميزان. وأما الضحاك فحاله مشهور، والجمهور على أنه لم يسمع من ابن عباس، وعليه فالإسناد مجهول، أنتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما تقرأه في كتب القوم :
﴿ ٤ . ٢. ٣. ﴾» كنت أنا وعليٌّ نورًا يُسبِّحُ اللهَ ويُقدِّسُه قبلَ أن يخلقَ آدمَ بأربعةِ آلافِ عامٍ «. رواه سلمان الفارسي؛ انظر الذهبي في ميزان الاعتدال: 1/ 507؛ الحديث: فيه الحسن بن علي بن زكريا؛ حدث عن جماعة لا يدرى من هم. وحدث عن الثقات بالبواطيل.
قلتُ :" هو حديث طويل ذكر فيه أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه كلاماً شريفاً حول النورانية وكيف أن الله تعالى قد خلقه وخلق رسول الله ﷺ من نور واحد .
﴿ ٤ . ٢. ٤. ﴾ روى المجلسي عن محمّد بن صدقة في حديث سلمان وأبي ذر أنهما سألا أمير المؤمنين عن النورانية فقال:" يا سلمان؛ ويا جندب"، قالا :" لبيك يا أمير المؤمنين" . قال :" كنتُ أنا ومحمد نوراً واحداً من نور الله عزّ وجل، فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن يشقّ، فقال للنصف الآخر: كن محمداً . وقال للنصف : كن علياً . والحديث له بقية. [المصدر : البحار 26/5. ]
قلتُ : جيراننا الشيعة لم يتفردوا في هذه المرويات؛ بل روى ذلك جمع من علماء أهل السنة منهم:
١.) الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 260، في حديث طويل عن جابر بن عبدالله قال : سألت رسول الله ﷺ عن ميلاد علي بن أبي طالب فقال : " لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السلام إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره وكلانا من نور واحد".
2.) الخوارزمي الشافعي في مناقب علي بن أبي طالب: ص 87.
3.) العلامة سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص: ص 52.
4.) ابن أبي الحديد في شرح النهج: 2 /450.
5.) العلامة محي الدين الطبري في الرياض النضرة: 2 /164.
6.) الذهبي في ميزان الاعتدال: 2 /235 .
7.) ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان.
8.) القندوزي الشافعي في ينابيع المودة: ص 83 طبع اسلامبول؛ الطبعة القديمة.
هذه بعض مصادر علماء السنة
إثناء المراجعة والتحضير وجدتُ أنه ذكر صاحب الشفا بتعريف حقوق المصطفى: القاضي عياض في الفصل السادس تحت عنوان : شَرَفُ نَسَبِهِ ، وَكَرَمُ بَلَدِهِ وَمَنْشَئِهِ:"
﴿ ٤ . ٢. ٥. ﴾ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ [رُوحُهُ] نُورًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، يُسَبِّحُ ذَلِكَ النُّورُ، وَتُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ بِتَسْبِيحِهِ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أَلْقَى ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ.
قلتُ (محمد الرمادي): وايضاً عند ابن برهان الدين في السيرة الحلبية دون لفظ [روحه]؛ لهذا الحديث بقية سنذكرها في موضعها عند الإستدلال.
وَقَالَ الشهرستاني فِي " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ "
﴿ ٤ . ٢. ٦. ﴾ ظَهَرَ نُورُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسَارِيرِ عبدالمطلب بَعْضَ الظُّهُورِ، وَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ أُلْهِمَ النَّذْرَ فِي ذَبْحِ وَلَدِهِ، وَبِبَرَكَتِهِ كَانَ يَأْمُرُ وَلَدَهُ بِتَرْكِ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَيَحُثُّهُمْ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ دَنِيَّاتِ الْأُمُورِ، وَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ كَانَ يَقُولُ فِي وَصَايَاهُ أَنَّهُ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا ظَلُومٌ حَتَّى يُنْتَقَمَ مِنْهُ وَتُصِيبَهُ عُقُوبَةٌ، إِلَى أَنْ هَلَكَ رَجُلٌ ظَلُومٌ لَمْ تُصِبْهُ عُقُوبَةٌ، فَقِيلَ لعبدالمطلب فِي ذَلِكَ، فَفَكَّرَ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ وَرَاءَ هَذِهِ الدَّارِ دَارًا يُجْزَى فِيهَا الْمُحْسِنُ بِإِحْسَانِهِ وَيُعَاقَبُ فِيهَا الْمُسِيءُ بِإِسَاءَتِهِ، وَبِبَرَكَةِ ذَلِكَ النُّورِ قَالَ لِأَبْرَهَةَ : إِنَّ لِهَذَا الْبَيْتِ رَبًّا يَحْفَظُهُ
﴿ ٤ . ٢. ٧. ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَبَّرَهُ بِبَنِيهِ، فَجَعَلَ يَرَى فَضَائِلَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَرَأَى نُورًا سَاطِعًا فِي أَسْفَلِهِمْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : " هَذَا ابْنُكَ أَحْمَدُ، هُوَ أَوَّلُ وَهُوَ آخِرُ وَهُوَ أَوَّلُ مُشَفَّعٍ . "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :"
1.) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (32056).
2.) وتجده أيضا ً في " » الجزء العاشر من الفوائد المنتقاة» لما خلق الله آدم عليه السلام خبره ببنيه ، فجعل يرى ...".
3.) وذكره ابن الصواف.
4.) وحكم الألباني على الحديث بالضعف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمام حديث ابن عباس وشرح ابن برهان الدين عليه:
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام ألقى ذلك النور في صلبه، قال صلى الله عليه وسلم: فأهبطني الله تعالى إلى الأرض في صلب آدم، وجعلني في صلب نوح، وقذفني في صلب إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم لم يزل ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط» .
قوله صلى الله عليه وسلم: «فأهبطني» ينبغي أن لا يكون معطوفا على ما قبله من قوله: «إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى الخ» فيكون نوره صلى الله عليه وسلم من جملة نور قريش، وإنه صلى الله عليه وسلم انفرد عن نور قريش وأودع في صلب نوح عليه الصلاة والسلام الخ، بل على ما يأتي من قوله: «كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام» اللازم لذلك أن يكون نوره سابقا على نور قريش، ويكون نور قريش من نوره صلى الله عليه وسلم.." ثم قال ابن برهان الدين :" ورأيت في كتاب التشريفات في الخصائص والمعجزات لم أقف على اسم مؤلفه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال يا جبريل كم عمرت من السنين؟ فقال يا رسول الله لست أعلم، غير أن في الحجاب الرابع نجما يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة، رأيته اثنين وسبعين ألف مرة فقال: «يا جبريل وعزة ربي جل جلاله أنا ذلك الكوكب» رواه البخاري، هذا كلامه، فلما خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام جعل ذلك النور في ظهره: أي فهو حالة كونه نورا سابق على قريش حالة كونها نورا، بل سيأتي ما يدل على أن نوره صلى الله عليه وسلم سابق على سائر المخلوقات، بل وتلك المخلوقات خلقت من ذلك النور آدم وذريته وحينئذ يحتاج إلى بيان وجه كون آدم خلق من نوره صلى الله عليه وسلم، وجعل نوره صلى الله عليه وسلم في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الخبر «لما خلق الله تعالى آدم جعل ذلك النور في ظهره» أي فكان يلمع في جبينه فيغلب على سائر نوره الخ ما يأتي، ثم انتقل إلى ولده شيث الذي هو وصيه، وكان من جملة ما أوصاه به أنه يوصي من انتقل إليه ذلك النور من ولده أنه لا يضع ذلك النور الذي انتقل إليه إلا في المطهرة من النساء، ولم تزل هذه الوصية معمولا بها في القرون الماضية إلى أن وصل ذلك النور إلى عبد المطلب: أي وهذا السياق يدل على أن ذلك النور كان ظاهرا فيمن ينتقل إليه من آبائه، وهو قد يخالف من تخصيص بعض آبائه بذلك، ولم تلد حواء ولدا مفردا إلا شيث كرامة لهذا النور، قيل مكث في بطنها حتى نبتت أسنانه وكان ينظر إلى وجهه من صفاء بطنها وهو الثالث من ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وكانت تلد ذكرا وأنثى معا: أي فقد قيل إنها ولدت لآدم أربعين ولدا في عشرين بطنا، وقيل ولدت مائة وعشرين ولدا، وقيل مائة وثمانين ولدا، وقيل خمسمائة. ويقال إن آدم عليه الصلاة والسلام لما مات بكى عليه من ولده وولد ولده أربعون ألفا، ولم يحفظ من نسل آدم إلا ما كان من صلب شيث دون إخوته: أي فإنهم لم يعقبوا أصلا فهو أبو البشر" وذكر ابن برهان الدين حديث جابر بن عبدالله؛ والذي ذكرته في الباب الرابع السابق؛ قال: يا جابر إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره» الحديث، وفيه أنه أصل لكل موجود، والله سبحانه وتعالى أعلم . [المصدر :" السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون؛ علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي، أبو الفرج، نور الدين ابن برهان الدين ". ]. قال محقق شرف المصطفى :" وأخرج الشطر الأخير منه أبو نعيم في الدلائل برقم 15 من حديث يزيد بن أبي حكم، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: لم يلتق أبواي على سفاح، لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلني من أصلاب طيبة، إلى أرحام طاهرة صافيا مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما. وفي إسناده من لم أعرفه".
**
حُرِّرَ في مدينة رسول الله ؛ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يوم السبت ٢٥ ربيع أول ١٤٣٨ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
****
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة
فهرس

 

« أول » الأنبياء... و « آخرهم »

[ ١.] القسم الأول من السيرة النبوية العطرة على صاحبها أَزْكَى الصَلَوَاتِ، وَأَفْضَلَ السَلَامِات، وَأَتَمَّ التَحِيَّاتِ: بعض الفضائل والآيات الواقعة قبل مولده صلى الله عليه وسلم.
﴿ ٥ . ﴾ الْبَابُ الْخَامِسُ:
٥. ١.) عن أبي هريرة(١) رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ» : كنتُ „ أَوَّلَ ‟ الأنبياء خلقا و „ آخِرَهم ‟ بعثا (*)«. (٢).
قلتُ الرمادي: وجاء في حديث طويل بعبارة:
٥. ٢.) » وجعلتكَ أوَّلَ النَّبيِّينَ خَلقًا وآخرَهم بعثًا« . (٣).
٥. ٣ .) وروى ابن إسحاق(٤) عن قتادة(٥) مرسلا(٦) قال: قال رسول اللهﷺ» كنت „ أول ‟ الناس في الخلق و „ آخرهم ‟ في البعث« (٧)(*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والترجمة والتخريج:
(*) المصدر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد؛ للإمام الصالحي الشامي.
(١) هو عبدالرحمن بن صخر الدوسي الحافظ، له خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا(٥٣٧٤). قال ابن سعد: كان يسبح كل يوم اثنتي عشرة ألف(١٢٠٠٠) تسبيحة، مات سنة تسع وخمسين عن ثمان وسبعين عاماً، انظر الخلاصة 3 / 252 (529).
(٢) الحديث أخرجه :
1.) ابن عدي في الكامل 3 / 1209 ؛ و
2.) أبو نعيم في الدلائل 1 / 6 ؛ و
3.) ابن كثير في البدية والنهاية 4 / 307 ؛ و
4.) الثعالبي في التفسير 3 / 93 / 1 ؛ و
5.) ذكره السيوطي في الدر 5 / 184 ؛ و
6.) المتقي الهندي في الكنز 32126.
7.) ذكره صاحب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: علي بن سلطان محمد القاري؛
8.) كما ذكره في معرض الإستشهاد صاحب تحفة الأحوذي: محمد بن عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري في شرحه على سنن الترمذي؛ فكتبَ: وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ؛ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: »كُنْتُ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ«؛ بيد أن محقق السيرة النبوية من البداية والنهاية لابن كثير علق فقال:" لَيْسَ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة المطبوع "،
9.) وجاء في التفسير النبوي: عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قولِهِ ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ﴾ الآيةُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :« كنتُ أوَّلُ النَّبيِّينَ في الخَلقِ وآخرُهُم في البعثِ ». رواه أبو هريرة ؛ انظر ابن عدي في الكامل في الضعفاء4 /417 ؛ الحديث فيه سعد بن بشير؛ لعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق.
وفي قولِ اللهِ تعالى ﴿ وإِذْ أخذْنا مِن النِّبيِّين مِيثاقَهم ومِنك ومِن نُوحٍ ﴾ الآية قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « كنتُ أوَّلَ النَّبيِّين في الخَلْقِ وآخِرَهُم فِي البَعْثِ »؛ وجاءت زيادة نثبتها : « فبُدِئَ بِي قبْلَهم » الحديث رواه أبو هريرة؛ انظر ابن كثير في تفسير القرآن : 6 /383؛ والحديث فيه سعيد بن بشير فيه ضعف. وذكره ابن كثير في السيرة النبوية؛ فقال "وروى البغوي أيضاً عن أحمد بن المقدام عن بقية بن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي هريرة مرفوعاً ". وذكر الحديث دون تخريج.
وهذه الرواية رواها أيضاً قتادة بن دعامة؛ انظر الحكمي في معارج القبول 679/2؛ وَالحديث فِيهِ ضَعْفٌ وَيُرْوَى مُرْسَلًا وَمَوْقُوفًا عَلَى قَتَادَةَ، ورواه أبو هريرة؛ انظر الألباني في السلسلة الضعيفة 661؛ وخرَّجه فقال:" الحديث ضعيف".
10.) انظر ابن القيسراني؛ في ذخيرة الحفاظ: 4 /1906؛ الحديث : فيه خليد بن دعلج قد توبع عليه.
وما يفيد هنا ما قاله أبن كثير:
11.) عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قوله تعالى ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ﴾ ، قال :" كنتُ أولَ النبيِّين في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ". انظر ابن كثيرفي البداية والنهاية : 2 /298؛ الحديث : روي عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله.. وهذا أثبت وأصح .
12. ) « كنتُ أوَّلَ النَّبيِّينَ في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ ». رواه أبو هريرة، انظر الزرقاني في مختصر المقاصد : 774؛ الحديث : صحيح . لكن الألباني ضعفه.
(٣).الحديث رواه:
أ.) أبو العالية الرياحي؛ انظر عند :
1.) ابن كثير في : تفسير القرآن :5 /31؛ والحديث: فيه غرابة، فـ أبو جعفر الرازي ضعفه غير واحد؛ وأيضاً رواه :
ب.) أبو هريرة؛ انظر :
1.) الهيثمي في : مجمع الزوائد : 1 /72؛ الحديث رجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول.
كما تجده عند :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير؛ لـمحمد بن محمد بن محمد بن أحمد، ابن سيد الناس، اليعمري الربعي، أبو الفتح، فتح الدين (المتوفى: 734هـ)؛ تعليق: إبراهيم محمد رمضان" دون تعليق أو تخريج.
(٤). هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولى قيس بن مخرمة أبو عبدالله المدني، قال أحمد: حسن الحديث، وقال البخاري: رأيت علي بن عبدالله يحتج به وقال يعقوب بن شبه: لم أر لابن إسحاق إلا حديثين منكرين، مات سنة إحدى وخمسين ومائة، انظر الخلاصة (2 / 379 (6049). .
(٥) هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشرة، انظر التقريب (2 / 123 (81)).".
(٦).الحديث أخرجه :
1.) ابن عدي في الكامل 3 / 919،
2.) وابن سعد في الطبقات 1 - 1 / 96،
3.) وذكره المتقي الهندي في الكنز (3191).
قلتُ الرمادي :
4). انظر العجلوني؛ في كشف الخفاء: 2 /169؛ الحديث: مرسل كما اثبتناه في المتن.
(٧) وجاء برواية أبي هريرة » كنتُ أوَّلَ النَّاسِ في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ «. انظر:ابن عدي؛ في الكامل في الضعفاء3 /488 ؛ الحديث فيه "خليد بن دعلج" عامة حديثه يتابعه عليه غيره، وفي بعض حديثه إنكار. وفي روايةٍ : »أوَّلَ النَّاسِ في الخَلقِ « . رواه : قتادة بن دعامة؛ انظر ابن رجب في لطائف المعارف 162؛ الحديث روي مرفوعاً والمرسل ( كما اثبتناه في بداية التخريج ) أشبه رواية عن قتادة مرسلة ثم تلا ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبرهيم وموسى وعيسى ابن مريم ﴾ .
حُرِّرَ بمكة المعظمة في يوم الإثنين ٤ شهر ربيع الأخر ١٤٣٨ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢ من شهر يناير عام ٢٠١٧ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة

القسم الأول:
﴿ ٦ .﴾ الْبَابُ السَّادِسُ »نَبِيًّا ...و „آدَمُ ‟ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ«
عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ(1) قَالَ :" يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى كُتِبْتَ نَبِيًّا ؟" ، قَالَ ﷺ: «„ وَآدَمُ ‟ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ(2) « .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والحواشي والترجمات والتخريج :
(1) تقرأ صفحة: 79~108؛ كتاب (الإصابة‏ في تمييز الصحابة) عن ميسرة الفجر أنه:" صحابي؛ ذكره البخاري، والبغوي، وابن السكن، وغيرهم في الصحابة؛ و قد قيل إنه عبدالله بن أبي الجدعاء الماضي في العبادلة، وميسرة لقب‏" .
(2) تقرأ النص في:
١.) مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد" علامات النبوة" قال نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي:" رَوَاهُ
٢.) أَحْمَدُ في مسنده. وقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ: قَالَ ابْنُ رَبِيعٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَ
٣.) الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ :" كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" . كَذَا فِي
٤.) الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ، وأيضا عند:
٥.) الترمذي في المناقب؛ وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، و
٦.) الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ النيسابوري في مستدركه ( المستدرك على الصحيحين)؛ كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين؛ ذكر أخبار سيد المرسلين ﷺ؛ ذكر مراكبه ﷺ ودرعه وسيفه؛ وقال:" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ وَ
٧.) الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
و ذكره صاحب:
٨.) المصنف: عبدالله بن محمد بن أبي شيبة في المغازي.
**
وَأَمَّا مَا يَدُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ بِلَفْظِ :" كُنْتُ ﷺ نَبِيًّا؛ وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ" ..
فأقول :
(أ) هذا القول كذب؛ و
(ب.) باطل؛ و
(ج) موضوع.
وإليك البيان: بذكر حكم العلماء على هذا القول :
١) قَالَ السَّخَاوِيُّ :" لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَضْلًا عَنْ زِيَادَةِ " وَكُنْتُ نَبِيًّا وَلَا مَاءَ وَلَا طِينَ"، فذكره في المقاصد الحسنة: 386 . وقال السخاوي في الأجوبة المرضية1 /166 ؛ الحديث موضوع.
٢) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ :" إِنَّ الزِّيَادَةَ ضَعِيفَةٌ وَمَا قَبْلَهَا قَوِيٌّ، وَ
٣) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ :" لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ؛ وَلَكِنْ فِي التِّرْمِذِيِّ أنه سُئل ﷺ :" مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا ؟؛ فقَالَ :" وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ، وَالْجَسَدِ " قلتُ الرمادي: خرجتُ هذا الحديث آنفاً؛ وأنظر تخريج رقم 6 ؛ قول ابن تيمية.
٤) قَالَ السُّيُوطِيُّ :" وَزَادَ الْعَوَّامُ "وَلَا آدَمَ وَلَا مَاءَ وَلَا طِينَ "؛ وَلَا أَصْلَ لَهُ أَيْضًا .
٥) وجاء عند صاحب إعلام الموقعين عن رب العالمين؛ محمد بن أبي بكر الزرعي ( ابن قيم الجوزية) :" وَسُئِلَ ﷺ : مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ ؟؛ وَفِي لَفْظٍ: مَتَى كُنْت نَبِيًّا؟ فَقَالَ:« وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ.« قال " هَذَا هُوَ اللَّفْظُ الصَّحِيحُ، ثم اضاف قائلاً " وَالْعَوَامُّ يَرْوُونَهُ » بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ »؛ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا بَاطِلٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ مَرْتَبَةٌ .
٦) جاء في مجموع فتاوى ابن تيمية؛ حاشية 19:" سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَحَادِيثَ يَرْوِيهَا الْقُصَّاصُ وَغَيْرُهُمْ بِالطُّرُقِ وَغَيْرِهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ .وَمِمَّا يَرْوُونَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ « وَ « كُنْت نَبِيًّا وَآدَمُ لَا مَاءَ وَلَا طِينَ . «
فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ . هَذَا اللَّفْظُ كَذِبٌ بَاطِلٌ؛ وقال ابن تيمية في الرد على البكري :" الحديث: لا أصل له .
وَلَكِنَّ اللَّفْظَ الْمَأْثُورَ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ « قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ متى كَنْت نَبِيًّا ؟ قَالَ : وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ«.
ثم أكمل ابن تيمية القول :" وَفِي السُّنَنِ عَنْ العرباض بْنِ سَارِيَةَ أَنَّهُ قَالَ: « إنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَمَكْتُوبٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ » ؛
٧) والنص" كنت نبيًا وآدمُ لا ماءَ ولا طينَ ". قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى : 2/ 147 الحديث: لا أصل له، بل هو باطل" .
٨) وانظر الصغاني في الدر الملتقط43 ؛ فقد قال" ليس بحديث وهذا كلام عطاء بن أبي رباح".
٩) انظر ابن تيمية في مجموع الفتاوى 18/369 ؛ وقال:" الحديث: باطل" .
١٠) وايضاً انظر ابن تيمية في مجموع الفتاوى 18/ 125؛ فقال الحديث: كذب باطل
١١) انظر الزركشي (البدر) في اللآلئ المنثورة 172؛ الحديث: لا أصل له .
١٢) انظر ملا علي قاري في : الأسرار المرفوعة268 ؛ الحديث: قيل لا أصل له، أو بأصله موضوع .
١٥ ) انظر محمد بن محمد الغزي في إتقان ما يحسن 1/427 ؛ الحديث: لا يعرف بهذا اللفظ .
١٦) انظر الزرقاني : مختصر المقاصد775 ؛ الحديث: باطل لا أصل له
١٧) انظر الألباني في السلسلة الضعيفة302 ؛ الحديث: موضوع.

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا قَلْبًا وَاعياً عَقُولًا وَلِسَانًا صَادِقًا شكوراً وَيُوَفِّقَنَا لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏ .
**
حُرِّرَ بمكة المعظمة في يوم الأحد : ١٢ ربيع آخر ١٤٣٨هـ ~١٠ يناير ٢٠١٧ م
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

أعلى الصفحة

الميثاق

أخذ الميثاق عليه صلى الله عليه وسلم. وأخذ الميثاق على الأنبياء.
الفضائل والآيات الواقعة قبل مولده صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
﴿ ٧ . ﴾ الْبَابُ السَّابِعُ: تقدم أخذ الميثاق عليه صلى الله عليه وسلم. وأخذ الميثاق على الأنبياء، آدم فمن دونه من الأنبياء أن يؤمنوا به وينصروه إذا بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم.:
ورد في آي التنزيل من عظم قدره، ورفعة ذكره، وشهادته تعالى له بصدق نبوته، وثبوت بعثته، وقسمه تعالى على تحقيق رسالته، وعلو منصبه الجليل ومكانته، ووجوب طاعته واتباع سنته وأخذه تعالى له الميثاق على سائر النبيين فضلا ومنة إن أدركوه ليؤمنن به ولينصرنه، والتنويه به في الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل، بأنه صاحب الرسالة والتبجيل:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ(*) وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [ آيَةُ 7؛ سُورَةُ: الأحزاب]
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [ آيَةُ٨١ ؛ سُورَةُ: آل عمران]
قال الله تعالى: و (إذ) نصب بمصدر محذوف (أخذ الله ميثاق النبيين) عهدهم (لما) بفتح اللام للابتداء أو دخلت لتوكيد معنى القسم، لأن أخذ الميثاق قسم في المعنى. وبكسرها متعلقة بأخذ، وما موصولة على الوجهين أي الذي (آتيتكم) وفي قراءة: آتيناكم (من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) أي من الكتاب والحكمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم (لتؤمنن به ولتنصرنه) جواب القسم، أي إن أدركتموه، وأممهم تبع لهم في ذلك. قال الله تعالى لهم: (أأقررتم) بذلك (وأخذتم) قبلتم ووافقتم (على ذلكم إصري) عهدي (قالوا أقررنا. قال فاشهدوا) أي فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار واشهدوا: خطاب للملائكة (وأنا معكم من الشاهدين) عليكم وعليهم (فمن تولى) أعرض (بعد ذلك) الثبات (فأولئك هم الفاسقون) أي الخارجون عن طاعة.
الآثر الأول: روى ابن ابي حاتم عن السدي (1) في الآية قال: " لم يبعث الله نبيا قط من لدن نوح إلا أخذ ميثاقه ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصره إن أدركه وخرج وهم أحياء".
الآثر الثاني : وروى ابن جرير (2)، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في الآية قال: " لم يبعث الله نبيا، آدم فمن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ العهد على قومه".
الآثر الثالث : وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " ما بعث الله نبيا قط إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره بأخذ الميثاق على أمته إن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه". رواه البخاري في صحيحه. كما نقله الزركشي في شرح البردة، والحافظ ابن كثير (3) في تاريخه وأول كتابه جامع المسانيد، والحافظ في الفتح في باب حديث الخضر مع موسى، ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه. قال الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين السبكي قدس الله سره في هذه الآية من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم وعظيم قدره ما لا يخفى أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم. فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: " بعثت إلى الناس كافة " (4) لا يختص به الناس في زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضا. وإنما أخذ المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدم عليهم وأنه نبيهم ورسولهم. وفي (أخذ) وهي في معنى الاستخلاف، ولذلك دخلت لام القسم في (لتؤمنن به ولتنصرنه)؛ هذه واحدة؛ أما اللطيفة الأخرى، وهي كأنها البيعة التي تؤخذ للخلفاء ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هذا، فانظر إلى هذا التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه. فإذا عرفت هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء، ولهذا أظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه. وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم، ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به صلى الله عليه وسلم ونصرته. ولذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته صلى الله عليه وسلم ورسالته إليهم معنى حاصل له. وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر الأمر راجع إلى وجودههم لا إلى اتصافه بما يقتضيه. وفرق بين توقف الفعل على قبول المحمل وتوقف أهلية الفاعل، فهنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبي صلى الله عليه وسلم الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم لزمهم أتباعه بلا شك، ولهذا يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان على شريعته صلى الله عليه وسلم، وهو نبي كريم، لا كما يظن بعض الناس أنه يأتي واحدا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، فكل ما فيهما من أمر ونهي فهو متعلق به كما يتعلق بسائر هذه الأمة، وهو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شئ ولذلك لو بعث النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه أو زمان موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم، والنبي صلى الله عليه وسلم نبي الله ورسوله إلى جميعهم، فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ويتفق مع شرائعهم في الأصول لأنها لا تختلف، وتقدم شريعته فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع، إما على سبيل التخصيص وإما على سبيل النسخ أو لا نسخ ولا تخصيص بل تكون شريعة النبي في تلك الأوقات بالنسبة إلى تلك الأمم مما جاءت به أنبياؤهم، وفي هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة الشريفة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.
فإن قيل: قال الله سبحانه وتعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدة). فالجواب: بأن هداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم، أي الزم شرعك الذي ظهر به نوابك، من إقامة الدين وعدم التفرقة فيه ولم يقل الله بهم اقتدة وكذا قال تعالى (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) وهو الدين، فهو صلى الله عليه وسلم مأمور باتباع الدين، فإن أصل الدين إنما هو من الله تعالى لا من غيره، وأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم باتباع الدين لا باتباع الأنبياء، فإن السلطان الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له، فإذا غاب حكم النواب بمراسيمه، فهو الحاكم في الحقيقة غيبة وشهادة.
فإنك شمس والملوك كواكب * * إذا ظهرت لم يبد منهن كوكب (5)
وقد أشار إلى ذلك المعنى البوصيري (6)، وتوفي قبل مولد السبكي رحمهما الله تعالى.
وكل آي أتى الرسل الكرام بها * * فإنما اتصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها * * يظهرون أنوارها للناس في الظلم
حديث (7): روى ابن سعد (8) عن الشعبي (9) مرسلا قال: قال رجل: " يارسول الله متى آستنبئت ؟"؛ قال: „ وآدم بين الروح والجسد؛ حين أخذ مني الميثاق ‟ (10).
قال الحافظ ابن رجب في اللطائف: وخبر الشعبي يدل على أنه من حين صور آدم طينا أستخرج وأخذ منه صلى الله عليه وسلم ونبئ وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى يخرج وقت خروجه الذي قد رأيت خروجه فيه، فهو أولهم خلقا، وآخرهم بعثا، وهو آخر النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم. لا يقال: خلق آدم قبله، لأن آدم كان حينئذ هواء لا روح فيه، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان حيا حين استخرج ونبئ وأخذ منه الميثاق، ولا يقال إن استخراج ذرية آدم منه كان بعد نفخ الروح فيه، كما دل عليه أكثر الأحاديث والذي تقرر أنه استخرج ونبئ قبل نفخ الروح في آدم، لأنه صلى الله عليه وسلم خص باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الروح فيه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم هو المقصود من خلق النوع الإنساني، وهو عينه وخلاصته.
ويستدل بخبر الشعبي وغيره مما تقدم على أنه صلى الله عليه وسلم ولد نبيا، فإن نبوته وجبت له حين أخذ الميثاق حيث استخرج من صلب آدم فكان نبيا حينئذ، ولكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبيا كمن تولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجئ الوقت.
آثر : روى أبو سهل القطان (11) في أماليه، عن سهل بن صالح الهمذاني، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي: " كيف صار محمد صلى الله عليه وسلم يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث ؟ "؛ قال: " إن الله لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، كان محمد صلى الله عليه وسلم أول من قال „ بلى ‟. ولذلك صار يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث".

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
________________________________________
التراجم والحواشي والتخريج:
(*) عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قولِهِ { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } الآيةُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :« „ كنتُ أوَّلُ النَّبيِّينَ في الخَلقِ وآخرُهُم في البعثِ‟» . خرجتُهُ في بحث أول الأنبياء وآخرهم.
(1) إسماعيل بن عبد الرحمن السدي: تابعي، حجازي الأصل، سكن الكوفة. قال فيه ابن تغري بردي: " صاحب التفسير والمغازي والسير، وكان إماما عارفا بالوقائع وأيام الناس ". توفي سنة 128 ه‍. الأعلام 1 / 317.
(2) محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري الآملي البغدادي. الإمام العلم صاحب التصانيف العظيمة والتفسير المشهور، مولده سنة أربع وعشرين ومائتين. أخذ الفقه عن الزعفراني والربيع المرادي. قال الخطيب: سمعت علي بن عبد الله اللغوي يقول: مكث ابن جرير أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة. توفي في شوال سنة عشر وثلاثمائة عن ست وثمانين. الطبقات لابن قاضي شهبة 1 / 100 - 101.
(3) جاء فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعَنَّهُ وَلَيَنْصُرَنَّهُ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أُمَّتِهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ; لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعُنَّهُ
إسماعيل بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن ذرع، القرشي، البصروي، الدمشقي. مولده سنة إحدى وسبعمائة، وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال الدين بن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه، وأخذ عنه، وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية، وقرأ الأصول على الأصفهاني، وسمع الكثير، وأقبل على حفظ المتون، ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتأريخ، حتى برع في ذلك وهو شاب. وصنف في صغره " كتاب الأحكام على أبواب التنبيه "، ووقف عليه شيخه برهان الدين وأعجبه، وصنف التأريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير. وصنف كتابا في جمع المسانيد العشرة، واختصر تهذيب الكمال وأضاف إليه ما تأخر في الميزان سماه التكميل، وطبقات الشافعية ورتبه على الطبقات، وله تصانيف مفيدة. وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين بن حجي: كان أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها، ورجالها، وصحيحها وسقيمها. وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك. وكان يستحضر شيئا كثيرا من التفسير والتأريخ، قليل النسيان. وكان فقيها جيد الفهم، صحيح الذهن، يستحضر شيئا كثيرا، ويحفظ التنبيه إلى آخر وقت، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر. وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا وأفدت منه. توفي في شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية. الطبقات لابن قاضي شهبة 3 / 85 - 86، والدارس 1 / 36، والبدر الطالع 1 / 153، وشذرات الذهب 6 / 231.
(4) أخرجه أحمد في المسند 3 / 304، والبيهقي 2 / 433، ومجمع الزوائد 8 / 259، 261، والطبراني في الكبير 12 / 413، وابن سعد في الطبقات 1 / 1 / 128.
(5) النابغة الذبياني: القصيدة مطلعها: أتاني - أبيت اللعن - أنك لمتني * * وتلك التي أهتم منها وأنصب
أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني **وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ
***
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً ** تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ
فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ ** إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ
**
(6) محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري، شرف الدين، أبو عبد الله: شاعر، حسن الديباجة، مليح المعاني، ووفاته بالإسكندرية. له " ديوان شعر " توفي سنة 696 ه‍، الأعلام 6 / 139، وفوات الوفيات 2 / 205. (*)
(7) راجع ما جاء في المواهب اللّدنية للقسطلاني؛ مع شرح الزرقاني. وانظر "الخصائص الكبرى"؛ وأشار إليه في ملخصه "أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب"؛ وهما للسيوطي.
(8) محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البصري، كاتب الواقدي، ونزيل بغداد، وصاحب الطبقات، وأحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرين. عن الوليد بن مسلم وهشيم ومعن بن عيسى وابن عليه وخلق. وعنه (د) وابن أبي الدنيا وأحمد بن يحيى البلاذزي. قال الخطيب: كان من أهل العلم والفهم والعدالة، وحديثه يدل على صدقه فإنه يتحرى في كثير من روايته. قال ابن قهم: توفي ببغداد سنة ثلاثين ومائتين. الخلاصة 2 / 406.
(9) عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من أئمة التابعين، وعلى ذلك فحديثه مرسل. قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين. التقريب 1 / 387.
(10) مرسل؛ أخرجه ابن سعد فى «الطبقات» (7/ 42)، من رواية جابر الجعفى، فيما ذكره ابن رجب.
(11) أبو سهل القطان، الإمام المحدث الثقة، مسند العراق، أبو سهل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بن عباد، القطان البغدادي. قال الخطيب: كان صدوقا أدبيا شاعرا، توفى في شعبان سنة خمسين وثلاثمائة وكان مولده في سنة تسع وخمسين ومائتين. انظر سير أعلام النبلاء 15 / 521 - 522.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حُرِّرَ في يوم الثلاثاء ٢٦ من شهر ربيع آخر ١٤٣٨ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٢٤ من شهر يناير عام ٢٠١٧ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريم العذراء البتول عليهما السلام.
**
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)

أعلى الصفحة

﴿ ٨. ﴾ الْبَابُ الثَّامِنُ :
« دَعْوَةُ „إِبْرَاهِيمَ‟ وبُشْرَىٰ „عيسىٰ‟ عليهما السلام »

١.] جاء في مسند الإمام أحمد؛ مسند الشاميين، حديث عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« إِنِّي عَبْدُ﴿*﴾ اللَّهِ " مكتوبٌ "(أ) لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ؛ وَسَأُنَبِّئُكُمْ "وسأخبرُكم"(أ) بِأَوَّلِ ذَلِكَ"بأوَّلِ أمري"(أ) ﴿1﴾ دَعْوَةُ(ب) أَبِي إِبْرَاهِيمَ﴿2﴾ وَبِشَارَةُ (ب)عِيسَىٰ بِي﴿3﴾ وَرُؤْيَا﴿4﴾ أُمِّي الَّتِي رَأَتْ﴿5﴾ "حين وضعَتني"(أ) وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ تَرَيْنَ ».
وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ». فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ :« إِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ »﴿6﴾.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿*﴾ جاء برواية :" » إني عندَ اللهِ لخاتَمُ النبيينَ ... « . " بنقطة فوقية وليس تحتية.
(أ) الزيادة مِن مشكاة المصابيح::5691 قال الألباني:" الحديث:صحيح".
(ب) :" " هناك رواية آخرى عن عبادة بن الصامت ، جاء فيها :" أنَا دَعوَةُ إِبراهِيمَ، و كان آخِرَ مَن بُشِّرَ بِي عِيسَى ابنُ مَريَمَ " تجدها في صحيح الجامع: 1463؛ تخريج الألباني؛ وحكم على الحديث بـأنه: صحيح.
﴿1﴾ رواية أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ قُلْتُ «جاءت برواية : ». » ا : « يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بَدْءُ "أوَّلِ"[الإضافة من عند رواه أبو أمامة الباهلي، انظر أيضاً عند الهيثمي في مجمع الزوائد :8 /225 ؛ والحديث إسناده حسن وله شواهد تقويه.] أَمْرِكَ؟ قَالَ :" ﴿2﴾ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى ﴿3﴾عِيسَى، وَرَأَتْ﴿4﴾ أُمِّي أَنَّهُ ﴿5﴾خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ«». » ا : « . هذا حديث رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ "( باقي مسند الأنصار؛ حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ فَرَجٍ بْنُ فَضَالَةَ ، "، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء؛ في السيرة النبوية؛ بحث مولد النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته » باب منه، كما تجده في المعجم الكبير؛ باب الصاد؛ مَن اسمه صدي: صدي بن العجلان أبو أمامة الباهلي؛ ما أسند أبو أمامة؛ لقمان بن عامر عن أبي أمامة بنص :" 7729 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْجَوْهَرِيُّ ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ ، ح . وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّقَطِيُّ ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَا : ثَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ﴿1﴾ مَا كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ ؟ فَقَالَ : " دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، ﴿3﴾وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ ﴿5﴾خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ ". قلتُ: سأبحث هذه الجزئية في موضعها؛ بإذنه تعالى.
**
تفصيل مسألة الباب الثامن:
الحديث سنقسمه إلى مشاهد أو مقاطع؛ إذ أن كل مقطع منه يصلح للإستشهاد به في موضع نحتاجه في إثناء البحث وإثبات نبوته ﷺ :
(١. ) المشهد الأول: » إني عندَ اللهِ لخاتَمُ النبيينَ« ؛
(٢. ) المشهد الثاني:» وإنَّ آدَمَ لمُنْجَدِلٌ في طينتِهِ ؛ (اثبتناه من قبل)
(٣. ) المشهد الثالث: » وسأُنَبِّئُكُمْ بأوِّلِ ذلِكَ «
(٤. ) المشهد الرابع: » دعوةُ إبراهيمَ «.
(٥. ) المشهد الخامس: » وبشْرَىٰ عيسىٰ«؛
(٦.) المشهد السادس : » ورؤْيَا أُمِّي التي رأَتْ«
(٧.) المشهد السابع :» وكذَلِكَ أمَّهَاتُ المؤمنينَ يَرَيْنَ «؛ وسنتكلم عن هذا المقطع في موضعه؛ بإذنه تعالى؛ وفِي روايَةٍ : » وإنَّ أمَّ رسولِ اللهِ ﷺ رأتْ حينَ وضعتْهُ نورًا أضاءَتْ منه قصورُ الشامِ « .
تخريج حديث »إِنِّي عَبْدُ اللهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ «
.1) أحمد بن حنبل فى المسند: (ح17163 /28 /395)؛ ط: الرسالة من طريق أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ،
2.) الحاكم فى المستدرك:(ح4175/ 2 /656)؛ ط: دار الكتب العلمية،
3.) البيهقى فى الدلائل: (1 /83)؛ ط: دار الكتب العلمية ،
4.) الدارمى فى الرد على الجهمية: (ح261/ص 146)؛ ط: دار ابن الأثير،
5.) أبو نُعيم الأصبهاني فى الحلية: (6 /90)؛ ط: دار الكتاب العربى،
6.) البزار فى المسند: (ح4199/ 10 /135)؛ ط: مكتبة العلوم والحكم من طريق أَبُو المغيرة عَبدالقدوس بن الحجاج،
7.) الطبرانى فى مسند الشاميين (1455/2/340)؛ ط: الرسالة،
8.) المعجم الكبير (13 /172)،
.9) ابن عساكر فى تاريخ دمشق: (1 /168،21/99)؛ ط: دار الفكر من طريق أَبُو المغيرة عَبدالقدوس بن الحجاج و أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ،
10.) محمد بن عبدالواحد الأصبهاني فى مجلس إملاء فى رؤية الله تبارك وتعالى: (ح40/ص25)؛ ط: مكتبة الرشد من طريق بقية بن الوليد،
11.) ابن أبي عاصم فى السنة: (ح409/1/179)؛ ط: المكتب الإسلامي من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ.
**
٢.] وفي حديث طويل .. ضعيف؛ جاء في مقدمته :"بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ إذ أتاه رجل من بني عامر وهو سيد قومه وكبيرهم مدرههم يتوكأ على عصا فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قال: ونسب النبي ﷺ إلى جده فقال: يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك نبوت بعظيم إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل: بيت نبوة وبيت ملك ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان فما لك والنبوة ؟ ولكن لكل أمر حقيقة فأتني بحقيقة قولك وبدء شأنك قال: فأعجب النبي ﷺ مسألته ثم قال: يا أخا بني عامر إن للحديث الذي تسأل عنه نبأ ومجلسا فاجلس فثنى رجله وبرك كما يبرك البعير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدو شأني.
٢. ١ .] المشهد الأول:» دعوة أبي إبراهيم «
٢. ٢.] المشهد الثاني:» وبشرىٰ أخي عيسىٰ ابن مريم «.
٢. ٣.] المشهد الثالث: » وإني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد «
٢. ٤.] المشهد الرابع: » وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت: فجعلت أتبع بصري النور فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ثم إنها ولدتني «.
قلتُ :"وله بقية طويلة؛ قد نثبتها في موضعها من الكتاب. الحديث رواه شداد بن أوس، انظر البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة7 /16 ، الحديث: إسناده ضعيف.
**
نبحث الأن: المشهد الرابع: » في دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام بإيجاد محمد ﷺ «.: لما بنى الخليل عليه السلام الكعبة دعا لأهل مكة فقال» رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ «[البقرة: 129]
قال السدي عن أشياخه: هو محمد ﷺ.
**
قال " وخُلِقْتُ مِن طِينةِ إبراهيمَ، وأنا أفضَلُ مِن إبراهيمَ " وقرأ: » ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ « [آل عمران: 34] ".والحديث له بقية ... ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخريج :
1.) رواه: بُرَيدةُ بن الحصيب الأسلمي: انظر الطبراني في المعجم الأوسط : 6/ 162؛ لا يروى هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا بهذا الإسناد تفرد به حسين الأشقر ،
2.) انظر الهيثمي في مجمع الزوائد: 9 /131؛ قال:‏‏ الحديث فيه جماعة لم أعرفهم وحسين الأشقر ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان،
3.) انظر الألباني في السلسلة الضعيفة : 4956، الحديث : ضعيف جداً.
أما المشهد الخامس: » وبشْرَىٰ عيسىٰ« ؛ "بشرىٰ أخي عيسىٰ ابن مريم "بمَقدم أحمد عليهما الصلاة والسلام جاءتنا من خلال النص القطعي (أ): الثبوت؛ والقطعي (ب): الدلالة كما ورد في :
۱ .) الذكر الحكيم؛ آية: ( ٦ ) من سورة الصف ورقمها : (٦۱) ﴿وَإِذْ قَالَ „ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ‟يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ „ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ‟ „ أَحْمَدُ ‟ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ ﴿الصف: ٦﴾، هذا أولاً .وثانياً كما جاء في احاديث سيد المرسلين وآخر الأنبياء وخاتم المبعوثين؛ ونذكرها من مصادرها :
٢.)» وَبُشْرَىٰ عِيسَىٰ« ، وهذه هي الرواية الأولىٰ كما قَالَ الْحَاكِمُ في مستدركه عن راوي هذا الحديث :" خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ مِنْ خِيَارِ التَّابِعِينَ، صَحِبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَإِذَا أَسْنَدَ حَدِيثًا إِلَى الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجَاهُ (قصد الإمام البخاري والإمام مسلم) ؛ وقد بوَّب صاحب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد باباً سماه :"بَابُ قِدَمِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وذكر عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ :"وَبُشْرَى عِيسَى"؛
٢ . ۱.) أما الرواية الثانية فقد أوضحت امراً هاماً إذ أثبت ابن عساكر في تاريخ دمشق: قوله عليه السلام » وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ « ،:" وَبِشَارَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ " ؛ قال صاحب مجمع الزوائد: نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي:" وَأَحَدُ أَسَانِيدِ أَحْمَدَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ سُوِيدٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ ".[كتاب علامات النبوة؛]
٢ . ٢.) : ثم تأتي رواية ثالثة توضح أمراً مهماً وتضيف مسألة هامة وهي رواية عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ إذ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ »: وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْمَهُ» ؛ وقال الحاكم النيسابوري :" هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وقال صاحب مجمع الزوائد :" رَوَاهُ أَحْمَدُ بِأَسَانِيدَ، وَالْبَزَّارُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ
قلتُ هذا :" شَاهِدٌ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ .".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الثلاثاء: ١٠ جمادى أول ١٤٣٨هـ ~٧٠ فبراير ٢٠١٧ م
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

أعلى الصفحة
فهرس

الرسالة النبوية ؛ والشمائل المصطفوية ؛ والخصائل الرسولية ؛ والدلائل الإعجازية ؛ والصفات الأحمدية ؛ والأخلاق المحمدية
لـــــ سيدنا محمد بن عبد الله
خير البرية

===== مِن إصدارات «استروعرب نيوز» =====
**القسم الثاني من الجزء الأول**
النسب الشريف الزكي

[ ١ . ] « عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ »
==========
﴿ متى وُلِدَ « عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ » أَبُو رَسُولِ اللَّهِ!؟ ﴾
"(81 ق.هـ - 53 ق.هـ الموافق 544م - 571م) ".
جاء عند الكامل في التاريخ؛ لـ عز الدين أبو الحسن علي المعروف بـ ابن الأثير " قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ : وُلِدَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مَضَتْ مِنْ مُلْكِ أَنُوشِرْوَانَ. "
لذا فيمكننا القول -كما زعم البعض- أن مولد عبدالله بن عبدالمطلب كان في السنة 81 قبل الهجرة~ الموافق سنة 544 الميلادية فهذا تاريخ المولد؛ أما مكان مولده الشريف: مكة المعظمة بجوار الكعبة المشرفة.
[ ١ . ١. ] نسبه :
والده : عبدالمطلب بن هاشم ؛ واسمه شيبة الحمد ، كان سيّدًا من سادات قريش.
والدته : فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ، تلتقي مع زوجها عبدالمطلب في الجدّ الرابع .
وقد ذكرها ابن حبيب في " المنجبات " من النساء ، قال : « ولم تكن العرب تعد " منجبة " لها أقل من ثلاث بنين من أشراف ، فقد ولدت الزبير ؛ و أبا طالب حكمي قريش ، وعبدالله أبا رسول الله «.
قال الإمام الطبري ، أبو جعفر ، إمام المؤرخين ، وشيخ المفسرين في تاريخه : " كان عبدالله أبو رسول الله أصغر ولد أبيه وكان عبدالله و الزبير و عبدمناف- وهو أبو طالب- بنوا عبد المطلب لأم واحدة ، هذا في رواية ابن إسحاق".
وروى هشام بن محمد عن أبيه أنه قال : "عبدالله بن عبدالمطلب أبو رسول الله وابو طالب ؛ واسمه عبدمناف والزبير وعبدالكعبة وعاتكة وبرة وأميمة ولد عبد المطلب إخوة".
فهو : عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان (1).

[ ١ . ٢. ] كنيته :
وقد كان يُكنّىٰ : « أبو قُثَم » ، و « أبو أحمد ».
[ ١ . ٢. ١. ] معنى الكنية : قَثَمَ :" الْقَافُ؛ وَالثَّاءُ ؛ وَالْمِيمُ : أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى جَمْعٍ وَإِعْطَاءٍ .
فـ قَثَمَ الشَّيْءُ يَقْثِمُهُ قَثْمًا وَاقْتَثَمَهُ : جَمَعَهُ وَاجْتَرَفَهُ ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : قَثَمَ مِنْ مَالِهِ ، إِذَا أَعْطَاهُ .
وَرَجُلٌ قُثَمٌ : مِعْطَاءٌ .
وَالْقَثُومُ : الرَّجُلُ الْجَمُوعُ لِلْخَيْرِ . وَأَنْشَدَ :
قَالَ لَأَصْبَحَ بَطْنُ مَكَّةَ مُقْشَعِرًّا * * كَأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ بِهَا هِشَامُ
يَظَلُّ كَأَنَّهُ أَثْنَاءَ سَرْطٍ * * وَفَوْقَ جِفَانِهِ شَحْمٌ رُكَامُ
فَلِلْكُبَرَاءِ أَكْلٌ كَيْفَ شَاؤُوا ** وَلِلصُّغَرَاءِ أَكْلٌ وَاقْتِثَامُ

وَقَثَامٌ : اسْمٌ لِلْغَنِيمَةِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً . وَقَدِ اقْتَثَمَ مَالًا كَثِيرًا إِذَا أَخَذَهُ .
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ : أَنْتَ قُثَمٌ ، أَنْتَ الْمُقَفَّى ، أَنْتَ الْحَاشِرُ ، هَذِهِ أَسْمَاءُ النَّبِيِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي الْحَدِيثِ : أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ : أَنْتَ قُثَمٌ وَخَلْقُكَ قَيِّمٌ ، الْقُثَمُ : الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ ، وَقِيلَ : الْجَامِعُ الْكَامِلُ ،
وَقِيلَ : قُثَمٌ مَعْدُولٌ عَنْ قَاثِمٍ وَهُوَ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ (2).
ــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: سيرة؛ لـ ابن هشام".
(2) معجم مقاييس اللغة؛ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ؛ دار الجيل؛ 1420هـ / 1999م. وانظر عند ابن منظور ؛ لسان العرب ؛ أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ؛ دار صادر ؛ 2003م ].
ــــــــــــــــــــــ
[ ١ . ٣. ] حياة عبدالله بن عبدالمطلب:
[ ١ . ٣. ١. ] المحطة الأولى الأساسية من حياة عبدالله بن عبدالمطلب:
نعتبرها في بحثنا هذا قضية نذر عبدالمطلب؛ أو ماتسمى بمسألة الذبيح:
مشاهد القصة : ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ : لعل أهم محطة في حياة عبدالله أبي رسول الله هي قصة : " نذر أبيه عبدالمطلب " .
وسنتحدث عنها في الحلقة القادمة..
الأحد : ۱٥. جمادى الأول ۱٤٣٨هـ ~١٢. فبراير ٢٠۱٧ م

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

أعلى الصفحة
فهرس

**القسم الثاني من الجزء الأول**
النسب الشريف الزكي

« ١. عبدالله بن عبدالمطلب »
[ ١ . ٣. ١. ] المحطة الأولىٰ الأساسية من حياة عبدالله بن عبدالمطلب :
ذِكْرُ(*)« نَذْرِ »عَبْدِالْمُطَّلِبِ « ذَبْحَ »(1) « وَلَدِهِ »

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ(2) : " كَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ- فِيمَا يَزْعُمُونَ(3) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ(3) - ..." .
وقبل ان نبدء في سرد خبر نذر عبدالمطلب بذبح أحد ولده نقسم الخبر- الرواية - إلىٰ مشاهد أو مقاطع:
[ ١. ] المشهد الأول:" ... كَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ ... قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ(4) مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ ، لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ(عند الطبري في الرواية المختصرة: "رهط") ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ ، لَيَنْحَرَنَّ(5) أَحَدَهُمْ لِلَّهِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ(6) . فَلَمَّا تَوَافَى(7) بَنُوهُ عَشَرَةً ، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ(8) ...".
[ ٢. ] المشهد الثاني:"... جَمَعَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ ،(عند الطبري:" الذي نذر " ) ، وَ...
[ ٣. ] المشهد الثالث:" (عند الطبري:"أقْرع بينهم. أيُّهم ينحر!؟")... دَعَاهُمْ إلَى الْوَفَاء لِلَّهِ بِذَلِكَ ، فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا :" كَيْفَ نَصْنَعُ ؟" ، قَالَ :" لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ ، ثُمَّ ائْتُونِي(9). فَفَعَلُوا :" ، ثُمَّ أَتَوْهُ(10) ...
[ ٤. ] المشهد الرابع:"... فَدَخَلَ بِهِمْ(11) عَلَى هُبَلَ(12) فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَ هُبَلُ عَلَى بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ هِيَ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا(13) مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ... ".

[ *] وصف لحال : ... وَكَانَ عِنْدَ هُبَلَ قِدَاحٌ سَبْعَةٌ(14) ، كُلُّ قِدْحٍ مِنْهَا فِيهِ كِتَابٌ : قِدْحٌ(15) فِيهِ الْعَقْلُ (العقل هنا الدية) إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْعَقْلِ مَنْ يَحْمِلُهُ مِنْهُمْ ، ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ السَّبْعَةِ : فَإِنْ خَرَجَ الْعَقْلُ فَعَلَى مَنْ خَرَجَ حَمْلُهُ ، وَقِدْحٌ فِيهِ « نَعَمْ » لِلْأَمْرِ إذَا أَرَادُوهُ يُضْرَبُ بِهِ فِي الْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَ قِدْحُ « نَعَمْ » عَمِلُوا بِهِ ، وَقِدْحٌ فِيهِ « لَا » إذَا أَرَادُوا أَمْرًا ضَرَبُوا بِهِ فِي الْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ الْقِدْحُ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ الْأَمْرَ ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « مِنْكُمْ » ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « مُلْصَقٌ » ، وَقِدْحٌ فِيهِ « مِنْ غَيْرِكُمْ » ؛ وَقِدْحٌ فِيهِ « الْمِيَاهُ » إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِلْمَاءِ ضَرَبُوا بِالْقِدَاحِ ، وَفِيهَا ذَلِكَ الْقِدْحُ ، فَحَيْثُمَا خَرَجَ عَمِلُوا بِهِ وَكَانُوا إذَا أَرَادُوا أَنْ يَخْتِنُوا غُلَامًا ، أَوْ يُنْكِحُوا مُنْكَحًا(16) ، أَوْ يَدْفِنُوا مَيْتًا ، أَوْ شَكَلُوا(17) فِي نَسَبِ أَحَدِهِمْ ، ذَهَبُوا بِهِ إلَى هُبَلَ وَبِمِئَةِ دِرْهَمٍ وَجَزُورٍ ، فَأَعْطَوْهَا(18) صَاحِبَ الْقِدَاحِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا ، ثُمَّ قَرَّبُوا صَاحِبَهُمْ الَّذِي يُرِيدُونَ بِهِ مَا يُرِيدُونَ ، ثُمَّ قَالُوا : يَا إلَهَنَا ، هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَدْ أَرَدْنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا ، فَأَخْرِجْ الْحَقَّ فِيهِ . ثُمَّ يَقُولُونَ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ : اضْرِبْ(19) فَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مِنْكُمْ » كَانَ مِنْهُمْ وَسِيطًا (أي خالص النسب)، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مِنْ غَيْرِكُمْ » كَانَ حَلِيفًا ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ « مُلْصَقٌ » كَانَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِيهِمْ ، لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا حِلْفَ ، وَإِنْ خَرَجَ فِيهِ(20) شَيْءٌ ، مِمَّا سِوَى هَذَا مِمَّا يَعْمَلُونَ بِهِ نَعَمْ عَمِلُوا بِهِ ، وَإِنْ خَرَجَ « لَا »، أَخَّرُوهُ عَامَهُ(21) ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوهُ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى ، يَنْتَهُونَ فِي أُمُورِهِمْ إلَى ذَلِكَ مِمَّا خَرَجَتْ بِهِ الْقِدَاحُ . ... ".

عَبْدُالْمُطَّلِبِ وَأَوْلَادُهُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْقِدَاحِ :

[ ٥. ] المشهد الخامس:"... فَقَالَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ لِصَاحِبِ الْقِدَاحِ(22) : اضْرِبْ عَلَى بَنِيَّ هَؤُلَاءِ بِقِدَاحِهِمْ هَذِهِ وَأَخْبَرَهُ بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ ، فَأَعْطَاهُ (عند الطبري:"فأعطى") كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قِدْحَهُ الَّذِي فِيهِ اسْمُهُ -وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ(23) كَانَ هُوَ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَائِذُ بْنُ عِمْرَانَ بْنُ مَخْزُومٍ. ".

خُرُوجُ(24) الْقَدَحِ عَلَى عَبْدِاللَّهِ "وَشُرُوعُ أَبِيهِ فِي ذَبْحِهِ ، وَمَنْعُ قُرَيْشٍ لَهُ :"

" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ- فِيمَا يَزْعُمُونَ (3)- أَحَبَّ وَلَدِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ إلَيْهِ ، فَكَانَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَرَى أَنَّ السَّهْمَ إذَا أَخَطَأَهُ فَقَدْ أَشْوَى (يقال : رمى فاشوى: إذا رمى ولم يصب المقتل). وَهُوَ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ لِيَضْرِبَ بِهَا (25) .
[ ٦. ] المشهد السادس:" قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عِنْدَ هُبَلَ(26) يَدْعُو اللَّهَ(27) " تَعَالَى ".... ثُمَّ
[ ٧. ] المشهد السابع:" ضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَأَخَذَهُ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إلَى إسَافٍ وَنَائِلَةٍ(28) لِيَذْبَحَهُ ،
[ ٨. ] المشهد الثامن:" فَقَامَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا ، فَقَالُوا :" مَاذَا تُرِيدُ (29) يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ ؟ " ، قَالَ :" أَذْبَحُهُ " ؛ فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ :" وَاَللَّهِ(30) لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ . لَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا يَزَالُ الرَّجُلُ(31) يَأْتِي بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ ، فَمَا بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى هَذَا وَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ ، وَكَانَ عَبْدُاللَّهِ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ : وَاَللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ فِدَاؤُهُ بِأَمْوَالِنَا فَدَيْنَاهُ . وَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ : لَا تَفْعَلْ(32) وَانْطَلِقْ بِهِ إلَى الْحِجَازِ(33)، فَإِنَّ بِهِ عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ ، فَسَلْهَا ، ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ ، إنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ ذَبَحْتَهُ ، وإنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْتُهُ . ".

عَرَّافَةُ الْحِجَازِ وَمَا أَشَارَتْ بِهِ عَلَى عَبْدِالْمُطَّلِبِ".

" فَانْطَلَقُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، فَوَجَدُوهَا(34) - فِيمَا يَزْعُمُونَ(3) - بِخَيْبَرِ(35) فَرَكِبُوا (عند الطبري :"إليها") حَتَّى جَاءُوهَا ، فَسَأَلُوهَا ، وَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُالْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ ، وَمَا أَرَادَ بِهِ وَنَذْرَهُ فِيهِ ؛ فَقَالَتْ لَهُمْ : ارْجِعُوا عَنِّي الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلُهُ . فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا(36) فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْهَا(عندالطبري :"مِن عندها") ، قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا ،"
[ ٩. ] المشهد التاسع:" فَقَالَتْ لَهُمْ :"(37) قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ ، كَمْ الدِّيَةُ فِيكُمْ ؟ قَالُوا :" عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ ، -وَكَانَتْ كَذَلِكَ- . قَالَتْ : فَارْجِعُوا إلَى بِلَادِكُمْ ، ثُمَّ قَرِّبُوا صَاحِبَكُمْ ، وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنْ الْإِبِلِ(38) حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ ، فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ ، وَنَجَا صَاحِبُكُمْ .
نَجَاةُ عَبْدِاللَّهِ مِنْ الذَّبْحِ :".

" فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ ، فَلَمَّا أَجَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ ، قَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَاللَّهِ وَعَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، - وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ (عند الطبري:"في جوف الكعبة") قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ [عَزَّ وَجَلَّ](39) ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ عِشْرِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ (عند الطبري :" السَّهم") عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ ثَلَاثِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ أَرْبَعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ خَمْسِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ سِتِّينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ سَبْعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ؛ فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ ثَمَانِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ تِسْعِينَ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ مِئَةً(40) ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ حَضَرَ(41) : قَدْ انْتَهَى رِضَا رَبِّكَ يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ . فَزَعَمُوا(3)
[ ١٠. ] المشهد العاشر:" أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ قَالَ : لَا وَاَللَّهِ (42) حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَضَرَبُوا عَلَى عَبْدِاللَّهِ وَعَلَى الْإِبِلِ ، وَقَامَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، ثُمَّ عَادُوا الثَّانِيَةَ ، وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللَّهَ ، فَضَرَبُوا ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ ، ثُمَّ عَادُوا الثَّالِثَةَ ، وَعَبْدُالْمُطَّلِبِ قَائِمٌ يَدْعُو اللَّهَ ، فَضَرَبُوا(سيرة ابن هشام :"ثم ضربوا ".) ، فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ(43) فَنُحِرَتْ(44) .
**
جاء في نهاية الرواية-خبر نذر عبدالمطلب بنحر أحد ولده- :
ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إنْسَانٌ وَلَا يُمْنَعُ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ : إنْسَانٌ وَلَا سَبُعٌ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَيْنَ أَضْعَافِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجَزٌ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ ".
انتهيتُ من سرد الرواية-خبر نذر عبد المطلب بذبح ولده وأحبهم إليه- ؛ والمقصود هنا عبدالله ؛ الذي سيكون والد الرسول الكريم فيما بعد ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والحواشي:"
(*) قديماً تكاد تكون كتب السيرة النبوية والتاريخ وسير الأعلام تذكر هذه الرواية-الخبر- دون الحكم عليها بالصحة أو الضعف أو الإختراع ؛ وتناقلتها الأجيال عبر أجيال وصارت من الروايات المقبولة ؛ بل في كل جَمْعٍ ومناسبة تذكر ويرويها القصاص ؛ وبعض مَن يعتلي منابر المساجد.. وسأذكرها مع التحقيق والتدقيق.
(1) جاء عند ابن كثير في البداية بعد كلمة ذبح [..أَحَدِ..] فتكون جملة ابن هشام على التخصيص؛ اما جملة ابن كثير فجاءت على التعميم.. وإن قصد أو فهم أنه عبدالله بن عبدالمطلب ؛ والد النبي الرسول محمد عليه السلام.
(2) يكاد يجمع كافة العلماء على أن النقل من عند ابن إسحاق.
(3) استخدام التعبير «فِيمَا يَزْعُمُونَ» كما ذكره ابن إسحاق ؛ والطبري في تاريخه قال :" « يذكرون »"؛ وابن هشام في السيرة ؛ وابن كثير في البداية والنهاية ؛ وبالطبع اثبتها السهيلي في شرحه : هذا التعبير يحمل بين ثناياه صيغة تمريض اي وجود علة قد تكون قادحة في صحة الرواية . فالنص يقول :" كان عبدالمطلب بن هاشم - «فيما يذكرون» ؛ ثم يؤكد الشك بقوله و «الله أعلم» -" ؛ فهي صيغة تشكيك فيما سيروى من أحداث ؛ ثم استخدام تعبير-و«الله أعلم»- بعدها ترفع المساءلة والمأخذة لمن يروي فيجعل العهدة على مَن يقول بهذه الأحداث ويرويها . وعند الذهبي في سير أعلام النبلاء ذكر الرواية دونها ، وكذا [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] ؛ وعلق محقق المنتظم في التاريخ فقال :" .. هذا وقد أغفل ابن الجوزي غلطاً منه قول ابن إسحاق : «فيما يزعمون» لأن عادة ابن هشام- قلتُ الرمادي:"وكذلك الطبري"- أن يورد هذا اللفظ عند شكه في الخبر . فهذا خطأ لأن هذا الخبر بصفة خاصة يكثر الكلام عنه ، وسنوضح ذلك في نهاية الخبر إن شاء الله ".
(4) الذهبي في سير أعلام النبلاء تجده يثبت لفظة :" الْعَنَتَ " .
(5) جاء في آحدىٰ طبعات [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] :" «ثم بلغوا عنه حتى يمنعوه « ليسخرن » ". وهذه اللفظة لا تتفق مع الرواية.
(6) جاء في [المنتظم في التاريخ ؛ لـ ابن الجوزي] » " عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَهُ تَعَالَى "
(7) عند الطبري :" توافى له ". وعند ابن كثير في البداية :" تَكَامَلَ" ، وعند سير أعلام النبلاء :" بَلَغُوا " ، وأيضاً عند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير]. وقد جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :" تموا " . قلتُ الرمادي :" الألفاظ متقاربة في المعنى " .
(8) ذكر ابن كثير في البداية اسماءهم ؛ فقال :" وَهُمُ : ١. ] :" الْحَارِثُ " ؛ وَ٢. ] :" الزُّبَيْرُ " ؛ وَ ٣. ] :" حَجْلٌ " ؛ وَ ٤. ] :" ضِرَارٌ " وَ ٥. ] :" الْمُقَوَّمُ " ؛ وَ ٦. ] :" أَبُو لَهَبٍ " ؛ وَ ٧. ] :" الْعَبَّاسُ " ؛ وَ ٨. ] :" حَمْزَةُ " ؛ وَ ٩. ] :" أَبُو طَالِبٍ " ؛ وَ١٠. ] :" عَبْدُ اللَّهِ " .
قلتُ الرمادي :" لايستفاد من هذا الترتيب عند ابن كثير في بدايته ترتيب الأعمار أيضاً . وسنبحث أعمام وعمات النبي المصطفى في قابل البحث عند إتمام الحديث عن النسب الشريف الزكي .
(9) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :"به".
(10) أثبت صاحب سير أعلام النبلاء كلمة ؛ فـ اضاف :" بِالْقِدَاحِ "
(11) جاء في [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير:" فَدَخَلُوا " .
(12) أضاف صاحب سير أعلام النبلاء جملة :".. وَكَانَ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ " . أما إضافة الطبري :" ... أعظمَ أصنام قريش بمكّة" .
(13) في سير أعلام النبلاء ذكر لفظة بئر ؛ فقال :" فِيهِ " .
(14) زيادة عند ابن كثير :" وَهِيَ الْأَزْلَامُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا إِذَا أَعْضَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ مِنْ عَقْلٍ ؛ أَوْ نَسَبٍ ؛ أَوْ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ ، جَاءُوهُ فَاسْتَقْسَمُوا بِهَا فَمَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ أَوْ نَهَتْهُمْ عَنْهُ امْتَثَلُوهُ ". والطبري قدم وآخر فال :"سبعة أقْدح" ، ومحقق الطبري : محمد أبو الفضل إبراهيم في ذيل صفحة 240 قال :" القدح : بالكسر : السهم قبل أن يراش وينصل ، وجمعه قداح واقدح."
(15) في سير أعلام النبلاء وضع فاء التعقيب فكتب :" فَقِدْحٌ "
(16) جاء في سير أعلام النبلاء بدلا منها كلمة " جَارِيَةً " .
(17) صحح الطبري في روايته وصاحب سير أعلام النبلاء الكلمة ، والسهيلي : فوضع كلمة " شَكُّوا " .
(18) قال صاحب سير أعلام النبلاء: " فَأَعْطَوْهُ " .
(19) « فَيَضْرِبُ» زيادة من عند الطبري في تاريخه و [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] .
(20) الذهبي في سير أعلام النبلاء أثبت :" عَلَيْهِ" . و.أيضا عند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] . والجملة موضحة عند الطبري والذهبي :" وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ (في) شَيْءٌ سِوَى هَذَا مِمَّا يَعْمَلُونَ بِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ " نَعَمْ " عَمِلُوا بِهِ " .
(21) عند الطبري في تاريخه والذهبي في سير أعلام النبلاء :" عَامَهُمْ ".
(22) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] :"وقال لـ قيم الصنم".
(23) جاء في سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي ؛ وايضاً عند ابن الجوزي في المنتظم في التاريخ :" وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ " ؛ وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] ، وجاء في المنتظم في التاريخ لـ ابن الجوزي :" وكان عَبْداللَّه، والزبير، وأبو طالب : بنو عَبْدالمطلب لأم واحدة ". ثم ذكر بعدها صاحب المنتظم :" رَوَى هشام بْن مُحَمَّد عَنْ أبيه قَالَ: عَبْداللَّه، وأبو طالب - واسمه عَبْدمناف - والزبير، وعَبْدالكعبة، وعاتكة، وبرة ، وأمَيمة، ولدُ عَبْدالمطلب إخوة لأم ، أمهم فاطمة ". نقله ابن الجوزي من عند [ تاريخ الطبري 2/ 239.] . وهذه الرواية عند الطبري هي الثانية ؛ أما الأولى كما رأيتها وراجعتها بنفسي عند الطبري :" وكان عبدالله والزبير وعبدمناف ؛ وهو أبو طالب بنو عبدالمطلب لأم واحدة ؛ وأمهم جميعاً : فاطمة بمن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم".. ثم قال أبو جعفر :" عن ابن إسحاق" . وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري ذهب إلى أن :"عبدالله أبو رسول الله أصغرَ ولد ابيه". والسهيلي يوضح هذه المسألة في روضه الأُنف... فيقول لعل وقت تنفيذ النذر كان اصغر الأبناء أو قصد أصغر أولاد أمه .
(24) استدراك من ابن كثير في البداية إذ قال :" وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ لَمَّا جَاءَ يَسْتَقْسِمُ بِالْقِدَاحِ عِنْدَ هُبَلَ.. خرج القدح.. ".بيد أن رواية أبي جعفر الطبري اختصرت الكثير إذ أنه في تاريخه :"اقرع بينهم. أيُّهم ينحر!؟. فطارت القرعة على عبدالله بن عبدالمطلب ؛ وكان أحب الناس إلى عبدالمطلب" . ثم يثبت أبو جعفر بقية الرواية :" فقال عبدالمطلب : اللهمّ هو (أي عبد الله) أو مائة من الإبل. ثم اقرع بينه وبين الإبل فطارت القرعة على الإبل". قلت الرمادي:" الرواية هذه المختصرة عند ابي جعفر محمد الطبري ذكرها في معرض الإستشهاد بفتوى عبدالله بن عباس في المرأة التي نذرت ان تذبح ولدها عند الكعبة.. بيد أن مروان ؛ أمير المدينة أنهى القول : بأنه رد فتوى ابن عباس بقول :"لا نذر في معصية الله.." ؛ ثم قال للمرأة :"استغفري الها وتوبي إلى الله ، وتصدقي واعملي ما استطعت من الخير.".[الطبري؛ التاريح ص: 239 و240] . وصفحة 240 من الجزء الثاني من تاريخ الطبري ذكر أمر نذر عبدالمطلب كاملاً كما راوه ابن إسحاق .
(25) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"فلما أخذها ليضرب بها ".
(26) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي : لم يذكر الموضع الذي وقف فيه يدعو ؛ بل جاء عند ابن الجوزي في المنتظم :"عند الكعبة ؛ بدلا من عند هبل".
(27) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" تَعَالَى "وايضاً [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] " قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى ".
(28) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :"وَهُمَا الصَّنَمَانِ اللَّذَانِ يَنْحَرُ النَّاسُ عِنْدَهُمَا ." وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] قال الطبري معلقاً :"وهما وثَنا قريش اللذان تنحر عندهما ذبائحهما".
(29) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"أن تصنع" .
(30) جاء في [المنتظم في التاريخ؛ ابن الجوزي] :"لم يذكر القسم بـ الله".
(31) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :"مِنَّا " وعند « [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(32) تجد النص السابق عند الذهبي في سير أعلام النبلاء . توجد زيادة من عند البداية لابن كثير مفيدة -لم يذكرها ابن اسحاق في روايته؛ كما يزعمون-- نثبتها فننقلها " أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي اجْتَذَبَ عَبْدَاللَّهِ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ أَبِيهِ حِينَ وَضَعَهَا عَلَيْهِ لِيَذْبَحَهُ فَيُقَالَ :" إِنَّهُ شَجَّ وَجْهَهُ شَجَّا لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ ".
(33) رواية ابن كثير في البداية :" أَشَارَتْ قُرَيْشٌ عَلَى عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْحِجَازِ فَإِنَّ بِهَا عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ فَيَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ " وهناك فائدة ننقلها :" ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ إِنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ فَاذْبَحْهُ ، وَإِنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ قَبِلْتَهُ . ".وجاء عند سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" بِالْحِجْرِ " وعند [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(34) وَهِيَ :" سَجَاحُ- فِيمَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ- "
قلتُ الرمادي :" وذكر عنها السهيلي فقال :"اسم العرافة : وأما الكاهنة التي تحاكموا إليها بـ-المدينة- فاسمها :"قُطبة" . ذكرها عبدالغني في كتاب الغوامض والمبهمات . وذكر ابن إسحاق في رواية يونس -كما ذكرت آنفاً- أن اسمها سَجاح ".
(35) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا ، وَهِيَ بِخَيْبَرَ . وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] :" لم يذكر ". [المنتظم في التاريخ؛ لـ ابن الجوزي] موضعها أو مكانها ".
(36) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" عَنْهَا ".
(37) سير أعلام النبلاء؛ لـ الذهبي :" نَعَمْ ". وعند [الكامل في التاريخ؛ ابن الأثير] .
(38) عند الطبري :" في الإبل" . وعند سيرة ابن هشام :" من الإبل " . وهناك زيادةعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] » عَشْرًا ».
(39) موجود عند ابن إسحاق دون ابن كثير. يلاحظ هنا الخلط بين صنم هبل والوقوف عنده وعبدالمطلب يدعو الإله. فعن أي إله تحكي الرواية (!).
(40) أما عند سير أعلام النبلاء؛ فقد اختصر الذهبي هذا فكتب :" فَمَا بَرِحُوا يَزِيدُونَ عَشْرًا وَتَخْرُجُ الْقِدَاحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ حَتَّى بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً ". وعند [الكامل في التاريخ؛ لـ ابن الأثير] ، والرواية عند الطبري :"حتى ضربوا عشر مرات".
(41) فَقَالَتْ : عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ:" لِعَبْدِالْمُطَّلِبِ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ ".
(42) عند ابن كثير في البداية دون تغليظ القسم .
(43) عند سير أعلام النبلاء؛ اختصر الذهبي فقال :" فَضَرَبُوا ثَلَاثًا ، فَخَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ ، فَنُحِرَتْ " .
(44) زيادة من عند ابن كثيرالبداية نذكرها :" وَيُقَالَ:" إِنَّهُ لَمَّا بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً خَرَجَ عَلَى عَبْدِاللَّهِ أَيْضًا فَزَادُوا مِائَةً أُخْرَى حَتَّى بَلَغَتْ :" مِائَتَيْنِ " فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِاللَّهِ فَزَادُوا مِائَةً أُخْرَى فَصَارَتِ الْإِبِلُ " ثَلَاثَمِائَةٍ "، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ فَنَحَرَهَا عِنْدَ ذَلِكَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ. "يعلق ابن كثير على هذه الزيادة بالقول :" وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ " وينهي الرواية بالقول :" ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ "..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
===== مِن إصدارات «استروعرب نيوز» =====
الإصدار الأول: "١٤٣٨ه~٢٠١٦م"
الأربعاء : ۱٨. جمادى الأول ۱٤٣٨هـ ~١٥. فبراير ٢٠۱٧ م
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

أعلى الصفحة
فهرس

تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ

تَزْوِيجُ(1) عَبْدِاللَّهِ بِـ آمِنَةَ
تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ(2) بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بِـ « آمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ " الزُّهْرِيَّةِ " (3) » ؛ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم .

وقفنا عند المحطة الرئيسة الأولىٰ في حياة عبدالله بن عبدالطلب -أبي خاتم الأنبياء وآخر المرسلين : محمد صلى الله عليه وآله وسلم –عندما تحدثتُ عن : «ذكر نذر عبدالمطلب ذبح أحد ولده» . وفي قصة نذر عبدالمطلب تظهر على جزئياتها علامات إختراع الرواية حين تقرأ تعبير « فيما يزعمون » ؛ « فيما يذكرون » ثم « والله أعلم » ، وتجد ذلك أيضاً في قصة تزويج عبدالله بن عبدالمطلب بـ آمنة بنت وهب ، لذا فقدقال د. سهيل الركاز(4) :" أثر الاختراع على هذه القصة شديد الوضوح ، وهي كما يبدو اخترعت من قِبل أكثر من انسان وعبر فترة طويلة ، ويبدو أيضا أن فكرتها مستوحاة من القرآن -الكريم- حيث تم ذكر النبي إبراهيم مع قصة ذبحه ابنه -عليهما السلام- ومسألة الفداء ، ولا شك أن هذه الرواية استهدفت رفع مكانة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم ؛ والعناية الخاصة التي أحيط بها والده (كما سيظهر في رواية المحطة الثانية من حياته) ، ومن الأدلة على اختراعها :
1.] انعدام الأضاحي البشرية في مجتمع مكة لما قبل الاسلام ، ذلك أن القرآن لم يشر لوجود مثل هذه العادة كما لم يشر من جهة ثانية الى حادثة من هذا القبيل وقعت لأبي النبي ، والمشكلة العويصة في هذه الرواية هي :
2.] الشعر ، فهو منظوم ركيك محال ضبطه وبالتالي من العبث شرح كلماته ، وسبق لابن هشام أن واجه هذه المسألة حين أورد هذه القصة فحذف الشعر وقال : " وبين أضعاف هذا الحديث رجز لم يصح عندنا عن أحد من أهل العلم بالشعر".

اقول:" ومازال متعلق بالذهن من هذه الرواية -الخبر- أفكار في بعض المباحث ، سنراجعها ونضعها في موضعها ، مثل : رواية «أنا ابن الذبيحين» (5) .


"المحطة الثانية في حياة عبدالله بن عبد المطلب"

نأتي اليوم على ذكر قصة زواج عبدالله بن عبدالمطلب ؛ وهي لها مقدمة أو تمهيد
فجاء عند الصالحي :" روىٰ البيهقي وأبو نعيم عن ابن شهاب رحمه الله تعالىٰ؛ قال :" كان عبدالله أحسن رجل رئي قط "؛ ثم قال:" خرج يوماً علىٰ نساء قريش فقالت امرأة منهنَّ:" أيتكنَّ تتزوج بهذا الفتىٰ فتصطب النور الذي بين عينيه فإني أرىٰ بين عينيه نورا ؟ " ؛ فتزوجته آمنة بنت وهب. " قال الصالحي :" تصطب: تسكب وتدخل. ".
أو كـ مدخل كما ذكرها:"السهيلي(6) في تفسير السيرة النبوية لابن هشام .

ذَكَرَ تَزْوِيجَ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبْدِالْمُطّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ :
فـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " قَالَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ :" خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ(7) فِي إِحْدَى رِحْلَتَيِ الْإِيلَافِ ، فَنَزَلْتُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ(8) ، فَرَآنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدُّيُورِ(9) ، فَنَسَبَنِي(10) فَانْتَسَبْتُ لَهُ ، فَقَالَ :" أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى بَعْضِكَ ؟ "؛ قُلْتُ : " نَعَمْ ، مَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَةً ".
فَفَتَحَ إِحْدَى مَنْخَرَيَّ فَنَظَرَ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْآخَرِ ، فَقَالَ : " أَشْهَدُ أَنَّ فِي إِحْدَىٰ يَدَيْكَ مُلْكًا ، وَفِي الْأُخْرَىٰ نُبُوَّةً ، وَإِنَّا لَنَجِدُ ذَلِكَ فِي بَنِي زُهْرَةَ ، فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ . قُلْتُ : " لَا أَدْرِي ". قَالَ :" هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ(11) ؟ " ؛ قُلْتُ :" وَمَا الشَّاعَةُ ؟ "؛ قَالَ :" زَوْجَةٌ ". قُلْتُ :" أَمَّا الْيَوْمَ فَلَا ". قَالَ :" فَإِذَا رَجَعْتَ فَتَزَوَّجْ فِي بَنِي زُهْرَةَ. "(12) "
يكمل الطبراني روايته فيقول :" فَرَجَعَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ ، فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَوَلَدَتْ لَهُ حَمْزَةَ وَصَفِيَّةَ ، وَزَوَّجَ عَبْدَاللَّهِ ابْنَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ :" نَتَجَ(13) عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَلَى ابْنِهِ ، فَوَلَدَتْ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْهُمَا ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
وعند الصالحي ايضاً :" روىٰ الزبير بن بكار عن أن سودة بنت زهرة بن كلاب الكاهنة قالت يوما لبني زهرة :" إن فيكم نذيرة أو تلد نذيرا فاعرضوا علي بناتكم. فعرضنَّ عليها فقالت في كل واحدة منهنَّ قولا ظهر بعد حين ، حتىٰ عرضت عليها آمنة بنت وهب فقالت هذه: النذيرة أو تلد نذيرا له شأن وبرهان منير. ولما سئلت عن جهنم قالت: سيخبركم عنها النذير " .

قصة الزواج :
" نقسم القصة إلىٰ مشاهد أو مقاطع ؛ فيروي لنا ابن هشام :في السيرة ؛ وكما جاء عند الطبري :"

1.] المشهد الأول:
" ذِكْرُ الْمَرْأَةِ الْمُتَعَرِّضَةِ لِنِكَاحِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ". و " رَفْضُ عَبْدِاللَّهِ طَلَبَ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ " .

جاء عند ابن الأثير في تاريخه الكامل:" وَأَمَّا تَزْوِيجُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بِآمِنَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ ".
يعلق الزرقاني هنا على متن القسطلاني بالقول :" أي: فرغ "عبدالله مع أبيه من نحر الإبل " .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِاللَّهِ ، فَمَرَّ بِهِ -فِيمَا يَزْعُمُونَ -(14) عَلَى امْرَأَةٍ(15) مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ : وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى ، وَهِيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ؛ فَقَالَتْ لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إلَى وَجْهِهِ(16) : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَاللَّهِ ؟ ، قَالَ : مَعَ أَبِي ، قَالَتْ : لَكَ(17) مِثْلُ الْإِبِلِ الَّتِي(18) نُحِرَتْ عَنْكَ ، وَقَعْ(19) عَلَيَّ الْآنَ ، قَالَ : أَنَا مَعَ أَبِي ، وَلَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ ، وَلَا فِرَاقَهُ(20) " .

2.] لمشهد الثاني :
يُكمل ابن هشام في السيرة وابن الأثير في الكامل في التاريخ والطبري : والقسطلاني قصة عبدالله يتزوج آمنة بنت وهب :
" فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ(21) " وَهُوَ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ(22). فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ(23) ، وَهِيَ لِـ بَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِالدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَبَرَّةُ لِـ أُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَأُمُّ حَبِيبٍ(24) لِـ بَرَّةَ بِنْتِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ(25) بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ (26).

3.] المشهد الثالث :
" فزعموا(14) أنه - عَبْدُاللَّهِ - دخل عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهَا(27) ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا(28) فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ-(29) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا(30) ؛ حَتَّى أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَيْهِ(31) نَفْسَهَا بِالْأَمْسِ فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ لَا تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ مَا كُنْتِ عَرَضْتِ بِالْأَمْسِ ؟ فَقَالَتْ(32) : فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ مَعَكَ بِالْأَمْسِ ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ حَاجَةٌ(33) .
وَقَدْ كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ(34) أَنَّهُ كَائِنٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ(35) .

4.] المقطع/المشهد الرابع :
وَقِيلَ(36) : إِنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ خَرَجَ بِابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ(37) مُتَهَوِّدَةٍ(38) مِنْ أَهْلِ تَبَالَةَ، فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ نُورًا(39) وَقَالَتْ لَهُ : يَا فَتَى هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ؟ فَقَالَ لَهَا :
أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ(40)
وَالْحِلُّ لَا حِلَّ فَأَسْتَبِينَهْ(41)
فَكَيْفَ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَبْغِينَهْ(42)

ثُمَّ قَالَ لَهَا : أَنَا مَعَ أَبِي وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أُفَارِقَهُ . فَمَضَى(43) فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ. فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَمَرَّ بِالْخَثْعَمِيَّةِ فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ(44) ، فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَكِ فِيمَا كُنْتِ أَرَدْتِ ؟ فَقَالَتْ : يَا فَتَى(45) مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ فِي وَجْهِكَ نُورًا(46) يَكُونُ لِي(47) ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ حَيْثُ أَرَادَ ، فَمَا صَنَعْتَ بَعْدِي ؟ قَالَ : زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ(48) قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ ؛ وهي (الخثعمية الكاهنة)(49)
إِنِّي رَأَيْتُ مَخِيلَةً لَمَعَتْ (نشأت) فَتَلَأْلَأَتْ بِحَنَاتِمِ الْقَطْرِ
فَلَمَأَتْهَا (فسماتها) نُورًا يُضِيءُ لَهُ (به) مَا حَوْلَهُ كَإِضَاءَةِ الْبَدْرِ(الفجر)
(ورأيت سقياها حيا بلد ... وقعت به وعمارة القفر)
فَرَجَوْتُهُ فَخْرًا أَبُوءُ بِهِ (ورأيتها شرفًا ينوء به) مَا كُلُّ قَادِحِ زَنْدِهِ يُورِي
لِلَّهِ مَا زُهْرِيَّةٍ سَلَبَتْ(منك الذي) ثَوْبَيْكَ مَا اسْتَلَبَتْ وَمَا تَدْرِي
وَقَالَتْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ :
بَنِي هَاشِمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أَخِيكُمُ أَمِينَةٌ إِذْ لِلْبَاهِ تَعْتَرِكَانِ
كَمَا غَادَرَ الْمِصْبَاحُ عِنْدَ خُمُودِهِ فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَانِ
فَمَا كُلُّ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ تِلَادِهِ لِعَزْمٍ وَلَا مَا فَاتَهُ لِتَوَانِ
فَأَجْمِلْ إِذَا طَالَبْتَ أَمْرًا فَإِنَّهُ سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَعْتَلِجَانِ
سَيَكْفِيكَهُ إِمَّا يَدٌ مُقْفَعَلَّةٌ وَإِمَّا يَدٌ مَبْسُوطَةٌ بِبَنَانِ
وَلَمَّا حَوَتْ مِنْهُ أَمِينَةُ مَا حَوَتْ حَوَتْ مِنْهُ فَخْرًا مَا لِذَلِكَ ثَانِ
وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي اجْتَازَ بِهَا غَيْرُ هَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ(50).

5.] المشهد الخامس :
ذكر الطبري :" حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ يسار ، أنه حُدِّث أن عبدالله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وَهْب بن عبدمناف بن زُهرة، وقد عمل في طين له ، وبه آثارٌ من الطين ، فدعاها إلى نفسه ، فأبطأَت عليه لما رأت به من آثر الطين ، فخرج من عندها، فَتَوَضَّأَ وغَسَلَ عنه ما كان به من ذلك الطين ، ثم خَرَجَ وعمد(51) إلى آمنة فدخل عليها فأَصابها ، فحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم مَرَّ بامرأته تلك ، فقال : هل لك؟ ، فقالت: لا ، مَرَرتَ بي وبين عينيك غُرَّةٌ (بيضاء) ، فدعوتني(52) فأبيت، ودخلت على آمنة فذهبت بها .
قال ابن إسحاق:" -فزعموا-(14) أن امرأته تلك كانت تحدِّثُ أنه مَرَّ بها وبين عينيه مثل غُرَّة الفرس، قالت: فدعوته رَجَاءَ أن يكون تلك بي، فأَبى عليَّ ، ودخل على آمنة بنت وَهب فأَصابها ، فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم "(53).

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
ثم نأتي للمحطة الثالثة والأخيرة في حياة عبدالله بن عبدالمطلب..
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)
23. 02 . 2017
ـــــــــــــــــــــــــ
الحاشية والمراجع والمصادر :
(1) بعد إنتهاء عبدالمطلب من نحر الإبل ، تبدء قصة زواج ابنه عبدالله : انظر عند أبي محمد عبدالملك بن هشام ؛ السيرة النبوية ؛ جزء 1 ؛ صفحة 172 ، وبوَّب مَن راجع أصولها وعلق على حواشيها قصة الزواج في سيرة ابن هشام فبدء بـ « امرأة من العرب عرضت نفسها على عبدالله». وعند أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في موسوعته "تاريخ الرسل والملوك" جزء 2 صفحة 243 ؛ وعند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
ثم قلتُ الرمادي :" بيد أن الإمام الزرقاني -في شرحه على متن القسطلاني- ينبه إلى أمر آخر حين يستعرض كافة الروايات في سبب تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله بآمنه فيقول :" ما أفاده ظاهر المصنف من أن تزوجه بآمنة عقب انصرافه من نحر الإبل هو مفاد ابن إسحاق . وفي تهذيب ابن هشام واليعمري في العيون هنا. لكن روى ابن سعد وابن البرقي والطبراني والحاكم عن ابن عباس عن أبيه : أن عبدالمطلب لما سافر إلى اليمن في رحلة الشتاء ، نزل على حبر من اليهود يقرأ الزبور " انظر الفقرة رقم (9) اسفل... قلتُ :" فهذان حدثان مختلفان ؛ يصعب التوفيق بينهما !؟" .
(2) كان عبدالله والد النبى صلى صلى الله عليه وآله وسلم انهد فتى في قريش ؛ وأصبحهم خلقا ؛ وأحسنهم أخلاقا ، وكان نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيّنا في وجهه ؛ فلما خرج منه فقد ذلك النور وانتقل الى وجه آمنة . [انظر : يحيى بن أبى بكر بن محمد بن يحيى العامري الحرضي ، في :" بهجة المحافل ؛ وبغية الأماثل ؛ في تلخيص المعجزات والسير والشمائل ".
(3) ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ السيرة النبوية.
(4) قال بهذا القول سهيل ركاز وآخرين .
(5) « أنا ابن الذبيحين » : أخرجه الحاكم في المستدرك ؛ وابن مردويه ؛ والثعلبي في تفسيريهما عن الصنابحي عن معاوية رضي الله عنه .
قلتُ الرمادي:" قال فريق من العلماء بأدلتهم " (يعني أباه واسماعيل) " وسنبحث المسألة حين الإستشهاد به ونخرجها في موضعها إن شاء الله تعالى .
(6) عند السهيلي (مجلد1 /178) :" تَزْوِيجُ عَبْدِ اللهِ ".
(7) رواية الصالحي فِي : " سَبَبِ تَزْوِيجِ عَبْدِاللهِ آمِنَةَ :" " أَنّ عَبْدَالْمُطّلِبِ كَانَ يَأْتِي الْيَمَنَ ". وجاء عند ابن كثير في البداية :" عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: إِن عبدالمطلب قَدِمَ الْيَمَنَ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ، فَنَزَلَ عَلَى حَبْرٍ مِنَ الْيَهُودِ." ).
(8) جاء رواية تقول :" وَكَانَ يَنْزِلُ فِيهَا عَلَى عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ فَنَزَلَ عِنْدَهُ مَرّةً ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ مِمّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ ".
(9) الزرقاني قال :" نزل على حبر من اليهود يقرأ الزبور ، أما ابن كثير فوضح اللفظة بقوله :" فَقَالَ لِي رَجُلٌ من أهل الديور - يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ -".
(10 ) عند الصالحي:" فقال لي رجل من أهل الزبور -يعني الكتاب -". " ممن الرجل ؟ " قلت " من قريش ". قال " من أيهم ؟ " ؛ قلت: " من بني هاشم " ؛ قال: " أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك ؟ " . نهاية الصالحي .
(11) عند الصالحي :" الشاعة : بشين معجمة وعين مهملة: الزوجة سميت بذلك لمتابعتها الزوج وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره. ".
(12) جاء في سبب تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله امرأة من بني زهرة . ذكرها الصالحي في سبل الرشاد . وهذه الرواية ذكرت عند :" أبي القاسم سليمان بن أحمد المعروف بـ الطبراني ؛ في المعجم الكبير " حديث رقم 1917 . بسنده ؛ وقال :" حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْدَانَ الْحَنَفِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَارِبِيُّ الْوَاسِطِيُّ ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ ، ثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مَوْلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، فـ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... " ثم ذكر الرواية .
أثبتُ في بحثي هذا ما ذكره الصالحي في سبل الرشاد إذ يفيد كثيراً فبعد أن قال لعبدالمطلب :" " أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك ؟ "؛ " فَقَالَ لَهُ « ائْذَنْ لِي أَقِسْ مَنْخِرَك » ، فَقَالَ « عبدالمطلب »:" دُونَك فَانْظُرْ " .
قلتُ الرمادي : في رواية الصالحي توجد إضافة هامة :" فَقَالَ: أَرَى نُبُوّةً وَمُلْكًا ، ثم يكمل فيقول:" وَأَرَاهُمَا فِي « الْمَنَافَيْنِ » : « عَبْدِمَنَافِ بْنِ قُصَيّ، وَ « عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ »".
وأذكر هنا فائدة : أن الإمام الزرقاني في شرحه على ما كتبه القسطلاني يعلق على هذه الرواية فقال :" شيئان:
أحدهما ظاهره قوله : نجد ذلك في بني زهرة ، ورجوع اسم الإشارة للملك والنبوة مع أن الملك إنما كان في بني العباس وأمه ليست بزهرية ، بل من بني عمرو بن عامر ؛ فيتعين عود الإشارة إلى النبوة فقط.
الثاني : قوله : أما اليوم فلا ، مع ما ذكره اليعمري وغيره أن ضرارًا كان شقيق العباس . المفيد وجود أمه قبل قصة الذبح ، فيمكن أن قوله : أما اليوم ، أي : هذا الزمن فلا زوج معي بهذه الأرض ، فلا ينافي أن له زوجة بغيرها ، ثم لا ينافي هذا مفاد المصنف والجماعة لجواز أنه لما رجع من اليمن رأى الرؤيا ووقعت قصة الذبيح ، فلما انصرف منها تزوج وزوج ابنه، والعلم عند الله." انتهى النقل كما خطّه الإمام الزرقاني "
قلتُ الرمادي :"هذه الرواية ذكرها :" الْبَرْقِيّ " ؛ وكما جاء عند الصالحي في سبل الرشاد :" روى ابن سعد وابن البرقي والطبراني والحاكم ؛ وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ : عن العباس بن عبدالمطلب عن أبيه " وذُكرت عند الصالحي بألفاظ مختلفة قليلاً ؛ ولكنها تؤدي نفس المعنى المقصود .
(13) عند ابن كثير :" فَلَجَ، أَيْ فَازَ وَغَلَبَ " ؛ وعند الزرقاني والصالحي :" فقالت قريش: فَلَجَ عبدالله على أبيه ، وهو بفتح الفاء واللام والجيم، أي: ظفر بما طلب،". قلتُ الرمادي :" المعنى قريب" .
(14) احتاط ابن إسحاق ؛ ونقل عنه ابن هشام ؛ وذكر ذلك السهيلي في تفسيره للسيرة ؛ وتجدها عند الطبري. وهي تفيد الشك أو الاحتياط في الرواية . وابن كثير في البداية والنهاية ؛ السيرة النبوية في رواية القصة : فوضع ما يفيد تسرب الشك في الخبر ، فقالوا جميعاً :" ( فِيمَا يَزْعُمُونَ ).
(15) عند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ :" فَمَرَّ عَلَى أُمِّ قِتَالِ ابْنَةِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ ؛ أُخْتِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَهِيَ عِنْدَ الْبَيْتِ " . وعند نهاية ذكر اسمها ونسبها ذكر الطبري اسمها فقال :" يقال لها : أم قتال بنت نوفل بن أسد بن عبدالعزى ، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد ، وهي عند الكعبة " . يوضح السهيلي مسألة هذه المرأة بالقول ؛ فعنون لها :[ اسم هذه المرأة ] ثم قال في ترجمتها :" وَاسْمُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ رُقَيّةُ " ؛ و فِي "الْبِدَايَة" لابن كثير( 2/262) :" أَن اسْمهَا: رقيقَة، وَقد روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُونُس بن بكير عَن ابْن اسحاق ؛ وهي بِنْتُ نَوْفَلِ ؛ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ؛ وتُكَنّى: أُمّ قَتّالٍ ؛ وَبِهَذِهِ الْكُنْيَةِ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ ، وَذَكَرَ الْبَرْقِيّ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيّ ، قَالَ :" إنّمَا مَرّ عَلَى امْرَأَةٍ اسْمُهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرّ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النّسَاءِ وَأَعَفّهِنّ ، وَكَانَتْ قَرَأَتْ الْكُتُبَ ، فَرَأَتْ نُورَ النّبُوّةِ فِي وَجْهِهِ فَدَعَتْهُ إلَى نِكَاحِهَا، فَأَبَى، فَلَمّا أَبَى قَالَتْ: شعراً ". أما وَفِي غَرِيبِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: أَنّ الّتِي عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ هِيَ لَيْلَى الْعَدَوِيّةُ. " فأثبت الزرقاني حين شرح متن القسطلاني ما جاء في غريب أبن قتيبة ؛ ثم قال ( و:"ذكره في الروض." ؛ قصد السهيلي) ؛ ثم الزرقاني كتب يقول عن المرأة :" انصرف عبدالله مع أبيه من نحر الإبل ، مر على امرأة من بني أسد بن عبدالعزى ، وهي عند الكعبة ، واسمها " قُتَيلة" -بضم القاف وفتح المثناة الفوقية- فتحتية ساكنة فلام فهاء تأنيث . ويقال" اسمها " " رقيقة بنت نوفل". والزرقاني :" صدر به السهيلي، قال: وهي أخت ورقة بنت نوفل وتكنى أم قتال ، وبهذه الكنية ذكرها ابن إسحاق في رواية يونس . كما ذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء . قال في العيون : وكانت تسمع من أخيها أنه كائن في هذه الأمة نبي " .
قلتُ :" بعد ذكر أقوال السادة العلماء نرى أنها ليست امرأة واحدة بل تعددت ؛ فهل هنَّ نساء كثر !!؟ فالله أعلم.
(16) قال الزرقاني على حاشية القسطلاني :" وفيه نور المصطفى ، وظنتْ أن النبي الكائن في هذه الأمة منه " وكان أحسن رجل رِئي" بكسر الراء ؛ ثم همزة مفتوحة ، ويجوز ضم الراء وكسر الهمزة ثم ياء، أي : شوهد "في قريش " .
(17) عند الطبري و ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ :" عِنْدِي " .
(18) عند ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ:" قَالَتْ : لَكَ عِنْدِي مِثْلَ الَّذِي نَحَرَ عَنْكَ أَبُوكَ مِنَ الْإِبِلِ وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ . " .
(19) قال الزرقاني في حاشيته على القسطلاني :" أي : جامعني، ولعله كان من شرعهم أن المرأة تزوج نفسها بلا ولي وشهود ؛ لأنها لم تكن زانية ولا مريدة له بل كانت عفيفة. قالت ذلك "لما رأت في وجهه من نور النبوة ورجت أن تحمل بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم" فأبى الله أن يجعله إلا حيث شاء ". وقول الزرقاني يخالف ما ذهب إليه محقق السيرة لابن هشام وستراه قريباً.
(20) قال الزرقاني معلقاً :" ولو لم أكن معه لوقعت عليك لوجه جائز كتزوجي بك أو مراده دفع كلامها ، وإن لم يرد البغي بها ولا هم بها فلا يفهم أن المانع له مجرد كونه مع أبيه " .
(21) الزرقاني في شرحه متن القسطلاني قال :" زعم ابن قتيبة والجوهري أنها أمه وأبوه كلاب . قال السهيلي : وهذا منكر غير معروف ، وفي الفتح :" المشهور عند جميع أهل النسب أن زُهرة اسم الرجل ، وشذ ابن قتيبة فزعم أنه اسم امرأته وأن ولدها غلب عليهم النسبة إليها ، وهو مردود بقول إمام أهل النسب هشام الكلبي اسم زٌهرة:" المغيرة،"
(22) عند ابن هشام والطبري وابن كثير :" - وهب يومئذ سيد بني زهرة سناً وشرفاً-". قال الزرقاني :"وهو يومئذ سيد بني زُهرة نسبًا وشرفًا ، فزوجه ابنته آمنة " . قاله ابن عبدالبر وجماعة منهم عبدالملك بن هشام عن البكائي عن ابن إسحاق ، وقيل : كانت في حجر عمها وهيب وهو المزوج لها . قاله ابن إسحاق في رواية واقتصر عليه اليعمري " .
(23) عند الطبري ؛ وابن كثير :" وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا." وعند القسطلاني :" وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا " . قال الزرقاني :" وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبًا" من جهة الأب ، "وموضعًا" من جهة الأم ، فأمها بنت عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار بن قصي وأم أمها أم حبيب بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي ؛ كما فصله ابن إسحاق ، فليس قوله: "وموضعًا" عطف تفسير، كما زعم." .
(24) عند الطبري :" بنت أسد ".
(25) عند الطبري :".. بن عويج .." .
(26) عند الطبري :"بن لؤي" .
(27) عند الطبري :"مكانه" .
(28) القسطلاني قال حين زاد " الزبير بن بكار " :" يوم الاثنين من أيام منى ، في شعب أبي طالب عند الجمرة ، والزرقاني في شرحه على القسطلاني حددها فقال :" اي الوسطى" ؛ كما هو المنقول عن الزبير ، قال النجم : وهذا موافق لمن ذهب إلى أن ميلاده في رمضان ، وأما القول بأنه في رجب ، فمنطبق على أن ميلاده في ربيع،" . وقيل :الزرقاني" من شهر رجب " .
قلتُ الرمادي :" هذه الجزئية من البحث سنحتاج إليها عند تحديد يوم وشهر الميلاد "
(29) الزرقاني قال في الحاشية على القسطلاني :" وزعم الحاكم أبو أحمد أن سن عبدالله حينئذ كان ثلاثين سنة ، ويأتي أن الصحيح خلافه ، وقد جزم السهيلي بما لفظه : وكان بينه صلى الله عليه وسلم وبين أبيه ثمانية عشر عامًا. ا. هـ. " .
(30) الزرقاني في حاشية القسطلاني :" بعدما أقام عندها ثلاثًا ، وكانت تلك السُنة عندهم إذا دخل الرجل على امرأته في أهلها ، نقله اليعمري عن محمد بن السائب الكلبي "
(31) عند الطبري : دون تصريح :" حتى أتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت " عند الزرقاني :" فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت " ، قال في النور : تقدم الكلام على هذه المرأة. ا. هـ. فهو صريح في أنها المختلف فيها الاختلاف السابق. "فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم ما عرضت علي بالإمس؟ ، قالت : فارقك النور الذي كان معك بالأمس ، فليس لي بك " بوقاعك " اليوم حاجة " لأنني " إنما أردت أن يكون النور فيّ " بشد الياء " فأبى الله إلا أن يجعله حيث شاء " . وقد روي عن العباس : أنه لما بنى عبدالله بآمنة أحصوا مائتي امرأة من بني مخزوم وبني عبدمناف مِتْنَّ ولم يتزوجنَّ أسفًا على ما فاتهنَّ من عبدالله ، وأنه لم تبق امرأة في قريش إلا مرضت ليلة دخل عبدالله بآمنة." انتهى النقل من عند الزرقاني .
(32) "له" من عند الطبري .
(33) يكمل القسطلاني معنى الكلام فيقول :" إنما أردت أن يكون النور فيّ فأبى الله ، إلا أن يجعله حيث شاء. " . محقق السيرة النبوية لابن كثير : مصطفى عبدالواحد ذهب إلى أن :" الْوَاضِح من الرِّوَايَة أَنَّهَا طلبت من عبدالله الْفَاحِشَة فَأبى ، وفى الْيَوْم التالى عرض هُوَ عَلَيْهَا فَأَبت ، وعللت إباءها بِأَن النُّور الذى كَانَ فِي وَجهه قد زَالَ ، وفى هَذَا اتهام لعبدالله ، وفلسفة للفاحشة بِأَنَّهَا كَانَت رَغْبَة فِي النُّور..! وَلَيْسَ نور النُّبُوَّة إِفْرَاز عُضْو وَلَا إشراقة وَجه ، وَالرِّوَايَة ظَاهِرَة الاختلاق ، وهى ذمّ فِي صُورَة مدح! ... هَذَا وَقد جَاءَ بعد أَنَّهَا طلبت مِنْهُ الزواج." نقلاً من عند ابن كثير البداية السيرة.
(34) عند الطبري وأيضا عند ابن كثير السيرة :" وكان قد تنصر واتبع الكتب ، حتى أدرك ، فكان فيما طلب من ذلك أنه كائن .." . أما ابن كثير فينقل لنا شعر أخت ورقة بن نوفل ؛ فيقول :" وَمِمَّا قَالَت أم قِتال بِنْتُ نَوْفَلٍ مِنَ الشِّعْرِ ، تَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَهَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي رَامَتْهُ ، وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
عَلَيْكَ بَآلِ زُهْرَةَ حَيْثُ كَانُوا * وَآمِنَةَ الَّتِي حَمَلَتْ غُلَامَا
تَرَى الْمَهْدِيَّ حِينَ نَزَا عَلَيْهَا * وَنُورًا قد تقدمه أماما
نقلا من عند ابن كثير السيرة . ثم يقول ابن كثير : " [إِلَى أَنْ قَالَتْ] :
فَكُلُّ الْخَلْقِ يَرْجُوهُ جَمِيعًا * يَسُودُ النَّاسَ مُهْتَدِيًا إِمَامَا
بَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نور صفاه * فَأَذْهَبَ نُورُهُ عَنَّا الظَّلَامَا
وَذَلِكَ صُنْعُ رَبِّكَ إِذْ حَبَاهُ * إِذَا مَا سَارَ يَوْمًا أَوْ أَقَامَا
فَيَهْدِي أَهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ كُفْرٍ * وَيَفْرِضُ بعد ذَلِكُم الصياما
نقلا من سيرة ابن كثير . بيد أن محقق السيرة لابن كثير يقول تعليقاً :" هَذَا أَيْضا ظَاهر الاختلاق ، وَعَلِيهِ ركاكة الصنع وتفاهة الْوَضع ، وَلَا أدرى لم خصَّ الصّيام من بَين شَعَائِر الاسلام! !." .
(35) هنا تنتهي رواية ابن الأثير . كما ذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء ، يكمل ابن كثير القصة بالقول :" فَطَمِعَتْ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَشْرَفِ عُنْصُرٍ وَأَكْرَمِ مَحْتَدٍ وَأَطْيَبِ أَصْلٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسَالَته ".
(36) عند الطبري ذكر الإسناد فتقرأ :" حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا خَرَجَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ بِعَبْدِاللَّهِ لِيُزَوِّجَهُ " ؛ يكمل ابن كثير فيذكر في السيرة :" وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ الْخَرَائِطِيُّ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " . وقال القسطلاني :" وعند أبي نعيم والخرائطي وابن عساكر من طريق عطاء ، يذكر الزرقاني ترجمة فيقول :" عطاء" ابن أبي رباح أسلم الجمحي مولاهم المكي أبي محمد التابعي الوسط الحافظ الثقة العالم الفقيه إليه انتهت فتوى أهل مكة ؛ وكان أسود أفطس أشل أعرج أعور ، ثم عمي وشرفه الله بالفقه وكثرة الحديث وإدراك مائتين من الصحابة ، قدم ابن عمر مكة فسألوه ، فقال: تسألوني وفيكم ابن أبي رباح ، مات سنة إحدى أو خمس أو سبع ومائة.".، يقول الزرقاني:" عن ابن عباس : لما خرج عبدالمطلب" من مكة بعد نحر الإبل على ظاهر سياق المصنف -القسطلاني- ، "بابنه عبدالله ليزوجه مر به على كاهنة من تَبالة " بفتح الفوقية فموحدة خفيفة وألف فلام مفتوحة فتاء تأنيث : موضع باليمن ؛ وآخر بالطائف ، فيحتمل إرادته هذه وإرادة تلك ، قاله البرهان وتبعه الشامي في الضبط ، وجزم بأنه موضع باليمن . وضبط بعضهم تُبالة بضم التاء ، فهذا :" سبق قلم. " . وأيضاً عند : ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
(37) ذكر ابن كثير في السيرة ؛ والذهبي في سير أعلام النبلاء هذه القصة ؛ ثم يقول الزرقاني:" زاد البرقي عن هشام الكلبي : وكانت من أجمل النساء وأعفهن ، " الخثعمية " بفتح المعجمة وسكون المثلثة فعين مهملة نسبة إلى خثعم ؛ كـ جعفر جبل وابن أنمار أبو قبيلة من معد ، ذكره المجد . وظاهره : أن هذه الأوصاف وهي أنها من تبالة ومتهودة وخثعمية لامرأة واحدة ، ووقع في سيرة مغلطاي اسمها قتيلة، وقيل: رقيقة، ويقال: فاطمة بنت مر ، ويقال : ليلى العدوية ، ويقال: امرأة من تبالة، ويقال: من خثعم، ويقال: كانت يهودية". قلتُ لقد اثبتنا ذلك من قبل .
(38) قال الطبري و القسطلاني :" قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ ". وعند الزرقاني على القسطلاني :" متمسكة بدين اليهود ".
(39) يقول القسطلاني:"فرأت نور النبوة في وجه عبدالله".
(40) وعند الزرقاني على القسطلاني :"وقيل : أجابها " (الحديث هنا عن أخت القِس ورقة بن نوفل )" بقوله : أما الحرام فالممات" وأنشده السهيلي بلفظ فالحمام "دونه" ومعرفته كالحلال مما بقي عندهم من شرائع إبراهيم ؛ كغسل الجنابة والحج ، فلا يرد أنهم كانوا في جاهلية لا يعرفون حلالا ولا حرامًا . "
(41) وعند الزرقاني على القسطلاني :" والحل لا حل" موجود لعدم تزوجي بك " فأستبينه" بالنصب في جواب النفي ، أي: أطلب ظهوره وأعمل بمقتضاه ". من عند القسطلاني :" فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه" : الزرقاني على قول عبدالله كما اثبته القسطلاني :" فكيف بالأمر الذي تبغينه" أي: تطلبينه لا يكون ذلك ، فاستعمل كيف بمعنى النفي وهو أحد مواقعها ، "يحمي الكريم عرضه" هي أموره كلها التي يحمد بها ويذم من نفسه وأسلافه وكل ما لحقه نقص يعيبه خلافًا لابن قتيبة في قوله : عرض الإنسان هو نفسه لا أسلافه ؛ لأن حسان ذكر عرض وأسلافه بالعطف في قوله:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
"ودينه" يصونهما فلا يفعل شيئًا يدنسهما .
(42) عند القسطلاني :" وقيل: أجابها وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى " ، بقوله: هذا الشعر". أقول :"فهل تداخلت الروايات !!؟.
(43) عند الطبري :" .. به .. ". روى هذه القصة ابن كثير في البداية السيرة .
(44) عند ابن كثير السيرة :" ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْكَاهِنَةُ فَأَتَاهَا فَقَالَتْ: مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ فَأَخْبَرَهَا."
(45) عند الطبري :".. إِنِّي وَاللَّهِ مَا أنا .." .
(46) عند الطبري :" فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِي ".
(47) ابن كثير :" فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ، " .
(48) عند الطبري :" ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلاثًا،
(49) قال الزرقاني :" كانت يهودية، "فرأت نور النبوة في وجه عبدالله ، فقالت له وذكر نحوه" نحو ما تقدم من دعائه إلى نكاحها وإبائه ، زاد البرقي عن هشام الكلبي : فلما أبى ، قالت:
إني رأيت مخيلة نشأت ... فتلألأت بجناثم القطر
فسماتها نور يضيء به ... ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيت سقياها حيا بلد ... وقعت به وعمارة القفر
ورأيتها شرفًا ينوء به ... ما كل قادح زنده يوري
لله ما زهرية سلبت ... منك الذي استلبت وما تدري"
(50) راجع ما عند الذهبي في سير أعلام النبلاء ؛ و ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
(51) زيادة عند ابن هشام :" ثم خرج عامداً إلى آمنة ؛ فمر بها ؛ فدعته إلى نفسها ؛ فأبى عليها وعمد... "
(52) عند ابن هشام تعبير آخر نثبته :" فَدَعَوْتُكَ فأَبيت عليَّ ؛ ودخلت على آمنةَ فَذَهَبَتْ بها ".
(53) ذكر هذه الرواية ابن هشام : 1 / 173-174 ؛ والطبري في الجزء 2 ؛ صفحة 244.

أعلى الصفحة
فهرس

« مَوْتُ » عَبْدِاللَّهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في ذكر وفاة عبدالله بن عبدالمطلب(1)

ولد عبدالله لأربع وعشرين سنة مضت من ملك كسرىٰ أنو شروان - [ 81 ق.هـ الموافق 544م ]- ، ثم تزوج آمنة ، فلما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم توفي – [53 ق.هـ الموافق 571م] -. (1)
اثبت ابن هشام في موسوعته «السيرة النبوية » فكتب يقول بعد أن حملت آمنة بنت وهب الزُهرية برسول الله محمد بن عبدالله فتحدث عن « مَوْتُ »(2) عَبْدِاللَّهِ فقال :" ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ(3) عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ، أَبُو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ هَلَكَ ، وَأُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ - آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ - حَامِلٌ بِهِ (4)
قال الصالحي الشامي في :" سبل الهدى والرشاد - ج ١ / الصفحة ٣٣٢ ؛ بعد أن أورد رواية ابن إسحاق:" هذا ما جزم به ابن إسحاق ، ورجحه الواقدي ؛ وابن سعد ؛ والبلاذري ، وصححه الذهبي . وقال ابن كثير :" إنه المشهور " . وقال ابن الجوزي :" إنه الذي عليه معظم أهل السير " ، ورواه الحاكم وصححه ، وأقره الذهبي عن قيس بن مخرمة رضي الله تعالى عنه.
ثم يأتي القسطلاني يلتقط خيط سرد القصة من ابن إسحاق فيقول :" ولما تم لها من حملها شهران ؛ توفي عبدالله " . (5)
**
تحقيق مسألة « مَوْتِ » عَبْدِاللَّهِ :
[ ١. ] أحداث ما قبل موت عبدالله :
[ ١. ١. ] جاء في تاريخ الطبري ؛ المسمىٰ : تاريخ الرسل والملوك :" قَالَ الْحَارِثُ : قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : قَالَ الْوَاقِدِيُّ : والثبت عندنا - ليس بين أصحابنا فيه اختلاف - أن عبدالله بن عبدالمطلب أقبل من الشأم في عِير لقريش ، فنزل بالمدينة [يثرب] وهو مريض ، فأقام بها حتىٰ تُوُفِّي (6)
يؤكد ابن كثير رواية الطبري هذه ثم يسرد ما توصل إليه في مسألة موت عبدالله بن عبدالمطلب ؛ فيقول :" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ - هُوَ الْوَاقِدِيُّ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ اليزيدى ، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ(7) بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة، قَالَ: خَرَجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ إِلَى الشَّام إِلَى غَزَّة (8) فِي عِير من عيران قُرَيْش يحملونه تِجَارَات، ففرغوا من تجاراتهم، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَمَرُّوا بِالْمَدِينَةِ، وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ، فَقَالَ أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ، فَسَأَلَهُمْ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ، فَقَالُوا: خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِثَ، فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ ". (9)
[ ٢. ] موضع دفن عبدالله بن عبدالمطلب :
[ ٢. ١. ] الموضع الأول :
جاء عند ابن كثير في البداية:" قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ ، عَنْ عَبْدِالسَّلَامِ ، عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذَ ، قَالَ : تُوُفِّيَ عَبْدُاللَّهِ بِالْمَدِينَةِ . وعند محب الدين الطبري:" وَمَات أَبوهُ -عبدالله- بِيَثْرِب ." (10)
وهذا ما ذهب إليه الصلابي فيقول :" (:"ولم يلبث أبوه أن توفي بعد أن حملت به آمنة، ودُفن بالمدينة عند أخواله بني (عدي بن النجار) ؛ فإنه كان قد ذهب بتجارة إلى الشام فأدركته منيته بالمدينة وهو راجع،" (11)
[ ٢. ٢. ] الموضع الثاني :
وَقيل بالأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة . تجده عند أحمد بن عبدالله بن محمد ، محب الدين الطبري في خلاصة سير سيد البشر.؛ الجزء الأول ؛ صفحة: 32 . وذكره القسطلاني .
وقال ابن جماعة في مختصر السيرة :" وتوفيّ عبدُالله والدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار النابغة بالمدينة عند أخوالِه بني عَديّ بن النَجَّار " . ويعلق ابن جماعة بالقول :" هذا هو المشهور " ثم يقول :" وأغربَ عبدالغني فحكى قولا أنه توفي بالأبواء بين مكة والمدينة ".
ودفن في دار النابغة (12) - وقيل التابعة (ذكره القسطلاني) - في الدّار الصغرىٰ إذا دخلت الدار عن يسارك، ليس بين أصحابنا في هذا اختلاف(6) ابن كثير يؤكد رواية الطبري هذه بالقول :" وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ فَرَجَعَ " الْحَارِثَ ابن عَبْدُالْمُطَّلِبِ " إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ. فَوَجَدَ [أي : حزن] عَلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَجْدًا شَدِيدًا. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ، (9) .

[ ٣. ] عمر عبدالله بن عبدالمطلب وقت وفاته:
[ ٣ . ١. ] يقول ابن كثير :" وَلِعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَ تُوُفِّيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً (13) . وهذا القول الأول . أما
[ ٣. ٢. ] القول الثاني في عمر عبدالله حين مات فيقول الزرقاني :" عن ثلاثين سنة ، ويحدد الزرقاني القائل بأن قاله أبو أحمد الحاكم ، أو
[ ٣. ٣. ] القول الثالث :" يقول الزرقاني :" عن ثمان وعشرين " ، أو
[ ٣. ٤. ] القول الرابع :" يقول الزرقاني :" عن ثمان عشرة سنة ، ثم يعلق بالقول :" وهو الذي صححه الحافظ العلائي ، والحافظ ابن حجر ، واختاره السيوطي . (14)
والغالب على الظن أن موته كان في السنة 53 ق. ه الموافق 571م .
**
[ ٤.] تحديد عمر الوليد السعيد : « محمد » بن عبدالله حين وفاة أبيه:
[ ٤. ١. ] ثم تزوج - عبدُالله - آمنةَ، فلما حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. (15)
أما ابن كثير فيقول:" "قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَقَدْ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ . قَالَا: تُوُفِّيَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا ، وَقِيلَ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ : وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْلٌ ؛ ويقول صاحب الرحيق :" يقول أكثر المؤرخين :"وكانت وفاة عبدالله قبل أن يولد رسول الله" .
وعلية فهناك أقوال :
[ ٤. ١. ] الأول منها :" توفي وهو في المهد ، قاله الدولابي." . (16) . قال الصالحي : " وعليه فقيل: ".
[ ٤. ٢. ] الثاني :" وله شهران. " وعن ابن أبي خيثمة . (17)
[ ٤. ٣. ] الثالث :" وقيل: وهو ابن ثمانية وعشرين شهرًا. (القسطلاني الزرقاني (1/204) ) ." وَقيل مَاتَ أَبوهُ وَقد أَتَى عَلَيْهِ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا (5) ".
[ ٤. ٣. ١.] و قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا (18).
[ ٤. ٤. ] الرابع :" وقيل تسعة أشهر " .
[ ٤. ٥. ] الخامس : " وقيل: وهو ابن سبعة أشهر (القسطلاني الزرقاني (1/204) ) (5). ".

الترجيح(19) عند ابن كثير :"( وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ شَهْرَيْنِ (والراجح المشهور: الأول. (القسطلاني الزرقاني (1/204)" ).
وَالَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ وَكَاتِبُهُ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ . وَهَذَا أَبْلَغُ الْيُتْمِ وَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ. (20).
وذهب ابن الجوزي إلى القول : وقد قيل إن عبدالله توفي بعد ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح " .

ذكر القسطلاني :" ويذكر عن ابن عباس، أنه لما توفي عبد الله قالت الملائكة إلهنا وسيدنا، بقي نبيك يتيمًا، فقال الله تعالى: أنا له حافظ ونصير "(21).
ذكر الصالحي : [ لطيفة: نقل أبو حيان في بحره وغيره عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه قال: إنما يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق(22). وقال ابن العماد في كشف الأسرار: إنما رباه يتيما لأن أساس كل كبير صغير وعقبى كل حقير خطير. وأيضا لينظر صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى مدارج عزه إلى أوائل أمره ليعلم أن العزيز من أعزه الله تعالى وأن قوته ليست من الآباء والأمهات ولا من المال بل قوته من الله تعالى. وأيضا ليرحم الفقير والأيتام.) . القسطلاني . وقيل لجعفر الصادق: لم يتم النبي صلى الله عليه وسلم قال: لئلا.:" يكون عليه حق لمخلوق. نقله عنه أبو حيان في البحر.". الزرقاني القسطلاني .

**

[ ٥. ] ما تركه عبدالله بن عبدالمطلب مِنَ الْمِيرَاثِ:
قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : " تَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُمَّ أَيْمَنَ وَخَمْسَةَ أَجْمَالٍ أَوَارِكٍ ، يَعْنِي تَأْكُلُ الأَرَاكَ ، وَقَطْعَةَ غَنَمٍ ، فَوَرِثَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ ، وَاسْمُهَا بَرَكَةُ " ،(23) .
وأضاف ابن جماعة : " وسيفاً ... وهو مأثور " . فَوَرِثَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


[ ٦. ] وَقَالَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ : تَرْثِي زَوْجَهَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ؛ كما ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ وابن سعد في الطبقات ؛ رحمهما الله تعالى :
عَفَا جَانِبُ الْبَطْحَاءِ مِنِ ابْنِ هَاشِمٍ وَجَاوَرَ لَحْدًا خَارِجًا فِي الْغَمَاغِمِ
دَعَتْهُ الْمَنَايَا دَعْوَةً فَأَجَابَهَا وَمَا تَرَكَتْ فِي النَّاسِ مِثْلَ ابْنِ هَاشِمٍ
عَشِيَّةَ رَاحُوا يَحْمِلُونَ سَرِيرَهُ تَعَاوَرَهُ أَصْحَابُهُ فِي التَّزَاحُمِ
فَإِنْ يَكُ غَالَتْهُ الْمَنَايَا وَرَيْبُهَا فَقَدْ كَانَ مِعْطَاءً كَثِيرَ التَّرَاحُمِ " .(24)
قال الواقدي: ولم يتزوج عبدالله قط غير آمنة . وآمنة لم تتزوج قط غير عبدالله.
أخذ الإله أبا الرسول ولم يزل * * برسوله الفرد اليتيم رحيما
نفسي الفداء لمفرد في يتمه * * والدر أحسن ما يكون يتيما (25)
وَاللَّهُ - تَعَالَىٰ ذِكْرُهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
١ جمادى الثاني ١٤٣٨ الموافق ٢٨ فبراير ٢٠١٧
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع والتعليقات :
(1) ابن الجوزي: الوفا بتعريف فضائل المصطفى.
(2) يتفق ابن كثير مع ابن إسحاق في القول المشهور بين العلماء - بمعنىٰ أن هناك أقوال آخرىٰ سنعرضها - فيقول :" وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ تُوُفِّيَ أَبُوهُ عَبْدُاللَّهِ وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ؛ - ثم يعلق بالقول - عَلَى الْمَشْهُورِ.". [الإمام عماد الدين ؛ ابو الفدَاء ؛ الحافظ اسماعيل ابن كثير ؛ قرشي النسب ؛ دمشقي الدار (ت: 774هـ) البداية والنهاية ؛ مكتبة المعارف ؛ بيروت ؛ الجزء الثاني ؛ الطبعة السادسة ؛ صفحة :263 : صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام ؛ 1405هـ~1985م.].
كما ينقل لنا ابن سيد الناس في كتابه :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم " ، قول ابن إسحاق :" قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَنْ هَلَكَ ، وَأُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلٌ بِهِ. ثم يعلق بالقول :" هَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ ".
(3) قالها ابن الجوزي في " الوفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم " أثبتها بمقدمة بحثي هذا ؛ كما يوضح أبو العباس ، أحمد بن عبدالله بن محمد، محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ) في :" خلاصة سير سيد البشر." هذه الجزئية من قصة موت عبداالله بقوله :" وَكَانَ لما تزوج آمِنَة وحملت مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بعث بِهِ عبدالْمطلب –أي :" إلى يَثْرِب".- يمتار تَمرا مِنْهَا ... " وهذه رواية ؛ بيد أن هناك رواية آخرى ؛ سنثبتها ؛ ومن الله تعالىٰ ذكره الهداية والتوفيق .
(4) اكتفىٰ ابن هشام بهذا القدر من مصيبة موت عبدالله بن عبدالمطلب. والسهيلي في شرحه للسيرة لابن هشام لم يعلق ؛ ولكن محقق الـسيرة لـ ابن هشام: طه عبدالرؤوف سعد كتب معلقاً :" أكثر العلماء علىٰ أنه –أي :"محمد بن عبدالله"- كان في المهد ؛ ذكره الدولابي وغيره ، وقيل : ابن شهرين ذكره ابن أبي خيثمة ، وقيل: أكثر من ذلك ، ومات أبوه عند أخواله بني النجار ، ذهب ليمتار لأهله تمراً ، وقد قيل : مات أبوه : وهو ابن ثمان وعشرين شهراً.". قلتُ الرمادي :" وما قاله محقق السيرة مثبت في أمهات المصادر التي سأذكرها بمشيئة الله تعالى ذكره".
(5) ثم يضيف الزرقاني على ما قاله القسطلاني ؛ فقال : " ولما تم لها " لآمنة " من حملها شهران " ، وقيل : قبل ولادته بشهرين "توفي عبدالله" بن عبدالمطلب . [شرح الزرقاني على متن القسطلاني ج1 / ص 204] . وَتُوُفِّيَ " عَبْدُ اللَّهِ" أَبُوهُ ، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا . وَقِيلَ : أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ . "سبعة أشهر". ثم قال ابن الجوزي :" والقول الأول أصح "وأن رسول الله كان حملاً يومئذ". [انظر أيضاً :صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص:24 : دار الكتب العلمية بيروت لبنان ؛ ط:4: 1427ه~2006م .].
(6) أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي ، الطبري (٢٢٤ ~ ٣١٠ هـ) ؛ تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك . تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم ؛ دار المعارف بمصر ؛ سلسلة ذخائر العرب -٣٠- الطبعة الثانية ؛ الجزء الثاني ؛ صفحة : 2/246 . ١ من جمادى الثانية ١٣٨٧ه~٥ من سبتمبر ١٩٦٧م .
(7) كما يروي هذه الرواية : ابن الجوزي صاحب الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ والصالحي في سبل الهدى والرشاد : فقال :[ وروى ابن سعد عن محمد بن كعب، وعن أيوب بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة رحمهما الله تعالىٰ قالا: خرج عبدالله إلىٰ الشام إلىٰ [غزة] في عير من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجاراتهم، ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبدالله يومئذ مريض، فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار. فأقام عندهم مريضا شهرا ومضىٰ أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبدالمطلب عن ابنه فقالوا: خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار مريضا، فبعث عبدالمطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع فأخبره فوجد عليه عبدالمطلب وعماته. وإخوته وأخواته وجدا شديدا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، ولعبدالله بن عبدالمطلب يوم توفي خمس وعشرون سنة. قال الواقدي: وهذا أثبت الأقاويل في وفاة عبدالله وسنه. وقال الحافظ العلائي وابن حجر إن عمره كان يوم توفي ثماني عشرة سنة ] . وراجع ماكتبه صاحب صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص24 ؛ دار الكتب العلمية بيروت لبنان؛ ط:4: 1427ه~2006م .
(8) قال أثير الدين ؛ صاحب الكامل :" وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ : الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ ، وَنَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ وَدُفِنَ بِدَارِ النَّابِغَةِ، الدَّارِ الصُّغْرَى" ؛ ثم الزرقاني على شرحه على متن القسطلاني الجزء 1 ؛ صفحة 204 يكمل الرواية فيقول :" وكان عبد الله" فيما رجحه الواقدي، وقال: هو أثبت الأقاويل، "قد رجع" من [غزة] "ضعيفًا مع قريش لما رجعوا من تجارتهم ومروا بالمدينة " بدل أتى به لدفع توهم أن المراد غيرها ؛ لأنها حينئذ ما كانت معروفة إلا بـ [يثرب] لا المدينة ، سميت بـ يثرب بن قابل بن إرم بن سام بن نوح ؛ لأنه أول من نزلها ، وقد غيره صلى الله عليه وسلم إلى طيبة وسماها الله طابة ، رواه مسلم ، قال عيسى بن دينار : من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة ، وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب ، قال : قال صلى الله عليه وسلم: "من سمىٰ المدينة بـ يثرب فليستغفر الله عز وجل، وهي طابة وإنما سميت في القرآن حكاية ".
يكمل الزرقاني فيقول:" فتخلف عن أخواله بني عدي بن النجار" أي: أخوال أبيه ؛ لأن هاشمًا تزوج من بني عدي فولدت له عبدالمطلب ، أما أخوال عبدالله فإنما هم من قريش من بني مخزوم . "فأقام عندهم مريضًا شهرًا ، فلما قدم أصحابه مكة سألهم عبدالمطلب عنه ، فقالوا: خلفناه مريضًا" عند أخواله "فبعث" عبدالمطلب "إليه أخاه" أخا عبدالله "الحارث" . وذكر ابن الأثير : الزبير ،[بدلا من الحارث] . "فوجده قد توفي" بالمدينة "ودفن" بها "في دار التابعة" بفوقية فموحدة فعين مهملة ؛ كما في الزهر الباسم ، قال الخميس : وهو رجل من بني عدي بن النجار . قلتُ الرمادي :" هذه رواية ؛ أما الآخرىٰ كما يرويها لنا الزرقاني :" وقيل: دفن بالأبواء" بفتح أوله ومد آخره قرية من عمل الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، والصحيح: أنها سميت بالأبواء لتبويء السيول بها ، قاله ثابت بن حزم الحافظ ، وقيل : لما فيها من الوباء . قال البرهان وغيره : ولو كان كذلك لقيل الأوباء ، أو يكون مقلوبًا منه ". وقَالَ الْوَاقِدِيُّ : وَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ بَعَثَ [جاء عند صاحب الرحيق :" وبعد قليل - يعني : من زواجه بآمنة – أرسله عبدالمطلب". بعض الروايات اقتصرت على] :" تزوج عبدالله بن عبدالمطلب بآمنة بنت وهب من بني زهرة ثم خرج إلى الشام وبالتحديد لمدينة غزة في فلسطين في عِير لقريش للتجارة ثم انصرفوا وفي طريقهم للعودة إلى المدينة وتوقف عبدالله عند أخواله من بني النجّار وقد أحس بالمرض وأقام عندهم أياماً ثم مات ودُفن بالمدينة ورسول الله „ أَزْكَى صَلَوَاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ “ جنينً في بطن أمه وكان عمر والده خمساً وعشرين سنة."[كما جاء في السِّراج المُنير في سيرة البشير النذير ؛ ناصر بن سعيد بن سيف السيف :" أرسل عبدالمطلب عَبْدَاللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ لَهُمْ تَمْرًا فَمَاتَ. (الرحيق :" بها ". ]
(9) (البداية ابن كثير جزء رقم 1 ؛ ص : 204.
ولهذا ذهب صاحب الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ ابن الجوزي : فقال :" ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل يومئذ .".
يذكر صاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس " كَانَ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَمْتَارُ تَمْرًا ، وَقِيلَ : بَلْ خَرَجَ بِهِ إِلَى أَخْوَالِهِ زَائِرًا ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ . ثم يروي لنا صاحب عيون الأثر الروايتين فيقول :" وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : بَعَثَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَاللَّهِ يَمْتَارُ لَهُ تَمْرًا مِنْ يَثْرِبَ ، فَمَاتَ بِهَا وَهُوَ شَابٌّ عِنْدَ أَخْوَالِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالَّذِي رَجَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ ، وَقَالَ : هُوَ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا فِي مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ وَسِنِّهِ ، وجاء في عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، لـ ابن سيد الناس :" أَنَّهُ كَانَ خَرَجَ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ مِنْ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ ، يَحْمِلُونَ تِجَارَاتٍ ، فَفَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ وَانْصَرَفُوا ، فَمَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ ، فَقَالَ : أَنَا أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، وَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا شَهْرًا ، وَمَضَى أَصْحَابُهُ فَقَدِمُوا مَكَّةَ ، فَسَأَلَهُمْ عَبْدُالْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ ، فَقَالُوا : خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ أَكْبَرَ وَلَدِهِ الْحَارِث ، فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ ، قِيلَ : كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَزْوِيجِ عَبْدِ اللَّهِ آمِنَةَ مَا حُكِيَ عَنِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ . ". نهاية رواية سيد الناس " .
(10) أبو العباس ، أحمد بن عبدالله بن محمد ، محب الدين الطبري (المتوفى: 694هـ) في خلاصة سير سيد البشر..؛ الجزء الأول ؛ صفحة : 32 .
(11) د.علي محمد الصلابي ؛ السيرة النبوية ؛ عرض وقائع ؛ وتحليل أحداث ؛ ص:19.
وقال صاحب " عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس :" وَقَبْرُهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي دَارٍ مِنْ دُورِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ " .
(12) اضاف صاحب الرحيق المختوم :" النابغة الجعدي ". وقبله ذكره الذهبي ؛ صاحب سير أعلام النبلاء ؛ وصاحب الرحيق نقله من عنده .
توجد اضافة ينبغي أن أثبتها من باب صدق الإخبار وإحسان النقل مع عرض وجهات نظر آخرى -قد لا تتفق مع وجهة نظر أو رأي كاتب هذه السطور ، أو توجهات موقع استروعرب نيوز- . فقد روىٰ "علي الكوراني العاملي" في كتابه السيرة النبوية عند أهل البيت (ع) عن ضريح عبدالله ابن عبدالمطلب عليهما السلام: ( كان قبر عبدالله والد النبي (صلى الله عليه وآله) مزاراً (!!!) الى الأمس ، بناه المسلمون من قديم ، وآخرهم سلاطين مصر والدولة العثمانية ) . ثم يعلق العاملي بالقول :"( وقد زرته قبل نحو أربعين سنة [قلتُ الرمادي :" لم أتمكن من تحديد الفترة الزمنية التي يتحدث عنها الكوراني العاملي ؛ وباستقراء الأحداث قد يصلح لي القول بأنه قبل عام 2000 من الميلاد ؛ وبتوفيق من الله تعالى وفضل فالحمد لله رب العالمين توصلت إلى النسخة الأصلية للكتاب فقال فيه صاحبه (وقد زرته في سنة 1964 ، وسنة 1965ميلادية)] . ثم يكمل القول :" وكان بيتاً (في سكك) داخل سوق المدينة غربي المسجد ، وكانت واجهة بابه الخارجي وعتبته أحجاراً نقشت عليها كتيبة بالعربية والتركية . وقد أقفله مشايخ الوهابية (!!!) يومها مقدمة لهدمه ! . أما الآن فقد أزالوه ؛ ودخل مكانه في توسعة ساحة المسجد النبوي ولم يبق له أثر !" [من مصادر السادة الشيعة كتاب :" سلسلة جواهر التاريخ «1» ؛ السـيرة النبـوية عنـد أهل البيت ؛ لمؤلفه : علي الكوراني العاملي ؛ المجلد الأول ؛ الطبعة الثانية- 1437-2016 ]. "
(13) جاء في البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي ؛ وايضاَ في تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير؛ لـ: جمال الدين أبي الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي [508هـ - 597هـ] ؛ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم ؛ بيروت ؛ الطبعة الأولى ، 1997 ، وانظر أيضا عند الزرقاني في شرحه على متن القسطلاني ، ثم الزرقاني :" يثبت في شرحه ما قال به ابن كثير :" قال الواقدي : وهو الأثبت . كما قال به ابن كثير :" قَالَ الْوَاقِدِيُّ : هَذَا هُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ فِي وَفَاةِ (أي مكان موته) عَبْدِاللَّهِ وَسِنِّهِ عِنْدَنَا." . وانظر ابن الجوزي في الوفا بتعريف فضائل المصطفى .
(14) تجدها عند الزرقاني في شرحه على متن القسطلاني ؛ الجزء الأول ص 204.
(15) الوفا بتعريف فضائل المصطفى ؛ لابن الجوزى ؛ لكنه استدرك في كتابه الآخر :" تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير ؛ فقال :" وَقيل لم يمت حَتَّى أَتَى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهْرَان وَقيل سَبْعَة أشهر وَقيل ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا وَالْأول أصح .
(16) قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد :"ونقل السهيلي عن الدولابي أنه قول الأكثرين ، قلت (أي الصالحي) :" والحق أنه قول كثيرين ؛ لا أكثرين. " ؛ ثم قال :" وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المهد حين توفي أبوه.". انظر الزرقاني على متن القسطلاني.
وصاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس " فيقول :" وَغَيْرُهُ (اي ابْنِ إِسْحَاقَ) يَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَهْدِ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهُ . رُوِّينَاهُ عَنِ الدَّوْلابِيِّ .
(17) يميل صاحب الرحيق إلى القول :" توفي عبداالله بعد مولد ابنه محمد بشهرين [ مرجع :"ابن هشام 1/ 156 ؛ 158 ؛ فقه السيرة لـ محمد الغزالي ؛ ص 45 ، رحمة للعالمين 2/ 91" نقلا من الرحيق.]
انظر ايضاً : محب الدين الطبري في خلاصة سير سيد البشر.؛ الجزء الأول ؛ صفحة: 32 ..
" وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ كَانَ ابْنَ شَهْرَيْنِ ، وَقِيلَ : ابْنُ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا. انظر : عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم، ابن سيد الناس .
(18) [ابن الأثير : عزالدين أبو الحسن علي ؛ الْكَامِلُ فِي التَّارِيخِ ؛ دار الكتاب العربي ؛ 1417هـ / 1997م .
(19) تأرجحت الأقوال بين أنه صلى الله عليه وآله وسلم في المهد (شهرين ) وبين أنه كان حمل : فعند القسطلاني بشرح الزرقاني جزء : 1 ؛ ص : 204 :" يقول الزرقاني :"وقيل توفي" عبدالله "وهو" صلى الله عليه وسلم "في المهد". قال السهيلي: وهو قول أكثر العلماء ، واحتج له بقول عبدالمطلب لأبي طالب: أوصيك يا عبدمناف بعدي بمؤتم بعد أبيه ، فرد : فارقه وهو ضجيع المهد ، انتهى. قال السمين : المهد ما يمهد للصبي ليربى فيه من مهدت له المكان ، أي: وطأته ولينته ، وفيه احتمالان:
أحدهما : أن أصله المصدر فسمي به المكان وأن يكون بنفسه اسم مكان من غير مصدر ، وقد قرئ مهدًا ومهادًا في طه . "قاله" الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد بن حامد بن سعيد الأنصاري الرازي "الدولابي" . "و" على كونه توفي وهو في المهد اختلف كم كان سنه صلى الله عليه وسلم، فنقل "عن" الحافظ أحمد "بن أبي خيثمة" زهير بن حرب الحافظ ابن الحافظ الإمام الثابت أبي بكر النسائي ثم البغدادي ؛ "وهو ابن شهرين، وقيل" مات "وهو" عليه الصلاة والسلام "ابن سبعة أشهر" بموحدة بعد السين ، حكاه في العيون ، وقيل: ابن تسعة "وقيل" مات "وهو" صلى الله عليه وسلم "ابن ثمانية وعشرين شهرًا" فكل هذه الأقوال مبنية على أنه مات وهو في المهد ، وهو صريح العيون والسبل ، "والراجح المشهور" كما قال ابن كثير ورجحه الواقدي وابن سعد والبلاذري والذهبي: هو "الأول" يعني أنه مات وهو حمل ، والحجة له ما في المستدرك عن قيس بن مخرمة : توفي أبو النبي صلى الله عليه وسلم وأمه حبلى به، قال الحاكم : على شرط مسلم، وأقره الذهبي.
(20) الإمام عماد الدين ؛ ابو الفدَاء ؛ الحافظ اسماعيل ابن كثير ؛ قرشي النسب ؛ دمشقي الدار (ت: 774هـ) البداية والنهاية ؛ مكتبة المعارف ؛ بيروت ؛ الجزء الثاني ؛ الطبعة السادسة ؛ صفحة :263: 1405هـ~1985م.
(21) "ويذكر عن ابن عباس: أنه لما توفي عبدالله، قالت الملائكة" يا "إلهنا" ويا "سيدنا بقي نبيك يتيمًا" لا أب له، قال الخميس: أعلى اليتم ما توفي الوالد والولد في بطن الأم، "فقال الله تعالى" جوابًا لهم: "أنا له حافظ ونصير" ومن كنت له كذلك لا يضيع، وهذا حكمه الرفع لو صح، لكن مرضه المصنف على عادتهم في نقل التضعيف بيروى ويذكر، وفي لفظ: قالت الملائكة: صار نبيك بلا أب، فبقي من غير حافظ ومرب، فقال الله؛ أنا وليه وحافظه وحاميه وربه وعونه ورازقه وكافيه، فصلوا عليه وتبركوا باسمه .
(22 ) "وقيل لجعفر الصادق" لقب به لأنه ما كذب قط، "لم يتم" بكسر التاء؛ كما اقتصر عليه الجوهري، وزاد المجد فتحها، والمصباح ضمها، "النبي صلى الله عليه وسلم" أي: ما حكمة ذلك "قال: لئلا" عند الزرقاني.
(23) الطبقات الكبرىٰ لابن سعد » ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ ... رقم الحديث: 193 . وهو حديث مقطوع . راجع ما كتبه :
1.) ابن الجوزي :" وَخلف عبدالله أم أَيمن وَخَمْسَة أجمال وَقطعَة غنم فورث ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت أم أَيمن تحضنه ؛ ونظر ايضاً ابن الجوزي ؛ في كتابه :"تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير ؛ شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم ؛ بيروت؛ الطبعة : الأولى، 1997.
2. ) :" الوفا بتعريف فضائل المصطفى؛ لابن الجوزى :" قال الواقدي : ترك عبدالله أمَّ أيمن وخمسة أجمال وقطعة غنم، فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3.) وعند الصالحي :" قال محمد بن عمر الأسلمي رحمه الله تعالى: ترك عبدالله أم أيمن وخمسة أجمال وقطعة من غنم فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه. ".
(24)
عنا(عفا) جانب البطحاء من آل (ابن) هاشم ... وجاور لحدًا خارجًا في الغماغم
" دعته المنايا (بغتة) دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم
عشية راحوا يحملون سريره ... تعاوره(يعاوره) أصحابه في التزاحم
فإنك تك(يك) غالته المنون(المنايا) وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم
(ما بين الأقواس نقلا من عند الصالحي)
وقالت ايضا ؛ كما ذكر الصالحي :" وأورده القاسم الوزيري المغربي رحمه الله ورضي عنه ترثي عبدالله زوجها والد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أضحى ابن هاشم في مهماء مظلمة * * في حفرة بين أحجار لدى الحصر
سقى جوانب قبر أنت ساكنه * * غيث أحم الذرى ملآن ذو درر
تفسير الغريب مِن عند الصالحي :" التابعة: قال في الزهر بتاء مثناة فوقية فباء موحدة فعين مهملة.
الغماغم بغينين معجمتين بعد كل ميم بعد الأولى ألف : الأغطية.
يعاوره : يتداولونه بينهم.
مهماء أي مفازة. والجمع مهامه.
أحم الشئ قرب ودنا.
الذرى. بفتح الذال المعجمة اسم لما ذرته الريح واسم الدمع المصبوب . العيرات بكسر العين وفتح الياء جمع عير. كذا جمعوه والقياس التسكين. انظر : سبل الهدى والرشاد ، في سيرة خير العباد ، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد ؛ محمد بن يوسف الصالحي الشامي- ج ١ - الصفحة ٣٣٢] . وقال شارحه الزرقاني في الجزء 1 ؛ صفحة : 206)" وقالت: آمنة زوجته ترثيه" شعرًا "عنا جانب البطحاء" المختار: عفا المنزل درس وضمنته معنى خلا، فعدته بمن في "من آل هاشم" وجعلت خلوها منه خلوا من آل هاشم مبالغة لعدم قيام غيره منهم مقامه، أو الإضافة عهدية والمعهود زوجها أطلقت عليه آل؛ لأنه اسم لأهل الرجل وعياله، فيطلق على الكثير الواحد. "وجاور" من المجاورة "لحدًا خارجًا في الغماغم" بغينين معجمتين وميمين، أي: " الأغطية، قاله الشامي. وكان المراد الأكفان التي لف فيها؛ فكأنها قالت: جاور حال كونه مدرجًا في أكفانه لحدًا بعيدًا عن أماكن أهله، "دعته المنايا" جمع منية بشد الياء: الموت، "دعوة" ويروى بغتة "فأجابها" وإسناد الدعوة إلى المنايا تجوز؛ وكأنها أرادت: ناداه ملك الموت حيث أراد قبض روحه، فأجابه بمعنى قام به الموت أو أسبابه حتى توفي، "وما تركت" المنايا "في الناس مثل ابن هاشم" عبد الله؛ لأنه كان يتلألأ نورًا في قريش وكان أجملهم فشغفت به نساؤهم وكدن أن تذهل عقولهن، قال أهل السير، فلقي عبد الله في زمنه من النساء ما لقي يوسف في زمنه من امرأة العزيز، "عشية راحوا" أي: ذهب المشيعون له حال كونهم "يحملون" في الوقت المسمى عشية، وهي آخر النهار، "سريره" النعش الذي هو عليه "تعاوره" تداوله "أصحابه في التزاحم" أي: مع التزاحم عليه، ففي بمعنى: مع؛ كقوله: ادخلوا في أمم "فإن تلك غالته" أي: أخذته على غفلة، أي أهلكته "المنون وريبها" أي: حوادثها، أي: الأسباب المؤدية للموت، وعبرت بأن التي للشك لاستبعاد وقوع الموت به استعظامًا له، وجواب الشرط محذوف، أي: أسف الناس لموته، والفاء للتعليل في قولها: "فقد كان معطاء" كثير الإعطاء، "كثير التراحم". [شرح الزرقاني على متن القسطلاني ؛ الجزء : 1 ؛ صفحة : 206].
(25) ذكره الصالحي . مصدر سابق. وقال به السيوطي في كفاية الطالب .
راجع ايضاً :
- كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب ؛ جلال الدين السيوطي .
- صفَة الصَّفوة ؛ جمال الدين ؛ أبو الفرج إبن الجوزي؛ المجلد الأول 1~2؛ -1- باب ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكر نسبه ؛ ص24 ؛ دار الكتب العلمية بيروت لبنان؛ ط:4: 1427ه~2006م
- ابن جماعة عزالدين بن جماعة الكتاني ؛ "مختصر السيرة" المختصر الكبير فى سيرة الرسول ؛ قاضى القضاة عبدالعزيز بن جماعة الحموي الأصل الدمشقي المولد المصري الدار الشافعي . وهو شيخ المحدثين . وبركة المسلمين . عرف بالحافظ الإمام ؛ وقيل الشيخ الإمام العالم العلامة .
- أبو عبدالله ؛ محمد بن عبدالباقي بن يوسف بن أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (المتوفى : 1122هـ) الناشر : دار الكتب العلمية ؛ الطبعة : الأولىٰ 1417هـ-1996م ؛ عدد الأجزاء: 12 : شرح العلامة الزرقاني علىٰ المواهب اللّدنية بالمنح المحمدية (الجزء : الأول ؛ مِن صفحة 205 إلى 207).
- ابن سيد الناس ؛ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري الربعي ، فتح الدين ، أبو الفتح ، صاحب :" عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير صلى الله عليه وسلم .
- صفي الرحمن ؛ المباركفوري ؛ الجامعة السلفية – الهند ، الرحيقُ المختوم ؛ بحث في السيرة النبوية علىٰ صاحبها أفضل الصلاة والسلام ؛ الفائز بالجائزة الأولىٰ في شهر شعبان 1398 هـ. صفحة 44 . المكتبة القيِّمة ؛ مدينة نصر ؛ القاهرة ؛ جمهورية مصر العربية.
**

أعلى الصفحة
فهرس

« ٢. » آمِنَةُ بِنْتِ وَهْبٍ ؛ "
 أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ "- صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ -.

سنتحدث عن „ الشخصية المحورية﴿١﴾ الأولىٰ في حياة محمد ‟ رسول الرحمة ونبي الهدىٰ ؛ آخر أنبياء الله تعالىٰ ومتمم المرسلين ومكمل المبتعثين من الله رب العالمين إلى الخلائق أجمعين .
بعد قصة فداءعبدالله مباشرة تظهر فتاة بني زُهرة(٢) في حياة عبدالهي بن عبدالمطلب :
"... لَمَّا فَرَغَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ مِنَ الْإِبِلِ ..." ﴿٣﴾ فـ :" قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُالْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ ابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ ... فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُالْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ ؛ فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ - وَهِيَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا - ﴿٥﴾، ... " فَهِيَ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى كِلَابٍ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِاللَّهِ بِرَجُلٍ " . ﴿٤﴾ . ثم يقول ابن كثير في بدايته :" - فَزَعَمُوا - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ أُمْلِكَهَا مَكَانَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ. ﴿٥﴾.
النسبُ الزكيُّ الشريفُ الطاهرُ:
[ ١ ] اسمها : آمِنَةُ بِنْتِ وَهْبٍ ؛ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ- أفضلُ امْرَأَةٍ فِي قُرَيْشٍ نَسبًا وَمَوْضِعًا ﴿٥﴾ .

[ ٢ ] آلُ آمنة .. بنو زُهرة :
[ ٢ . ١ .] اسم أبيها : وَهْبَ بْنَ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. ﴿٦﴾.، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ سِنًّا وَشَرَفًا .
[ ٣ ] « أُمَّهَاتُ آمنة » :
وَهِيَ .„ أي آمنةُ ‟ لـ
[ ٣ . ١ .] „ برَّة﴿٧﴾ ‟ بِنْتِ عَبْدِالعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِالدَّارِ بْنِ قُصيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرة بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ. ".
[ ٣ . ٢ .]. " وبَرَّة لِـ „ أُمِّ حَبِيبِ ﴿٨﴾ ‟ بِنْتِ أسَد بْنِ عَبْدِالعُزّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.".
[ ٣ . ٢ .]. " وَأُمُّ حَبِيبٍ: لِـ „ بَرَّةَ ‟ بنت عَوْف بن عُبيد بن عُوَيْج بن عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بن فِهر."
وبسرد هذا النسب الشريف نقول أنها - " آمنة بنت وهب " - تندرج من بني زهرة بن كلاب ؛ وهم أحد بطون قريش ذات المكانة العظيمة ؛ فقد كان أبوها وهب بن عبدمناف سيد بني زهرة شرفاً وحسباً، وفيه يقول الشاعر:
يا وهب يا بن الماجد بن زهرة
سُدت كـلابـا كلهـا ابن مـرة
بـحــســبٍ زاكٍ وأمٍّ بـرّة
ونسبها من أمها ، ذات عراقة وأصالة فهي ابنة برة بنت عبدالعزى من بني عبدالدار بن قصي أحد بطون قريش ."
نقول :" تجمع في نسب " آمنة" عز بني عبدمناف حسب وأصالة. ويؤكد هذه العراقة والأصالة بالنسب اعتزاز الرسول صلى الله عليه وسلم بنسبه حيث قال : " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ يَزَلِ اللَّهُ يَنْقُلُنِي مِنَ الْأَصْلَابِ الطَّيِّبَةِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ مُصَفًّى مُهَذَّبًا ، لَا تَنْشَعِبُ شُعْبَتَانِ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا "﴿٩﴾ ويقول أيضا - : " وَرَوَى عَلِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : " أَنَا مِنْ أَنْفَسِكُمْ نَسَبًا وَحَسَبًا وَصِهْرًا ، وَلَا فِي آبَائِي مِنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ وُلِدْتُ سِفَاحٌ ، كُلُّهَا نِكَاحٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ " . ﴿١٠﴾ .
نَسَبٌ تَحْسِبُ الْعُلاَ بِحُلاَهُ ** قَلَّدَتْهَا نُجَومَهَا الْجَوْزَاءُ
حَبَّذَا عِقْدُ سُؤْدَدٍ وَفَخَارٍ ** أَنْتَ فِيهِ الْيَتِيمَةُ الْعَصْمَاءُ﴿١١﴾
بيئة آمنة ونشأتها :
" تفتحت عينا الفتاة آمنة بنت وهب على البيت العتيق في مكة المكرمة ، في المكان الذي يسعى إليه الناس من كل فج، ملبية نداء إبراهيم " الخليل" -عليه الصلاة والسلام - في الناس بالحج، ". كان منبت سيدتنا "آمنة" وصباها في أعز بيئة، وما لها من مكانة مرموقة من حيث الأصالة النسب والحسب، والمجد السامية،فـ نشأت في أسرة عريقة النسب ، مشهود لها بالشرف والأدب ، ورباها عمها﴿١٢﴾ وهيب بن عبدمناف، وكانت تعرف " بـ زهرة قريش" فهي بنت بني زهرة. وقيل إنها عندما خطبت لـ عبدالله بن عبدالمطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبًا وموضعًا.": ." فكانت ذات وقار وترتدي ثوب الحياء والإحتشام ومخبآة من عيون البشر ، كجوهرة مكنونة ودرة مصونة حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها. وكانت بشذاها العطرة تنبثق من دور بني زهرة، ولكنه ينتشر في أرجاء مكة. وقد عرفت " آمنة " في طفولتها وحداثتها ابن العم "عبدالله بن عبدالمطلب" حيث إنه كان من أبناء أشرف أسر قرشي، حيث يعتبر البيت الهاشمي أقرب هذه الأسر إلى آل زهرة؛ لما لها من أواصر الود والعلاقة الحميمة التي تجمعهم بهم، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل.ولكنها حجبت منه؛ لأنها ظهرت فيها بواكر النضج، هذا جعل فتيان من أهل مكة يتسارعون إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها.". ﴿١٣﴾ .

( البطاقة التعريفية )
(١.) مولد آمنة بنت وهب :
(١.١ ) تاريخ مولدها : (٦٧ قبل الهجرة النبوية) ~ "٥٥٧ ميلادية "
(١.٢.) مكان مولدها:" مكة المكرمة
(٢.) الوالدان
(٢. ١.) الوالد :" وهب بن عبد مناف
(٢. ٢.) الوالدة :" برة بنت عبدالعزى
(٣.) الحالة الإجتماعية :
(٣. ١.) زوجة :" عبدالله بن عبدالمطلب
(٣. ٢. ) أم :" محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب
(٤.) لقبها :" زهرة قريش" ؛ " أم محمد " .
(٥.) الوفاة :"
(٥. ١.) موتها : (٤٧ قبل الهجرة النبوية) (٥٧٧ ميلادية) [ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى أنها توفيت وهي بنت عشرين سنة]
(٥. ٢.) مكان قبرها :" الأبواء ؛ بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ".
**
ويتبقىٰ لنا الحديث عن :
" العروس الأرملة آمنة ؛ و
" آمنة بنت وهب أم اليتيم " . والتكلم عن
" وفاتها " ... عند الحديث عن طفولة محمد بن عبدالله .

حُرِّرَ يوم الثلاثاء : ٨. جمادى آخر سَنَةَ ۱٤٣٨ الْهِجْرِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ ؛ الموافق ٧. مارس ٢٠۱٧ م
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات والمصادر:
﴿١﴾ سأبحث بمشيئته وحسن توفيقه الشخصيات المحورية ؛ والتي لعبت دوراً مباشراً - أو غير مباشر - في حياة محمد ؛ حين كان وليداً رضيعاً ؛ أم طفلاً يافعاً أم شاباً في مقتبل عمره ؛ أم رجلاً ... وحتىٰ بداية البعثة المحمدية ونزول الرسالة النبوية . لذا فلن نعتبر والدَ محمدٍ شخصية محورية إذ أنه لم يلعب دوراً مباشرةً في حياته ؛ بالطبع عبدالله بن عبدالمطلب الرجل الذي أنجب سيد الخلق : محمد ؛ وأغفلنا التحدث عن تأثير شخصيته على ولده لـ موته المبكر -والوليد السعيد في المهد ؛ كما اثبتناه في البحث السابق مباشرة - !؟. وما يؤلم الباحث المدقق المحقق الذي يريد أن يبحث عن جوانب شخصية محورية كـ أم آخر الأنبياء .. " وما لها من أثرٍ في تكوين ولدِها الخالد الذي قال معتزاً بأمهاته وإن عِشنَّ في الزمن الذي أطلق عليه إصطلاحاً بـ " الجاهلية " ؛ قال : " أنا ابن العواتك من سليم" ... مؤلم للباحث أن لا يجد المصادر الكافية ولا يملك الروايات الصحيحة كي يعطي الصورة الكاملة عن أم المصطفىٰ المرتضىٰ المحتبىٰ المهتدىٰ المجتبىٰ . (وَقَالَ هُشَيْمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ : " أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ" . . وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ : " أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ " .) [انظر الذهبي ؛ سير أعلام النبلاء ؛ ص ١٩٩[ترقيم داخلي: 135~159]
(٢) ما هو دافع عبدالمطلب أن يزوج ابنه عبدالله من بني زُهرة:
أثبتُ ما رواه ( أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ، ص ٣٥٢ وما بعدها ؛ وتجده عند :" ابن عساكر ؛ في تاريخ دمشق ، 3/419 ؛ والحديث: محفوظ " وتجده :" عند المستدرك حديث رقم :"4232 - ". ).. فقد جاء عن طريق :" يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِنَّ عَبْدَالْمُطَّلِبِ قَدِمَ الْيَمَنَ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ فَنَزَلَ عَلَى حَبْرٍ مِنَ الْيَهُودِ قَالَ : فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الزَّبُورِ : يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ : يَا عَبْدَالْمُطَّلِبِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى بَعْضِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً ، قَالَ : فَفَتَحَ إِحْدَى مَنْخَرَيَّ فَنَظَرَ فِيهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْآخَرِ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ فِي إِحْدَى يَدَيْكَ مُلْكًا وَفِي الْأُخْرَى نُبُوَّةً ، وَإِنَّا نَجِدُ ذَلِكَ فِي بَنِي زُهْرَةَ فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : لَا أَدْرِي قَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ ؟ قُلْتُ : وَمَا الشَّاعَةُ ؟ قَالَ : زَوْجَةٌ قُلْتُ : أَمَّا الْيَوْمُ فَلَا . قَالَ : فَإِذَا رَجَعْتَ فَتَزَوَّجْ فِيهِمْ فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَوَلَدَتْ حَمْزَةَ وَصْفِيَّةَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَوَلَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...." ونميل إلى القول بأن شخصية عبدالمطلب القوية ودوره في مكة ومكانته بين قومه يدفعانه - إن صحت الرواية - إلى البحث عن مُلك يقوي ما عنده ؛ ونبوة كان يتحدث عنها الكهان والعرافة وأحبار اليهود ورهبان النصارى(!!؟).
﴿٣﴾ ابن الأثير ؛ الكامل في التاريخ .
﴿٤﴾ ابن كثير ؛ البداية والنهاية ؛ الجزء الثاني ؛ تزويج عبدالمطلب ابنه عبدالله من آمنة بنت وهب الزُهرية. وانظر عند الذهبي في سير أعلام النبلاء .
﴿٥﴾ السيرة النبوية لابن هشام . ولكن تجد عند ابن كثير تعبير آخر :" سَيِّدَةُ نِسَاءِ قَوْمِهَا " . وعند ابن سعد في الطبقات :" لَمَّا تَزَوَّجَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمُطَّلِبِ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثًا وَكَانَتْ تِلْكَ السُّنَّةَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي أَهْلِهَا " حديث مقطوع ، رقم ١٨١.
﴿٦﴾ تكمل السيرة النبوية لابن هشام النسب :" بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن مَعَد بن عدنان.". وعند ابن سعد في الطبقات حديث مقطوع برقم ١٣١ :" وَأُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَيْلَةُ وَيُقَالُ : هِنْدُ بِنْتُ أَبِي قَيْلَةَ وَهُوَ وَجْزُ بْنُ غَالِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَأُمُّهَا سَلْمَى بِنْتُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَأُمُّهَا مَاوِيَّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ مِنْ قُضَاعَةَ ، وَأُمُّ وَجْزِ بْنِ غَالِبٍ السَّلافَةُ بِنْتُ وَاهِبِ بْنِ الْبُكَيْرِ بْنِ مَجْدَعَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الأَوْسِ ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ قَيْسِ بْنِ رَبِيعَةَ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ بُوَيِّ بْنِ مَلَكَانَ بْنِ أَفْصَى أَخِي أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى ، وَأُمُّهَا النَّجْعَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، وَأُمُّ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جُمَلُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ فُصَيَّةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَلِيحِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ ، وَأُمُّ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ أُمُّ قُصَيٍّ وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيْلٍ وَهُوَ خَيْرُ بْنُ حَمَالَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَامِرٍ الْجَادِرِ مِنَ الأَزْدِ ." .
﴿٧﴾ أي أمها .
﴿٨﴾ اي جدتها .
﴿٩﴾ أَخْرَجَه أبو نعيم فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " مِنْ طُرُقٍ.وسوف نبحث هذه المسألة في موضعها .
﴿١٠﴾ أثير الدين ؛ أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي ؛ التفسير الكبير المسمىٰ البحر المحيط ؛ دار إحياء التراث العربي ؛ دون ذكر سنة النشر ؛ تفسير :" سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ؛ آية ١٦٥].
﴿١١﴾ قصيدة شرف الدين أبي عبدالله محمد بن سعيد البوصيري "الهمزية" .
﴿١٢﴾ تجده في طبقات ابن سعد ؛ حديث موقوف ؛ رقم ١٨٠. :" كَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ فِي حِجْرِ عَمِّهَا وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِمَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ " . كما تجد ذلك عند :" ابن جماعة ؛ المختصر في السيرة " وروي أنّ :" آمنة بنت وهْب بن عبدمَنَاف كانت في حِجْر عمَّها وهُيب بن عبدمَنَاف فمشى إليه عبدالمطْلب بن هاشم بابنه عبدالله فخطب آمنة َ فزوّجها إيّاه ".
﴿١٣﴾ محمد برهان ؛ نساء حول الرسول؛ الصفحة : 57.
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى)

أعلى الصفحة
فهرس

 

شروط نشر الأعمال الفنية و الأدبية (المؤلفة أو المنقولة) فى أوسترو عرب نيوز :

عدم التعرض إلى (الذات الإلهية) .. الأديان السماوية .. المذاهب الدينية .. القوميات .

عدم التعرض بالسب أو الانتقاص من شخصية خاصة أو اعتبارية  .. بشكل مباشر أو بالتورية حال النقد .

أن لا ينشر فى أي وسيلة إعلامية صادرة بالعربية من النمسا .. خلال فترة النشر بـ أوسترو عرب نيوز .

أن يضمن المؤلف أو المراسل نشره فى النمسا مذيلا بعبارة : منقول عن أوسترو عرب نيوز (كلمة شرف)

ما ينشر في أوسترو عرب نيوز .. يعبر عن رأي كاتبه أو ناقله أو راسله ..
أوسترو عرب نيوز .. لا تتحمل المسئولية الأدبية أو القانونية .

أوسترو عرب نيوز .. تهيب بحضراتكم الإبلاغ عن أي تجاوز .. لعمل الإجراء المناسب على الفور .. بالحذف مع الاعتذار .

أعلى الصفحة


الموقع غير مسئول عن تصحيح الأخطاء الإملائية و النحوية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رئيس التحرير : أيمن وهدان




أخبار عرب النمسا