السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
   
النمسـا اليـوممفكـــــرةخدمات & طوارئ النمسـا الوطـنإخترنـا لكإعلانــــــاتحـوار صـريحمجتمــــــعهيئة التحـريرمواقع إلكترونيةتواصـــل
 
 

غسان شحرور
الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام و مخلفات الحروب
مؤسس الجمعية السورية لألزهيمر والذاكرة
 دمشق

في يومها العالمي 12 ديسمبر/ كانون أول:
"التغطية الصحية الشاملة"
هي حماية الجميع، في كل مكان

بقلم د. غسان شحرور

أكدت جائحة كـوفيد-19 أكثر من أي وقت مضى أن تحقيق رؤية "الصحة للجميع" بل وتحقيق "أهداف التنمية المستدامة" في العالم أيضاً لن يشهدا النور ما لم ننجح في توفير "التغطية الصحية الشاملة" لجميع الناس وفي كل مكان.
في 23 أيلول/سبتمبر 2019 شهدت الأمم المتحدة أهم إعلان تاريخي في مجال الصحة والتنمية، بشأن تحقيق "التغطية الصحية الشاملة"، وفي إعلان القمة العالمي رفيع المستوى هذا التزمت الدول الأعضاء بإحراز المزيد من التقدم باتجاه تحقيق "التغطية الصحية الشاملة" عن طريق الاستثمار في مجالات رئيسة تتمحور حول الرعاية الصحية الأولية، وتعزيز النظم الصحية بحيث تستطيع تنفيذ تدخلات صحية عالية الأثر لمكافحة الأمراض وحماية صحة المرأة والطفل، وتشتمل هذه المجالات أيضاَ آليات تكفل ألا يتعرض أي أحد لمصاعب مالية من جراء اضطراره إلى سداد تكاليف الرعاية الصحية، تزداد أهمية ذلك خاصة أنه لم يبق أمام العالم سوى عشر سنوات لكي يحقق "أهداف التنمية المستدامة 2030 "، علماً بأنه لا غنى عن "التغطية الصحية الشاملة" لضمان بلوغها.
وهكذا أكد العالم أكثر من أي وقت مضى، أن رؤية “الصحة للجميع” التي نسعى إليها على مدى عقود، لا يمكن أن تتحقق ما لم ننجح في تحقيق “التغطية الصحية الشاملة” للجميع وفي كل مكان. فالصحة وفق التعريف الذي نشأت عليه "منظمة الصحة العالمية" هي "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز"، وهكذا، فالإنصاف في الوصول إلى الخدمات الصحية ذات الجودة الأساسية هي لمن يحتاجها، وليس فقط لمن يستطيع تحمل كلفتها، مع ضمان توافر الحماية من أي عجز مالي قد يهدد ذوي الدخل المحدود، وهكذا لا نقايض الصحة بالمال مهما كانت الظروف.
قبل أن يجف مداد هذا الإعلان التاريخي أصيب العالم بجائحة كوفيد 19 التي أودت حتى الآن بحياة أكثر من مليون شخص، وأصابت أكثر من أربعين مليون شخص في أكثر من 190 بلداَ، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والإنسانية الخطيرة الأخرى التي أضحت معروفة لدينا جميعاَ.
نعم لقد شكلت هذه الجائحة وتداعياتها العديدة تحديات كبيرة لمختلف جوانب حياة الإنسان وبشكل خاص للخطة العالمية لتحقيق التنمية المستدامة بحلول العام 2030 فقد كشفت عن قصور فادح في النظم الصحية داخل بلدان العالم نفسها وفيما بينها أيضاَ، وكذلك في نظم وآليات الاستجابة العالمية المنسقة لحالات الطوارئ الصحية، وفي تدابير التأهب للأوبئة والاستجابة السريعة لها وهي حاجة عالمية أساسية ملحة في مواجهة الكوارث العابرة للحدود، كذلك امتد القصور أيضا إلى حماية نظام تقديم الخدمات الصحية الأساسية الأخرى أثناء تفشي الجائحة وحماية العاملين الصحيين فيه سيما أنهم يشكلون خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الجائحة في كل مراحلها.
لقد أظهرت تداعيات جائحة كوفيد 19 هذه وأكثر من أي وقت مضى أن السعي إلى تحقيق “التغطية الصحية الشاملة” أصبح أكثر إلحاحاً، ورغم كلفتها فهي رخيصة عندما نرى العواقب الوخيمة المترتبة على غيابها.
لا يسعنا في هذا اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة 2020 الذي يحمل شعار "الصحة للجميع: حماية الجميع"، إلا أن نؤكد أن "الصحة للجميع" حق أساسي من حقوق الإنسان، و “التغطية الصحية الشاملة” هي أداة محورية للوصول إلى كل إنسان وفي كل مكان. فالصحة كما هو معروف لدينا هي محور حقوق الإنسان، وما “التغطية الصحية الشاملة” إلا أداة تحقيقها، فلنعمل جميعاَ على أن تشمل الجميع وفي كل مكان.

فيلسوف الجمال وأديب الفلاسفة

بقلم د. غسان شحرور
إنه "عبد الكريم اليافي" عاشق الكتاب بلا منازع، وأميرٌ من أمراء البلاغة والبيان، لايذكر يوماُ لم يجلس فيه إلى كتاب، حتى أن من يزور بيته يظن أنه في مكتبة تجتمع فيها الكتب من كل صنف ولون، وتحمل بين دفتيها معارف وذكريات عزيزة لاتنتهي، كثيراً ما حدث ضيفه عن بعضها إلى درجة تظن أنها جزء لايتجزأ من حياته ووجدانه.
لقد ذكرني عشقه لها بعشق "أبو حيان التوحيدي"، أحد أعلام القرن الرابع الهجري، الذي لقب بفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، يروى أنه قام بإحراق كتبه من شدة تعلقه بها، بعد أن لمس عدم اكتراث عامة الناس بما يكتب، ولما عاتبه ذويه عن فعلته تلك أجاب: "لقد فقدت ولداً نجيباً، وصديقاً حبيباً، وصاحباً قريباً، ونابغاً أديباً، ورئيساً منيباً، فشق عليَّ أن أدعها لقوم يتلاعبون بها".
ولد العلامة والمفكر والأديب الموسوعي "عبد الكريم اليافي" في مدينة حمص 1919، وكان محباً للتعلم، فلم يكتف بنيل الإجازة الجامعية من فرنسا في العلوم الرياضية والطبيعية عام 1940، بل نال أيضاً إجازة في الآداب ودكتوراه في الفلسفة، كما نال شهادات عديدة في علم النفس العام، وفلسفة الجمال، وعلم الفن والمنطق، وتاريخ العلوم وفلسفتها، وعلم الاجتماع والأخلاق.
من إنتاجه الفكري "تمهيد في علم الاجتماع" (1964)، "دراسات اجتماعية ونفسية" (1964)، "دراسات فنية في الآداب العربية" (1963)، "جدلية أبي تمام"(1983)، "معالم فكرية في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية" (1982)، "معجم مصطلحات التنمية الاجتماعية في العلوم المتصلة بها"، "العلم والنزعة الإنسانية"، "حوار البيروني وابن سينا"، و”مباهج الأدب”، وله الآلاف من المقالات والعديد من الحوارات واللقاءات الأدبية الثقافية، المحلية والعربية والدولية، وقد أسهب في التعريف بعلم الجمال، أو فلسفة التّعامل مع الطبيعة والفنّ والذّوق، وهو أحد الفروع المتعددة للفلسفة، يراه البعض على أنه تفكير نقدي فلسفي في الثقافة والفن والطبيعة، برع "اليافي" في تدريسه والحديث عنه.
خلال حياته العلمية والأدبية، كأستاذ في جامعة دمشق (1947–2003)، وعضويته في "مجمع اللغة العربية" بدمشق، أسهم في تعريب العديد من المصطلحات التربوية والاجتماعية والطبية، ولاسيما في ميادين الإعاقة وعلم الاجتماع، كما قدم خلال رئاسته القسم العلمي للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم خدمات جليلة للباحثين والمختصين في تأهيل ودمج الأشخاص الصم والمعوقين، تعرفت إليه خلال اجتماعات هذا القسم العلمي مع المكتب التنفيذي للاتحاد العربي الذي شغلت عضويته، وسرعان ما جمعتنا العديد من اللقاءات الخاصة منها ما كان مع عائلته الكريمة المميزة في مواهبها، وقد أغنى "اليافي" هذه الجلسات بذكرياته الجميلة وأحاديثه العذبة، وقد أهداني خلالها العديد من مقالاته وكتبه، وقد شرفني أيضاً بكتابة مقدمة كتابي “قصة مدينتين في حياة البحيري”، وضمّنها كعادته كثيراً من المودة والمجاملة.
لقد كان من أشد المدافعين عن اللغة العربية، والثقافة العربية وجوانبها الحضارية الإنسانية، وكثيرا ما كان يشكر كل من يتحدث عن قرية أو مدينة أو بلد عربي، أو من يتطرق إلى ظاهرة اجتماعية أو صحية فيها، أو حتى من يصف معلماً تاريخياً أو سياحياً هنا وهناك، كما كان يرى أن الحديث عن الأعلام وحياتهم وإسهاماتهم، حق إنساني، وواجب قومي ووطني واجتماعي، وتواصل حضاري وثقافي، مستمر بين الأجيال.
نعم لقد كان "اليافي" وسيبقى هامة شامخة من هامات الثقافة والأدب والفلسفة، عبر بصدق وإخلاص عن هموم الإنسان وقضايا الأمة، ولا نستطيع، وقد نعته دمشق في يوم الجمعة الموافق للعاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2008، إلا أن نقر بفضله ونستودعه الله برحمته.
إن غاب فضلٌ يوماً لصاحبه ففضله في العقول لم يغبِ

في يوم العصا البيضاء: "دعوة إلى تمكين المرأة الكفيفة"

بقلم د. غسان شحرور
إن إصابتي الحقیقیة، لیست في بصري الذي فقدته مذ خرجت إلى الحیاة، إنها في المجتمع الذي یأبى أن یتقبلني كما أنا مواطنةً عادیةً. هذا ما قالته لي إحدى السیدات الكفیفات، في إحدى المناسبات.

لقد تركت هذه الكلمات في نفسي أثراً كبیراً.. نعم، لقد فقدَت البصر، لكن بصیرتها یفتقدها كثیرون.

          بدأ "اليوم العالمي للعصا البيضاء"، في عام 1980، وفي هذا اليوم السنوي، تقيم الجمعيات والمراكز التي تعني بالأشخاص كفيفي البصر الندوات والمعارض المختلفة التي تذكرنا جميعاً بقدرات الأشخاص المكفوفين وحقهم في الحصول على فرص متكافئة أسوة بباقي المواطنين، كذلك التعريف بالإنجازات التي أمكن تحقيقها، كما تلقي الأضواء على الصعاب والتحديات التي تواجههم في حياتهم من أجل كسب تأييد المجتمع لتخفيفها والتغلب عليها.

          كما نعلم جميعاً، لم يحول فقد حاسة بصر العديد من الأشخاص المكفوفين دون التفوق والإبداع، ولم يكن ذلك ممكنا لولا إرادتهم القوية ومساندة أُسرهم ومجتمعاتهم. هذا ولا يقتصر النجاح على المبدعين والموهوبين منهم، وإنما يمتد إلى سائر المجتهدين والمثابرين، كبعض المعلمين والمربين، والحرفيين المهرة، ورجال الدين وغيرهم، و لايغيب عن ذاكرتي أكثر من معلمة، وربة منزل، وطالبة من المكفوفات المتفوقات في الحياة والمجتمع.

المرأة العربية الكفيفة.. تمييز مضاعف:

          أتحدث في هذه المناسبة عن المرأة العربية الكفيفة، لأنها تعاني من التمييز مرتين: مرة لأنها كفيفة، ومرة ثانية لأنها إمرأة. حقاً، إنها حقائق قاسية عن المرأة الكفيفة في بلادنا العربية رغم الكثير من الجهود التي بذلت وتبذل من الجهات الحكومية والأهلية والخاصة، ورغم انضمام الدول العربية إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فإن المرأة الكفيفة لاتحظى بفرص متكافئة في الحصول على العمل، وكذلك في المشاركة الاجتماعية والثقافية وغيرها أسوة بأقرانها من العاديات، فهي لاتزال بين المجموعات الأكثر ضعفاً والأقل حماية، وهي بين الأكثر فقراً والأقل تعليماً في المجتمع، تواجه الكثير من الصعوبات في الحصول على الخدمات الصحية والتأهيلية والاجتماعية مقارنة بأقرانها العاديات، ويزيد الطين بلة أن بعض الأسر العربية تنظر إلى الفتاة أو المرأة الكفيفة على أنها مصدر خجل وشفقة وحسرة.

          نعم، لاتزال الحاجة ماسة إلى تعزيزالخدمات الخاصة بالأشخاص المكفوفين لاسيما برامج التعرف والتنقل، والتأهيل المجتمعي بالإضافة على دعم برامج التشغيل والحماية الاجتماعية في الإطار الشامل للدمج والاحتواء.

      إنها حقائق عن المرأة الكفيفة في بلادنا تذكّرنا وتحفّزنا أن نبحث أكثر، ونعمل أكثر، ونطالب أكثر من أجل إيفائها حقوقها في المشاركة والمساواة والتعليم والصحة والعمل والحماية الاجتماعية.

          إنها حقوق لا يمكن بلوغها إلا بتمكين المرأة الكفيفة وجمعياتها والجهات العاملة معها، في كل مراحل العمل لمواجهة هذه التحديات والصعوبات، والتغلب على جميع أشكال التمييز، ورصد الخطوات والإنجازات على طريق تعزيز حقوقهن وحفظ كرامتهن، إنها جزء لايتجزأ من حقوقنا وكرامتنا جميعاً.

دعوة إلى مضاعفة الجهود:

          لقد شهدت الساحة العربية عدداً من الفعاليات لتسليط الضوء على حاجات وحقوق المرأة الكفيفة، أذكر منها "الملتقى العربي الأول للمرأة العربية الكفيفة" الذي انعقد في ليبيا عام 2008، وندوة “المرأة العربية الكفيفة بين حلم القيادة ومعوقات الواقع" التي نظمها "الاتحاد الوطني للمكفوفين" بتونس في عام 2009 ، و "برنامج تمكين المرأة الكفيفة في الأردن" الذي نظمته "جمعية الصداقة للمكفوفين" في عمان عام 2014، وغيرها، وفي هذا العام نتطلع إلى المزيد في "ملتقى تمكين المرأة العربية الكفيفة"، 14-15 ديسمبر/كانون الأول 2015 بمدينة الكويت الذي ينظمه "معهد المرأة للتنمية والسلام" بالتعاون مع "الجمعية الخليجية للاعاقة".

          لاشك أن منظماتِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة، لا سيما منظمات المرأة تسعى إلى المشاركةِ الكاملة، والفاعلة في كل هذه الجهود، خاصة أنها تحتاج إلى الكثيرِ من الوقتِ لإحداثِ التغييرِ المنشود، كما أن المنابرِ الإعلاميةَ العامةَ والمتخصّصةَ بالإعاقةِ لا تتردد في القيامِ بالعملِ الإعلاميِّ المتخصّص والجاد من أجلِ تمكينِ المرأةِ المعوقة، وخاصّة الكفيفة، وخلق بيئةٍ ممكّنة لضمانِ تمتـّـعها تمتّعاً كاملاً، وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

          نأمل أن يشكّلَ هذا اليوم مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات المرأة الكفيفة و نجاحاتها، وهو أيضاً مناسبةً لتكريمها و تعزيز دورها، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجهها وسبل التغلبِ عليهما، وكذلك مناسبةً لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهاِ والنهوضِ بواقعها نحو الأفضل.

د. غسان شحرور، منسق "اليرموك للإعلام الخاص"

دعوة تتجدد في شهر ألزهايمر العالمي

           انطلق هذا الشهر العالمي في عام 2012 برعاية "منظمة ألزهايمر العالمية" التي تضم في عضويتها 85 منظمة وطنية بينها 7 جمعيات عربية تمثل مصر ولبنان وسورية وتونس والمغرب والأردن والسعودية، وتسعى فعاليات هذا الشهر من كل عام إلى تسليط الضوء على أمراض الخرف، وحقوق وحاجات المرضى وذويهم، وبحث آخر المستجدات من أجل تعزيز جهود الجهات الصحية والاجتماعية والعلميةً، لمواجهة مرض"ألزهيمر"، أو قاتل الذاكرة، وفي رعاية المرضى وحفظ كرامتهم.

         يقدر عدد أفراد هذه الفئة التي تعاني من الخرف أو العته بنحو 35 مليون إنسان في العالم، ونظراً للزيادة السريعة في أعدادها، التي يتوقع أن تبلغ نحو 135 مليون في عام 2050، كما تقدر كلفة رعايتهم السنوية حالياً بأكثر من ستمائة مليار دولار، وهي آخذة في الارتفاع مع ازدياد أعداد المصابين، وفق ما جاء في التقرير الأخير لمنظمة "ألزهيمر" العالمية، وهكذا ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، يقترب عدد المصابين بألزهيمر من نحو 5 ملايين شخص، تزيد نفقات رعايتهم السنوية عن 214 مليار دولار (2014).  

  حقائق عن الخرف:

·        كل 4 ثوان يصاب شخص جديد بالخرف.

·        الخرف ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، لكن ظهوره يزداد مع تقدم العمر.

·        وفق الدراسات العالمية، سوف يتضاعف عدد المصابين بالخرف خلال العقود القليلة القادمة، وبالتالي تتضاعف أيضاُ كلفة رعايتهم.

·        يعيش نحو 60% منهم في الدول النامية.

·        تفتقر معظم بلاد العالم إلى الخطط الوطنية الاستراتيجية لمواجهة أمراض الخرف التي ينبغي أن تتضمن برامج التوعية المجتمعية فى مستويات عدة، إلى جانب تعزيز الخدمات الطبية في الكشف والتشخيص والتدبير، ودعم الجهود البحثية، وغيرها في المجالات الاجتماعية والتشريعية والإنسانية.

·        الحاجة إلى تعزيز جهود تحقيق الكشف المبكر في مستوى الرعاية الصحية الأولية، حيث بينت الدراسات أنه حتى في الدول الأكثر دخلاً تراوحت نسبة الكشف المبكِّر بين 20-50% فقط. 

·        إن تعزيز خدمات الكشف المبكِّر والعلاج النوعي في مختلف أنحاء العالم يمكّن مؤسسات البحث العلمي من الحصول على مجموعات كبيرة من المرضى قبل أن يتمكّن المرض من الإجهاز على الذاكرة لديهم، ومن ثم وضع تصنيفات دقيقة، تساعد في اختبار العلاجات الجديدة في وقت أبكر، ومتابعتها وتقييمها.

·        يسهم التشخيص المبكّر في تحسين نوعية حياة المصابين بالخرف وذويهم إضافة إلى مقدمي الرعاية.

دعوة إلى العمل:

في مجتمعنا العربي الذي يعد الخرف مشكلة صحّية واجتماعية واقتصادية وإنسانية آخذة في الازدياد، والانتشار، تقع تداعياتها المختلفة على كاهل الفرد والأسرة والمجتمع، إذ يعاني أكثر من700 ألف شخص عربي من الخرف، وهكذا تؤدي هذه المشكلة إلى استنزاف كبير ومستمر لبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية المثقلة أصلاً بالكثير من المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن العربي.

         نعم، رغم الأعباء الثقيلة التي تقع على كاهل مؤسساتنا الصحية والاجتماعية والإعلامية، لاسيما في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة وأعداد هائلة من النازحين واللاجئين فإننا نتطلع إلى عدم إغفال حاجات وحقوق هذه الفئة المتزايدة من المجتمع، لاسيما في الرعاية والحماية، كذلك نتطلع إلى دور أكبر لوسائل الإعلام المختلفة في تذكير كافة فئات المجتمع بحاجات هذه الفئة من ذوينا التي فقدت الذاكرة، وأهمية دور الأسرة والمجتمع في تعزيز حقوقها وتلبية احتياجاتها. 

         إنها مناسبة للتوعية والعمل وعرض التحديات محلياً ووطنياً وعالمياً، وكذلك عرض الإنجازات والنجاحات، وهي بلاشك مناسبة لتكريم المتطوعين والداعمين والجمعيات الفاعلة، وكذلك وسائل الإعلام التي تسهم في تعزيز مسيرة الرعاية الإنسانية.


كاتب وباحث في المجالات الصحية والاجتماعية، مؤسس الجمعية السورية لألزهيمر والذاكرة.

أنت منهم  .. كل عام وأنت بخير

 

لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم التاسع عشر من آب / أغسطس من كل عام يوماً عالمياً للعمل الإنساني من أجل تكريم العاملين الذين يواجهون الأخطار والمحن لمساعدة الآخرين. نعم، إن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو احتفاء وتقدير للناس الذين يساعدون الناس يسلط هذا اليوم الضوء على جهود العاملين في الخدمات الإنسانية ومنظماتهم الأهلية والحكومية والدولية، ممن يسهمون في مواجهة الكوارث الصحية والبيئية والنزاعات المسلحة، وتحديات الإعاقة والشيخوخة على الفرد والأسرة، كذلك تقديراً لمكانتهم في بناء الإنسان والمجتمع، وتتجدد في هذا اليوم الدعوة إلى جميع الناس للعمل معاً في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل لبناء وتنمية المجتمعات الإنسانية في كل مكان، وفي كل زمان


إننا نأمل أن يكون هذا اليوم العالمي، محفزاً لانضمام المزيد من المتطوعين، إلى كافة مجالات العمل الإنساني ، وكذلك نأمل أن يحقق المزيد من الدعم المجتمعي المحلي والدولي لمنظمات العمل الإنساني


وفي الوقت الذي لا نغفل فيه الكثير من الإنجازات التي تحققت على يد المنظمات الإنسانية العربية، والخدمات النبيلة التي قدمتها، وعلى أكثر من صعيد، فإن حجم التحديات وشدتها أكثر بكثير الأمر الذي يدفعنا إلى بذل المزيد، والمطالبة بالمزيد، لا سيما في مجال وضع التشريعات والقوانين التي تحفز العمل الإنساني وتسهل عمل الجمعيات الإنسانية العربية، وتخلق مناخا إيجابيا، يشجع التنافس والعطاء، كذلك لا بد من حماية المنظمات الإنسانية والعاملين فيها، وعدم استغلالها، وتشويهها وحرفها عن أهدافها المجتمعية الإنسانية النبيلة
من التحديات التي نلمسها أيضا، ضعف مهارات التخطيط والإدارة والبحث والتشبيك والتقويم، لدى العديد من منظمات العمل الإنساني العربية، بالإضافة إلى عدم الاستثمار المناسب للثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي لم يعد يخفى على أحد ما تشكله من أهمية بالغة في حياتنا المعاصرة

 

لا بد من الإشارة في هذه العجالة إلى أهمية إبراز التجارب الناجحة، والاستفادة من دروس التجارب غير الناجحة، كذلك لا يغيب عنا أيضا الحاجة إلى دور الإعلام الفاعل بوسائله المختلفة، لاسيما الإعلام الاجتماعي في توجيه الرأي العام وقطاعات المجتمع المختلفة الحكومية والأهلية والخاصة من أجل ترسيخ مفاهيم العمل في الخدمات الإنسانية، وحشد التأييد للعاملين ومنظماتهم

حقاً إن العمل الإنساني يسهم في نهوض المجتمع من كبواته، والأهم من ذلك أنه يسهم في تعزيز بنيانه الاجتماعي الداخلي ويزيد من تماسك أبنائه وانتمائهم له، الأمر الذي يعزز قدرة المجتمع على مواجهة تحديات وصعاب الحاضر، ويمكّنه من السير بخطى واثقة نحو المستقبل

تعيد هذه المناسبة إلى ذهني، ما دعوت إليه في عام 1999 خلال ندوة عن الإعاقة والشيخوخة بالمركز الثقافي العربي بدمشق عن الحاجة إلى إطلاق يوم سنوي عربي للعاملين والمتطوعين في الخدمات الإنسانية، نتحدث فيه جميعاً عن حاجاتهم، وحقوقهم، وعن تطلعاتهم وسبل دعمهم

نعم، يوم نذكّـر أنفسنا ونذكّـرهم فيه أن العمل الإنساني النبيل لا يمكن أن تفيه حقه أية تعويضات مادية مهما بلغت في مجتمع تسود فيه قيم الترف والاستهلاك

يومٌ نتحدث فيه مرة أخرى، عن سمو ونبل ما يقومون به

يومٌ ندعوهم فيه إلى الفخر والاعتزاز

يومٌ نقول لكل منهم ومهما كان موقعه: افتخر..أنت تعمل في الخدمات  الإنسانية

في أسبوع الأصم العربي لعام  2015: الحقوق أولاً

بقلم د. غسان شحرور

 

في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل)، تقيم جمعيات الأشخاص الصّم والهيئات العاملة معهم في الوطن العربي أسبوعاً يدعى «أسبوع الأصم» الذي يعد أسبوعاً حقوقياً مكثفاً وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصّمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل تربيته وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه، وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى توجيه وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء على حقوقه الأساسية الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية، ويهدف أيضاً إلى تمكين الأشخاص الصّم وضعاف السّمع وجمعياتهممن القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة.

اعتمد الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم "تعزيز حقوق الأشخاص الصّم في المجتمع من خلال متابعة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" محوراً لأسبوع الأصّم لهذا العام 2015، نظراً لأهمية هذه الاتفاقية الدولية في تحقيق أقصى درجة ممكنة من التأهيل والدمج والاحتواء.

- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

تمثل الاتفاقية صكاً لحقوق الإنسان ذا بعد واضح للتنمية الاجتماعية، وتؤكد الاتفاقية من جديد ضرورة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين، وتحدد المجالات التي ينبغي تأمينها لكي يمارس الأشخاص ذوو الإعاقة حقوقهم بالفعل، والمجالات التي يجب تعزيز الحقوق فيها، من أجل تمكينهم، وتعزيز دورهم المجتمعي.لقد حرصت هذه الاتفاقية على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص الصم، من خلال التأكيد على أن لكل فرد، دون تمييز من أي نوع الحق في التمتع بجميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.

كذلك أبدت اتفاقية الأمم المتحدة هذه اهتماماً خاصاً بالأشخاص الصّم ولغاتهم الإشارية، من خلال المادة 2 الخاصة بالتعاريف، والمادة  9  الخاصة بإتاحة الوصول، والمادة 21  حول حرية الرأي والتعبير، والمادة 24  الخاصة بالتعليم، والمادة 30 حول المشاركة في الحياة الثقافية والترفيه،  وقد أكدت على الاعتراف بلغة الإشارة، واستخدامها، واحترام ثقافة الأشخاص الصّم وخصوصيتهم، والحق في الحصول على الترجمة الإشارية، واستخدام ثنائية اللغة في تعليمهم.

- أسبوع الأصم العربي الأربعون ...دعـوة متجددة إلى العمـل:

    لقد وقعت الدول العربية على هذه الاتفاقيةِ، ورغم هذه الاستجابات الجيدة إلا أن القوانينَ الوطنيةَ والتشريعاتَ الخاصّةَ بالإعاقةِ في بعض الأقطارِ العربيةِ، لا تزال تعودُ إلى سنواتِ ما قبل الاتفاقية، كما أن معظمها لا يعكس واقعَ المرأةَ المعوقةَ ولاسيما الصّماء، والحاجةَ الماسّةَ إلى تعزيزِ حقوقِها، وتأمينِ حاجاتِها الأساسيةِ المختلفةِ، ومعالجةَ العوامل الاجتماعية والثقافية، وضعفَ الوعيِ المجتمعيِّ. كل ذلك يدعونا إلى تحديثِ تشريعاتنا الوطنية، والاستفادةِ من الاتفاقيةِ الدوليةٍ على الشكلِ الأمثلِ، وإطلاقِ العملِ التشاركي الحكومي والأهلي ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة وبينها منظمات الأشخاص الصم في مجالات رصد تنفيذها الأمثل، من أجل تعزيز حقوقهم وحمايتهم وحفظ كرامتهم.

    تقع على منظماتِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة، لا سيما منظمات الأشخاص الصم وذويهم والعاملين معهم مسؤوليةً كبرى في المشاركةِ الكاملة، الفاعلة في كل هذه المجالات، التي تحتاج إلى الكثيرِ من الجهدِ والوقتِ لإحداثِ التغييرِ المنشود، كما أن المنابرِ الإعلاميةَ العامةَ والمتخصّصةَ بالإعاقةِ لا تتردد في القيامِ بالعملِ الإعلاميِّ المتخصّص والجاد من أجلِ تمكينِ الأشخاص الصم، وخلق بيئةٍ ممكّنة، لضمانِ تمتـّـعهم تمتّعاً كاملاً، وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

بمناسبةً هذا الأسبوع، نكرر دعوة المنظمات الوطنية والعربية والدولية إلى تلبية احتياجات الأشخاص الصم، ومنظماتهم والعاملين معهم في مناطق الحروب والنزاعات والحصار والإحتلال، كما ندعو إلى الاستفادةِ من توصياتِ مؤتمراتِ وندواتِ الاتحاد العربي للهيئات العاملةِ مع الصّمِ التي طرحت مواضيع عديدة من قضايا الأشخاص الصم في وطنِنا العربي.

        من جهة أخرى, وكما في كل عام، نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ الأربعون مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات الأشخاص الصّم ونجاحاتهم العديدة، في أكثر من مجال، وأكثر من مكان، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجههم وسبل التغلبِ عليها، إنها مناسبةً أيضاً لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهم والنهوضِ بواقعهم نحو الأفضل.

اليوم الذي ينتظره العالم

          في مثل هذا اليوم 31 من شهر يناير/كانون الأول عام 1950 أعلن الرئيس الأمريكي "هاري ترومان" شروعه في إنتاج القنبلة الهيدروجينية، والتي تزيد قوتها التدميرية أكثر من مئة مرة عن قنبلة هيروشيما الذرية، وبالفعل اختبرت الولايات المتحدة أول قنبلة هيدروجينية في الأول من تشرين الثاني نوفمبر من عام 1952 في جزيرة مارشال بالمحيط الهادي.

          في هذا العام 2015 وبمناسبة مرور سبعين عام على إطلاق قنبلتي هيروشيما وناجازاكي ينتظر العالم من الدول النووية لاسيما الولايات المتحدة إعلان البدء بخطوات عملية ملموسة لحظر الأسلحة النووية والبدء بإخلاء العالم منها، نعم خطوة طالما انتظرتها شعوب العالم وأيدتها معظم حكومات العالم لاسيما في مؤتمرات أوسلو ونهاريت بالمكسيك وفيينا مؤخراً.

          إنها خطوة تنتظرها شعوب العالم في أكثر من مناسبة، وعبرت عنها مؤتمرات عديدة استضافتها هيروشيما، ومنظمات ضحايا القنبلة النووية الهيباكوشا، وعبرت عنها جمهورية جزر مارشال الصغيرة في الرابع والعشرين من شهر أبريل/نيسان 2014 وفي خطوة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، فقد تقدمت بدعوى قضائية تستهدف الدول التسع النووية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتتهم فيها جزر مارشال الدول التسع "بالانتهاك الصارخ للقانون الدولي" لتقاعسها عن مواصلة المفاوضات حسبما تقضي اتفاقية منع الانتشار النووي التي يبلغ عدد أعضائها 190، ودخلت حيز التنفيذ في عام 1970، والتي تلزم من ينضم إليها بموجب المادة السادسة منها بوقف الانتشار النووي، والسعي في أقرب وقت ممكن إلى نزع السلاح النووي، وهذا ينطبق على أعضاء الاتفاقية من الدول النووية: الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين الشعبية، أما غير المنضمين كالهند وباكستان وكوريا الشمالية واسرائيل فتقاضيهم بموجب القانون الدولي العرفي.      

                   تكتسب جزر مارشال أهمية خاصة حيث تمثل أهم ضحايا الأسلحة النووية، فقد  كانت خلال الفترة 1946-1958 موقعا للتجارب النووية الأمريكية التي بلغ عدد تفجيراتها 67، وهي ما تعادل في شدتها التدميرية إلقاء قنبلة ونصف من قنابل هيروشيما كل يوم ولمدة 12 سنة، الأمر الذي ألحق أضراراً جسيمة في بيئتها قد تمتد لمئات السنين.

          وفي انتظار هذا اليوم، لايسعنا إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ووسائل الإعلام، والحكومات أن تعمل على تسريع العمل للقضاء على الأسلحة النووية ودعم الجهود العالمية في هذا الشأن، والتي بدأت خطواتها الأولى منذ أن خبر العالم ولأول مرة العواقب الإنسانية الكارثية للسلاح النووي في هيروشيما وناجازاكي عام 1945.
          وفي هذه المناسبة نؤكد أن سلامة وأمن كوكبنا لا يتحقق إلا بإزالة ما عليه من 19 ألف رأس نووي بشكل تام وعاجل، فهذه الأسلحة النووية ونحو 2000 طن من اليورانيوم والبلوتونيم المخصب هي الخطر الحقيقي الذي يهددنا جميعاً، بل وتهدد هذه الأسلحة في كل لحظة البنية التحتية والبيئية للحياة على وجه الأرض، ولهذا كله أعلنت نحو 146 دولة تأييدها إطلاق مفاوضات دولية لإنجاز اتفاقية شاملة وملزمة تحظر تصنيع وحيازة واستخدام الأسلحة النووية لأن التخلص منها هو الأمن الحقيقي للبشرية، وسلامة بيئتنا ورفاه شعوبنا

د. غسان شحرور   ...   الشبكة العربية للأمن الإنساني

خطة "جنيف" لمواجهة الخرف:  دعوة إلى وزراء الصّحّة العرب

بقلم الدكتور غسان شحرور

        في أول استجابة دولية لمواجهة التحديات المتزايدة لأمراض الخرف تعقد منظمة الصحة العالمية مؤتمرها الوزاري الأول في "جنيف" بين 16-17 آذار/مارس 2015 لبحث آخر المستجدات والتوصيات من أجل تعزيز جهود الجهات الصحية والاجتماعية والعلمية، محلياً وعالمياً، لمواجهة مرض "ألزهيمر" أو قاتل الذاكرة، ووضع خارطة طريق تعكس عزم وتصميم المجتمع الدولي على مواجهة أمراض الخرف، ورعاية المرضى وحفظ كرامتهم.

         يقدر عدد أفراد هذه الفئة التي تعاني من الخرف أو العته بنحو 35 مليون إنسان في العالم، وتقدر كلفة رعايتهم السنوية بأكثر من ستمائة مليار دولار، وهي آخذة في الارتفاع مع ازدياد أعداد المصابين، وفق التقرير الأخير لمنظمة "ألزهيمر" العالمية، وهكذا ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، يقترب عدد المصابين بألزهيمر من نحو 5 ملايين شخص، تزيد نفقات رعايتهم السنوية عن 214 مليار دولار (2014).

  حقائق عن الخرف:

·        الخرف ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، لكن ظهوره يزداد مع تقدم العمر.

·        وفق الدراسات العالمية، سوف يتضاعف عدد المصابين بالخرف خلال العقود القليلة القادمة، ليصل إلى ثلاثة أضعاف بحلول العام 2050، وبالتالي تتضاعف أيضاُ كلفة رعايتهم.

·        يعيش نحو 60% منهم في الدول النامية.

·        تفتقر معظم بلاد العالم إلى الخطط الوطنية الاستراتيجية لمواجهة أمراض الخرف التي ينبغي أن تتضمن برامج التوعية المجتمعية فى مستويات عدة، إلى جانب تعزيز الخدمات الطبية في الكشف والتشخيص والتدبير، ودعم الجهود البحثية، وغيرها في المجالات الاجتماعية والتشريعية والإنسانية.

·        الحاجة إلى تعزيز جهود تحقيق الكشف المبكر في مستوى الرعاية الصحية الأولية، حيث بينت الدراسات أنه حتى في الدول الأكثر دخلاً تراوحت نسبة الكشف المبكِّر بين 20-50% فقط. 

·        إن تعزيز خدمات الكشف المبكِّر والعلاج النوعي في مختلف أنحاء العالم يمكّن مؤسسات البحث العلمي من الحصول على مجموعات كبيرة من المرضى قبل أن يتمكّن المرض من الإجهاز على الذاكرة لديهم، ومن ثم وضع تصنيفات دقيقة، تساعد في اختبار العلاجات الجديدة في وقت أبكر، ومتابعتها وتقييمها.

·         يسهم التشخيص المبكّر في تحسين نوعية حياة المصابين بالخرف وذويهم إضافة إلى مقدمي الرعاية.

 دعوة إلى وزراء الصحة العرب:

يعاني أكثر من 600 ألف شخص عربي من الخرف، الذي يعد مشكلة صحّية واجتماعية واقتصادية وإنسانية آخذة في الازدياد، والانتشار، تقع تداعياتها المختلفة على كاهل الفرد والأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى أنها تمثل استنزافاً كبيراً ومستمراً لبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية المثقلة أصلاً بالكثير من المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطن العربي.

         نعم، رغم الأعباء الثقيلة التي تقع على كاهل وزراء الصحة العرب، لاسيما في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة وأعداد هائلة من النازحين واللاجئين فإننا نتطلع إلى مشاركتهم وكبار المسؤولين الصحيين، أسوة بأقرانهم من وزراء العالم، إن الحرص على المشاركة في أعمال هذا المؤتمر الوزاري الأول بفعالية، يدل على التزام دولهم بحقوق مواطنيهم، والسعي الجدي إلى إنجاح الخطة الدولية وتمكينها من تحقيق أهدافها، وقبل كل شيء تدل على الاهتمام بالإنسان ولاسيما هذه الفئة الجليلة من كبار السن، والتي تخصها الرسالات السماوية والإنسانية والوطنية بكل الاحترام، وتحث على رعايتها وحمايتها وصون كرامتها.


[1] كاتب وباحث في المجالات الصحية والاجتماعية، مؤسس الجمعية السورية لألزهيمر والذاكرة.

حياة "الهيباكوشا" في سطورها الأخيرة

 بقلم د. غسان شحرور

          " لم يكن عمري أكثر من 13 سنة، عندما ضربت القنبلة الذرية مسقط رأسي "هيروشيما"، وفي لحظة واحدة تحول وسط المدينة إلى رقعة بيضاء مسطحة، سرعان ما اختفي كل ما عليها"، "بعد مرور 69 سنة على إطلاق قنبلتي "هيروشيما" و"ناجازاكي" لاتزال الآثار الكارثية لتلك الأسلحة الوحشية غير الإنسانية، وغير الأخلاقية موجودة، ولن نتوقف عن متابعة مسيرتنا في تحذير العالم وتبصيره بآثارها الكارثية، وتحفيزه للسعي إلى حظرها والتخلص منها". هذه مقتطفات من كلمة سيتسكو ثرلو  Setsuko Thurlow ممثلة منظمة "الهيباكوشا"Hibakusha  (الناجون من القنبلة الذرية) في مؤتمر "فيينا" الذي انعقد بين الثامن والتاسع من شهر كانون أول/ديسمبر 2014، أرسلها لي "أكيرا كاوازاكي Akira Kawazaki" مدير منظمة سفينة السلام اليابانية عن فعاليات هذا المؤتمر.

          لقد أعادت هذه الكلمات المؤثرة إلى ذاكرتي حديث ممثل "الهيباكوشا" أثناء مؤتمر عقد بمقر وكالة الطاقة الذرية بمدينة "فيينا" في نهاية شهر نيسان/أبريل 2012، وهو يروي ما شاهده عند قصف مدينته "هيروشيما" بالقنبلة الذرية في صباح يوم الـسادس من آب/أغسطس سنة 1945: "لقد أباد البشر و الحجر في مدينتي "هيروشيما" و "ناجازاكي"، حيث قتل وجرح مئات الآلاف من البشر، وبقي آلاف غيرهم دون مأوى، يعانون الألم والمرض والوحدة والإعاقة. كانت الأبخرة الناجمة عن التفجير ذات قطر يقدر بميل ونصف، وسبب تدميراً كاملاَ لمساحة قطرها ميل، كذلك امتد اللهب لأكثر من ثلاثة أميال".

لازلت أذكر حديثي معهم أثناء زيارتي لجناحهم في قاعة المعارض. نعم، لقد تقدم بهم العمر، وفقد بعضهم السمع والبصر، والقدرة على الحركة، واشتدت بصمات الأمراض المزمنة والخبيثة على كاهلهم، لكن الأمل لا يزال يراودهم في أن يشاهدوا العالم قد خطا خطواته الأولى نحو إزالة ما عليه من أسلحة نووية، وسن معاهدة عالمية تحظر هذه الأسلحة وإلى الأبد

لقد انطلقت مسيرة المؤتمر العالمي حول العواقب الإنسانية الكارثية للأسلحة النووية في "أوسلو" آذار/مارس 2013، ثم واصلت زخمها في "نايريت" بالمكسيك في شهر شباط/فبراير 2014، وهاهي "فييينا" تشهد المحطة الثالثة من هذه المسيرة، مع ارتفاع أعداد الدول المشاركة فيها، على طريق إرساء اتفاقية دولية، تعمل على حظر استخدامها، وإنتاجها، ونقلها، والإتجار فيها، أو الاستثمار فيها، بالإضافة إلى تفكيك الموجود منها، ووضع جميع المنشآت النووية تحت الإشراف الدولي الكامل من أجل سلامة وأمن ورفاه المجتمع الإنساني في كل مكان

لقد اختتم بالأمس مؤتمر "فيينا" الذي حضرته وفود 158 دولة، والعديد من المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني بإصدار "عهد فيينا" "Austria pledge" بالسعي نحو نزع السلاح النووي في العالم، وهذا بلا شك خطوة في الطريق الصحيح. حقاً، إن سعي الإنسان، في كل مكان، إلى تحقيق عالم بلا أسلحة نووية يستحق أن نبذل لأجله كل ما نستطيع، فالإنجازات العظيمة تبدأ دائما بخطوات صغيرة.

تبقى رسالة "سيتسكو Setsuko " حية في الأذهان لأنها وبكل بساطة صوت ضمير كل إنسان: "لن نتوقف عن هذا الدور رغم السطور القليلة المتبقية في قصة حياتنا، وكلنا أمل أن تكتب هذه السطور نفسها نهاية الأسلحة النووية في العالم".

لقاء مع د. غسان شحرور بمناسبة إصدار "المرصد العالمي للألغام 2014"

حوار أ. محسن المحسن

      في هذا اليوم، الثالث من كانون أول/ديسمبر 2014، تقيم منظمات المجتمع المدني من أعضاء الحملة العالمية لحظر الألغام المضادة للأفراد فعاليات إعلامية في نحو 50 دولة،  بمناسبة إصدار تقريرها السنوي عن واقع الألغام في العالم والمستجدات في اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام، والتي تعرف باسم "المرصد العالمي للألغام"، وفي هذه المناسبة اجرينا اللقاء التالي مع الدكتور غسان شحرور منسق الشبكة العربية للأمن الإنساني والمشارك في الحملة العالمية الحائزة على جائزة نوبل للسلام.

-لدى سؤاله عن الحملة العالمية لحظر الألغام، حدثنا دكتور غسان:

          الحملة العالمية لحظر الألغام المضادة للأفراد هي شبكة عالمية تضم نحو 800 منظمة من منظمات المجتمع المدني الفاعلة في نحو 100 دولة، تعمل معاً للحث على تعميم اتفاقية حظر الألغام ومساعدة الناجين من أجل عالم خال من الألغام، يحظى فيه فاقدو الأطراف بحياة كريمة وفرصاً تكفل المشاركة والمساواة، ويمكّنهم من الدمج والإحتواء في مجتمعاتهم المحلية.

-وبسؤاله عن اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام قال:

          هي اتفاقية دولية ملزمة تحظر استخدام وتصنيع وتجارة ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتلتزم بمساعدة الناجين وتأهيلهم ودمجهم، فتح التوقيع عليها في الثالث من كانون الأول/ديسمبر1997، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من مارس/آذار 1999، وقد صادقت عليها 162 دولة، ولا تزال 35 دولة خارج الإتفاقية، في هذه المناسبة تقام فعاليات إعلامية مختلفة في نحو 50 دولة، من أجل تسليط الضوء على مرصد الألغام السنوي الذي تصدره عن واقع هذه الاتفاقية ومدى استخدام وتصنيع وتخزين الألغام وتطهير الأراضي الملغمة، ومساعدة الضحايا والمجتمعات المحلية المتضررة بها، وعن مدى الإلتزام باتفاقية حظر الألغام في جميع أنحاء العالم، وكذلك لتجديد الدعوة لبذل المزيد من الجهود لتحقيق عالم خال من الألغام.

-ولدى سؤاله عن أهمية هذه الاتفاقية، وماذا حققت حتى الآن، قال:

          لقد حققت هذه الاتفاقية الكثير على طريق مكافحة الألغام، هذا السلاح غير الإنساني الذي لايميز بين المحاربين، والمدنيين الأبرياء، ويبقى عقودا طويلة يبعث الموت والرعب في مناطق تواجده، نعم، حققت الاتفاقية الكثير من الإنجازات كتطهير الأراضي الملوثة، ومساعدة الضحايا، وأدت إلى تراجع كبير في استخدام هذه الألغام والاتجار بها، لكن الكثير من الناس والمجتمعات لا تزال متضررة بحقول الألغام، ويعيش الكثير من الناجين، خاصة من فاقدي الأطراف حياة صعبة وقاسية، هذه التحديات التي نعمل جميعاً على تجاوزها والتغلب عليها.

          لقد قدمت هذه الاتفاقية مثالا جلياً عما يمكن أن تحققه الحكومات والمجتمع المدني معاُ للتخلص من هذه الأسلحة غير الإنسانية، وبفضل هذه الجهود بلغ عدد الدول المنضمة إليها (162) دولة، وهكذا ارتبط هذا السلاح بوصمة جعلت معظم دول العالم حتى الغير المنضمة للاتفاقية تمتنع عن استخدام الألغام المضادة للأفراد.

-لدى سؤال د. غسان عن واقع مشكلة الألغام ومخلفات الحروب في بلادنا العربية، أجاب قائلاً:

           يبقى حتى الآن في العالم نحو 70 مليون لغم، أكثر من ثلثهم  لا يزال جاثما في الأرض العربية مثل العراق، ولبنان، ومصر، وسورية، واليمن، والسودان، وليبيا، والمغرب، وموريتانيا والجزائر. تبعث هذه الألغام وباقي مخلفات الحروب الموت والرعب في المناطق المتضررة، وتعيق التنمية البيئية والصحية والاقتصادية بشكل كبير، وما يجري الآن من نزاعات مسلحة مريرة في عدد من الدول العربية يجعل من مخلفات الحروب مثل الألغام والقنابل العنقودية ومختلف أنواع الذخائر، مشكلة كبيرة تواجه مستقبل الإنسان العربي لسنوات وربما عقود طويلة.

          لقد انضمت إلى الاتفاقية معظم الدول العربية كالمغرب والجزائر وتونس وموريتانيا والسودان والصومال وجيبوتي، وجزر القمر، واليمن وعمان وقطر والعراق والكويت والأردن وعلينا العمل على حث باقي الدول العربية إلى الإنضمام إلى هذه الاتفاقية في اقرب وقت ممكن.

-بسؤاله عن أهم ما جاء في مرصد الألغام لهذا العام 2014 قال د. غسان شحرور:

          من أبرز نتائج هذا التقرير:

- شكل المدنيون الأبرياء نحو 79% من مجموع المصابين.

- تميز بتناقص كبير في أعداد ضحايا الألغام مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجل نحو 3300 مصاب في عام 2013، أي ثلث عدد الإصابات المسجلة في مرصد الألغام الأول عام 1999.

- توقف إنتاج الألغام عالمياً.

- بلغ عدد الألغام التي جرى تدميرها منذ بدء العمل بالاتفاقية نحو 48 مليون لغم، كما تناقص عدد الألغام في مستودعات أكبر الدول في العالم كالصين والولايات المتحدة.

- فقط اليمن من الدول الأطراف (المصادقة على الاتفاقية)، التي ثبت استخدام الألغام فيهاـ وقد طالب المرصد الحكومة اليمنية بتحري خرق الاتفاقية والعمل على الالتزام بها.

- لاتزال الألغام تستخدم في دول غير موقعة على الاتفاقية مثل سورية وميانمار.

- لاتزال المجموعات المسلحة غير الحكومية تستخدم الألغام في أفغانستان، كولومبيا، مينامار، تونس، باكستان، وسورية واليمن.

- من المؤلم أن نرى خلال السنوات القليلة الماضية عودة استخدام الألغام الأمر الذي ألحق الأذى في صفوف المدنيين الأبرياء، وتسبب بإدانة واسعة من قبل المجتمع الدولي.

- كما شدد التقرير على أن ما يقدم من دعم دولي لحاجات ضحايا الألغام وفاقدي الأطراف لاتلبي حاجاتهم الأساسية من تأهيل وتدريب وفرص عمل، ويتواصل نداء المجتمع المدني في الحملة العالمية لحظر الألغام إلى الدول المانحة لتعزيز دعمها برامج تأهيل ودمج الضحايا ومساعدتهم في جميع أنحاء العالم.

-كيف تنظر إلى مستقبل جهود نزع السلاح في العالم؟

أجاب د. شحرور:

          تعهدت دول العالم المشاركة في المؤتمر الثالث لمراجعة اتفاقية أوتاوا الذي انعقد في مابوتو عاصمة موزمبيق في يونية حزيران 2014 بالعمل على إخلاء العالم من سلاح الألغام المضادة للأفراد بحلول عام 2025، ويعد هذا الإلتزام إيجابياً، ومن جهة أخرى، حفزت جهود الحملة العالمية لحظر الألغام وجهود منظمات المجتمع المدني الناشطة في نزع السلاح للعمل على توسيع هذه الجهود لتشمل أسلحة أخرى مثل القنابل العنقودية، وأسلحة اليورانيوم المنضب، والأسلحة النووية، وهي جهود تحتاج إلى المزيد من الدعم والتأييد من الجهات المدنية والحكومية.

          في هذه المناسبة، لايسعني إلا أن أدعو جميع حكومات العالم إلى الانضمام إلى هذه الاتفاقية التي تسعى إلى طي صفحة هذا السلاح الذي طالما اتسم بالوحشية، وأعاق التنمية، وسبب الكثير من الويلات في حياة المدنيين الأبرياء.

في يومه العالمي : داء السّكري .. عربي بامتياز

بقلم الدكتور  غسّان  شحرور  

         تجاوز عدد المصابين بداء السكري 400 مليون شخص وهو من أخطر الأمراض المزمنة، إن لم يُكشف ويُعالج بشكلٍ مبكّر يؤدّي إلى مضاعفات عديدة تثقل كاهل الفرد والأسرة والمجتمع، وتدلُّ الأرقام على أن داء السّكري آخذ في الازدياد والانتشار، بشكل وبائي لم يسبق له مثيل خاصة عند وجود عوامل وراثية مساعدة وهو أمر دعا الجهات الصحية المعنية على المستويين المحلّي والدولي إلى وضع البرامج المكثفة من أجل معالجته وتدبيره، ومن ثم منع المضاعفات العديدة التي قد تنجم عنه.

         تفيد دراسات الاتحاد العالمي لمرض السكري أن ست دول عربية تتربع على قائمة البلدان العشر الأكثر إصابة بهذا الداء على مستوى العالم في المرحلة العمرية بين 20-79  سنة. تأتي مملكة النرويج في المرتبة الأولى في العالم إذ يعاني أكثر من ثلث سكانها من هذا المرض الخطير الصامت، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة تزيد عن ربع سكانها، ثم المملكة العربية السعودية بنسبة 17% فالبحرين 15%، فالكويت بنفس النسبة تقريباً، فسلطنة عمان بنسبة 13%، فجمهورية مصر العربية بنسبة 11% في الموقع العاشر عالمياً، وقريباً من ذلك عدد آخر من الدول العربية، وهكذا يمكن القول أن كل الدول الخليجية بشكل خاص تعاني ارتفاعاً هائلاً ومخيفاً.

مرض مزمن خادع:

         يمتد إلى سنوات طويلة دون أن يعاني المصاب به شيئا، الأمر الذي قد يدفعه إلى عدم الالتزام بتوصيات الأطباء، ومن ثم إهمال المعالجة والحمية الخاصتين، ونظرا لأن هذا المرض يهم جميع أفراد المجتمع وذويهم، يلعب الإعلام دورا كبيراً في التوعية بهذا المرض، وهكذا تتجه الدول إلى إدراج مواضيع تتعلق بالأسباب، والوقاية والعلاج وغير ذلك في العديد من الفعاليات المجتمعية المختلفة، لاسيما المدارس، من أجل توعية الطلاب أنفسهم، وتعزيز إسهاماتهم في توعية المجتمع بشكل عام، وتبصيرهم بحاجات وحقوق الأشخاص المرضى التي تتضمن التوعية والكشف المبكر والعلاج والمتابعة والتأهيل.

         يزيد داء السكري أعداد مرضى القلب والجلطة الدماغية، وهو من أهم أسباب العمى أو كف البصر لما يسببه من إعتلال تدريجي في شبكية العين، كما أنه من الأسباب الرئيسة لحالات بتر الساقين والقصور أو الفشل الكلوي. هذا، ويبلغ ما ينفقه مجتمع ما لعلاج حالات داء السّكري بين أبنائه نحو 10 % من مجمل الموازنة الصحّية لهذا المجتمع الأمر الذي يبين حجم الأعباء الثقيلة التي يلقيها على كاهل المجتمع.

نمط العيش الصحي 2014-2016:

         انطلق اليوم العالمي لداء السكري أول مرة في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين ثان من عام 1991، في عام 2007 أقرته الأمم المتحدة يوماً عالمياً، وفيه تقام فعاليات صحية واجتماعية وإعلامية كثيرة في مختلف أنحاء العالم. في كل عام، يعتمد "الاتحاد العالمي لمرض السكري" موضوعاً لتسليط الضوء عليه، وخلال الأعوام 2014-2016  تم اعتماد موضوع "نمط العيش الصحي" كونه أهم وسائل مواجهة هذا المرض وعواقبه الوخيمة. يشمل هذا النمط من العيش وأسلوب الحياة اتباع نظام غذائي صحي متوازن، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والابتعاد عن التدخين والكحول والملوثات ومكافحة البدانة وغيرها.

         بينت الدراسات الحديثة أن اتباع "نمط العيش الصحي" من أنجع السبل لمواجهة ما يعرف باسم أمراض الإنسان المعاصر وعلى رأسها الاكتئاب، وأمراض القلب، وأمراض شرايين الدماغ، وأمراض الرئة وداء السكري.

         غيرت الحياة المعاصرة من نمط عيشنا، فالفرد يقضي كثيراً من وقته أمام شاشات التلفزيون و الحاسوب، بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم، والإكثار من الوجبات السريعة، وباقي الأطعمة والمشروبات الغازية ضعيفة القيمة الغذائية والضارة، كما أضحت الضغوط النفسية اليومية جانباً كبيراً من جوانب حياتنا.

نحو برنامج وطني:

         في هذا اليوم العالمي لمكافحة داء السكري وتعزيز نمط العيش الصحي في مجتمعاتنا العربية، لابد من وضع برنامج وطني شامل ومتكامل لذلك، وفي هذا المجال لابد من الاستفادة من التجارب العالمية للمجتمعات التي قطعت أشواطاً طويلة في هذا المجال، أذكر منها تجربة سنغافورة التي تأسس برنامجها الوطني لتعزيز نمط العيش الصحي في عام1992، وطبقت من خلاله خططاً لخلق بيئة ممكنة للشعب لممارسة هذا النمط من الحياة لاسيما في المجالات الرياضية، والاجتماعية، والنفسية، كما أسست سنغافورة لجنة أهلية ضمت منظمات وجمعيات محلية لتعزيز مشاركة المجتمع، وأطلقت في عام 1999 الحملة الوطنية لنمط العيش  الصحي، ووضعت عدة برامج وجوائز وأيام توعية، بالإضافة إلى معارض دورية للأغذية الصحية، وبرنامج تعزيز العادات الصحّية السليمة.

حرب المخدرات الخفية على مستقبلنا.. هل نخسرها؟

    تنطلق الحملة السنوية الرابعة لحماية الأطفال من كل أشكال الإساءة والعنف، بين الأول والتاسع عشر من شهر تشرين ثان/نوفمبر 2014، تشارك فيها 240 منظمة من منظمات المجتمع المدني في نحو 90 دولة، وقد اعتمدت "منظمة القمة العالمية للمرأة" التي تنسق هذه الحملة "الإدمان وتعاطي المخدرات" ليكون موضوع هذا العام، خاصة أنه يهدد الأطفال والشباب في كثير من أنحاء العالم، ويؤدي إلى عواقب وخيمة تصيب الفرد والأسرة والمجتمع.

          في مجتمعنا العربي، نجد أن العنف واستغلال الأطفال يكاد يصبح حدثاً يومياً في البيت والمدرسة والحي، وهو بالتحديد ما يدفعنا إلى عدم التوقف عن الدعوة إلى ثقافة تحمي الأطفال من العنف والاستغلال، بل  إلى تمكين هذه الثقافة وتأصيلها والاستثمار فيها. اما الآن

حرب خفية:

          منذ عقود قليلة، كنا نسمع عن حالات الإدمان وتعاطي المخدرات والإتجار فيها، وكأنها تأتي من عالم أخر لايخصنا، وبسبب نقص التوعية و ضعف برامج الرصد والمكافحة، وانتشار الفقر المدقع، وتدني الوازع الديني والأخلاقي، وظهور تجار الأزمات من اللاهثين وراء الربح بأي ثمن، أخذت ظاهرة الإدمان وتعاطي المخدرات في الانتشار خاصة أن بلادنا ومنذ سنوات طويلة تشكل منطقة عبور لتجارة المخدرات. في الآونة الأخيرة، ومع استفحال النزاعات المسلحة، وارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين والعاطلين عن العمل بشكل هائل، وضعف أو انعدام ضبط مناطق واسعة من الحدود، توقعت كما الكثيرين، أن يشكل ذلك تربة خصبة يقتنصها تجار الأزمات الذين ينشطون بعيداُ عن قصف المدافع في تهريب المخدرات وصناعتها وترويجها بين أطفالنا وشبابنا، إنها حرب خفية وخبيثة كثيرا ما نخشاها لأنها تستهدف الإنسان في الحاضر والمستقبل، وها نحن نشاهد انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في كثير من مجتمعاتنا رغم تزايد ضبط كميات منها في لبنان والأردن وسورية والعراق والسعودية والإمارات والكويت وغيرها.

           لقد زاد قلقي وأنا أتابع التقارير السنوية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة،  (تقرير “وضع المخدرات في العالم″)، فقد وجدتها خالية حتى من إشارة عن الوضع في سورية والعراق واليمن وليبيا والتي تشهد نزاعات مسلحة وما لذلك من تداعيات على قضية انتشار المخدرات في المنطقة، رغم الكثير من الدلائل وحوادث عديدة لضبط الاتجار بالمخدرات، وكذلك الحال في  مكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكاتبه،والذي تُعهد إليه ولاية مساعدة الدول الأعضاء في كفاحها ضد المخدرات والجريمة والإرهاب، ويعمل بالتعاون مع مجلس وزراء الداخلية العرب. كذلك هو الحال عند متابعتي فعاليات اليوم الدولي لمكافحة تعاطي المخدرات والاتّجار غير المشروع الموافق 26 حزيران/يونيو من هذا العام، فلم أجد إشارة إلى ذلك، مع استمرار غياب برامج توعوية مجتمعية قوية في مخيمات اللاجئين وباقي مدننا وقرانا، وكافة الدول المجاورة‏، وانشغال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بأحداث القتل والاقتتال هنا وهناك.

في انتظار خطة طوايء إقليمية:

          مع توافر كل عوامل الخطورة المذكورة وتزايد الأخبار عن ضبطيات كبيرة في أكثر من مكان في المنطقة، لابد من وضع خطة طواريء إقليمية يقودها مكتب متخصص أو لجنة عمل تسعى إلى المباشرة حكومياً ومجتمعياً وإعلامياً في رصد ومعالجة وتقييم ومتابعة هذه الأزمة قبل استفحالها أكثر وأكثر، وهو أمر أشرت إليه في أكثر من مناسبة، فلاشك أن التأخير في مواجهة هذه القضية في الحاضر يتعذر استدراكه في المستقبل.

حرب على المستقبل:

          إن خطورة الإدمان وتعاطي المخدرات في المجتمع، لاسيما على الأطفال والشباب، لا تقل أهمية عن تدمير الأبنية والمصانع والمرافق الحيوية الأخرى، لأنها تدمير للإنسان عماد الحاضر والمستقبل، ففي حين يمكن إعادة بناء ما دمر خلال سنوات معدودة، يتعذر إعادة بناء المجتمع الذي سقط في براثن الإدمان وتعاطي المخدرات لسنوات طويلة وطويلة بعد صمت طبول الحرب.

          حقاُ ، “ليس المجتمع السليم الذي لا يعاني من مشاكل وأخطار المخدرات فحسب، بل هو المجتمع الذي يعمل على أن يظل أبناؤه في مأمن منها”.

د.غسان شحرور، منسق الشبكة العربية للأمن الإنساني

في يومه العالمي:"معاُ في مواجهة الكوارث"

  اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر يوماُ عالمياً للحد من الكوارث، من أجل توعية الناس بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من خطر تعرضهم للكوارث، ودعوة الحكومات إلى تعزيز برامج مواجهة وإدارة الكوارث على مختلف الصعد المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية، وقد كان شعار حملة العام 2011 "جعل الأطفال والشباب شركاء للحد من مخاطر الكوارث"، و العام2012: "النساء والفتيات- قوة غير مرئية لمجابهة الكوارث"، سلط الضوء على النساء و الفتيات ودورهن في الحد من الكوارث ومواجهتها وتعزيز قدرة المجتمع المنكوب على تحملها والتعافي منها، والعام 2013 "الأشخاص ذوو الإعاقة والحد من الكوارث"، حيث أكد خلاله على ضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالات تتسم بالخطورة، بما في ذلك النـزاعات المسلحة والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية.
 1 - "كبار السن والكوارث":
          هذا هو محور اليوم العالمي لهذا العام 2014، ويؤكد خلاله على دور كبار السن في الحد من مخاطر الكوارث ويدعو إلى تشجيع المزيد من الشراكات معهم ومع منظماتهم، والتأكيد على دورهم في عمليات صنع القرار لبناء مجتمعات قادرة على مواجهة الكوارث، كما يؤكد على حقوقهم وحاجاتهم في كل ظروف ومراحل الكوارث لاسيما النـزاعات المسلحة والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية، مهما تعددت أشكالها ودرجاتها.
2- محطات عربية:
          لقد حققت البلاد العربية خلال السنوات القليلة الماضية تطوراً ملحوظاُ في الحد من الكوارث وإدارتها، والإسهام في الجهود العالمية لاسيما في:
·       إنجاز التقييم العالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث الصادر بالمنامة في أيار/مايو 2009
·       وضع الاستراتيجية العربية  من قبل  مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة للحد من مخاطر الكوارث في 2010.
·       عقد المؤتمر العربي الأول للحد من مخاطر الكوارث في مدينة العقبة - الأردن، خلال الفترة 19-21 آذار/ مارس 2013.
·       عقد مؤخراُ المؤتمر العربى الثانى للحد من مخاطر الكوارث فى شرم الشيخ،  من 14 حتى 16 أيلول/ سبتمبر2014، ويعد المؤتمر اجتماعاً تحضيرياً للمؤتمر الدولى الثالث للحد من الكوارث، الذى سيعقد فى مارس/آذار 2015 بمدينة سينداى باليابان.
     يبقى التحدي الأكبر في ما يجري على أرض الواقع خاصة أن بلادنا العربية تواجه العديد من الكوارث كالحروب وتغيرات المناخ والكوارث المحلية من حرائق وفيضانات وغيرها.
3- تحديات جسيمة:
إن نظرة سريعة إلى جاهزية مجتمعاتنا لمواجهة الكوارث والحد منها تؤكد على ضرورة ترجمة توصيات هذه المؤتمرات والندوات إلى أفعال ملموسة  على أرض الواقع فالحد من مخاطر الكوارث المختلفة، ينبغي أن يكون على قائمة الأولويات، لاسيما على صعد المجتمعات المحلية والأحياء والجمعيات الأهلية والمدارس والمراكز التجارية والسياحية والرياضية وغيرها. يمكن تعزيز هذه الجاهزية، واختبارها، من خلال برامج تدريبية خاصة، أو من خلال مناسبات مجتمعية دورية منتظمة كأسبوع الحريق، والكوارث الطبيعية، وغيرها، التي تشارك فيها عادة المدارس، والجامعات، وادارات الإسعاف والشرطة والجمعيات الأهلية والإغاثية، وجمعيات الإعاقة، ودور كبار السن وغيرها. وهكذا لا بد من إعداد خطة مدروسة وفق الحاجة لمواجهة حالات الطوارئ كالحريق والفيضان والزلزال، واستخدام البرمجيات المعلوماتية المستجدة الخاصة بالكوارث، وغيرها، على أن يجري تحديثها والتدرب عليها بشكل دوري من قبل المتواجدين على الأرض. هذا ويعد الإعلام شريكاً أساسياً في بناء بيئة ممكنة لمواجهة الكوارث من خلال تعزيز التوعية التي تحتاج إلى برامج مستمرة طويلة المدى، وهي من أبرز احتياجات الإعلام العربي.
4- عمل مجتمعي بامتياز:
          لا يسعنا في هذا اليوم "اليوم الدولي للحد من الكوارث"، إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والحكومات ببذل المزيد من الجهود من أجل تعزيز الاستراتيجية الوطنية لإدارة الكوارث ومكافحتها ودمجها في الخطط الوطنية والإقليمية، والخطط الإنمائية طويلة الأجل، كوسيلة  ضرورية لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
 
د.
غسان شحرور ،

في يومه العالمي الأول (26 أيلول/سبتمبر): دعوة متجددة إلى نزع السلاح النووي

لطالما كان نزع السلاح النووي من أقدم أهداف الأمم المتحدة، فقد كان أول قرارات جمعيتها العمومية عام 1946، كما أنه لم يغب عن جدول أعمالها الدوري منذ عام 1959، وفي جلستها الخاصة بنزع السلاح عام 1978وضعته على رأس أولويات نزع السلاح في العالم.

          في أيار/مايو 2010 أجمعت 189 دولة عضو في اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية على ضرورة تحقيق السلام والأمن في العالم دون أسلحة نووية، ولما لم يتحقق شيئاً ملموساً على هذا الطريق حتى الآن، قررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة اعتماد 26 أيلول/سبتمبر من كل عام يوماً عالمياً للتخلص الكامل من الأسلحة النووية، يوماً يسلط فيه الضوء على أهمية التخلص نهائياً من هذا السلاح الذي يبلغ نحو 19 ألف رأس نووي، وتبلغ كلفة عمليات صيانته وتحديثه ما يزيد عن 105 مليار دولار سنوياً تنفق من موازنات الصحة والتعليم والعمل ومكافحة الفقر، إن التخلص من هذه الأسلحة من أهم أساسيات الأمن الحقيقي للبشرية جمعاء، في  الحاضر والمستقبل.

          وكانت المكسيك قد شهدت خلال الفترة 13-14 شباط/فبراير 2014 انعقاد مؤتمر "نايريت" الدولي الذي هدف إلى دراسة العواقب الكارثية للاسلحة النووية، والوسائل المقترحة من دول العالم للقضاء عليها، وقد جاء المؤتمر الذي حضرته 147 دولة لمتابعة مؤتمر أوسلو خلال آذار/مارس 2013 لبحث آثار الاسلحة النووية الكارثية على الإنسان والبيئة. وقد أجمعت الدول المشاركة في المؤتمر الذي غابت عنه الولايات المتحدة والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين بالإضافة إلى اسرائيل على ضرورة مواصلة المفاوضات، والسعي بعزم، وبدون إبطاء من أجل حظر استخدام الأسلحة النووية، والقضاء عليها, بشكل تام, من خلال اعتماد صك دولي ملزم قانوناً، لأن في التخلص منها، يكمن الأمن الحقيقي للبشرية جمعاء، في  الحاضر والمستقبل.

          في ختام المؤتمر الذي شهد فعاليات متعددة للمجتمع المدني، والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ودعاة السلم ونزع السلاح في العالم، أكد رئيس المؤتمر عزم دول العالم إلى استكمال خطوات بناء اتفاقية ملزمة لحظر الأسلحة النووية ووضع برنامج زمني محدد، داعيا المجتمع الدولي أن يحقق ذلك مع حلول الذكرى السبعين لإطلاق القنبلتبن الذريتين على هيروشيما وناجازاكي في عام 1945.

          يتبين من ذلك أن قطار اتفاقية حظر الأسلحة النووية الذي انطلق مع اختتام مؤتمر أوسلو حول العواقب الإنسانية للأسلحة النووية في ربيع 2013  قد اكتسب زخماُ جديداً مع اختتام مؤتمر نايريت في المكسيك وهو في طريقه إلى فيينا في شهر كانون أول/ديسمبر من هذا العام لاستكمال خطوات وضع اتفاقية دولية ملزمة لحظر الأسلحة النووية.

          بمناسبة هذا اليوم العالمي الأول للتخلص الكامل من الأسلحة النووية، لابد من تسليط الضوء ودعم الجهود العربية الحثيثة منذ عام 1974 من أجل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وكافة صنوف أسلحة الدمار الشامل.

في هذه المناسبة أيضاً نجدد مطالبة الحكومات ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، وكذلك وسائل الإعلام، المقروءة والمسموعة والمرئية، أن تدعم هذه مسيرة حظر الأسلحة النووية ، وتجعلها حدثاً يدخل التاريخ، بتمهيدها الطريق، نحو إرساء اتفاقية دولية، تعمل على حظر استخدامها، وصناعتها، ونقلها، والاتجار بها، أو الاستثمار فيها، بالإضافة إلى تفكيك الموجود منها، ووضع المنشآت النووية تحت الإشراف الدولي الكامل من أجل سلامة وأمن ورفاه المجتمع الإنساني في كل مكان.

         د. غسان شحرور   ...   الشبكة العربية للأمن الإنساني

قراءة في تقرير: اليورانيوم المنضب في العراق ... عود على بدء 

بقلم د. غسان شحرور

صدر اليوم تقرير لمنظمة باكس الهولندية تحت عنوان "لاحل في الأفق لأنقاض الأسلحة العراقية الملوثة بالإشعاع" خلص فيه إلى عدم التزام قوات التحالف بمساعدة العراق في تطهير أراضيه من آثار أسلحة اليورانيوم المنضب أو المستنفذ التي استخدمتها أثناء غزو العراق، وهذا يعني استمرار تعرض المدنيين والعاملين لأشعة هذا المعدن الثقيل لسنوات طويلة. بين التقرير أن كلا من قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة أو الحكومة العراقية لم تبحثا الأضرار الناجمة عن التعرض لليورانيوم المنضب، خاصة لدى السكان في المناطق المجاورة لمواقع الأنقاض التي تضم آلاف الآليات المدمرة بأسلحة اليورانيوم المنضب في حربي 1991 و 2003. تفتقر مواقع هذه الأنقاض والنفايات العسكرية التي تبلغ المئات إلى المراقبة الرسمية، بعد هذه السنوات الطويلة، كما أن معظمها يقع قرب المناطق المأهولة، دون توثيق أو مسح علمي، الأمر الذي يبعث القلق من تداعياتها الصحية الحالية وآثارها بعيدة المدى.

            إبان غزو العراق في عام 2003 أطلقت قوات التحالف نحو 300 ألف قذيفة يورانيوم منضب، جاءت الغالبية العظمى من القوات الأمريكية، والباقي من القوات البريطانية،، أما في حرب الخليج الأولى عام 1991، فيعتقد أنه تم إطلاق نحو ثلاث أرباع مليون قذيفة مماثلة، لهذا يحث التقرير على تقديم إحداثيات المواقع المستهدفة بالقصف، لأن الشروع في تطهير المناطق المستهدفة يحتاج إلى معرفة مواقع وكميات اليورانيوم التي أطلقت. يقول "ويم زويجننبرج" الذي أشرف على التقرير أن الحكومة العراقية بحاجة ماسة أيضاً إلى الدعم التقني لمعالجة أنقاض الأسلحة والمركبات المدمرة من التلوث باليورانيوم المنضب. يفيد التقرير أيضاً أن الولايات المتحدة ترفض تقديم هذه المعلومات الضرورية، الأمر الذي يعيق تنفيذ عمليات تقييم وإدارة التطهير اللازمتين في العراق، كما أن بعض هذه المعلومات وإحداثيات القصف الأمريكي قد قدمت من جانب وزارة الدفاع الهولندية استجابة منها لمبدأ حرية المعلومات حيث أظهرت أن الطائرات الأمريكية قد استخدمت أسلحة اليورانيوم المنضب في قصف حزمة واسعة من الأهداف من ضمنها الجيش العراقي، بشكل أكبر بكثير مما كان يعتقد في السابق، فلطالما زعمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن القصف اقتصر على المركبات المدرعة فقط.

تجاهل التعليمات المعتمدة للسلامة الشعاعية:

            يعد اليورانيوم المنضب من منتجات تخصيب اليورانيوم، وهو من النفايات متوسطة الإشعاع، أما بقايا المصفحات والتحصينات المدمرة بهذا السلاح فتعد من الفئات قليلة الإشعاع، وتفيد الدراسة أن التعليمات الدولية المعتمدة للتعامل مع هاتين الفئتين قد تم تجاهلها، كما أن الحكومة العراقية لا تملك القدرات التقنية للتعامل مع هذا التلوث، وعلى نقيض اتفاقية الألغام المضادة للأفراد وباقي مخلفات الحروب المنفجرة التي تلزم الجهات المستخدمة بالمساعدة في عمليات التطهير وتقديم المعلومات المساعدة على ذلك  لا يوجد حتى الآن اتفاقية تقوم بهذا الدور فيما يتعلق باليورانيوم المنضب، علماُ أن معايير حماية المدنيين من الإشعاع تضع المسؤولية على الجهة المحدثة للتلوث.

عجز متكرر للأمم المتحدة:

            في تشرين الثاني/أكتوبر القادم، وللمرة الخامسة، تسعى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرا ر دولي متعلق باليورانيوم المنضب يساعد على تجنيب الإنسان والبيئة مخاطر هذه المواد المشعة التي تبقى لآلاف السنين. في عام 2012، تم اعتماد قرار من الجمعية العامة من قبل 155 دولة في حين عارضته فقط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإسرائيل. لقد عارضت هذه المجموعة حتى طلب الأمم المتحدة لتقديم المشورة حول التداعيات الصحية البيئية المحتملة لهذه الأسلحة.

خلال السنوات الماضية، استهجنت "الشبكة العربية للأمن الإنساني" في أكثر من تصريح هذا الموقف الذي يتجاهل المخاطر الإنسانية البيئية الجسيمة ويعارض الإجماع الدولي، واستهجنت تجاهل وسائل الإعلام هذه القضية التي تمس الأمن الإنساني في العراق والعالم، خاصة أن دولاً وشركات كبيرة تسهم في صناعة وترويج هذه الأسلحة القذرة، هذه الصناعة التي تدر الملايين على أصحابها على حساب صحة وحياة الأجيال القادمة من البشر.

ولاشك أن النزاعات المسلحة التي نشبت مؤخراً في العراق، قبل أيام من صدور هذا التقرير، تزيد الأمر سوءاً على سوء، ومن شأنها أن تزيد من تلوث البيئة والمضاعفات التي تصيب المدنيين الأبرياء.

الدكتور غسان شحرور ...  منسق الشبكة العربية للأمن الإنساني

       20 حزيران/يونية 2014

الأخلاقيات أولاً  في اليوم العالمي لمجتمع المعلومات

بقلم د.غسان شحرور

رغم اعتماد الاتحاد الدولي للاتصالات "النطاق العريض من أجل التنمية المستدامة" موضوعاً رئيساً لليوم العالمي لمجتمع المعلومات لعام 2014، الذي يوافق السابع عشر من أيار/مايو من كل عام، ورغم أهمية الشبكات عريضة النطاق عالية السرعة، وضرورة جعلها متاحة، ميسورة الكلفة، على النطاق العالمي، فإنني أرى أن أخلاقيات مجتمع المعلومات، تبقى موضوع الساعة، وكل ساعة في مسيرة وتطور مجتمع المعلومات.
حقاً، لقد انتشرت تقنيات المعلومات والاتصالات بسرعة مذهلة فاقت توقعات كل من أبدعها وطورها واستخدمها، وهي كما يبدو لم تتوقف أو تتباطأ، بل إنها آخذة في التسارع والانتشار تاركة بصماتها العميقة في مختلف جوانب حياتنا الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية.
نعم لقد فاقت في انتشارها أية لغة أو عقيدة أو مذهب، أو أية مدرسة ثقافية أو اجتماعية، ولذلكعجزت الضوابط الأخلاقية والدينية والإنسانية والتشريعية عن مواكبة انتشارتقنياتالمعلومات والاتصالات، الأمر المطلوب دائما لتحقيق التوازن الحيوي والضروري بين العلوم من جهة، والضوابطالأخلاقية والتشريعية من جهة أخرى، ولنتذكر دائماً أن سائر العلوم إذا ما أطلق لها العنان، بلا ضوابط أخلاقية وقانونية، سرعان ما تمضي عمياء إلى المجهول تحيط بها المخاطر من كل حدب وصوب.
- الجوانب الأخلاقية لمجتمع المعلومات:
          وهي عديدة، منها الحفاظ على خصوصية المعلومات، و دقتها، ومصداقيتها، واحترام حقوق الملكية الفكرية، و إتاحة الوصول إليها، وحمايتها، وهناك قيم ينبغي أن يتحلى بها العاملون في كل مراحل صناعة المعلومات كالصدق والأمانة والعدل والإنصاف ومراعاة الجودة، وغيرها.
          تطرح أخلاقيات مجتمع المعلومات قضايا مهمة أذكر منها:
-          التمييز بكل أشكاله وأنواعه ودرجاته في الوصول إلى المعلومات وإتاحتها لجميع أفراد المجتمع.
-          حرية التعبير، وحدود الرقابة والحظر.. بين حقوق الفرد والمجتمع.
-          إساءة استخدام تطبيقات تقنيات المعلومات والاتصالات والبريد الإلكتروني والمواقع الشخصية والعامة على الشابكة وغيرها.
-         انتهاك العادات والتقاليد والقوانين المجتمعية السائدة عند استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لاسيما في الشابكة (الإنترنت).
-         الجرائم الإلكترونية كسرقات البنوك وقواعد المعلومات والغش والقرصنة والتجسس والتجارة غير المشروعة، والتحريض على العنف والجريمة والتضليل وغيرها.
وهنا اذكر بشكل خاص جرائم أمن الدولة (الإرهاب – بث أفكار متطرفة سياسية أو دينية أو طائفية أو عنصرية)، والجرائم المخلة بالآداب العامة، والترويج للمخدرات والأدوية المزيفة، أو السلاح، وجرائم استغلال الأطفال والشباب في أعمال غير أخلاقية، وغيرها.

 - خطوات لا بد منها:
·        التوعية المجتمعية الشاملة بأهمية أخلاقيات المعلومات لكل أفراد المجتمع،وتداعيات ذلك علينا جميعاً.
·        وضع اللوائح والقوانين الدينامية التي تحد من الجرائم المعلوماتية وتحمى حقوق الملكية الفكرية والخصوصية وتتحكم في تدفق المعلومات.
·        تشجيع البحوث والدراسات الميدانية في مجال أخلاقيات مجتمع المعلومات، وأخلاقيات المهنة، والحاجة إلى دراسات جادة، تدعم ذلك، وبشكل يواكب التسارع الهائل في تقنيات المعلومات والاتصالات..
·        وضع دستور أخلاقي يغطى كل ما يخص المعلومات والتقنيات تضمن الحفاظ علي الهوية المجتمعية.
·        إعداد الأدلة الإرشادية الخاصة بأخلاقيات مجتمع المعلومات، وأخلاقيات التعامل مع الشابكة (الانترنت).
·         إدراج مفاهيم أخلاقيات مجتمع المعلومات، في المناهج الصفية المدرسية، وغير الصفية في التعليم.
·        تدريب العاملين في إطار برامج التعليم المستمر على أخلاقيات المهنة وتوعية المجتمع  بأهمية البعد الأخلاقي لمجتمع المعلومات، وحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة.
·        تدريب الإعلاميين حول الجوانب المختلفة لأخلاقيات مجتمع المعلومات، وتداعيات ذلك على الأسرة ودورها المجتمعي.
·        تأسيس جمعيات ولجان متخصصة، مع تفعيل المنظمات الإقليمية للعمل في هذا المجال.
  إن تدني أو غياب أخلاقيات مجتمع المعلومات، وتجاهل مجتمعنا لهذه الاستحقاقات الجادة توعوياً وتشريعياً، وعدم بناء سياسة وطنية وإقليمية دينامية يجعل مجتمعاتنا لقمة سائغة تجتاحها حمى الاستهلاك، وحمى الإثراء والكسب غير المشروع، وحمى تسليع القيم والحقوق والمبادئ الإنسانية.
 
من المراجع:
-       أخلاقيات التعامل مع شبكة المعلومات العالمية "الانترنت"،محمد مجاهد الهلالي، محمد ناصر الصقري، مجلة الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات، مج 6، ع 11 (يناير1999)، ص 127.
-       محاضرة للدكتور غسان شحرور بعنوان "مدخل الطبيب إلى الصحة الإلكترونية"، مركز الدراسات الصحية الإستراتيجية، دمشق في 19 تشرين أول 2010.
-       مدخل إلى الصحة الإلكترونية، د غسان شحرور، ص 66، العدد 179، المجلة الطبية العربية، سورية.
-       إعلان 17 مايو/أيار  يوماً عالمياً لمجتمع المعلومات، في 27 مارس/آذار 2006، على ضوء القمة العالمية الثانية للمعلومات في تونس 2005، قرار الحمعية العامة للأمم المتحدة، رقم.  A/RES/60/252
 

في يومه العالمي 2014: أوقفوا جنون الإنفاق العسكري

مع بزوغ فجر كل يوم، ينفق العالم ما يقرب من خمس مليارات دولار، على برامج التسلح وباقي جوانب الإنفاق العسكري الأخرى، وفي ذات اليوم يموت نحو 24 ألف طفل من الفئة العمرية تحت الخمس سنوات بسبب أمراض يمكن علاجها، وبسبب الافتقار إلى الدواء والغذاء. يزيد هذا الإنفاق العالمي اليومي عن ضعف الموازنة السنوية لكل مؤسسات الأمم المتحدة، وتزداد المفارقات مرارة وألماً إذا علمنا أن 7%  فقط مما ينفق على التسلح يكفي للتخلص من الجوع والفقر الشديدين في العالم أجمع، كما أن 20% مما ينفقه العالم على التسلح يكفي لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي تضم مكافحة الفقر الشديد، وخفض وفيات الأطفال، وتحقيق التعليم الأساسي، وتعزيز برامج رعاية الأمومة، وتمكين المرأة، والبيئة المستدامة، بالإضافة إلى مكافحة الإيدز والملاريا، وهي أهداف طالما تطلع إليها العالم منذ العام 2000.

          تنفق الدول النووية وحدها أكثر من 100 مليار دولار سنوياً من أجل صيانة أسلحتها النووية والحفاظ عليها، فكيف يكون العالم لو أنفقتها على البحث العلمي، والتعليم، ومكافحة الأمراض، وغيرها. حقا إن العالم اليوم يسرف بجنون، ما بعده جنون، في تمويل الإنفاق العسكري، بينما يقطر ويقطر في تمويل جهود السلام والتنمية.

            لذلك يطلق المجتمع المدني في عواصم العالم المختلفة، حملته العالمية السنوية الرابعة في الرابع عشر من أبريل/ نيسان للحد من الإنفاق العسكري، هذا الإنفاق الذي يتزايد يوماً بعد يوم، على حساب حاجات الإنسان الأساسية في التنمية ومكافحة ثالوث الجهل والفقر والمرض الذي يفتك بالمجتمع الإنساني في أكثر من مكان.

          نعم كثيراً ما يشوب هذا الإنفاق فوضى الأولويات، وألاعيب السياسة، والصفقات المشبوهة التي تكدس المليارات في جيوب حفنة من صناع القرارات، وشركات الأسلحة التي لا يعرف تاريخها غير الإثراء مهما كان الثمن الإنساني الباهظ الذي تدفعه الشعوب من قوت أطفالها ومستقبلهم.

          ما يزيد الطين بلة، في هذا اليوم العالمي، وكثيرا ما ذكرته، أنه في الوقت الذي تدوي فيه وسائل الإعلام الغربية، وهي تتحدث عن دروس ورسائل هذا اليوم إلى العالم، ويرتفع فيه صوت المجتمع المدني الغربي، رافضاً ومحتجاً هنا وهناك في عواصم صناعة السلاح وساحات إمبراطوريات تجارها، وشركاتها، يكاد يغيب هذا اليوم في ساحات ضحاياها في بلدان العالم النامية، وتكتفي وسائل الإعلام فيها، في أفضل الأحوال، بنقل خبر من هنا، وخبر من هناك.

          لا يسعنا ونحن نشارك في هذه الجهود العالمية عن الإنفاق العسكري العالمي، إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ووسائل الإعلام، والحكومات أن تعمل على وقف حمى التسلح وباقي أشكال الإنفاق العسكري، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية وبناء السلام، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في هذه التجارة التي تضع الربح فوق القيم الإنسانية النبيلة وفوق سلامة وأمن ورفاه المجتمع الإنساني.

 

                   د. غسان شحرور   ...   الشبكة العربية للأمن الإنساني

دعوة إلى العمل: الحملة العالمية لمنع بيع الأطفال واستغلالهم في أعمال البغاء والفاحشة

         بين الأول والتاسع عشر من شهر تشرين ثان/نوفمبر 2013، ينظم المجتمع المدني في عدد كبير من دول العالم حملته العالمية لمنع بيع الأطفال واستغلالهم في أعمال البغاء والفاحشة، والدعوة إلى التوعية المجتمعية بهذه المخاطر الجسيمة خاصة أن 161 دولة قد سجلت حدوث حالات لديها من الاتجار في البشر وبيع الأطفال واستغلالهم الجنسي.

         تشير الأرقام إلى:

-         تعرض 2 مليون طفل للاستغلال الجنسي سنوياَ في جميع أنحاء العالم.

-         نحو 60% من الأطفال الضحايا المعرضين للاستغلال الجنسي هم تحت 16 سنة من العمر.

-         في كل عام يصبح نحو مليون طفل من العاهرات (معظمهم من الإناث).

-         في الأمريكيتين والكاريبي يستغل الأطفال لأغراض السياحة الجنسية.

-         غيرها.

         وفي منطقتنا العربية، ومنذ عقود قليلة كنا نسمع عن مثل هذه الحالات، وكأنها تأتي من عالم أخر بعيد كل البعد عنا، اما الآن وبسبب عوامل عديدة كالنزاعات المسلحة، والتزايد الهائل في أعداد اللاجئين والنازحين، وانتشار الفقر المدقع والمخدرات في بعض مجتمعاتنا، وتدني الواعز الديني والأخلاقي، وظهور تجار الأزمات من اللاهثين وراء الربح بأي ثمن، أخذنا نرى مثل هذه الحالات والظواهر تحت مسميات مختلفة.

         وفي هذه المناسبة العالمية، لا يسعنا في الشبكة العربية للأمن الإنساني، إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة، والمؤسسات الحكومات المعنية بالعمل على تعزيز التوعية بهذه الظواهر العالمية واتخاذ الإجراءات لمنعها ومعالجتها، وتنظيم الدراسات والأبحاث عن واقعها وأسبابها، وسبل مواجهتها، سيما بعد أن استشرت النزاعات المسلحة وتصاعدت أعداد اللاجئين والنازحين وكذلك أعداد الأرامل والأيتام والأشخاص المعوقين، وتزايد الفقر في بعض مجتمعاتنا، مع ضعف البيئة التربوية والثقافية والتشريعية وإجراءات الحماية الأسرية ومنع تفككها وعوامل أخرى تسهم جميعا في انزلاق بعض أسرنا ومجتمعاتنا نحو هذه الهاوية التي سقطت فيها مجتمعات أخرى في العديد من أنحاء العالم.

د. غسان شحرور

الشبكة العربية للأمن الإنساني

دعوة تتجدد لحظر الأسلحة النووية

في هذا الأسبوع العالمي: دعوة تتجدد لحظر الأسلحة النووية ....  بقلم د غسان شحرور
بين السادس والثالث عشر  من هذا الشهر يوليو /تموز 2013 ، ينظم المجتمع المدني في عدد كبير من دول العالم ، حملته العالمية للقضاء على الأسلحة النووية، والدعوة إلى التركيز على حاجات الإنسان الأساسية في التنمية ومكافحة ثالوث الجهل والفقر والمرض الذي يفتك بالمجتمع الإنساني في أكثر من مكان.

لا يسعنا في الشبكة العربية للأمن الإنساني، إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ووسائل الإعلام، والحكومات أن تعمل على تسريع العمل للقضاء على الأسلحة النووية ودعم الجهود العالمية في هذا الشأن، والتي بدأت خطواتها الأولى منذ أن خبر العالم ولأول مرة العواقب الإنسانية الكارثية للسلاح النووي في هيروشيما وناجازاكي عام 1945.

وفي هذه المناسبة نؤكد أن سلامة وأمن كوكبنا لا يتحقق إلا بإزالة ما عليه من أسلحة نووية بشكل تام وعاجل، فهذه الأسلحة النووية ونحو 2000 طن من اليورانيوم والبلوتونيم المخصب هي الخطر الحقيقي الذي يهددنا جميعاً، بل وتهدد هذه الأسلحة في كل لحظة البنية التحتية للحياة على وجه الأرض، ولهذا كله أعلنت نحو 146 دولة تأييدها إطلاق مفاوضات دولية لإنجاز اتفاقية شاملة وملزمة تحظر تصنيع وحيازة واستخدام الأسلحة النووية لأن التخلص منها هو الأمن الحقيقي للبشرية جمعاء في الحاضر والمستقبل.
ولا شك أن المؤتمر الدولي المقرر عقده في المكسيك في مطلع عام 2014 يشكل محطة بارزة طالما تطلع إليها المجتمع الإنساني لبدء الخطوات العملية لإطلاق الاتقاقية الدولية لإنهاء الأسلحة النووية في العالم أجمع.

د. غسان شحرور ... الشبكة العربية للأمن الإنساني

أسبوع الأصم العربي الثامن و الثلاثين لعام 2013:
"دعوة إلى تعزيز التدخل المبكّر للأطفال الصّم"

بقلم د. غسان شحرور[1]

في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل)، تقيم جمعيات الأشخاص الصّم والهيئات العاملة معهم في الوطن العربي أسبوعاً يدعى «أسبوع الأصم» الذي يعد أسبوعاً حقوقياً مكثفاً وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصّمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل تربيته وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه، وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى توجيه وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء، على حقوقه الأساسية الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية، ويهدف أيضاً إلى تمكين الأشخاص الصّم وضعاف السّمع وجمعياتهم من القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة(1).

ألماذا التدخّـل المبكّر؟:

اعتمد الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم "التدخّل المبكّر" محوراً لأسبوع الأصّم لهذا العام، نظراً لأهمية هذا البرنامج المتعدد الجوانب من الخدمات الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية، والذي ينبغي تقديمه للأطفال خلال السنوات الأولى من حياتهم، لأنه يمكّن من اكتشاف الصّمم عند الأطفال بشكل مبكّر، ويسهم بمشاركة فاعلة للأسرة في تحقيق أقصى درجة ممكنة من التأهيل والدمج والاحتواء.

يساعد التدخّل المبكّر، إذا ما أُحسن تطبيقه، واعتمد معايير الجودة والتقييم المستمر على بناء ثقافة احتوائية يكون مركزها الطفل الأصّم وأسرته.

لقد اكتسبت برامج التدخّل المبكّر أهميتها بعد أن بينت دراسات عالمية أن نجاح تطبيق التدخّل المبكّريعزز قدرات الأطفال الصّم وضعاف السّمع على تخطّي تحديات مستقبلية عديدة في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية، وبذلك يمكننا القول أن خدمات برامج التدخّل المبكّر وإن تبدو مكلفة ومكثفة للوهلة الأولى، إلا أنها بلا شك مجدية اقتصادياً على المدى البعيد، أي تعطي نتائج أفضل بكلفة أقل.

لم تغب مكونات التدخّل المبكّر عن أسابيع الأصم التي أطلقها الاتحاد منذ عام 1976، وجرى تسليط الضوء عليها في أكثر من أسبوع، كما أكد «ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي»، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن، عام 1986، وتم إقراره في عام 1992 على كافة عناصر التدخّل المبكّر للأطفال الصم وضعاف السّمع، لاسيما المواد الأولى التي تؤكد على الكشفالمبكر، وتقديم المعينات السمعية والرعاية الصحية الشاملة والدورية جنباً إلى جنب مع أساليب التربية الخاصة المتعددة وفق ما تقتضيه حالة الطفل الأصم(2).

لماذا الآن؟:

كان الاتحاد قد اعتمد التدخّل المبكّر عنواناً لندوته العلمية السادسة التي انعقدت في الاسكندرية خلال الفترة 11-13 تشرين أول/أكتوبر 1997، وها هو يعيد تسليط الضوء على هذا الموضوع الحيوي نظراً لأهميته من جهة، وبعد اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من جهة أخرى، وهي الاتفاقية التي انضمت إليها معظمُ الدولِ العربيةِ ودخلت حيّز التنفيذِ في 3 أيار/ مايو 2008، فشكلت إنطلاقة جديدة تلتزم فيها الدول الأطراف وفق المادة 25 (الصحة) بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التمتع بأعلى مستويات الصحّة، والحق الكامل في خدمات صحّية تشمل الكشف المبكّر والتدخّل عند الاقتضاء، وخدمات تهدف إلى التقليل إلى أدنى حد من الإعاقات وتمنع حدوث المزيد منها، والحق في توافر هذه الخدمات في أقرب مكان ممكن من مجتمعاتهم المحلية، بما في ذلك المناطق الريفية؛ مع نشر معايير أخلاقية تتعلق بالرعاية الصحية في القطاعين العام والخاص(3)؛

وكذلك وفق المادة 26 (التأهيل وإعادة التأهيل)، تلتزم الدول الأطراف بتقديم برامج شاملة للتأهيل وإعادة التأهيل وتعزيزها وتوسيع نطاقها على أن تبدأ في أبكر وقت ممكن، على أن تستند في ذلك إلى تقييم متعدد التخصّصّات لاحتياجات كل فرد على حدة؛ وتشجع هذه المادة الدول الأطراف على وضع برامج التدريب الأولي والمستمر للمختصين والموظفين العاملين في مجال تقديم خدمات التأهيل وإعادة التأهيل مع دعم توافر ومعرفة واستخدام الأجهزة والتقنيات المُعِينة، المصممة للأشخاص ذوي الإعاقة، حسب صلتها بالتأهيل وإعادة التأهيل. كما تسعى إلى النهوض المستمر بقدرات العاملين من مقدمي هذه الخدمات(4).

ددعوة إلى العمل:

نعم.. في أسبوع الأصم العربي هذا العام، هناك حاجة ماسة لدراسة واقع برامج التدخّل المبكّر، على امتداد وطننا العربي، بما فيها البرامج التشخيصية والتأهيلية وبرامج تقييم النوعية والجودة. ولابد أيضاً من مراجعة وتحديث تشريعاتنا الوطنية، على ضوء مواد الاتفاقيةِ الدوليةٍ لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تلزم الحكومات بتنفيذها خاصّة أنها قد وضعت آليةً تنفيذٍ ورصدٍ ومتابعة، على الصعيدين الوطني والدولي، وتؤكّد على مشاركةِ منظمات الأشخاصِ ذوي الإعاقة و وكذلك منظمات الأشخاص الصّم وضعاف السّمع في آليات رصد تنفيذها، وتحقيق الغايات المنشودة، من أجل تعزيز حقوقهم ومكافحة كل أشكال التمييز والإقصاء.

أدعو بمناسبةً هذا الأسبوع إلى تعزيزٍ الدراسات حولَ واقعٍ برامج التدخل المبكر لاسيما على مستوى المراكز المتخصّصة الحكومية والأهلية والخاصّة، بما فيها دراسات المقارنة المحلية والإقليمية والعالمية، وكذلك دعمٍ برامجٍ التأهيلِ المجتمعيِّ الذي يكفل مشاركةً قويةً للأشخاص الصّم في مجتمعاتهم المحلّية والتعريف بلغتهم الإشارية، التي هي جزء لا يتجزأ من حقوقهم، كما ندعو إلى الاستفادةِ من توصياتِ مؤتمراتِ وندواتِ الاتحاد العربي للهيئات العاملةِ مع الصّم ووضعها موضع التنفيذ.

نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات الأشخاص الصّم ونجاحاتهم العديدة، في أكثر من مجال، وأكثر من مكان، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجههم وسبل التغلبِ عليها، ومناسبةً أيضاً لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهم والنهوضِ بواقعهم نحو الأفضل.

المراجع:

أسبوع الأصم العربي، الويكيبيديا الحرة، الدكتور غسان شحرور،أمين سرالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم.
المواد 2-5، «ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي»، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن، عام 1986، وأقره الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم بشكله النهائي في 1992.
المادة 25)، اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي دخلت حيز التنفيذ في 3 أيار/مايو 2008.
المادة 26 (التأهيل وإعادة التأهيل)، المصدر السابق.
--------------------------------------------------------------------------------

[1] الدكتور غسان شحرور،أمين سرالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم.

"عرفتهم"

" حسَن البُحيْريّ" 

بقلم .. د. غسان شحرور

لُقّبَ "حسَن البُحَيْريّ" بشاعر حيفا والكرمل، وهو بلاشك من أبرز شعراء الطبيعة في الأدب العربي المعاصر. ينتمي  "البُحَيْريّ" إلى جيلٍ من عمالقة الشعر والأدب الفلسطيني. وُلِدَ في عام واحدٍ وعشرين وتسعمائة وألف من التاريخ الميلادي، في شارع الوادي من حي "النسناس" بمدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني، وقد جاءت ولادته بعد سبعة أشهر وعشرين يوما من وفاة والده حسن البحيري، فلم يرث الوليد اسم أبيه فقط، بل ورث الفقر المدقع وضيق الحال. 

          بدأ الطفل رحلته مع  الشقاء والحرمان، وازدادت حياته سوءاً على  سوء، فانقطع عن الدراسة عدة مرات باحثاً عن لقمة العيش ورغيف الخبز، وما أن اجتاز الصف الرابع الابتدائي حتى انقطع عن دراسته نهائياً، والتحق، وهو فتى يانع، بالعمل كعامل تنظيفات بمحطة السكة الحديد في حيفا.

          قال "البُحَيْريّ" أن حياته كانت تعجُّ بالعمل والنشاط، فما أن يعود من عمله حتى يذهب إلى مواقع مختلفة من جبل الكرمل.. في سفوحه، وأوديته، وتحت ظلال أشجاره. كان في كل مرة يصطحب  معه ما يستطيع الوصول إليه من كتب ثقافية متنوعة، ودفعه نهمُه الشديد للقراءة والمطالعة إلى التجول في صفحات التاريخ  والآداب الجاهلية والإسلامية والمعاصرة، بل لقد امتدت قراءاتُه واهتماماتُه إلى الآداب الأجنبية؛ فنهل منها ما استطاع إليها سبيلا.

          وهكذا استقى  "البُحَيْريّ" من مدرسة الحياة، وتفتحت مداركُه الإنسانية والاجتماعية والثقافية في أحضان الطبيعة الخلابة؛ بين مرابع جبل  الكرمل وشواطئ  حيفا، وبساتينها، وشاهد بأُمِّ عينه الاحتلال الإنكليزي يكبّلُ وطنَه وشعبه، وموجات الاستيطان الصهيوني تجتاح أرضَه وتشرده إلى سورية بعيداً عن بيته وعمله ومجتمعه.

          من أعماله الشعرية في حيفا: (الأصائل والأسحار)،  في عام 1943، و(أفراح الربيع)، في عام1944، و(ابتسام الضحى) في عام 1946، وفي دمشق: (حيفا في سواد العيون)، في عام  1973، و(لفلسطين أغني)، في عام 1979، و(ظلال الجمال) ، في عام 1981، و(الأنهر الظمأى)، في عام 1982، و (تبارك الرحمن)، في عام 1983، و(جنة الورد) في عام 1989، و(رسالة في عيد) في عام 1990، و(لعيني بلادي) في 1991، و(سأرجع) في عام 1994، و(ألوان) في عام 1995، و(دعابة بين الجد والهزل)، في عام 1996، و(خمرة الشعر ..قصائد ومقدمات)، في عام 1997، وغيرها.

          وترجم عن الإنجليزية (أوسكار وايلد..الأمير السعيد وأقاصيص أخرى)، طبع في دمشق عام  1953، ومختارات من القصص العالمية، بالإضافة إلى رواية (رجاء).

          كتب عنه الكثيرون لاسيما طلاب الدراسات الجامعية في عدة دول عربية، بالإضافة إلى عدد من الكتاب والأدباء، لكن أول وأبرز ماكتب عنه كان (مدينة وشاعر: حيفا والبحيري)، للشاعر الكبير هارون هاشم رشيد، في عام 1975، ذلك الكتاب الموسوعي الذي أسهم وإلى حد كبير في التعريف بحياة وأعمال "البُحَيْريّ" على نطاق واسع.

          عاودته طبيباً في عام 1989، بعد مروره بأزمة صحية قاسية، وخروجه من الاعتقال للتحقيق معه، وخلال تلك الفترة، كنت أشرف على ندوة جماهيرية للتوعية بحاجات وحقوق الأشخاص المعوقين الفلسطينيين في دمشق،  فوجدت في دعوته للمشاركة ببعض قصائده مناسبة لخروجه من أزماته والتواصل مع جمهوره العريض، خاصة بعد انقطاعه عن ذلك لفترة طويلة، سرعان ما لبى دعوتي، وقدم في الندوة مختارات من قصائده التي تتغنى بحبيبتيه حيفا وفلسطين، فأضاف بعداً وطنياً لتلك الندوة الإنسانية الحقوقية الاجتماعية.

          بعد ذلك، لم تنقطع الزيارات بيننا، واقتربت خلالها أكثر من "البُحَيْريّ" الإنسان، فقد أثار اهتمامي وإعجابي قدرته على تحدى الظروف القاسية الحالكة التي مر بها في مدينته حيفا، مروراً إلى حياة الشتات. نعم، أسأل نفسي، كيف استطاع هذا الإنسان رغم جحافل مصائب الدهر أن يواجه بمفرده حالة اليتم والفقر المدقع، والحرمان من الأسرة والتعليم، مروراً إلى كارثة الاقتلاع من بيته ومدينته ووطنه، انطلاقاً إلى عالم اللجوء والتشرد، والعيش وحيداً، دون شريكة حياة وأسرة تقف إلى جانبه في مسيرة حياته الشاقة. كيف استطاع في ظل هذه الظروف أن يشق طريقه في الحياة، ويعمل وينتج بجد وإخلاص ويثير إعجاب وتقدير كل من حوله، فإلى جانب عمله في إذاعة دمشق، كان يعمل في تدريس اللغة العربية في المعاهد الخاصة، وبفضل تعلمه وتحصيله الذاتي وتطوير معارفه بنفسه، أخذ العديد من الكتاب والأدباء يستعينون به في كتاباتهم وأطروحاتهم.

          لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمر في كتابة قصائده الوطنية والإنسانية، معبراً وبقوة عن شوقه وحنينه، لوطنه وأرضه وكرمله ومدينته، وعن ألمه وحزنه لفراقهم، وعن أمله وعزمه للعودة إليهم مهما طال الزمن.

          بادر المركز الثقافي العربي بالمعضمية قرب مدينة دمشق، وبالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب إلى الإعداد لإقامة حفل تكريم للشاعر "حسَن البُحَيريّ"، يكون بمثابة تحية تقدير واعتزاز وعرفان للإسهامات الكبيرة والجليلة التي قدّمها هذا الرجل لشعبِه ووطنه وأمته في رحلة العطاء والإبداع  على امتداد أكثر من نصف قرن. لقد كان من المقرّر أن يشارك في هذا الحفل نخبةٌ من الشعراء والكتاب، يقدّمُ كلٌّ منهم مختارات من روائع شعرِه، وقد استعد الأستاذ  "حَسَن" لهذه المناسبة، وأخذ يلتقي مع منظّمي الحفل، وأعدَّ كلمة يلقيها في الحفل المذكور، زودني بها خلال زيارته الأخيرة لي، لكنه رحل قبل أيام معدودات من موعده (الأحد 25 تشرين أول أكتوبر 1998 الموافق 5 رجب 1419هـ)، وبقيت كلمته الأخيرة كما بقيَ إرثه حياً على مرِّ السنين.

          دعاني منظمو الحفل إلى إلقاء هذه الكلمة، نيابة عنه، في الندوة التأبينية بمعضمية دمشق في 5 121998 بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب في سورية، وتحدث فيها عددٌ من الأدباء والكتاب، أذكر منهم: الأستاذ نصر الدين البحرة، الأستاذ محمد قرانية، الدكتور يوسف البجيرمي، الأستاذ خليل خلايلي، الدكتور عزت السيد أحمد، الشاعر خالد أبو خالد، الأستاذ حسن حميد، الأستاذ مهند الشعبي وغيرهم.

          جاء في كلمته التي ألقيتها: أشكر الأساتذة النبهاء الذين تكرّموا بكلماتهم التي تنبض بالحب والأخوة، والذين أحبوا أن يتموا جميلهم بأن تولّوا عني إلقاء ما اختاروه من شعري رأفة  بهذا القلب الذي أصابه ما أصابه مما أعسر عليه النطق السليم بغير تلعثم، ودون تعثّر.. والله تعالى، وهو عالم الغيب والشهادة، يعلم كيف أصابت الجُزعة دم دماغي فتخثّر.. فأُنسيتُ كلَّ من أعرفه، وأُنسيتُ كلَّ ما أعرفه.. وبفضلٍ  منه تعالى وإكرام عادت إليّ طبائع الأمور شيئا فشيئا إلى أن استقرت الحال بي إلى ما أحمده عليه وأشكره..

          لَقد كنتَ يا قَلْبي على كُلِّ شِدَّةٍ

                                      كأنَّ الحديدَ الصُلبَ في الصدْرِ كَوَّنكْ

          فَكَمْ  دَهِمَتكَ  الحادثاتُ بِعُسرِها

                                      فلمْ تَــهِ فـي عُـسْرٍ ولا الكــرْبُ ليَّنـكْ

          ولكنَّ جُرحا في "القيامةِ" نازفا

                                      وفي المسجِدِ الأقصى دَهاكَ  فأوهنكْ

 

          خلال السنوات القليلة التالية، ظلت تجربة  "البُحَيْريّ" لاسيما الإنسانية  تراودني ، فقمت رغم أنني مجرد هاو لبعض الأدب  بإعداد كتاب صغير عنه سميته "قصة مدينتين في حياة البحيري"، شرفني فيه  الأستاذ الدكتور "عبد الكريم اليافي" بكتابة المقدمة، حتى يتعرف إليه الناس على امتداد الوطن الكبير.

تصعد جهود حظر الأسلحة النووية في العالم

 

في الـسادس من آب/أغسطس سنة 1945، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، أطلقت إحدى الطائرات الأمريكية أول قنبلة ذرية  صنعها الإنسان على مدينة "هيروشيما"، فدمرت نحو 90% من مباني ومنشآت المدينة، وقتلت أكثر من ثمانين ألف شخص، كما جرحت تسعين ألف شخص آخر، وشردت عشرات الآلاف. كانت الأبخرة الناجمة عن التفجير ذات قطر يقدر بميل ونصف، كذلك امتد اللهب لأكثر من ثلاثة أميال.

قال شهود العيان:

          "لقد ... شاهدنا منظراً فاق كل ما شاهدناه من قبل، إنه تحول وسط المدينة إلى رقعة بيضاء مسطحة ملساء شبيهة بكف اليد، سرعان ما اختفى كل ما عليها. وبدا أن أثر المنازل نفسها قد اختفى. كان قطر الرقعة البيضاء لا يتجاوز الكيلومترين، وكانت محاطة بحزام أحمر، رسم معالم المنطقة، التي احترقت فيها المنازل، وامتد إلى مسافة أكبر، مغطياً كل ما تبقى من أجزاء المدينة تقريباً".

كما قالوا:

          بعد ثوانٍ معدودة فقط من وقوع الانفجار "ضربت موجة حر شديد آلاف الأشخاص في الشوارع والحدائق وسط المدينة، فسقطوا مثل الذباب، متأثرين من شدة الحرارة. بينما سقط آخرون ملتوين حول أنفسهم،  وهم يحترقون بشكل فظيع. واختفت من على سطح الأرض، كل المنازل الخاصة، والمستودعات، وغيرها، وكأنها نسفت بقوة غير طبيعية، وتناثرت عربات النقل، على بعد مسافات، وكأنها فقدت كل وزنها، وقذفت عربات القطار بقوة بعيدا عن سكة الحديد. نعم، توقف نبض الحياة في هذه المدينة المنكوبة".

          حتى الآن، لا تزال آثار هذه القنبلة في البيئة المجاورة والبعيدة، وتؤدي إلى أمراض وتشوهات عديدة بين سكان تلك المناطق، علما أن تلك القنبلة الذرية التي استخدمت في ضرب هيروشيما، تعد متواضعة وصغيرة بمقاييس الأسلحة النووية الموجودة حالياً في العالم، والتي يبلغ عددها نحو 23 ألف رأس نووي، في ترسانات 9 دول نووية.

          لا يزال  شبح هذه الأسلحة الفتاكة يراود الإنسان، في كل مكان، فهي  تهدد، وفي كل لحظة، البنية التحتية للحياة على وجه الأرض، فقد تنفجر بسبب حرب، أو خطأ فردي، أو كارثة طبيعية كالزلازل والأعاصير والفيضانات، التي يمكن أن تحدث هنا وهناك، في الأرض أو البحر، بل يمكننا القول أن هذه الأسلحة النووية قد منحت الإنسان، ولأول مرة، القدرة على تدمير نفسه بنفسه، وخلال ساعات معدودة، وعلى سبيل المثال إن تفجير 1،. % من ترسانة العالم النووية يكفي لإحداث انهيار هائل في الزراعة العالمية وانتشار هائل للمجاعة

          لقد أدرك الإنسان الآثار الإنسانية الكارثية والمأساوية لاستخدام الأسلحة النووية في "هيروشيما" و"ناجازاكي"، فسرعان ما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 5 أيلول/سبتمبر 1945، أي بعد أيام فقط، عن تطلعها إلى حظر الأسلحة النووية في العالم، وكذلك دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى حظر الأسلحة النووية  في عام 1946.

          في الذكرى 67 لتدمير هيروشيما وناجازاكي، تشهد المدينتان هذا العام فعاليات دولية غير مسبوقة لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والمحافظين والبرلمانيين بالإضافة إلى جمعيات الهيباكوشا اليابانية (الناجون من هيروشيما وناجازاكي)، وغيرها من المنظمات التي ترفع في هذه المناسبة شعار: (لانريد هيروشيما أخرى)، و (لانريد أسلحة نووية في العالم).

          نعم.. استخدمت المنظمات الإنسانية والحقوقية، لاسيما الحملة العالمية للقضاء على الأسلحة النووية (آيكان) هذه الحقائق المتعلقة بالآثار الإنسانية الكارثية والمأساوية لاستخدام الأسلحة النووية في "هيروشيما" و"ناجازاكي" في الدعوة للتوصل إلى اتفاقية دولية تحظرها وتعمل على التخلص منها، مؤكدة أن بقاء هذه الأسلحة أشد خطراً من أي كارثة أخرى، كما أن الاستنزاف الهائل للموارد الاقتصادية والذي يزيد عن 105 مليار دولار تنفق سنوياً على صيانتها وتحديثها، يمكن توجيهها لتحقق الكثير للإنسان والمجتمع العالمي في مواجهة الفقر والجهل والمرض، وفي بناء بيئة مستدامة تنعم بها البشرية.

          وهكذا أثمرت هذه الرسائل الإنسانية في تعزيز موقف الرأي العام تجاه هذه القضية من أجل حث حكومات العالم على التوصل إلى الاتفاقية المنشودة التي استجابت لها أكثر من 146 دولة. نعم إنها رسائل الضمير الإنساني، رسائل تستحق أن نبذل لتحقيقها كل ما نستطيع، فالإنجازات العظيمة تبدأ دائماً بخطوات صغيرة.

  لا يسعنا في هذا اليوم، الذي يصادف الذكرى السابعة والستين لتدمير هيروشيما إلا أن نطالب منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، ووسائل الإعلام، والحكومات أن تعمل معاً على دعم جهود حظر هذه الأسلحة عالميا لأنها الخطر الحقيقي الذي يهددنا جميعاً، وتأييد إطلاق مفاوضات دولية لإنجاز اتفاقية شاملة تحظر تصنيع وحيازة واستخدام الأسلحة النووية، وتضمن التحقق والالتزام الكامل قانونيا بتفكيك وإنهاء الأسلحة النووية من قبل جميع دول العالم، لأن التخلص منها هو الأمن الحقيقي للبشرية جمعاء في  الحاضر والمستقبل. مع أهمية العمل على تحقيق عالمية المعاهدة في الشرق الأوسط وإخضاع كافة المنشآت النووية والبرامج النووية فيه للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

وهنا أستذكر قولاً أعجبني: "من يمتلك سلاحاً نووياً،  يكون قد خرق ثلاثة فئات من القانون: قانون الله، وقانون الإنسان، وقانون الطبيعة"

 

د. غسان شحرور 

منسق الشبكة العربية للأمن الإنساني

عام 2012 يشهد تصاعد الجهود العالمية لحظر الأسلحة النووية وإزالتها

د. غسان شحرور

   أعلنت نحو 142 دولة تأييدها إطلاق المفاوضات لإنجاز اتفاقية تحظر وتزيل الأسلحة النووية في العالم، كما أكدت عزمها على المشاركة في المؤتمرات واللقاءات الإقليمية التمهيدية المقرر انعقادها هذا العام 2012 تمهيدا للتوصل إلى هذه الاتفاقية العالمية التي طالما تطلعت إليها البشرية، وهي ما اكتسبت تأييداً شعبياً واسعاُ أظهرته استطلاعات الرأي العام في كل أنحاء العالم، وأكده إعلان محافظي 3600 مدينة في العالم.

   وقد أخذت الحملة العالمية لإزالة الأسلحة النووية التي تضم منظمات المجتمع المدني في كثير من أنحاء العالم في تكثيف نشاطها لحث حكومات العالم على الإسراع في اتخاذ الخطوات على هذا الطريق من أجل التوصل إلى اتفاقية عالمية على غرار اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد عام 1997 واتفاقية حظر القنابل العنقودية عام 2008، تعمل على حظر الأسلحة النووية وإزالتها, هذه الأسلحة التي تهدد وفي كل لحظة البنية التحتية للحياة على وجه الأرض، علماً أن النفقات السنوية على هذه الأسلحة في العالم تزيد عن 100 مليار دولار وهذه النفقات إذا ما تم توجيهها لمعالجة الفقر والجهل والمرض المتفشي في العالم, حققت تقدماً مذهلا في حاضر ومستقبل البشرية جمعاء.

   بدأ حلم إزالة الأسلحة النووية يراود العقلاء في العالم منذ عقود طويلة بدأت خطوتها الأولى بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ذلك في عام 1946 بعد أن خبر العالم آثار استخدامها الكارثية والمأساوية في هيروشيما وناجازاكي.

يبدو الطريق معبداً بالتحديات، وأولها موقف العملاقين النوويين وفي جعبتيهما نحو 95% من الأسلحة النووية في العالم.

إن سعي الإنسان، في كل مكان، إلى تحقيق عالم بلا أسلحة نووية يستحق أن نبذل لأجله كل ما نستطيع، فالإنجازات العظيمة تبدأ دائما بخطوات صغيرة.

أسبوع الأصم العربي
السابع والثلاثين: 21 - 27 نيسان / إبريل 2012

التأكيد على الحق في العمل
بقلم د. غسان شحرور

في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل)، تقيم الهيئات العاملة مع الصم في الوطن العربي أسبوعاً يدعى "أسبوع الأصم" الذي يعد أسبوعاً حقوقياً مكثفاً وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصمم والوقاية منه، و كذلك التعريف بالأصم وقدراته و وسائل رعايته وتربيته وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي النطقي و الإشاري بين أقرانه ومع المجتمع، وتوجيه وسائل الإعلام لتسليط الضوء، وشرح حقوقه الأساسية الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية.

في هذا العام 2012 أطلق الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم على هذا الأسبوع شعار "تعزيز حقوق الأشخاص الصم في العمل"، وذلك لأهميته في حياتهم وبهدف تمكينهم من القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة.

أ- الحق في العمل الملائم على قائمة الأولويات:

لايمكن تجاهل هذا الحق في كل برنامج عمل شامل ومتكامل يسعى إلى تمكين الأشخاص الصم من المشاركة بفعالية في مجتمعاتهم المحلية، فالعمل لكل إنسان يعني الكرامة والمكانة الاجتماعية وهو مكون مركزي في بناء صحتنا الجسمية والنفسية، ونظراً لأهمية حق الأشخاص الصم في العمل ينبغي دائماً التأكيد على ضمان ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، لذلك سعى الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم - شأنه في ذلك شأن العديد من جمعيات الصم- إلى التأكيد على هذا الحق، وجعله على قائمة أبرز الأولويات من خلال مطالبته التي لم تنقطع ببناء بيئة ممكنة للأشخاص الصم بكل جوانبها التشريعية والتأهيلية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وغيرها.

نعم لقد بدأ تسليط الضوء على هذه الجوانب منذ الأسبوع العربي الأول للأشخاص الصم الذي أطلقه الاتحاد في عام 1976، وكذلك الأسبوع السادس عام 1981 الذي ركز على التأهيل المهني للصم، والأسبوع الثامن عام 1983 الذي رفع شعار "دور الرعاية و التربية و التأهيل و التشغيل في دمج الأصم في المجتمع"، و الأسبوع السادس عشر عام 1991 عن مشاركة الأصم في عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و الأسبوع الحادي و العشرين عام 1996 وشعاره "نحو التسيير الذاتي للصم العرب"، والأسبوع الخامس والعشرين عام 2000 الذي نادى بتأمين "فرص عمل للصم"، أما أسبوع الأصم الثامن والعشرين في عام 2003 فقد سلط الضوء على أهمية توافر فرص عمل لائقة للصم من خلال إيجاد مشاريع صغيرة في مجتمعاتهم المحلية، وكذلك هو الحال في العديد من الأسابيع الأخرى.

من جهة أخرى أكد "ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي"، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن، عام 1986، وشهد النور عندما أقره الاتحاد بشكله النهائي في عام 1992 على كافة عناصر ومتطلبات بناء بيئة ممكنة للأشخاص الصم وخاصة المادة السادسة منه التي تنص على حق الشخص الأصم وضعيف السمع في الحصول على الأمن النفسي والصحي والاجتماعي والاقتصادي وبتوفير فرص التدريب له وربطه بالتأهيل على مختلف الأعمال والمهن الملائمة لدرجة إعاقته، وتأمين العمل المناسب الذي يتلاءم مع قدراته.

ب- العمل والعمالة في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

لقد استجابت معظمُ الدولِ العربيةِ ووقعت وصادقت على هذه الاتفاقية التي دخلت حيّز التنفيذِ في 3 أيار/ مايو 2008، وفيها تعترف الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين؛ ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمامهم، يسهل انخراطهم فيهما. وتحمي الدول الأطراف إعمال الحق في العمل وتعززه، وذلك عن طريق اتخاذ الخطوات المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات، لتحقيق عدة أهداف منها ما جاء في المادة 27 حول العمل والعمالة أذكر منها:

- حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك تكافؤ الفرص وتقاضي أجر متساو لقاء القيام بعمل متساوي القيمة، وظروف العمل المأمونة والصحية، بما في ذلك الحماية من التحرش، والانتصاف من المظالم؛

- كفالة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم العُمالية والنقابية على قدم المساواة مع الآخرين؛

- تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول بصورة فعالة على البرامج العامة للتوجيه التقني والمهني، وخدمات التوظيف، والتدريب المهني والمستمر؛

- تعزيز فرص العمل الحرّ، وتكوين التعاونيات، والشروع في الأعمال التجارية الخاصة؛

- تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص؛ وغيرها

ج- أسبوع الأصم في سنة التعاونيات 2012:

يأتي أسبوع الأصم السابع والثلاثين هذا في "السنة الدولية للتعاونيات 2012" التي انطلقت في العالم تحت شعار "المؤسسات التعاونية تسهم في بناء عالم أفضل"، من أجل تسليط الضوء على عمل التعاونيات، وأهمية دورها في تمكين النساء، والشباب، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، وبسبب ارتكازها على مباديء وقيم العون الذاتي، والمسؤولية الاجتماعية والمساواة، الأمر الذي يعزز فرص الاندماج الاجتماعي وتلاحم ورفاه المجتمع كله، حيث تقام الفعاليات على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية.

التعاونيات المقصودة هنا هي مؤسسات اقتصادية يملكها أعضاؤها تعمل على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لهم بالإضافة إلى مجتمعاتهم المحلية، يديرونها ويراقبونها بشكل جماعي، وفق نظام معتمد، وهي تنتشر في مجتمعاتنا على نطاق ضيق، منذ عدة عقود، أذكر منها التعاونيات الزراعية، والصناعية، والاستهلاكية، والسكنية، وغيرها، وهي تقدم فرص عمل كريمة للعاملين، من جهة، وتقدم السلع والخدمات التجارية، بأسعار مدروسة للمجتمعات المحلية والمجتمع بشكل عام الأمر الذي يزيد من أهميتها والحاجة إليها يوماً بعد يوم، خاصةً مع انتشار ثقافة الاستهلاك، والاستغلال، والإثراء السريع، الذي لايعرف فيه جشع البعض إلا الربح والربح فقط.

تشكل سنة التعاونيات هذه فرصة أمام الحكومات، والقطاعين الأهلي والخاص، ووسائل الإعلام لمراجعة الإنجازات والتحديات، والاستفادة من التجارب الوطنية والإقليمية والعالمية الأمر الذي يؤدي إلى التوسع في إنشاء التعاونيات وتعزيز عملها لاسيما تلك التي تمكّن المرأة والأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تضع على رأس أولوياتها تحقيق الجدوى الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية، وتجعل منهما جناحيها القويين، اللذين يحلقان بها إلى مجتمع المساواة والتنمية المستدامة.

ج- دعوة إلى العمل:

نعم .. في أسبوع الأصم العربي هذا العام، هناك حاجة ماسة لدراسة واقع التعاونيات وأنواعها، على امتداد وطننا العربي، لاسيما تلك التي يسهم الأشخاص الصم وجمعياتهم في إنشائها وإدارتها وتسويق منتجاتها وتقويم عملها، من أجل تحقيق أهداف تمكينهم من حقوقهم في حياة كريمة جنبا إلى جنب مع أبناء مجتمعاتهم.

ولابد أيضاً من مراجعة وتحديث تشريعاتنا الوطنية، والاستفادةِ من مواد الاتفاقيةِ الدوليةٍ لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصّة أنها قد وضعت آليةً تنفيذٍ ورصدٍ ومتابعة، على الصعيدين الوطني والدولي، وتؤكّد على مشاركةِ منظمات الأشخاصِ ذوي الإعاقة ومنها منظمات الأشخاص الصم في آليات رصد تنفيذها، من أجل تعزيز حقوقهم و حمايتهم و حفظ كرامتهم.

أدعو بمناسبةً هذا الأسبوع إلى تعزيزٍ الدراسات حولَ واقعٍ العمل بين الأشخاص الصم لاسيما على مستوى المراكز المتخصّصة الحكومية والأهلية والخاصّة، و دعمٍ برامجٍ التأهيلِ المجتمعيِّ الذي يكفل مشاركةً قويةً للأشخاص الصّم في اتخاذِ القرارات الإنمائية في مجتمعاتهم المحلّية كما ندعو إلى الاستفادةِ من توصياتِ مؤتمراتِ وندواتِ الاتحاد العربي للهيئات العاملةِ مع الصّمِ التي طرحت أكثر من مرة هذه الجوانب المهمة في وطنِنا العربي.

نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات الأشخاص الصم ونجاحاتهم، و مناسبةً لتكريمهم وتعزيز دورهم، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجههم وسبل التغلبِ عليها، ومناسبةً أيضا لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهم والنهوضِ بواقعهم نحو الأفضل.
----------------------------------------------------------------------
[i] د. غسان شحرور، أمين سر الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم

مبدعونا .. هل نجهلهم أم نتجاهلهم؟

بقلم د. غسّـان شـحرور

أقامت جامعة سانت بطرسبرغ الروسية في العام الماضي 2010 منتدى علمياُ بمناسبة المئوية الثانية لمولد الشيخ الأزهري محمد عيّاد الطنطاوي (1810-1861)، الذي أمضى عشرين عاماً في روسيا القيصرية حيث عين مدرساً للغة العربية، في القسم التعليمي لوزارة الخارجية الروسية، كما عمل أستاذاً في كلية اللغات الشرقية بجامعة سانت بطرسبرغ.

لقد أنجز “الطنطاوي” خلال تلك الفترة من حياته، أكثر من مائة وخمسين مخطوطة، إضافة إلى سيرته الذاتية والعديد من المؤلفات التاريخية والأدبية، منح خلالها العديد من الألقاب والأوسمة، تقديراً لجهوده وإنجازاته، واستمر تكريمه والاعتراف بفضله حتى بعد وفاته، حيث عُـدّ قبره قرب سانت بطرسبرغ من الأملاك الحكومية التي تقوم الحكومة بالحفاظ عليها وحمايتها. كما تبنت كلية اللغات الشرقية بالجامعة مشروعاُ لإصدار مخطوطات الطنطاوي على الشابكة بعد تصنيفها وفهرستها لتكون متاحة لجميع الباحثين والمهتمين في العالم.

أما هذا العام 2011، فقد احتفلت مكتبة الكونغرس الأميركي بالأديب والمفكر اللبناني “أمين الريحاني” بمناسبة مئوية روايته “كتاب خالد”، التي تعد أول رواية كتبها عربي باللغة الإنجليزية، وقد أقامت المكتبة ندوة حول إنجازات هذا الأديب حضرها العديد من الباحثين والمثقفين.

لقد حفل إرث ”أمين الريحاني” (1876-1947) بالعديد من الكتب والمسرحيات والقصص التي كتبها باللغتين العربية والإنجليزية، فأضحى بذلك مع “جبران خليل جبران” من أشهر أدباء المهجر.

ما أحوج مجتمعنا اليوم إلى تعزيز ثقافة التكريم، أو أخلاق الاعتراف بفضل الآخرين من أبنائه، خلال حياتهم وبعد رحيلهم، لأنها وبكل بساطة حق من حقوقهم، وواجب من واجباتنا، فما أقسى أن نجهل المجتهدين والمبدعين أو نتجاهلهم، إنها ثقافة وأخلاق تبدأ في البيت والمدرسة, ولا تنتهي بعد ذلك.

”الأمس بعين اليوم” زاوية ثقافية مجتمعية يكتبها د. غسان شحرور

اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام

في اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام 4 نيسان: الشبكة العربية تدين أي استخدام للألغام في ليبيا وتدعو إلى إطلاق برامج التوعية المجتمعية بمخاطر مخلفات الحروب

 لقد تضررت المناطق المأهولة بالسكان في ليبيا بمخلفات النزاعات المسلحة مثل الألغام المضادة للأفراد والمضادة للآليات، والذخائر الحربية المختلفة، وهي لا تميز بين المحاربين والمدنيين الأبرياء وتسبب خسائر كبيرة في الأرواح، وتؤدي إلى العديد من حالات الإعاقة، كما تلوث البيئة لسنوات طويلة وتعيق التنمية المجتمعية المستقبلية.

وفي هذه المناسبة ومع إصدار تقارير دولية عن استخدام الألغام المضادة للأفراد في ليبيا، تدين الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام ومخلفات الحروب أي استخدام لهذه للألغام وأي أسلحة أخرى لا تميز بين المدنين والمتحاربين، كما تعرب عن قلقها البالغ من احتمال استخدام ذخائر تحتوي على يورانيوم مستنفذ التي تسبب أذيات صحية وبيئية خطيرة.

تناشد الشبكة منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة دعم المنظمات الليبية المعنية للبدء ببرامج توعية مجتمعية للتعامل مع أخطار الألغام ومخلفات الحروب لاسيما في المناطق المتأثرة وما حولها.

د غسان شحرور
المنسق العام الشبكة العربية

 

تطلعات على أبواب "قمة الأمم المتحدة للأمراض غير المعدية"

بقلم د. غسان شحرور

يتطلع المجتمع الدولي إلى "قمة الأمم المتحدة للأمراض غير المعدية (غير السارية)" المقرر انعقادها في 19- 20 أيلول/سبتمبر 2011 على مستوى رؤساء الدول والحكومات حيث من المتوقع أن تصدر عند اختتامها وثيقة عمل دولية تهدف إلى إحداث تغيير ملموس في حياة الأشخاص المصابين بالأمراض غير المعدية ومجتمعاتهم.

نعم لقد استطاع هذا الوباء العالمي "الأمراض غير المعدية" أن يفرض مكانه على رأس أولويات الأمم المتحدة لأنه يهدد التنمية الاجتماعية والصحية والاقتصادية بالإضافة إلى الأمن العالمي، فقد دلّت الدراسات العالمية أن هذه الأمراض غير المعدية وخاصة السرطان، والأمراض القلبية الوعائية، والأمراض التنفسية المزمنة وداء السكري، تسبب العديد من حالات الإعاقة الحركية والبصرية والسمعية وغيرها، كما تعدُّ القاتل الأول لأنها تسبب 60% من حالات الموت في العالم، تحدث أربعة أخماس هذه الوفيات في البلدان قليلة ومتوسطة الدخل حيث تباغت الناس وهم في أكثر سنوات حياتهم إنتاجاً.

دلت الدراسات أيضاً أنه يمكن منع أو تأخير هذه الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض وإنقاذ نحو أربعة عشر مليون من أصل خمسة وثلاثين مليون شخص يموتون سنوياً.

إن اتخاذ إجراءات قوية وملموسة على المستويين الوطني والعالمي يمكن أن يغير ويصد هذا الوباء، لذلك يتطلع المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات قوية وملموسة من خلال التعهد والالتزام في وثيقة عمل القمة المزمع إصدارها ومتابعة تطبيقها بشكل فاعل. لقد شدد "تحالف منظمات الأمراض غير المعدية" الذي يضم مئات المنظمات من مختلف أنحاء العالم على أن تضم الوثيقة الختامية للقمة توصيات عديدة منها ضمان الإشراف والتنسيق العالمي الذي يمكن أن تتولاه الأمم المتحدة بالعمل مع الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لتنفيذ وثيقة عمل القمة العالمية، كما ينبغي أن تدرج الأمراض غير المعدية في الأهداف الإنمائية العالمية لضمان امتلاك البلاد قليلة ومتوسطة الدخل الموارد والخبرات الداعمة لمواجهة هذه الأمراض مع وجود استرتيجية وطنية وخطة عمل مشتركة ذات أهداف محدودة للوقاية والكشف المبكر والعلاج والرعاية، وكذلك تعزيز برامج مكافحة عوامل الخطر وهي: التدخين، والغذاء غير الصحي، وضعف النشاط الفيزيائي، والكحول. كما أن دعم برامج التشخيص المبكر والعلاج يوقف تطور الأمراض إلى اختلاطات مكلفة ومسببة للإعاقات والموت المبكر، وهناك وسائل موثوقة غير مكلفة للتشخيص ومعالجة الأمراض غير المعدية ينبغي توافرها للجميع.

كذلك ينبغي أن تضم الوثيقة العالمية التأكيد على تعزيز التمويل الوطني، والمساعدة الخارجية للبلاد قليلة ومتوسطة الدخل، والتأكيد على الرصد والمتابعة الفاعلة، وهو ما يمكن أن تقوم به الأمم المتحدة من خلال عقد مؤتمر مراجعة وتقييم على مستو عال في عام 2016.  

إن الدروس المستفادة من تجارب الأمم المتحدة السابقة مثل القمة العالمية للأطفال، ومؤتمر قمة الأرض، وقمة الأمم المتحدة لمتابعة الأهداف الألفية، وما شهدته من تحالفات بين القطاعات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص، تجعلنا نتطلع، وأكثر من أي وقت مضى، إلى مشاركة فاعلة عالمياً وإجراءات ملموسة وقوية محلياً أهم خطواتها وضع إستراتيجية وطنية للأمراض غير المعدية تمكّن من مواجهة تحديات هذا القاتل الأول في مجتمع تكون فيه الصحّة للجميع.

التأكيد على تمكين المرأة الصّماء

 

بقلم  الدكتور/ غسان شحرور        دمشق سورية

  

تحتفل الهيئات العاملة مع الصم في الوطن العربي خلال الفترة مابين 21 و 27 نيسان (أبريل) من كل عام "بأسبوع الأصم" الذي يعد عيداً اجتماعياً للأشخاص الصم، وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل رعايته  وتربيته وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي النطقي و الإشاري بين أقرانه وبقية أفراد المجتمع،  كذلك توجيه وسائل الإعلام والرأي العام لتسليط الضوء، وشرح الحاجات الأساسية الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية للأشخاص الصّم، صغاراً وكباراً، من أجل تمكينهم للقيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الشاملة والمستدامة.

 

 التأكيد على تمكين المرأة الصّماء:

نظراً لأهمية شعار أسبوع الأصم الخامس و الثلاثين لعام 2010 الذي أطلقه الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم: "تمكين المرأة الصّماء في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، فقد تم اعتماده ثانية كشعار للعام 2011، وقد كنت ممن آثروا اعتماد الشعار ثانية للعام الثاني على التوالي وذلك لأسباب عديدة أذكر منها:

أهمية تمكين المرأة الصّماء في الوطن العربي، و التي لا تتلقى كما ينبغي ما تحتاج إليه من خدمات صحية و تعليمية  و اجتماعية و تأهيلية. و نظراً لأهمية تعزيز مشاركتها الفاعلة في حياة المجتمع و في جمعيات الصم و مختلف مستويات اتخاذ القرار في مجتمعاتهن المحلية و الوطنية، و أهمية الاستفادة من مواد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي دخلت حيّز التنفيذِ في  3 أيار مايو 2008 خاصّة أنها قد وضعت آليةً تنفيذٍ و رصدٍ و متابعة، على الصعيدين الوطني و الدولي، وتؤكّد على مشاركةِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة ومنظماتهم في هذه الآليات.

من جهة أخرى شهد العام 2010 فعاليات مميزة ومشجعة في عدة دول عربية لتمكين المرأة الصّماء أذكر منها:

1-انطلاق جمعية تنمية المرأة الأردنية للصّم بمبادرة من امرأة صمّاء، وتضم الجمعية نساء من الصّم وناطقات، وتسعى لتأمين فرص عمل وتمويل مشاريع اقتصادية مختلفة وغيرها، إضافة إلى برامج أخرى تعزز دمج المرأة الصّماء في مجتمعها المحلي.

2- الفعاليات المميزة للمركز الثقافي النسائي للصم في الرياض وهو أول مركز متخصّص في تنمية الثقافة العامة لدى النساء من الصم في السعودية، وهو بلا شك إضافة قيمة للجمعية السعودية للإعاقة السمعية.

3-الفعاليات المميزة للجنة الإماراتية المنظمة لأسبوع الأصم والتي تتشكل من وزارة الشؤون الاجتماعية، ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ومؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الحاجات الخاصة، وإصداراتها الإعلامية القيمة.

4- الدور المهم للمرأة الصّماء من مختلف البلاد العربية في "مجموعة الصّم العرب" الإلكترونية، وتجلى ذلك في النقاش والنقد الذاتي وتبادل الإعلانات والأخبار والتجارب عبر الفضاء الافتراضي الذي تتيحه الشابكة، وكذلك موقع "الشفا للصحة النفسية والتربية الخاصة"، الذي يربط الباحثين والعاملين والمهتمين ويعزز دورهم في تمكين ذوي الإعاقة.   

5- الدور البارز للمرأة الصماء في المؤتمر العام العاشر للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم في تونس خلال الفترة بين 25 - 27 / 11 / 2010،  والذي تجلى خلال المشاركات والمناقشات، والاطلاع على فعاليات مميزة جرت في مصر والبحرين والكويت.    وغيرها من الفعاليات التي انطلقت في العديد من البلاد العربية الأخرى.

        نعم لقد أسعدتنا هذه الفعاليات الممّيزة، وأشعرتنا جميعاً بأهمية رفع هذا الشعار مجدداً الأمر الذي يوافر مناخاً إعلامياً داعماً ومؤازراً على طريق تمكين المرأة الصّماء.

ب- المرأة الصّماء تدفع الثمن باهظاً:

 

        تشكلُ المرأةُ الصّماءُ أكثر من نصفِ حالات الصّمم في المجتمع، لكنّها و كما تفيد الدراسات، لا تتلقى ما تحتاج إليه من خدماتٍ صحّيةٍ و تعليميةٍ و اجتماعيةٍ و تأهيليةٍ مقارنة بالذكور من الأشخاصِ الصّم بسبب عواملٍ اجتماعيةٍ عديدةٍ، فالأمية تزدادُ في صفوفِ النساء المعوقات من الصّم، و لا يحصلن على الخدمات التأهيليةِ التعليمية المؤسساتيةِ الأساسيةِ، و كذلك التعليم المتوسط، و الجامعي، و فرص العمل المناسبة، و بالتالي تنقص فرص دمجهن في المجتمع، كما تنقص نسبةُ مشاركتهن الفاعلةِ في حياةِ المجتمع، و في جمعيات الصّم ومختلفِ مستويات اتخاذ القرار في مجتمعاتهن المحلية  بل إن بعضهن يتعرض للتمييز والعنف و الاعتداء، كما تضعف فرصهن في الزواج، و تحقيق حياة كريمة أسوة ببقية أفراد المجتمع من العاديين.

        لقد أكدت العديدُ من الدراسات هذه الحقائق القاسية عن واقع المرأة الصّماء، لذلك سعت التشريعات الوطنية إلى تعزيز حقوقها، و تأمين حاجاتها المختلفة الأساسية، وخطت العديدُ من المؤسسات الحكومية و الأهلية خطواتٍ من أجل تحسينِ هذه الصورة، لكن العواملَ الاجتماعية والثقافية، وضعف الوعي المجتمعي بذلك، وضعف الخطوات المتخذة على أرض الواقع كانت تحول دون ذلك، و ظلت المرأة الصّماء تدفع ثمناً باهظاً.

 

ج- دعوة إلى العمل:

لقد استجابت معظمُ الدولِ العربيةِ ووقعت وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ورغم هذه الاستجابات الجيدة إلا أن القوانينَ الوطنيةَ و التشريعاتَ الخاصّةَ بالإعاقةِ في الأقطارِ العربيةِ، لا تزال تعودُ إلى سنواتِ ما قبل هذه الاتفاقية، ومعظمها لا يعكس واقعَ المرأةَ المعوقةَ و لاسيما الصّماء،  والحاجةََ الماسّةََ إلى تعزيزِ حقوقِها، و تأمينِ حاجاتِها المختلفةِ الأساسيةِ،  و معالجةَ العوامل الاجتماعية والثقافية، وضعفَ الوعيِ المجتمعيِّ بذلك، الأمر الذي يدعونا إلى تحديثِ تشريعاتنا الوطنية، و الاستفادةِ من الاتفاقيةِ الدوليةٍ على الشكلِ الأمثلِ، و إطلاقِ العملِ التشاركي الحكومي و الأهلي و منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في مجالات رصد تنفيذها و تعزيزها، من أجل تعزيز حقوقهم و حمايتهم و حفظ كرامتهم.

        كما تقع على منظماتِ الأشخاصِ ذوي الإعاقة، لا سيما منظمات المرأة مسؤوليةً كبرى في المشاركةِ الكاملة، الفاعلة في كل هذه المجالات، التي تحتاج إلى الكثيرِ من الجهدِ والوقتِ لإحداثِ التغييرِ المنشود، كما أن المنابرَِ الإعلاميةَ العامةَ و المتخصّصةَ بالإعاقةِ لا تتردد في القيامِ بالعملِِ الإعلاميِِّ المتخصّص و الجاد من أجلِ تمكينِ المرأةِ المعوقة، وخاصّة الصّماء، و خلق بيئةٍ ممكّنة لضمانِ تمتـّـعها تمتّعاً كاملاً، و على قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان و الحريات الأساسية.

أدعو بمناسبةًًَِ هذا الأسبوع إلى تعزيزٍ الدراسات حولَ واقعٍِ المرأةِ الصّماء، لاسيما في الجامعات و المراكز المتخصّصة الحكومية و الأهلية و الخاصّة، و دعمٍ برامجٍِ التأهيلِ المجتمعيِّ الذي يكفل مشاركةًًًًًَ قويةًًًًً للمرأةِ الصّماء في اتخاذِ القرارات الإنمائية في مجتمعاتهن المحلّية كما ندعو إلى الاستفادةِ من توصياتِ مؤتمراتِ و ندواتِ الاتحاد العربي للهيئات العاملةِ مع الصّمِ التي طرحت أكثر من مرة قضايا تهمُّ المرأةَ الصّماءَ في وطنِنا العربي.

نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ مناسبةًًًًًً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات المرأة الصّماء و نجاحاتها، و مناسبةًًَ لتكريمها و تعزيز دورها، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجهها و سبل التغلبِ عليهما، و مناسبةً أيضا لعرضِ الجهودِ و التشريعات و الدراسات التي تسعى إلى تمكينِ المرأةِ الصّماءِ والنهوضِ بواقعها نحو الأفضل.

بدء العد العكسي لإطلاق اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص كبار السن
بقلم د غسان شحرور

واصل الشريحة السكانية لكبار السن في المجتمع نموها في جميع أنحاء العالم الأمر الذي يفرض تطوير السياسات والتشريعات الوطنية، ووضع البرامج الصحّية والاجتماعية الملائمة، وإعداد العاملين في هذه الميادين، لتلبية الاحتياجات المتزايدة لهذه الفئة الجليلة من أبناء المجتمع، بل يتطلب الأمر إنشاء مرصد مجتمعي يرصد وبشكل دوري الجهود والإنجازات، ومواضع الضعف والقوة، في كل مجتمع يسعى لتعزيز حقوق أبنائه من كبار السن وتمكينهم

لقد أطلقت الأمم المتحدة في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2010 إشارة البدء لعمليات بناء اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص كبار السن من خلال تشكيل مجموعة عمل خاصة بذلك، وبذلك توجت هذه الخطوة مسيرة هذه المنظمة الدولية التي شهدت محطات عديدة منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 الذي لم يذكر المسنين صراحة، مروراً بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966، وكذلك العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ثم مروراً بالاجتماع العالمي الأول حول التشيخ الذي عقد في فيينا عام 1982، والاجتماع العالمي الثاني في مدريد عام 2002، بعد اعتماد مبادئ الأمم المتحدة للشيخوخة التي صدرت عام 1991 المتعلقة بالاستقلالية، والمشاركة، والرعاية، وتحقيق الذات والكرامة

من المتوقع أن تقوم هذه الاتفاقية المنشودة بتحديد دقيق لحقوق كبار السن، ومسؤوليات الدول الأعضاء، والمعايير والخطوات المطلوبة لحمايتهم في هذه الاتفاقية الملزمة للدول الأطراف من خلال التقرير الدوري الإلزامي، وقبل هذا وذاك دورها في بناء قاعدة مجتمعية من الوعي والمعرفة بحقوق وحاجات الأشخاص كبار السن، تحقق بيئة ممكنة لهم

ولا نتوقع من حكوماتنا العربية في هذا المجال إلا أن تمارس دوراً ريادياً في كل مراحل صناعة هذه الاتفاقية في مجالس ولجان الأمم المتحدة، وفي كل خطوات تنفيذها، دوراً تمليه قيمنا الإنسانية ورسالاتنا السماوية وصولاً إلى التحديات التنموية والحضارية التي نواجهها يوماً بعد يوم

بيان إعلامي

الشبكة العربية لدراسات أخطار الألغام  ومخلفات الحروب

 

في الوطن العربي تستهجن وقوف بعض الحكومات أمام الإجماع العالمي الداعي إلى الكشف عن المناطق التي استخدم فيها اليورانيوم المستنفذ في الماضي .

 

يستخدم اليورانيوم المستنفذ في العديد من الأسلحةِ والذخائر، ويؤدي استخدامه إلى انطلاق غيومَ من الجزيئاتِ الكيماوية والمشعة الصغيرة جداً والسامة، وهي تبقى في البيئة المحيطة لملايينِ السَنين، وقد بينت بعض الدراسات أنّ اليورانيوم المنضّبِ أو المستنفذ يُسبّبُ سرطانات، وتشوهات ولادية، في الأجيال القادمة، ومشاكل صحيةِ سُجّلتْ في الجنود والمدنيين.

وقد أفادت دراسة الحملة العالمية لحظر استخدام اليورانيوم المستنفذ، أن دولا وشركات كبيرة تسهم في صناعة وترويج هذه الأسلحة القذرة، هذه الصناعة التي تدر الملايين على أصحابها على حساب صحة وحياة الأجيال القادمة من البشر..

 

في 8 ديسمبر كانون أول 2010 ، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدعو الدول التي استخدمت هذه الأسلحة في الماضي للكشف عن المناطق التي استهدفتها وذلك لإتاحة الفرصة للدول والمجتمعات المتضررة للعمل على التخلص منها ومن آثارها وتقديم الخدمات العلاجية والوقائية للمجتمعات الموجودة فيها، وقد حظي هذا القرار بموافقة الغالبية العظمى من دول العالم (148 دولة) بينما اعترضت عليه الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا.

 

إننا إذ نستهجن وقوف هذه الدول ضد الإجماع الدولي، وتجاهلها القلق العالمي للعواقب الإنسانية والصحية والبيئية لاستخدام اليورانيوم المستنفذ في الأسلحة والذخائر، والضرب عرض الحائط بما قد يحدث للمدنيين الأبرياء في المناطق التي استخدمت فيها. كما نأسف لتجاهل الإعلام الغربي والعربي لذلك. 

إننا ندعو جميع حكومات العالم، والمنظمات غير الحكومية، إلى اتخاذ موقف إيجابي لحظر استخدام اليورانيوم المستنفذ في الأسلحة والذخائر، وإدانة كل من يستخدمها، ومساعدة المجتمعات المتأثرة لاسيما في جنوب العراق وباقي أنحاء العالم.

د. غسان شحرور  ... الـمنـسق العام
- زيارة د. غسان شحرور .. فيينا بدعوة من الأمم المتحدة >>

شروط نشر الأعمال الفنية و الأدبية (المؤلفة أو المنقولة) فى أوسترو عرب نيوز :

عدم التعرض إلى (الذات الإلهية) .. الأديان السماوية .. المذاهب الدينية .. القوميات .

عدم التعرض بالسب أو الانتقاص من شخصية خاصة أو اعتبارية  .. بشكل مباشر أو بالتورية حال النقد .

أن لا ينشر فى أي وسيلة إعلامية صادرة بالعربية من النمسا .. خلال فترة النشر بـ أوسترو عرب نيوز .

أن يضمن المؤلف أو المراسل نشره فى النمسا مذيلا بعبارة : منقول عن أوسترو عرب نيوز (كلمة شرف)

ما ينشر في أوسترو عرب نيوز .. يعبر عن رأي كاتبه أو ناقله أو راسله ..
أوسترو عرب نيوز .. لا تتحمل المسئولية الأدبية أو القانونية .

أوسترو عرب نيوز .. تهيب بحضراتكم الإبلاغ عن أي تجاوز .. لعمل الإجراء المناسب على الفور .. بالحذف مع الاعتذار .
 

أعلى الصفحة


الموقع غير مسئول عن تصحيح الأخطاء الإملائية و النحوية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رئيس التحرير : أيمن وهدان




أخبار عرب النمسا