وقفة تأمل فى
ميدان محمد أسد
عندما غرس قطار برلين فى جذور الصحراء
رأى محمد أسد
(
ليوبولد فايس)
فيما يرى النائم .. أنه يستقل قطار برلين .. و إن
القطار قد توقف به فى الصحراء .. و أن نورا كثيفا يكاد أن
يخطف الأبصار ملأ المكان .. و بينما هو على هذه الحالة جاءته ناقة
(أنثى الجمل) ..
فامتطاها (ركبها) .
استيقظ الشاب اليهودي
المتدين
ليوبولد فايس
(محمد
إسلام) .. و سجل
رؤيته الغريبة فى مذكراته .
لم يكن
ليوبولد فايس
(محمد
إسلام) قد خابر الإسلام .. و لم يكن يتصور حتى فى
أعتي أحلامه خيالا أن يعتنقه .. و هو ذو الخلفية التوراتية
.. الضاربة فى عمق الكهنوتية & المرشح لحمل لواء جده
الحاخام
بنيامين أرجيا فايس
(حاخام
= رجل دين يهودي) .
على
أبواب أورشليم
كان يمكن
ليوبولد فايس
..
من خلال محيطة الثقافي المحافظ .. أن يصبح مجرد حاخام تقليدي مثل
كل الحاخامات الذين سبقوه .. و لكن رحلة القدس .. أرض
الميعاد كما يزعمون .. فجرت داخله كل نقاط اللامنطق
.. لعله رأي شئ من الحقيقة .. لأول مرة بعد
سقوط الأقنعة على أبوب القدس .. لقد وقع فى لغز أكبر منه
.. أكبر
من كل ما تعلمه .. أكبر من كل معلميه .. لغز ليس له حل فى
الغرب .
القاهرة
قلت لصديقي نعمان كدوة
.. مساعد مخرج فيلم (الطريق إلى مكة)
.. لولى القاهرة لما عرف محمد أسد الطريق إلى مكة .
و أن الفيلم رغم إعجابي به .. إلا أن تغافله هذه المحطة
الهامة على طريق محمد أسد ..
القاهرة .. يفقده
المنطق .. لقد وجد محمد أسد
فى القاهرة الرد المناسب على
كل التساؤلات التى تفجرت بداخله فى القدس .
ألتقي الشاب اليهودي
ليوبولد فايس بشيخ
الأزهر الإمام مصطفى المراغى .. الذى أعاد إليه الوعي و
الطمأنينة .. ساعد فى ذلك أن القاهرة كانت تعيش أوج عصرها
الذهبي الحديث .. بما تملكته من قوى ثقافية و فكرية
.. لم
تتوفر لأي بقعة أخرى فى عالم العرب أو المسلمين .
لقد كانت
(القاهرة) قوة إقليمية ذات بعد حضاري إنساني عالمي .. بلورته
حركات فكرية و ثقافية و علمية .. منتجة و مؤثرة و متأثرة و
متابعة باهتمام .. لما يدور حولها فى العالم .. و يكفى أن
نتذكر بعضا من النماذج الخالدة فى سماء القاهرة حينئذ .. كـ :
أحمد شوقي
&
محمود خليل
& طه حسين &
عباس
العقاد &
توفيق الحكيم
& نجيب محفوظ &
نجيب
الريحاني &
مصطفى مشرفة
&
محمد رفعت
&
سيد درويش
& أم كلثوم
&
طلعت حرب
& سعد زغلول &
بيرم التونسي
&
جورج أبيض .. .. ..
القائمة طويلة جدا .
تعلم
ليوبولد فايس
.. اللغة العربية فى الأزهر الشريف الذى كان محطته الرئيسة
فى دنيا القاهرة و لم تمنعه يهوديته من ذلك
بل كان مرحبا به .. لأن القاهرة كانت الحضن الدافئ الذى
استوعب كل مبدع بلا تفرقة عنصرية أو ثقافية .
رأى
مكة من القاهرة
سحر مكة شده بقوة .. ليتفقد على الطبيعة الأرض و المناخ
الذى عاش فيه رسول الله محمد .. عليه الصلاة و السلام .. الذى
جاء بالإسلام ذلك الدين المثير للإعجاب و الدهشة معا .
باستطاعة معتنقيه .. خلال بضع سنين أن يستوعبوا : من الصفر
تقريبا .. حضارتي فارس و
الروم .. ثم يطهروها و يبنوا عليها حضارة إنسانية مازالت
هى الأرقى إنسانيا .. روحيا و ماديا .. رغم التخلف الطارئ
الذى فرضه عليهم شياطين الأنس و الجن .. و الذى شارك فيه
فرط تسامح المسلمين أنفسهم .
التاريخ يختار رجاله
ثم كانت محصلة السياحة الواعية
(التى قام بها محمد أسد) فى الأرض .. أن يكون له
دورا هاما فى إنشاء دولة المسلمين الهنود .. جمهورية
باكستان الإسلامية .. عام 1947 .. و يكون له
(محمد أسد) ..
شرف تمثيلها فى المحافل الدولية .
الأندلس
ما مدلول أن يستقر جسد محمد أسد .. السائح بالجسد و الفكر
.. مترجم القرآن الكريم .. فى الأندلس بالذات؟
عزيزي القارئ .. أرجو أن تغمض عينيك تماما و أن تحاول أن
تجد إجابة .
لقد قمت بذلك .. فطاف بي أفكار & معاني
.. لا يمكن للكلمات و اللغات أن تجسدها .
لعل كلمة واحدة جامعة يكون لها دور البطولة بين الكلمات ..
الأمل .
ميدان
محمد أسد
أطلق فى يوم الاثنين 14 من أبريل 2008 /11:00
على أحد ميادين فيينا التى تقع فى حضن مبنى هيئة الأمم
المتحدة بـ فيينا - الحى (22)
شارك فى الافتتاح مسلمي و عرب النمسا .. & أعضاء السلك
الدبلوماسي و وسائل الإعلام النمساوية و العالمية و
العربية .
جديرا بالذكر أن البروفيسور طلال نجل
محمد أسد .. جاء
خصيصا من الولايات المتحدة الأمريكية .. للمشاركة فى
الافتتاح و الاحتفال بالمناسبة التى تعد خطوة موفقة على
طريق احترام الحضارات .. ذلك الطريق الذى ينتهي ببداية
الطريق الآمن لـ حوار الحضارات .
بداية الطريق
من ميدان أسد .. يبدأ الطريق .. و الطريق من الوعورة التى لا
تذلل إلا من خلال رغبة بشرية حقيقة فى الاحترام و التفاهم
الحضاري البناء .
و ليبدأ الطريق بـ :
-
تقدم الغرب الاعتزاز المناسب الذى يقبله الشرق عن
الحوار المسلح الذى مورس ضد العالم الإسلامي ..
و بخاصة إبان الحروب الصليبية و فترة الاستعمار أو الإستخراب .
-
أن
يبدى الغرب توبته النصوحة و إنهاء استعماره أو
إستخرابه الحديث .. المرئي أو الغير مرئي .. و أن لا يقيد حرية
الشعوب بالحديد و النار .
-
أن
يطهر بؤر الفساد التى زرعها فى جسم العالم العربي و
المسلم .
-
إعادة الاعتبار للتاريخ و الحضارات الإنسانية ..
من التزوير الممارس
-
احترام ثقافات الشعوب و مقدساتها .
سلف و دين
لقد كانت حضارة المسلمين كريمة على الإنسانية فلم تبخل
عليها .. بما حققته من مكاسب حضارية مادية كانت أو أدبية
أو غير ذلك .. وكفلت لها حريتها .. و لم تجبرها على اعتناق
دينها الحنيف .
فقامت الحضارة الأوروبية و الغربية الحديثة .. على أكتاف
حضارة المسلمين من خلال جسور مختلفة للانتقال الحضاري ..
هذا هو السلف .
أم الدين الذى يجب على الغرب
أن يردوه للعرب و المسلمين هو أن يقيموا جسور كريمة
للانتقال الحضاري .. بدلا من إشاعة الفوضى و القلائل و
التخلف و الاستعباد المبتكر للشعوب الغير غربية .
|