السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 
النمسـا اليـوممفكـــــرةخدمات & طوارئ النمسـا الوطـنإخترنـا لكإعلانــــــاتحـوار صـريحمجتمــــــعهيئة التحـريرمواقع إلكترونيةتواصـــل
 
 

الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ
ج2

تقديم : د. محمد الرمادى
فيينا / 2023

 

36-41 حبيس المرأتين

[ 36 ] « أسلوب نشأة »:

ڪانت هذه المواقف السابقة بمجملها قبل أن يتجاوز الحادية عشر من عمره بقليل ، وهو مازال تلميذ الإبتدائي في بداية الصف السادس وفق نظام التعليم الإلزامي وقتذاك ، يتذڪر تماماً ما قيل وما جرىٰ ڪأنه حدث البارحة ، ولعل السيدة « „ فوزية ” » لعبت الدورَ الأعظم في حياته المستقبلية ڪرجل ، فقد صارت هي المرأة النموذجية والمثال الذي يبحث عنه بين النساء مع بعض التعديلات التي أخذت من النماذج الأوروبية .
السيدة « „ فوزية ” » ڪانت امرأة جميلة حقاً فهي في نهاية عقدها الثالث ، وهي مفعمة بإنوثة صارخة طاغية ، تجذبك طفولتها البريئة في حديثها .. النظيفة في تعبيراتها وإن ڪانت سيدة ذات بعل فولدت طفلين ، عيناها مڪحلتان عسليتان تتڪلمان قبل شفتيها ، ڪستنائية الشعر الحرير الناعم الذي ينسدل علىٰ ڪتفيها ، ممشوقة القوام .. تمتلك مساحات شاسعة من بياض البشرة خُلط فيها العسل الأبيض النقي بالحليب الطازج المشرأب بـ لون حبات الفرَولة المقطوفة في حينها فتلاحظها في بعض المناطق التي يتمكن المرء بسهولة ويسر أن تراها ، لا تجد طبقات دهون قد اڪتنزت في مناطق ما ، فــ إذا مرت أمامك بخطوات قصيرة ينتشر في المڪان حولها ويفوح عبق عطر لم يشمه إنسان من قبل ، فهي قطعة مِن المسك الأصلي من أخمص قدميها إلىٰ مفرق شعرها ، وتمتاز بـ رقة الأم الحنون الرؤوم .. فــ يقترب منها „ رفيقي ” ڪعادته - فهو مازال الصبي الصغير المدلل - وهي تأتي ڪأنها أتت له وحده - المسألة القديمة وعقدته المستقبلية وقضيته الجوهرية فهو دائما يريد أن يڪون مرڪز الدائرة ووسطها - .. والسيدة « „ فوزية ” » تفتعل مواقف معه ڪأنها دبرت في ليل دامس دون أن يدري ، فهو الابن الوحيد الشبه مدلل .. بل بحق المدلل ، أو ڪما يقولون عنه „ ابن أمه ” .. „Muttersöhnchen“ .
تربىٰ بين أحضان جدته لأبيه ، تطعمه بيدها وتغطيه برمشها وتنظفه بطهورها وتحميه بمائها ، فوجد بين ذراعيها منذ أن أدرك وجوده .. فــ في الذهاب وحين المجئ يرافقها .. يسير خلفها ممسڪاً بــ ملائتها الْإِسْــڪَنْدَرِانِيَّةِ اللف .. فــ راعته حق الرعاية وربته حسن التربية ودللته ڪثيراً .. ڪأنه آخر أحفادها .. وإن جاء من بعده الڪثير ..
ومع جدته وبجوارها وبها وبجوار أمه صار كــ « „ حبيس المرأتين ” » ، لم يسمح له أن يلعب مع أترابه ڪرة القدم الشراب ڪما هو معتاد في شوارع الْإِسْــڪَنْدَرِيَّةِ وحواريها ، فـ ڪره ڪرة القدم وڪرة السلة والطائرة .. وأتجه لرياضة ڪمال الأجسام .. وحين لم يناسب عرض صدره لبناء العضلات اتجه إلى لعبة الجودو ، وهي رياضة مناسبة للدور الذي لعبه مع جدته أو أمه -المرافق الحامي- وبالتالي مع من سيأتي بعدهما من النساء في طريق رجولته ، وڪان لخوف أمه عليه من الهواء والغبار فـ لا يتحرك إلا بنظام فلا بد أن يسير بحذاء ملمع ومدهون بالورنيش في الطريق العام - ڪحذاء أبيه - ، والمرة الوحيدة التي خرج فيه عن نظام أمه ونزل حافي القدمين إلى الشارع ليلعب مع ابناء عمته جرح جرحاً عميقاً في بطن قدمه اليسرى من جراء زجاجة " ڪوڪا ڪولا " مڪسورة العنق لم يرها وذهب إلى المستشفى وخيط الطبيب الجراح جرحه بــ ست غرس ومڪث في الفراش ، وبهذا دللت أمه على صحة دعواها بالحادثة هذه طوال عمره الطفولي - وعمره الطفولي لن ينقضي ابدأ ، ڪما صرحت ذات مرة بذلك امرأة كانت ظلاً له من ظلال نساءه الڪثيرة السيدة „Christina“ ، ڪما ڪان يناديها أو يڪتب اسمها حين كان يراسلها بالخطابات وصحة اسمها هكذا „Christine“ - ، وڪان نظام أمه أنه لابد أن يغسل يديه قبل تناول الطعام ... وأن يغتسل قبل الذهاب إلى الفراش .. قائمة طويلة من أبجديات النظام .. بل لابد من ڪذا ولابد من .... ولابد .... قائمة طويلة من النظام والروتين .

[ 37 ] « حبيس المرأتين »

لاحظَ أبوه ما أَلمَ بابنه الوحيد وما يسير عليه من نظام .. وتعلقه الشديد بجدته لأبيه وبأمه .. وخشىٰ عليه أن يلحق بڪتيبة « المخنثين » ؛ أضف أنه الأبن الوحيد لأبيه الحي فلن يدخل الجيش المِصري لأداء الخدمة العسڪرية ، والجيش يربي الرجال ؛ فتحدث - يغلب علىٰ ظن „ رفيقي ” ؛ ڪما روىٰ لي - تحدث أبوه مع أحد زملائه في المحڪمة الحقانية فقال له :
« „ لابد أن يخرج أبني مِن « سجن النساء » ؛ ليلتحق برڪب الرجال ” » ؛
لڪن السؤال ڪيف !؟ .
وهنا تدخلت فــ جاءت السيدة « „ فوزية ” » بــ لحمها وشحمها وأنوثتها وعنفوان شبابها في حياة „ رفيقي ” الأولىٰ وهو مازال سجين المرأتين وتحت وصاية وتربية النساء مع رعاية غير مباشرة من نوع خاص من الرجال .


[ 38 ] « السيدة فوزية

السيدة « „ فوزية ” » لعبت معه دور العاشقة الولهانة المغرمة بالصبي ابن الحادية عشر „ عيسى ” الإسم الذي أختاره اصدقاء الأب له ، أو الـ „ مصطفىٰ ” ڪما أختارت له جدته لأبيه ، ڪان يذهب للأستاذ „ أدولف ” ، وهذا هو معلمه الثاني ، وأستاذه يملك مواهب شتىٰ ويملك قدرات لُغوية ، فهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويجيد اللغة الإيطالية ، وبدأ معه دروساً وأخذ يلقنه مفاهيم عن الحياة .. هذا هو مضمون الإتفاق الذي تم مع أبيه - وهذا غالب ظنه أيضاً - وبند الإتفاق الأوحد يقول : „ علينا نحن الرجال - زملاء أبيه في العمل - أن نخرج هذا الصبي من حظيرة النساء ووصياتهن، فيتعامل مع النساء علىٰ أنه رجل وليس من زمرتهن ” ؛ وفارق -ڪما فهم رفيقي- أن يڪون المرء ذڪراً أو أن يڪون بالفعل رجلاً...
فــ بدء العمل علىٰ قدم وساق ، ولم يڪن يدري أصول اللعبة ، ولا قواعدها ، شارك معهم دون أن يدرك ماذا يريدون فعلا منه! .
بدء الحديث عن إهتمامات آخرىٰ غير الدراسة ومواد التعليم الإلزامي والواجب البيتي اليومي وتحدث معه عن ممارسة الرياضة حتىٰ يڪون رجلاً قوياً ، وأخبره قبل الأوان بعدم مزاولة العادة السرية " نكاح اليد " عند البلوغ وسن الشباب ، فإن زاولها سيظهر علىٰ باطن يده شعيرات ڪدليل علىٰ الفعل الشنيع الذي لا يليق بفحولة الرجال ، وأخبره بأن البنات ما أڪثرهن ، وأيضاً تحدث معه عن بعض الهوايات .. فوجد رغبة منه في هواية جمع الطوابع البريدية من ڪل أنحاء العالم وڪان لدىٰ أستاذه الجديد ڪما أسلفت عدة إهتمامات وهوايات ، فبدأ يجمع طوابع البريد وأقترب من العالم الآخر ، فليس فقط الذهاب المنتظم إلىٰ السينما يڪفي ، ورويداً .. رويداً دخلت المرأة الأولىٰ(!) أو بتعبير آخر « „ أنثىٰ ” » وليس فقط امرأة .. فجدته امرأة وأمه امرأة بل امرأة أُريد منها أن تلعب دوراً في حياته المستقبلية ، لتنقله إلىٰ درجة آخرىٰ أو أعلىٰ من الإهتمامات الحالية ، والسيدة « „ فوزية ” » ڪانت مناسبة تماماً للقيام بهذا الدور فهي جارة الأستاذ „ أدولف ” ؛ أمرأة في نهاية العقد الثالث أو علىٰ مشارف الرابع ، لديها ولد يكبره وفتاة ليست جميلة ڪأمها عرفت من الآخرين أنهم يلعبون معه دور أساتذة مدرسة حياة غير تقليدية بنواحيها المتعددة ، فڪانت تتهڪم عليه لصغر سنه ولتفاهته أو سذاجته أو خجله أو ڪل هذا معاً .
السيدة « „ فوزية ” » ؛ أرادت أن تعلمه أو تفهمه ما لم تستطيع جدته المتديّنة ولن تسطع أن تعلمه إياه .. ألا وهو أن يخرج من دور الطفل المدلل والصبي الخجول إلىٰ دور ينتظر ڪل رجل وهو العلاقة الحتمية بينه وبين امرأة في المستقبل قد تعجبه ، جدته لقنته دروساً في قوالب صيغت علىٰ نمط تربية العصور الوسطىٰ بمقياس أفعل أو لا تفعل .. قيم الحِل والحرمة دون تفعيل الحدود التي عُطلت منذ زمان طويل ڪجلد فاعل الزنا -مثلاً- أو تعزير الشاب المراهق مع غياب أمثلة لتقريب المفاهيم والمقاييس والقناعات التي صارت في قوالب جامدة .. والأمثلة التى تقدم غالباً لا تُفهم ، ولڪنه تم بأسلوب ساذج غير تربوي ، وغير فاعل .. واقتصر دور المسجد على أجكام الطهارة والوضوء والغسل والصلاة والصيام .. وهنا تأتي تربية جديدة .. فقد بدأت « „ المرأة ” » « „ الأنثىٰ ” » السيدة « „ فوزية ” » والتي هي في سن أمه .. ولا يدري ڪيف يناديها .. أيقول لها " خالتي " أو " عمتي " أم يقول لها " طنط " ، منذ البداية حطمت « „ فوزية ” » ڪل الحواجز بين صبي في نهاية مرحلة الإبتدائي ستبدأ عليه قريباً .. وقريباً جدا بودار بلوغ مرحلة جديدة ليست دراسية بل بيولوجية ، إذ سينتقل مِن طفولة بريئة إلىٰ مرحلة مراهقة يجرب فيها الممنوع ، إذا لم يره أحد .. ويقترب مِن حدود الحرام وقد يفعله .. ڪما وقد يرغب في ممارسة ما يفعله الكبار تشبيهاً من غير قناعة وتمثيلاً من باب التقليد وقد يحسن الدور أمام المراهقين أمثاله فتلتفت إليه فتيات الحي وطالبات مدارس البنات المجاورة لمدرسته ، حطمت السيدة « „ فوزية ” » ڪل الحواجز بينه وبينها وڪان يعلم أبيه القصة فهو وهم - أصدقاء والده - أرادوا تشڪيل رجلا „ ملو هدموه ” ڪما أخبره بعد ذلك بعدة سنوات زميل والده الشاب المحامي بالنقض ، وهو حفيد السيدة الترڪية ڪما أخبر بذلك قبل أن يقابله في مڪتبه ..
إذن هناك في المواقع الخلفية على أرض الإعداد خيوط « مؤامرة » تجتمع علىٰ الصبي المدلل « „ ابن أمه وتربية جدته ” » أو قل خطة عمل لصنع رجل أو محاولة بالفعل لصنع رجل المستقبل .


[ 39 ] « الموعد الثابت »

صباح ڪل جمعة صار الموعد الذي يجب أن يذهب فيه للأستاذ „ أدولف ” وڪانت السيدة تأتي بعد أن يذهب زوجها إلى عمله لتقوم بدور معدة رجل المستقبل ، فهي أم وربة بيت ، ولديها وقت ڪاف لتقوم بعدة أعمال ووظائف ڪلها ستتم في البيت ، بل العمل الجديد طريف ومسلي ، « دور العاشقة » للـ « „ المتدرب ” » فڪانت تقترب من الصبي بڪلمات الأنثىٰ والجميع حضور وڪانوا ينظرون إلىٰ الصبي ويضحڪون .. حين يتلعثم في الرد أو يبدي خجلاً مما يسمعه ، ڪانوا جميعاً يعلمون أنه لعب وتمثيل وهو لا يحرك ساڪناً ضد نظراتهم أو ضحڪاتهم ، وهو الوحيد الذي لم يفهم اللعبة و لا أصولها إلا متأخراً ، فما زال مبڪراً عليه تفهيمه هذا الدور أو ما يراد إعداده له ..
غالب الظن أنها تبرعت بدورها وبالطبع لا تريد من الصبي أي شئ ، ولا من والده ، دورها فقط أن تلعب دور المرأة - ڪأنها تطارحه الغرام ، وڪأنهم يريدون عن قصد تنشيط هرمونات الذڪورة في جسده لتفعيلها أو علىٰ أدنىٰ تقدير إخراجه من حظيرة النساء فهو صبي وليس فتاة .. وهڪذا ينبغي أن يڪون رجلا ، وهو يعلم أن هناك أمر ما غير مفهوم ، ولم يڪن يستطيع أن يقول شيئا ، فقط هو يستمع لڪلامها لا يستطع أن يجاريها ، فقط يستمع إلىٰ أن جاء يوم الفضيحة .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[٤٠] : الْوَرَقَةُ الأربعون مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 40 ] « فضيحة بجلاجل »
جاءت صباح الجمعة ڪعادتها إليه ويعتصر الألم جسمها الأبيض الناعم وتتلوىٰ من مغص شديد .. لا يدري „ رفيقي ” مصدره غير أنها تقول له :
« „ بطني بتوجعني .. بتؤلمني! ” » ؛
وهو بعفوية الصبي المدلل الذي يسارع عند اللقاء لوضع رأسه علىٰ صدر عمته أو نساء أعمامه أو خالته أو نساء أخواله ـ حين يقابل آحداهن ، تقدم إليها وأراد أن يواسيها ، موقف جديد بالنسبة إليه ، فهو بعيد عن عالم النساء الحقيقي ، وإن ڪان مقرباً منهن وقريباً ڪطفل مدلل ، قالت له :
« „ خذني بين يديك ، ڪي أستريح قليلاً ” » ؛
ولعل الفڪرة راقت لها ووجدتها فرصة سانحة لدرسٍ جديد مع الصبي المدلل فقالت له :
« „ تعال إلىٰ الغرفة الثانية ، المجاورة لقاعة الجلوس ، هناك أمر أريد أن افاتحك فيه! ” » ؛
فذهب معها دون أدنىٰ تفڪير .. ومن ألمها لم تستطع السير فعتمدت علىٰ ڪتفه الضعيف ولم تستطع أن تتأبط ذراعه فهو بالنسبة لها ليس بالطول الڪافي الذي يمڪنها من أن تعتمد علىٰ ذراعه ، وهناك في الغرفة الثانية التي ما دخلها قط في شقة أستاذه „ أدولف ” ڪان يوجد سرير فتڪوعت عليه مباشرة وقالت له :
« „ ضع يدك الحنونة علىٰ بطني لعل الألم يخف قليلاً ” » ؛
أرتبك الغلام ماذا يصنع(!)..
إنهما بمفردهما في غرفة لا ثالث معهما ، والباب مفتوح في ڪل لحظة قد يدخل مَن يريد! ، مدها علىٰ إستحياء ووضعها فوق الموضع الذي حددته له .
هناك فارق بين لعب الأطفال فيما بينهن .. وبين لعب الأطفال مع الكبار ، والشاذ لعب الڪبار مع الأطفال والوضع الجديد بينه وبين السيدة « „ فوزية ” » ؛ جديد بڪل معانيه وهو لا يعلم ڪثيراً عن دواخل حياة المرأة البالغة ، والأنثىٰ التي بلغت مبلغ النساء .. فجدته وصلت إلىٰ سن الإياس منذ سنوات طوال ، وأمه ما حملت أو وضعت غيره ، مسألة جديدة من ألفها إلىٰ يائها بالنسبة إليه ، وبدأ بالفعل يقوم بدور الرجل الحنون وقال مواسياً إياها :
„ ماذا حدث لك !؟ ، ماذا جرىٰ !!؟.. أخبريني ” ؛
وتڪلم بڪلمات رقيقة ، غير ان المفاجأة جاءت حين قالت له :
« „ أنت السبب في ڪل معاناتي وألمي ، أنت السبب يا ظالم ” » ؛
وبدأت بسلسلة من تراڪيب الجمل التي يسمعها في المسلسلات العربية ويشاهدها حية علىٰ صفحة الشاشة الفضية أو تعاد مرة ثانية أمامه من خلال جهاز التلفاز -وقتها أبيض وأسود-، وبدأت تتقمص دور الفتاة التي غرر بها الوحش المفترس ، الشاب الوسيم ابن العائلة الإرستقراطية(!) ، وهي الخادمة من عائلة فقيرة .. فأغتصبها أو هڪذا أرادت أن تفهمخ أو تقنعه بأنه فعل شيئاً ما من هذا القبيل ، دون صريح العبارة .. وأيضاً أرادت هي منه أن يلعب دور فتىٰ الشاشة العربية الوسيم الذي " ضحك " علىٰ بنت الجيران ففعل فعلته الشنيعة في ليلة مطيرة باردة ظلماء دهماء وغادر القُطر المِصري في رحلة دراسية إلىٰ أوروبا دون أن تدري ، ولمدة سنوات ؛ أو ترڪها لأنها ليست من مستواه الاجتماعي ..
واستوديوهات مِصر أنتجت العديد من هذه السخافات في هذا الوقت وما زالت .. فتتوالي أحداث الفيلم العربي المملل ليخرج علينا أستاذ الدراما " يوسف بيك وهبي " ويعلنها صريحةً ومدويةً في سماء قاهرة الأزهر والمعز لدين الله الفاطمي مدينة الألف مأذنة :
« شرف البنت ڪالڪبريت ما يولعش إلا مرة واحدة » .
إنها « فضيحة » من الوزن الثقيل وبڪل المعايير والمقاييس ..
ثم تنهد قليلاً وقال بعد ذلك ببراءة أطفال الروضة :
„ بس.. أنا معملتش حاجة!! ” ؛
غير أنها تقمصت دورها واتقنته فوبخته بقولها :
« „ ما فيش غيرك أنت صاحب المصيبة : أنا حملت منك ! ” » ...
ثم تنهدت ڪعصفور صغير ڪسير الجناح مبلل بأمطار الشتاء ؛ غاصت قدماه في وحل الرذيلة ... ثم أردفت:
« „ ما في أحشائي هذه ابنك ، منك أنتَ ، يجب أن تصلح من فعلتك الشنيعة ” » ...
ويتذكر „ رفيقي ” أنها افتعلت البكاء.. أو هڪذا سمع صوتا اختلط فيه الألم بالبڪاء .. ثم قال:
« „ ماذا أقول لزوجي الأن!؟ ، أقول آيه لعيلتي!؟.. لأهلي !؟.. لابد أن تصحح غلطتك هذه !! ” » ؛.
ثم رفعت رأسها بشموخ من فوق مخدة الفراش .. وقالت :
« „ مصيبة ” » ؛. وارادت الجلوس بيد أنه لم تتمكن من أَلمها .. فصرخت صرخة مڪتومة: « „ فضيحة ” » ؛. ... ثم اردفت بصوت مفعم بالتحدي :
« „ سوف أتڪلم مع أبيك حين يأتي ، سيأتي اليوم ، أليس كذلك !!؟ ” » ؛
أُسْقِطَ في يده ، تلعثم ، ثم توقف عن الڪلام ، بل توقفت رئته عن أستقبال الهواء أو إخراجه ، بدأ الدق التنازلي في قلبه ليتوقف من شدة الصدمة ...
ثار .. وغضب .. وهاج .. وقال بعلو بصوته :
„ أنا ما فعلت شيئاً ”؛
ومع صغر سنه إلا أنه يفهم بعض الأمور ، وسألها ظناً منه أنه أقحمها ويرغب في أسڪاتها :
„ طيب.. ڪيف تم ذلك وأنا مازلت صغيراً !؟ ” ؛
لحظتها ضحڪت .. ولا يدري „ رفيقي ” » أارادت بضحڪتها هذه ڪسب وقت لتفڪر في الرد أم عفوية السؤال وعدم قدرتها على توضيح ما يتم بين الزوجين !
لڪنها بسذاجة القرويّة التي تؤمن بالجن وتلبيس إبليس والمخلوقات العجيبة الآتية من الفضاء الخارجي .. أضافت :
« „ عن طريق الهواء ، آيوه .. حملتُ منك عن طريق الهواء ” » ؛
فخرج من الغرفة غاضباً .. مزمجراً .. لا يلوي علىٰ شئ وڪأنه يستنجد بمعلمه وأستاذه „ أدولف ” ليخرجه من فضيحته أو يساعده في ورطته هذه غير أن الأستاذ أڪد الخبر .. وحين رأي الغضب في عينين الصبي ترك الغرفة وذهب إلىٰ المطبخ ليعد الشاي أو القهوة لضيوفه فهو غير متزوج ولا يريد الزواج ، وليس في حياته امرأة وڪأنه لا يعرف أن هناك صنف اسمه « „ حريم ” » ؛ ثم تبرع أحد الضيوف بإڪمال الدور فقال له :
« „ نعم .. نعم! صحيح أنت الفاعل ما فيش غيرك ، ولازم تصلح غلطتك دي، الست « „ فوزية ” » الآن في ورطة .. وهذه مصيبة وفضيحة .. ” » ؛ وأخفىٰ ضحڪةً ڪادت تظهر أنيابه .. واردف قائلاً: « „ حرام .. والله حرام .. تضحك علىٰ عقول بنات الناس ، أنتَ معندڪش أخوات بنــــات ... ” » ؛
غمزته السيدة « „ فوزية ” » ليسڪت ، إذ أنه لا يعرف الڪثير عن المتدرب „ رفيقي ” فالمتبرع بإڪمال الدور ضيف جديد ، لم يحسن المخرج إعداده بعد.
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[٤١] : الْوَرَقَةُ الواحدة والأربعون مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 41 ] « ابن الناس .. يسب الناس »
ڪلام ڪبير وموقف عصيب ، وبدأ ابن الإسڪندرية يفلت من بين أطراف شفتيه وهو الولد المؤدب ڪما يقول الڪل عبارات غير لائقة وغير مهذبة ، سمعها من الشارع ، وسريعا تدخل الأستاذ „ أدولف ” ليحل الإشڪال إذ هم الصبي صاحب الفضيحة بالخروج ومغادرة البيت وقال لهم جميعا :
„ أنا رايح لــ ماما .. أقول لها ”؛
أنه بحق ابن أمه ، وفي هذه اللحظة قال الأستاذ :
„ اصبر قليلاً أحنا ڪنا بنهزر معاك وڪنا عاوزين نشوف راح تتصرف أزاي في مثل هذا الموقف ” .
ثم أوضح له بأن الست « „ فوزية ” » أسقطت ما ڪان بأحشائها ، جنين سقط ، ونحن أردنا أن نڪبرك معنا ، ما فيش مشڪلة ولا حاجة ! ” ؛
وضحك الجميع ،
ولڪنه لم يجد ما يدعو للضحك ، إذ أنه نظر إليها فوجدها ما زالت تتألم .. ولأول مرة تضع علىٰ ڪتفيها شال أسود تغطي به نفسها ، وهي المرأة التي ڪانت تأتي بملابس تكشف أڪثر مما تستر عورة المرأة وفق رؤية جدته لأبيه .
انتهىٰ المشهد ، وهم لا يدرڪون الآثر العميق الذي ترڪه في نفسية الصبي وذاڪرته .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[**]: وَرَقَةُ مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
** : « „ ELLE ” » ...

تجولنا مع رفيقي في أيام طفولته وصباه لندرك العوامل المؤثرة والتي شڪلت شخصيته فيما بعد ، وهو لم يحدثنا بعد عن فترة شبابه وسفرياته ونشاطه السياسي.. إذ أن شخصيته جمعت الشئ ونقيضة ، ويغلب علىٰ ظني أنها نفس بشرية رُڪبت في ابن آدم ڪبقية ذريته ، فلا عجب ، وإلا فما ڪان هناك داع لإرسال الرسل والأنبياء والمصلحين والعلماء علىٰ مر الزمان وڪر العصور .
نعود لقصة المرأة صاحبة « „ التعريف ” » :
« „ ELLE ” » ...
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
الجزء الأول مِن رواية : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».
‏الإثنين‏، 30‏ رجب‏، 1444هــ ~ 20 فبراير2023م

22- 35 - مدرسة الحياة

[ 22 ] « المدرسة الحقيقة ... مدرسة الحياة

هناك فصول دراسية في مدرسة الحياة مر بها رفيقنا ، بعض هذه الدروس أو المواقف غالية التكاليف باهظة المصروفات عالية الثمن إذ أنها تستغرق كامل عُمر الإنسان ، بعض هذه الدروس لم يعشها بنفسه فــ لا يذڪرها ؛ فقط سمعها مِن الوالدة.. والسماع يحوله عنده لوجود حقيقي داخله فتحتفظ بهذه الدروس الذاڪرة ويتفاعل معها لحظة اجترارها باعتبارها معلومات أولية معتمدة من جهة موثوق بها ، وبعضها عايشها وعاش معها.. فرح بالقليل منها وتألم لكثيرها ، فهو التلميذ/الطالب الدارس الوحيد في فصل دروسه التعليمية الإلزامية طوال حياته..


[ 23 ] « آثر الدين في التربية »

ولعل الدرس الأول منها هو : « „ تسميته ” »
اختارت جدته لأبيه اسماً قبل أن يولد ـ وڪان والده لا يرد لها مطلباً ولا يثني لها أمراً ولا يخالف لها رغبةً ـ ورغبت أمه بتسميته علىٰ اسم أخيها الذي يڪبرها وڪانت تحبه ڪثيراً ، ورضخت أمه لإقتراح جدته ، فهو : „ رفيقي ” أقرب إلىٰ أهل أبيه مِن أهل أمه ڪما صرحت بذلك مراراً ، وأراد مَنْ ڪَوَّنَهُ -سبحانه- في رحمها أن يولد بعد مولد نبي الإسلام : « محمد » ؛ بثلاثة أيام وفق التقويم الذي أقره فبدء به تحديد أعوام الدولة الإسلامية الخليفة الثاني الفاروق عُمر بن الخطاب العدوي.. وفي آخر لحظات مساء يوم المولد العجيب للــ : « سيد المسيح عيسى ابن مريم » ؛ -عليهما الصلاة السلام- ، وبداية يوم جديد وفق تقويم الكنيسة الغربية.. الروم الكاثوليك.. وهڪذا فبدلا مِن أن يسمىٰ بــ: « يوسف » ؛ كما رغبت أمه التي حملته تسعا { كُرْهًا } ..ثم..{ وَضَعَتْهُ كُرْهًا } سُمي بــ الـ : « مصطفىٰ » ؛ ڪما أرادت جدته ..
ويظهر أنه .. „ رفيقي ” تحسس أو شعر بخصوصية المسمىٰ : « المصطفىٰ » ؛.مِن باب الاصطفاء والاجتباء الارتضاء والاحتباء.. فڪان يشعر في ذات نفسه بخصوصية ما .. فقد أخبرني ذات مساء بعد العشاء ونحن نحتسي ڪوبا مِن الشاي في بدايات دراستنا في الغرب أنه ذهب يبحث عن مَن وُلد في هذا الشهر.. فــ أخبرني أن رجل العلم والسلام : „ محمد أنور السادات ” ثالث رئيس لجمهورية مِصر العربية وُلد في يوم مولده ؛ وهذا في بلاد العرب.. مِصر : أم الدنيا.. أما في بلاد الغرب فوُلد : „ بيل كيلنتون ” [(*)] الرئيس الأمريكي الثاني والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية
عاش „ رفيقي ” في مسقط رأسه.. بلده : « „ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةِ ” » ؛ حيث اختلط فيها الدين بالعرف والتقاليد وبالعادات ، والموروث الثقافي أحيانا يمتزج دون غربلته أو تحقيقه أو مراجعته بالوافد الجديد القادم مِن الغرب أو الشرق دون النظر لإختلاف البيئة وبلد المنشأ أو الوسط الذي تواجد فيه هذا القادم الجديد ونشأ فيه سواء عُرف ڪان أو تقليد أو عيد أو احتفال أو ملبس أو طعام ، ومرفأ « „ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةُ ” » ترسي عليه سفن ڪل شعوب الأرض ، والشعب المِصري يُشهد له بالتدين منذ قديم الأزل ، وامتزاج الشئ بنقيضه في مناخ واحد وبيئة واحدة بل في شارع واحد ڪخمارة لبيع الخمور المحرمة بالقرب من مسجد ڪمستودع ماسخ للخمور بالقرب من جامع القائد إبراهيم شڪَّل شخصيته ، فلعب الدين وما عليه اليوم أهله مِن موروثات دوراً جوهرياً وحيوياً في ترڪيبته النفسية والمزاجية ، وآثر في وجدانه وشڪّل مشاعره تجاه بعض القضايا دون بعضها ، بيّد أن الوافد القادم الجديد الثقافي منه والفكري أو الإجتماعي والسياسي وإطلاعته الڪثيرة والمتنوعة وطريقة معينة أخذها بالدرس في فهم الدين آثر ڪل هذا في بناء عقلية خاصة به ولأمثاله ، تُلحظ الفارق بين التربية التقليدية المتبعة وما ينتج عنها من نمطية تفڪير رجعية عند الغالبية يشوبها الخوف .. وبين التربية العقلية والإدراڪية الاستيعابية ويعلوها التقارب والمتمثلة بنمطية فهم عصري يقرب الموروث وما علق به من شوائب دون أن ينڪره أو يهمله أو يرفضه بل يغربله أو يصلحه أو كما قيل له :" وضع الخط المستقيم بجوار الخط المعوج " ، فيقترب مما عليه القوم بقدر ما يقترب مِن العلم بأدواته وأدلته القطعية في ذهن إنسان يحترم آدميته فيرتقي بإنسانيته ويقدر تعدد القوىٰ العاقلة بداخله أيما تقدير ، ويؤڪد وجود آدمية غيره وبشرية سواه ، بيد أن إختلاف طريقة التربيتين -التقليدية الموروثة دون غربلتها والحديثة العلمية مع مراعاة الموروث الديني والتاريخي والثقافي- يتأتىٰ عن اختلافهما أحياناً ڪثيرة مصادمات فڪرية وهذا أدنىٰ الصدام.. دون الصدام الدموي أو تصفية الآخر .. كما حدث عندما أرادوا تصفية د. طه حسين معنوياً أو تصفية نجيب محفوظ وجودياً بقتله.. دون فتح حوار للنقاش الهادئ لفهم ما ذهب إليه الطارح لفكرة غريبة في مجتمع محافظ رجعي .

[ 24 ] « معلمته الأولىٰ درس العصر و سندرة النساء »

حتىٰ الرابعة الإبتدائي في مرحلة دراسته الأولىٰ ڪان تلميذاً.. فقط تلميذاً لا يدرك عن الحياة الڪثير بل قد لا يدري عن الحياة شيئاً إلا مِن خلال جدته لأبيه : « „ معلمته الأولىٰ ” » ؛ فــ دربته ڪيف يسلم علىٰ النساء وڪلهنَّ في عُمْرِ جدته وڪلهنَّ أرامل فقدنَّ الخل والخليل وفقدنَّ العاشق النبيل والمحب القريب، ورفيقي ڪان يحسن تحيتهنَّ والحديث معهنَّ فهو بحق الصغير المدلل .. ولهدوئه ولدماثة خلقه ڪان مقرباً من زميلات جدته في درس العصر بمسجد جامع : « سلطان » بالقرب مِن شارع الراوي ، شارع عائلة أمه وحارة بيت أبيه مِلك جدته وكانت دون اسم يذكر وأطلق عليها : « „ حارة حَلَابُو ” » ؛ - و لا يدرك أحد مَن هو المدعو حلابو- الواقعة بـــ باب عمر باشا ، والمسجد واقع في شارع : « „ عمر بن الخطاب ” » ؛ والدرس يلقيه الشيخ: « „ أحمد ” » ؛ و „ رفيقي ” لا يذكر عنه أي شئٍ ..
وغالباً ما ڪان يغفو „ رفيقي ” لصغر سنه فــ ينام .. فتأخذه القريبة إليه من زميلات جدته وتحمله بحنان لينام في حجرها وينعم بنعومة حرير : « „ الملاءة اللف الْإِسْڪَنْدَرانيَّةِ ” » ؛ ڪغطاء له في الشتاء .. أو « „ الطرحة ” » البيضاء .. غطاء الرأس في فصل الصيف ، وڪلاهما -الملاءة والطرحة- يحملا رائحة خاصة ما زال يذڪرها ليومه هذا ، رائحةٌ تشده شداً من زميلة جدته لآخرىٰ تشبه رائحة عطر جدته الحجازي ، عطر المسك الأصلي .. وهو الذي أعتاد علىٰ شم رائحة النساء الأرامل حين يجذبَنَّه جذباً بالتقبيل والأحضان ـ فهو الأبن الوحيد للعائلة ..
„ رفيقنا ” هو ابن الخال الحنون والذي ڪان -والده- يُڪرم بنات أخته الوحيدة غير الشقيقة ـ عمة رفيقي ـ وڪان يضيِّف أفراد العائلة وبالتالي ڪان يُڪرّم ابنه لڪرم أبيه ـ وإن ڪان أحيانا يلعب مع أبناء أخواله ولعلها مرة أو مرتين في الإسبوع لذلك فهو معتاد علىٰ رائحة فساتين النساء عن قرب ، خاصة أقمشة الحرائر الفاخرة .. وذلك الملمس الناعم الرقيق للـ : « „ ملاءة اللف الحريرية الْإِسْڪَنْدَرَانِيَّةِ ” » ؛ وڪنَّ مِن هوانم المجتمع -وقتذاك ـ فبعولتهن من ڪبار التجار ـ يلبسنَّ الحرير الفاخر ويتفحصهنَّ جودته ويعلمنَّ الردئ منه من الجيد .. ويتعطرنَّ بمخلوط مڪة المڪرمة والمدينة المنورة في أيام العطر الزيتي الأصلي ، وأما غالب هذه الأيام فيشم العطر الأفرنجي الممزوج بالكحول أو ما يسمىٰ بالڪولونيا من محلات : „ داود عدس ” ؛ اليهودي قبل التأميم في العهد الناصري أو معرض : „ بنزايون ” ؛ ، أو : „ عُمر أفندي ” ؛ وڪانت فسحته الوحيدة إلىٰ المسجد حتىٰ ذلك الحين ، وقد ڪانت تڪرمه جدته لأبيه لڪرم وبر والده لها وحفاوته بها وحبه الشديد الظاهر للعيان لها..
.. وهڪذا لعبت وحدانيته في عائلته الصغيرة دوراً بارزاً في نشأته بين نساء العائلة .. وكنَّ جميلات يحملنَّ بشرة ناصعة البياض وآحداهنَّ كانت من جميلات جبل لبنان .. أضف زميلات جدته في مسجد سلطان وكان دائماً على أنفه عطور النساء علىٰ أختلاف الأذواق والمارڪات وعلى ملمس خده أو بنان اصابعه الصغيرة أنواع الحرير الفاخر الهندي أو المصنع محلياً .
وهو الذي ڪان ممنوعاً من اللعب مع أترابه في الشارع الذي يسڪن فيه بأمر أمه وحجتها ڪانت : „ حتىٰ لا يوسخ ملابسه ولا أظفار أو أصابع يده ” .
كَلامٌ مُقْتَضَبٌ .. وبهذه الصورة الموجزة عاش في مجتمع الحريم سواء الجدة لأبيه أو أمه في منزل أبيه ، أو العمة أو الخالة في البيت الڪبير بيت جدته لأمه بشارع الراوي والقريب مِن منزله ، وبالطبع يتعايش مع نساء اعمامه اللآتي يسڪنَّ في نفس منزله وخلاف ذلك فلا عالم آخر له .

وڪان يرغب في زيارة اقرباءه خاصة الأرامل منهنَّ ، ڪـ أرملة خاله : « يوسف » ؛ أو أرمله خاله : « إبراهيم » ؛ وڪان يتردد ڪثيراً علىٰ نساء أعمامه ، ويجلس منشرحاً بينهنَّ ، محسناً الحديث مطولاً في جلسته وڪان متأدباً يحسن الحديث معهنَّ ، وڪأنه يختار أوقات تڪون فيها أعمامه أو أبنائهم في العمل أو غير موجودين ، أو هڪذا كان يحدث .

[ 25 ] « القميص الحرير »

جرت العادة عند المسلمين أن يُشترىٰ الجديد من الثياب في الأيام الأخيرة من شهر الصيام ويلبسها الڪبير قبل الصغير في وقفة العيد ويؤدي بها صلاته في الجامع الڪبير ، ثم يذهب الصغار بعد أداء الصلاة مع الأب والعم لزيارة الأموات في مقابر العائلة بمنطقة تسمى : « العَمود ” » ؛ لوجود مسلة فرعونية بالقرب من الباب العمومي لمقابر مدينة الْإِسْڪَنْدَريَّةِ القديمة.. لــ يعيِّد الأحياء علىٰ الميت خاصة ڪبار العائلة ڪـ الجد أو العم الڪبير أو الجدة أو مَن سڪن القبور مِن أهلهم المقربين ، ثم يذهب الڪل بعد ذلك ليبارڪوا بالعيد السعيد الأحياء ..
وفي آحدىٰ المرات أشترت الوالدة له قميصاً حريراً أو قماشاً غالياً وفصلته عند الحائك ولبسه ، وذهب لزيارة الخالة : « أم حسن » ، فڪانت الزيارة تبدأ ببيت عائلة الأم لقربه من بيته ، فسألته خالته :
„ أنتَ لابس القميص الحرير الجميل ده لمين !؟ ” ؛
وقد تعلم „ رفيقي ” من مدربه في الأڪاديمية في فيينا الدكتور „Bolz“ إنه لا يوجد اسئلة ساذجة بل توجد أجوبة ساذجة ، الإجابة علمها من حديث أمه معه ، فهو ـ ڪما أخبرني - لا يذڪر الواقعة ولا يذڪر بالتالي القميص الحرير الجديد الفاخر ، ولا لونه غير أن إجابته لخالته ڪانت :
„ ألبس القميص الحرير الجديد لأعجب الستات الحلويين ” ..
هذه رواية الوالدة ، ولا يدري أي : « „ ستات ” » !؟؛
و لا أي : « „ حلويين ” » !؟؛ قصدَ هو أو قصد من لقنه الإجابة ..
وهنا يأتي دور التلقين ؛ ومنذ حين من الزمان صار داخل البيوت والشقة المغلقة التليفزيون ومنصات التواصل الاجتماعي وسائل تلقين للصغير بدلا من الأم و المعلم!

[ 26 ] « من سنن الأنبياء .. الختان »

وهذه أيضا رواية الوالدة وإن ڪان يوجد دليل مادي ملموس علىٰ صحة روايتها ، وأحداثها تمت وهو تقريباً حين تجاوز سن الرابعة بقليل وڪأحد أبناء المسلمين يُختن الصبي قبل أن يبلغ أَشُده .. والختان من سنن الأنبياء ڪما عُلم لاحقاً ..
والرواية بڪاملها لا يتذڪر منها شيئا سوىٰ : « „ الدليل ” » المادي القطعي الثبوت علىٰ صحتها .. : « „ صورة العُرس ” » !.


[ 27 ] « ختان... فــ ليلة عُرس »

تم الختان عند الطبيب الدكتور : « محمد عبدالوهاب » ؛ في الوَسَعَايَّة بـ: « باب عمر باشا » ؛ بجوار السينما المحروقة ،
فـ الوالدة ڪانت المرأة الأولىٰ في عائلة أبيه أو عائلة الأم والتي تضع جنينها بعد أن اكتمل برحمها طفلاً في مستشفىٰ متخصص لطلبها هذا ، وهي نقلة نوعية في طريقة التفڪير عند نساء مِصر في هذه الفترة الزمنية ـ أوائل الخمسينات مِن القرن الماضي ـ وسلوك المرأة ، ومستشفىٰ : « دار إسماعيل » ؛ بشارع الخديوي ڪانت تحت الرعاية الإنجليزية .
أما طاقم الدڪاترة فڪان مِصري والقابلة المولدة„Midwifery“ إنجليزية وهي مِن الراهبات وبجوارها تعمل مولدَّات مِصريات ، فالولادة تمت بمستشفىٰ تخصصي وليس ڪما تفعل نساء العائلة أمام الداية " القابلة " „Hebamme“، ويرىٰ الجنين نور الحياة علىٰ أيدي القابلات ، وأيضا تم الختان عند الطبيب ، وليس حلاق الحي أو تمرجي المستشفىٰ .. وبعد الختان وإلتئام الجرح تم حفل عُرس حقيقي في الصالة الڪبرىٰ بمسرح المواساة بمحطة الرمل المقابل لميناء الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ الشرقي وبجوار تمثال الزعيم : « „ سعد زغلول ” » ، الذي أعطىٰ وجهه للبحر ميمناً جهة الشمال وإلىٰ القارة الأوربية تحديداً ، وحين سأل عمه „ سعدالدين » ؛ أصغر الأعمام سناً وأوسمهم:
„ ليه ياعمي ، سعد زغلول مدِي وشه للبحر؟ ” ،
فرد عليه قائلا :
„ سعد قال لمراته صفية : غطيني يا صفية ، ما فيش فايدة ، أنا عاوز أنام ” »(!!!) .
ومع أنه لم يفهم الإجابة .. لم يعد السؤال ، فلقد أقترب من باب المسرح وحضرت العروس بثوب الزفاف وطرحة العُرس علىٰ رأسها ، وهذه رواية زوجة عمه .

المناصفة في العروس
والطريف أن العروس ڪانت بــ : « المناصفة » ؛ وڪان له فيها : « شريكا » ؛ حقيقيا ، فهي جلست في الوسط وعلىٰ يمينها عريس وعلىٰ يسارها عريس آخر ، وهو „ رفيقي ” لا يتذڪر هذا العُرس ولا المعازيم ولا راقصة البطن المشهورة والتي جاءت لتحيي الحفلة وهو معتاد في الأفراح آنذاك والآن ،
أقصد تأدباً وتحضراً فنانة الرقص الشرقي ، حيث أن بعضهن اليوم مِن حاملات الشهادات الجامعية ، هذا قبل عصر الصحوة الإسلامية وعودة الإسلام المسيس ڪما يدعي البعض ، ولڪنه يذڪر جيداً شريڪه في عروسته فهو ابن عمه „ أحمد ” ؛ الذي يصغره بستة شهور ، والعروس يذڪرها جيداً وإن سعت أن تخفي شيئا ما حين يتقابلا وتطمس معالم العُرس من الذاڪرة في محاولة فاشلة منها وهو يذڪرها دوماً بقوله :
« „ أنتِ كنتِ عروستي! ” » ؛
فالعروس هي الأبنة الكبرىٰ لخالة ابن عمه : « „ نورا ” » ؛ وهي الفتاة الڪبيرة نسبياً ولڪنها المناسبة لهما ، وقد وقف ببدلة العُرس السمراء والقميص الأبيض الزاهي ورابطة العنق وهي بجواره تتأبط يده وعلىٰ رأسها تاج العروس وزهور الدانتيل الجميلة ، مناسبة أرادت أمه أن تخلدها في ذاڪرته من خلال روايتها له ، وتبحث معه عن الصورة بين ڪومة مِن الصور التذڪارية .

[ 28 ] « المدرسة الفرنساوي »

أراد أبوه أن يلحقه بروضة الأطفال ڪي يُعد بعد ذلك لدخول المدرسة الفرنساوي : « سانت يوسف » الإبتدائية خلف مدرسة : « الصوري » الإبتدائية الحڪومية ليتمڪن مِن الفرنسية ڪلُغة ثم يڪمل تعليمه بڪلية : « سانت مارك » بالرمل متجها بعد التخرج إلىٰ فرنسا ليدرس الحقوق ثم ينخرط في سلك المحاماة ، هذا ما أراده الوالد .
إدارة المدرسة الفرنساوية قبلت أوراقه قبل إتمامه سن الخامسة وصار طفلاً في روضة الأطفال ، وڪانت المدرسات راهبات فرنسيات ـ ڪما تروي أمه له ، وهو لا يذڪر هذه القصة بالمرة ـ

[ 29 ] « المحمدي .. في مدرسة الراهبات الفرنسيات »

وفي صباح آحدىٰ العطلات -لا يذكر „ رفيقي ” أي مناسبة لهذه العطلة- وعلىٰ مائدة فطور العائلة وأمام جدته لأبيه قام بأداء صلاة قبل تناول الطعام ڪما تعلمها في الروضة الفرنساوية الملحقة بالمدرسة ، صلاة النصارىٰ ، صلاة الشكر ثم قدس نفسه بالتصليب على صدره، وأخذ يترنم بڪلمات فرنسية ، جُمل مما حفظها علىٰ مائدة الراهبات الفرنسيات ليقولها قبل تناول الطعام ولا تفهمها والدة أبيه .. فاشارات بيدها إليه وباصبع الإتهام ووجهت القول لأمه مزمجرة غاضبة قائلة :
„ شوفي .. يا عِيشَه ـ اسم أمه ـ الولد مش راح يعرف عربي ، حيتڪلم فرنساوي ذي ولاد الخواجات ، وبيصلي صلاة النصارىٰ وأحنا في بيت مسلم ، لازم يسيب المدرسة دي!؟ ، وشوفي ڪمان يا عائشة سحنة وشّه عامله ازاي ، ذي عُبَّاد الصليب !؟ ، وأل آيه اسمه الـ مصطفىٰ !! ” .
ودون نقاش يذڪر ـ ڪما أخبرته أمه ـ سمع الوالد ڪلام أمه - جدة الصغير- وترك الغلام الروضة الفرنسية ، وهو غصن أخضر وعود طري لا يفقه مما قالته جدته لأبيه حرفاً أو معنىٰ ، بيد أن أمه تذڪره دوماً بقولها له :
„ إنها غلطة ! ، أن تترك هذه المدرسة ، ربنا يسامح جدتك ، ڪان مستقبلك حيڪون حاجة تانية ” .
هذا القول قد يڪون الخلفية الذهنية في رغبته أن يتمم تعليمه العالي في بلاد الفرنجة ـ ڪرغبة الوالد ـ والتي منعته جدته في طفولته من الإقتراب من أهل الغرب أهل العلم علىٰ ڪامل التراب المِصري .


[ 30 ] « المعلم الأول

معلمه الأول بالمدرسة الإبتدائية الحڪومية يدعىٰ الأستاذ : « „ فؤاد ” » ، الأن لا يذڪر عنه سوىٰ اسمه ..
بلىٰ! ـ
يتذڪر „ رفيقي ” ويڪمل القول ـ بل أذڪرُ أيضا هيئته ، بدلته ، مشيته ، هدوئه ، أدبه الجم ، ثم يعلنها بوضوح تعلمتُ منه الڪثير ، تعلمتُ منه ڪيف أتحدثُ بهدوء ، وأنظرُ إلىٰ عينيّ محدثي ، والعرب تحسن الحديث بضوضاء فنحن نتحدث بصوت عال ڪخطباء الجمع و وعاظ المنابر وزعماء الساحات والميادين ، وجنرالات المقاهي ، وجمهور مباريات ڪرة قدم الدرجة الثالثة ، الأستاذ : « „ فؤاد ” » ڪان مسيحياً ، ولم نكن وقتها ـ عام 1957 تقريباً ـ نفرق بين مسلم ومسيحي في “Ägypt „ إلا إذا وجد الأفرنجي بيننا ، ولم نلحظ ونحن تلاميذ الإبتدائي أي تدخل أو توجيه منه ـ قصد رفيقي الأستاذ فؤاد ـ في طريقة إيماننا ، ولم يتحدث مطلقاً عن السيد المسيح غير أن ما في القلوب من إيمان وڪره وحب وعقيدة يظل في القلوب ، وهذا ما أظهرته الأيام الحوامل من مِصريي المهجر والمهاجر المسلم.
الأستاذ « „ فؤاد ” » ؛ عيَّن „ رفيقي ” أحد قضاة الصف الدراسي ، والدمرداش ـ والذي صار بعد ذلك طبيباً جاء لزيارتنا مرة وعمل بدون آجر في المستشفىٰ „AKH“ الفيّناوي ، والقاضي الثالث لا يذكر اسمه الأن ـ أصبح بعد ذلك ضابطاً في الشرطة ومن رجال الأمن ، وهو مسيحي ..
ثم يخبرني „ رفيقي ” بقوله : « „ ڪانت ثلاثتنا قضاة الصف ، فمن يخطأ من التلاميذ نصدر حڪماً عليه وڪنا نرتدي وشاحاً أخضراً نضعه على الكتف يربط أسفله في وسط مريلة المدرسة الابتدائي الموحدة علامة علىٰ أننا القضاة وڪنا بالطبع نفتخر بهذا ” »

[ 31 ] « عيسىٰ »

أختار أصدقاء وزملاء والده له أسماً آخراً غير اسمه الحقيقي ، فڪانوا ينادونه في أروقة المحڪمة بـ: « „ عيسىٰ ” » إثناء وجوده معهم في العطلة الصيفية ، إذ تصادف مولده في نفس اليوم الذي يحتفل نصارىٰ الغرب بمولد: « „ السيد المسيح ” ».. ويظن „رفيق ” أن صاحب فڪرة تغيير الاسم من المصطفىٰ إلىٰ عيسىٰ هو الاستاذ : « „ أدولف فرج.. أمين مڪتبة المحڪمة الحقانية ” » ؛ وڪان عمله في العطلة الصيفية هذا عقاباً له ، لأنه لعب مع بنت جيران خالته « „ أم حسن ” » دور „ الطبيب ” ، وقفشهما عم الطفلة „ المريضة الحامل ” علىٰ سطح بيت عائلة أمه وهو يمارس " مهنته "، وحادثة « طبيب التوليد » هذه ڪانت في نهاية مرحلة الإبتدائي وفق نظام وزارة التربية والتعليم القديم .


[ 32 ]« رامون خوسيه »

بين حقول جنوب فرنسا لڪروم العصر لصناعة النبيذ سماه العجوز الإسباني الذي ڪان يعمل معه أسما جديدا يناسب أسماء الأسبان ، حين سافر في العطلة الصيفية إلىٰ فرنسا إثناء الدراسة في جامعة حلوان فرع الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، إذ لم يجد فرصة عمل مناسبة له أو غير مناسبة في عاصمة النور : « باريس » ؛ فعلم أن موسم قطف العنب علىٰ وشك القدوم ، وليس أمامه مِن حل سوىٰ أن يقطف العنب في موسمه ليغطي مصاريف الرحلة حيث أن العطلة الصيفية أوشڪت علىٰ الإنتهاء وحتىٰ لا يعود فاشلاً غادر باريس في إتجاه الجنوب ليجمع بعض الفرنڪات ليثبت أمام الوالد الذي ڪان يرفض سفره ، أنه ... رجل ، و: « „ رامون خوسيه ” » ؛ هو الإسم الذي ڪان يستخدمه حين يتعرف علىٰ بنات الغرب وخاصة السيدة ضفيتنا .

[ 33 ] « السينما »

لعبت الشاشة الفضية „ السينما ” دوراً غير مباشر في تڪوين شخصية „ رفيقي ” » بشڪل تلمسه إن اقتربت منه ، فهي - „ السينما ” رفعت نسبة الخيال والتصورات غير الواقعية في ذهنه وشڪلت بصورة أو آخرىٰ جزءً من شخصيته وفي نفس الوقت أقنعته بوجود حلول سحرية ومخارج من الورطات في ڪل لحظة ووقت ڪما يحدث في معظم الأفلام ، وهناك العديد من الروايات والقصص التي قدمتها الشاشة الفضية أثرت في شخصيته وتقمصها أحيانا ، ثم أوجد لنفسه شخصيته الحالية التي نعرفها ، الوالد اراد له بصورة غير مباشرة أن يعرف العالم الآخر من خلال أفلام هوليوود ، فإذا حصل علىٰ درجة جيدة في مواد الدراسة ڪُفِءَ بالذهاب إلىٰ السينما الحفلة الصباحية ، وحفلة الثالثة بعد الظهر ڪانت ترويحاً عن أمه فڪان يرافقها لترىٰ الفيلم العربي ، وإختلاف نمطية العيش والعرض وطريقة الحياة والحبڪة الدرامية والإخراج والتصوير والإمكانيات المتاحة وقدرات الأبطال في تشخيص أدوارهم بين فيلم الصباح : « „ الغربي ” » الهوليودي وفيلم الثالثة بعد الظهر : « „ العربي ” » والمصنع مِصرياً ، جعلت „ رفيقي ” يميل بالطبع للأفلام الغربية ويجد في نساء الغرب الشقراوات وهذا الدلال وأسلوب الغزل المدرسة العملية لرجل الغد .

[ 34 ] «قصة عذاب وآلام السيد المسيح عليه السلام»

جرت العادة أن يحضر بمفرده ڪل عام في سينما : « „ فؤاد ” » بشارع الملك فؤاد الأول ، طريق قناة السويس لاحقا في احتفالات شم النسيم وعيد الفصح فيلم : « „ حياة وآلام السيد المسيح ” » برغبة من والده وقناعة منه ، ولعل أحداث الفيلم لعبت دوراً غير مباشر في شخصيته فيما بعد .

[35 ] « غياب المعلمة الأولىٰ من حياته »

اصطدم بتغيّر أسلوب الحياة حين عاد مِن السينما عصراً في أول أيام عيد الأضحىٰ المبارك فوجد أمه بملابس السواد والحداد وتبڪي وقالت بدموع على خدها وبيدها منديل مبلل بتلك الدموع ..قالت له:
« „ ستك .. ماتت .. يا مصطفىٰ !! ” » ،
لم يدرك معنىٰ الڪلمة وإن سمعها مرات مِن قبل ، وتعطل دور هام ڪانت تقوم معه : « „ سته ” » ؛ وبدون أن يدري أنتقل إلىٰ دور جديد عند خالته : « „ أم حسن ” » ، فڪان يتردد ڪثيراً عليها .

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
[(*)] 19 أغسطس 1946 العمر الأن 76 سنة؛ أركانساس، الولايات المتحدة
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
رواية : «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
30 يناير 2023

18 - ليل طويل ساهر

ألْمَحَت المرأةُ مِن وجهها: أمكنتْ مَن أْن يُلْمَح.. تفعلُ ذلك الحسناءُ تُرِي محاسنهَا مَنْ يتصدَّىٰ لها.. وتشعر فتحس برغبته منها.. ثم سرعان ما تُخْفيها.. تحت برقعٍ أو حجابٍ أو غطاء للرأس.. ساتر لوجهها.. وقد تُمعن في الإخفاء -ظاهراً- وإن ارادت أن تُبين مفاتنها وفق مظهر غريزة أنوثتها المتمكنة منها.. من خلال الملاية اللف « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » فــ ترغب أن تخفي نفسها خلفها.. فتلم الملاية جيداً وتحبكها بشدة حولها وتحكمها.. وفي الحقيقة هي تريد كشف المحاسن وإخفاء العيوب.. وقلما توجد في المرأة عيب!
مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ

« ليل طويل ساهر »خرج „ رفيقي ” بعد تناول وجبة العشاء في كامل إناقته متعطراً بعطر المساء؛ وهذا العطر تركيبته الخاصة به لا تجدها في محلات بيع العطور فهو يَخلِطه بطريقته وغالباً ما يتم بعد أداء صلاة الفجر مستحماً.. فهو „ رفيقي ” له طقوس لم يغيرها أو يبدلها منذ زمن بعيد.. هذا العطر يسميه بين معارفه « „ عطر الشباب والرجولة ” » والذي جلبه خصيصاً مِن المدينة المنورة التي هاجر إليها نبي الإسلام ثم دفن بها ولم يدفن في مسقط رأسه؛ « „ مڪة ” » ولعلها إشارة واضحة لمن يكلف نفسه بنقل جثمان قريب به أو يوصي لنفسه بالدفن فيدفع مصارف تلقىٰ علىٰ تراب الأرض لرغبته أن يدفن بجوار الأباء والأجداد..
.. أحضر „ رفيقي ” عطره مِن المدينة التي طيَّب الله تعالىٰ هواءها وثراها بأن مشي خاتم رسله ما يزيد عن عشر سنوات فوق ترابها وفيها.. ثم زاد الهواء والثرىٰ والبقعة طيباً بمرقده وبجواره صاحبيه ووزيريه « الصديق » و « الفاروق »؛ و „ رفيقي ” يعتقد أن عطر المدينة المنورة أطيَّب من عطر سواها من أمَّات المدن وحَضر الأقاليم في مشارق الأرض ومغاربها.. والمرء منا له ما يعتقد في صحته طالما أنه لم يخالف ما ثبت بتواتر نقل أو بما هو قطعي الثبوت..
.. خرج „ رفيقي ” يتمشىٰ لا يقصد مڪاناً بعينه غير أنه قابل „Sylvia“ ومعها „ Maria ” في الطريق حيَّاهما بتحية المساء.. وأڪمل الطريق مسرعاً.. مظهراً أنه سيذهب لمڪانٍ ما ينتظره أحد فيه أو عنده موعدا هاما لا يصح أن يـتأخر عنه.. وڪأنه يُمني نفسه بلقاء سيدة القاعة المجهولة!
يخبرني „ رفيقي ”؛ أنه كان متأڪداً أن المقابلة مع النزيلة الجديدة المجهولة ستتم حتماً بالرغم من أنه لا يدري رقم غرفتها ولا اسمها ولا أي شئ مرتبط بها..
ظن أنه في صباح الجمعة سيقابلها عند تناول الفطور في قاعة الطعام الكبرىٰ ، لكن لم يحدث!؟ ..
أين هي إذاً! ؟
.. أخذ يفڪر.. ويفڪر!
ما الذي جذبه إليها!؟..
ما الذي بهذه السيدة المجهولة جعله هڪذا يريد أن يراها!؟..
ويريد أن يتحدث معها!!.
رغم أنها غريبة عنه!!
لم يرها من قبل.. ولڪنها.. هي تلك المرأة التي يريد أن ينظر إليها بل يرغب أن يمعن النظر في وجهها الصبوح ويقلب ناظره فوق شعرٍ ذهبي ملقىٰ علىٰ ظهرها وبين بياض بشرة ونعومة أطراف.. يريد أن يتحدث معها وإليها، ويجلس بجوارها..
.. العجيب أنه مڪث أڪثر من إسبوعين في منتجعه الصحي التأهيلي ولم يلفت إنتباهه امرأة.. والنساء ڪثيرات.. وعلىٰ طاولة الطعام ڪان دائما تجلس بجواره نساء أو حوله أو في سيره بين طرقات المنتجع التأهيلي أو في الشارع خارج المصحة، وڪن نساء يحملن مواصفات الجمال في قاموسه الذڪوري .. ڪــ :
- الشعر الشمسي، ڪــتاج ذهبي فوق رأسها يتلألأ ضياءً
- بياض الجسد الخلاب ڪحَلْبَةِ الفجر : الحليب الطازج الڪامل الدسم ،
- الطول المعتدل ،
- القوام الرشيق ،
- الصوت الملائڪي ،
- العطر الجذاب الذي يفوح في المڪان ڪأنه خرج للتو من أڪمام الزهور.. ونبع حالاً من بين أوراق الورود
ومع ڪل هذا لم يڪن ير أمامه نساء إلىٰ أن قدمت هذه المرأة المجهولة..
.. إنها تملك هذه المغناطيسية ذات الجاذبية العملاقة، والتي لا يملك إلا أن يتقدم إليها ويقف أمامها منحنياً ڪــأنه أمام أميرة مِن أميرات القصر الإمبراطوري الهابسبورجي مُقَبلاً يدها ـ إذ سمحت ـ .. وغالب النساء يعجبهنَّ هذا النوع من الترحاب وهذا القدر من التحية؛ وهذا القدر من الاهتمام..
وهو „ رفيقي ” يعجبه -جداً- هذه المجاملات؛ ثم ويطلب منها أن تبادله الحديث من خلال خطوات في طريق يحدد هو معالمها بعد التعارف..
مضىٰ اليوم سريعاً وجاء الليل.. وذهب إلىٰ مخدع نومه يحلم، فليس أمامه سوىٰ حلم جميل طويل؛ قد يستغرق منه الليل كله!
-*/*-
**[ 19 ] « القدر »
.. وقدراً يراها أمامه، في منتصف يومه التالي لمجيئها، تطل ڪـشمس الصباح المشرقة لطيفة الحرارة رقيقة الأشعة لا ترهق النظر بقدر ما تفتن الناظر إليها فتشرأب أعناق الزهور لطلتها وتتطاول عيدان الورود لأشعتها، وبرائحة الزهرة الندية تعبق المڪان، تتهادىٰ في مشيتها ڪأنها تقول له :
« „ أنتظرتك طويلا ، أين ڪنت! ” »؛.
إنها تتحدث بعينيها الزرقاويتين دون أن تحرك شفتاها، دون أن تنطق بحرف أو بڪلمة واحدة.. رأها وأخيراً وجدها أمامه وفي مسافة قريبة جداً منه..
رأها بعد أن جلست وهي ترتدي قطعة السباحة الواحدة، قطعة سمراء.. سوداء تكاد تغطي مساحة عريضة بيضاء .
امرأة يظهر مِن الوهلة الأولىٰ أنها تتخيَّر ملابسها.. حتىٰ قطعة السباحة التي تغطي مفاتنها.. أو بتعبير أدق تڪشفها، فهو لا يملك إلا أن ينظر إليها وهو ينظر فقط لعينيها..
قطعة السباحة التي ترتديها ڪأنها فُصِلَتْ لها خصيصاً، ڪأنها ترافق جسدها منذ لحظة خلقها ڪامرأة، منذ لحظة مولدها ڪأنثىٰ، لا تحتاج إلىٰ ضبط أو تعديل ولا تدخل بين ثنايا الجسد في مناطق تحرجها، ولا تظهر ما لا تريد أن تظهره ولڪنها ڪغلالة رقيقة تڪسيها، ڪورقة التوت نمت علىٰ قدر حجم بضعة من جسدها..
تقابلا هڪذا دون ملابس المدنية الحديثة ودون تلك القطع الصناعية ودون قطعة قماش تسمىٰ بدلة أو قميص أو فستان أو جلباب يحشر المرء جسده فيها أو رابطة عنق يقف خلفها إنسان، ثم بعد مرور قليل من الوقت تمتلئ الثياب برائحة العرق أو العطر حسب مَن يرتديها.. وبدون جوارب ذات ألياف صناعية أو أحذية جلد أصلي أو بلاستيك!
فــڪان.. إذاً.. موعدهما الأول هڪذا..
أُريد -القدر- لهما أن يلتقيا دون ملابس الزينة أو طواقم الثياب ودون إڪسسوارات الموضة أو تدخل صناع الموضة حسب المواسم ووفق الأزمان أو مكملات ما يرتديه الإنسان في عصر أن الملابس تصنع إنساناً ودون تقليعات بيوت الأزياء العالمية أو المحلية، سواء غالية السعر أو باهظة الثمن أو رخيصة تلبس لمرة واحدة ثم تلقىٰ في أول كيس للمهملات..
تلاقيا هكذا ڪــ « آدم » و « حواء » ،
وڪــ لحظة الخلق الأولىٰ للبشرية جمعاء.. دون وجود إبليس اللعين -فقط- برفقة الملآئكة..
ولحظة التعارف بين ڪائنين مختلفين لڪنهما يڪملان بعضهما البعض..
لحظة الإحتياج الروحي
ولحظة الشوق الجسدي
ولحظة الراحة
لحظة الهدوء النفسي
ولحظة السكينة
لحظة يبدي كل منهما للآخر مودة
لحظة أن تشبع الروح فيرتوي ظمأ الجسد،
وهما بشران خُلقا بعلوية آلهية فحق أن تسجد الملآئڪة لحسن الصنعة وتمام الخلقة وليس سجود لجسد بالٍ.. بعد شراب هنيئ يبول.. وبعد لحظات من الطعام الشهي يختلي في الخلاء..
ففي أولىٰ لحظات بداية الخلق كانا يسبحان في علوٍ..
في جنةٍ عرضها السموات والأرض فيها ما لم تراه عين.. ولا سمعت عنه أذن.. ولا خطر علىٰ قلب بشر.. ولا توارد علىٰ ذهن أو عقل مخلوق.. فقد صنعهما الخالق بيده وابدع في التكوين فنفخ من روحه فخُلِقا.. وأحسن في التقويم فوجدا؛ بيد أنهما بآدمية أرضية ترابية طينية.. صلصال ڪالفخار من حمأ مسنون.. ثم هو من مني يمنى فنطفة فعلقة.. لذا فلهما متطلبات وإشباعات ورغبات وأهواء وميول وجوعات فيلزم أن ينجدلان وهما تحت نجوم السماء وكواكبها وتحت نور ضوء القمر وبعد لحظة الخلق ينجدلان تحت غطاء العفة وغلاف التقوىٰ وشغاف[(*)] ستر العورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)] الأصل في الشَّغَافُ أنه غِلاف القلب، أَو سويداؤُه وحَبَّته..وهنا استعارة.

[ 20 ] الخطة

لم يكن متوقعاً ولم يكن في الحسبان أن يتم اللقاء الأول بين „ رفيقي ” وبين مَن أعجبته -المرأة المجهولة- مِن الوهلة الأولىٰ والتي طلت بوجهها الصبوح عشاءً منذ ساعات قلائل؛ يمڪنك أن تقول تدخل القدر أو النصيب أو ما قُسم للإنسان.. فمنذ سويعات اسرعت الخطىٰ مغادرة قاعة الطعام والأن يتقابلا وجها لوجه في غرفة ضيقة لا تسع لأڪثر من خمسة أشخاص..
« مڪان اللقاء الأول »
„Tepidarium“غرفة „ البخار المتطاير في السماء ڪالسحاب ” ذات الأصول الرومانية أو الحمام الترڪي مع التعديل، إنها غرفة صغيرة يتصاعد منها بخار وتسمع خلفك خرير ماء ينسڪب مذاب فيه أملاح، وأنوار خافتة مختلفة تتغير ڪل لحظة ڪـأنها تتساقط علىٰ جدران المڪان ڪأنها أضواء تتساقط من نجوم سماء.. تريح الأعصاب..
هي جلست في هذه الغرفة مقابل باب الدخول الزجاجي مباشرة؛ فهي أول مَن قدم ويصلح لها أن تڪون أول من يغادر.. وجلس „ رفيقي ” في رڪن منها.. يمڪنه أن يراها منه جيدا، ألقىٰ عليها التحية.. خصها بها وحدها وأخذَ يلقي نظرة تلو نظرة عليها ڪأنه يريد أن يقول لها :
„ إني أخصك أنتِ بالتحية وأخصك بالنظر ” ..
„ أخصك دون سواك ” ،
„ فلا نساء بجوارك تصلح أن أنظر إليها ” ،
„ بل لا نساء -أصلاً- غيرك في هذا العالم أو تلك الدنيا” ،
و „ أخصك دون غيرك ”
و „ أخصك دون بقية الموجودين بـ « غرفتنا »!” .
و .. النساء يعجبهنَّ هذا الإهتمام الزائد.. وذلك الإختصاص المعين.. والتخصص بذاتها.. وهو يحسن القيام بهذا الدور؛ في حالة لو أعجبته امرأة .
ما نغص المشهد الذي لم يكن يتصوره أو يظن أو يحلم بحدوثه أبداً ..
إذ .. ڪان معهما في « غرفتِهما(!) » رجلا يڪبره في العمر وأبدىٰ مباشرة استيائه منه؛ ومن نظراته لها؛ وهو يعلم عنه بعض الشئ، فشريك « غرفتهما » أدرك أن „ رفيقي ” يتحدث لغة قوم « جوته »؛ بشڪل جيد مع بعض أخطاء قواعد اللغة لا ينتبه لها إلا الدارس ذات المستوىٰ العال لقواعد اللغة، و „ رفيقي ” ينطق الألمانية بلڪنة أجنبية إلىٰ حدٍ ما فقد تعلم لغة ساڪني ضفاف الدانوب الأزرق في وسط العشرينيات من عمره ، وهو - شريك الغرفة - علم انه حاصل علىٰ درجة علمية اڪاديمية عليا، ولا يستطع أن يقول ڪلمة لها ناصحاً اياها أمامه باللغة التي تفهمها و „ رفيقي ” يتقنها، بأن يخبرها -مثلا- أن تبتعد عن هذا الأجنبي، أو تحترس من أمثاله؛ ڪل ما استطاعه وقدر عليه أن يُظهر استيائه من خلال نظراته إلىٰ „ رفيقي ”، ثم توالت الضيوف علىٰ « غرفتهما »، وقد ڪان بعضهم يعرفه فتمتم عدة مرات برد التحية ولڪن بقى تخصص التحية لها وحدها،
وابتسمت إحداهنَّ له مظهرة أنها أدرڪت أنه معجب بالمرأة الجديدة علىٰ المنتجع لم تقل شيئا سوىٰ النظرات إليه وڪأنها تشجعه علىٰ الإستمرار في تخصصه..
والنساء يحسنَّ قرأت الرسائل المشفرة بين إثنين: أحدهما رجل والآخر امرأة!
في « الغرفة » ڪل منهما يلتف بملاءته القطنية لترشف العرق وهي لفت ملاءتها حول وسطها وأردافها وساقيها وترڪت الصدر مڪشوفاً عارياً ولڪنها حين أرادت الإستئذان وانتهىٰ الوقت المخصص للبقاء في غرفة « الغاز المتطاير في السماء ڪالسحاب » غطت صدرها، فتذكر سريعاً الملاية اللف « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » والمرأة تڪشف الساق أو الذراع حين تريد وتغطيهما حين تريد.. فالدلال والعفاف والڪشف والغطاء والتبختر والحجاب وڪيفية رسم الخطوة فوق الطريق وإن كان ترابي ورنة الخلخال -إن وجد- لعبتها.. فتتقنها ڪل النساء الجميلات منهن ـ وڪلهنَّ جميلات وأيضاً المرأة التي يقول عنها الرجل إذا نظر إليها إنها ليست " حسناء " .
لم يستطع أن يقول لها شيئا، بحث عن ڪلمة أو مناسبة ليبدأ تبادل الڪلمات معها، أية ڪلمات غير أن الذاڪرة توقفت عن استحلاب ڪلمه وتحجرت خلايا مخه فلم تسعفه في فك ڪلمة ناهيك عن فتح موضوع يطول الحديث به أو عنه.. فقد جف حلقه.. وبلع لسانه، وتجمد نظره إليها .. ولعل هذا يڪفي بدايةً.. أو ربما لم يرد „ رفيقي ” أن يُقحم نفسه عليها فلعلها متزوجة أو لها صديق، فنحن نعيش في بلاد الغرب، أو صديق لها.. -احتمال-.. أو رفيق حياة يعاشر المرأة معاشرة الأزواج..
فهذه مسألة شخصية، اعترف بها النظام وقررتها القوانين وسنت اللوائح الدستورية لما يترتب علىٰ هذه المعاشرة من حقوق وأغمض رجال الدين العين وأغلق الوعاظ الأذن واسڪت المرشدون اللسان عن مثل هذه العلاقة؛ فصارت عرفاً مقبولا في العديد من البلاد . . وحتى العربية/الإسلامية منها.. ولعل قصة ألفها إحسان عبدالقدوس تحولت إلىٰ فيلم « أختي » تمثيل محمود ياسين ونجلاء فتحي يثبت مقولة „ رفيقي ” .. ولعل من الصدف السيئة أن يعرض الفيلم في الفاتح (01) من يناير عام 1971م(ونحن الأن في يناير) ببلد الأزهر والكنيسة المرقسية = مِصر .. أي منذ 52 عاماً ..
قلت لــ „ رفيقي ” .. مڪشراً : « „ أليس هذا من باب إعداد أجيال فاسدة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان ” » ..
ابتسم وسڪت.. بيد أنه ابدى تألما ما .. فنحن -الأثنين- ابناء هذا الجيل بأمتياز!

[ 21 ] « الخطة »
خطته أن يبدأ الحديث عفوياً دون إقحام أو إفتعال، يعيش „ رفيقي ” دائماً حالة معينة ڪأنه يصنع عالمه بنفسه ويلون دنياه بفرشته ويخطط المدن ويرسم الشوارع ڪما يريد ويهوىٰ، وهو يريد صنفا معينا من النساء، سيدات المجتمع اللآتي تعود عليهنَّ، منذ أن تعرف علىٰ السيدة « فَوْزِيَّة »، « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » ونزيلة مصحته للتأهيل البدني ومن ثم النفسي هي بالقطع من طراز سيدة « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” ».. و بالقطع سيخبرني „ رفيقي عنها.. أو.. عنهما ” في الحديث القادم..
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
رواية : «„ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ “ »
[ ١ . ] الجزء الأول.
١٨ « ليل طويل ساهر«
١٩: » القدر «
٢٠: „Tepidarium“ » «
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
‏الثلاثاء‏، 11‏ جمادى الثانية‏، 1444هــ ~ 02 يناير 2023م ~ ‏03‏/01‏/2023‏ 02:15:30 ص

ج2 2023 >>

ج1 2022 >>

كتاب & مراسلون

أوسترو عرب نيوز

شروط نشر الأعمال الفنية و الأدبية (المؤلفة أو المنقولة) فى أوسترو عرب نيوز :

عدم التعرض إلى (الذات الإلهية) .. الأديان السماوية .. المذاهب الدينية .. القوميات .

عدم التعرض بالسب أو الانتقاص من شخصية خاصة أو اعتبارية  .. بشكل مباشر أو بالتورية حال النقد .

أن لا ينشر فى أي وسيلة إعلامية صادرة بالعربية من النمسا .. خلال فترة النشر بـ أوسترو عرب نيوز .

أن يضمن المؤلف أو المراسل نشره فى النمسا مذيلا بعبارة : منقول عن أوسترو عرب نيوز (كلمة شرف)

ما ينشر في أوسترو عرب نيوز .. يعبر عن رأي كاتبه أو ناقله أو راسله ..
أوسترو عرب نيوز .. لا تتحمل المسئولية الأدبية أو القانونية .

أوسترو عرب نيوز .. تهيب بحضراتكم الإبلاغ عن أي تجاوز .. لعمل الإجراء المناسب على الفور .. بالحذف مع الاعتذار .

أعلى الصفحة


الموقع غير مسئول عن تصحيح الأخطاء الإملائية و النحوية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رئيس التحرير : أيمن وهدان




أخبار عرب النمسا