تملكه مزيجٌ
من مشاعرٍ غير متجانسة وأحاسيس متناقضة
وعواطف غامضة.. لا يدري „ رفيقي “.كيف
تجمعت تلك جميعها بفكره وسيطرت على
ذهنه!.. وتملكته ولو الى لحظات فـ
اعتملتبمفرداتها جميعها بداخله..وكأن صدره
الضيق صار مرجلا يغلي ما بداخله من عواطف
ومشاعر وأحاسيس نتيجة ارتفاع درجة احتراق
عناصر المجهول الذي ينتظره في الغرب ويشعر
به في داخله..وقد احسن التشبيه حين صرح لي
بحالته ڪما يحترق فحم وادي حلفا الجيد أو
يتوهج فحم الكوكو سريع الاشتعال أو احمرار
جمرات فحم الجود الأصلي لـ يُصهر تلك
المشاعر الغامضة والأحاسيس غير متجانسة
والعواطف المتناقضة.. في بوتقة التفكير
الفوضوي السريع ثم يسحب بصورة لا ارادية
دخانها إلى قاع بئر النسيان ولو لحين من
الزمان.. وقد يستحضرها حين ينتابه ذلك
الغموض عن المجهول.. وقد تغيب الى الابد
في اللاوعي..
بدأت تلك المشاعر وكأنها تحترق بداخل قفص
صدره المحكم الانغلاق وكأنه يشتم
رائحتها.. بل يشم رائحة احتراق انسجة
رئتيه وتصل الى انفه بخارها.. فـ أخذ
يتذكر جدته لأبيه حين كانت تحرق بخور
العُود المكي في مبخرتها الخَزفية أوبخور
الصندل السوداني ونوع آخر من البخور
أحضرته من المدينة المصطفوية المنورة
إثناء إقامتها بالحجاز حين رافقت قافلة
الحج المَلكية المِصرية الرسمية حاملة
معها الكسوة الشريفة للكعبة المقدسة هدية
مِصر زمن الملك بمفردها لعام وبقية الدول
للعام التالي.. وقد اكتسب : «„المحمل
الشريف“ »، وهو ذلك الجمل المزيّن الذي
يحمل كسوة الكعبة المعدّة في مِصر، بُعداً
رمزياً عاليا رفيعاً، إذ تحوّل إلى طقس
سياسي ترعاه الدولة ورمزشعبي يشارك فيه
الحجيج من عدة مناطق من شمال الساحل
الأفريقي المطل على البحيرة المتوسطية
وشعيرة تعبدية وآحدى اركان وقواعد الإسلام
الحنيف يعبّر عن مشاركة السلطان \ الخديوي
المعنوية في رحلة الحج، ويُقدّم بوصفه
تجسيداً لعلاقة الحاكم بالطقس الديني
العظيم، في مشهد احتفالي عام يُستعرض فيه
حضور الدولة في قلب الشعيرة..
جدته لأبيه لم تذكر لــ „ رفيقي “ اسمهذا
البخور المديني وكان فائق الجودة وطيب
الرائحة يبقى زمنا معلقا بجدران غرفة
المعيشة واثاثها ويتعلق بثياب الحاضرين
عند المغادرة فيعلم جميع الجيران عند مَن
كانت الزيارة.. وكانت تضع في صندوق
ملابسها كيس قماش من الكتان معقود بشريط
حريري أخضر رُسم عليه رمز التاج عٌبأ
بداخله مجموعة من أجود زهور أحضرتها حين
عودتها من بر الحجاز لم يتجرء أن يكشف
عنها „رفيقي“ولم تخبره عن اسمها أو
انواعها.. وكانت دائما ملابسها ذات عطر
نفاذ طيب.. خاصةً
ملاءتها„الْإِسْكَنْدَارِنيَّة“شديدة
السواد غُزلت من أفضل أنواع الحرير.. وكان
يسمع قولها لأمه بنبرة جادةٍمنبة ومحذرة
:„ما تفتحيش الصندوق..بتاع هدومي.. خليه
مقفول كويس.. علشان العِتة ما تدخلش“..وكل
صنف من بخور جدتهلأبيه له يومه المخصوص في
إسبوعها الحافل بالزيارات لا يتخلف.. ما
عدا أيام الأعياد : عيد الفطر وعيد الأضحى
ومواسم العام ڪـ رأس السنة الهجرية وقبيل
صلاة العصر الى مغرب صيامهاوقراءتها
للقرآن الى لحظة إفطارها على التمر
المديني المعروف أيضا بتمر عجوة المدينة
وهو نوع من أفخر التمور التي تزرع في رحاب
المدينة المصطفوية.. وصيامها في غالبية
أيام المحرم وبالطبع : تاسوعاء وعاشوراء
وموسم رجب.. وكذلك كل صنف من بخورها له
ضيوفه الغالين فتضعهذا البخور في مبخرتها
العتيقة حين يأتيها ضيوفها الأعزاء.. وكان
لديها مبخرتان آحداهما من الخَزف الاصلي
أو السيراميك الفاخر والآخرى نحاسية تلمع
من كثرة الاعتناء بها يظنها الناظر اليها
أنها ذهبية..
تفاعلت بداخله مشاعر غامضة لا يدرك
منبعها..وأحاسيس مجهولة المصدر حين يبدء
القطار بتهدئة سرعته وبطئ عجلاته
استعداداً لدخوله في محطة على طول خطه..
فـ بدأت تظهر أمام عينيهيافطات اسماء
المحطات حين توقفه فـ يمكث قطاره بها
قليلا لتنطلق عجلات القطار متحركة ببطئ
وهو يريدها أن تسرع لـ يكمل رحلته والتي
تدل-يافطات اسماء المحطات -.. بل غلبَّ
على ظنه.. على أنه دخل الأراضي النمساوية
وإن لم يكن معه خريطة تبين له مساره.. بل
اعتقد أنه على وشك قرب وصوله إلى مدينة
ڤِيينا قادماً من إيطاليا..
ذلك الفتى المشرقي القادم مِن المجهول في
بلده„الْإِسْكَنْدَارِيَّة“الذي تركه ليس
رغبةً منه بل إرادة في تحسين مستواه
العلمي ومشاركة في بناء صرح الوطن
الاكاديمي ..وترك حبيبته واعداً إياها
بعودته بعد اربع سنوات ليعلن خطبتها
ويحملها على حصانه الأبيض في ليلةِ
عرسها.. ليزفها إلى عش الزوجية.. لترقد
بين اجفانه بحدقة عينه فيغطيها برمش
العين..ترك„ رفيقي “بلده رغبةً إلى
المجهول في أرض الغربة إرادةً لحصوله على
درجته العلمية..
في تلك اللحظة حين ارتسم شعاع الأمل
الوردي أمام عينيه استحوذ عليه خليط من
العواطف الغامضة والمشاعر المجهولة
والأحاسيس المتناقضة حين أدرك أنها بالفعل
توقفت عجلات قطارهالقادم من ڤِينيسيا..إذ
حطت قدماه على رصيف نهاية رحلته.. الجزء
الأول منها في محطة الجنوب الـ
ڤِيَّنَّاوية..
خليط غير متجانس من مشاعر متناقضة فـ مِن
شعورٍوردي جميل يملؤ وجدانه بالفرح
والسرور لأنه وصل إلى محطته قبل الآخيرة
في رحلته الطويلة والتي تستغرق عدة سنوات
في غربة جامعات اوروبا ومختبراتها
ومعاملها ومكتباتها فـ يقابله مباشرةً
إحساسهبالحزن وانقباض القلب وضيق
التنفس..ولا يدري لهذا الإحساس تفسيراً..
وكأن هناك دمعة حارة معلقة في ركن عينه
اليمنىتريد أن تنسكب من حدقته يمنعها
كبرياء الرجولةالذي تربى عليه من الإنزلاق
فوق خده.. بينما انحدرت بالفعل دمعة باردة
فرحة من اليسرى فقد بدأت أول خطوة في
مشواره الطويل والذي بالفعل سيستغرق عدة
سنوات.. ليس لجمع المال من أي طريق كان
وليس للعدو خلف الفتيات الحسناوات كمقرر
سهل كما جاء في مسرحية اعتبرها البعض انها
افسدت اخلاق الطلبة: المشاغبون.. ثم تتسع
عيناه لـ شعورٍ بالسعادة الفائقة فـ
يقابلهاعلى التو إحساس بالتعاسة ولا يدري
مصدرها..فـ يغمره شعور بأنه سوف ينجح في
تحقيق هدفه المنشود وامله المرجي بحصوله
على درجة الدكتوراة من
جامعةLeipzigالألمانية فـ تعتريه في نفس
اللحظة إحساس مؤلم بفشله الذريع وخيبة
رجائه وعودته مكسور الأمل ومهيض الجناح
كأنه يتجرع قطرة.. قطرة سم زعاف اصاب
بالفعل فؤاده فتوقف قلبه عن النبض وشل
حركة أعصابه فتعطلت جوانحه عن الاحساس
وتخدرت جوارحه عن التحرك.. وفقد السيطرة
على خلايل مخه الرمادية ..
يطير بكامل بدنه في هواء محطة الجنوب
الڤِيَّنَّاوية ذات السقف العالي لـ شعوره
بـ فخر المتفوق وإعزاز القادر المقتدر على
تحقيق طموحاته ويقابله إحساسه بذِلَةِ
الرقيق المكبل بالحديد..وهوانرخيص العبيد
في سوق النخاسة بحي العطارينيباع بفلسات
زائفات ومصاري غير مستعملة غير مرغوب
فيه..
تتحرك بداخله ڪـ فتى مشرقي.. ابن فرع
النيل ترعة المحمودية وابن بحيرة
„الْإِسْكَنْدَارِيَّة“ ناصعة البياض
المطلة على جنوب القارة الاوروبية..
فهو..„ رفيقي“ يملك الجينات الاصلية
لابناء آدم حين سكنوا القارة الافريقية
وقد يكون له امتداد لابناء آدم الآُخَر
حين هاجروا للشمال..تتحرك عواطف الشاب
الوسيم ڪـ رشدي اباظةنتيجة تفاعل هرومونات
الذكورة بداخله تجاه الفتاة الأوربية
الشقراء ذات العيون الزرقاء والتي تعلم
جيدا قدرات الشاب المشرقي وميزات الرجل
الشرقي.. تلك الفتاةالمجهولة الهوية .. له
وغير معروفة المسكن عنده وبلا اسم يناديها
به ولاعائلة يتقدم اليها..كما كان „ رفيقي
“.يرى صور فاتنات هوليوود فوق الشاشة
الفضية في سينما „ رويال “ بشارع فؤاد..
طريق الحرية وأخيرا تم تسميته بشارع
الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر..
وآه من البيضاء الشقراء والتي تملك العيون
الزرقاء.. آهٍ منها في مخيلة „ رفيقي “..
وخاصةً حين يتذكر افلام جيمس بوند
الإيرلندي وحسناواته.. وفي لحظات تكون
مرتمية بين ذراعيه.. لكنه كان يعلم علم
اليقين ان هذه صناعة تمثيلية وليست حقيقة
مؤكدة.. شعور غامض برغبته تجاه فتاة
مجهولة في التعرف عليها أقرب ما يكون
يإحساسه الخاطئ تجاه الفتاة اليونانية
ابنة صاحب المطعم في أكبر شوارع أثينا حين
كان „ رفيقي “. يقوم بغسل أطباق قذرة
اتسخت بدهن الخنزير المشوي لسياح وتشطيف
أكواب البيرة وكؤوس خمرة النبيذ الأحمر أو
الأبيض المعتق حسب الوجبة المقدمة لرواد
الطعم : لحم أم أسماك والملاعق المتسخة
والسكاكين الملوثة ذبائح الحيوانات..وهذا
إثناء راحة صيف آحدى سنواتدراسته في
جامعته ثم عودته سريعاً متأخراًفي شهر
أكتوبر بعد بدء الدراسة نتيجة تلغراف
مكتوب فيه بالفرنسية فقط كلمه „ عُد
سريعاً “„.Reviens vite. “.. تلك الفتاة
اليونانية والتي حلم أنه سيتزوجها ويجلس
على مقعد صاحب المطعم وهو لم يحسن نطق
كلمة واحدة باللغة اليونانية.. ثم يتذكر
حبيبته بــ : „الْإِسْكَنْدَارِيَّة“والتي
تنتظره.. فتنقشع غمامة الأوهام..وتقلع
سحابة الاحلام وتهبط سكينة الواقع المأمول
..
يحسن القول أن„رفيقي“هو خلاصة تربية
المجتمع المِصري بمحاسنه ومساوئه ووتربى
على حسناته وقبحهوتجرع مزيجا من تناقض
افكاره وخليط مما نبع من قاعه السحيق منذ
الاُسر الفرعونية أو الديانة القبطية أو
الفلسفة الهندية من عادات سيئة اومحمودة
وتقاليد موروثةجيدة او سقيمة او مستوردة
مع ما تحمله قبائل وافدة ومعتقدات لا اساس
لها.. اغلبها غير مقنعة او مفهومة وما ورد
إلى البر المِصري من الغرب.. وبالفعل لعبت
الشاشة الفضية سواء الغربية الهوليوودية
والفرنسية والإيطالية أو الشرقية الأسيوية
البوليوودية الهندية أو الأفلام المِصرية
دوراً في بناء فكره وتكوين شخصيته.. وكان
حين يغضب يصف جيله بالقول أنه تربية „
الكاريوكا “ صاحبة الهرمونية الشرقية
القديمة..ثم الحاجة „ بدويةتحية“والتي
كانت منذ عام 1974 تقيم في قصر الأمير
عبدالمحسن بن عبدالعزيز خلال تواجدها في
مكة..
يذكرنا „ رفيقي “ أنه يوجد عدة مؤسسات
رسمية وأهلية لعبت دوراً جوهريااساسيا أو
ثانويا فرعيا في بناء الشخصية المِصرية
بشقيها : النفسي او العقلي وتشكيل مزاجها
العام وتكوين هويتها كـ مشيخة الأزهر
والكنيسة المرقسية والإعلام ومنه السينما
ووزارة التعليم والمؤسسة العسكرية والطرق
الصوفية والجماعات الإسلامية بتنوعها
الصالح منها والطالح ووجود أجانب على أرض
مِصر سواء عمال أو مستعمر يرتدي البزة
العسكرية أو خبراء وأوكار الفساد.. او
المَاخُور مجمَع أهل الفسق والفجور ولعل
هذه التوليفة وهي بالطبع غير متجانسة
ومتناقضة ومتعارضة شكلت شخصية المِصري إلا
من رحم فمال بالكلية إلى فصيل من هؤلاء أو
تربى تحت رعاية جهة ما..
تحرك ببطئ شديد بخطوات خجلة فوق رصيف محطة
الجنوب الڤِيينّاوية وكأنه يحمل فوق كتفيه
أعباء ثقيلة لا مناص من حملها.. كما لا
رغبةَ منه في أنزالها من فوق عاتقه.. بضع
خطوات ثم وجد نفسه خارج المحطة.. لا أحد
كعادته في كل سفرياته إلى الغرب.. باريس..
أثينا.. نابولي..ڤِينيسيا ثم الأن ڤِيينّا
ينتظره أمام باب القطار حين يقف أو في
صالة وصول الركاب المسافرين في المطار..
تحرك بهدوء „ رفيقي “ مغادراً محطة قطار
الوصول.. بدءَ ينظر حوله خارج محطة السكك
الحديدية.. وكأنه رأي أمامه على الطرف
الآخر من الشارع العريض سورَ حديقةٍ..
فذهبتْ قدماه إليه ودخل فإذ هي.. حديقةٌ
منسقة وجميلة رائعة الابداع وتحركَ بين
أزهار بستانها ووجد زهرة حمراء.. وفي خلسة
عن الناظرين ودون ان يدرك حراس البستان
وعمال الزراعة قطفها وخبأها سريعاً ناوياً
أن يرسل آحدى ورقاتها إلى حبيبته بـ
„الْإِسْكَنْدَارِيَّة“ في أول ظرف يحمل
خطابه إليها.. رومانسية المشرقي تلازمه
أينما حل وإلى أين ارتحل.. ولعلها
رومانسية المحب بغض النظر عن لون بشرته..
لم يبق كثيراً في حديقة قصر„ Belvedere “
والذي شيده الأمير يوجين من سافوي الذي
ولد في باريس.. بناه بعد نجاحه في هزيمة
جيش الخلافة العثمانية.. وكان مسكنا له
ومقراً لـ عائلة هابسبورج أثناء حكمها
للإمبراطورية النمساوية والملكية
المجرية..
خرج „ رفيقي “ لا يدري إلى أين يذهب.. فلم
يستقبله أحد في محطة القطار.. ولا يعرف
بهذه المدينة أحدا..
توقف حائراً.. فليس معه من المال الكثير
او ما يكفيه كي يسكن في أوتيل.. فـ فكر
قليلا وعزم على أنه سوف يبيت ليلةً أو
أكثر في سيارة مهجورة كما حدث له في باريس
أمام بيت الطلبة الذي سكن فيه أياماً ثم
قرر تركه لـ قرب نفاذ المال ووجد سيارة
مهجورة ماركة :„ Renault “.. بيد أنه لم
يجد سيارة مهجورة في ڤِيينّا وفق ما بحث
عنهافلم يتبق أمامه سوى المبيت في الحدائق
العامة..
نام „ رفيقي “ ثلاث ليال متتاليات في شبة
حديقة عامة في وسط ڤِيَّنَّا.. وكان يتذكر
أنشودة أسمهان „ ليالي الأنس في ڤِيينا
“..وشتان بين اوبريت اسمهان بملابس الفرقة
التي تصاحبها في الرقص وبين حال „ رفيقي
“.وملابسه وها هو بدء لياليه بأفتراش
النجيل الأخضر والتحاف السماء الزرقاء..
كان هذا مثل هذه الأيام في شهر يوليو
ويظن„ رفيقي “ أنه في الأيام الأواخر من
شهر الصيف يوليو.. فكان المناخ كما
استقبله : سماء صافية وجو صيفي معتدل
لطيف..
„ رفيقي “.ترك وظيفته في الوزارة التي
تعين بها مقابل راتب شهري يتجاوز 30 جنيها
مِصرياً ببضعة قروش بقليل وذلك في بداية
السبعينات من القرن المنصرم.. وعلى أول
درجة وظيفية وذلك المضمون.. وترك خلفه
محبوبته الجميلة الساحرة ذات القوام
الممشوق دون أن يؤكد لأهلها رغبته في
الاقتران بها.. ولعل هناك من يتقدم
لخطبتها والاقتران بها فيتحصل عليها
قبله.. وترك والده الذي تجاوز الستين من
أعوامه بعده ايام قليلة فقد تمكنَ من
الحصول على الإعفاءالنهائية من خدمة العلم
المِصريباعتباره الأبن الوحيد لأبيه
الحي.. كما ترك أمه فهو وحيدها ..
يكاد يكون أنه ترك كل شئ خلفه لـ يبدء
حياة جديدة مجهولة يحفها من جميع جوانبها
الغموض والمغامرة.. وقد يواكبها الفشل في
تحقيق هدفه المنشود او الانحراف والبعد
عما كان يرنو إليه ويريده..
„ رفيقي “.بدء بناء مستقبله العلمي ليس من
عند نقطة الصفر.. بل من تحتها بكثير بل
بدء من قاع بئر عميق سحيق.. وهذا يعود لـ
عدة اسباب.. البدايةُ : نومه في الحدائق
العامة .. على الأرض ..ولعل أهمها أيضا
اللُغة التي سوف يدرس بها فــ يقرأ مراجع
بحثه بها.. ويسمع المحاضرات التي يجب
حضورها بها.. ويفهم ما يقولونه الأساتذة
والبروفِيسورية ثم يمتحن بها شفهياً أو
يكتب بها الإجابات على ورقة الأسئلة أو ما
يقدم من بحوث..
ضبابية المشهد والمستقبل المجهول توأم
يسير بجواره آحدهما يتأبطه عن يمينه
والآخر يمسكه من يساره .. أينما حلَّ
وارتحل!
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
« „ رُوَايَّةُ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ
“ »
فصل رقم: [ 71]
« وَرَقَةٌ مِنْ ڪُرَاسةِ
إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ».. كُتبتْ
في«ڤِيَّنَّا Vienne لحظة إطلالها علىٰ
الدانوب الأزرق»
الجمعة، 09 محرم، 1447هــ ~ الجمعة،
04 تموز، 2025م
70
قطارٌ للمجهول
تحركتْ ببطئ شديد في
بداية الرحلة إلى المستقبل المجهول وفي
نفس الوقت المأمول عجلات القطار المغادر
محطة السكك الحديدية بـ مدينة
ڤينيسياالإيطالية [( سانتا لوسيا )]..
القابعة في الركن الشمالي الغربي للبحر
الأدرياتيكي الممتد ذراعه إلى البحر
الأبيض المتوسط .. والمتجه في رحلته إلى
الأراضي النمساوية.. ومحطة النزول والقبل
الأخيرة ڤيينا : والتي تغسل قدميها كل
صباح باكر على ضفاف نهر الدانوب الأزرق..
فينتعش بدنها كله فتغسل جواريها يرافقهن
وصيفاتها جميع جسدها وأطرافه ويمشطن شعرها
الحريري السادل خلف ظهرها .. لتستعد لـ
تحي ليلةً من ليالي الأنس في الأوبرا
الشهيرة مع أنغام أغنية بصوت أميرة الجبل
اللبناني .. ثم تقوم بمزاولة نشاطها
الرياضي اليومي كي تصبح ممتشقة بقوامها
المتناسق الجميل .. فــ ترتدي ثيابها
الأبيض الزاهر وقبعتها ذات اللون المتسق
مع هندامها وتمتطي جوادها الأسود الداكن
المُعد خصيصاً لها كـ أميرة من عائلة
هابسبورج العريقة ذات الأصول الألمانية ..
السويسرية .. وتمرح بحصانها العربي في
سهولها الخضراء ووديانها الفيحاء الزهراء
.. ثم تنتقل عدواً إلى ولاية النمسا
السفلى [(Niederösterreich )] .. فهي ..
ڤيينا محطة وصول „ رفيقي “ : قبل النهائية
: [(محطة الجنوبSüdbahnhof)] .. قبل أن
تتحول إلى [( المحطة الرئيسةHauptbahnhof
)] .. إذ وجهته إلى لايبزج الألمانية .
تحرك القطار ببطئ شديد وما زال „ رفيقي “
واقفاً في كابينته بمفرده تسمرت قدماه في
أرضية القطار الحديدية دون أن يجلس فوق
مقعده يتنفس ببطئ أشد .. وكأن هواء الدنيا
لا يكفي رئتيه .. فهو وجلٌ .. مضطربٌ ..
قلقٌ .. قلبه ينبض بصوت مسموع .. يسمع
دقاته المارة فوق الرصيف المقابل فـيظن
مَن يسير بجواره أنه مِرْجَل متقد تحته
قُطعت كافة أشجار الغابات لـ تحترق ..
فـيغلي كل ما بداخله .. وشعر„ رفيقي “ أنه
كـ القِدْر المصنوع من الطّين المطْبوخ أو
من النّحاس .. ذلك الجهاز الذي تتم به
عملية توليد البخار من الماء ..فيدق فؤاده
.. نتيجة درجة الغليان بسرعة غير معهودة
فتجتمع حرارة وسخونة الأمل المعقود مع
برود وصقيع المجهول كأنه يقف فوق جبال
الهامالايا بمفرده كأنه يصعد في السماء
...
تقدر مسافة السفر بحوالي 435 كم ..
وتستغرق 7 ساعات ونصف الساعة..
لا يتذكر „ رفيقي “ بالتفصيل المريح
جزئيات هذه الرحلة .. فلا يتذكر اسماء
المحطات الرئيسة والتي مر قطار مستقبله
المجهول أو المأمول عليها ..
لعله انشغل فكره بالخطوة التالية ! ..
وماذا سيفعل في مدينة ڤيينا .. قبل
مغادرتها إلى المانيا !.
فقط .. يتذكر حالةًانتابته ما بين الفرح
والسعادة والسرور فيبتسم ويبهج مستقبل
مأمول .. وبين الخوف والرهبة والجزع
مستقبل مجهول .. فيتحول قلبه إلى مِرجل من
الطين المطبوخ يغلي ما بداخله .. أو قل
بدقة أن حالة „ رفيقي “ يشوبها الأمل
الوردي والرجاء المشفع بدعاء والدته له
بالتوفيق والنجاح قُبيل سفره ومغادرة
مدينة الثغر ..
خطوة جديدة بل بقفزة واحدة سيصل إلى
السماء السابعة فـ يقف بجوار الكواكب
السيارة ويحاذي النجوم السائرة في فضاء
النجاحات ..
خطوةٌ سيقدم عليها ستغير مستقبل حياته
بالكامل وجذرياً أن نجح في تحقيق هدفه
الأسمى .. ولولا هذا الهدف المنشود ما
وافق والده على مغادرة تراب أرض الوطن
العزيز ..
حالتُهُ.. هذه .. شبيهةٌ كــ تلك الحالة
التي انتابت طفلة بدوية صغيرةمازالت تلعب
بعرائسها والتي صُنعت من ليف النخيل ..
أَخرجتها النسوة بما فيهم أمها ..لتوها من
خيمتها العتيقة والبالية والتي تقع في وسط
صحراء الربع الخالي من شبة جزيرة العرب ..
وسُحبت من بين أعطان الإبل ومَبارك الناقة
ومرابض الغنم ومراعيها .. وهي في التاسعة
مِن عمرها إلى عريسها الغريب عنها ليحملها
في عربة دفع رباعي „TOYOTA LAND CRUISER“
.. وليس فوق ناقة أو بعير ليتمكن من
التطعيس أمامها فوق الكثبان الرملية في
الصحراءالقاحلةليظهر مهارته في قيادة
السيارات .. ناهيك عن قدرته كفارس الكلمة
وبطل السنان فـ تتعلق به ممسكة بعنقه بيد
وفي الآخرى آحدى عرائسها الليفية إذ يريد
أن يبدو أمامها أنه الفارس المغوار
تشبيهاً بـ : أَبَي مِحْجَنٍالثقفي .. ففي
لحظة عناقها خوفا ورهبة إذ اعتادت على
ركوب الناقة في هودجها .. اختلس قبلةً من
ثغرها البسام ظنَّ مِزاجَها عسل حضرمي
وماء زمزم أو عسل بنها المشهورالمخلوط
بقطرات من ماء النيل الفضي الخالد .. فـ
عاهد الله أن يُقلع عن شرب أقداح الراح
ولا يسامر كؤوس الخمر الفواح ولا يعاقر
قنينة الرحيق فيكفيه شراب الزلالمن بين
شفتيها حين يتم الزواج فيعانق بالليل
ويحميها بالنهار .. حملها فارس أحلام
البنات إلى الرياض العاصمة .. ومنها إلى
مطار المملكة في رحلة إلى مدينة الثغر
„الْإِسْكَنْدَارِيَّة“ .. ولأول مرة
ترتقي سلم طائرة .. خافت من منظرها
الخارجيوفزعت من جناحيّها وارتعبت من
مقدمتها كمنقار العنقاء .. ولم تكن تتصور
أن هذا الجسم الحديدي الضخم القابع على
أرض المطار يمكنه بمحركات نفاثة أن يُقلع
فيخترق الفضاء ويطير يحمله الهواء .. إذ
كان يجب عليها أن تسير عدة خطوات .. تعثرت
في غالبيتها بعد نزولها منأوتوبيس المطار
الذي حملها من صالة الركاب .. وفي الطائرة
المقلعة بدلا من جلوسها على مقعدها الوفير
بالدرجة الأولى الراقية .. درجة رجال
الأعمال جلست بهندامها الزاهي الفضفاض على
أرضية الطائرة ووضعت مخلتها فوق المقعد ..
وأجلست بجوارها عرائسها .. تخبرهم عما جرى
لها .. وهي مازالت لا تدري ماذا سيفعل بها
.. فهي مازالت طفلة بريئة تلعب بدميتها ..
والتي أحضرتها معها واصطحبت معها عرائسها
الثلاثة ..
.. .. تحرك قطار „ رفيقي “ رويدا .. رويدا
.. لا يتعجلفي مغادرة المحطة الرئيسة بل
يتهادى كـ قافلة العير يتمايل يسرة ويمنة
.. بيد أنه قدر فـ استطاع أن يجر اثقال „
رفيقي “ النفسية المحملة بـ طموحاته
الكثيرة وأماله الكبيرة لـ تحقيق هدف وحيد
سيستغرق من عمره سنوات عدة .. وسيقضي في
تحقيقه أعوام من حياته ..
.. تحرك „ رفيقي “ بـ قطاره كـ أنه أُعد
خصيصا لرحلته دون سواه .. مغادرا محطته
الرئيسية .. [( سانتا لوسيا )] ..والتي
تأسست في ثلاثينيات القرن العشرين ..
يتهادى قطاره بين أمال معلقة على حبال
خيال واسع عريض في تحقيق ما يريده وبين
رجاء قوي سامخ كالجبال الرواسي معلق على
خيوط طموحات كبيرة بدأت تراود ذهنه منذ
سنوات مضت ..
كان النهار في مقتبل بدايته .. اسفر عن
ضوئه منذ لحظات .. لا يتذكر „ رفيقي “
ساعةَ أو زمنَ المغادرة .. بيد أن
الشمسبدت كأنهامتربعة في كبد السماء مشرقة
زاهية تذكره بشمس مدينة الثغر ..
وما أن شدَّ سائق المقطورة سرعته وبدء
القطار يسير بسرعته المعتادة حتى هدأت
أعصاب„ رفيقي “ .. وانتابته حالة نعاس
رقيق .. أمنة لتهدئة أعصابه المتوترة ..
فما كان منه إلا أنه مدّ يده وسحب ذيل
كنبته التي أمامه ليوصلها بطرف الكنبة
التي يجلس عليها فصارت له كـ سرير وفير
مريح تمدد فوقها .. وخلع حذاءه الرياضي
الذي اشتراه من باريس إثناء آحدى راحة صيف
زمن دراسته الجامعية .. وهو بجوار الشباك
المطل على مناظر خلابة فيما يعتقد .. دون
أن يفصح عنها .. وقال في نفسه :"
النُّعَاسُ فِي الْقِتَالِ أَمَنَةٌ مِنَ
اللَّهِ .. وفي الصلاة مِنَ الشَّيْطَانِ.
".
ثم بعد قليل .. لا يدري كم من الوقت مر ..
أيقظه صوت فتح باب كبينته ..
فقد جاء كمسري القطار الإيطالي بــ بزته
المعتادة يقول بالإيطالية التي لا يعرفها
„ رفيقي “ .. :" تذاكر .. تذاكر .. " ..
فــ
أخرج من حاملة ظهره تذكرة الرحيل من
إيطاليا إلى النمسا اتجاه واحد لا عودة
فيه .. فنظر إليها وارتسمت على شفتيه
ابتسامة خجولة فهو مازال في سكرة نعاسه بل
قل في غيبوبة أحلامه أو أوهامه .. ثم قال
:" أنا مسافر لـ ڤيينا .. ڤيينا .. " ..
وسلمها للكمسري الإيطالي فتبسم بدوره إليه
.. قائلا له .. هكذا ظن „ رفيقي “ ..
واعتقد : " يا سيدي العزيز اتمنى لك رحلة
سعيدة هانئة هادئة .. وإلى اللقاء في رحلة
قادمة إلى إيطاليا على خطوط سككنا
الحديدية " . ثم اردف :" ولكن ينبغي أن
تكون رحلتك القادمةقريبة جداً" .. تبسم „
رفيقي “ وأخذ تذكرته ووضعها بجوار جواز
سفره .. الذي يحمل تأشيرة دخول الأراضي
النمساوية ..
ارتاح „ رفيقي “ قليلاً .. ثم أخرج من
جعبته بقايا بيتسا طبخت على الفحم ..
إيطالية المذاق والتكوين والتركيبة
والمحتويات .. بيد أنها صناعة مِصرية ..
عُجنت وجهزت وحُضرت بأيدي مِصرية .. يكاد
يفوح منها عرق الشاب المِصري .. صانعها ..
وإن لم تقترب أنفك منها ..
كان هذا إفطار „ رفيقي “ ..ولا يدري ما
كان مشروبه صباحاً ..
تناول وجبة الفطور وجلس قليلا .. ثم وجد
أن رائحة شرابه تفوح في أرجاء الكابينة
فقام بخلعه .. وذهب إلى دورة مياه القطار
وأغلقها عليه وقام بغسل الشراب بصابون
تواليت إيطالي فاخر ثم عصره وذهب إلى
كابينته وفتح الشباك قليلا وعلق الشراب
للخارج وأغلق الشباك .. لتلفحه ريح السفر
وتنشفه سرعة القطار .
لا يدري „ رفيقي “ .. كيف قضى ساعات رحلته
والتي تتعدى سبع ساعات ..
ثم توقف قطار „ رفيقي “ في محطة ما .. لا
يذكر اسمها .. وظنّ أنها الحدود البرية
والتي وجدت منذ 1861م بين دولة إيطاليا
وجمهورية النمسا على طول جبال الألب وقد
تكون : [( Friuli-Venezia Giulia )] ..
وبالقطع تقع في مقاطعة [( (Tirol )] ..
وصعد رجال بملابسهم العسكرية من كلتا
الدولتين .. وتحدثوا معه .. ويغلب على ظن
„ رفيقي “ أنّ الحديث تم باللُغة
الإيطالية ممزوجة بـ لُغة [ (Goethe)] ..
وهو [ (Johann Wolfgang von Goethe )]..
اللغة الألمانية .
أخذ جواز سفره من يد مَن ختم عليه بسماحه
بدخول الأراضي النمساوية ..
وشهق أخذا هواءً كثيرا .. فقد بدأت الخطوة
الفعلية الأولى في مشوار تحضير درجة
الدكتوراة في تخصصه .. في آحدى جامعات
أوروبا ..
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
« „ رُوَايَّةُ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ
“ »
[(٤ )] اَلْـجُزْءُ الرَّابِعُ .. يبدء بـ
فصل رقم: [65 ]مستقبل حياة!
« وَرَقَةٌ مِنْ ڪُرَاسةِ
إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ » كُتبتْ في « فيينا
Vienna لحظة إطلالها علىٰ الدانوب الأزرق
»
الرَّمَادِيُّ مِنْ ثَغْرِ
الْإِسْـڪـَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ
المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا
اللَّهُ تَعَالَى- .
الأحد : 14 ذو القعدة 1446 هـ ~ 11 مايو
2025 م
69
رحلةُ قِطار
تصرفات الصبية يشوبها
كثير من الهرج غير المسؤول ويحوطها الكثير
من المرح البرئ وقليل من الإتزان العقلي..
وقد لا يفهمها الناظر لـ تصرفاتهم أو
يدركها المتابع لـ أحوالهم .. خاصة جيل
مَن وُلِدَ في عصر الإنترنت وزمن منصات
التواصل الإجتماعي.. وتصرفات المراهق
عشوائية يملؤها الرغبة في الظهور فـ تحتاج
لـ عين واعية ساهرة تراقبهم عن كثب ومَن
يصحح لهم الخطأ ويرشدهم للصواب.. لعل
البعض منا يذكر حادثة قطار أنفاق مدينة
فيينا في بداية نوفمبر الماضي .. الخط
الرابع إذ تسلق اربعة من المراهقين ظَهر
القطار للتصوير ووضع الشريط على تيك توك
وكانت النهاية مؤلمة وقاتلة .. وأعمال
شباب في مقتبل العُمر يعلوها الكثير من
العبث مع جرأة في التصرفات .. خاصةً مَن
يغرر بهم كـ عروس داعشالبريطانية وكـ من
حرق جواز السفر النمساوي .. فتى فيينا ..
فـ ينضم لـ جماعة جهادية والطريف أن
القانون لا يعاقب على مثل هذا الفعل..
وأظن أن الفاعل لم يعلم هذه الناحية
القانونية .. نتيجة غياب وعي صحيح ..
وتحركات الشباب تأخذ طابع الجدية أحياناً
قليلة مع مغامرة تكاد تكون غير محسوبة
المراحل والنتائج .. لذا تسمى مغامرة.. إذ
لو حسبت مراحلها وتوقعت نتائجها تحولت إلى
خطة عمل مدروسة وليس مغامرة شاب ..
ولعل هذا يعود لقلة التجارب في الحياة
وإهمال في اسلوب تربية النشأ وتوجيه
النصائح في الوقت المناسب أو إنشغال الأهل
بأعمالهم اليومية واهتماماتهم الشخصية مع
ترك الصغار لـ مربيات روضة الأطفال وهذا
لا يعيب أحد أو مدرسة التعليم الإلزامي أو
شاشات التلفزيون أو ما يحدث ويجري في ساحة
الحدائق وما بها من ملاعب للأطفال أو
العاب الأطفال والتي بلا مضمون نافع ..
وإنشغال الأباء بـأعمالهم واهتمامات
الأمهات البعيدة كل البعد عن تصرفات
الصبية وأعمال الشباب ..
ولعل منذ بداية لحظات احتجاز„.رفيقي.“
تذكرة طيران خط القاهرة ~ نابولي يظهر
بوضوح للمراقب مدى المغامرة التي سيقوم
بها .. لكن الرحلة بدأت!
والواقع العملي أن الحياة مدرسة باهظة
التكاليف للجميع .. لأن كل لحظة تمر تحسب
من عُمر الإنسان وتقربه لحظة من سن
الشيخوخة وقرب إنتهاء الأجل ! ..
حضَّرَ „رفيقي “ نفسه لرحلة مغادرة
إيطاليا ~ نابولي في قطار متجه إلى القطر
الشقيق النمسا .. لم يودعه أحد من نزلاء
الشقة العزابية فـ كلٌ منهم له مشاغله
وعنده ما يكفيه من همومه .. ولم يهتم أحد
بـ إعطاءه زاداوشرابايكفيه لرحلة تستغرق
عدة ساعات متتاليات .. فهو ليس مِن „
شلتهم “ .. إنه دخيل عليهم -فقط - زميل
دراسة لآحدهم! .. كما .. ولا ينتظره أحد
في محطة قطار الوصول „ ࢤيينا “ .
.. ركب القطار مِن المحطة العمومية في „
نابولي “ وقد عرف من قبل خط سير الرحلة
..إذ أنه سوف يُغَيِّر القطار في محطة
قطارات „ ࢤينيسيا“ لوجهته الثانية „النمسا
.. ࢤيينا “.. ثم لـ محطته الأخيرة
„لايبزج.. ألمانيا“ ..
نزل-كما روى لي -في محطة قطارات „ࢤينيسيا“
وسوف يبدل القطار المغادرة إلى النمسا
وسيكون بعد ساعتين تقريباً-لا يذكر
جيداًتوقيت المغادرة .. ولكنه صباحاً على
كل حال-وكل ما يذكره أن محطة القطار كانت
بالقرب من آحدى شواطئ البحيرة البيضاء
المتوسطية الجانب الأوروبي منها .. ونظر
ملياًلـ بحيرته البيضاء وتذكر مدينته
الجميلة الرائعة : „الإسكندرية“ .. وأخذ
ينظر بعين دامعة بعد أن تذكر أحداثا تمت
له وكأن معه شريط سينمائي سريع الحركة رصد
ما سبق فـ يعيد تذكره بالذي مضى .. صفحةٌ
في مسقط رأسه - بكل ما فيها - يطويها من
عمره .. وصفحة بيضاء جديدة في القارة
الأوربية يستفتح أول سطورها دون أن يكتب
حرفاً واحداً بعد .. كما أخذ ينظر بعين
الأمل والرجاء والتفاؤل لـ ما سيقوم به في
أُرُوبا مِن بناء كيانه العلمي .. وكله
طموح وإرادة في تحقيق ما سافر مِن أجله ..
وكأن شريط أحداث ماضيه - وإن لم يكن ذو
أهمية كبيرة - أستغرق معه - أمام النظر في
جزء من بحيرته - وقتاً طويلاً مر عليه دون
أن يشعر بالزمن .. وكذلك صفحة وردية قادمة
.. فـ انتبه ونظر لـ ساعته والتي اشتراها
من طرابلس الغرب إثناء راحة صيفية له
إثناء دراسته الجامعية .. فـ الوقت قد أزف
وعليه الإسراع بالعودة إلى محطة قطار
المغادرة .!..
.. دخل محطة القطارات العمومية .. وأخذ
ينظر لليافطة الرئيسية المعلقة في بهو
المحطة الكبير التي كُتب عليها مواعيد
المغادرة والقدوم .. فـ يظهر عليها اسم
محطة الوصول ومتى سيغادر القطار رصيف
وقوفه لــ يعرف على أي رصيف يقف قطاره ..
قطار المستقبل .. قطار العلم .. وبلمحة
خاطفة قرأ رقم رصيف المغادرة .. فـ اسرع
الخُطى .. نشطاً .. موفور الصحة .. شديد
العزيمة .. قوي الشكيمة .. الخطوة الأولى
في رحلة دراستة بأُرُوبا .. فـ كأن قطار
المغادرة ينتظره هو .. هو فقط دون سواه من
الركاب .. وما عاداه من المسافرين .. وتلك
خصوصية آخرى لـ „ رفيقي.“ .. سأتحدث عنها
لاحقاً .. في قادم الصفحات ..
.. أخذ يبحث عن مقطورة الدرجة الثانية ..
فهو لم يعتاد بَعد على الركوب في عربة
الدرجة الأولى والتي يتوفر فيها خدمات
خاصة .. مدفوعة الأجر .. والمجهزة لـ رجال
الأعمال أو أهل العلم لـ مراجعة ما لديهم
من بحوث أو النظر لـ مشاريع .. وكأنه ظن
بالفعل أن القطار له وحده .. مقطورة واحدة
يجرها جرار مجري وفق ما اعتاد عليه مِن
مصلحة السكك الحديدية المِصرية .. وكأن
آحدهم أخبره أن هناك يافطة صغيرة تُكتب
بجوار باب المقطورة تبين محطة النهاية ~
الوصول حيث أنه قطار دولي .. خشيةَ أن
يركب في المقطورة الخطأ .. وبالفعل وجد
يافطة بالقرب من بابركوبالقطار كُتب عليها
„ࢤيينا “ بـ الإنجليزي „.Vienna.“..
ويقال أنها سُميت بهذا الاسم لــ أن
حاكماً قديماً كان يعيش فيها ويدعى
„.ࢤيينس.“ .. كما ويقال أن فيينا هو الاسم
القديم للعائلة المالكة النمساوية
..والطريف أنه لم يثبت أي منهما على وجه
التحديد والدقة.. وتتعدد الروايات فـ
تختلف حول تسميتها ..
وهناك مَن يقول : أن أصل التسمية يعود
لمعنى مشتق من كلمة „ࢤيينا“ الألمانية
„Wien“ والطريف أنه بتغيير ترتيب الحروف
تأتي كلمة : „Wein“ .. المشروب المُفضل
على موائد المطاعم الراقية والبيوت
المتمسكة بالعادات والتقاليد في المناسبات
الهامة مع افراد العائلة والضيوف
إثناءتناول وجبة الغذاء / العشاء سواء
أكان المشورب المقدم النبيذ الأحمر مع طبق
من اللحوم أو الأبيض مع وجبة أسماك
..عُرفٌ وتقليدٌ حسب مستوى العائلة أو
رُقي المائدة .. أو ما يطلق عليه „آداب
وعادات تناول الطعام“„Tischmanieren“..
ولـ كل قوم أو شعب أو قبيلة عادات وتقاليد
تلتزم بها وقت شُرب الشاي أو احتساء فنجان
من القهوة .. أو تناول وجبة الطعام : سواء
أكان فطور / غذاء / عشاء وفق البيئة أو
المناخ أو حسب الدين والعقيدة ..
.. فـ هل الكلمة .. „ࢤيينا“بـ الألمانية
„.Wien.“ .. بالفعل مشتقة مِن اللغة
السِلتية [(celtic )] مِن كلمة
„.Vindobona.“ .. هذه الكلمة المركبة مِن
الكلمتين :„Vindo“بمعنى أبيض.. و :
„Bona“بمعنى اساس أو جبهة .. لـ يصبح
المعنى الكامل لـ اسم مدينة وصول „رفيقي“:
„الأساس الأبيض“.. وهذا تيمن محمود .. أو
: „الجبهة البيضاء“ وهذه بُشرى سعيدة
موفقة .. آحدى مقدمات بُشريات القدوم ..
وتفاؤل مرغوب فيه .. مع حُسن تفاؤلات
الأحداث القادمة.. ونبؤة لعلها تصيبه
بالخير.. كـ جميل تنبؤات الغيب ..
بـ تحرك جرار القطار .. ستبدء وتكون لـ „
رفيقي “غربة .. كما يصيح المسافرون
الغرباء حين يوضع طرف القدم اليمنى على
أول سلم قطار المسافرين أو فوق أول درج من
سلم الطائرة فـ يصيحون بصوت من الأعماق
مسموع :„يا غربتي بدأتِ “..وستكون كذلك ..
إذا كانت بـ - الفعل - ابتعادا عن الأهل
والبيت والأصدقاء والمعارف .. و ..
الحبيبة .. وستكون بهجة إذا ما قادتهرحلته
إلى ما تحقيق ما حلم به منذ تخرجه من
جامعة„ الإسكندرية “.. وفي النهاية هو
مجبر على تحويلهذا الحلم إلى حقيقة .. لــ
تحقيق رغبة والده حين اراد أن يحمل ابنه
الوحيد درجة „. دكتور “ .. فقد كان يرسل
لـ إبنه خطابات قبل قبوله بجامعة „ لايبزج
“ تبدء بعد السلام والتحية والتبريكات بـ
„ حضرة الدكتور “ أو „ سعادة الدكتور “ أو
„ سيادة الدكتور “ .. تشجيع كبير جداً ..
وكذلك لـ تحقيق ما تمناه ورغب فيه بل ما
أراده .. كان حلما في ليالي صيف مدينته
الساحلية .. فــ خاطراً على البال يراود
خياله فيفرحه .. فــ احتمالاً يسعى الأن
قبل مغادرة القطار مدينة المغادرة لـ
تحقيقه .. ثم اضحى حقيقةً لا خيالاً إذسـ
يضع قدميه في أُرُوبا لـ بداية تحضير
دراساته العليا .. بل وضع قدميه بالفعل في
القارة الأوربية .. منتهى البعثات
التعليمية للخارج من القطر المِصري .. وسـ
ينفق بـ سخاء مِن عمره أربع سنوات على
دراسته .. لن تزيد ثانية واحدة .. وهذه
ستكون لي وقفة آخرى من حيث صدق روايتي عن
حكايته ..
„ رفيقي “ ترك المحروسة رغبةً في العلم ..
ليس لـ جمع المال والحصول على الثراء ..
أو بحثاً عن الشقراء الهيفاء البيضاء ذات
العيون الزرقاء .. أو للتنزه والفسحة
والاسترخاء .. بل للجد في الدراسة وسهر
الليالي في المذاكرة وتحصيل للعلم النافع
..
.. دخل مسرعاً في مقطورة القطار .. والتي
كُتببالقرب مِن بابها „Vienna“ .. ثم بحث
بلهفة عن كابينة فارغة كي تخصه هو بمفرده
.. فـ وجد آحداها لا يوجد بها مسافر ..
وبدء يضع على المقاعد الست لوازمه - مع
قلتها - والتي معه كي يُعطي إشارةً للمارة
أنَّ الكابينة محجوزة لـ عديد من الافراد
وكاملة العدد ..
.. جلس بـ جوار الشباك في اتجاه سير
القطار .. وبدأ يشعر أنَّه يتنفس بصعوبة
بالغة .. ضاقت رئته في استقبال هواء نقي
محمل بـ رذاذ منعش آتى من البحيرة
المتوسطية البيضاء .. وتخنت كثافة الهواء
المار مِن بين فتحتي أنفه فـ لا يتمكن
براحٍة من استنشاق عبير صباح جديد - بكل
ما تحمل هذه الكلمة (صباح جديد) من معانٍ
- .. والذي لفحته شمس الضحى الرقيقة
الإيطالية .. وقبيل مغادرة القطار محطته
الأولى .. فتح الشباك وكان نصفه يسمح له
بالنزول .. وكأنه ينظر للغيب .. ينظر للغد
.. ينظر لــ مستقبلٍ تحوطه الضبابية من كل
جانب .. ويأتيه الغموض من كل صوب .. غيبٌ
غامضٌ يرهق من يملك قوة وعضلات مفتولة ..
يفت في عضد أولي الشدة والعزم والبأس ..
لكن لا يوجد مفر .. أُرُوبا فتحت كلتا
ذراعيها لـ رفيقي فقد بدأت عجلات القطار
تتحرك ببطء شديد كـ حالة تنفسه في سحب
الشهيق إلى رئته .. فـ لا انتظار .. ولا
عودة .. فقد دق ناظر محطة المغادرة
„ࢤينيسيا “ جرس السماح بتحرك القطار إلى
„ࢤيينا “
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
الإثنين : 10 فبراير 2025 م.
68.السفر
إلى أُرُوبا
إيطاليا .. المحطة الأولى في رحلة بناء
كيان إنسان المستقبل : „ نابولي “
قرر „ رفيقي “ بعد مناقشة هادئة مع والده
في منزله القاطن في شارع صفية زغلول ..
بالقرب مِن ميدان محطة الرمل.. حين تقلع
الترام المتجه إلى „ سيدي بشر “.. وبعد
استشارة زملاء أبيه في مكتب المحاماه
القابع بشارع سعد زغلول أمام محل البن
البرازيلي المشهور .. والنصيحة بمغادرة „
الإسكندرية “ للسفر إلى „ سالتزبورج “
شمال النمسا .. ومنها يتجه إلى „ لايبزج“
بـ ألمانيا .. مع إبداء - صراحةً - رأيه
في عدم رغبته البقاء في وظيفته في مدينة
دمنهور .. خاصةً العمل تحت إدارة مديره „
أبو جوزة هندي صناعة بلدي “ .. حافيَّ
القدمين عابثاً بأصبع السبابة بـ يده
اليمنى فيما بين أطراف قدمه اليسرى ممسكاً
بعصا شيشته بأطراف يده الشمال .. وقد قصد
„ رفيقي “„ شيشة يسحب من خلالها محروق
معسل التفاح بسحابة رمادية تعدل المناخ
وتصلحه في صباحشمسٍ مشرقة .. أقصد الحصول
على المزاج الرائق على الريق “ .. فقد قرر
مغادرة القُطر المِصري بعد أخذ موافقة
خطية من أبي „ جوزة (!)“ بإجازة لمدة سنة
من وظيفته تسمح له بالسفر متجهاً إلى
نابولي بعد أن نصحه زميل دراسة معه كان
يرغب هو كذلك في إكمال دراسته بالخارج ؛
فأخبره أن هناك -في نابولي- .. كــ محطة
أولية .. أصدقاء له يعملون في مطاعم „
البيتسا “ على الفحم .. يمكن لـ „ رفيقي “
البقاء عندهم عدة أيام وسوف يساعدونه لـ
يتحصل على تأشيرة دخول الأراضي النمساوية
المتاخمة لـ دولة ألمانيا .. ثم مِن مدينة
„ سالتزبورج “ الواقعة على الحدود بين
الدولتين كما أخبره زميل لوالده بذلك ؛
دون علمه أو إخباره عن كيفية دخوله لــ
ألمانيا .. إذ أنه مُنع مِن الحصول على
تأشيرتها في دولته الأم مِصر „ أُم الدنيا
“..
فــ هل سيدخل تسللاً مِن بين أشجار
غاباتها والتي تبلغ 90 مليار شجرة!؟ ؛ إذ
أن الغابات الألمانية تغطي مساحات مِن „
بحر الشمال “ حتى جبال „ الألب “ ؛ ومن
مناطق „ آيفل “إلى مناطق „ سويسرا زاكسن“
.. وتلك الغابات تعتبر أسطورة الأدب والتي
تأتي الحكايات دائما والروايات على ذكرها
والأغاني والأشعاروالتغني بها ؛ وتبقى
الغابة في ألمانيا ملجأً طبيعياً للجميع
!؟..
فـ هل سيتمكن „ رفيقي “ من إجتياز تلك
الغابة الفاصلة بين النمسا وألمانيا !؟
للــ الوصول إلى غايته وهدفه من
الرحلة!؟..
وهل يوجد بالفعل غابات حدودية بين النمسا
وألمانيا!؟يعني بين مدينة سالتزبروج
السياحية ومدينة ميونخ أول محطة داخل
المانيا!؟..
وهل توجد بالفعل أو لا توجد أصلاً ..
دوريات شرطية أو أمنية لحفظ أمن البلاد من
التسلل الغير مرغوب فيه عبر الحدود
والهروب إلى أراضيها من البلاد المجاورة
!؟..
أم أن أُرُوبا فاتحة ذراعيها للشاب السمر
الوسيم الأقرب شبهاً مِن الممثل العالمي
المشهور ذي الأصول الدمشقية المولود بـ
الإسكندرية :" ميشيل ديمتري شَلْهُوب " ..
ودرس في كلية فيكتوريا .. ذلك أن „ رفيقي
“أكثر شبهاً مِن : „ عُمر الشريف “ ..
الذي أسلم لـ يتزوج مِن سيدة الشاشة
الفضية المِصرية فاتن حمامة .. فـ أتساءل
هل توجد دوريات أمنية أو شرطية .. إذ أن
الحدود الألمانية النمساوية - وهي حدود
سياسية - تبلغ: طولها ما يقترب مِن 815.9
كيلومتراً
Die Grenze zwischenDeutschland und
Österreich
ولعل من الفائدة أن الولايات النمساوية
الواقعة على الحدود بين الدولتين تصل إلى
( 6 )مقاطعات وهي :
النمسا العليا - Oberösterreich
فورارلبرج -Vorarlberg
تيرول -Tirol
سالتزبورج - Salzburg
وتلك المدينة السياحية الآخيرة لعلها
الأقرب للحدود الألمانية الجنوبية !..
وهذا التعقيد أو - قل الدقة في التعبير-„
المجازفة “أو „ المخاطرة “ .. يعود إلى ما
بعد أن ظهر للجميع صعوبة بل استحالة
الحصول على تأشيرة صحيحة من قنصلية
ألمانيا بالإسكندرية لدخول الأراضي
الألمانية بسبب ما حدث بما أطلق عليه „
عملية ميونخ “ : والتي تم من خلالها
احتجاز رهائن إسرائيليين وقد حدثت أثناء
دورة الأولمبياد الصيفية المقامة في
ميونخ.. وهي عمليةتمت ما بين„ 5 إلى 6 مِن
سبتمبر سنة 1972م“نفذتها منظمة أيلول
الأسود(!) .. وقد تم تجهيز لائحة تضم أكثر
من مائتي أسير مِن بينهم أسماء أسيرتين
مغربيتين فرنسيتين اللتان اعتقلتا أثناء
تهريبهنَّ سلاحاً لصالح الجبهة الشعبية ..
وكذلك ريما عيسىوتيريز هلسة اللتان
اعتقلتا في عملية خطف طائرة سابينا 572..
وكذلك كوزو أوكاموتو مِن الجيش الأحمر
الياباني والذي نفذ مع رفاق له عملية مطار
اللد والضباط السوريون الخمسة الذين
أسرتهم إسرائيل مع ضابط لبناني يوم 21
يونيو سنة 1972م، وبأن يؤمن نقلهم إلى أي
دولة عربية. ثم باقتراح من أبي داوود ..
أضيفت للقائمة اسمي أولريكه ماري
ماينهوفوأندرياس بادر، من مجموعة [بادر
ماينهوف] الراديكالية الألمانية،
المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني،
المحتجزان في السجون الألمانية ..
وأخيراً : كان مطلبهم الإفراج عن 236
معتقلاً في السجون الإسرائيلية معظمهم من
العرب بالإضافة إلى كوزو أوكاموتو من
الجيش الأحمر الياباني. انتهت العملية
بمقتل 11 رياضياً إسرائيلياً و5 مِن منفذي
العملية الفلسطينيين وشرطي وطيار مروحية
ألمانيين.. وذلك بعد أن تقدم سعيد السبع
(أبو باسل) رئيس المجلس الأعلى لرعاية
الشباب الفلسطيني برسالتين إلى اللجنة
الأولمبية الدولية يطلب فيها المشاركة
بوفد فلسطيني في بطولة الألعاب
الأولمبيةفي بداية عام 1972 م .. إلا أن
الحكومة الألمانية رفضت الطلب الفلسطيني
في تلك الفترة..
وكنتُ اسمع „ رفيقي “ يقول دائماَ : „
علينا إعادة قراءة التأريخ دون التأثر
بالأحداث الجارية مع إفراغ الذهن مِن
شواغل آنية وأحداث جارية وإبعاد أي خلفية
سلبية كانت أو إيجابية بمعنى قراءة
التاريخ بحيادية ! “
ثم يقول بوجوب : „ إعادة النظر بدقة
متناهية فيما أطلق عليه السلفية الجهادية
ولعمليات الفدائية أو ما يسمى بـ
الاستشهادية !".. “ .. ثم ذكر لي أمثلة لا
أذكرها الأن ! ..
.. وهذا فـ لم تتمكن كثير من الحركات
الجهادية أو الفدائية وحتى الجماعات
الإسلامية والأحزاب السياسية مِن التخلص
من القراءة الخطأ .. للـ تاريخ أو لسيرة
نبي افسلام..!؟؟؟.. إذ أنها متأثرة
بالواقع الآني .. ولا تُحسن أن تقرأ
التاريخ بـ موضوعية وشمولية وإنزال النصوص
الشرعية على الوقائع الحالية .. وبالتالي
لا تفكر بإستقلالية عن مجرى الأحداث
الآنية وهي المتغيرة دائماً والمتقلبة
دوما كـ النهاريين والقمرين والفصلين :
الشتاء والصيف مع ملاحظة نتائج الأفعال أو
التصرفات والأقوال !..
والمصيبة أن تتشابك مصالح الأفراد كـ
مسألة „ رفيقي “ في رغبته في أتمام
دراستهالعليا بآحدى جامعات ألمانيا والتي
قررت الحكومة - آنذاك - أتخاذ مثل هذه
الإجراءات المتشددة .. فتـتشابك مصالح
الأفراد الأبرياء مع الوضع السياسي القائم
بين الدول وسوء العلاقات الدبلوماسية بين
الحكومات .. إذ أن „ رفيقي “ لم يتمكن من
تسجيل اسمه في الدراسات العليا بـ آحدى
كليات جامعة „ لاييزج “ .. وإجراءات
التسجيل قد تطول بعض الوقت وقد يمر صيف
ذاك العام 1976م .. ويبدء العام الدراسي
الجديد دون تمكنه من الحصول على قبوله كــ
طالب منتظم مع إنتظار إيصاله خطاب التسجيل
بالبريد .. كما ولم يتمكن من تحصيل خطاب
رسمي - ولعل هذه مسألة ثانوية - باسمه من
شركة أو مصنع بـمِصر لـ يسهل دخوله لشراء
معدات وآلات منألمانيا يحتاجها المصنع
نتيجة خشية المسؤولية أن تقع على ذلك
إدارة المصنع أو مالك الشركة .. ولعل هذه
الإجراءات تعود لما ترتب على „ عملية
احتجاز رهائنبميونخ عام 1972م“..
وسبحان مغيَّر الأحوال ومبدل السياسات
ومعدل المزاجات ! ..
هنا :
ينبغي أن ندرك أنني أتحدث عن رحلة „ رفيقي
“ والتي كان مخططا لها في بداية صيف
1976م(!)..
على العموم هكذا كان التخطيط وهو على
البركة(!)والمجازفة والمخاطرة والتواكل(!)
وليس الأخذ بـ الأسباب المتاحة ثم التوكل
.. فـ يشد العزم ويبدء رحلته من الأراضي
النمساوية إلى „ لايبزج„ “ ليكمل دراسته
العليا بآحدى جامعاتها .. والتواكل أو على
البركة : أنه غادر الإسكندرية إلى ميناء
القاهرة الدولي دون أن يعلم عنوانها بدقة
ودون أن يدرك مكانها بالضبط أو يحدد اسمها
بالتفصيل .. وهذا - لعله - تمشياً مِن
القول السائد البركاتي „ إللي يسأل ما
يتهوش “ فيبدء مشوار دراسته العليا مِن
الجنوب - إيطاليا- لسهولة الحصول على
تأشيرتهالـ دخول القارة الأوروبية - بلاد
الفرنجة- .. ومعنى لفظة „ فرنجة Franks “
هو الحر .. والظاهر أن زميل „ رفيقي “
أعطاه عنوان طباخ مطعم الــ „ بيستا “ على
الفحم !..
وكنتُ أتساءل في قرارة نفسي دون الإفصاح
عن ما يدور بـ خلدي : لو (!) أن „ رفيقي “
تم القبض عليه على الحدود ولم يتمكن من
الدخول لأراضي ألمانيا .. ورُحِلَّ إما
إلى إيطاليا موضع قدمه الأول في رحلته أو
النمسا محطته الثانية وفشل في دخول دولة
ألمانيا .. ماذا سيكون مصير الرحلة
بأكملها !؟؟ ..
فشلٌ ذريع وإخفاق مرعب لا يتحمله شابٌ لين
العود .. طري الغصن .. ضعيف الجذور!! ..
وعلى كل حالٍ أكمل السرد والمسيرة مع رحلة
شاب يرغب - دون قوة الإرادة في تلك اللحطة
وقد تظهر في قابل الأيام ومع مرور ثقل
الأحداث على عاتقه فتزيده قوة وحماساً
وتثقل إرادته - في بناء مستقبله! ..
..
البحث عن الحقيقة والذات :
بعد أن بدء „ رفيقي “ الدراسة في الغرب
أبدى أهتماماًبالغاً بمعرفة تاريخ القارة
العجوز .. بدءاً بـ المنطقة التي يعيش
فيها ..فـ أراد أن يعرف عادات وتقاليد
وعُرف تلك البقعة التي يسكنها أو التي هي
عند موضع قدميه .. بل وصل الحال أنه يريد
معرفة معنى اسماء الزملاء الأُولى أو لقب
العائلة والمعارف في كليته وأصلها في لغة
المتحدث وخطابه .. ولعل هذا يعود إلى لقبه
هو ذاته واسم عائلته .. إذ يظهر - لي -
أنه ليس من الأسماء المتداولة أو المعروفة
والشائعة بالقطر المِصري ..
فـ منذ إنتهائه مِن مرحلة التعليم
الإعدادي وفق نظام التربية والتعليم
المِصري - وقتذاك -إذ أنه من الطريف في
ثمانيات القرن الفائت اصدر وزير الداخلية
المِصري قراراً وزارياً.. ينص على أن مَن
يحمل لقب طير : كـ عصفور أو حمامة أو صقر
.. أو حيوان : ديب (ذئب) أو بهايم والفيل
أو القط ..أو لون : كـ الأزرق أو الأحمر
أو الأبيض .. مَن يحمل لقب من هؤلاء ..
عليه أن يثبت أن جده حصل على شهادة ميلاد
مِصرية .. أو أن عائلته لديها شهادة وفاته
وإذن بدفنه عليهما أو آحداهما علامة النسر
الحكومي .. الطريف أن جد „ رفيقي “ ليس
لدى العائلة ما يثبت أنه مِصري المولد أو
الجنسية سواء بشهادة ميلاد خاصةً في تلك
الحقبة .. أي الفترة ما بين 1800 إلى 1900
الميلادية .. أو العائلة لديها شهادة
وفاته أو أنه دفن ويملكون شهادة تحمل
النسر رمز الدولة الناصرية الخالدة ..
..
وقد تساءلتُ كثيراً.. لماذا لم يأخذ „
رفيقي “ برأي زميل والده بالذهاب مباشرة
إلى النمسا ثم مِن بعد ذلك يتركها في
طريقه مغادراً إلى الأراضي الألمانية!؟ ..
ولعل هذه المرحلة المبكرة مِن حياة „
رفيقي “ العملية يشوبها الكثير مِن
الضبابية ويعتريهاالغموض وقل -إن شئتَ -
سوء التخطيط أو إرتجالية التنفيذ وعدم أخذ
صحيح المواقف ويظهر بوضوح ضعف دقة
القرارات.. أو كيفية تنفيذها ..
ولم أكن ملازماً له إصناء إتخاذ هذا
القرار .. فقد كان عليَّ أن أقوم بخدمة
العلم المِصري .. ثم بعد ذلك تم تعيني
بمحافظة أسيوط وإن كنتُ كـ „ رفيقي “من
سكان الإسكندرية..
-*/*
حجز „ رفيقي “ تذكرة طيران بعد أن تحصل
على تأشيرة صالحة لدخول الأراضي الإيطالية
؛ ووصل إلى ميناء „ نابولي الدولي “ على
متن الخطوط الإيطالية„ Alitalia “ .. ولا
أدري بالضبط .. إذ أن „ رفيقي “ لم يخبرني
كيف وصل إلى منزل طباخ البيتسا بأحد أحياء
نابولي الشعبية .. أو أن آحدهم تبرع
مشكورا بإحضاره من المطار إلى الشقة! ..
وكان ظاهر للعيان تماماً.. خاصةً مَن يشتم
بـ الأنف الخالية من الزكام .. أن الشقةَ
.. شقة „ عزابية “ .. وذات رائحة متميزة
خاصة .. لعلها مِن نوم عدة شباب في غرفة
واحدة مع قلة أو سوء التهوية! .. وتراكم
ملابس مبللة بالعرق فوق بعضها البعض على
حيطان الغرفة ؛ وشرابات لم تخلع من
اقدامهم منذ إسبوع ألقيت في كل اركان
الغرفة .. وأحذية رياضية ماركة „ باتا “
استهلكت من كثيرة المشي في حواري وأزقة
نابولي بحثا عن عمل أو لقتل أوقات الفراغ
ثم دفن الوقت في مزبلة النسيان .. أو مِن
كثيرة الوقوف في مطبخ المطعم ذي الأرضية
المبللة دائما بماء غسيل الصحون .. وأنتَ
ترى أكياس ممتلئة شبة مغلقة لا يدري
القادم للشقة للتو ما بها .. وتلمح جرائد
: الأهرام والجمهورية قديمة الإصدار ..
قِدم مجيئهم لسكنى تلك الشقة .. وبعض
المجلات سيئة السمعة تصلح لتنفيس مشاعر
محرومةأوما بداخل شباب من طاقات مكبوتة!
بيد أن الهام والمهم أن إثناء تواجد .. „
رفيقي “ بشقة „ طباخين البيتسا “ على
الفحم .. إذ أنهم كانوا مجموعة من الشباب
المِصري يتناوبون فيما بينهم التواجد
والعمل في المطعم الإيطالي .. والظاهر أنه
كان في الحي الراقي النابوليني .. والطريف
أنه كان يتعشي شبه يومياً بيتسا من صنع
أيديهم .. وكل مرة مُشَكلة بتوليفةٍ جديدة
.. ولم يكن أحد يسأل الذي أحضرها : هل
مكوناتها من„ Schinken“إذ أن الغالب إذ لم
يذكر بها نوع اللحم سيكون من لحم الخنزير
.. المحرم عند اليهود قطعاً .. وعند البعض
ظناً .. وعند الآخرين لا يوجد فرق بين لحم
ولحم فالمعدة تهضم الزلط أو العمل عمل
وتصنيع بيتسا بلحم الخنزير يأكلها من يرغب
فيها وليس لخابزها دخل في مذاق الطاعم !..
-*/*-
وذاتَ عصرٍ وهو .. أي „رفيقي “ بمفرده في
الشقة العزابية يفكر ملياً كيف سيتصرف „
طَبَّ“ عليه: شاب أسمر وسأله عن آحدهم ..
بذكر كُنيته „ أبو الرجال“دون اسمه الأول
ولم يكن تعرف تماماً عليهم فرداً .. فرداً
.. فقال „ رفيقي “ له على وجه العموم :
„إنه مازال في المطعم بيشتغل!“..
فقال الشاب الأسمر : „ أنا أبو حامد ..
وهُمَّ - وقصد الشباب - يعرفوني كويس أوي
.. وأنا راح أنزل اروح مشوار .. وراح أسيب
شنطة هدومي هنا .. وراح أرجع بعدين ! “ ..
ثم ألتفت الشاب الأسمر „أبو حامد “ إلى „
رفيقي“ وسأله وهو على باب الشقة : „أمال
إنتَ تبقى مين!؟؟“..
وكأنه لم ينتظر إجابة فغادر المكان دون
سماع الإجابة!
فـ لم يتمكن „ رفيقي “ من الإجابة بـ نعم
أو لأ .. إذ أن المدعوأبا حامد ترك شنطته
وهي كانت كبيرة نسبياً وغادر الشقة وتعلوه
ابتسامة رقيقة .. وهو كان طيب رقيق تعلو
وجهه دائماً خلال هذا اللقاء السريع
ابتسامة عريضة وصوت هادئ حنون!
ثم عاد أبو حامد بعد عدة ساعات وقد وضح لي
آحدهم أن تاجر ملابس يشتريها من إيطاليا
ويسافر بها إلى النمسا .. ثم حين علم مِن
الآخرين نيتي في السفر النمسا خاصة مدينة
„ ڤيينا “ فنبهني أننا سوف نتقابل في „
مصلى “ بالدور الثاني في :"
Afro-Asiatisches Institut in Wien ..
وعنوانه شارع الأتراك :Türkenstraße 3 ..
ووضح لي أنه بالقرب من مبنى الجامعة
الفييناوية العتيق ؛ حيث أنني - هناك -
سأقدم أوراقي الثبوتية الجامعية في هذا
المبنى .
وهذا الـــ „ مصلى “سيكون له دورٌ هام
وكبير في قصة حياة „ رفيقي “ المستقبلية
.. وخاصة في المرحلة الأولى من تواجده في
عاصمة الألب „ ڤيينا “ ..
نسيت أن اقول أن „ رفيقي “ لم يكن يفكر في
العمل معهم في مطعم البيتسا فقد كان جُل
همه الحصول على فيزا دخول الأراضي
النمساوية ثم يرحل .. يتسلل بهدوء إلى
ألمانيا!؟..
ولربما يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول
الأراضي الألمانية من سفارة أو قنصلية
ألمانيا في عاصمة النمسا ..
فبعد عدة أيام تحصل على عنوان القنصلية
النمساوية في نابولي وذهب ليتحصل على
تأشيرة دخول النمسا ؛ وبالفعل تحصل عليها
دون تعقيدات إدارية أو أسئلة .. بعد
تقريبا أسبوعين -ولا أدري سبب بقائه كل
هذه المدة - حجز تذكرة في القطار المتجه
إلى عاصمة جمهورية الألب „ ڤيينا “ .. ولم
يكن مع „ رفيقي “ سوى „ كيس للنوم
“Schlafsack.. هذا مما تبقى له من رحلاته
إلى باريس فرنسا ؛وشنطة قماش تحمل على
الكتف بها شهاداته الدراسية ! ..
..
ورحلة „ رفيقي“ المزمع القيام بها مغادراً
إيطاليا والتي في نيته السفر في نهاية
المطاف إلى مدينة„Leipzig “ والتي تقع في
الشمال الشرقي من ألمانيا ستكون من محطة
عموم قطارات مدينة نابولي فـ ميلانو
„Mailand - Milano“ والواقعة في الشمال
الغربي لإيطاليا مروراً
بـاَلْبُنْدُقِيَّةُذات الـ 6 مقاطعات ثم
محطة وقوف بـ ميناء- ڤينيتسيا „- Venedig-
Venezia “ الواقعة على قمة الخليج
الإدرياتيكي ؛ وكانت تعرف باسم „ ملكة
البحر الأدرياتيكي“وتبديل القطار المتجه
إلى الحدود الجنوبية النمساوية مروراً بـ
.„Verona “. ثم مدينة .„ Graz“بالأراضي
النمساوية وبدلاً من الذهاب إلى „
Salzburg“ومن بعدها „ München“ ثم „
Nürnberg“ مرورا بــ „ Dresden“ ثم
النهاية بمحطة قطارات مدينة„Leipzig “ ..
كانت نهاية الرحلة .. الجزء الثاني منها
إلى عاصمة النمسا „ ڤيينا “„ WIEN -
Vienna“ ..
العديد من الأسئلة لم يتمكن „ رفيقي“ من
الإجابة عليها بوضوح ؛ وهي الأسئلة
البينية بين محطة وصول وآخرى للمغادرة ..
لعل أولها : كيف سيتمكن من المرور بالقطار
وهو لا يحمل تـأشيرة دخول للأراضي
الألمانية !؟..
أو السؤال الثاني : كيفية الهروب ..
التسلل .. المرور على الأقدام بين الغابات
الحدودية والتي تقع بين النمسا وألمانيا
ولعله لم يفكر في تلك الأسئلة لذا لا تجد
لها في ذهنه ثمة إجابات! ..
ولعل ما زال يرن في أذنيه بصوت أمه الحنون
:
„ مَن زنى في غربته أرجعه الله خائباً “
...
„ من زنى في غربته لن يعود سالماً وإن عاد
سالما لن يعود غانماً“ .. لم أجد حديثا
بهذا اللفظ!
وذكر علي القاري في كتابه المصنوع حديثاً
بلفظ: „ مَن عصى الله في غربته رده الله
خائباً “ .. وقال مُلا القاري: لا يعرف له
أصل...
وهذه القضية من القضايا الشائكة والتي يقع
في براثنها الكثير من الشابات والشباب ؛
والأصل في المهتمين بشأن الشباببجنسيه عرض
نصوص مسائل هذه القضية بالتفصيل!..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
« 68 : الأفرنج ».
«وَرَقَةٌ مِنْ ڪُرَاسةِ
إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ».. كُتبتْ في « فيينا
Vienneلحظة إطلالها علىٰ الدانوب الأزرق»
« „رُوَايَّةُ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ“
»
الأحد : ٢٠ رجب 1446 هــ ~ 19 يناير
2025م.