أبحاث تمهيدية
حُرِّرَفي العام١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ 13/
شوال
مِن حُسن المطالع وطيب المواقع أن أكتب عن
موضوع الزواج في شهر شوال من العام 1446
الهجري ..
إذ ..
يُستَحَبُّ التَّزَوُّجُ والدُّخولُ في
شَوَّالٍ ما أمكَنَ لذلك سبيلاً .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
۱ . ) عن عُروةَ، عن عائِشةَ رضي الله
عنها ، قالت : « „ تَزَوَّجَني رَسولُ
اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في
شَوَّالٍ ، وبَنى بي في شَوَّالٍ ، فأيُّ
نِساءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم كان أحظى عِندَه مِنِّي؟ “ » ؛ قال
: « „ وكانت عائِشةُ رضي الله عنها
تَستَحِبُّ أن تُدخِلَ نِساءَها في
شَوَّالٍ “ » .
٢ . ) كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم قد تزوج بأم المؤمنين السيدة أم
سلمة رضي الله عنها في شهر شوال .. فـ
كانت تقول: « „ ما بأس في النِكاح في شوال
والدخول فيه “ » ؛ فــ : « „ قد تزوجني
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في
شوال ، وَأَعْرَسَ بي في شوال “ »
بيد أنه
۳ . ) قد ذكرت كتب السيرة أن النبيَّ صلى
الله عليه وسلَّم عقد لـ فاطمة بنتِه
عَلَى عليِّ بن أبي طالب بعد بنائه بـ
عائشة بـ أربعة أشهر ونصف الشهر ، وحيث قد
علَّمنا أن زواجه وبناءه بـ عائشةَ كان في
شوال فـ يكون زواج فاطمة في شهر صفر ،
وذكر بعضهم أنه كان في أوائل المحرّم..
ــــــــــــــــــــــ
لم يختلف ذوو الكلمة واصحاب الرأي من
العقلاء واهل التبصرة من أصحاب الفهوم على
أن النِّكاح [(وهي لفظة قرآنية)] أمر
مرغوب .. وأن الزواج أمر محبوب .. لذا
وجدت أحكام الأحوال الشخصية .. والزواج
والأحوال الشخصية لفظتان حديثتان ..
خلق الله الإنسان، وجعل منه الذكر والأنثى
، وركب في كل منهما غريزة ميل طبيعي لـ كل
واحد منهما للآخر : غريزة النوع .. ومن
هنا فـ العاقل السوي لا يرغب عنه عادة ،
ولحظة أن تم واكتمل خلق الإنسان الأول
خُلقتْ بـ جواره زوجه ورافقته اينما حلَّ
ورحل .. إلا قليلاً .. وكلمة إنسان جاءت
مِن الإنس أي خلاف الجن .. أو من الأنس أي
خلاف النفور ، والإنسي لكل ما يؤنس به سمى
الإنسان بذلك ؛ لأنه خلق لا قوام له إلا
بأنس بعضهم ببعض ؛ فـ الإنسان مدني بالطبع
من حيث لا قوام لبعضهم إلا ببعض ولا يمكنه
أن يقوم بجميع أسبابه وقضاء جميع مصالحه
بمفرده . وقيل سُمى بذلك لأنه يأنس بكل ما
يألفه.. فإن من حِكم الله تعالى ذكره أن
خلق البشر مختلفين - خلق ذكرًا وأوجد أنثى
- وجعل لكل منهما مهمته الخاصة به في
مضمار حياته .. بل يوجد تغيير ظاهر في
التركيبة الأصلية لكل منهما.. لـ تحقيق
المنافع الدنيوية والمصالح الأخروية
وتكثيرها ، ودفع المفاسد والمضار وتقليلها
، كما شَرع سبحانه وعزَّ شأنه ما ينظم
العلاقة بين الجنسين ، على أساسٍ من
التكامل والتوافق وليس التناحر
والنِّدِّيَّة ، لذا حثت الشريعة الغراء
السمحاء على إقامة العدل بين الرجل
والمرأة. فـ .. العدل في التشريع والإسلام
بمثابة الروح التي تسري في جنبات الحياة ؛
فما مِن تشريع في الإسلام إلا وهو قائم
على العدل ؛ لذا جاء الأمر به صريحًا في
القرآن الكريم ؛ يقول الله تقدست أسماؤه:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾
.. ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ
كَانَ ذَا قُرْبَ ﴾ وفي النص القرآني يأمر
الله تعالى ذكره بالعدل في الفِعال
والمَقال ، على القريب والبعيد .. والله
تعالى شأنه يأمر بالعدل لكل أحد .. في كل
وقتٍ وزمان وفي كل حال ومكان ..
وقد تجلّت مظاهر العدل بين الرجل والمرأة
في جوانب عدة .. مِن أبرزها .. وهو موضوع
هذه البحوث :
* . ) العلاقة الأُسرية .. وما يترتب على
علاقة الرجل بالمرأة :
فـ الناظر إلى العلاقات الأسرية وما يترتب
عليها في التشريع الإسلامي يرى بـ وضوح أن
من أهم سماتها ومميزاتها وقوامها : العدل
بين الذكر والأنثى في الحقوق والواجبات
والإلتزامات ؛ وفي هذا المعنى يقول الله
تعالى ذكره : ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي
عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ﴾ .. وتعد هذه
الآية من أوائل ما نزل في الإسلام في بيان
العلاقة بين الذكر والأنثى .. بين الزوجين
.. والقائمة على إعطاءِ كل ذي حقٍّ حقه ..
بغض النظر عن جنسه أو نوعه ..
فـ يؤكد الراغب الأصبهاني هذا المعنى
بقوله: “ يتبين أن لكل واحد على الآخر
حقًّا كـ حق الآخر ، فمما تشاركا فيه
مراعاتهما للمعنى الذي شرع لأجله النِكاح
وهو : طلب النسل ، وتربية الولد ، ومعاشرة
كل واحد منهما للآخر بالمعروف والحسنى ،
وحفظ المنزل ، وتدبير ما فيه ، وسياسة ما
تحت أيديهما ؛ حماية كل واحد على الآخر
بقدر جهده وحده ..
فـ كما أن على النساء واجبات تجاه أزواجهن
، فإن الآية مصرحة بأن لهنَّ حقوقًا قبل
أدائهن لهذه الواجبات .. بهذا الميزان
الدقيق ضَربت الآية أروع الأمثلة في
التعاملات الأسرية بين الرجل والمرأة ..
فـ انكشف بذلك زيف الحضارة المادية
الحديثة التي لم تجعل للمرأة حقوقًا أصلًا
، وإنما عاملتها على أنها سلعة للاستمتاع
، تباع وتشترى كما السلع الأخرى.
ومما يسترعي النظر في الآية الكريمة لفظة
﴿مِثْلُ﴾ وما تضمنته من التسوية بين
الجنسين في الحقوق والواجبات ..والمعنى :
المساواة في جملة الحقوق والواجبات لا
المساواة في جنسها ، على تفصيل في ذلك
بينته الشريعة الغراء .. وقد بيّنه النبي
صلى الله عليه وآله وسلم صريحًا في خطبته
في حجة الوداع بقوله:“ ولهنَّ عليكم رزقهن
وكسوتهن بالمعروف” وهذا البيان والتفصيل
لتلك المسائل سأبدءُ فيه خلال البحوث
القادمة مِن بعد إذنه تعالى وبمشيئته
وعونه وتوفيقه ..
فقد يكون وجه المماثلة بينهما ظاهرًا لا
يحتاج إلى بيان : ڪــ المماثلة بينهما في
تربية الأولاد ؛ وتنشئتهم على الإسلام ،
وقد يكون خفيًّا يحتاج إلى بيان وتفصيل ،
وبطبيعة الحال فإنه مما يعلم سلفًا
الاختلاف والتباين بين الذكر والأنثى ،
سواء في التكوين الجسدي والعضوي ..
والمزاجي .. النفسي في بعض الأحيان .. أو
في مقاصد خَلق كل واحد منهما ؛ إذ جعل
الله تعالى لكل من الذكر والأنثى وظيفة
حياتية تناسب قدراته وخِلقته والمقصد الذي
خُلق له .. فـ يمكن القول إجمالًا : إنه
حيثما تحققت المماثلة الكاملة بين الرجل
والمرأة في شيء شُرعت الأحكام الشرعية ؛
تحقيقًا للمصالح والمنافع وتكثيرها ،
ودفعًا للمفاسد والمضار وتقليلها ؛ نلحظ
ذلك في قوله تعالى: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾
*. ) حسن المعاشرة بين الزوجين ؛ حيث رغب
الشارع الرجال في ذلك بقوله تعالى:
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
والمعنى: طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا
أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب
ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ..
فـ من المستحب أن يتزين الرجل لزوجته ،
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ”إني لأتزين
لامرأتي ، كما تتزين لي ، وما أحب أن
أستنظف كل حقي الذي لي عليها ، فتستوجب
حقها الذي لها عليّ ؛ لأن الله تعالى
قال:﴿ ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف
﴾”..
*. ) المماثلة في تحمل مسئولية الرعاية ،
ففي الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قال»: ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن
رعيته «.. ثم يقول عليه السلام: »والرجل
راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته ،
والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده
وهي مسئولة عنهم ..ثم يختم بالقول: » ألا
فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته. «
*. ) المماثلة في درء الفتنة والتطلع إلى
العورات ؛ ومن ذلك تحريم الشارع الحكيم
نظر الرجل إلى مواضع فتنة المرأة الأجنبية
، وكذا تحريم نظر المرأة إلى الرجل
الأجنبي ؛ قال تعالى: ﴿قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ وفي الآية بعدها
مباشرة قال سبحانه: ﴿وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ} .
*. ) المماثلة في بعث الحكمين للسعي في حل
المشكلات التي قد تقع بين الزوجين ؛ قال
تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ
أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ
يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا
خَبِيرًا ﴾ .
*. ) اختص الله سبحانه النساء بـ بعض
الأحكام التي تناسب طبيعتها الخِلقية
وأنوثتها وفطرتها ، وتتوافق مع مهمتها
الحياتية ووظيفتها : ڪــ الحيض والحمل ،
والولادة ، والرضاعة ، والحضانة ، ونحو
ذلك.
* . ) التراضي بين الزوجين والتشاور في
فطام الطفل الرضيع قبل الحولين ؛ قال
تعالى: ﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ
تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا
جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ والمعنى: فإن أراد
الوالدان فطامًا للطفل قبل الحولين ،
ويكون ذلك عن اتفاق الوالدين ومشاورة أهل
العلم به والخبرة ، حتى يخبروا أن الفطام
في ذلك الوقت لا يضر بالولد ، فلا حرج
عليهما في الفطام قبل الحولين ..
لا بدَّ من التأكيد على أن الإسلام يدعو
إلى العدل بين الرجل والمرأة ، ويحث على
قيام كل واحد منهما بوظيفته المناسبة
لخَلقِه وبنيته ؛ يقول الله تعالى: ﴿أَلَا
يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ﴾ وهناك فرق كبير بين العدل
وبين المساواة .. فـ كلمة “العدل” صريحة
في الدلالة على المقصود ، فهي تدل على وضع
الأمور في مواضعها ، وإعطاء كل ذي حق حقه
، من غير وكس ولا شطط ولا ظلم ولا جور ..
فمما لا شك فيه أن دين الإسلام تحرى
العناية بإصلاح شأن المرأة ، كيف لا وهي
نصف النوع الإنساني! فـ عن عائشة رضي الله
عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قال»: إنما النساء شقائق
الرجال«وشقائق جمع شقيقة ، والشقيق :
المثل والنظير ، كـ أنه شُقَّ هو ونظيره
من شيء واحد ، فهذا شِقّ وهذا شِقّ ، ومنه
قيل للأخ شقيق.. والمعنى: أن الخِلقة فيهم
واحدة ، والحكم فيهم بالشريعة سواءمع
مراعاة الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة
.. إذ لا تصح : منازعة إرادة الله الكونية
القدرية في الفوارق الخَلقية والمعنوية
بينهما ، و لا يجوز منابذة الإسلام في
نصوصه الشرعية القاطعة بـ الفرق بين الذكر
والأنثى في أحكام عدة وكثيرة .. ولوجود
هذا الإختلاف في التركيبة الأصلية لكل
منهما .. فـ قد اثبت الوحي المنزل في آية
قطعية الثبوت وقطعية الدلالة .. فـ بيَّنَ
القرآنُ الكريم الفوارق بين الذكر والأنثى
إجمالًا فـ نطق القرآن يقول : ﴿وَلَيْسَ
الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ والمعنى كما قال
الربيع: كانت امرأة عمران حرّرت لله ما في
بطنها ، وكانت على رجاء أن يهبَ لها
غلامًا ؛ لأن المرأة لا تستطيع ذلك -
يعني: القيام على الكنيسة لا تبرحها،
وتكنُسها - لما يصيبها من الأذى .. يعني:
الحيض والنفاس ونحوهما ..
وللمرأة مكانة رفيعة في المجتمع الإسلامي
، ينظر إليها على أنها المربية للمجتمع
بأسره ؛ وكما يقول الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعبا طيب
الأعراق
فهي الأم والأخت والبنت والزوجة ؛ لذا
كانت مكانتها راجعة إلى ما يلقى عليها من
أعباء وواجبات ، قد تفوق في بعض الأحيان
ما يتحمله الرجل ، وقد دل القرآن الكريم
على هذه المكانة إجمالا ، وفصلتها السنة
النبوية المطهرة ؛ ولعل هذه المسائل تحتاج
لتبيان وشرح وتفصيل .. سيأتي لاحقاً
بشيئته تعالى ..
*. ) وبالجملة فإن المرأة قد تماثل الرجل
في بعض الأمور ، وقد تخالفه في بعضها ،
وضابط هذا هو معيار العدل الذي جعلته
الشريعة حكمًا ، فما جاء به الإسلام من
التفريق بين الرجل والمرأة ينظر إليه
المسلم على أنه رحمة من الله تعالى لعباده
، ورفقًا بهم ، وتحقيقًا لخلافة الإنسان
في الأرض.
..
.. لذا وَجبَّ التعرف عن قرب لـ شخصية كل
منهما .. أو ما يسمى حديثاً بـ مدرسة
الأزواج .. أو بحوث عشرة النساء .. وكيفية
معاملة الرجل مِن قِبل المرأة وفهم طبيعة
كل منهما .. خاصةً .. إذ يلاحظ :ارتفاع
نسبة الغاضبات .. والتاركات بيت الزوجية
.. فــ المطلقات .. وما يلحق ذلك من مشاكل
أسرية وطفولية ..فـ تأثر في نفسية وعقلية
شباب المستقبل ..اضف : العانسات .. ومَن
عزف من الشباب عن الزواج فيحدث ما لا تحمد
عقباه !
2
المرأةخلقت من أجله
أبحاث تمهيدية
لمستقبل أمة غائبة
الأُطر التمهيدية لـ موضوع :
آدابُ النِّكاحِ
مِن حُسن المطالع وطيب
المواقع أن أكتب عن موضوع الزواج في شهر
شوال من العام 1446 الهجري
حُرِّرَفي العام١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ 16/
شوال
ـــــــــــــــ
نتيجة الفهم الخاطئ لآيات الأحكام الشرعية
العملية مع غياب الفهم الصحيح لـ الأحاديث
الرسولية المتعلقة بها وتأثراً بالثقافة
الغربية تساءلت آحداهن ..وأحسنت .. إذ
يقول الرسول الكريم : « „ أَلَا سَأَلُوا
إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا ؛ فَإِنَّمَا
شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ “ » ..سألت
..تقول : „هل سبب خلق المرأة: ينحصر في
كونها سكنًا .. ومتعة للرجل فحسب؟“..ثم
أوضحت بقولها : „ قال الله تعالى: ﴿
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا ﴾ “ .. ثم أكملت: „ فـ قد وجدتُ
: على صفحات كثيرة على النت في تفسير هذه
الآية بأن الله خلق للذكور من بني آدم
إناثًا من نفس الجنس للسكن .. فـ هل هذا
معناه أن المرأةَ خُلقت لأجل أن يسكن
الرجل إليها ؛ أي: خُلقَت للرجل؟ .. الآية
تعني أن الرجل هو أساس الحياة ، وأن الرجل
خُلِق أولًا ثم خُلِقت المرأة لأجله ..
والأحاديث الشريفة تقول إن المرأة من متاع
الرجل في الدنيا .. فهل السكن للرجل
والمتعة فقط سبب خلق المرأة ، في حين أن
الرجل أساسُ الحياة؟ “.
التبيان :
1. )لم تُخْلَق المرأة من أجل الرجل، كما
بدأتِ رسالتكِ وفق مفهومك بمقدمة لا علاقة
لها بحقيقة الأمر .. وإنما خُلقت المرأة
لـ غاية سامية راقية عالية مثلها مثل جميع
المخلوقات ؛ ومنهم الرجل .. ألا وهي
عبادته سبحانه وجلَّ شأنه ؛ فـ قال تعالى:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾.
2. ) وإذا استقرأنا نصوص الآيات القرآنية
كلها، والأحاديث النبوية من أولها حتى
آخرها، لن نجد نصاً أو دليلًا واحدًا يشير
إلى أن غاية خلق المرأة أن تكون متعة
الرجل في الدنيا والآخرة، كما لن نجد نصاً
واحدًا أو دليلًا يفرق بين الرجل والمرأة
في الغايات العليا النبيلة والسامية
الراقية لــ خَلْقِهم .. ذكوراً وإناثاً
.. في الدنيا ووجودهم في هذه الحياة ، بل
هم جميعًا .. النساء والرجال ..في ذلك
سواء؛ لأن العقل - الذي هو مناط التكليف
الشرعي ومستودع الإرادة الحرة والاختيار
والتمييز - وَهَبَهُ الله عزَّ وجلَّ لـ
كلا الجنسين .. دون أدنى تفرقة ، فـ كان
كلاهما مخاطبًا ومكلفاً بـ جميع النصوص
الربانية : القرآن الكريم والسنة المحمدية
النبوية: الوحي الذي يرسم للإنسانية جمعاء
منهاج مسيرها الحياتي وشريعتها
الدنيويةنحو المعالي الراقية ، ويحدد طريق
سير البشرية نحو سعادة الدنيا والآخرة ..
فـ يقول جلَّ وعلا: ﴿ مَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ دون
أدنى تفرقة ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ..
ثم يعمد النص القرآني لـ يزيد القضية
وضوحاُ تاماً بقوله تعالى :﴿ إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ
وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ
لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.
ويقول تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾
وكذلك لو تأملتِ في السيرة النبوية العطرة
على صاحبها الصلاة والسلام - وهي تمثل
النموذج البشري الأسمى الراقي في امتثال
غاية خلق الإنسان - لعلمتِ أن صورة
(الجسد) لا يمكن أن تؤخذ خارج إطارها
الحقيقي ، إطار (الوسائل) ، وأن الغايات
الأسمى تتلخص في : التقوى والعمل الصالح ؛
فـ القرآن الكريم ساوى بين الرجل والمرأة
في أصل الخِلقة والتكليف ، والثواب
والعقاب ، إلا فيما اختصت به النساء عن
الرجال لطبيعتها ڪـ أنثى ، فـ يقول سبحانه
وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ﴾ لم يذكر النوع أو الجنس .. بل
قال تعالى في علاه وتقدست اسماؤه : ﴿
أَتْقَاكُمْ﴾..﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ﴾.. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ
بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ
وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى﴾ وقال سبحانه:
﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا
نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ﴾ ..فقد جعل الله سبحانه العدل
ميزانا يحاسب به عباده، لا فرق بين رجل
وامرأة، كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ،
وقال: ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ
لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ
نَفْسٌ شَيْئًا﴾ ولكي يكتمل النموذج
الإسلامي فـ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « „ إِنَّ
اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ
وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى
قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ “ » .. فليس
صحيحًا إطلاقًا أن المرأة خُلِقَتْ
لعلَّةٍ غائية جسدية استمتاعية ، أو
لأهداف دونية شهوانية ، لأجل أن تكون متعة
للرجل أو محلًّا لملذاته ورغباته ، هذا
ليس تصورًا خاطئًا فحسب ، بل أراه مفهومًا
مرتكسًا في حبائل النفس الأمارة بالسوء ،
ومنتكسًا في الشهوات التي تطغى على تفكير
الكثير من الناس ، حين يفقدون بوصلتهم
الحقيقية في غاية الخلق والحياة .. ومن
أوضح الأدلة التي تبيِّن لكِ أن الجسد ليس
هو المناط في تقدير شخصية المرأة حديثُ
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: : « „ تُنكَحُ المرأةُ
لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا،
وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر
بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ “ » ؛
يقول النووي: „ الصحيح في معنى هذا
الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
بما يفعله الناس في العادة ، فإنهم يقصدون
هذه الخصال الأربع ، وآخرها .. الخامسة
عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها
المسترشد بذات الدين “ ؛وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « „
إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ
دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا
تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ،
وَفَسَادٌ عَرِيضٌ “ » ..
3 . ) ثم لماذا لم تكملي الآية التي
صدَّرتِ بها رسالتكِ، وهي قوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ..فقد قال: ﴿
وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ ﴾؛ أي: بين الأزواج
والزوجات ، ﴿ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ أي:
ليس لذة ومتعة وحسب ، وليست للرجل دون
المرأة ولكن ﴿ بَيْنَكُمْ ﴾ أي: جميعًا ،
فالمرأة شقيقة الرجل ، لقوله عليه السلام
: « „ إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ
الرِّجالِ “ »خلقها الله تعالى لأداء هذه
الوظيفة الجليلة ، وهي عبادة الله ، كما
خلق الرجل لذلك ، ولقد خلق الله تعالى
الجنسين مكمِّلَين لبعضهما البعض ، فالرجل
يكمِّل المرأة ويحتاجها ، والمرأة تُكمِّل
الرجل وتحتاجه ، وبهما تقام الحياة على
هذه الأرض ، وتدوم البشرية إلى الأجل الذي
أراده الله تعالى.
ومعنى: « „ شقائق الرجال “ »كما قالابن
منظوروالمناوي:"أنها نظائر الرجال
وأمثالهم في الأخلاق والطباع والأحكام " .
وقالالطيبي : " أي نظائرهم في الخَلق
والطباع، كأنهن شققن منهم". وقالابن
الأثير: "شقائق الرجال يعني نظائرهم،
وأمثالهم". وقال الخطابي في "معالم
السنن": "أي نظائرهم، وأمثالهم في الخلق،
والطباع فكأنهن شققن من الرجال". وقال
العيني:" أي: نظائرهم وأمثالهم في الأخلاق
والطباع، كأنهن شققن منهم، ولأن حواء خلقت
من آدم عليهما السلام". وقال الشيخ ابن
باز: " فالمعنى - والله أعلم - أنهن
مثيلات الرجال فيما شرع الله، وفيما منح
الله لهن من النعم، إلا ما استثناه الشارع
فيما يتعلق بطبيعة المرأة، وطبيعة الرجل،
وفي الشؤون الأخرى خص الشارع المرأة بشيء،
والرجل بشيء، والأصل أنهما سواء إلا فيما
استثناه الشارع. ".
ولذا : خاطبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
الرجلَ والمرأة بوصايا وتكاليف وأحكام ،
وكل أمر ونهي عام في أوامر ووصايا النبي
صلى الله عليه وسلم فإنه شامل للرجل
والمرأة، وبالقطع المرأة داخلة فيه ، إلا
أن هناك أحكاماً ووصايا لا خلاف في
اختصاصها بالمرأة دون الرجل ..
إن الناظر والمتأمل في سيرة وأحاديث النبي
صلى الله عليه وسلم يجد أنه أعطى المرأة
جانبا كبيرا من اهتمامه وأحاديثه ووصاياه،
وكل وصية وأمر ونهي عام في أوامر ووصايا
النبي صلى الله عليه وسلم فإنه شامل للرجل
والمرأة، إلا أن هناك أعمالا وأحكاماً
ووصايا لا خلاف في اختصاصها بالمرأة دون
الرجل..وقد أحاط النبي صلى الله عليه وسلم
المرأة بالرعاية والعناية، وخصَّها
بالتكريم وحُسْن المعاملة: أُمًّا وزوجة
وابنة، وقد بلغ من شدة اهتمامه صلوات الله
وسلامه عليه وسلم بالمرأة أن أوصى بها في
خطبته في حجة الوداع قبيل وفاته بقوله: «
„ استوصوا بالنساء خيرا “ ».
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
ـــــ
[ ( 2 . ) ] : " أبحاث تمهيدية " .. و هذه
تندرج تحت :
( الآداب الشرعية من أبواب : آدابُ
التَّعامُلِ مع الآخر : [(آدابُ النِّكاحِ
) ] .
ملف عن : أحكام النِكاح .. ومسائل الزواج
.. وموضوع الأحوال الشخصية ..
الرَّمَادِيُّ
حُرِّرَفي العام١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ : 16 /
شوال ~ 14 أبريل 2025م
ابحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة
آدابُ النِّكاحِ
مِن حُسن المطالع وطيب المواقع أن أكتب
عنمسألةالنِكاحفيشهر شوال مِن العام
الهجري١٤٤٦: حُرِّرَفي يوم الأربعاء ۱٨/
شوال
اِعتمدَ الوحي المنزل بـ واسطة أمين
السماء على وحي ربه المَلك جبرائيل على
قلب أمين السماء والأرض محمد بن عبدالله
بن عبدالمطلب عليه السلام بـ شقيه :
أ. ) الكتاب الكريم : القرآن المجيد ؛ و :
ب. ) السنة النبوية ..
.. اِعتمدَ الوحي .. وهذهميزة:
۱. ) الطريقة العلمية و :
٢. ) الكيفية العقلية الفهمية ..
اِعتمدهما في خطاب الناس كافة .. وتبليغ
رسالة الإسلام عامة .. فـ كان مِن أول ما
نزل : ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ﴾..أياقرأ﴿بِسْمِاللّهِالرَّحْمـَنِالرَّحِيم﴾..وهذهالآيةنبدءبهافيبدايةكلالسورماعداسورةواحدة
..وهذا لـ قراءة تدبر ما هو في الكتاب
مسطور.. قراءة تجويدية عقلية
فهميةاستيعابية إدراكية فـ يبنى على تلك
القراءة : تطبيق عملي للأحكام الشرعية
وسلوك يومي وحمل دعوة للغير بطريقة
إيجابية تفاعلية لمن يملك أدوات الفهم
والفقه والقدرة على الحوار .. وبكيفية
سلبية [(سلوك تصرفات أعمال أقوال)] مع
الغير لمن هم العامة من المسلمين .. ثم
أكمل القرآن الكريم في نفس الآية فـ نطق
القرآن يقول :﴿الَّذِي خَلَق﴾..
فحددأنهذاالربالمالكهوالذيخلقالكونوالحياةوالإنسان
..ثم يأتي بـ مثال واحد ممن خلقه سبحانه
وتعالى في الحياة والكون مِن مخلوقاته
..﴿.اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل﴾.. ولعل أشرف
المخلوقات وأرقاها هو : الإنسان فقال :
﴿خَلَقَ الإِنسَانَ﴾ وبيَّن حقيقة خلق
الإنسان الحالي : أنت وأنا .. وليس
الإنسان الأول فقال : ﴿. مِنْ عَلَق﴾ ..
وهذه قراءة ما في الكون والحياة منشور ..
وخاصةً الإنسان.. فـ وجب على المسلم
العادي قراءة كتابين :
1 . ) الأول : القرآن المجيد.. و :
2. ) الثاني قراءة علمية لـ كافة
المخلوقات الدالة على وجود خالق بـ فهم
وإدراك ووعي مستنير ، والافت للنظر أن
الآية أول تكليف تتحدث عن القراءة فـ لزم
تعليم مبادئ القراءة وحُسن نطق اللُغة
وإيجادة الكتابة وما يتبعهما من علم ..﴿..
وَقُلرَّبِّزِدْنِيعِلْمًا﴾ثم مِن بعد ذلك
أتت آيات وحيا تخبر عن
الوحدانيةوالعقيدةوالإيمان وكيفية عبادة
الله الواحد كما يحب هو ويرضى .. ثم كافة
المعاملات مع الآخر
..وفـيإثناءنزولالقرآنالمجيدتأتيآياتتخبرعنأهميةالعقلوالفهممثلقوله:
1 . ) ﴿.. لــ آيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَعْقِلُون﴾
ثم جاءت الآية بصيغة المفرد :﴿إِنَّ فِي
ذَلِكَ لــ آيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون﴾
.. ثم يُعيب الخالق الآمر على الذين لا
يعقلون: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ
اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ
يَعْقِلُون﴾. ثميأتيالحديثعنالتفكير
2 . ) ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لـ آيَةً
لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون﴾
ثم يكمل تلك الثلاثية بقوله :
3 . ) ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون .﴾ .
والشكر واجب على الإنسان لأنه سبحانه
وجلَّ شأنه خلقه من عدم وجعل له متطلبات
تبقي حياته وغرز فيه حاجات يسرها سبحانه
للإشباع .. فـ الحاجة العضوية في خلقة
الإنسان وفي تركيبته الأصلية صفة أساسية
لازمة .. تحتاج إلى إشباع ضروري وحتمي ؛
وإلا هلك الإنسان ومات إن لم يشبعها بـ
القدر الكافي لـ بقاءه حياً ، وفيها
[(الحاجة العضوية)] القابلية للخير كما
وفيها القابلية للشر ، لذا فهي [(الحاجة
العضوية)] لا تجبر الإنسان على توجيهها
لفعل الخير أو تلزمه على توجيهها للقيام
بالشر ، فهي ليس لها إرادة مستقلة على
الجسد أو عن أعضاء البدن ؛ بل فقط تتطلب
الإشباع الحتمي والضروري بغض الطرف عن
الكيفية وبغض النظر عن الأشياء . فـ
المعدة تهضم جميع أنواع اللحوم ولا تفرق
بين لحم الضأن المشوي فتستسيغه .. أو لحم
الخنزير المقلي فتلفظه ..
ولاتمتنععنأكلهذاأوذاك ..كما أن المعدة لا
تفرق بين أنواع المشروبات كـ الماء الزلال
الصافي أو الكوكا كولا الأمريكاني أو زمزم
كولا الإيراني .. أو كافة أنواع الخمور
والمشروبات الروحية ..
والحاجات العضوية كـ الإطعام .. الأكل
مظهرها الجوع أو الشرب ومظهرها العطش ..
أو إخراج الفضلات المتبقية في المعدة أو
المثانة ولا يحتاجها الجسد بل استفاد
البدن من مكونات الطعام وعناصر الشراب ..
أو حاجة الإنسان العضوية للتنفس بالهواء
أو الراحة والنعاس ومن ثم النوم .. فــ
هذه جميعها تتطلب إشباعاً حتمياً وإلا أدى
عدم إشباعها إلى ضرر كبير يلحق بالبدن
ينتهي بالموت ..فالإنسان في بعض الحالات
يستطيع الصبر عن الطعام أو الشراب لـ أيام
معدودة فقط .. بيد أنه لا يستطيع التوقف
عن التنفس واستنشاق الهواء أكثر من دقائق
قليلة ومعدودة ..
وإذاامتلئتالمثانةوجبتفريغهاوإلاانفجرت
..كذلكالأمعاء ..لذلك فـ قوة الحاجات
العضوية شديدة ..
والحاجات العضوية لا تحتاج لـ مؤثر خارجي
لـ إثارتها .. فـ إنها تحدث وتأتي نتيجة
النشاط الحيوي للبدن كـ نتيجة طلب الجسم
لـ احتياجاته الضرورية من الهواء أو الماء
أو الغذاء اللازمة لـ بقائه نشطاً حياً
قادرا على الاستمرار في آداء بقية وظائفه
في الحياة بـ شكل طبيعي ويقوم بـ وظائفه
المطلوبة منه .. أو كـ نشاط عضوي للتخلص
من المواد الضارة بـ الجسم والزائدة عن
حاجاته والناتجة عن عمليات حيوية بيولوجية
مختلفة .. فـ الإنسان حين يشعر بـ الجوع
أو يصيبه العطش فـ إن ذلك يتم نتيجة احساس
داخلي من دون الحاجة إلى مؤثر خارجي يذكره
بـ أنه في حاجة إلى جرعات من الماء أو إلى
طعام .. إذ أن خلايا الجسد وانسجته هي
التي تحتاج إلى الماء والهواء والطعام ..
فإذا وصلت حاجتها إلى حد معين بدء الإنسان
بـ الشعور بـ الجوع أو العطش فـ إذا لم
يستجب الإنسان لـ حاجته بـ الطعام أو بـ
الشراب فـ إن الحاجة إليهما تزداد حتى تصل
إلى درجة لا يمكن للإنسان مقاومتها والصبر
عليها .. فـ إذا استمر حال الجوع أو العطش
فـ إن المرء يسقط من شدة الاعياء .. ثم
تبدء حالته بالتدهور حتى تنتهي بموته ..
إن لم يتم اسعافه بالماء والغذاء .. وحتى
عندما ينام الإنسان لفترة طويلة فإن نداء
تلك الحاجة العضوية للطعام أو الشراب أو
إخراج الفضلات يدفعه إلى الاستيقاظ من
نومه ويمنعه من الاستمرار في النوم حتى
يشبع تلك الحاجات العضوية الملحة
والضرورية ولو إشباعا جزئياً ..
ومن رحمة الرب المالك الخالق الرازق بـ
عباده أنه قال : ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ
وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ
لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾..
قالابن قدامةفي موسوعته : المغني:„أجمع
العلماء على إباحة الأكل منالميتة في
الاضطرار، وكذلك سائر المحرمات “..
وقالابن يتمية:„والمضطر يجب عليه أكل
الميتة في ظاهر مذهب الأئمة الأربعة
وغيرهم “ .. والوجوب هومعتمد مذهب الأئمة
الشافعية ..
ولعله من المفيد إضافة توضيحية ليست
مرتبطة بأساس الموضوع [( الحاجات العضوية
للإنسان)] الذي أبحثه في التمهيد هذا ..
وليست احتياجات الإنسان بصفة عامة ولكنها
تنير بعض الجزئيات .. فقد حاول العلماء
كثيرا الوصول الى ما يمكن عمله للتأثير في
سلوك الأفراد وأسسوا نظريات من أجل ذلك
كثيرةارتكزت على أساسوهو„إحتياجات الإنسان
“ .. ولا يمكن حصر النظريات التي تناولت
وحاولت تفسير ما يصدر عن الفردمن أفعال
وتصرفات وأقوال ناتج عن إحتياج
معينللإستفاده بذلك الاحتياج فى زيادة
القدرة على التفاهم مع الاشخاص الاخرين
وسهولة إقناعهم والتأثير عليهم ،ويدل ذلك
على مدى ما يتصف به سلوك الإنسان من
تعقيد، وعلى صعوبة الوصول إلى اتفاق بين
العلماءعلى نظرية واحدةللتأثير في هذا
السلوك الآدمي وذلك لأن حاجات الفرد
متشابكة ومعقدة .. ويميل الفرد الى السلوك
الذي يؤدي الى تحقيق حاجاتهووفق أولوياته
التى تتفق مع وجهة نظره الشخصية فى
الامورأو في الحياة ..
ومن أشهر هذه النظريات .. نظريه هرم
الحاجات الإنسانية لـ إبراهام
ماسلو(Maslow’shierarchyofneeds) إذ هي
نظرية نفسية قدّمها في ورقته البحثيّة :
„نظريّة الدافع البشري “ عام 1943م في
مجلّة„Psychological Review “العلمية:
إذ يعتبر ماسلوMaslow ان القوة الدافعة
للناس هي سلسلة من الحاجات .. وعندما
تُشبع الحاجات في اسفل السلسلةتظهر حاجات
أعلى يريد الفرد إشباعها ايضاً ..وهكذا ..
يستمر الاتجاه الى اعلى وتعتمد نظرية
ماسلو على مبدأين وهما :
۱ . ) مبدأ نقص الاشباع: ويرى أن الحاجة
غير المشبعة تمثل محركا للسلوك .
٢ . ) مبدأ تدرج الحاجات: ويرى هنا أنه
يلزم إشباع الحاجات الأولية أولاً وقبل
إشباع الحاجات الاعلى منها
والمفيد من نظرية Maslow أنه درسَ عيّنات
بشريّة وصفها بأنها „مثاليّة “ مِثل :
ألبرت أينشتاين، وجين آدمز، وإليانور
روزفلت، وفريدريك دوغلاس .. وذلك بدلا من
دراسته لـ أشخاص مُضطّربين نفسياً .. أو
مرضى بدنياً .. كما درسَ ماسلو 1% من
طُلاب الجامعات الأصحّاء .. وقد شرح
نظريَته بـ الكامل وبشكل تفصيليّ في
كتابِه „الدافع والشخصيّة “ عام 1954م ..
وبـ مرور الوقت اشتهرت النظريّة
واستُخدِمت بنطاق واسع في أبحاث علم
الاجتماع والإدارة والتدريس في المراحل
الثانويّة والتعليم العالي.
وذلك يعنى البدء بالحاجات التى فى اسفل
الشكل الهرمى .. الذي رسمه توضيحاً ..
صعوداً الى الحاجات الاعلى.. فـ تُصنف
الحاجات من وجهة نظر ماسلو إلى مايلي :
1 . ) حاجات اساسية فسيولوجية
(جسمية/بدنية) وتسمى البيولوجية أو
الفطرية مثل : الطعام والهواء والماء
[(عضوية)]
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : أتفقُ مع
Maslow.. إذ بالفعل تتنوع الحاجات وتتعدد
لدى الإنسان؛ فـ منها الحاجات الفسيولوجية
كما ذكر هو ؛ كـ الحاجة إلى الطعام
والشراب .. وقد سبقه الوحي المنزل على قلب
أمين السماء والأرض بأكثر من 1440 عام لـ
يؤكد : ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا
وَلَا تَعْرَى*وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ
فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾.. ثم يضيف Maslow:
والمسكن ..
2 . ) الحاجة الى الامن والطمأنينة
والحماية من الاخطار.
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة
إلى الأمن قد اثبتها القرآن الكريم بقوله
: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ*الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ
جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ..
3. ) الحاجة الى الانتماء الاجتماعي مثل
الحب والانتماء وتقبل الآخرين
قلت(مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ ) : والحاجة
إلى الانتماء إلى جماعة قد اقرها القرآن
العظيم : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
أنبه هنا .. أنني لست من هواة التشدق بـ
القول المأثور عند البعض :„ بضاعتنا رُدت
إلينا ! “.
4 . ) الحاجة الى تقدير الذات والثقة فى
النفس وتحقيق الانجازات .
5 . ) الحاجة الى تحقيق الذات وذلك
بالشعور بـ تقدير المجتمع لخدماته وجهوده
وتحقيق ذاته بـ الافصاحعما يجول في صدره
تأكيداً لشعوره بوجوده وقيمته في المجتمع.
وقد :
+ . ) أضاف علماء آخرون الى هذه
الاحتياجات أثنتان فـ أصبحوا 7 إحتياجات
وهما :
6 . ) الحاجه الى المعرفة والفهم ؛
7 . ) الحاجات الجمالية .
ومِن الملاحظ فى كل تلك النظريات عند
ماسلو أنها لم تتضمن إحتياج هام للإنسان
.. وهو „الاحتياج الى التواصل الروحى مع
الله “أو ما يطلق عليه „الإيمان والعقيدة
وأحكام العبادات والمعاملات “ .. أي
العلاقة مع السماء ، ومع „الغيب والقدر
والقضاء “ .. وعن „الحياة بعد الموت “..
وهذا الإحتياج يمكن فهمه بشكل عملى ملحوظ
وموضوعى مباشر من كثرة أشكال بيوت العبادة
والمعابد المنتشرة وتنوعها فى كل أنحاء
العالم وتمثل مراحل التاريخ المختلفة
ود. فؤاد موسى له تعليق جيد أنقله كما هو
:„ ..ولقد حاول علماء النفس التعرف على
حاجة الإنسان وتصنيفها ومعرفة العلاقة
بينها، وكان من أشهر ما تدفقت عقولهم به
ما توصل إليه ماسلوMaslow؛ حيث رتب
الحاجات الإنسانية تصاعديًّا على أساس
أنها تنمو تتابعيًّا كما يلي:
- الحاجات الفسيولوجية، البيولوجية ،
- حاجات الأمن،
- الحاجة إلى الانتماء،
- الحاجة إلى تحقيق الذات.
ويرىMaslowفي هذا الترتيب التصاعدي
للحاجات أن المستويات المتتالية للحاجات
تظهر تباعًا، وتحتل مكانها كلما تقدم
الفرد في النمو والنضج، فـ المستوى الأول
من الحاجات الفسيولوجية يظهر مع بداية
الحياة، ويحتل مكانة الصدارة في الدافعية،
ثم ما تلبث المستويات التالية من الحاجات
في الظهور على التوالي، وتكتسب الصدارة
واحدة بعد الأخرى حتى تصل إلى مستوى تحقيق
الذات لدى الفرد الناضج، متصدرًا دوافعه،
بينما تكون المستويات السابقة على التوالي
أقل تأثيرًا في دافعية الفرد.
إلا أن هذا ليس صحيحًا(!)، فـ كثيرًا ما
يحدث اختلال في هذا التنظيم الهرمي
للحاجات، فقد يحدث لدى بعض الأفراد أن
تنتقل الدافعية في نضجها لديهم من المستوى
الأدنى إلى الأعلى، دون المرور على
المستوى الأوسط بينهما.
وهكذا ندرك أن هناك خللًا في هذا التصور
للحاجات عند علماء النفس، ولو أن علماء
المسلمين رجعوا إلى كتاب ربهم الذي فيه
الهدى كل الهدى، لوجدوا فيه ضالتهم، فهذا
التصور الذي وضعه ماسلو قد اقتصر على
الحاجات البهيمية فقط، ولم يتعدَّها إلى
ما هو أسمى منها لدى الإنسان، فـ إذا
كانMaslowيتصور أن أعلى وأسمى الحاجات هي
تحقيق الذات، فإن الثَّور في الغابة أيضًا
يحقق ذاته؛ حيث يصارع باقي الثيران حتى
يحقق لـ نفسه الغلبة والفوز، ويكون هو سيد
القطيع، ولا ينازعه في ذلك باقي الثيران.
لقد كان تصور ماسلو Maslowنابعًا من
النظرة الدارونية للإنسان التي تعتبر
الإنسان في نشأته حيوانًا (قردًا)؛ ومن
هنا جاءت تصورات Maslow، كما جاءت تصورات
فرويد التي فسرت كل سلوكيات الإنسان بأنه
حيوان غارق في اللذة الجنسية. ".
وحديثي هنا عن : أنالإنسان له حاجات عضوية
بدنية جسدية .. لابُدَّ من إشباعها للحفاظ
على حياته الفردية وهي حاجات الكائن
البشري الحي إلى الهواء والماء والطّعام
والنّوم، وطرح الفضلات خارج الجسم كي يبقى
نشطاً قادراً على آداء بقية وظائفه
الحياتية ، فـ إشباعها أمر حتمي ؛ لأن عدم
إشباعها ، يُؤدِّي إلى هلاك الكائن الحي
وموته ..
والحاجات العضوية تتطلب الإشباع الحتمي
والضروري .. يقابلها الغرائز .. والتي لا
تتطلب إشباعاً حتمياً .. ولا ينبغي
إشباعها ضرورياً .. والغرائز لها عدة
مظاهر تُشبع من خلالها .. فإن لم تشبع
اصابت المرء حالة من القلق والضيق
والاضطراب .. ولكن الإنسان لا يشرف على
الهلاك أو الموت إن لم يشبعها ! . وقد
ينصرف المرء إلى تصرفات آخرى ..
و 3 / 2 عن الغرائز .. هذا حديثي القادم
مِن بعد إذنه تعالى وبمشيئته وتمام توفيقه
وحُسن رعايته !
ثم أكمل موضوع :3 /3 : (فِطْرَةَ اللَّهِ
)..
* . ) ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ
حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ
النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لاَ يَعْلَمُون.﴾ ..
ثم موضوع :3 /4 : (صِبْغَةَ اللّهِ )..
* . ) ﴿صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ
مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ
عَابِدون.﴾ .
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
ـــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
الأربعاء : ۱٨ شوال ۱٤٤٦ ~ 16 ابريل 2025
م.
تحدثتُ عن الحاجة العضوية الآدمية البدنية
في الفصل السابق ؛ قلتُ : بأنها ضرورة
ملحة ؛ وتكلمتُ عما يحتاجه الجسد البشري
حتماً من هواء للتنفس وخاصة الأوكسجين
للمخ ؛ وماء للشرب ؛ وغذاء ليقيم عوده ؛
ثم إخراج فضلات لا يحتاجها ؛ ثم راحة ونوم
، وهذه تتطلب إشباعاً حتمياً وإلا هلك
الإنسان ..
وأكمل اليوم عن غرائز الإنسان!
فـ الغرائز صفات اساسية في خَلق الإنسان ،
وتوجد في تركيبته البشرية الأصلية ،
وتحتاج إلى إشباع غير ضروري وغير حتمي أو
ملح! ..
وتتنوع الغرائز عند الإنسان إلى :
1 . ) غريزة التدين .. ومِن مظهرها
الاحترام القلبي الشديد ؛ والتقديس ؛
والتبجيل ؛ والتوقير ..
وهذه الغريزة ، تظهر بشُعُور الإنسان
بحالة الضّعف التي تنتابه ، والاحتياج ،
والعجز ، سواء أكان ذلك أمام ظواهر
الطّبيعة ، أم الظّواهر الاجتماعية ، أم
من ظاهرة شُعُور الإنسان باحتياجه لصلة
نفسه مع جهة قادرة وقوية ، تؤمن له
الحماية والعناية : فيحصل على : الطمأنينة
، فيتولد عنده مظاهر التّدين ، من تقديس
وتعظيم ، وخشية ، ورغبة ، ورجاء ، ودعاء ،
والتّجاء ، وتذلل ، وخضوع ، وحب ، وكره ،
وخوف .. الخ .. ليحصل الإنسان على
التّوازن الروحي والاطمئنان النّفسي ،
ولذلك يقول الفلاسفة : „ إن الإنسان كائن
متدين بالفطرة “ ، والدِّين ضرورة نفسية
له .. تتطلب إشباعاً غير حتمي .
2 . ) غزيزة البقاء .. ومِن مظهرها التملك
.. وميل الكائن الحي إلى التّجمع ؛
والانضمام لجماعة من نوعه وجنسه ، واجتناب
الخطر ؛ نحو : الأماكن المرتفعة والنّار
وامواج البحر العاتية ، والقتال : للدّفاع
عن حياته ..
3. ) غريزة النوع .. ومِن مظاهرها الأمومة
؛ والأبوة ؛ والاخوة ؛ والميل الجنسي :
ميل الذكر للأنثى وميل الأنثى للذكر .
وهذه الغرائز مجتمعة أو متفرقة لا تتطلب
إشباعا ضرورياً أو حتمياً ، بل تتطلب فقط
إشباعاً ؛ وعند إثارتها يكون الإشباع
ملحاً ، فإذا حدث هذا الإشباع : هدأ الجسد
؛ وفتر البدن ؛ واستراحت الروح ؛ وسعدت
النفس ، فـ عدم إشباع الغرائز يؤدي إلى
حالة من عدم التوازن وعدم الاستقرار
النفسي والقلق الروحي والضيق أو الاكتئاب
؛ وهذه جميعها إن لم تُشبع لن تؤدي إلى
موته أو هلاكه ؛ أو تلف اجهزته الحيوية في
بدنه أو اعضاءه ، وتصلح أن تشبع الغريزة
بآحدى مظاهرها .
والإشباع إما أن يكون :
أ . ) إشباعا سويا طبيعيا
أو :
ب . ) إشباعا خاطئا .. في حالة ميل الذكر
للأنثى .. ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى
فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ
وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ
فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ
يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِين﴾ . أو آتيان المرأة في
دبرها .. أو آتيان البهائم ..
أو :
ج . ) إشباعا شاذاً .. في حالة ميل الذكر
للذكر .. ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون ﴾ ..ثم
يتم تأكيد الأمر السابق بالقول : ﴿
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ
تُبْصِرُون﴾﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون﴾ .. أو
ميل ذكر بالغ لذكر قاصر : صبي .. طفل.. أو
ميل الأنثى لأنثى مثلها : السحاق .
إذ فيها [(الغريزة)] قابلية للخير ؛
والقابلية للشر : هذا .. وفق وجهة النظر
في الحياة ؛ سواء النظرة المادية للأشياء
، أو أن الأشياء مخلوقة لخالق أوجدها من
عدم ؛فأوجد هذا الخالق نظاماً يُسيير حياة
الإنسان في الدنيا ليصل إلى بر النجاة في
الدنيا والآخرة .. أو وفق كتلة مقاييس
القيم في المجتمع ؛ وتبعا للقناعات بناءً
على الإيمان والعقيدة وفق رسالة السماء ،
أو الإلحاد والحرية بدون قيود وبلا شروط
.. ومجموعة القيم والقناعات والمقاييس إما
موروثة عن الأجداد .. ﴿ .. قَالُواْ
وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا ﴾ .. أو وفق
نوع التربية السليمة في الأسرة : الأباء
والأمهات والتلقي الصواب في المجتمع ، أو
مكتسبة نتيجة القراءة الصحيحة والعلم
القطعي الدلالة والمراجعة بفكر صائب ووعي
مستنير ، فــ الغريزة لا تجبر الإنسان على
توجيهها للخير أو على توجيهها للنشر ،
فليس لها إرادة على الجسد أو أعضائه ، بل
الإنسان يشبع مظهر من مظاهر غرائزه وفق
مقياس بعينه : عند فريق يسميه : الحلال
والحرام ؛ وعند فريق آخر وفق وجهة نظره
للحياة : الحرية دون قيد أو شرط ..
فـ الإنسان الذي لا يؤمن بآله ليس لديه
شعور بالدين أو تقديس الآله وقد يظل على
إنكاره أو كفره أو إلحاده طوال حياته من
دون تلف عضوي مادي لأجهزته الحيوية أو
أعضاءه البدنية في حياته الدنيا ..
والفقير لن يموت لفقره وإن ملكَ القليل ؛
والغني لن يطول عمره لما يملك الكثير..
المسألة التي نحن بصددها ونبحثها : مسألة
النكاح ؛ الزواج :
إذ
- يستطبع الإنسان أن يمتنع عن ممارسة
الجنس اشهراً ؛ أو سنوات ؛ أو حتى طوال
عمره سواء أكان رجلا [( يسوع الفلسطيني
الناصري.. محمد بن جرير الطبري..إسحاق
نيوتن.. فولتير : فرانسوا ماري آروويه
(François-Marie Arouet) ويُعرف باسم
شهرته : (Voltaire)..إيمانويل
كانط.Immanuel Kant )] أو امرأة كـ
الراهبات .. والمرأة العاقر التي لا تعلم
شيئا عن الأمومة ولا تمارسها حملاً لن
تموت ؛ كذلك الرجل العاقر ..
- والجائع أو العطشان أو المتعب المرهق لا
يفكر في الجنس الآخر ..
وقد انتشر في العصر الحالي تصور لحرية
الجنس بل فوضوى جنسية بكل ما تعبر عنه
الحيوانية بل أضل : ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا
لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا
يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا
يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ بل إن
الحيوانات أكثر سموًّا من هذا التصور الذي
ينادي به مجتمع „ الميم “ كما يسمونه ،
ويشرعون له الحقوق ، ويُلزمون بها الآخرين
، ومن يرفض ذلك يعتبر عدوًّا للإنسانية
كما يدَّعون ، ويُسخَّر لهذا الفكر كل
وسائل النشر والإمكانات.
لقد عبَّر كلٌّ من „ فرويد “ و„ ماسلو “
عن هذا الفكر منذ قرن من الزمان في الفكر
الماسوني لتدمير البشرية ، وهو يدرَّس
كعلم في الجامعات والمدارس ، تحت ما يسمى
علم النفس ، وللأسف إن هذا يدرس في بلاد
العالم الإسلامي بنفس الفكر ، دون رويَّة
ولا تدبر لِما يُحاك للبشرية.
إثارة الشهوات :
يضع نظام „ إجتماع الرجل بالمرأة “ في
الإسلام ميل الذكر للأنثى على رأس قائمة
الشهوات ؛ وليس على سبيل الذم بل على سبيل
التقرير .. فـ لقد شاءت إرادة الله أن
يخلق الإنسان ويجعل له حاجات ، يحتاج
إليها لبقاء حياته ، ولذلك فَقَدْ زيَّنها
له في نفسه حتى يُقبِلَ عليها ويُشبِعها ؛
وقد عبر عنها القرآن الكريم بأنها شهوة
فنطق القرآن يقول : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ
حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء .. ﴾
.. وفي حادثة ذكرها القرآن المجيد تخبر عن
ميل الأنثى للذكر فـ نطق يقول : ﴿
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا
عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ
وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾.. ﴿ وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ ﴾..
وهذا الميل الطبيعي المغروس في التركيبة
الأصلية البشرية يوليه النظام الإجتماعي
في الإسلام عناية خاصة ؛ ويعطي أحكاماً
عملية شرعية توافق أصل التركيبة البشرية
للإنسان ومتطلباته واحتياجاته لكافة
الحالات ؛ إذ هو [(نظام الإسلام)] طرازٌ
خاص من العيش ؛ وطريقةٌ معينة في الحياة ؛
وكيفيةٌ عملية لإشباع كافة احتياجات
الإنسان وعلاج كل متطلباته ؛ فلا يهمل
جانب على حساب جانب ؛ ولا يرفع من قيمة
ويخفض من آخرى .. فيأتي التفصيل الكافي
[(وحياً : قرآنا وسنة )] والوافي والشامل
لعلاج هذا الجانب من حياة البشر على الأرض
، سأظهر هذا التفصيل في الأبحاث القادمة
إن شاء الله تعالى ، إذ أن الخالق هو
الأعلم بما صنعه فخلقه فابدعه فصوره في
أحسن تقويم : ﴿أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير﴾ ..
فالحاجةُ شهوةٌ تتولد داخل الإنسان، تزول
بمجرد إشباعها وتنتهي ؛ لذلك يعرفها علماء
النفس بأنها :" حالة من النقص أو الاضطراب
الجسمي والنفسي ، إن لم تلقَ من الفرد
إشباعًا بدرجة معينة ، فإنها تثير لديه
نوعًا من الألم أو التوتر أو اختلال
التوازن ، سرعان ما يزول بمجرد إشباع
الحاجة ".
فالإنسان في فطرته ؛ وفي خِلقته توجد هذه
الشهوات ، وهي جزء من تكوينه الأصيل ؛ وهي
ضرورية لحياته ؛ كي تنمو وتطرد ، فهي
شهوات مستحبة مستلذة ، ليست مستقذرة ، ولا
كريهة ، والآية الكريمة [(زُين..)] تؤكد
ذلك ، وهنا يمتاز الإسلام الخاتم لرسالة
السماء بمراعاته للفطرة البشرية السوية
وقبولها بواقعها ومعالجتها ؛ لأن هذه
الشهوات عبارة عن دوافع عميقة في الفطرة
لا تُغلب ، وهي ذات وظيفة أصيلة في كيان
الحياة البشرية ، لا تتم إلا بها ، ولم
يخلقها الله في الفطرة عبثًا.
فعلى الإنسان أن يعرف أن لبدنه عليه حقًّا
، وعليه أن يمتع نفسه بطيبات الحياة ،
وألَّا يحرم ما أحله الله ، وما أحله الله
يشمل كل ما تتطلبه البنية الصحيحة السوية
من لذة ومتاع : ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ *
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ﴾.
ولو أن علماء المسلمين في معالجة مشاكل
الواقع الحالي رجعوا إلى كتاب ربهم الذي
فيه الهدى كل الهدى ، لوجدوا فيه ضالتهم
،وقاموا بشرحه مع سُنة نبيهم لاستراح
الجميع : مَن يؤمن بالإسلام ومن يعارضه.
بيد أن موقظات الشهوة تتعدد وتكثر عوامل
اثارتها .. فتوجد عوامل داخلية تنبع من
الشخص ذاته ؛ كما توجد عوامل خارجية
ومؤثرات مادية وذهنية تتصل بحواس الانسان
، ويحدد ذلك كله ما لدى الانسان من معارف
سابقة ومعلوماتتراكمية وما لديه من مفاهيم
وقيم ومقاييس متعلقة بكل الأمور.
فالشهوةُ تنشط عند بلوغ الانسان سناً
معينا من العمر يختلف قليلا من فرد الى
آخر ، ويعرف ذلك بـ : ” سن البلوغ“ حيث
تبدأ غدد معينة تَنشط في الجسم بافراز
أنواع من الهرمونات التي تُنشط نمو أعضاء
الجهاز التناسلي : الذكري والأنثوي فـ
توزع الدهن تحت الجلد والثديين والعضلات
ويتغير الصوت مميزا الشاب عن الفتاة ،
ويبدأ الذكر بالاحتلام والأنثى بالحيض.
وعند تلك المرحلة أو بعدها يستطيع الانسان
ان يثير شهوته بمجرد التفكير والتخيل من
دون وجود مؤثر خارجي يدفعه الى ذلك ، وهو
بذلك يحصل على نوع من اللذة بمجرد اثارة
شهواته جزئيا ، حتى ان بعض الشباب
والشابات يقوم بممارسة : ” العادة السيئة
“ لاشباع تلك الشهوة التي أثارها في نفسه
بنفسه ، وبعضهم يلجأ الى بعض أنواع
التصرفات الشاذة للحصول على نوع من اللذة
يرضيه جزئيا فيكرر ذلك حتى يعتاده ويصبح
نوعا من المرض صعب المداواة والعلاج.
أجهزة الاستقبال
أما المؤثرات الخارجية ومثيرات الشهوة
فإنها ترتبط بأجهزة الاستقبال لدى الانسان
، أي : الحواس ، ويوضع على رأسها : البصر
؛ والسمع ؛ والجلد أي : حاسة اللمس ،
فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني
وزناها السمع وكذلك الأيدي والأرجل.
ويأمر الاسلام المؤمنين رجالا ونساء بغض
البصر : ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ .. ﴾.. ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى
لَهُمْ ﴾.. ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ ﴿ وَلاَ
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ
مِنْهَا ﴾ ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلاَّ .. ﴾ .. ثم يعدد مَن
هم أصحاب الاستثناء في اثني عشر شخصاً..
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:”زنا
العينين النظر“[(متفق عليه)] ؛ أما قوله :
” النظرة سهم من سهام إبليس“ ؛
قلت(الرَّمَادِيُّ ) : هذا حديث قدسي لا
يُنسب للنبي وهو ضعيف واه ؛ كما نهى
اثنتين من نساءِه [(أم سلمة وميمونة رضي
الله تعالى عنهما)] أن تنظرا الى الأعمى
قائلا لهما : ” أفعمياوان أنتما “ ؛ ومدار
الحديث على نبهان مولى أم سلمة وقد ضعفه
بعض العلماء وصححه أخرون ، ويأمر الاسلام
الرجال والنساء على السواء بستر عوراتهم ؛
وعدم التعري أمام الآخرين رجالا أو نساء ،
وأمر النساء بالخمار ، وبالحجاب في حالات
معينة ، وعبر عن أجزاء الجسد التي يجب
سترها بأنها ” سوءة“ وبأنها ”عورة“ ،
فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ
قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا
يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا
وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ
ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُون﴾ ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لاَ
يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا
أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ
يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا
لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا ﴾ .. وقد
نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن التجرد
الكامل من الملابس بين الزوجين : ”... ولا
يتجردا تجرد العيرين“[حديث : ضعيف
الإسناد، لا تقوم به حجة، ولا يثبت بمثله
حكم].. فلا حرج في عدم التستر ..
(يُتْبَعُ
بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
ابحاث لمجتمع خامل ..
ثم يليه : 3 /3 ( فِطْرَةُ اللَّهِ) ..
و3 /4 : : ( صِبْغَةُ اللّهِ) ..
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
ـــــ
الجمعة : ٢۰ شوال ۱٤٤٦~ 18 ابريل 2025 م.
﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً
وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
باقةٌ زاهرةٌ من آيات الذكر الحكيم أبدءُ
بها الفصل الرابع من هذا التمهيد لموضوع
الزواج .. النِّكاح في الإسلام .. أحكام
الأحوال الشخصية ؛ ومكملا للفصل الثالث :
(فِطْرَةُ اللَّهِ )
﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي
فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا
وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ﴾
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا
فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ﴾
﴿ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي
فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون ﴾
﴿ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين
﴾
﴿الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُون ﴾
﴿ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ
الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
﴿ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي
فَطَرَهُنَّ ﴾
وَالْفَطْرُ لغةً : الِابْتِدَاءُ ..
وَالِاخْتِرَاعُ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ لَا
أَدْرِي مَا ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ﴾ ، حَتَّى أَتَانِي
أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ
، فَقَالَ أَحَدُهُمَا [ لِصَاحِبِهِ ] :
أَنَا فَطَرْتُهَا ، [ أي ] أَنَا
بَدَأْتُهَا ..
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا : ﴿
فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ﴿
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ..
وَالْفَاطِرُ: الْخَالِقُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كُلُّ شَيْءٍ فِي
الْقُرْآنِ ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ﴾ فَهُوَ : خَالِقُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. أي:
خَالِقِهَا وَمُبْدِعِهَا عَلَى غَيْرِ
مِثَالٍ سَبَقَ.
فالذي خلق الإنسان وركب فيه حاجاته
العضوية ؛ تلك التي تستلزم الإشباع
الضروري والحتمي .. وإلا هلك الإنسان ومات
.. كما غرز فيه غرائز متعددة تحتاج لإشباغ
غير حتمي وليس بالضروري .. هذا الخالق
الواجد المنشأ المنعم الرازق المبدع خلق
الإنسان على فطرةٍ سوية ؛ بيد أنها تتعدل
وتتغير وتتبدل وتغاير أصل الخِلقة وفقاً
لاسلوب التربية وطريقة التعليم وكيفية
التلقين وطريقة ممارسة الحياة تبعاً لـ
وجهة النظر ..
ومتمماً لـ مسألة الفِطرة أتكلم بتوفيقه
عن مسألة صبغة الله ..
.. فـ صبغةُ الله يراد بها :
(. ۱ .)ما قاله ابن عباس : بأنها : دين
الله ، فـ هذا الدين سماه صبغة ؛ لـ أنه
يظهر أثر الدين على مَن يتمسك بـ أحكامه
ويتقيد بعقيدته ويلتزم بإيمانه فينفذ
شريعته ومنهاجه كما يظهر أثر لون الصبغ
على أنسجة الثوب ، وقيل لأن المتمسك
يلزمهذا الدينعقيدةً وأحكاماً ولا يفارقه
، كـ الصبغ يلزم الثوب ولا يفارقه .
أو كما :
(. ٢ .) قال مجاهد: فطرة الله ، والمعنى
قريب من الأول ،
وقيل:
(. ۳ .) : سُنة الله
وقيل :
(. ٤ .) إن الصبغة المقصودة في الآية
الكريمة هي : الختان . فـ أراد بها الختان
لأنه يصبغ صاحبه بالدم ؛ قال ابن عباس
موضحاً هذه الجزئية من حيث التأويل والشرح
: هي أن النصارى [( وهم أهل كتاب سماوي )]
إذا ولد لـ أحدهم غلام فـ أتى عليه سبعة
أيام من خروجه من رحم أمه غمسوه في ماء
لهم أصفر .. يقال له :" المعمودي " ..
وصبغوه به لـ يطهروه بذلك الماء بدلا من
الختان ، فإذا فعلوا به ذلك قالوا: " الآن
صار نصرانياً حقاً .. " .. فـ أخبر الله
أن دينه الإسلام لا ما يفعله النصارى !
وقيل:
(. ٥ .) إن الصبغة هي : الاغتسال لمن أراد
الدخول في الإسلام ، بدلاً من معمودية
النصارى ..
فـ صبغةُ الله من حيث التأويل : أي:
ألزموا صبغة الله ، وصبغته هي دين الإسلام
، على ما جاء في عبارات السلف السابقة ؛
كما بينتُ .. واقوال مَن جاء مِن بعدهم في
تفسير هذه الصِبغة ، إلا أن ذلك يرجع إلى
معنىً واحد ، كـ قول مَن قال: بـ :
- أن صبغة الله هي : الإسلام ، ومَن قال:
بـ :
- أن صبغة الله هي فطرة الله ، فـ الفطرة
هي الإسلام : ﴿ خلقت عبادي حنفاء﴾ .
وكذلك قول مَن قال: بـ :
- أن فطرة الله هي دينه ، فـ دينه هو
الإسلام ، ونحو ذلك من العبارات المتقاربة
، ذات الدلالة الواحدة .. فـ هذا من قبيل
اختلاف التنوع بإستخدام ألفاظ مغايرة بيد
أنه تؤدي نفس المعنى .. فـ
قوله: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أي: الزموا
صبغة الله الذي هو دينه .. وذلك يقتضي
القيام به على أكمل الوجوه ، بتحقيق
إلتزام عقيدته الواضحة الراسخة وإيمانه
الجلي القوي وبـ أعماله الظاهرة والباطنة
في الحياة الدنيا وفق شريعته ومنهاجه ،
وما يتصل بـ أعمال القلوب ، وما هو متعلق
بـ أعمال الجوارح ، في كل الأحوال والظروف
والأوقات والأزمنة ، حتى يكون لكم .. يا
مَن تؤمنوا بالإسلام عقيدةً وأحكاماً ..
كـ الصِبغ في الثوب ، بحيث يتخلل ويتغلغل
في أعماق النفس البشرية فيشمل روح الإنسان
وبدنه ، وتصطبغ به الجوارح والأعضاء ،
ويظهر أثره على أهله ، وعلى المتمسكين به
، كـ ظهور أثر الصِبغ على الثوب ..
فـ ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾ قيل للدين الذي
نزل وحيا من خالق الإنسان : صِبغة ؛ لأنه
يصبغ أهله وأتباعه بحيث يظهر أثره على
جوارحهم وأعضائهم وأحوالهم وأوقاتهم
وأعمالهم وتصرفاتهم ومُعاملاتهم وأخلاقهم
وحتى زيهم وهندامهم ولباسهم وكلامهم ،
ويظهر أيضًا على وجوههم ، بإشراق الوجه ،
واستنارته ؛ وذلك حينما يستنير القلب
بهداية الإسلام ، ويُشرق بنور الله تبارك
وتعالى فـ الله جلَّ وعلا هو الذي يقول :
﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ ﴾ .. يعني: هداه في قلب
المؤمن وروحه وفؤاده ووجدانه ﴿
كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ .. فـ هذا
القلب يستنير بنور الله تبارك وتعالى فـ
يستنير الوجه ، وتظهر أنوار الهداية
واضواء الإيمان بـ قدر ما يقوم في القلب
من هذه الأنوار وتمتلؤ الروح بهذه الأضواء
، وكذلك أيضًا تظهر هذه الآثار والأنوار
على الجوارح والأضواء على الأعضاء ،
والنبي الكريم ﷺ قال فيما يرويه عن ربه
تبارك وتعالى في الحديث المشهور : « „ من
عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب ، وما
تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما
افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ
بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنتُ
[( ۱ . )] سمعه الذي يسمع به ، و
[( ۲ . )] بصره الذي يبصر به ، و
[( ٣ . )] يده التي يبطش بها ، و
[( ٤ . )] رجله التي يمشي بها ، و
إن سألني لـ [( ٥ . )] أعطينَّه ، و
لئن استعاذني لـ [( ٦ . )] أعيذنَّه. “ »
؛
ولتوضيح مفهوم [( الولي )] كي لا تختلط
المفاهيم نطق القرآن يقول : ﴿ أَلا إِنَّ
أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ ..
فمَن هم !؟ ..
يحدد القرآن فيقول : ﴿ [( أ . )]
الَّذِينَ آمَنُواْ وَ[( ب . )] كَانُواْ
يَتَّقُون ﴾ ..
فالإيمان والتقوى تجعل المسلم ولياً .. فـ
حينما يصطبغ بصبغة الله عزَّ وجلَّ يكون
الله تبارك وتعالى بهذه المثابة بالنسبة
إليه : « „ كنتُ يده التي يبطش بها “ » ؛
بمعنى: أنه لا يُحرك ولا يبطش إلا وفق
مرضاة الله فيما يريد الله ويحبه .. ولا
يمشي برجله خطوة واحدة إلا فيما يكون رضًا
لربه تبارك وتعالى فيكون عمله في رضاه ،
وتكون أنفاسه في طاعته ، فيكون مُستغرقًا
العمر كله وكافة الأنفاس وجميع اللحظات في
طاعة ربه ورضا مليكه وكما يحب خالقه ويريد
مولاه جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه .. وحينما
يصطبغ القلب والعبد بصبغة الله تبارك
وتعالى فإن ذلك لا بد أن يُرى عليه أثره ،
بقدر ما يحصل من هذا الصبغ ، فإن أثر
الصبغ يظهر ولابد ، ومن هنا يتميز المؤمن
بـ سمته وهديه وهيئته ودله ، ويتميز
بمعاملاته وتصرفاته وأحواله وأخلاقه ،
ويتميز بلباسه وهندامه ومظهره وشكله ،
فإذا رآه أحد ميَّزه وعرفه من بين ملايين
البشر .. فيقول : أن هذا من أهل الإيمان ،
فإذا قويَّ ذلك وتمكنت منه التقوى فإن ذلك
يُعرف بوجهه ، بل لقد قال الحافظ ابن
القيم رحمه الله بـ: أن أهل الفراسة
يعرفون ثوب التقي الصالح من ثوب غيره ،
ولو لم يكن عليه ويرتديه ، يعني : ولو لم
يكن لابسًا له ،فـ ثوب مُعلق لإنسان صالح
، وثوب مُعلق لإنسان فاسق ، يُعرف أن هذا
الثوب لإنسان من أهل الصلاح والتقوى ،
وهذا لإنسان من أهل الفساد والهوى ، هذا
في الثوب والهندام واللباس .. فــ كيف
بالإنسان ذاته ؟ .
ولذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن يدعي
أحد الإيمان ، ويعزوا ذلك إلى قلبه ، وأنه
قد استقر فيه ، ثم بعد ذلك لا يظهر شيء من
ذلك عليه من حيث :
- المعاملة فاسدة ، و
- اللسان فاسد ، و
- الأعمال فاسدة ، و
- الجوارح فاسدة ، و
- الوجه مُظلم ، و
- اللباس ليس بلباس أهل الإيمان ، إذا
رأيته لم تُميز هل هذا من المشركين أو من
غيرهم ؟
وهل هذا ممن لا دين له أصلاً كـ الملاحدة؟
.
فـ المظهر والهيئة والصورة والشكل لا تدل
أبدًا على أن هذا من أهل الإيمان ، فضلاً
على كونه من أهل الصلاح والتقوى إطلاقًا ،
في لباسه يتشبه بمن لا خلاق لهم ، وفي
هيئته وأعماله وتعاملاته كذلك ، هذا حينما
يحصل المسخ في الاعتقاد ويحصل تصحر
الإيمان وغيابه في قلب الإنسان ، فيحصل
انحسار آثار الإيمان على جوارح العبد
وأعضاءه ومظهره وهندامه وأعماله وتصرفاته
وتعاملاته ولسانه وتركيبات كلامه وجمل
ألفاظه وأخلاقه ، فيكون حاله ربما أسوء في
ظاهره من حال من لا يؤمنون بالله ، ولا
باليوم الآخر ، فيصدر عنه من الأقوال
والأفعال ما يكون فتنة لغيره ، فيكون
صادًا عن سبيل الله لأنه ينتسب إلى
الإسلام اسمًا ، ولكن هو أبعد الناس عن
امتثال احكامه وشرائعه وابعد الناس عن
منهاجه وطريقته .
وهكذا .. والمرأةُ أيضاً حينما تصطبغ
بصبغة الله .. وتلتزم بأحكام دينها وتتقيد
بمنهاج ربها وشريعة خالقها .. فإن ذلك
يظهر عليها في كلامها وتصرفاتها وأحوالها
من حشمة وحياء ووقار وعفة وعفاف وحجاب
ولباس ضاف وساتر .. مانع لكشف عورتها أو
يظهر تفاصيل بدنها أو ثنايا جسدها ، فليس
فيهندامها عبث ولا في لباسها تلاعب ، وليس
فيه أي لون من ألوان التبرج بزينة فاضحة
تظهر فيه ، أو بمزاولات وتصرفات تتصرفها
هذه المرأة ؛ لتُلفت أنظار الرجال بهذا
الحجاب ، فإن ذلك من صبغة الله .. فتكون
المرأة ذات قرار ووقار وحشمة وحياء وعفاف
وستر ، فتكون في حال من الجلال والبهاء
والرفعة والسمو والسناء ، كما قال الله :
﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى ﴾ ؛ يعني:
أقرب : ﴿ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ
﴾ .
يعني: يُعرف أنها حُرة ، فلا يطمع بها
ضعفاء النفوس أو يطمع فيها أهل الأهواء
والنفوس المريضة ، فإن الحُرة تكون ضافية
الثياب ، ومحتشمة الملابس ومستترة غاية
الاستتار ، بخلاف الكاشفة المُتبذلة ..
فتكون المسلمة لأوامر ربها وخالقها في
جلالها وبهائها وسنائها وفي حجابها ذات
مهابة وجلالة ورفعة عن التبذل ، كما نرى
هذه الجلالة والمهابة والرفعة التي تكسو
بيت الله المعظم وكعبته المشرفة قبلة
المسلمين بمكةَ المكرمة ، في حجابها
الساتر فإنه يزيدها بهاءً وجلالة وقُدسية
وعظمة.
فالمرأة المسلمة حينما تحتجب فإن ذلك
يزيدها بهاءً وجمالاً وحشمة وعظمة ، وتفرض
احترامها على غيرها ، بخلاف مَن كانت
مُتبذلة كاشفة كـ الحلوى المكشوفة العارية
التي يقع عليها الذباب وتتساقط عليها
الآفات وتعلوها الأقذار ، فلا تُقبل عليها
النفوس ، ولا تطلبها ، بل تعافها وتمُجها
، هكذا إذا كان ذلك في حلوى ومطعوم ، فكيف
بالنفوس والأرواح حينما تُشرق بالإيمان ،
وتستنير بطاعة الله والعمل بمرضاته وفق ما
يحبه الله ويرضى ، أو تبتعد عن ذلك ..
قال النبي ﷺ: « „ كل مولود يولد على
الفطرة .. فأبواه يهودانه .. أو يُنصرانه
.. أو يمجسانه “ » .. ولم يقل: أو
يُسلمانه ؛ لأنه يولد على الفطرة ، فصبغة
الله هي دينه ، الزموا صبغة الله ،
واتبعوها .. إذ لا يمكن المُفاضلة بين
صبغة الله وصبغة غيره ، فـ لكل قوم صبغة ،
وكما قال الشاعر:
وَكُلُّ أُنَاسٍ لَهُمْ صِبْغَةٌ ...
وَصِبْغَةُ هَمْدَانَ خَيْرُ الصِّبَغْ
صَبَغْنَا عَلَى ذَاكَ أَبْنَاءَنَا ...
فَأَكْرِمْ بِصِبْغَتِنَا فِي الصِّبَغِ
الشاهد أن صبغة الله لا تُقاس ولا تُقارن
بغيرها .. ..
ـــــــــــــــــــــ
( تمهيد لـ كِتَابُ النِّكَاحِ )
ما سبق نشره على موقع آستروعرب نيوز :
1 / 4 : الحاجات العضوية
2 / 4 : الغرائز
3 / 4 : الفطرة
واليوم :
4 / 4 : صِبْغَةُ الله
الرمادي
حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ : ٢٦/
شوال ~ 24 ابريل / 2025م
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ).
حُرِّرَفي العام١٤٤٦الْهِجْرِيَّ 28/ 09/
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة
نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم
العيد وليلته صاع.
والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر -رضي
الله عنهما- قال : «„فرض رسول الله صلى
الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر
أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر
والذكر والأنثى والصغير والكبير من
المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج
الناس إلى الصلاة‟ »..[ متفق عليه، واللفظ
للبخاري].
ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أنه :
- فرض زكاة الفطر على المسلمين صاعاً من
تمر أو صاعاً من شعير ، و :
- أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى
الصلاة - أعني صلاة العيد -
فــ في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري -رضي
الله عنه- قال : «„ كنا نعطيها في زمن
النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام
، أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو
صاعا من أقط أو صاعا من زبيب‟ ».... و
قد :
- فسر جمعٌ من أهل العلم الطعام في هذا
الحديث بأنه البُر - وهو القمح -
و:
- فسره آخرون بكل ما يقتاته أهل البلاد
أيا كان سواء كان بُرا أو ذرة أو غير ذلك
، وهذا هو الصواب ، لـ
أن الزكاة مواساة من الأغنياء إلى الفقراء
و
لا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت
بلده . و
الواجب صاع من جميع الأجناس وهو
أربع حفنات باليدين الممتلئتين وهو بالوزن
يقارب ثلاثة : " ٣ " كيلو غرام . فإذا
أخرج المسلم صاعا من الأرز أو غيره من قوت
بلده أجزأه ذلك.
وقتها :
:" لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة
العيد،
وإنما
:" يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ،
وهو
:" أول ليلة من شهر شوال ، و
:" ينتهي بصلاة العيد ؛ فـ آخر وقت
لإخراجها هو صلاة العيد فلا يجوز تأخيرها
إلى ما بعد الصلاة ..
لـ
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر
بإخراجها قبل الصلاة ، ولـ
ما[ أخرجه أبو داود : 2/262-263 برقم
(1609)، وابن ماجه : ( 1/585 برقم (1827)
، والدار قطني 2/138، والحاكم 1/409 ].
فـ الواجب - شرعاً - إخراج زكاة الفطر قبل
صلاة العيد ؛ لـ
ما رواه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما-
قال: «„ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ
الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ
اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً
لِلْمَسَاكِينِ ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ
الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ
وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ
فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ ‟ »..
. [ حسنه الألباني في صحيح أبي داود وغيره
] .
و:" ظاهر الحديث توقيت زكاة الفطر بـ صلاة
العيد ، فـ
:" إذا فرغ الإمام الراتب من صلاته خرج
وقتها ، و
:" لا اعتبار بصلاة المنفرد ، إذ لو قلنا
بذلك لما كان لها وقت تنضبط به ، فاعتبر
بصلاة الإمام .
لكن إن كان في مكان لا تقام فيه الصلاة كـ
البوادي مثلاً ، فإنها تخرج في وقت
إخراجها في أقرب البلاد إليهم .
قال البهوتي -رحمه الله- : "والأفضل إخراج
الفطرة يوم العيد قبل الصلاة أو قدرها في
موضع لا يصلى فيه العيد ؛ لأنه صلى الله
عليه وسلم أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس
إلى الصلاة " .. في حديث ابن عمر وقال
جمع: الأفضل أن يخرجها إذا خرج إلى المصلى
" [ انتهى من "كشاف القناع" (2/2529 ) ] .
والله أعلم".
:" ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين
لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: :
«„فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة
الفطر من رمضان..‟ ».. ، وقال في آخره::
„وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين‟..
فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن
يتوب من تأخيره وأن يخرجها للفقراء .
والله أعلم.
[المصدر:اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
والإفتاء الفتوى رقم : (2896) ]. ".
إخراج القيمة نقوداً :
- لا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل
العلم -وهو الأصح دليلاً- ، بل الواجب
إخراجها من الطعام ، كما فعله النبي -صلى
الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-
وجمهور الأمة .
بيد أنه ورد سؤال بخصوص هذه المسألة أي :"
حكم إخراج زكاة الفطر نقودًا !؟؟.
فأجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة
محمد بـ تاريخ الفتوى: 17 ديسمبر 2008 م؛
ورقم الفتوى :2118: : " ما حكم إخراج زكاة
الفطر نقودًا؟
الجواب: يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا ،
وهو مذهب :
- السادة الحنفية و:
- جماعة من التابعين و:
- طائفة من العلماء ؛
لـ
أن مقصود الزكاة الإغناء وسدُّ حاجة
الفقراء ، وهو متحقق بـ : الطعام والنقد.
: "*. ) مقدار زكاة الفطر:
" يرى السادة الحنفية أنَّ الواجبَ في
صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من بُرٍّ أو دقيقه
أو سويقه أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير ،
أما
صفته فهو أن وجوب المنصوص عليه من حيث إنه
مال متقوم على الإطلاق لا من حيث إنه عين
، فـ
يجوز أن يعطي عن جميع ذلك القيمة :
- دراهم ، أو :
- دنانير، أو :
- فلوسًا، أو ك
- عروضًا، أو ما شاء.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (3/ 107،
ط . دار المعرفة): [فإن أعطى قيمة الحِنطة
جاز عندنا ؛ لأن المعتبر حصول الغنى، وذلك
يحصل بالقيمة كما يحصل بالحنطة ، و
عند الشافعي -رحمه الله تعالى- لا يجوز ،
و
أصل الخلاف في الزكاة ، وكان أبو بكر
الأعمش -رحمه الله تعالى- يقول: أداء
الحنطة أفضل من أداء القيمة ؛ لأنه أقرب
إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء
فكان الاحتياط فيه ،
وكان الفقيه أبو جعفر -رحمه الله تعالى-
يقول: أداء القيمة أفضل ؛ لأنه أقرب إلى
منفعة الفقير فإنه يشتري به للحال ما
يحتاج إليه ، و التنصيص على الحِنطة
والشعير كان لـ أن البياعات في ذلك الوقت
بالمدينة يكون بها ، فأما في ديارنا
البياعات تجري بالنقود ، وهي أعز الأموال
، فـ الأداء منها أفضل ، وهذا أيضًا هو :
- مذهب جماعة من التابعين ، كما أنه ك
- قول طائفة من العلماء يُعْتَدُّ بهم،
منهم :
- الحسن البصري ، حيث روي عنه أنه قال: لا
بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر . و :
- أبو إسحاق السبيعي ، فـ عن زهير قال:
سمعت أبا إسحاق يقول: أدركتهم وهم يعطون
في صدقة الفطر الدراهم بـ قيمة الطعام . و
:
- عمر بن عبدالعزيز ، فـ عن وكيع عن قرة
قال: جاءنا كتاب عمر بن عبدالعزيز في صدقة
الفطر : نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف
درهم . وقد روى هذه الآثار الإمام أبو بكر
بن أبي شيبة في "المصَنَّف" (2/ 398، ط.
مكتبة الرشد)، وهو أيضًا :
- مذهب الثوري، وبه قال :
- إسحاق بن راهويه، و :
- أبو ثور ، إلا أنهما قيدا ذلك بـ
الضرورة ، كما ذكره :
- الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب"
(6/ 112، ط. دار الفكر).
و:
- أجازه تقي الدين بن تيمية الحنبلي أيضًا
للحاجة والمصلحة الراجحة ، حيث يقول في
"مجموع الفتاوى" عن إخراج القيمة في
الزكاة والكفارة ونحو ذلك (25/ 82-83): [
والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة
ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ، وأما إخراج
القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا
بأس به ] اهـ.
كما أن القول بـ إجزاء إخراج القيمة في
زكاة الفطر رواية مُخَرَّجة عن الإمام
أحمد نَصَّ عليها المرداوي في "الإنصاف"
(3/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي).
فـ
المختار للفتوى في حكم إخراج زكاة الفطر
نقودًا كما بحثها د. علي جمعة .. فقال :
الذي نختاره للفتوى .. ونراه أوفق لمقاصد
الشرع .. وأرفق بمصالح الخلق هو :
- جواز إخراج زكاة الفطر مالًا مطلقًا ،
وهذا هو مذهب الحنفية ، وبه العمل والفتوى
عندهم في كل زكاة ، وفي الكفارات ، والنذر
، والخراج ، وغيرها ، كما أنه مذهب جماعة
من التابعين كما مر. والله سبحانه وتعالى
أعلم. ".
-*/*-
مصرفها :
: " مصرف زكاة الفطر:" في هذه المسألة
خلاف بين العلماء -رحمهم الله تعالى
جميعاً-، فـ ذهب السادة الشافعية إلى أن
مصرف زكاة الفطر هو مصرف زكاة المال،
[انظر "أسنى المطالب" (1/402) ].
وذهب السادة المالكية إلى تخصيص زكاة
الفطر بالفقراء والمساكين، وهذا ما اختاره
ابن تيمية وابن القيم ، واختاره من
المعاصرين ابن باز -رحمة الله على
الجميع-" .
فـ قال ابن القيم في [ زاد المعاد (2/22)
] : "وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم-
تخصيص المساكين بهذه الصدقة ، ولم يكن
يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة ،
ولا أمر-عليه السلام- بذلك ، ولا فعله أحد
من أصحابه ، ولا من بعدهم ، بل أحد
القولين عندنا: أنه لا يجوز إخراجها إلا
على المساكين خاصة ، وهذا القول أرجح من
القول بوجوب قسمتها على الأصناف
الثمانية."
وقال ابن باز : "ومصرفها الفقراء
والمساكين . لما ثبت عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- قال: : «„فرض رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم
من اللغو والرفث وطعمة للمساكين..‟
»[انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/202).]
وأما
حديث : „لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة
الفطر‟ ».... فأجابت :" اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء(9/364) ] بالقول:
". فلا نعلم صحته والله أعلم!
والمسائل الخلافية بين السادة العلماء
ينبغي للمسلم أن يتبنى حكما واحداً منها
.. ولا يعيب آحدهم على الآخر !
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
حُرِّرَ في
العام ١٤٤٦ الْهِجْرِيَّ ٢٧/ ٩ : شهر
رمضان الكريم!
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ
وَنَسْتَعِينُهُ ونستغفره، ونعوذ باللهِ
من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ
يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ،
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
عليه وآلهِ صلاتُه وسلامُه وبركاتُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم
مُّسْلِمُون}[آل عمران:102]
- من فضل الله -تعالى- على عباده تتابع
مواسم الخيرات، ومضاعفة الحسنات ..فـ
المسلمُ المؤمنُ المحسن يتقلبُ في ساعات
عمره بين أنواع العبادات وفضائل القربات ،
فلا تمضي ساعة من عمره إلا ولله فيها
وظيفة من وظائف الطاعات ، وما أن يفرغ من
عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى، يعيش
ابداً في طاعةِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وفق ما
يحبه الله ويرضاه على مدار العام الهجري ،
ويتنقلُ بسرور بين عبادة وعبادة ويقوم
بشوق المحـب بـ طاعة تتلوها طاعة ، فما
ينتهي موسم خير إلا ويبدأُ آخرُ جديد وما
تنتهي طاعة إلا ويردفها بآخرى للتجارةِ مع
اللهِ، والفوزِ في الآخرةِ بالجنة والنعيم
المقيم.
ولم يجعل الله -تعالى- حدًّا لطاعة العبد
إلا بانتهاء عمره وانقضاء أجله فيذوق كأس
الموت ، يقول -جلَّ وعلا- في كتابه
العزيز: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى
يَأْتِيَكَ الْيَقِين﴾[الحجر:99)، وهذه هي
حقيقة الاستقامة التي وعد الله -تعالى-
أصحابها بالنجاة، والفوز بـ عالي الدرجات،
فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ ..
أَلاَّ تَخَافُوا .. وَلاَ تَحْزَنُوا ..
وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي
كُنتُمْ تُوعَدُون * نَحْنُ
أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا .. وَفِي الآخِرَةِ ..
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنفُسُكُمْ .. وَلَكُمْ فِيهَا مَا
تَدَّعُون * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ
رَّحِيم ﴾ [فُصِّلَت: 30-32]
وقدِ أوشك شهرُ رمضانَ على الانتهاء
وسيبدأ شهرُ شوالَ ، فلماذا سُمِّيَ بشهرِ
شوالَ؟
وماهي فضائلُه؟
وما هي أحكامُ صومِ الستِ منه؟
اعلم أخـ(ـتـ)ـي المسلمـ(ــة) أنّ العربَ
كانتْ قد سمّتِ الشّهورَ بحسَبِ ما يتّفقُ
لها من الأحوالِ والأحداثِ، وفيما يَخصُّ
شهرَ شوّالَ، فهو مأخوذٌ من الشَّوْلِ بــ
معنى الارتفاعِ، فــ الخيرُ يرتفعُ فيه
بسببِ جفافِ الزروعِ والثمارِ، وما يزالُ
بعضُ العربِ إلى اليومِ يعنونَ بها
الارتفاعَ أو الرفعَ، فيقولونَ: "شالَها"
أي رفَعَها.
ومن فضائلِه:
1. . )أَنه أوّلُ أَشْهُرِ الحجِ
المعلوماتِ قالَ تعالى: { الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } . وهي: شوالُ ،
وذُو القِعدةِ ، وذو الحِجةِ ، فلا
يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في
غيرِها،
2. . ) أنَّ فيه صومَ الستِ ، وخُصَّ
شوالُ بذلكَ ؛ لأنَّه جاءَ بعدَ صومِ
رمضانَ ، فـ صيام ست من شوال بعد فريضة
رمضان سُنّةٌ مستحبّة وليست بــ واجب ..
أو فرض! ..
و
خلال شهر الصيامِ قد تحدث رغبةُ شديدةٌ في
الممنوعاتِ: وهي الأكلُ والشُربُ والجماعُ
، فــ صومُه أشقُ ، وثوابُه كثيرٌ ، قالَ
رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ
وسلمَ-: "منْ صامَ رمضانَ ثم أتبعَه ستًا
من شوالَ كانَ كصيامِ الدهرِ"، وقد ثبت
ذلك مفصلا في حديث ثوبان - رضي الله عنه-
عند ابن ماجه بإسناد صحيح أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قد فسّر ذلك بقوله :
"منْ صامَ ستةَ أيامٍ بعدَ الفِطرِ،كانَ
تمامَ السنةِ: ﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام:
160].. وفي رواية أبي الشيخ: جعل الله
الحسنة بعشر أمثالها .. فــ شهر بـ عشرة
أشهر .. وصيام ستة أيام تمام السنة.
[النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب
والترهيب: ( 1/421) ] ، ورواه ابن خزيمة
بلفظ: " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها
وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة.".
2 . 1 . ) وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة
والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد
رمضان يعدل صيام سنة فرضا، وإلا فإنّ
مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام
النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.
ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من
شوال :
2 . 2 . )تعويض النّقص الذي حصل في صيام
الفريضة في رمضان .. إذ لا يخلو الصائم من
حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ..
ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لـ جبران
نقص الفرائض .. كما قال -صلى الله عليه
وسلم -: " إن أول ما يحاسب الناس به يوم
القيامة من أعمالهم الصلاة .. قال يقول
ربنا -جل وعز- لــ ملائكته [(وهو أعلم)]:
انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها!..
فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها
شيئا .. قال : انظروا هل لـ عبدي من تطوع
.. فإن كان له تطوع .. قال : أتموا لعبدي
فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم
[رواه أبو داود].
توضيح المسألة :
أَّن صيامَ ستةَ أيامٍ من شوالٍ بعدَ
رمضانَ يُستكمَلُ بها أجرُ صيامِ الدهرِ
كلِّه.
وأنَّ صيامَ شعبانَ قبلَ رمضانَ .. وصيامَ
شوالَ بعدَه ، كما ذكر الحافظ ابن رجب -
رحمه الله- في شرح هذا الحديث ما حاصله:
أن صيام شوال وشعبان كـ صلاةِ السننِ
الرواتبِ قبلَ الصلاةِ المفروضةِ وبعدَها
، فـ يُكَمَّلُ بذلك ما حصلَ في الفرضِ من
خللٍ ونقصٍ ، فإنَّ الفرائضَ تُكمَّلُ بـ
النوافلِ يومَ القيامةِ .. [( وهذا كرم
وفضل وإنعام من الخالق -سبحانه- )] ،
وأكثرُ الناسِ في صيامِه للفرضِ نقصٌ
وخللٌ ، فيحتاجُ إلى ما يَجبرُه من
الأعمالِ.. وأنَّ معاودةَ الصيامَ بعد
صيامِ رمضانَ علامةٌ على قبولِ اللهِ
لصومِ رمضانَ، فإنَّ اللهَ -تعالى- إذا
تقبلَّ عملَ عبدٍ، وفقَه لعملٍ صالحٍ
بعدَه.
يومُ الجوائزِ
وأنَّ الصائمينَ لرمضانَ يُوفَّون أجورَهم
في يومِ الفطرِ ، وهو يومُ الجوائزِ ،
فيكونُ معاودةَ الصيامِ بعدَ الفطرِ شكرًا
لهذه النعمةِ.
ومنَ المسائلِ المهمةِ التي تتعلقُ بصيامِ
هذه الستِ:
يعتقدُ بعضُ الناسِ أنه إذا صامَ الستَ من
شوالَ هذه السنةَ ، فلابُدَّ أنْ يصومَها
كلَّ سنةٍ ، وهذا غيرُ صحيحٍ ، فالمسلمُ
مخيرٌ بينَ صيامِها وفطرِها لأنَّ صيامَها
ليسَ واجباً بل هو مستحبٌ.
يبدأُ صيامُ الستِ من شوالَ من ثاني أيامِ
العيدِ ، وينتهي بنهايةِ الشهرِ ، يُمكن
الشروع بصيام الستّ من شوال ابتداء من
ثاني أيام شوال لأنّ يوم العيد يحرم صيامه
ويُمكن أن تصوم الستّ في أيّ أيام شوال
شئت.
تنبيه :
عيد الفطر هو يوم واحد فقط ، وهو اليوم
الأول من شوال . وأما ما اشتهر عند الناس
من أن عيد الفطر ثلاثة أيام ، فهذا مجرد
عُرف اشتهر بين الناس لا يترتب عليه حكم
شرعي.
قال الإمام البخاري -رحمه الله-: [( بَاب
صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ )] .. ثم روى
(1992) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : « „ نَهَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ،
وَالنَّحْرِ‟ » ..
فعلى هذا فـ يوم الفطر يوم واحد فقط ، وهو
الذي يحرم صومه..
أما اليوم الثاني أو الثالث من شوال فلا
يحرم صومهما ، فيجوز صومهما عن قضاء رمضان
.. أو .. تطوعاً.
- ولا فرقَ في أن تُصامَ هذه الأيامُ
مفرقةً بسببٍ أو بغيرِ سببٍ أو
متتابعةًمتتالية . وكلما بادر كان أفضل،
قال الله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُواْ
الْخَيْرَاتِ ﴾، وقال: ﴿ وَسَارِعُواْ
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾، وقال
موسى -عليه السلام- : ﴿ وَعَجِلْتُ
إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ .. ولما في
التأخير من الآفات التي قد تحدث.. وإليه
ذهب الشافعية وبعض الحنابلة، لكن لا حرج
في عدم المبادرة ، فلو أخرها إلى وسط
الشهر أو آخره فلا بأس.
قال الإمام النووي -رحمه الله- : „ قَالَ
أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ
أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، لِهَذَا
الْحَدِيثِ .. قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ
أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي
أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ
أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ. وَكَانَ
فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ،
لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ .
وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا [(أي :
السادة الشافعية)] .. وَبِهِ قَالَ
أَحْمَدُ وَدَاوُد. ‟ [انتهىمن
"المجموعشرحالمهذب"].
- أما إذا وافقَ أنْ يكونَ صيامُ هذه
الأيامِ الستةِ في يومِ الاثنينِ أو يومِ
الخميسِ، فإنَّه يحصلُ له الأجرانِ
بنيتِه: أجرُ الأيامِ الستةِ وأجرُ
الاثنينِ أو الخميسِ ..
تتبقى مسألة متعلقة بـ :" قضاء الصيام ..
فـ هل تبدأ المرأة التي اصابها الحيض
إثناء شهر الصيام بـ قضاء رمضان أو بستّ
شوال .. يعني : بالنسبة لصيام ستة من أيام
شوال بعد يوم العيد ، هل للمرأة .. أن
تبدأ بصيام الأيام التي فاتتها بسبب عذر
شرعي : الحيض .. ثم تتبعها بالأيام الستة
؟ ..
فــ إذا أرادت الأجر الوارد في حديث النبي
-صلى الله عليه وسلم- : " مَنْ صَامَ
رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ
شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ . "
[رواه مسلم رقم 1984 ] .. فـ عليها أن
تتمّ صيام رمضان أولا .. ثم .. تتبعه بـ
ست من شوال لينطبق عليها الحديث وتنال
الأجر المذكور فيه..أمّا من جهة الجواز :
فإنه يجوز لها أن تؤخرّ القضاء بحيث تتمكن
منه قبل دخول رمضان القادم .. التالي..
والمسائل الفقهية والفتوى متعلقة بكل حالة
بذاتها .. والأصل أن الفتوى لا تعمم !
لإختلاف حال السائل عن آخر! ..
ــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
العبادت - وفق التقسيم
الفقهي المعمول به عند كبار السادة
العلماء من المذاهب المعتبرة- .. فـــ
العبادات.. وهي ما يحبه الله - عزَّ وجلَّ
- ويرضاه .. كلها توقيفية .. وليس لها علة
أو سبب .. فالركوع في الصلاة والسجود ليس
لتقوية عضلات الظهر والفخذين .. كما وأن
الصيام في شهر رمضان ليس لتخسيس وزن
الصائم .. كما أنه ليس ليشعر الغني بـ فقر
المحتاج .. وكما أُنزِل في محكم الكتاب
العزيز الكريم .. فـقال تعالى: ﴿وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ ﴾*﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ
مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ
يُطْعِمُونِ ﴾*﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ
الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [
الذاريات/56-58.].. فأخبر سبحانه أنه خلق
الخلق لــ عبادتههو دون سواه ، وأرسل جميع
الرسل والأنبياء - عليهم جميعا الصلاة
والسلام - تأمرُ بعبادته وحده ..
1. ] :اختلاف الفقهاء حول وقتها:
الأقوال مختلفة في تعيين هذه الليلة بـ
ليلة بعينها خاصة ..
وفي شهر مخصوص.
فــ
قد قيل: إنها في ليالي السنة كلها، و
هي مبهمة غير معينة.
لكن الذي عليه معظم السادة العلماء أنها
في شهر رمضان ؛
لـ
يتفق ذلك مع قوله ـ تعالى: ﴿ شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنَ
﴾ [ البقرة : 185 ].
و
قوله:﴿ إِنَا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ
مُبَارَكَةٍ ﴾[ الدخان :2 ].
أما :
2. ] :تعيين ليلة من هذا الشهر الفضيل ،
فــ فيه خلاف.
وقد صح في ذلك حديث البخاري
ومسلم:«„التمسوها في العشر الأواخر من
رمضان“» .
والنبي - ﷺ - كان حريصاً على قيام هذه
الليالي الأخيرة، كما يدل عليه الحديث
المتفق عليه :«„كان إذا دخل العشر الأواخر
من رمضان ؛
:1. ) - جد
و
:2. ) - اجتهد و
: 3 . ) -شد المئزر، و
: 4 . ) -أيقظ أهله ، و
: 5 . ) -أحيا الليل كله“»؛ " .
[ النص كما ورد :" فَعَنْ عَائِشَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "كَانَ
إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ
وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ
وجَدَّ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ) ". ] .
. وأرجى ما تكون تلك الليلةالمباركة في :
- الليالي العشر الأواخر ، و:
- فى الوتر منها ،
كما في حديث البخاري :«„التمسوها في الوتر
من العشر الأواخر من رمضان“».
و:
- أشد هذا الوتر رجاءً هو ليلة السابع
والعشرين :«„27“»؛..
لـ
حديث رواه مسلم. و
قيل: إنها تنتقل من عام لآخر بين هذه
الليالي الأخيرة.
وأما
3 . ] : فضل ليلة القدر
فـ
يكفي في بيانه وبيان ثواب من قامها قوله -
تعالى-: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ
َأْلِف شَهْرٍ ﴾ [ القدر : 3 ]، أي:
العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر،
ليس فيها ليلة قدر، وقول النبي- ﷺ - : «„
من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِرَ
له ما تقدم من ذنبه “»؛ و
قوله عن هذه الليلة: «„ من حُرمها فقد
حُرِمَ الخير الكثير “»؛.
وألف شهر تساوي ثلاثًا و ثمانين سنة
وأربعة أشهر [(!!!)] ، أي أن هذه الليلة
الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان
عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه
سنوات ما قبل البلوغ والتكليف.
وألف :«„1000 “»؛شهر لا يراد به التحديد ،
بل المراد به جميع الدهر، فـ
التعبير عربي يراد به الكثرة ، كما قال
تعالى : ﴿ يَوَدُ أَحَدُهُمْ لَو
يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾[البقرة:96].
والثواب المضاعف في هذه الليلة كما يقول
كثير من العلماء، و
رواه مالك في الموطأ هو: تعويض للأمة
الإسلامية بهذا الثواب عن أعمارها القصيرة
لتساوي أعمار السابقين الذين كانوا يعيشون
أعمارا طويلة، وفضل الله واسع، وأمة محمد
- ﷺ - هي خير أمة أخرجت للناس، وفضل الله
عليها وعلى نبيها عظيم كما هو معروف .
: "ــالراجح الذي عليه جمهور العلماء أن
ليلة القدر تكون في شهر رمضان، وأنها
فيالعشر الأواخرمنه، و
أما تحديدها في العشر الأواخر فمختلف فيه
تبعا لاختلاف الروايات الصحيحة، والأرجح
أنها في الليالي الوتر من العشر الأواخر،
وأرجى ليلة لها هي ليلة السابع والعشرين .
وفضلها عظيم لمن أحياها ، وهي ليلة عامة
لجميع المسلمين، وإحياؤها يكون بـ :
- الصلاة، و
- قراءة القرآن، و
- الذكر، و
- الاستغفار، و
- الدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر،
وصلاة التراويح في رمضان إحياء لها.
يقول فضيلة الشيخ سيد سابق - رحمه الله -
:للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم
من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم
من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم
من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم
من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين،
ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر
من العشر الأواخر،وأكثرهم على أنها ليلة
السابع والعشرين.
روى أحمد – بإسناد صحيح- عن ابن عمر – رضي
الله عنهما- قال: قال رسول الله -ﷺ-: «„
من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع
والعشرين“»؛.
وروى مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي
–وصححه- عنأُبيِّ بن كعبأنه قال: «„والله
الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان -يحلف
ما يستثني- والله إني لأعلم أي ليلة هي،
هي الليلة التي أمرنا رسول الله -ﷺ-
بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن
تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع
لها“» .
حُرِّرَفي العام١٤٤٦الْهِجْرِيَّ :/ 12
رمضان /1446 هــ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
حتفل العالم
تحت مظلة الأمم المتحدة بـ يوم المرأة بـ
أشكال مختلفة وبـ اهتمامات متفاوت بين
البلدان وبـ صور عدة، وقد تكون متعارضة
بين الشعوب والأمم نتيجة تباين وجهة النظر
في الحياة وتغاير المبدأ المعتقد في صحته
عن الوجود .. حيث العديد من النساء عبر
العالم يجهلنَّ بـ وجود يومهنَّ العالمي،
أو يجهلنَّ -وهنا المصيبة- حقوقهن وفق
معايير بيئتهن مع ترسخ الصورة النمطية عن
المرأة في الأذهان وغياب علم صحيح عن
واجباتهنَّ .. نتيجة استيراد نماذج لا
تصلح في بعض الأماكن!
ــــــــــــــــــــ
تاريخ يوم المرأة
أن أول احتفال "مؤكد(!)" بـ يوم المرأة
كان في 28 فبراير 1909م في مدينة نيويورك،
نظمه الحزب الاشتراكي الأميركي بناءً على
اقتراح من الناشطة تيريزا مالكيل، وأُطلق
عليه اسم "اليوم الوطني للمرأة" ..
بيد أنه يتم التغافل أو التناسي بأن رسول
الإسلام .. هو أول مَن قال -وحيا مِن خالق
الرجل والمرأة والحياة والكون -: «„إنَّما
النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجالِ“»؛أي: إنَّ
النِّساءَ نظائِرُ .. وأمثالُ الرِّجالِ
فِي الأحكامِ المُشتَرَكةِ بينهُما، وَهذا
تعريضٌ مِنْهُ صَلَّى اللهُ علَيْهِ
وسَلَّم بأنَّ المرأةَ مِثْلُ الرَّجُلِ
في كافة المسؤوليات والواجبات والتكاليف
والحقوق والأحكام والأخلاق.. إلا ما يخصها
من حيث التركيبة الأصلية للأنثى كـ أحكام
الحيض والولادة والنفاس والرضاع " .. وهذا
يعني :" أنهنَّ مِن نفس جنس الرجال:
«„الذي خلق من أنفسكم أزواجا “»؛أي "
كونها خرجت من رحم أمها كما خرج هو من رحم
أمه ، وأنها خرجت من الرجل كما خرج من
الرجل، فهنَّ: «„شقائق الرجال “»؛في كل
الأمور، إلا ما استثناه الخالق الشارع
الحكيم. "..فــ المعنى -والله أعلم-
أنهنَّ مثيلات الرجال فيما شرع الله مِن
تكاليف وألزم مِن أحكام العقائد والعبادات
والمعاملات ، وفيما منح الله لهنَّ مِن
النعم، إلا ما استثناه الشارع فيما يتعلق
بـ طبيعة المرأةالمخلوقة كـ أنثى،وهذا لا
يقلل - البتة - مِن شأنها بأي حال مِن
الأحوال أو بـ اي صورة من الصور ".. " أو
ما استثناه الشارع فيما يتعلق بـ طبيعة
الرجل، وفي بعض الشؤون الأخرى خصَّ الشارع
المرأة بشيء أو اشياء ، والرجل بشيء،
والأصل أنهما سواء ". ..
فـ ما :" معنى الشقائق !" ..
قال ابن الأثير: أي نظائرهم وأمثالهم في
الخَلق والطباع.. والأحكاموالتكاليف كـ
أنهنَّ شُققن مِن الرجال ؛ ولـ أن حواء -
المرأة الأولى - خُلقت مِن آدم عليه
الصلاة والسلام .. وشقيق الرجل أخوه لأبيه
ولأمه؛ لــ أنه شق نسبه من نسبه،ويفهم من
هذا - تبعاً - أنهنَّ مستويات مع الرجال
في الكرامة الإنسانية، والخلقة الآدمية ،
والتكوين البشري . أما قضية الحقوق ..
ومسألة الواجبات فـ موزعة بينهما -كلٌ -
بحسب فطرة الله التي فطر كلاً من الرجال
والنساء عليها وخلقهما لــ تتم عِمارة
الكون واستعمار الأرض ..
فـ :" خاطبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم
الرجلَ والمرأةَ بوصايا وتكاليف، وكل أمر
ونهي عام في أوامر ووصايا النبي صلى الله
عليه وسلم فإنه شامل للرجل والمرأة، إذ أن
المرأة داخلة فيه "..
القرآن الكريم - الوحي: المصدر الأول-
ساوى بين الرجل والمرأة في أصل الخِلقة
والتكليف، والثواب والعقاب، إلا فيما
اختصت به النساء عن الرجال لطبيعتها
الأنثوية ودورها - حياتياً - المنوط بها
في الوجود، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ
ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.. فقد جعل
الله سبحانه العدل ميزانا يحاسب به عباده،
لا فرق بين رجل وامرأةٍ ، كـ ما قال
تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾،
وقال: ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ
لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ
نَفْسٌ شَيْئًا..
إن الناظر والمتأمل في سيرة المصطفى..
والمتتبع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
يجد أنه أعطى المرأةَ جانبا كبيرا من
اهتمامه وأحاديثه ووصاياه، وكل وصية وأمر
ونهي عام في أوامر ووصايا النبي صلى الله
عليه وسلم فإنه شامل للرجل والمرأة، إلا
أن هناك أعمالا وأحكاماً وتصرفات ووصايا
لا خلاف في اختصاصها بـ المرأة دون
الرجل.. وقد أحاط النبي صلى الله عليه
وسلم المرأةَ بالرعاية التامة والعناية
الكاملة، وخصَّها بـ التكريم وحباها بـ
طيب العشرة وعناها بـ حُسْن المعاشرة
والزم الرجل بسمو المعاملة: أُمًّا- كانت-
وزوجة وابنة، وقد بلغ مِن شدة اهتمامه
صلوات الله وسلامه عليه وسلم بـ المرأةِ
أن أوصى بها في خطبته في حجة الوداع
[العام العاشر مِن الهجرة الشريفة
المنيفة] قُبيل وفاته بقوله: : «„استوصوا
بالنساء خيرا “»؛ .
.ولغياب تلك الكيانات الهزيلة عن دورها
الفاعل والمؤسسات الضعيفة فيما أُنيط بها
والتجمعات - مع كثرتها - قليلة النفع
عديمة تقديم الخدمات.. بدأت الأمم المتحدة
بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام
1975م.. والذي أطلق عليه اسم :" السنة
الدولية للمرأة" .. وفي عام 1977م دعت
الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول
الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة
رسمية للأمم المتحدة من أجل حقوق المرأة
والسلام العالمي.. ومنذ ذلك الحين يُحتفل
بهذا اليوم سنوياً من قبل الأمم المتحدة
والعديد من دول العالم..
واليوم : دشّنت الأمم المتحدة
هاشتاغForAllWomenAndGirls# وحثت النساء
والفتيات على المشاركة فيه لفتح النقاش
حول قصصهن ومطالبهن.. إذ يحتفلالعالم بيوم
المرأة العالمي.. وسط أزمات جديدة وتحت
وطأة التغيرات السريعة وتآكل للحقوق وبروز
حروب على جبهات عدة وتهجير متعمد وتدمير
مقصود فيالعديد من بقاع الأرض ..
وقد أعلنت الأمم المتحدة أن الاحتفال هذا
العام سيحمل شعار "الحقوق والمساواة(!)
والتمكين(!) لـ كافة النساء والفتيات"..
وأوضحت أنه يُراد مِن هذا شعار الدعوة إلى
"العمل على إجراءات من شأنها أن تفتح
الباب أمام المساواة في الحقوق والقوة
والفرص للجميع ومستقبل نسوي لا يتخلف فيه
أحد عن الركب"...
ومثل تلك الشعارات تحتاج لمزيد توضيح
وتسليط الضوء الساطع من قِبل رجال العلم
لما يحاك .. كي لا يحدث لَبْس عند البعض
أو سوء فهم ..
ومع حلول الذكرى الثلاثين لـ إعلان ومنهاج
عمل بكين.. وهي وثيقة تعنى بحقوق المرأة
في جميع أنحاء العالم، يتزامن الاحتفال
بهذه المناسبة هذا العام خاصةً في ما يحض
الحماية القانونية والوصول إلى الخدمات
وإشراك الشباب والتغيير في المعايير
الاجتماعية والصور النمطية والأفكار
العالقة في الماضي..
وهنا يتساءل المرء : وفق أي معايير سيتم
تغيير الصورة النمطية المترسخة في الأذهان
..!؟
وذكّرت الأمم المتحدة أنه قبل عام 1995م ،
لم يكن هناك سوى 12 دولة لديها عقوبات
قانونية ضد العنف المنزلي، بينما اليوم
هناك 1583 تدبيراً تشريعياً معمولاً به في
193 دولة، بما في ذلك 354 تدبيراً يستهدف
منع العنف المنزلي على وجه التحديد بـ
كافة صوره . سواء الجسدي/ البدني أو
المعنوي / اللفظي .. كما أن هناك 112 دولة
لديها خطط عمل وطنية بشأن المرأة والسلام
والأمن، وهي زيادة كبيرة من 19 دولة فقط
في عام 2010م.
الدبلوماسية النسوية!
وعلى الصعيد السياسي، يوجد في العالم
حوالي خمسة عشر بلداً ينتهج دبلوماسية
نسوية..
وفي هذا السياق أعلنت الجمهورية الفرنسية
، يوم الجمعة الماضي، إطلاق "استراتيجية"
للأعوام 2025م-2030م تهدف إلى تعزيز قوة
دبلوماسيتها الرامية إلى الدفاع عن حقوق
النساء في العالم..
وفي عام 2019م، اعتمدت وزارة الخارجية
الفرنسية هذا المفهوم الذي يتمثل في وضع
حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في قلب
السياسة الخارجية، من دون اعتماد خريطة
طريق فعلية..
ولا تتضمن هذه الاستراتيجية أي أهداف
كميّة، لكن من شأنها أن تسمح بتكثيف
مساهمة فرنسا في المبادرات الرامية إلى
تعزيز حقوق المرأة والدفاع عنها، سواء في
إطار الهيئات الدولية أو من خلال المنظمات
العاملة لصالح النساء والفتيات ..
ويتساءل المرء : أين دور جامعة الدول
العربية والتي تضم 22 دولة لعرض تصورها
لما يزيد عن 450 مليون يسكنون سُرة العالم
..
أو :
أين منظمة التعاون الإسلامي والتي تضم 57
دولة لطرح تصورها لما يزيد عن مليار و800
مليون مسلم ..
بل اقل من ذلك :
أين منظمة التعاون الخليجي أو المؤسسات
ذات الصلة في دولة العالم !
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
حُرِّرَفي العام١٤٤٦ الهلاليالْهِجْرِيَّ:
08 رمضان الموافق : 08/03/2025م
(.شهر رمضان.. شهر القرآن .. شهر الغفران
.. شهر القيام )
ميزة شهر رمضان
وفضائل
الصيام وفوائده وآدابه
الحمدُ لله ذي المَنِّ
والعطاءِ ومنه التوفيقِ والإنعام، الخالق
الرازق الذي شَرَعَ لعِبادِه شَهْرَ
رمضان-شهر القرآن والغفران- للصيام
والاعتكاف والقيام، مرَّةً واحدةً في
العام وكُلَّ عام لمن أبقاه في دنيا
الأنام ، وجَعَلَهُ أحَدَ أركانِ الإسلام
ومَبانيهِ العِظام، ومُطهِّرًا للنفوس مِن
الادران والسخائم والذنوب والآثام،
والصلاةُ والسلامُ والتبريكات والإنعام
على مَنِ اختارَهُ اللهُ -عزَّوجلَّ-
لبيانِ صالح الأعمال وصحيح الأقوال وأفضل
ما يتعلق بالإنسان مِن الأحكام ، فاختاره
- عليه السلام- واجتباه واصطفاهُ لتبليغِ
شَرْعِه للأنام ؛ فكان خَيْرَ مَنْ صَام
واعتكف وقام ، وَعبد ووَفَّى واستقام ،
وعلى آله الأصفياء الأخيار الأطهار
وصحابتِه النجباء الكِرام، ومَنْ تَبِعَهم
بإحسانٍ على الدوام .
أمَّا بعد:
فلقد فَرَضَ اللهُ -تعالى ذكره- الصيامَ
على مَن سبقنا من أهل الكتاب وجميعِ
الأُمَمِ .. وإِنْ اختلفَتْ بينهم كيفيتُه
ووقتُه ، قال -تعالى- : ﴿ يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ
ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ
(١٨٣) ﴾ [البقرة] .
وفي السَّنَةِ الثانية مِن الهجرة الشريفة
المنيفة وفي المدينة المنورة - والتي
طيَّب الله تعالى ثراها بممشاه فيها ثم
بمرقده وبجواره صاحبيه الصديق والفاروق
رضي الله تعالى عنهما -.. في السنة
الثانية بعد الهجرة أَوْجَبَ اللهُ
-تعالى- صيامَ رمضان وجوبًا آكدًا على
المسلمــ(ــة) البالغــ(ــة) ، فإِنْ كان
: 1. ) صحيحًا
2. ) مُقيمًا وَجَبَ عليه أداءً ، وإِنْ
كان :
3. ) مريضًا وَجَبَ عليه قضاءً ، وكذا
4. ) الحائض و:
5. ) النُّفَساء ، وإِنْ كان :
6. ) صحيحًا مُسافرًا ، خُيِّرَ بين
الأداءِ والقضاء ، و
قَدْ أَمَرَ -تعالى- المُكلَّفَ أَنْ يصوم
الشهرَ كُلَّه مِنْ أوَّلِهِ إلى
مُنْتهاهُ ، و :
*. ) حدَّد له بدايتَه بحدٍّ ظاهرٍ لا
يخفى عن أحَدٍ نبيه أو يغيب عن عاقل رشيد
،خاصةً مع التقدم العلمي والتكنولوجي..
وهو سهولة رؤيةُ مولد الهلال .. أو إكمالُ
عِدَّةِ شعبانَ ثلاثين يومًا ؛ لـ قوله
صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَصُومُوا
حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا
تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ
عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
ـــ
الحديث: أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٥٦) بابُ
قولِ النبيِّصلَّى الله عليه وسلَّم:
«إِذَا رَأَيْتُمُ الهِلَالَ فَصُومُوا،
وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا»، و :
ب . ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨١) رقم:
(١٠٨٠)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر -رضي الله
عنهما-.
ـ
كما :
* . ) حدَّد له بدايةَ الصومِ بحدودٍ
واضحةٍ جَليَّةٍ ، فجَعَلَ - سبحانه وجلَّ
شأنه - بدايةَ الصومِ بـ طلوع الفجر
الثاني ، و :
*. ) حدَّد نهايتَه بـ غروب الشمس في قوله
تعالى : ﴿ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ
مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ
ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ
إِلَى ٱلَّيۡلِ ﴾ [البقرة: ١٨٧] ، وبهذه
الكيفيةِ والتوقيتِ تَقرَّرَ :
* . ) وجوبُه حتميًّا في قوله تعالى : ﴿
فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ
فَلۡيَصُمۡهُ ﴾ [البقرة: ١٨٥] ، وصارَ
صومُه :
*. ) ركنًا مِن أركانِ الإسلام ، فـ :
*. ) مَنْ جَحَدَ فرضيته و :
*. ) أَنْكَرَ وجوبَه فهو مُرْتَدٌّ عن
دِينِ الإسلام ، يُسْتتابُ فإِنْ تابَ
وإلَّا قُتِلَ كُفْرًا ، و :
*. ) مَن أَقَرَّ بوجوبه ، وتَعَمَّدَ
إفطارَه مِنْ غيرِ عُذْرٍ فقَدِ ارتكب
ذَنْبًا عظيمًا وإثمًا مُبينًا
يَسْتَحِقُّ التعزيرَ والردع.
هذا، وشهرُ رمضان مَيَّزَهُ اللهُ تعالى
بميزاتٍ كثيرةٍ مِنْ بَيْنِ الشهور ،
واختصَّ صيامَه عن الطاعات بـ فضائلَ
مُتعدِّدةٍ ، وفوائدَ نافعةٍ ، وآدابٍ
عزيزةٍ.. وهذه من نِعم الخالق المنشأ
المبدع المصور للمخلوق المصنوع .. وهذه
تحتاج لمراجعة كافة النصوص القرآنية
المتعلقة بفريضة صوم رمضان مع أقوال
السادة العلماء في كتب التفسير ومصادر
الفقه .. وايضا الأحاديث النبوية الشريفة
ومراجع شروح الأحاديث ذات البيان والتفصيل
.
[ ( * . ) ] ميزة شهر رمضان!
ومِنْ ميزةِ هذا الشهرِ المبارك العظيمِ
ما يلي:
*. ) صوم رمضان:
هو الركن الرابع [ ( 4 . ) ] مِنْ أركانِ
الإسلام ومَبانيهِ العِظام؛ لقولهصلَّى
الله عليه وسلَّم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ
عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ
الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ،
وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ»
ـ أخرجه :
أ.) البخاريُّ في «الإيمان» (١/ ٩) باب:
دعاؤُكم إيمانُكم، و :
ب. ) مسلمٌ في «الإيمان» (١/ ٢٨) رقم:
(١٦)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر-رضي الله
عنهما،
تنبيه :
وَقَعَ في [ 1 . ] «صحيح البخاريِّ»
تقديمُ الحجِّ على الصوم، وعليه بَنَى
البخاريُّ ترتيبَه، لكِنْ :
[ 2. ] وَقَعَ في «مسلمٍ» مِنْ روايةِ سعد
بنِ عُبَيْدةَ عن ابنِ عمر بتقديمِ الصومِ
على الحجِّ، قال: فقال رجلٌ: «والحجُّ
وصيامُ رمضان»، فقال ابنُ عمر: «لا، صيامُ
رمضانَ والحجُّ، هكذا سمعتُ رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم». [ انظر : «فتح
الباري» لابن حجر العسقلاني: (١/ ٥٠)].
وهو معلومٌ مِن الدِّينِ بالضرورة وإجماعِ
المسلمين على أنَّه فرضٌ مِنْ فروضِ الله
تعالى.
*. ) إيجابُ صيامِه على هذه الأُمَّةِ
وجوبًا عينيًّا :
لقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُ﴾ [البقرة: ١٨٥].
*. ) وإنزال القرآنِ فيه لإخراجِ الناس
مِن الظلمات إلى النور:
وهدايتِهم إلى سبيل الحقِّ وطريقِ الرشاد،
وإبعادِهم عن سُبُلِ الغَيِّ والضلال،
وتبصيرِهم بأمور دِينِهم ودُنْياهُمْ، بما
يَكْفُلُ لهم السعادةَ والفلاحَ في الدنيا
العاجلةِ والباقية الآخرة، قال تعالى:
﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ
ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ
وَٱلۡفُرۡقَانِ﴾ [البقرة: ١٨٥].
*. ) ومنها:
أنَّه تُفتَّحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ
لكثرةِ الأعمال الصالحةِ المشروعةِ فيه
المُوجِبةِ لدخول الجَنَّة [ جعلنا الله
الرحمن الرحيم من أهلها ]، وأنَّه
تُغْلَقُ فيه أبوابُ النارِ لقِلَّةِ
المَعاصي والذنوب المُوجِبةِ لدخول النار
[ابعدنا منها الله تعالى بكرمه وحسن
طاعته].
*. ) وأنَّه فيه تُغَلُّ وتُوثَقُ
الشياطينُ:
فتعجزُ عن إغواءِ الطائعين، وصَرْفِهِم عن
العمل الصالح، قال صلَّى الله عليه
وسلَّم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ
أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ
الشَّيَاطِينُ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الصوم» (١/ ٤٥٥) باب:
هل يُقالُ: رمضانُ أو شهرُ رمضان، ومَنْ
رأى كُلَّه واسعًا، و :
ب. ) مسلمٌ في «الصيام» (١/ ٤٨١) رقم:
(١٠٧٩)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
*. ) ومنها:
أنَّ لله تعالى في شهر رمضان عُتَقَاءَ
مِن النار؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
«إِنَّ للهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ
عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ».
الحديث أخرجه :
أ. ) ابنُ ماجه في «الصيام» (١٦٤٣) بابُ
ما جاء في فضلِ شهر رمضان، مِنْ حديثِ
جابر بنِ عبدالله-رضي الله عنهما، و:
ب. ) أحمد في «مسنده» (٥/ ٢٥٦)، مِنْ حديث
أبي أُمامة الباهليِّ- رضي الله عنه. و :
ج. ) الألبانيُّ حسَّنه في «صحيح الجامع»
(٢١٦٦).
*. ) ومنها:
أنَّ المغفرة تحصل بصيامِ رمضان بالإيمان
الصادق بهذه الفريضة، واحتسابِ الأجر
عليها عند الله تعالى؛ لقوله صلَّى الله
عليه وسلَّم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ
إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
الحديث أخرجه :
أ. ) البخاريُّ في «الإيمان» (١/ ١٥) باب:
صومُ رمضان احتسابًا مِنَ الإيمان، و :
ب. ) مسلمٌ في «صلاة المسافرين وقصرِها»
(١/ ٣٤٣) رقم: (٧٦٠)، مِنْ حديثِ أبي
هريرة-رضي الله عنه.
*. ) ومنها:
أنَّه تُسَنُّ فيه صلاةُ التراويح،
اقتداءً بالنبيِّصلَّى الله عليه
وسلَّمالذي رَغَّبَ في القيام بقوله:«مَنْ
قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ».
الحديث أخرجه :
أ. ) البخاريُّ في «الإيمان» (١/ ١٥) باب:
تطوُّعُ قيامِ رمضان مِنَ الإيمان، و :
ب. ) مسلمٌ في «صلاة المسافرين وقصرِها»
(١/ ٣٤٣) رقم: (٧٥٩)، مِنْ حديثِ أبي
هريرة-رضي الله عنه.
* ) ومنها:
أنَّ فيه ليلةً هي خيرٌ مِنْ ألف شهرٍ،
وقيامها مُوجِبٌ للغفران؛ لقولهصلَّى الله
عليه وسلَّم:«إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ
حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ
حُرِمَ الخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ
خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» .
الحديث أخرجه : أ. ) ابنُ ماجه في
«الصيام» (١٦٤٤) بابُ ما جاء في فضل شهرِ
رمضان، مِنْ حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ-رضي
الله عنه. و
ب. ) الألبانيُّ حَسَّنه في «صحيح الجامع»
(٢٢٤٧).
وقولِهصلَّى الله عليه وسلَّم:«مَنْ قَامَ
لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ
مِنْ ذَنْبِهِ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الصوم» (١/ ٤٥٥) بابُ
مَنْ صام رمضان إيمانًا واحتسابًا
ونيَّةً، و :
ب. ) مسلمٌ في «صلاة المسافرين وقصرِها»
(١/ ٣٤٣) رقم: (٧٦٠)، مِنْ حديثِ أبي
هريرة- رضي الله عنه.
*. ) ومنها:
أَنَّ صيام رمضان إلى رمضان تكفيرٌ
لصغائرِ الذنوب والسَّيِّئات وكبائرها
انظر ما فصَّله شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةـ
رحمه الله ـ في «مجموع الفتاوى» (٧/ ٤٨٩
وما بعدها).
لـ قولهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ،
وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ،
وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ،
مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا
اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ».
ـ
الحديث أخرجه :
أ . ) مسلمٌ في «الطهارة» (١/ ١٢٥) رقم:
(٢٣٣)، و:
ب. ) أحمد في «مسنده» (٢/ ٤٠٠، ٤١٤، ٤٨٤)،
مِنْ حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه.
وفضلًا عن ذلك، فإنَّ مِنْ أَبْرَزِ
الأحداثِ النافعة الأخرى الحاصلةِ في
رمضان: غزوةَ«بدرٍ الكبرى»التي فرَّق
اللهُ فيها بين الحقِّ والباطل؛ فانتصر
فيها الإسلامُ وأهلُه، وانهزم الشركُ
وأهلُه، وكان هذا في السَّنَةِ الثانيةِ
للهجرة، كما حَصَلَ فيه فتحُ مكَّة،
ودَخَلَ الناسُ في دِينِ الله أفواجًا،
وقُضِيَ على الشرك والوثنية بفضلِ الله
تعالى؛ فصارَتْ مكَّةُ دارَ الإسلام، بعد
أَنْ كانَتْ مَعْقِلَ الشركِ والمشركين،
وكان ذلك في السَّنَةِ الثامنةِ للهجرة،
كما انتصر المسلمون في رمضان مِنْ سنة
(٥٨٤ﻫ)، في معركةِ«حِطِّين»، واندحر
الصليبيون فيها .
واستعاد المسلمون بيتَ المقدس، وانتصروا
ـأيضًاـ على جيوش التَّتَارِ في«عين
جالوت»، حيث دارَتْ وقائعُ هذه المعركةِ
الحاسمة في شهر رمضان في سنة (٦٥٨ﻫ).
انظر وقائِعَ «عين جالوت» في:«البداية
والنهاية» لابن كثير (١٣/ ٢٢٠).
هذا مُجْمَلُ ميزةِ شهرِ رمضان، وفضائلِه
العديدة، وبركاتِه الكثيرة، والحمدُ لله
ربِّالعالَمِين.
* . ) فضائل الصيام
أمَّا فضائلُ الصيامِ فمُتعدِّدةٌ منها:
* . ) تُضاعَفُ فيه الحسناتُ مُضاعَفةً لا
تَنْحصِرُ بعددٍ :
بينما الأعمالُ الأخرى تُضاعَفُ الحسنةُ
بـ عَشْرِ أمثالها إلى سبعمائة ضِعفٍ؛
لِمَا رواهُ الشيخان مِنْ حديثِ أبي
هريرةرضي الله عنهقالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهصلَّى الله عليه وسلَّم:«كُلُّ عَمَلِ
ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ
أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِمِائَةِ
ضِعْفٍ، قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا
الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي
بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ
أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ:
فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ
عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ،وَلَخُلُوفُفِيهِ
أَطْيَبُ عِنْدَاللهِمِنْ رِيحِ
الْمِسْكِ»
الحديث أخرجه :
أ. ) البخاريُّ في «الصوم» (١/ ٤٥٤) بابُ
فضلِ الصوم، و :
ب. ) مسلمٌ في «الصيام» (١/ ٥١١) رقم:
(١١٥١)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
فيَتَجلَّى مِنْ هذا الحديثِ أنَّ الله
اختصَّ الصِّيامَ لنَفْسِه عن بقيَّةِ
الأعمال، وخصَّهُ بمُضاعَفةِ الحسنات ـكما
تَقدَّمَـ وأنَّ الإخلاص في الصيامِ
أَعْمَقُ فيه مِنْ غيره مِن الأعمال؛
لقولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«تَرَكَ
شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي»
الحديث أخرجه : أحمد في«المسند»(٩١٢٧).
، كما أنَّ الله سبحانه وتعالى يَتَوَلَّى
جزاءَ الصائم الذي يحصل له الفرحُ في
الدنيا والآخرة، وهو فرحٌ محمودٌ؛ لوقوعه
على طاعةِ الله تعالى، كما أشارَتْ إليه
الآيةُ:﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ
وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ
فَلۡيَفۡرَحُواْ﴾ [يونس: ٥٨]، كما
يُسْتفادُ منه أنَّ ما يَنْشَأُ عن طاعةِ
الله مِنْ آثارٍ فهي محبوبةٌ عند الله
تعالى على نحوِ ما يحصل للصائم مِنْ
تَغيُّرِ رائحةِ فَمِهِ بسبب الصيام.
* . ) ومِنْ فضائل الصيام:
أنَّه يَشْفَعُ للعبد يوم القيامة،
ويَسْتُرُهُ مِن الآثام والشهوات
الضارَّة، ويَقيهِ مِنَ النار؛ لقولهصلَّى
الله عليه وسلَّم:«الصِّيَامُ
وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ
يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ:
أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ
وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي
فِيهِ، وَيَقُولُ القُرْآنُ: مَنَعْتُهُ
النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي
فِيهِ»، قَالَ:«فَيُشَفَّعَانِ»(
الحديث أخرجه :
أ. ) أحمد في«مسنده»(٢/ ١٧٤)، مِنْ حديثِ
عبدالله ابنِ عمرٍو - رضي الله عنهما.
والحديث :
ب . ) صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ«مسند
أحمد»(١٠/ ١١٨)، و
ج. ) الألبانيُّ في«صحيح الجامع»(٣٨٨٢).
، وقالصلَّى الله عليه وسلَّم:«الصِّيَامُ
جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ
النَّارِ».
الحديث أخرجه:
أ.) أحمد في«مسنده»(٢/ ٤٠٢)، مِنْ حديثِ
أبي هريرة - رضي الله عنه. والحديث :
ب . ) حسَّنه الهيثميُّ في«مَجْمَعِ
الزوائد»(٣/ ٤١٨)، و :
ج. ) الألبانيُّ في«صحيح الجامع»(٣٨٨٠).
الحديث :
أ.) عزاهُ الهيثميُّ في«مَجْمَعِ
الزوائد»(٣/ ٣٤٦) للبزَّار، مِنْ حديثِ
أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه. و :
ب. ) صحَّحه الألبانيُّ في«صحيح
الترغيب»(١٠٠٢).
، وقد جاء في أثناءِ ذِكْرِ آيات الصيام
ترغيبُ الصائم بكثرة الدعاء في قوله
تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ
ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].
* . ) ومِنْ فضائل الصيام:
أنَّه مُوجِبٌ لإبعادِ النار عن الصائم
يوم القيامة؛ لقولهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا
فِي سَبِيلِاللهِإِلَّا بَاعَدَ اللهُ
بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ
سَبْعِينَ خَرِيفًا».
الحديث أخرجه :
أ. ) البخاريُّ في«الجهاد والسِّيَر»(٢/
٥٠) بابُ فضلِ الصومِ في سبيل الله، و :
ب . ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٥١٢) رقم:
(١١٥٣)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ
- رضي الله عنه.
* . ) كما أنَّ مِنْ فضائله:
اختصاصَ الصائمين ببابٍ مِنْ أبواب
الجنَّةِ يدخلون منه دون غيرهم؛ إكرامًا
لهم وجزاءً على صيامهم؛ لقولهصلَّى الله
عليه وسلَّم:«إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا
يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ
مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ
غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ
الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا
يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ،
فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ
يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٥٤) بابُ
الريَّان للصائمين، و :
ب. ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٥١١) رقم:
(١١٥٢)، مِنْ حديثِ سهل بنِ سعدٍ - رضي
الله عنهما.
وفي ذِكْرِ بعضِ هذه الخصائصِ والفضائلِ
ما يُؤْذِنُ على الكُلِّ.
ـــ
* . ) فوائد الصيام
أمَّا فوائدُ الصومِ فـ عظيمةُ الآثارِ في
تطهيرِ النفوس، وتهذيبِ الأخلاق، وتصحيحِ
الأبدان، فـ
منها:
* . ) أنه يُعوِّدُ النفسَ على الصبر
والتحمُّلِ على تَرْكِ مألوفِه :
ومُفارَقةِ شهواته عن طواعيةٍ واختيارٍ،
بحيث يَكْبَحُ جِمَاحَ شَهْوَتِهِ،
وَيَغْلِبُ نَفْسَه الأمَّارَةَ بالسُّوء؛
فيَحْبِسُها عن الشهوات لتَسْعَدَ لطَلَبِ
ما فيه غايةُ سعادتها وقَبولِ ما تَزْكُو
به ممَّا فيه حياتُها الأبدية؛ فيُضيِّقُ
مَجاريَ الشيطانِ بتضييقِ مَجاري الطعام
والشراب، ويُذكِّرُ نَفْسَه بما عليه
أحوالُ الجائعين مِن المساكين؛ فيتركُ
المحبوباتِ مِنَ
المُفَطِّراتلِمَحَبَّةِربِّالعالَمِين،
وهذا السِّرُّ بَيْنَ العبد ومعبودِه هو
حقيقةُ الصيام ومقصودُه.
* . ) ومنها:
أنَّه يُرقِّقُ القلبَ ويُليِّنُه لذِكْرِ
الله فيُسهِّلُ له طريقَ الطاعات.
* . ) ومِنْ فوائد الصيام:
أنَّه مُوجِبٌ لتَقْوَى الله في القلوب،
وإضعافِ الجوارح عن الشهوات، قال تعالى:
﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣﴾ [البقرة]،
في مَعْرِضِ إيجابِ الصيام؛ لأنَّه سببٌ
للتَّقوى لتضييقِ مَجاري الشهوات
وإماتتها؛ إذ كُلَّما قَلَّ الأكلُ
ضَعُفَتِ الشهوةُ، وكُلَّما ضَعُفَتِ
الشهوة قَلَّتِ المَعاصي.
ومِنْ فوائده الطبِّيَّة:
صحَّةُ البدن؛ لأنَّه يَحْمِي مِنِ اختلاط
الأطعمة المسبِّبةِ للأمراض ويحفظ ـبإذن
اللهـ الأعضاءَ الظاهرة والباطنةَ كما
قرَّرهُ الأطبَّاءُ.
ولعله من المفيد التعرض لمسألة الإعجاز
العلمي في أحكام الصيام من نص آيات الذكر
الحكيم وأحاديث خاتم الأنبياء وآخر
المرسلين ومتمم المبتعثين !
* . ) آداب الصيام :
للصيام آدابٌ وتعاليم ينبغي التحلِّي بها
ليحصلَ التوافقُ مع أوامر الشَّرْعِ
والإنسان المسلم في المجتمع القرآني
السُني ، ويُرتَّبَ على أحكام الصيام
مقصودُه الشرعي منه، تربية لمجتمع إسلامي
و تهذيبًا للنَّفس وتزكيتها، وترقية
الأخلاق وسموها ،وعلو درجة أفراد هذا
المجتمع .. فيجتهدُ الصائمُ في أدائها -
آداب وتعاليم الصيام - كاملةً،
والمُحافَظةِ عليها تامَّةً؛ إذ كمال
صيامه موقوفٌ عليها، وسعادتُه منوطةٌ بها،
فمِنْ هذه الآدابِ الشرعية التي يُراعيها
في صيامه:
أوَّلًا:
التهيئة النفسية والبدنية من حيث الصحة
واعتلالها والأحكام الفقهية المتعلقة
بالصيام مع مراعاة أن الجميع يسعد بـ
استقبالُ شهرِ رمضانَ بالفرح والغِبْطةِ
والسرور؛ لأنَّه مِنْ فضلِ الله وتكرمه
ورحمته على الناس بالإسلام، قال تعالى:
﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ
فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡرٞ
مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٥٨﴾ [يونس]، ويحمد
المسلمُ اللهَ تعالى ذكره على بلوغه شهر
القرآن العظيم ، شهر الغفران شهر القيام
.. ويَسْألُ المرءُ منا اللهَ تعالى
إعانَتَه على صيامه، وإتمامه وفق إرادته
ومراده لما يحب سبحانه ويرضى وتقديمِ
الأعمالِ الصالحة فيه، كما يُسْتَحَبُّ له
الدعاءُ عند رؤيةِ أيِّ هلالٍ مِنَ
السَّنَةِ؛ لـ حديثِ عبدالله بنِ عمر -رضي
الله عنهماقال: كان رسول اللهصلَّى الله
عليه وسلَّمإذا رأى الهلالَ
قال:اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا
بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ
وَالإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا
تُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ
اللهُ».
الحديث أخرجه ـبهذا اللفظـ :
أ . ) ابنُ حِبَّان (٣/ ١٧١)، وهو عند :
ب . ) الترمذيِّ في«الدعوات»(٣٤٥١) بابُ
ما يقول عند رؤية الهلال،
ج. ) قال الألبانيُّ في«الكَلِم
الطيِّب»(٩١):«صحيحٌ بشواهِدِه».
* . ) آداب الصيام الشرعية :
ومن الآداب الشرعية التي تراعى عند رؤية
الهلال : أَنْ :
*. ) لا يَسْتقبِلَ الهلالَ بوجهه عند
الدعاء،
*. ) ولا يَرْفَعَ رأسَه وعينيه إليه، و :
*. ) لا يَنْتصِبَ له قائماً ، وإنَّما :
*. ) يَسْتقبِلُ بالدعاء بما يتيسر له من
أحاديث المصطفى الهادي عليه السلام ..
يستقبل القِبْلةَ.
-*/*-
ثانيًا:
ومِنَ الآداب الشرعية المُهِمَّةِ أَنْ لا
يصوم قبل ثبوتِ بدايةِ الشهر على أنَّه
مِنْ شهر رمضان، ولا يصومَ بعد نهايته على
أنَّه منه؛ فـ الواجبُ أَنْ يصومه في وقته
المحدَّدِ شرعًا وفق الرؤية ؛ فـ لا
يَتقدَّمُ عليه بيوم ولا يَتأخَّرُ عنه؛
لـ قولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«لَا
تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلَالَ،
وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ».
الحديث تَقدَّمَ تخريجه .
وفي قولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«إِذَا
رَأَيْتُمُ الهِلَالَ فَصُومُوا، وَإِذَا
رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٥٥) باب:
هل يُقالُ: رمضان أو شهرُ رمضان ومَنْ رأى
كُلَّه واسعًا، و :
ب. ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٢) رقم:
(١٠٨٠)، مِنْ حديثِ ابنِعمر - رضي الله
عنهما.
ثالثًا:
*. ) المُداوَمةُ على السَّحور قبل بدء
الصيام لــ بركته، و :
*. ) استحبابُ تأخير وقت السحور ؛ لـ
قولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«تَسَحَّرُوا؛
فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٥٩) بابُ
بَرَكةِ السحورِ مِنْ غيرِ إيجابٍ، و :
ب . ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٨) رقم:
(١٠٩٥)، مِنْ حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ- رضي
الله عنه.
وقد وَرَدَ في فضلِه وبركتِه ـأيضًاـ
قولُهصلَّى الله عليه وسلَّم:«البَرَكَةُ
فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الجَمَاعَةِ
وَالثَّرِيدِ وَالسَّحُورِ»
الحديث أخرجه :
أ . ) الطبرانيُّ في«الكبير»(٦/ ٢٥١)، و :
ب . ) البيهقيُّ في«شُعَب الإيمان»(٦/
٦٨)، مِنْ حديثِ سلمان -رضي الله عنه.
والحديث :
ج . ) حسَّنه الألبانيُّ في«السلسلة
الصحيحة»(٣/ ٣٦).
وقولُهصلَّى الله عليه وسلَّم:«إِنَّ
اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
المُتَسَحِّرِينَ»
الحديث أخرجه :
أ . ) أحمد في«مسنده»(٣/ ١٢)، مِنْ حديثِ
أبي سعيدٍ الخُدْريِّ- رضي الله عنه،
وأخرجه :
ب . ) ابنُ حِبَّان (٨/ ٢٤٥)، مِنْ حديثِ
ابنِ عمر- رضي الله عنهما. والحديث :
ج . ) حسَّنه الألبانيُّ بمجموعِ طُرُقِه
في«السلسلة الصحيحة»(٣/ ٢١٢).
وقد جَعَلَهُ النبيُّصلَّى الله عليه
وسلَّمعبادةً يتميَّزُ بها أهلُ الإسلام
عن أهل الكتابين ، فقال:«فَصْلُ مَا
بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ
الكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ»
الحديث أخرجه مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٨)
رقم: (١٠٩٦)، مِنْ حديثِ عمرو بنِ العاص-
رضي الله عنهما.
. والأفضلُ أَنْ يَتسحَّرَ الصائمُ بـ :
*. ) التَّمْر؛ لـ قولهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«نِعْمَ سَحُورُ المُؤْمِنِ
التَّمْرُ»
الحديث أخرجه :
أ . ) أبو داود في«الصيام»(٢٣٤٥) بابُ
مَنْ سمَّى السَّحورَ: الغَدَاءَ، و :
ب . ) ابنُ حِبَّان (٨/ ٢٥٣)، مِنْ حديثِ
أبي هريرة - رضي الله عنه. والحديث :
ج . ) صحَّحه الألبانيُّ في«السلسلة
الصحيحة»(٢/ ١٠٤).
فإِنْ لم يَتَيَسَّرْ له التمرُ تَحَقَّقَ
سحورُه ولو بِـ :
*. ) جرْعَةٍ مِنْ ماءٍ؛ لـ قولهصلَّى
الله عليه وسلَّم:«تَسَحَّرُوا وَلَوْ
بِجَرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ».
الحديث أخرجه :
أ . ) ابنُ حِبَّان (٨/ ٢٥٣)، مِنْ حديثِ
عبدالله بنِ عمرٍو - رضي الله عنهما.
والحديث
: ب . ) حَسَّنه الألبانيُّ.انظر:«السلسلة
الضعيفة»(٣/ ٥٩٥).
و:
*. ) يبدأ وقتُ السَّحورِ قُبَيْلَ الفجر،
و :
*. ) ينتهي بتَبيُّنِ الخيط الأبيض مِن
الخيطِ الأسود مِن الفجر،
تنبيه :
وإذا سَمِعَ النداءَ والإناءُ على يده، أو
كان يأكل؛ فَــ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ حاجتَه
منهما، ويَسْتكمِلَ شرابَه وطعامَه؛ لــ
قولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«إِذَا سَمِعَ
أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى
يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ
حَاجَتَهُ مِنْهُ»
الحديث :
أ . ) أخرجه أحمد (٢/ ٤٢٣،٥١٠)، و : [ . )
أبوداود في«الصيام»(٢٣٥٠) بابٌ في الرجلِ
يَسْمَعُ النداءَ والإناءُ على يَدِه،
مِنْ حديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه.
والحديث :
ج . ) صحَّحه الألباني في«السلسلة
الصحيحة»(٣/ ٣٨١).
؛ ففي هذه الرُّخصةِ الواردةِ في الحديثِ
إبطالٌ لـ بدعةِ الإمساكِ قبل الفجر بـ
نحوِ عَشْرِ دقائقَ أو ربعِ ساعةٍ.
وإلزامُ التعبُّدِ بتوقيتِ الإمساكيةِ
الموضوعةِ بـ دَعْوَى خشيةِ أَنْ يُدْرِكَ
الناسَ أذانُ الفجرِ وهُمْ على سحورهم لا
أصلَ له في أحكام الشريعة وآدابِها.
هذا،
و :
*. ) يُسْتَحَبُّ تأخيرُ السحور؛
لقولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«إِنَّا
مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ
نُعَجِّلَ إِفْطَارَنَا، وَنُؤَخِّرَ
سَحُورَنَا، وَنَضَعَ أَيْمَانَنَا عَلَى
شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ».
الحديث أخرجه : أ . ) ابنُ حِبَّان (٥/
٦٧)، و :
ب . ) البيهقيُّ في«السنن الكبرى»(٤/
٢٣٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ - رضي الله
عنهما. و :
ج . ) صحَّحه الألبانيُّ في«صحيح
الجامع»(٢٢٨٦).
وكان بين فراغهصلَّى الله عليه وسلَّممِنَ
السحور ودخوله في الصلاة قَدْرُ خمسين
آيةً مُتوسِّطةً
ــ
الحديث ففي روايةٍ للبخاريِّ عن أنس بنِ
مالكٍ:«أنَّ النبيَّصلَّى الله عليه
وسلَّموزيدَ ابنَ ثابتٍ تَسَحَّرَا،
فلمَّا فَرَغَا مِنْ سحورهما قام نبيُّ
اللهصلَّى الله عليه وسلَّمإلى الصلاة
فصلَّى». قال قَتادةُ: قلنا لأنسٍ:«كم كان
بين فراغهما مِنْ سَحورهماودخولِهمافي
الصلاة؟»قال:«قَدْرُ ما يقرأ الرجلُ خمسين
آيةً». [«صحيح البخاري»(١/ ١٤٣)].
ـ
؛ فقَدْ روى أَنَسٌ عن زيد بنِ ثابتٍرضي
الله عنهقال:«تَسَحَّرْنَا مَعَ
النَّبِيِّصلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ
قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ»، قُلْتُ:«كَمْ
كَانَ بَيْنَ
الأَذَانِ(*)وَالسَّحُورِ؟»قَالَ:«قَدْر
خَمْسِينَ آيَةً»(**).
(*)والمرادُ به: أذانُ الإقامة؛ لأنَّ
الإقامة يُطْلَقُ عليها أذانٌ، كما في
قولهصلَّى الله عليه وسلَّم:«بَيْنَ كُلِّ
أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»مُتَّفَقٌ عليه.
(**) الحديث أخرجه :
أ. ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٥٩) باب:
قدرُ كَمْ بين السَّحور وصلاةِ الفجر؟ و :
ب. ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٨) رقم:
(١٠٩٧).
وكان دَأْبُ الصحابةِرضي الله عنهمتأخيرَ
السحور؛ فـ عن عمرِو بنِ ميمون الأوديِّ
قال:«كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍصلَّى الله
عليه وسلَّمأَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا
وَأَبْطَأَهُمْ سَحُورًا».
الحديث أخرجه :
أ . ) عبدُالرزَّاق في«المصنَّف»(٤/ ١٧٣)،
و :
ب . ) البيهقيُّ في«السنن الكبرى»(٤/
٢٣٨). و :
ج . ) صحَّح الحافظُ إسنادَه في«الفتح»(٤/
٢٣٥).
رابعًا:
المُحافَظةُ على تعجيلِ الفِطْرِ لإدامةِ
الناسِ على الخير؛ لقولهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ
مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٦٩) بابُ
تعجيلِ الإفطار، و :
ب. ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٩) رقم:
(١٠٩٨)، مِنْ حديثِ سهل بنِ سعدٍرضي الله
عنهما.
الحديث أخرجه :
أ . ) ابنُ خزيمة (٣/ ٢٧٥)، و :
ب . ) ابنُ حِبَّان (٨/ ٢٧٧)، مِنْ حديثِ
سهل بنِ سعدٍرضي الله عنهما. و :
ج. ) صحَّحه الألبانيُّ في«صحيح
الترغيب»(١٠٧٤).
وقولِهصلَّى الله عليه وسلَّم:«لَا
يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ
النَّاسُ الفِطْرَ؛ لأَنَّ اليَهُودَ
وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ».
الحديث أخرجه :
أ . ) أحمد في «مسنده» (٢/ ٤٥٠)،
ب . ) أبو داود في «الصيام» (٢٣٥٣) بابُ
ما يُسْتحَبُّ مِنْ تعجيلِ الفطر، مِنْ
حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. و :
ج . ) حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع»
(٧٦٨٩).
، وقد بيَّن النبيُّصلَّى الله عليه
وسلَّممعنى هذا التعجيلِ في قوله:«إِذَا
أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ـمن
جهة الشرقـ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ
هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ
أَفْطَرَ الصَّائِمُ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في«الصوم»(١/ ٤٦٧) باب:
متى يَحِلُّ فِطْرُ الصائم؟ و :
ب . ) مسلمٌ في«الصيام»(١/ ٤٨٩) رقم:
(١١٠٠)، مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّابرضي
الله عنه.
* . ) آداب الفطر:
هذا، وتَقْتَرِنُ بالفِطْرِ جملةٌ مِنَ
الآداب الشرعية، يُسْتَحَبُّ للصائم
الالتزامُ بها، اقتداءً بالنبيِّصلَّى
الله عليه وسلَّم، وهي:
١ . ) ـتقديم الفطر على الصلاة؛ لقولِ أنس
بنِ مالكٍ- رضي الله عنه:«مَا رَأَيْتُ
رَسُولَاللهِصلَّى الله عليه وسلَّمقَطُّ
صَلَّى صَلَاةَ المَغْرِبِ حَتَّى
يُفْطِرَ وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ
مَاءٍ».
الحديثأخرجه :
أ. ) ابنُ حِبَّان (٨/ ٢٧٤)، مِنْ حديثِ
أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، و :
ب . ) صحَّحه الألبانيُّ في «الصحيحة» (٥/
١٤٦).
٢ . ) ـفِطْرُه على :
* . ) رُطَباتٍ، فإِنْ لم يجد فـ على :
*. ) تمراتٍ، فإِنْ لم يجد فـ على :
*. ) الماء؛ لـ حديثِ أنس بنِ مالكٍرضي
الله عنهقال:«كَانَ رَسُولُاللهِصلَّى
الله عليه وسلَّميُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ
قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ
تَكُنْ رُطَبَاتٍ فَعَلَى تَمَرَاتٍ،
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ
مَاءٍ».
الحديث أخرجه :
أ . ) أحمد في «مسنده» (٣/ ١٦٤)، و :
ب . ) أبو داود في «الصيام» (٢٣٥٦) بابُ
ما يُفْطَرُ عليه. و :
ج. ) حسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/
٤٥).
٣ . ) ـدعاءُ الصائم عند الفطر بما ثَبَتَ
عن النبيِّصلَّى الله عليه وسلَّمأنَّه
كان يقول ـعند فِطْرِهـ:«ذَهَبَ
الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ العُرُوقُ،
وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ».
الحديثأخرجه :
أ . ) أبو داود في «الصيام» (٢٣٥٧) بابُ
القولِ عند الإفطار، و :
ب. ) الحاكم في «المستدرك» (١/ ٥٨٤)، مِنْ
حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. و :
ج . ) حسَّنه الدارقطنيُّ و :
د. ) أقرَّهُ الحافظُ في «التلخيص الحبير»
(٢/ ٤١٢)، و :
هـ . ) الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٣٩).
خامسًا:
ومِنْ آداب الصيامـأيضًاـ:
استحبابُ المُحافَظةِ على السِّواك
مُطلقًا، سواءٌ كان المُكلَّف البالغ
العاقل صائمًا أو مُفْطِرًا، أو استعمله
رطبًا أو يابسًا، أو كان في أوَّلِ النهار
أو في آخِرِه؛ للحضِّ عليه عند كُلِّ
صلاةٍ، وعند كُلِّ وضوءٍ، في قولهصلَّى
الله عليه وسلَّم:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ
عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ
بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»(*)،
وفي روايةٍ:«عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ»(**).
ولم يخصَّ الصائمَ مِنْ غيرِه، قال ابنُ
عمررضي الله عنهما:«يَسْتَاكُ أَوَّلَ
النَّهَارِ وَآخِرَهُ»(***).
(*)الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الجمعة» (١/ ٢١٢)
بابُ السواكِ يومَ الجمعة، و :
ب. ) مسلمٌ في «الطهارة» (١/ ١٣٢) رقم:
(٢٥٢)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
(**)الحديث أخرجه : .
أ . ) البخاريُّ معلَّقًا في «الصيام» (١/
٤٦٢) بابُ سواك الرطب واليابس للصائم.
وذَكَرَ :
أ . أ . ) الحافظُ العسقلاني في «الفتح»
(٤/ ١٨٩): أنَّ النسائيَّ وَصَلَه، و :
ب . ) عند ابنِ خزيمة (١/ ٧٣): «مَعَ
كُلِّ وُضُوءٍ». و :
ج . ) انظر: «الإرواء» للألباني (١/ ١١٠).
(***)الحديث ذَكَرَهُ :
أ . ) البخاريُّ معلَّقًا في «الصيام» (١/
٤٦١) بابُ اغتسالِ الصائم، قال :
أ . أ . ) الحافظ ابن حجر العسقلاني في
«الفتح» (٤/ ١٨٤): «وَصَلَهُ ابنُ أبي
شيبة عنه بمَعْناهُ». و :
ج . ) انظر: «مختصر صحيح البخاري»
للألباني (٤٥١)، رقم: (٣٦٦).
وَضِمْنَ هذا الحكمِ يقول ابنُ تيميةـرحمه
اللهـ:«...وأمَّا السِّوَاكُ فجائزٌ بلا
نِزاعٍ، لكِنِ اختلفوا في كراهيته بعد
الزوال على قولين مشهورَيْن، هُمَا
روايتان عن أحمد، ولم يَقُمْ على كراهيته
دليلٌ شرعيٌّ يصلح أَنْ يَخُصَّ عمومات
نصوصِ السواك».
ـ
انظر : «مجموع الفتاوى» لـ ابن تيمية (ج:
٢٥/ ص : ٢٦٦).
ثم راجع ما قاله الحافظ في «التلخيص» (٢/
٢٠٢): «فائدة: روى الطبرانيُّ بإسنادٍ
جيِّدٍ عن عبدالرحمن بنِ غَنْمٍ قال:
سألتُ مُعاذ بنَ جبلٍ: «أأتَسوَّكُ وأنا
صائمٌ؟» قال: «نعم»، قلت: «أيَّ النهارِ؟»
قال: «غَدوةً أو عَشيَّةً»، قلت: «إنَّ
الناس يكرهونه عشيةً، ويقولون: إنَّ رسول
الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:
«لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ
عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ»»، قال:
«سبحان الله! لقد أمرهم بالسِّواك وما كان
بالذي يأمرهم أَنْ يُنتِنوا أفواهَهم
عمدًا، ما في ذلك مِنَ الخير شيءٌ، بل فيه
شرٌّ».
ــ
سادسًا:
الاجتهاد في فعلِ الخيرات وتكثيفِ
العبادات؛ فقَدْ كان النبيُّصلَّى الله
عليه وسلَّمفي شهر رمضان يُكْثِرُ مِنْ
أنواع العبادات، وأفعالِ الخير، وأَضْرُبِ
البرِّ وأنواع الإحسان؛ ففي حديثِ ابنِ
عبَّاسٍرضي الله عنهماقَالَ:«كَانَ
النَّبِيُّصلَّى الله عليه وسلَّمأَجْوَدَ
النَّاسِ بِالخَيْرِ، وكَانَ أَجْوَدَ مَا
يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ
جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُعليه
السلاميَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي
رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ
عَلَيْهِ النَّبِيُّصلَّى الله عليه
وسلَّمالقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ
جِبْرِيلُعليه السلامكَانَ أَجْوَدَ
بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الصيام» (١/ ٤٥٥)
باب: أجودُ ما كان النبيُّ صلَّى الله
عليه وسلَّم يكون في رمضان، و :
ب. ) مسلمٌ في «الفضائل» (٢/ ١٠٩٢) رقم:
(٢٣٠٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله
عنهما.
وكانصلَّى الله عليه وسلَّميُكْثِرُ مِنْ
قراءة القرآن فيه، ويُطيلُ قيامَ رمضان
أَكْثَرَ مِمَّا يُطيلُه في غيره، ويجودُ
بالصدقات والعطايا وسائرِ أنواعِ الإحسان،
ويجتهدُ في العشر الأواخر ـاعتكافًا
وقيامًا وقراءةً وذِكْرًاـ ما لا يجتهدُ
في غيره؛ ففي الحديث:«إِذَا دَخَلَ
الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا
لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».
الحديث أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «صلاة التراويح» (١/
٤٨٢) باب العمل في العشر الأواخر مِنْ
رمضان، و :
ب . ) مسلمٌ في «الاعتكاف» (١/ ٥٢٦) رقم:
(١١٧٤)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
العمرة في شهر رمضان :
ومِنَ العباداتِ التي نَدَبَ إليها
النبيُّصلَّى الله عليه وسلَّمالعمرةُ في
شهر رمضان؛ فَلَهَا ثوابٌ عظيمٌ يُساوي
ثوابَ حَجَّةٍ؛ لـ قولهصلَّى الله عليه
وسلَّملـ عائشةرضي الله عنها:«فَإِذَا
جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي؛ فَإِنَّ
عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً»(*)،
ويُضاعَفُ أجرُ الصلاةِ في مَسْجِدَيْ
مَكَّةَ والمدينةِ؛ لـ قولهصلَّى الله
عليه وسلَّم:«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا
سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ
الحَرَامَ»(**)، فضلًا عن تكفيرِ الذنوب
والسيِّئات بتَعاقُبِ العمرات على ما
ثَبَتَ عن النبيِّصلَّى الله عليه
وسلَّمقوله:«الْعُمْرَةُ إِلَى
الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا
بَيْنَهُمَا»(***).
(*)الحديث مُتَّفَقٌ عليه:
أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «أبواب العمرة» (١/
٤٢٦) بابُ عمرةٍ في رمضان، و :
ب . ) مسلمٌ في «الحجِّ» (١/ ٥٧٣) رقم:
(١٢٥٦)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله
عنهما.
(**)الحديثأخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الصلاة» (١/ ٢٨٤)
بابُ فضلِ الصلاة في مسجد مكَّةَ
والمدينة، و :
ب . ) مسلمٌ في «الحجِّ» (١/ ٦٢٦) رقم:
(١٣٩٤)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
(***)أخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ وجوبِ
العمرة وفضلِها (١/ ٤٢٥)، و :
ب. ) مسلمٌ في «الحجِّ» (١/ ٦١٣) رقم:
(١٣٤٨)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
سابعًا:
التربية الإيمانية والسلوكية :
اجتنابُ كُلِّ ما لا يُحقِّقُ الغايةَ
مِنَ الصيام، وذلك بأَنْ يَحْترِزَ
الصائمُ عن كُلِّ ما نَهَى الشرعُ الحنيف
عنه مِنْ سَيِّئِ الأقوال، وقبيحِ الأفعال
المحرَّمةِ والتصرفات المكروهة، في كُلِّ
الأوقات، وبــ الأَخَصِّ في شهر رمضان
التي يَعْظُمُ قُبْحُهَا في حقِّ الصائم؛
لذلك وَجَبَ عليه أَنْ :
*. ) يَكُفَّ لسانَه عمَّا لا خيرَ فيه
مِنَ الكلام: كــ :
- الكذب، و:
- الغِيبةِ، و :
- النميمة، و :
- الشَّتْمِ، و :
- الخصام، و:
- تضييعِ وقته بإنشاد الأشعار، و :
- روايةِ الأسمار، و:
- المُضْحِكاتِ،
- المسلسلات الرمضانية ؛ و :
- المدحِ والذمِّ بغير حقٍّ، كما يجب عليه
أَنْ :
*. ) يَكُفَّ سَمْعَه عن الإصغاء إليها،
والاستماعِ إلى كُلِّ قبيحٍ ومذمومٍ
شرعًا، ويعملَ جاهدًا على : * . ) كَفِّ
نَفْسِه وبدنه عن سائِرِ الشهوات
والمحرَّمات: كـ :
- غضِّ البصر ومَنْعِه مِنَ الاتِّساع في
النَّظر، وإرسالِه إلى كُلِّ ما يُذَمُّ
ويُكْرَهُ، و :
- تجنيبِ بقيَّةِ جوارحه مِنَ الوقوع في
الآثام؛ فلا يَمُدُّ يدَه إلى باطلٍ، ولا
يمشي برجله إلى باطلٍ، ولا يأكل إلَّا
الطيِّباتِ مِنْ غير إسرافٍ ولا استكثارٍ؛
لـ يصرفَ نَفْسَه عن الهوى، ويُقوِّيَها
على التحفُّظِ مِنَ الشيطان وأعوانه، ومع
ذلك كُلِّه يَبْقَى قلبُه ـبعد الإفطار
وفي آخِرِ كُلِّ عبادةٍـ دائرًا بين
الرجاء في قَبولِ صيامِه وقيامه وقراءته
لـ يكون مِنَ المقرَّبين، وبين الخوف
والخشية مِنْ ردِّه عليه فيكون مِنَ
المَمْقُوتِينَ.
هذا، وقد جاءَتْ في هذه المَعاني نصوصٌ
شرعيةٌ تُرَهِّبُ الصائمَ مِنْ آفات
اللسان والجوارح منها: قولُهصلَّى الله
عليه وسلَّم:«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ
الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ
فَلَيْسَللهِحَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ
طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
الحديثأخرجه : البخاريُّ في «الصوم» (١/
٤٥٦) بابُ مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزورِ
والعملَ به في الصوم، مِنْ حديثِ أبي
هريرة رضي الله عنه.
وليس المقصودُ مِنْ شرعيةِ الصوم نَفْسَ
الجوعوالعطش، بل ما يَتْبَعُه مِنْ كسرِ
الشهوات وتطويعِ النفس الأمَّارةِ للنَّفس
المُطْمَئِنَّة؛ لذلك قالصلَّى الله عليه
وسلَّم:«رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
صِيَامِهِ إِلَّا الجُوعُ، وَرُبَّ
قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ
إِلَّا السَّهَرُ».
الحديث أخرجه :
أ . ) أحمد في «مسنده» (٢/ ٣٧٣)، و :
ب . ) ابنُ ماجه في «الصيام» (١٦٩٠) بابُ
ما جاء في الغِيبةِ والرفث للصائم،
واللفظُ له، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي
الله عنه. و :
ج . ) صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع»
(٣٤٨٨).
فـ الصائمُ حقيقةً هو :
- مَنْ صام بَطْنُه عن الطعام، و :
- جوارحُه عن الآثام، و :
- لسانُه مِنَ الفُحْشِ ورَدِيءِ الكلام،
و :
- سمعُه عن الهذيانِ، و :
- فَرْجُه عن الرَّفَثِ، و :
- بصرُه عن النَّظَرِ إلى الحرام؛ فإِنْ :
- تَكَلَّمَ لَمْ يَنْطِقْ بما يَجْرَحُ
صومَه، وإِنْ :
- فَعَلَ لم يفعل ما يُفْسِدُ صومَه؛ فـ :
- يخرجُ كلامُه نافعًا و :
- عملُه صالحًا.
قال خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم
المبتعثين - صلَّى الله عليه
وسلَّم:«قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ
آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ؛ فَإِنَّهُ
لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ
جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ
أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا
يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ
قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ
صَائِمٌ»(*)، وفي حديثٍ آخَرَ
مرفوعًا:«لَا تُسَابَّ وَأَنْتَ صَائِمٌ،
فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ فَقُلْ: إِنِّي
صَائِمٌ، وَإِنْ كُنْتَ قَائِمًا
فَاجْلِسْ»(**).
(*)الحديثأخرجه :
أ . ) البخاريُّ في «الصوم» (١/ ٤٥٦) باب:
هل يقول: إنِّي صائمٌ إذا شُتِمَ، و :
ب. ) مسلمٌ في «الصيام» (١/ ٥١١) رقم:
(١١٥١)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله
عنه.
(**)الحديثأخرجه :
أ . ) ابنُ خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٢٤١). و
ب . ) صحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/
٣٥).
هذا، وقد لا يحصل الصائمُ على ثوابِ صومه
مع تَحَمُّلِه التعبَ بالجوع والعطش؛ إذا
لم يُؤَدِّ صومَه على الوجه المطلوب بترك
المنهيَّات؛ إذ ثوابُ الصومِ ينقص
بالمَعاصي، ولا يَبْطُلُ إلَّا
بمُفْسِداته، وفي الأحاديثِ المتقدِّمةِ
ترغيبُ الصائم في العفو عن زلَّات
المُخْطِئين، والإعراضِ عن إساءةِ
المُسيئين.
ثامنًا:
إعدادُ الإفطارِ للصائمين، الْتماسًا
للأجر والثواب المُماثِلِ لأجورهم، وقد
صحَّ في فضلِ ذلك قولُهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ
مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا
يَنْقُصْ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ
شَيْئًا».
الحديث أخرجه :
أ . ) أحمد في «مسنده» (٤/ ١١٤)، و :
ب. ) الترمذيُّ في «الصوم» (٨٠٧) بابُ ما
جاء في فضلِ مَنْ فطَّر صائمًا، مِنْ
حديثِ زيدِ ابنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رضي
الله عنه. و :
ج . ) صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع»
(٦٤١٥).
تاسعًا:
المُحافَظةُ على صلاة القيام وأداؤُها مع
الجماعة؛ فينبغي الحرصُ عليها وعدَمُ
التخلُّفِ عنها أو تركِها؛ لأنَّه يفوته
خيرٌ كثيرٌ، وقد كان النبيُّصلَّى الله
عليه وسلَّميُرغِّبُ أصحابَه في قيامِ
رمضان مِنْ غيرِ أَنْ يأمرهم بعزيمةٍ،
ويقولُ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ
مِنْ ذَنْبِهِ».
تَقَدَّمَ تخريجه .
وخاصَّةً وأنَّ في العَشْرِ الأواخر مِنَ
الشهرِ ليلةً هي خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ،
جَعَلَ اللهُ فيها الثوابَ العظيمَ لمن
قامَها وغفرانَ ما تَقدَّمَ مِنَ المَعاصي
والذنوب، قالصلَّى الله عليه وسلَّم:«مَنْ
قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ
مِنْ ذَنْبِهِ»(*). وقد جاء في فضلِ قيامِ
رمضان جماعةً قولُهصلَّى الله عليه
وسلَّم:«إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى
مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ
لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»(**)، لذلك يحرصُ
الصائمُ على المُحافَظةِ عليه في الجماعةِ
لئلَّا يَحْرِمَ نَفْسَهُ مِنْ هذا الخيرِ
العظيم، والأجرِ العميم.
(*)تَقَدَّمَ تخريجه.
(**)الحديثأخرجه :
أ . ) أبو داود في «الصلاة» (١٣٧٥) بابٌ
في قيام شهر رمضان، مِنْ حديثِ أبي ذرٍّ
الغِفاريِّ رضي الله عنه. و :
ب. ) صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع»
(١٦١٥).
الخاتمة
هذا، وختامًا فعلى المسلمِ الاهتمامُ
بدينه، والعنايةُ بما يُصحِّحُه على
الوجهِ المشروع لتَتَرتَّبَ فوائدُه عليه،
لا سيَّما أركان الإسلام ومَبانيه
العِظام، ومنها: عبادة صومِ شهر رمضان
التي تَتكرَّرُ في حياةِ المسلم مرَّةً
واحدةً كُلَّ عامٍ؛ فعلى المسلمِ - دون
الموانع الشرعية والرخص - الذي وفَّقَهُ
اللهُ لـ صيامِ شهرِ رمضان، وقراءة مما
تيسر من الذكر الحكيم والقرآن المجيد ..
وقيامِ لَيَالِيهِ على وجهِ الإخلاص وحسن
العبادة والمُتابَعةِ .. عليه : أَنْ
يختمه بـ كثرةِ الاستغفار والدعاء
والانكسار بين يَدَيِاللهِتعالى ذكره ، مع
ملاحظة : الاستغفارُ ختامُ كُلِّ الأعمال
والعبادات؛ فلا يَغْتَرَّ المؤمنُ
بنَفْسِه ويُعْجَبْ المسلم بعمله
ويُزكِّه، بل الواجبُ أَنْ يعترف بقِلَّةِ
عمله وعبادته وطاعته في حقِّ الله تعالى
في علاه وتقدست اسماؤه وتقصيرِه فيه،
ودورانِه بين القَبولِ والرَّدِّ؛ فـ لذلك
كان سلفُنا الصالح يجتهدون في إتمامِ
العمل وإكماله وإتقانه، ثمَّ يَهْتمُّون
بعد ذلك بـ قَبولِه ويخافون مِنْ ردِّه،
وهؤلاء وَصَفَهم اللهُ عز وجل بأنهم:
﴿يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ
وَجِلَةٌ﴾ [المؤمنون: ٦٠]، أي: خائفةٌ لا
يَأْمَنُونَ مَكْرَ الله؛ فكانوا ـمع
الخوف مِنْ عدَمِ القَبولِـ يُكْثِرُون
مِنَ الاستغفارِ والتوبةِ مع اهتمامهم بـ
قَبولِ العملِ أَشَدَّ اهتمامًا منهم
بالعمل؛ لأنَّ القَبولَ عنوانُ التقوى،
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ
مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧﴾ [المائدة].
وإذا كان المُنافِقُ يَفْرَحُ بفراقِ شهرِ
رمضان ليَنْطَلِقَ إلى الشهوات والمَعاصي
التي كان محبوسًا عنها طيلةَ الشهر؛ فإنَّ
المؤمن إنَّما يفرح بانتهاءِ الشهرِ بعد
إتمامِ العمل وإكمالِه رجاءَ تحقيقِ أجوره
وفضائلِه، ويَسْتتبِعُه بالاستغفار
والتكبير والعبادة. وقد أَمَرَ اللهُ عزَّ
وجلَّ بالاستغفار الذي هو شعارُ
الأنبياءِعليهم السلاممقرونًا بالتوحيد،
والعبدُ بحاجةٍ إليهما ليكون عَمَلُه على
التوحيد قائمًا، ويُصْلِحَ بالاستغفارِ
تزكيةَ عملِه وإعجابَه به وما يَعْترِيهِ
مِنْ نقصٍ أو خللٍ أو خطإٍ أو سهو غير
متعمد ، وفي هذا السياقِ مِنِ اقترانِ
الأمرِ بالتوحيد والاستغفار يقول اللهُ
عزَّ وجلَّ: ﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ
لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ
وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ
مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ ١٩﴾
[محمَّد]، وقال في شأن يونسعليه السلام:
﴿فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ
إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي
كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٨٧﴾ [الأنبياء].
نسألُ اللهَ تعالى أَنْ يرزقَنا خيراتِ
هذا الشهرِ الفضيل وبركاته، ويَرْزقَنا
مِنْ فضائلِه وأجورِه، ولا يَحْرِمَنا
مِنَ العملِ الصالحِ فيه وفي غيرِه من
أيام الله تعالى ، كما نَسْألُهُ سبحانه
تمام الهداية وكامل التوفيقَ والسداد،
وحسن القَبولَ وإكمال العفوَ عن التقصير.
والحمدُ لله ربِّالعالَمِين، وصَلَّى
اللهُ على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه
إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
يتواجد نمساويون من
أصول عربية كما تراهم أيضا من جذور غير
عربية داخل الدولة النمساوية آحدى دول
جبال الألب ( البيضاء )الثمانية .. تجدهم
من آدنى مستوى تعليمي وثقافي إلى أعلى
درجة علمية أكاديميةفي كافة قطاعات العمل
والإنتاج والخدمات.. ثم لأسباب إنسانية
استضاف الاتحاد الأوربي ووزع على دوله
الأعضاء لاجئين كُثر مما آثار حفيظة
اليمين المتطرف فــ هيج فئة من الشعب
الأوروبي فــ ترتب على دعاية إعلامية
تخويفية حصول الأحزاب اليمينية على أعلى
أصوات في الإنتخابات المحلية والبرلمانية
كما جرى في النمسا وأمس في المانيا .. وما
صرحت به (Alice Weidel)فيما يتعلق بموضوع
الهجرة واللاجئين.. إذ أنها تُعرف
بخطاباتها الحادة والمثيرة للجدل.. وقد
وصفها بعض النقاد بأنها "شعبوية" تستغل
مخاوف الناس وتسعى لارعابهم لتحقيق مكاسب
سياسية لحزبها .. ومع ذلك.. يرى أنصارها
أنها تمثل صوتاً صادقاً للألمان الذين
يشعرون بأنهم مهمشون في ظل السياسات
الحالية.. وتعترف أليس بأنَّها تحب
الاستفزاز.. فقد وصفت في عام 2018 داخل
البوندستاغاللاجئين وطالبي اللجوء بأنَّهم
: "رجال يحملون سكاكين ويحصلون على دعم"..
والأطفال المسلمين بأنَّهم "بنات محجبات"
.. لذلك قام رئيس البرلمان الاتحادي -
آنذاك - : فولفغانغ شويبلهبتوبيخ أليس..
ثم قالت - وقتذاك - في مقابلة مع
صحيفةNeue Zürcher Zeitungإنَّها أرادت
بعبارة :"بنات محجبات" لفت الانتباه إلى
أنَّ ألمانيا لديها مشكلة مع الإسلام
المحافظ ، الذي يتعارض -من وجهة نظرها- مع
القانون الأساسي (الدستور الألماني)..
وتقليدها لما يقول به ترامبحين أجابت :"
اجعل ألمانيا عظيمة- نعم بالتأكيد!. ".
السياسة : لعبة اقتصاد .. وجلب مصالح
ومنافع .. ودرء مفاسد واضرار.. أو بتعبير
آخر رعاية كافة شؤون شعب يعيش على بقعة من
الأرض وتحقيق ما يرغب فيه ويريدهبناء على
معايير محددة - قد تتبدل وتتغيير - وفق
مبدأ عن الحياة يقبله إجمالا دون التفصيل
هذا الشعب .. وبفصل تام بين الدين والحياة
.. وهذا يتطلب وعي تاريخي كامل بمراحل
التغيير والتبديل والتعديل وفهم صحيح
للشخصية المعنوية الاعتبارية لذلك الشعب
مع ملاحظة المتغيرات الفاعلة وذات الأثر
في المجتمع والأحداث المتتالية ذات
التأثير .. محلياً وعالمياًمع وضوح رؤية
مستقبلية واعدة للرفاهية : قصيرة المدى أو
طويلة قابلة للتنفيذ والتطبيق مع مراعاة
موازين القوى في العالم.. وليس الجمود عند
ما يقوله الأجداد ..
والمنظور : أن التجمعات : عربية وغير
عربية .. لم تتمكن بعد مرور أكثر من خمسين
عاما على تواجدها على أرض القارة الأوربية
أن توجد لوبي ضاغط فاعل على الأحزاب لتغير
بعض مناهجها وفق ما تتطلبه الرؤية العربية
أو تمرير قانون لصالحها أو أقل القليل
تبيض صورة الرأي العام الشعبي ضد الآخر أو
ما يسمىتحسين الصورة النمطية عن الآخر مع
حدوث تصرفات متتالية غير مسؤولة ومتوالية
غير منضبطة تظهر حالة كراهية ضد ابرياء
..وعلى رغم حصول تلك التجمعات على عدة
امتيازات على مستوى قرار أو تمثيل حكومي
أو إجراء وزاري إثناء اتخاذ قرار ماأو
إعلاميلم يتم رفع مستوى الوعي .. فيغيب عن
المشهد اليومي ومن الأحداث المؤثرة على
الشارع الغربي التنسيق الجيد أو الضعيف
بين قوى متعددة للتجمعات العربية /
الإسلامية .. إذ لا يكفي وجود العديد من
التجار العرب في كافة الأسواق والشوارع
الرئيسة للعاصمة أو المدن .. أو أطباء
وصيادلة ومهندسون ورجال أعمال وأصحاب
مطاعم وسائقي تاكسي إذ كان يجب مخاطبة
كافة فئات الشعب الغربي كل حسب دولته أو
شخصيته وثقافته وليس فئة واحدة بعينها من
شرائح المجتمع .. يعني البحث الدائم عن ما
يسمى بالمصالح المشتركة .. وبتعبير آخر
وضع قدم راسخ وفكر واعٍ في العمق الشعبي
الغربي لتحقيق مطالب الغالبية على اعتبار
التجمعات العربية وغير عربية جزء من نسيج
الشعب النمساوي وليسوا فقط ضيوف Die
Gastarbeiterيحملون جنسية بلد .. وقد تحدث
آحدهم منذ أكثر من عشرين عاما بضرورة شراء
منازل وتملك بيوت كملكية وليس فقط إيجار
كوسيلة للبقاء في دول الغرب .. وهذا
بالطبع يتطلب أهل التخصص والخبرة لدراسة
تغيرات مجتمعية تحدث والمشاركة في صنع
القرار كي يعمل الصالح والمفيد لهذا الدور
تحت عباءة واحدة كـ الهيئة الإسلامية
المعتمدة من قِبل الحكومة النمساوية والتي
تمثل ما يقترب من مليون مواطن يحمل
الجنسية أو يحمل أوراق ثبوتية تمكنه من
البقاء والعيش بكرامة داخل حدود الدولة ..
ويقترب من الهيئة من حيث الممارسة
والتوفيق في بعض الأعمال والمواقف :
المجلس التنسيقي للمؤسسات والجمعيات
والاتحادات ..
الملاحظ : بأن الإشكالية الداخلية لتلك
التجمعات يعود لـ تراجع المؤسسات المنوط
بها رعاية شؤونها فيتبقى على الساحة غثاء
السيل أو مَن لا يصلح فـ يقدم افكار غير
مفيدة فلا تسد الفراغ الموجود والفعلي على
أرض الواقع ..
الحل يكمن ليس في الجزئية الإنسانية
ودغدغة مشاعر البعض بقدر ما هو في المربع
السياسي الاقتصادي لرعاية كافة الشؤون لكل
مَن يسكن هذه الدولة أو تلك البلد ..
فليستعدالة القضية تكفي وحدها .. بـ قدر
حُسن عرضها وبلاغها منطقها ودقة الدفاع
عنها ..
..
تتبقى مسألة القطيعة بين مكونات التجمعات
فيما بينها .. وفيما بين غيرها !.
ـ
(*) مصطلح „ حارة “ - هنا - لا يعني
بالضرورة حارة صغيرة أو حارة سد بل هو
تعبير مجازي يقصدبه حي بعينه أو أحياء
بأكملها متفرقة يغلب على ساكنيها أنهم من
أصول عربية أو غير عربية .. وهذا يظهر في
بعض المناطق بعاصمة الألب كـ الحي السادس
عشر أو العاشر .. أو مدينة برلين .. كذا
تجد مصلى يتبع لعرب بلد بعينها أو غير عرب
كما تجد محلات خدمات كالبقالة أو الحلاقة
.. وهذا لا يعني أنه حي خاص فقط بعرب بل
يسكن معهم غيرهم .. أما «حارة اليهود»
المُتقوقِعة(!) بقاهرة المُعِز بـمِصر فقد
:" تم إنشائها في حي الموسكي بالقاهرة عام
1848 وهي عبارة عن حي كامل يضم حوالي 360
شارع وحارة، وتحتوي على 13 معبدًا
يهوديًا، ولكن لم يتبق منها الآن سوى
ثلاثة، وهي: "معبد موسى بن ميمون"الذي كان
فيلسوفاً وطبيباً ذائع الصيت في القرن
الثاني عشر الميلادي، ومعبد "أبو حاييم
كابوسي" بدرب نصير ومعبد "بار يوحاى" في
شارع الصقالية. كما كان يعيش في«حارة
اليهود» المسلمون والمسيحيون واليهود
بسلام تام، ولذلك كانت تعتبر - على مدار
سنين عديدة - مجتمعاً يسوده التسامح
الديني بأبهى صوره.. مرورًا بجنازة
الحاخام الأكبر في عربة إبراهيم باشا ابن
محمد علي وتأسيس البنوك اليهودية وصولًا
لخروج أثرياء اليهود من الحارة..
وعليه اقول(الرَّمَادِيُّ): فكرة الإنعزال
عن المجتمع المحيط بارتباطها بفكرة حارة
اثبتت خطؤها بالكامل .. لذا يؤكد الدكتور
محمد أبو الغار، مؤلف كتاب «يهود مصر من
الازدهار إلى الشتات» أن حارة اليهود في
القاهرة والتي سكنها أيضا أعداد كبيرة من
المسلمين والمسيحيين لم تكن أبدا «مكانًا
إجباريًا ملزمًا لسكن اليهود في أي زمان
من التاريخ الحديث لمصر».. ويضيف د. أبو
الغار: أن «سكانها كانوا مرتبطين بأمرين :
- أولهما الدخل المحدود و
: - الثاني القرب من مصادر الرزق بالنسبة
للحرفيين في الصاغة وغيرها، أما من تحسنت
أحواله المادية من اليهود فكان يهجر
الحارة إلى عابدين أو باب اللوق أو باب
الشعرية، ومن يغتني أكثر، كان ينتقل إلى
العباسية أو مصر الجديدة».والسبب الأرجح
في التسمية بحارة اليهود : هو ميل اليهود
أنفسهم إلى التجمع بمكانٍ واحد لكي
يتمكنوا من ممارسة شعائرهم وطقوسهم
الدينية، التي يجب عليهم تأدية بعضها في
جماعة وليس بشكل فردي، مثل صلاة السبت.
وبسبب تجمعهم بشكل مكثف واختيارهم السكن
في هذا الحي، القريب من شارع الموسكي
التجاري، أُطلق عليه اسم "حارة
اليهود".والدليل على ذلك، هو أن حارة
اليهود لم يكن السكن فيها مقصوراً فقط على
اليهود، بل كان يسكنها أيضاً المسلمون
والمسيحيون. ولكن لرخص ثمن السكن بها كان
يفضلها اليهود من ذوي الدخل المحدود
لقربها من عملهم إما في الصاغة أو شارع
الموسكي . أشهر من سكن حارة اليهود، هو
الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي أمضى
طفولته وجزء من شبابه في البناية رقم 3 في
حارة عدس بالخرُنفش، وهو حي أثري ملاصق
لحارة اليهود، ولا يزال المنزل الذي تربى
فيه حتى التحاقه بالجيش قائماً وموجوداً.
ومثال آخر : الحي اليهودي بڤيينا ..
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
الإثنين : 26 شعبان 1446 هـ ~ 24 فبراير
2025 م.
يوم في السنة.. فالنتين
إشكالية العرب و
مصيبة المسلمين أنهم يقلدون غيرهمدون وعي!
أيحتاج المرء - بالفعل
- مَن يُذكره دوماً بما يجب عليه أن يقوم
به !
أيحتاج الإنسان-قصداً- مَن ينبهه عمَّا
ينبغي الاحتراز منه والاحتراس!
أيحتاج الإنسان-عمداً- من غيره بإشارة
خفية أو همسة ذكيةللأحتياط إثناء تصرف ما
أو حتى إثناء الكلام!
أم يحتاج الإنسان-أحياناً- للإطناب وإطالة
الحديث وزيادة الألفاظ لتوضيح فكرته!
ولعل من شواهد الاحتراز والاحتراس ما جاء
في صحيح مسلم بقول نبي الإسلام صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «„إِنَّ
الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ
بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا
يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ،
فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي
الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ“ » ؛
[ مسلم :1599 ].
وفي كل الطرق السريعة وفي شوارع المدن
توجد علامات مرور للمركبات وللمشاة!
وفي غالبية البيوت وكل المنازل توجد
إرشادات للسكان!
وفي أماكن بعينها توجد علامات واضحة كـ
ممنوع التدخين أو إشعال شموع .. والحديث
بصوت خافت منعاً لإزعاج الآخرين!
وفي كل وسائل المواصلات يوجد تنبيه
بمراعاة كبار السن واصحاب الإحتياجات
الخاصة والنساء الحوامل وأمهات بأطفالهن!
و توجد علامة ممنوع استخدام المصاعد
الكهربائية في المباني إثناءالحرائق!
-*/
الظاهر .. ومِن مراقبة سلوك الأفراد
ومتابعة تصرفات الجماعات أن الإنسان
بتركيبته الأصلية - وشِقيّ شخصيته:
العقلية الذهنية .. والنفسية الوجدانية -
يحتاج -بالفعل .. بالقصد .. وبالعمد ..
أحياناً - إلى مَن ينبهه أو يفطنه أو
يذكره بأن عليه أن يفعل كذا في الوقت كذا
.. أو يتصرف هكذا حين يحدث كذا .. أو يقوم
بالفعل الفلاني .. أو يمتنع عن الفعل
المشين/ التصرف الخاطئ/القول القبيح ..
وهذا يتم وفق عمليات التربية وإثناء تقديم
وشرحبـ وسائل التعليم وعند قيام الأمهات
بدورهن في حضانة أطفالهن .. ويكمل هذا
الدور الأباء وبقية افراد الأسرة .. ثم
تأتي الجهات المعنية ذات العلاقة كـ رياض
الأطفال والتعليم الإلزامي ثم المجتمع
وزاد منذ حين وسائل الترفية كـ السينما
والتلفزيون ومنذ قليل منصات التواصل
الإجتماعي والتيك توك .. في مسـألة
التوجية سواء أكانت إيجابية أو سلبية!
الواضح ومنذ زمن بعيد .. أن المرء احتاج
لناقوس المعبد اليهودي لتنبيه الناس بقرب
ميعاد الصلاة .. ثم جاء جرس الكنائِس
النصرانية .. ثم نسمع أذان المأذن في
الجوامع .. ثم استحدث الإنسان آله تنبيه
.. ساعة أو منبه للإستيقاظ أو لرؤية وسماع
أوقات الصلوات مع ظهور التاريخ : الهجري
والميلادي أو أجندة سنوية / شهرية /
اسبوعية / يومية تعلق على الحائط أو بجوار
المكتب .
-*/*
فهل العواطف والأحاسيس والمشاعر تحتاج
كذلك لـ تنبيه الناسي وإيقاظ الغافل .. فـ
نبدع يوما في السنة للحب!
الثابت عن الإنسان بصفته الآدمية وتركيبته
البشرية واصله الإنساني وبغض الطرف عن
موضع قدمه أو لغة لسانه كتب وتكلم عن الحب
وغنى له .. بل ظهر على الشاشة الفضية مَن
يمثل لنا دور العاشق والمحب .. بل أن كبار
فقهاء الإسلام كـ ابن القيم الجوزية كتب
كتاباً عن العشاق[(ليس تحت يدي الأن؛ ولم
أجده .. تحت عنوان :" روضة المحبين ونزهة
العاشقين ". )] وابن حزم كتب طوق الحمامة
.. على سبيل المثال وليس الحصر !
أم أن للأيام أحداث تحتاج للتذكير
والتنبيه !
أم أن هذه الأيام ايام انعاش تجاري!
-*/*-
الحب فى القرآن والسنة
„١ “ : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن
رجلاً قال: „يا رسول الله في حجري يتيمة
.. قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فــ نحن
نحب الموسر .. وهي تحب المعدم “، فقال
رسول الله ﷺ: «„لم نر للمتحابين غير
النكاح “ » ؛ [ قال الألباني: الحديث
أخرجه ابن ماجه ؛ والحاكم ؛ والبيهقي ؛
والطبراني .. وغيرهم، وقال الحاكم:„صحيح
على شرط مسلم، ولم يخرجاه “، انظر: „صحيح
السلسلة الصحيحة؛ (624) ، صحيح ابن ماجه
1497].
„٢ “ : وقال عمرو بن العاص: „بعثني رسول
الله ﷺ على جيش وفيهم أبو بكر وعمر، فلما
رجعت قلت: يا رسول الله من أحب الناس
إليك؟ قال: «„ عائشة “ » ؛ قلت :„إنما
أعني من الرجال “ ؛ قال: «„أبوها “ » ؛[
متفق عليه : رواه البخاري ومسلم].
„٣ “ : قالت عائشةُ رضي الله عنها: „أرسل
أزواج النبي ﷺ فاطمة بنت النبي ﷺ، فدخلت
وهو مضطجع معي في مرطي، فقالت:„ يا رسول
الله، إن أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي
قحافة “ ؛ [ تقصد السيدة عائشة بنت أبي
بكر الصديق ] ، وأنا [ أي : أم المؤمنين :
عائشة ] ساكتة، فقال رسول الله ﷺ: «„ألست
تحبين ما أحب؟! “ » ؛ قالت:„ بلى “ » ؛
قال: «„ فأحبي هذه “ » ؛[ رواه مسلم
والنسائي ].
„٤ “ : وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
„كان رسول ﷺ يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول:
«„اللهم هذا فعلي فيما أملك .. فلا تلمني
فيما تملك ولا أملك “ » ؛[رواه أبو داود ؛
والترمذي ؛ والنسائي ؛ وابن ماجه ؛ وابن
حبان في صحيحه].
„٥ “ : وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
„قال لي رسول الله ﷺ: «„أُريتك في المنام
.. يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال
لي: هذه امرأتك. فكشفت عن وجهك الثوب فإذا
أنت هي، فقلت: إن يكن هذا من عند الله
يمضه “ » ؛[ رواه البخاري ].
قال الزهري: “أول حب كان في الإسلام حب
النبي ﷺ عائشة رضي الله عنها، وكان مسروق
يسميها : «حبيبة رسول الله » ؛ ﷺ [ روى
ذلك الإمام ابن القيم ] .
إن الرسول ﷺ أحب السيدة عائشة حبًا
مختلفًا (!) عن باقي أزواجه من أمهات
المؤمنين وأخبر عن ذلك أنه شيء يملكه الله
ولا يملكه هو ﷺ. إذن فالحب في ذاته ليس
حرامًا ولا عيبًا ولا مرضًا ولا ضعفًا من
وجهة نظر الإسلام؛ لأنه لا يجوز أي شيء من
ذلك على الرسول ﷺ.
„٦ “ : وقال أبو هريرة رضي الله عنه: „كنت
مع النبي ﷺ فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج
امرأة من الأنصار، فقال رسول الله ﷺ: «„
أنظرتَ إليها؟ “ » ؛ قال:„ لا “؛ قال:
«„فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا
“ » ؛ [ رواه مسلم والنسائي والطبراني ] .
„٧ “ : وعنهﷺ أنه قال: «„إذا خطب أحدكم
المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه
إلى نكاحها فليفعل “ » ؛ [ رواه أبو داود
والطحاوي وأحمد وابن ماجه ] .
„٨ “ : وعن سهل بن أبي حثمة أنه قال:
„رأيت محمد بن مسلمة يطارد „بثينة بنت
الضحال “فوق أجران لها ببصرِه طردًا
شديدًا، فقلت:„ أتفعل هذا وأنت من أصحاب
رسول الله ﷺ؟! : “ ؛ فقال:سمعت رسول الله
ﷺ يقول: «„إذا أُلقيَ في قلب امرئٍ خطبة
المرأة فلا بأس أن ينظر إليها “ » ؛ [
الحديث رواه أحمد وابن ماجه والطحاوي ] .
„٩ “ : وفي الصحيح : كان مغيث يمضي خلف
زوجته : „ بريرة “بعد فراقها له، وقد صارت
أجنبية عنه، ودموعه تسيل على خديه، فقال
النبي ﷺ:„يا ابن عباس ألا تعجب من حب مغيث
بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا “، ثم قال
لها : «„لو راجعْتِه “ » ؛
فقالت:„أتأمرني؟ “؛ فقال: «„إنما أنا شافع
“ » ؛ قالت:„ لا حاجة لي فيه “ ؛ [ رواه
البخاري ] .
وقد قال الإمام ابن حجر العسقلاني شارح
البخاري تعليقًا على هذا الحديث: „فيه إن
فرط الحب يُذهِب الحياء .. لما ذكر من حال
مغيث .. وغلبة الوجد حتى لم يستطع كتمان
حبها، وفي ترك النكير عليه بيان جواز قبول
عذر من كان في مثل حاله ممن يقع ما لا
يليق بمنصبه إذا وقع بغير اختياره “ [ فتح
الباري، ( ج 9، ص 325) ] .
وقال الإمام الصنعاني في تعليقه عليه
أيضًا: „ومما ذكر في قصة بريرة أن زوجها
كان يتبعها في سكة المدينة؛ ينحدر دمعه
لفرط محبته لها. قالوا: يقصد العلماء
فيُؤخذ منه أن الحب يُذهِب الحياء، وأنه
يعذر من كان كذلك إذا كان بغير اختيار منه
“ [ سبل السلام، ( ج: 3، ص: 278) ] .
„٩ . ١ . “ : حديث مغيث وبريرة يحسم
أمورًا كثيرة:
أولاً: الرسول ﷺ تعاطف مع المحب ولم ينهه
عن حبه.
ثانيًا: الرسول ﷺ بلغ تعاطفه مع المحب أن
تشفع له بنفسه عند من يحب، وهذا أمر تثقل
دونه الجبال.
ثالثًا: الرسول ﷺ لم ينه مغيثًا عن حبه لـ
بريرة حتى بعد أن رفضت بريرة الزواج منه.
أي إنه لم يُحرِّم حبه لها. وكيف يُحرِّم
هذا الأمر وهو يقول عنه إنه لا يملك؟!
رابعًا: إن مغيثًا كان يمشي وراءها ويبكي،
وليس من المعقول أنه كان يمشي وراءها مغمض
العينين. إذن هو كان ينظر إليها، ويراها،
ولم ينهه الرسول ﷺ عن ذلك، وهو أمر لم
يتركه ﷺ إلا مع هذا المحب، وهو أمر يرتبط
بالمحب ارتباطًا لاإراديًا؛ فلا يستطيع
المحب أن يمر من يحبه أمامه ولا ينظر
إليه.
خامسًا: إن قول الرسول ﷺ لابن عباس: „ألا
تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة
مغيثًا؟! “ : قول لا يكاد يكون له مثيل.
أفلا يكون ذلك مستندًا لنا في أن الحب أمر
عجيب وسر من أسرار الله؟!
„١٠ “ : وفي الحديث الشهير جدًّا الذي روى
فيه الرسول ﷺ قصة الثلاثة الذي آواهم
المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من
الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا:„ إنه لا
ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله -
تعالى - بصالح أعمالكم “؛ فـ دعا الأول
بما يعني تفانيه في خدمة والديه ابتغاء
وجه الله فانفرجت الصخرة شيئا لا يستطيعون
الخروج منه. ودعا الثالث بما يعني أنه
استثمر أمانة عنده فربحت أموالاً هائلة
وعلى الرغم من ذلك رد الأمانة وما ربحت من
الأموال الهائلة لصاحبها ابتغاء وجه الله.
„١٠ . ١ . “ : والذي يهمنا مِن هذه القصة
الشهيرة التي رواها الرسول نفسه ﷺ.. ما
يتعلق بالرجل الثاني. فـ بماذا دعا الله -
تعالى - بصالح أعماله؟ .. قال الرسول ﷺ:
«„وقال الآخر :„اللهم كانت لي ابنة عم
كانت أحب الناس إليّ “ ؛ وفي رواية :„كنت
أحبها لما يحب الرجال النساء، فــ أردتها
على نفسها [ أي أراد مواقعتها ] فامتنعت
مني، حتى ألمّت بها سنة من السنين [ أي
ضاقت بها الظروف لمصيبة أصابتها ] ؛
فجاءتني، فـ اشترطت لمساعدتها أن أعطيها
عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين
نفسها [ أي تسلم له نفسها ] ، ففعلت حتى
إذا قدرت عليها “ ؛ وفي رواية :„فلما قعدت
بين رجليها “ ؛ [ وأنا[(الكلام على لسان
ما كتبه د. مبروك )] لا أتحرج هنا أن أقول
للقارئ أن ينتبه للغاية لمعنى هذا الذي
يرويه الرسول ﷺ لأهميته الشديدة ] ..
قالت:„ اتق الله، ولا تفضّ الخاتم إلا
بحقه “ ؛ [ أي لا تزل غشاء البكارة إلا
بعقد الزواج ] ، :„فانصرفت عنها؛ وهي أحب
الناس إليّ، وتركت الذهب الذي أعرتها.
اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا
ما نحن فيه “ ؛ فـ انفرجت الصخرة “ » ؛ [
متفق عليه ] .
„١١ “ : وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله
عنه: „يا أمير المؤمنين إني رأيت امرأة
فعشقتها “، فقال عمر:„ ذاك مما لا يملك “
؛ [رواه ابن حزم بسنده في طوق الحمامة] .
„١٢ “ : وقال عمر بن الخطاب أيضًا: „لو
أدركت عفراء وعروة لجمعت بينهما “ ؛ [
رواه ابن الجوزي بسنده ] .. وعروة عاشق
عذري وعده عمه بالزواج من ابنته عفراء بعد
عودته من سفر للتجارة، ثم زوجها لرجل من
الأثرياء.
وقال هشام بن عروة عن أبيه: مات عاشق،
فصلى عليه زيد بن ثابت، وأحد كتاب الوحي،
وجامع القرآن الكريم، فقيل له في ذلك،
فقال: „إني رحمته “؛[ رواه ابن القيم في
روضة المحبين ونزهة العاشقين ] .
ويروي ابن حزم في طوق الحمامة: «„أنه قد
جاء من فتيا ابن عباس في العشق ما لا
يُحتاج معه إلى غيره حين يقول: „هذا قتيل
الهوى لا عقل ولا قود “ “ » . [ انتهى
النقل بتصرف يسير من بحث د. محمد مبروك ]
الأحكام العامة المأخوذة من النصوص:
إن الحب شيء لا يُملك، وإنما هو أمر بيد
الله، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يحاسبنا
الله على أمر يملكه هو ولا نملكه نحن؟! ..
تتبقى مسألة احتفالية الناس بيوم في السنة
تحت مسمى عيد الحب أو القديس فالنتين ..
فــ أقول (الرَّمَادِيُّ ) : المشاعر
والأحاسيس والعواطف ليست موسمية وليست وفق
ما يمليه النظام الغربي علينا بمنظومته !
.. بل لنا خصوصيتنا ومراجعنا ومقايِسنا
وقيمنا !
ـ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
14 شعبان 1446 هــ~ 12 فبراير 2025 م.
„ التجمعات
خارج مِصر .. بغض النظر عن مسماها ..
واجهة - مضيئة أو معتمة - المِصريين في
الغرب !“ ..
„ اشتدِّي أزمةٌ تنفرجي “
.. تحكي الجدات - بــ إفتخار - في حكاوي
الصباح وهنَّ جالسات على „ الشَلْتة “ في
„ المقعد “ -غرفة المعيشة- عند تحضير
فنجان قهوة محوجة لـ سي „ السيد “ - اسم
جدي - على „ السبرتاية “ أمام باب
البلكونة المطلة على شارع الراوي .. تحكي
جدتي بـ : أن مزين الشعر .. والحائك
للملابس .. والمكوجي .. وجرسون القهاوي
الراقية .. وبائع „ الطافية “ (مضروب مشكل
الخمور) في القهاوي الشعبية .. وماسح
الأحذية .. وطاقم عمال الفنادق .. وصناع
السينما = افلام أبيض وأسود .. وبقية
الحرف كانوا عُمال وصنيعية مِن القارة
الأُورُبية.. وكان زمن الخديوية الجنية
المِصري أعلى قيمة من الجنية الذهب ..
وتروي جدتي لـ أمي أن جارةً لها في حي
راغب باشا كانت طليانية تحضر يومياً فـ
تشتري حزمة من الجرير مع البقدونس
والطماطم والخيار .. لزوم السلاطة .. تحضر
بجوارها حزمة ورد .. فل .. ياسمين ..
تضعها على مائدة الغذاء .. فـ سألتها جدتي
:" لما تفعلين ذلك !". فـ ردت :" علشان
نفتحوا نفس الخواجة جوزي ".. وجارة أمي في
بيت شارع صفية زغلول كانت يونانية ..
..
تغيرت المعادلة في المنطقة برمتها..هم
ذهبوا .. والمِصري تبعهم في ذهابهم ..
.. وجاءت طفرة البترودولار .. وسافر
الفلاح والعامل لدول الخليج والعراق ..
والإعارة لبعض الدول العربية الآخرى كـ
الجزائر .. وتم الانفتاح .. زمن قائد
العبور .. المغدور به فوق منصته الرئاسية
.. فــ تقلصت رقعة الأرض الزراعية
المِصرية وأُغلقت آلات المصانع .. ثم جاءت
حرب الخليج لتحرير الكويت .. فهبَّ مَن
وجدَ هناك .. غادر .. من كان يعمل إلى هنا
.. بلاد الغرب مع غياب لُغة أو مهنة أو
حرفة مع فلول من أفراد تنتمي لـ جماعات
حركية !
..
في بداية سبعينات القرن الماضي .. الذين
جاءوا إلى الغرب(!) .. كانوا شباب .. فقط
.. دون زوجات إلا نادراً .. إما لـ :
- تحضير درجة علمية عالية .. وهن قلة ..
أو لـ :
- تحضير ثمن مهر وشبكة عروس تنتظره وإيجار
شقة ودكان بــعد تحويل الشلن أو المارك
للعملة المحلية ..
..
ثم تغير الحال تماماً ..
..
بيد أنه توجد عدة عوامل تُشكل شخصية
المِصري -وكيانه - بل وجوده على كوكب
الأرض .. سواء مَن مَكث بـ الداخل واستقر
على ضفتي الرافد الفضي .. أو غادر إلى
بلاد المهجر .. أو تأقلم مع سكان بلاد
الخليج .. أو تعايش مع المناخ والجو في
بلاد الصقيع والبرد - مع تحورات جذرية عند
البعض في نمطية العيش وطريقة الحديث ..
وهم قلة كـ من ارتدي الجلباب القصير وتلحف
بالدشداشة ..أو وضع „ برنيطة الفرنجة “
فوق رأسه الصلعاء ..
..
من تلك العوامل على سبيل المثال -فقط-
وليس الحصر :
- „ سيكولوجية “ شخصية المِصري .. بـ معنى
نفسيته وعقليته .. ومشاعره وأحاسيسه ..
ووجدانه وعواطفه حتى تجاه الغريب.. وايضاً
العدو ..
.. و.. يحلو للبعض حتى كتابة هذه السطور
تسميتهم بـ :
- „ أبناء الـ فراعنة “ [( انظر علامة
تمييز مِصر للطيران )] كـ من يُسمى محمد
صلاح أو محمد عبدالمنعم[(أمس كان عيد
ميلاده؛ عيد ميلاد سعيد يا حماده)] .. فـ
لم يقبلا بالإبعاد والإهمال في الفريق
الأول ولم يستسلما للإحباط .. فـ اشتغلا
على نفسيهما ليثبتاللعالم جدارتهما .. أو
.. تابع إرتفاع كعب السادة الدكاترة في
كافة التخصصات .. مِن عالم الفضاء إلى
طبيب القلوب إلى حامل نوبل سواء في الأدب
أو الكيمياء والفيزياء .. و رائد علم
كيمياء الفيمتو ..
.-. „ ندرة وجود النسيج الإجتماعي المِصري
في العالم “ .. مثال : وحدة الهلال مع
الصليب! .. بـ وجود رجال الأزهر الشريف
بجوار قساوسة الكنيسة المرقسية الشرقية..
شعب متدين مع كل ما يصيبه من المصائب
ويلحق به من الفساد والإفساد .. وإن كان
وفق شهادة الميلاد متديناً ..
..
بيد ما جدَّ على ساحة القارة الأُورُبية
والأمريكتين وأستراليا :
- وجود عائلات بـ كامل أفرادها تصل إلى
الأحفاد [( الجيل الرابع )] في بلاد
الغربة ودول المهجر .. وحصول تلك العائلات
على :
- جنسية الدولة التي تقيم فيها تلك
العائلات.. ويصاحب ذلك أنهم :
- يسافرون إلى بلد المنشأ[( مِصر )] كــ
سياح ..
..
يقال في المثل الشعبي : „ لكل وقت آذان “
..
وهذه لمحةٌ ذكية مِن مَن أخترعه فـ ألفه
.. لفتة إسلامية .. ونباهةٌ مِن مَن ردده
حتى صار يُعتمد عليه - المثل - في
الاستدلال في بعض المسائل ..
إذ نحن الأن في بداية عامٍ جديد ۲۰٢٥ ..
- نعم .. توجد تناقضات .. واختلافات ..
وتعارضات .. وإنقسامات .. وإنشطارات ..
الأن .. هنا وهناك .. بل وفي كل وقت مضى
.. وزمن قادم ..
.. لا تنزعج .. هناك مَن يحاول الإصلاح !
..
وهذا يستلزم - بعد مرور ما يزيد عن نصف
قرن من الزمان في وجود المِصري في الغرب -
إعادة النظر في كيفية رعاية شؤون ومصالح
ومنافع المغتربين ! وإن تحصلوا على
الجنسية الغربية ..ورقي نوعية الخدمات
التي تقدم لـ هؤلاء - تلك الفئات والشرائح
- خاصةً في الخارج ..
ويستلزم هذا وجود „ خطة “ عامة لـ رعاية
شؤونهم وجلب مصالح ومنافع وإبعاد مضار
ومساوئ عن هذه الشرائح والفئات .. - مع
ملاحظة أن حكومة دولة النمسا تقوم برعاية
شؤونهم : مادياً .. وصحياً .. وتعليميا ..
ومعاشيا وفق وجهة نظرها - هي - في الحياة
ووفق مبدؤها وتبعاً لـ دستورها الأساسي
والكل قابل للتغيير والتعديل والتبديل وفق
الرؤية السياسية للحزب الحاكم القادم -..
وجود خطة عامة مع ملاحظة ومراعاة إختلاف
وجهة النظر في الحياة بين نسيجين مختلفين
لحدٍ ما أو قلة من أفراد شعب مِصري مع
مجموع الشعب الغربي الأوروبي النمساوي ..
بل وصل الحال عند كثير من المِصريين إلى
إنقسام شديد فيما بينهم .. بل إلى إنشطار
في التركيبة الأصلية للبُنية الأساسية
للمجتمع المِصري مع بقاء خصوصية الهوية
والشعور الدفين بالانتماء والحفاظ على
مشاعر التدين ..ووجود فئة لا إنتماء لها
ولا هوية .. مع ملاحظة حالة „ توهان “ أو
غياب „ وعي “عند الكثير من الشباب
والشابات [( الجيل الثاني والثالث)] .. و
„ سوء “ تربية أو „ إهمال “ في تربية
النشأ = الأطفال .. وملاحظة أن مدينة
-كمثال- فيينا توجد بها كافة أطياف
الإنتماء الحزبي والمذهبي أو الحركي
والطُرقيوالتجمعي : وحسب ما هو متوفر عندي
[( وللعلن : عند الأجهزة الأمنية للجهات
المعنية)] من معلومات .. فـ
توجد :
- طريقتان صوفيتان و :
- تنظيم لجماعة الإخوان و:
- السلفية و:
- السنة والجماعة ..
- وتجمعات متفرقة علمانية !
وهذه المقدمة المختصرة ضرورية .. بـ
مناسبة قرب إنتخابات „ النادي المِصري “
القاطن بفييناعلى ضفاف الدانوب الأزرق ..
لذا استسمح السادة بعرض موجز لـ كلمتي
..وما يهمني في المقام الأول : ..
خلال السنوات العشر الماضية أو ما يزيد
وجدت شريحة :
- [(1 . )] : „ على المعاش “ .. أي الذي
وصل إلى سن التقاعد عن العمل ..
فــ ما هي الخدمات التي يقدمها „ النادي
المِصري “ لهذه الشريحة .. وأغفلُ
-عمداً-الأن الحديث عن دور : المصليات أو
الإتحاد ..
-هل نملك الوعي الكافي بـ أحكام النظام
الإجتماعي وقانون العقوبات ؛ خاصة النظام
المعمول به في النمسا [(مع استثناء افراد
مِن الجيل الثاني والثالث .. مَن ولدوا
هنا )] .. مع تداخل الأجيال فيما بينها من
حيث التقسيم النوعي ..
ونتيجة الحراك الإجتماعي .. وعلاقات
الأفراد فيما بينهم .. نلاحظ :
- وجود نسبة عالية مِن [(2 . )] : „
الغاضبات “ في بيت الزوجية مع شجار وضرب
وإهانة أمام الأطفال.. يليهن :
- [(3 . )] : „ المطلقات “ بـ أولاد ..
يتبعهن :
- [(4 . )] : „ الأرامل “ من النساء أو
الرجال ..
وأتساءل ما هي الخدمات أو الرعاية الكافية
بكافة أنواعها مِن قِبل „ النادي المِصري
“ التي تقدم لتلك الشرائح الأربع!
مع غياب ملحوظ لـ أهل التخصص واصحاب
التجارب ..وذوي الكفاءة العلمية
والتأهيلية !
..
ينقص الجميع خدمات التوعية :
- الوعي [( 1 . )] : الصحي الدوري على
مدار العام ؛أي قَبل موسم الشتاء .. أو
قدوم الصيف وما يحدث من انتشار عدوى
وأمراض..
- الوعي [( 2 . ) ] : الثقافي العام ..
بكافة أشكاله وصوره ..
- الوعي [( 3 . )] : الصحي الوقائي
[(hygienemaßnahmen)] أو ما يسمى بـ الطب
„ الوقائي “بشقه العلميوالديني : خاصة :
- شريحة الصبية والصبايا :
- الوعي الإسلامي الصحيح بـ [( 4 . )] قرب
بلوغ الطفلة مبلغ النساء وما يترتب على
ذلك من مسائل شرعية فقهية ؛ و:
- حكم [( 5. )] رطوبة الفرج ..
- الوعي بــ أحكام [( 6. )] : الطهارة منذ
الصغر خاصة في الروضة أو التعليم الإلزامي
..
- الوعي بـ مسألة إنتهاء [( 7 . )] :
الدورة البيلوجية للأخصاب عند النساء [(أو
ما يطلق عليه مرحلة اليأس .. عدم القدرة
على الإنجاب)]
بوجود الجيل الثاني والثالث في بلاد الغرب
ما هي الخدمات والتوعية التي تقدم للشابات
والشباب!
كـ :
- [( 8. )] : مدرسة الأزواج ..
- [ ( 9 . )] : عشرة النساء ..
بوجود الجيل الرابع في بلاد الغرب ما هي
الخدمات والتوعية التي تقدم لـ [ ( 11 .
)] : صغار الأمهات إذا لم يكن معهن مرافق!
- الوعي [ ( 12 . )] : „ السياسي “ خاصة
ونحن نعيش في مجتمع ليبرالي ديموقراطي
ووصول أحزاب شعبوية يمينية متطرفة لـ سدة
الحكم : أمريكا مثلا .. المجر .. وفي
انتظار تشكيل الحكومة في النمسا!.
- الوعي بـ [ ( 13 . ) ] : تاريخ القارة
الأوربية عموماً .. و[ ( 13. 01. ) ] :
تاريخ الدولة التي يقيم فيها المهاجر أو
مَن تجنس بجنسيتها .
..
تتبقى مسألة [( وهي أم المسائل )] :
مَن سيتولى إدارة دفة التجمع المِصري
لرعاية وتقديم خدمات للمِصريين !.
- الأصل في أعضاء الإدارة أن يكون لديهم:
- رؤية واضحة للواقع الحالي - نحن بداية
2025م–
و :
- إلمام تام بـ فئات أو شرائح التجمع
المِصري .. وكيفية تقريب البعيد وإزالة
الحواجز النفسية بين الأطراف!
- فتح القلب قبل الباب لكافة الطوائف
الباقية .. حتى الذين نختلف معهم!
..
فــ الإدارة مسؤولية وتكليف .. وليس
رفاهية وتشريف!
.. الأصل في „ النادي المِصري “ .. أنه
مؤسسة متكاملة الأطراف والأركان : بمعنى :
أنه :
- إجتماعي [( وليس لـ ثلة)] وأنه :
- ثقافي .. وأنه :
- تعليمي .. وأنه:
- رياضي .. وأنه :
- ترفيهي .. بـ :
- معنى أنه : لـ بنات ونساء .. كما لـ
صبايا وصبية .. وشباب وشابات .. ورجال
التجمع المِصري .. !
وأخيراً وليس آخراً :
ينبغي أن توجد عين رقيب محايد أو ما يسمى
بـ النخبة .. مع جلسات حُسن استماع !
ـ
يوم إنتخاب إدارة جديدة واعية مسؤولة بـ
النادي المِصري / فيينا - النمسا : الجمعة
: 07 فبراير 2025م ..
مِن السابعة [(19)] مساءً للتاسعة [(21)].
..
ــ ـ ـ ـ ـ ـ
- لعل هذا أنموذج - وإن كنتُ مُقصر- صالح
لبقية التجمعات العربية ؛ وكاتب هذه
السطور يبتعد عن استخدم تعبير„ الجاليات “
العربية ؛ إذ أن „ الجالية “تعني مجموعة
من الناس تم طردهم من بلد ما .. لذا تجد
عيد الجلاء حين تم طرد الجنود الاحتلال
الإنجليز في دول :ــ كــ مِصر .. سوريا !
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
02 / 02 /2025م
مَعْلُومٌ أَنّ
الْإِسْرَاءَ كَانَ بَعْدَ النّبُوّةِ
وَحَيْنَ فُرِضَتْ الصّلَاةُ قَبْلَ
هَذَا، وَقِيلَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ
بِعَامِ..
لذا جاء الخبر بتحديد التأريخ بـ :" 27
رجب 1 ق. هـ ~ 28 فبراير/شباط 621 م ".
تمهيد :
اعتاد الإنسان في حياته اليومية على
المحسوس وخلال سنوات معاشه على الملموس
وطيلة أعوام عمره على المرئي .. ويستسيغ
ما يتذوقه ويستحسن ما يشمه ؛ وكلما غاب عن
الإنسان ما لا يستطيع أن يدركه بحواسه
مجتمعة أو متفرقة صعب أن يفهم كنهه ؛
وبالتالي لا يعتقد بوجوده ولا يتمكن أن
يتخيل له صورة أو شكل : ومن هنا سهل عليه
أن يرسم التصاوير لما تخيله في ذهنه وينحت
التماثيل لما ظنه في مخيلته أو يصنع
الأصنام وينصب الأوثان لما يعتقد في وجوده
؛ فـ يُغَيّب العقل تماماً فـ يسجد لصنم
صنعه بيده ظنه آلهاً ويقدس وثناً نحته
بأزميله يعتقد بقدسيته ويعبد تمثالاً نسجه
من مخيلته فيعبد حجراً أو صخرا أو خشبا
شكله على هيئة المعبود ؛ إذ أن الإنسان في
فطرته ينبغي له أن يقدس ويحترم احتراما
قلبيا شديداً شيئا ما .
وكل المغيبات عن الإنسان والتي لا يدركها
بحواسه -وليست فقط الغائبة عن نظره ولكن
قد تدرك فيراها بعد حين أو غائبة عن سمعه-
تلك المغيبات لا يتمكن مِن أن يعقلها
بفهمه القاصر فـ إما يتصورها بمحدودية
إدراكه الضئيل ويتخيلها حسب ضعف مداركه
القليلة أو ينصرف عنها تماماً فـ يشرك أو
يلحد .
وقضية الدين وما يُبنى عليها مِن إيمان
سليم وعقائد صحيحة ومسائل العبادات
والمعاملات والتصرفات والأقوال يجب أن
تصدر مِن مَن أوجد الإنسان فهو أدرى به
جيداً وحتماً ، وهنا اراح الخالق المبدع
المصور المنشأ مخلوقه الأول -آدم عليه
السلام- الضعيف المحتاج القاصر المحدود
منذ البداية : فـ „علمه الأسماء كلها“ ..
ثم بيَّن له الصواب والخطأ.. وبعده تكاثرت
ذريته فارسل هذا الخالق المصور المنشأ
المبدع رسول أو نبي مِن مَن اصطفاهم من
خلقه لتبليغ رسالته ومنهاجه وشريعته وفق
ما يحب هذا الخالق ووفق ما يرضى من أقوال
وأفعال : فالمنهاج والشريعة والطريقة
والكيفية في تسيير حياة الإنسان مِن وضع
مَن صنعه فابدعهفـ خلقه ؛ فتجد في آخر
رسالات التنزيل : ملة خاتم الأنبياء ودين
آخر المرسلين وشريعة ومنهاج متمم
المبتعثين وطريقة وكيفية رسول الإسلام ..
تجد أحكاما شرعية لها علة ؛ والعلة تدور
مع المعلول وجودا وعدماً = قاعدة اصولية ،
كما تجد أحكاما آخرى لها حِكمة وهي مما
استأثر بها خالقنا كــ العبادات ليس لها
علة معقولة وأيضا المشروبات لا تعلل وكذلك
المأكولات وايضاً الملبوسات: إذ لو رفعت
العلة لجاز أكل لحم الخنزير وشرب الخمر
بأنواعها .. كما تجد جانب من دين الإسلام
مَبني على المعجزات بــ جانب الغيبيات ..
فـ إذا صحت وجب الإيمان بها والتصديق بما
حوته من أخبار ؛ كــ مسألة الإسراء
والعروج.
ومِن الخطأ -شرعاً ولُغةً- أن يعتبر بعض
السادة -مِن أهل السنة أو الشيعة- أن أول
رجل فضاء يمكن أن نُطلقه على نبي الإسلام
محمد بن عبدالله ..
ولعل هذا من منطلق فاسد سائد عند البعض
بقولهم „ بضاعتنا ردت إلينا (!)“ .. ولا
تصح المقارنة بين فعل الاله الرب الخالق
الصانع المبدع المنشأ من عدم وبين عمل
بشري! ..
وأَمْرُ النّبُوّةِ فَإِنّهُ عَظِيمٌ
تَضْعُفُ عَنْهُ الْقُوَى الْبَشَرِيّةُ
كما حدث في بداية النبوة في غار حراء بجبل
النور..
-*/*-
فــ „ يوري“ يعتبر أول إنسان يتمكن من
الطيران إلى الفضاء الخارجي والدوران حول
الأرض في 12 أبريل 1961م على متن مركبة
الفضاء السوفيتية (فوستوك1) .. فهو ..
رائد الفضاء السوفيتي : يوري ألكسيافيتش
جاجارين، فــ هذا عمل بشري احتاج
لاختبارات وتدريبات عالية اللياقة البدنية
وامكانيات مادية هائلة ؛
وهو : لم يَقُل: ”لم أرَ الله فوق في
الفضاء“.. بل :" في حديث صحفي عام 2006م
مع رفيق جاجارين ، الكولونيل ”فالانتين
بتروف“ ، صرَّح بأنَّ رائد الفضاء لم ينطق
بهذه الكلمات إطلاقاً ؛ بل إنَّ هذه
الجملة وردت فقط على فم الزعيم السوفيتي
آنذاك نيكيتا خرتشوف في حديثه أمام اجتماع
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كنوع من
حملة الدعاية للإلحاد ضد الأديان ، وذلك
بقوله: ”جاجارين طار في الفضاء ، لكنه لم
يَرَ أي إله هناك “ .
(عن وكالة الأنباء الروسية
interfax-religion.com - يوم 12 أبريل
2006م). ".
وقد :" دُهِش السوفيت-آنذاك- من عودة يوري
إلى الأرض سالماً حيث إنهم لم يتوقعوا ذلك
، وأسرع نيكيتا خروتشوف إلى جعل يوري
بطلاً قومياً مما زاد من شهرة يوري أكثر
فأكثر ، فـ أُعجِب خروتشوف بالإنجاز غير
المسبوق والنجاح الباهر لبرنامج الفضاء
السوفيتي وأمر بزيادة الإنفاق لتطوير
ترسانة الصواريخ السوفيتية على حساب
الأسلحة التقليدية ".
و.. :" بحسب موقع "لايف ساينس" العلمي ،
لم تتجاوز رحلة يوري جاجارين 108 دقائق
فقط ، ودارت الرحلة مرة واحدة حول الأرض ،
بسرعة 17.5 ألف ميل في الساعة ، على
ارتفاع 203 أميال كحد أقصى.:و" وفق نفس
الموقع ، كل السفن السابقة كانت تفتقد
السرعة الكافية للهروب من الجاذبية
الأرضية ، ولم يكن أي صاروخ حتى ذلك الوقت
قادراً على الوصول إلى سرعة 5 أميال في
الثانية ، حتى جاءت مهمة "فوستوك 1" التي
تم منحها كل هذه القدرات اللازمة. ".
-*/*-
أما الإسراء والعروج فهو معجزة آلهية بكل
المقاييس وتتحدى كل القدرات .. فـ لا يقدر
عليها إلا خالق الكون ومنشأ الإنسان..
وهذه المسألة فيها أمران :
- الأول منهما : مسألة الإعجاز ؛ و :
- الثاني مسألة الإخبار بغيب ؛ وأدق بيان
لهذه الجزئية ما رواه الحسن يخبر فيه عن
حال وقول أبي بكر :
فَقَالَ أَكْثَرُ النّاسِ :" هَذَا
وَاَللهِ الْأَمْرُ الْبَيّنُ .. وَاَللهِ
إنّ الْعِيرَ [(الإبل)] لَتُطْرَدُ
شَهْرًا مِنْ مَكّةَ إلَى الشّامِ
مُدْبِرَةً وَشَهْرًا مُقْبِلَةً ..
أَفَيَذْهَبُ ذَلِكَ مُحَمّدٌ فِي
لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَرْجِعُ إلَى
مَكّةَ [(!!!)ٍ..
قَالَ فَارْتَدّ كَثِيرٌ مِمّنْ كَانَ
أَسْلَمَ، وَ
ذَهَبَ النّاسُ إلَى أَبِي بَكْرٍ
فَقَالُوا لَهُ : „ هَلْ لَك يَا أَبَا
بَكْرٍ فِي صَاحِبِك ، يَزْعُمُ أَنّهُ
قَدْ جَاءَ هَذِهِ اللّيْلَةَ بَيْتَ
الْمَقْدِسِ، وَصَلّى فِيهِ وَرَجَعَ إلَى
مَكّةَ “.
قَالَ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ : „
إنّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ[(!)] “..
قلت (الرمادي) : توقف أبو بكر عن التصديق
من أول وهلة ووصفهم أنهم يكذبون : مسألة
الإعجاز .. وأنه غيب !
فَقَالُوا: „ بَلَى ، هَا هُوَ ذَاكَ فِي
الْمَسْجِدِ يُحَدّثُ بِهِ النّاسَ“ ؛
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: „ وَاَللهِ لَئِنْ
كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ .. فَمَا
يُعْجِبُكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟ .. فَوَاَللهِ
إنّهُ لَيُخْبِرُنِي أَنّ الْخَبَرَ
لَيَأْتِيهِ مِنْ السّمَاءِ إلَى
الْأَرْضِ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ
نَهَارٍ فَأُصَدّقُهُ .. فَهَذَا أَبْعَدُ
مِمّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ “ ،
ثُمّ
أَقْبَلَ حَتّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فَقَالَ: „ يَا نَبِيّ اللهِ.
أَحَدّثْت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنّك
أَتَيْت الْمَقْدِسَ هَذِهِ اللّيْلَةَ؟ “
،
قَالَ: » „ نَعَمْ “ « ،
قَالَ : „ يَا نَبِيّ اللهِ .. فَــ
صِفْهُ لِي ، فَإِنّي قَدْ جِئْته “
قَالَ الْحَسَنُ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : »„
فَرُفِعَ لِي حَتّى نَظَرْت إلَيْهِ “
»-فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصِفُهُ
لِأَبِي بَكْرٍ ..
وَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ : „ صَدَقْت“ ،
أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللهِ “ كَلَمّا
وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ„
صَدَقْت“، أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللهِ
“حَتّى انْتَهَى،
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ : »
„ وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقُ
“.«.
».. فَيــ َوْمئِذٍ سَمّاهُ : „ الصّدّيقَ
“. «..
ـ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
الأحد : ١۳ رجب۱٤٤٦ هــ~ 12 يناير 2025 م.
[(. 1 )] حادثة
الإسراء :
»ليلة الإسراء لم يأتِ في أرجحية العمل
فيها حديث صحيح ولا ضعيف، ولذلك لم
يعيّنها النبي ﷺ « .
معجزةٌ خارقةٌ للعادة لا يتقبلها العقل
الآدمي عند عموم البشر-بسهولة ويسر-؛ إذ
أن رحلة الخروج من مكة إلى فلسطين عند عرب
الجاهلية كانت تستغرق أربعين يوماً ؛ فـ
المحسوس والملموس والمادة الموجودة في
الطبيعة المرئية والمسموعة تسيطر على ذهن
الإنسان إذا فقد وحي السماء بكتاب مبين
وغاب هدي الرسل وانطفأت إنارة الطريق
بكلمات الأنبياء وضعف الإيمان أو تلاشى
بالإيمان بالغيب ؛ ومكونات الطبيعة تلمس
مداركه من دفء الشمس في النهار وضؤها
الساطع منذ الفجر ولسعة البرد القارصفي
زمهرير الشتاء وحرارة النار المشتعلة
لتحضير كوب من الشاي تحت أضواء القمر
المكتمل ؛ وهنا يأتي تنبيه من الخالق على
لسان خليل الرحمن إذ نطق النص القطعي
الثبوت والدلالة يقول : {وَكَذَلِكَ نُرِي
إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ
الْمُوقِنِين}[*] {فَلَمَّا جَنَّ
عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ
هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا
أُحِبُّ الآفِلِين}[*] {فَلَمَّا رَأَى
الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي
فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ
يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ
الْقَوْمِ الضَّالِّين}[*] {فَلَمَّا
رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا
رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ
قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا
تُشْرِكُون}[*] {إِنِّي وَجَّهْتُ
وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ
الْمُشْرِكِين}[الأنعام: 75~79]
ومكونات الكون المخلوق يخضعها الإنسان
لفهمه القاصر فيغلب على ظنه أن الشمس
والقمر آلهة دون خالقهما ومبدع الإنسان
إلا مَن أمن بالغيب واستيقن بناءً على
نبوة رسول ورسالة نبي بمثل هذا الحدث
-الإسراء- المعجز.. ولقد ظن أنه أحسن(!)
بعقله المحدود ومداركه الناقصة فـ أخطأ
بجعل ما يعتقد فيه ويؤمن به ملموساً
محسوساً فــ : إبدعت طائفة في تصوير الآله
وتشخيصه داخل دور المعابد وعلى حيطانها
ورسمته فوق سقفها ونصبت خارج أماكن الصلاة
تماثيل للقديسين فـ نحتت وثناً له على شكل
صنم فـ نسيت الآله وعبدت ما صورته من
الخشب أو الحجر.. والجاهلي جمع من مكونات
البيئة التي يعيش فيها كومة من حبات رمل
الصحراء وسقاها بحليب الماعز فصنع آلهً له
يحرسه ؛ وآخر صنع من تمر شبة الجزيرة
وثناً وحين يجوع يأكله .. وَقَدْ كَانَ
رَاشِدُ بْنُ عَبْدِرَبِّهِ السُّلَمِيُّ،
يَعْبُدُ صَنَمًا فَرَآهُ يَوْمًا
وَثَعْلَبَانِ يَبُولَانِ عَلَيْهِ ،
فَقَالَ :
أَرَبٌّ يَبُولُ الثَّعْلَبَانِ
بِرَأْسِهِ * لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ
عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ
ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَسَّرَهُ ، ..
.. مع أن الله سبحانه قد ميز الإنسان
وكرمه على غيره من المخلوقات، وسخر له من
النعم ما ظهر منها وما بطن، وفطره على
فطرة نقية سليمة، إلا أن كثيراً من الناس
انحرفوا عن طريق الفطرة، وأبوا إلا
الضلال، واتبعوا خطوات الشيطان، العدو
الدود القديم، وعبدوا الأصنام بشتى
أنواعها وصورها ، وجميع أصنافها.
لقد عبدت طوائف من العرب الأصنام التي
انتقلت إليهم من الأمم السابقة مثل : ودّ،
وسُواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، والتي كانت
في قوم نوح، وانتشرت عبادة تلك الأصنام
بين القبائل العربية، كما دل على ذلك حديث
ابن عباس-رضي الله عنهما- :« صارت الأوثان
التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما
ودّ كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع
كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم
لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق
فكانت لهمْدان، وأما نسر فكانت لحِمْيّر
لآل ذي الكَلاع، أسماء رجال صالحين من قوم
نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم
أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون
أنصاباً، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا فلم
تعبد، حتى إذا هلك أولئك، وتَنَسَّخَ
العلم عُبدَت » [رواه البخاري].
وكانت العرب تعبد إضافة إلى تلك الأصنام
أصنام قريش كـ اللاَّت، والعزَّى، ومناة،
وهُبَل: فصنم مناة - وهو أقدم أصنامهم -
كان منصوباً على ساحل البحر من ناحية
المشلل، بقديد بين مكة والمدينة . وكانت
العرب تعظمه، ولم يكن أحد أشد تعظيماً له
من الأوس والخزرج، وقد بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم علياً-رضي الله عنه- فهدمه
عام الفتح .
أما صنم اللات فقد كان في الطائف، وهو
عبارة عن صخرة مربعة، وكان سدنتها ثقيف،
وكانوا قد بنوا عليها بيتاً، فكان جميع
العرب يعظمونها، ويسمون الأسماء بها،
فكانوا يقولون: زيد اللات، وتيم اللات،
وهي في موضع منارة مسجد الطائف . فلما
أسلمت ثقيف، بعث رسول الله صلى الله عليه
وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها، وحرقها
بالنار.
أما صنم العُزى فإنه أحدث من اللات، وكان
بوادي نخلة ، فوق ذات عرق، وبنوا عليها
بيتاً، وكانوا يسمعون منها الصوت، وكانت
قريش تعظمها . فلما فتح رسول الله صلى
الله عليه وسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد
فأتاها فعضدها، وكانت ثلاث سمرات، فلما
عضد الثالثة : فإذا هو بحبشية نافشة
شعرها، واضعة يدها على عاتقها، تضرب
بأنيابها، وخلفها سادنها، فقال خالد: " يا
عز كفرانك لا سبحانك، إني رأيت الله قد
أهانك" ، ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي
حممة - أي رماد-، ثم قتل السادن.
أما صنم هُبَل فقد كان من أعظم أصنام قريش
في جوف الكعبة وحولها، وكان من عقيق أحمر
على صورة الإنسان، وكانوا إذا اختصموا، أو
أرادوا سفراً : أتوه، فاستقسموا بالقداح
عنده . وهو الذي قال فيه أبو سفيان يوم
أحد : "اعْلُ هُبل" ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : قولوا : « الله أعلى
وأجل » رواه البخاري.
ومن الأصنام التي كانت تُعبد :إساف
ونائلة، قيل أصلهما : أن إسافاً رجل من
جرهم، ونائلة امرأة منهم، دخلا البيت،
ففجر بها فيه . فمسخهما الله فيه حجرين،
فأخرجوهما فوضعوهما ليتعظ بهما الناس،
فلما طال الأمد عبدا من دون الله.
ومع انتشار عبادة الأصنام بقي أناس حفظهم
الله من عبادة غيره سبحانه استجابة لدعوة
إبراهيم- عليه السلام :﴿ رب اجعل هذا
البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام﴾
(ابراهيم:35)، واستمرت عبادة تلك الأصنام
في بلاد العرب حتى ختم الله رسالاته بمحمد
صلى الله عليه وسلم، الذي طهر الله به
البلاد، ووجه العباد إلى المعبود بحق،
الذي لا يجوز أن يُعبد أحد غيره، أو يشرك
في عبادته أحد،﴿ والله متم نوره ولو كره
الكافرون ﴾(الصف:8).
وفي وادي النيلفَقَالَفِرْعَوْنُ: { أَنَا
رَبُّكُمُ الأَعْلَى}.. ثم قَالَ
فِرْعَوْنُ { مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا
أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ
الرَّشَاد}.
كما وتعد الهندوسية ثالث الأديان الكبرى
من حيث عدد الأتباع في العالم، إذ يزيد
عددهم عن المليار، كما يعدّها مؤرخون أقدم
ديانة حية حتى الآن، مع ما يشوب أصولها
وعقائدها من غموض واضطراب، لكن ذلك لم
يحُلْ دون ربطها بالقومية الهندية إذ لا
توجد رواية متفق عليها لأصل هذه الديانة
فـ روافدها الأولى تشمل بقايا الوثنية
الفيدية في العصر الحديدي بشمال الهند،
الذي كان بدوره مركبا من أساطير ومعتقدات
محلية، والثقافات الميزوليثية القادمة من
الهضبة الإيرانية في العصر البرونزي،
والتقاليد الدرافيدية في جنوب الهند.
أصبحت الهندوسية مظلة واسعة لمجموعة من
الطوائف والمذاهب التي تبدو متناقضة في
مواضع عدة، وقد يفاجأ البعض عندما يرى تحت
هذه المظلة من يؤمن بالتوحيد والتثليث
وتعدد الآلهة والإلحاد في آن واحد. وتقوم
الميثولوجيا الهندوسية على 3 آلهة رئيسة
انبثقت عن براهمان:
- أولها براهما، وهو الخالق ومانح الحياة،
و :
- الثاني فيشنو إله الحياة والرحمة والحب،
و :
- الثالث شيفا إله الفناء والموت
والدمار..
.وبعد حين من الدهر تشابه «البقر» عند
طائفة من المسلمين وقت ضعف الإيمان
واضطراب العقيدة فجعلوا للرجل -الولي(!)-
الصالح الشيخ يوسف في الإسكندرية في حوش
منزله قبراً ومزاراً بعد أن فشلت محاولات
قوات الأمن الحكومي في رفع النعش من موضعه
ودفنه في مقابر العامود.. ولعل هذا يعود
للحالة النفسية العامة نتيجة ضعف الإيمان
واهتزاز العقيدة والبيئة الفاسدة الحاضنة
لأفكار الطرق والدجل ومفاهيم الشعوذة ..
فقد سيطرت على الجميع.
والفطرة السوية ترشد الإنسان إلى وجود
خالق قادر فـ يأتي وحي السماء ليبين
المنهاج ويظهر الشريعة الغراء العصماء ؛
وفي نفس السياق تكلم الخالق عن طائفة
قَالَتْ : { عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ} ؛ وعن
آخرى :{ قَالَتْ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ
} ، ونبه الخالق القادر الطائفتين :{ بأن
ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
مِن قَبْلُ } ..
ولا نغفل مَن الذي جلب الأصنام إلى مكة
ونصبها أمام الكعبة المشرفة!..
وكان أول من غير ملة إبراهيم الخليل ودعا
إلى عبادة الأصنام : عمرو بن لحي الخزاعي،
حين قدم بلاد الشام فرآهم يعبدون الأصنام
ويتمسحون بالأوثان من دون الخالق القادر :
الله، فاستحسن ذلك وظنه حقاً، وكانت الشام
آنذاك محل الرسل ومهبط الكتب السماوية،
فقال لهم: " ما هذه الأصنام التي أراكم
تعبدون؟ " ، قالوا له: " هذه أصنام نعبدها
فنستمطرها فتمطرنا .. ونستنصرها فتنصرنا
"، فقال لهم: " ألا تعطوني منها صنما
فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه" ، فـ
أعطوه صنماً يقال له هُبل فقدم به مكة
فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه، ثم لم
يلبث أهل الحجاز أن تبعوا أهل مكة لأنهم
ولاة البيت وأهل الحرم، حتى انتشرت
الأصنام بين قبائل العرب، وقد ذُكر عنه
أنه كان له رئي من الجن، فأخبره أن أصنام
قوم نوح : ودًا وسُواعًا ويغوث ويعوق
ونسرًا مدفونة بـ جُدة، فأتاها فاستثارها،
ثم أوردها إلى تهامة، فلما جاء الحج دفعها
إلى القبائل، فذهبت بها إلى أوطانها، فـ
أما "ود": فكانت لـ كلب، بجَرَش
بدَوْمَة الجندل من أرض الشام مما يلى
العراق، وأما سُواع: فكانت لهذيل بن
مُدْرِكة بمكان يقال له:رُهَاط من أرض
الحجاز، من جهة الساحل بقرب مكة، وأما
يغوث: فكانت لبني غُطَيف من بني مراد،
بالجُرْف عند سبأ، وأما يعوق:فكانت
لهمدان في قرية خَيْوان من أرض اليمن،
وخيوان: بطن من همدان، وأما نسر:فكانت
لحمير لآل ذى الكلاع في أرض حمير..
وهكذا انتشرت الأصنام في جزيرة العرب حتى
صار لكل قبيلة منها صنم يُعبد ، ولم تزل
تلك الأصنام تُعبد من دون الله -جل وعلا-،
حتى جاء الإسلام الحنيف ، وبُعث الهادي
إلى الحق المنير محمد -صلى الله عليه
وسلم- ، نوراً وضياءاً للعالمين، فقام
بتطهير البيت العتيق الحرام من الأصنام،
وبعث السرايا لهدم البيوت التي أقيمت
للأوثان، فبعث-عليه السلام- خالد بن
الوليد لهدم صنم العُزى وهو الطاغوت
الأعظم لدى قريش بمنطقة نخلة، وبعث سعد بن
زيد لهدم صنم مناة التي كانت على ساحل
البحر الأحمر، وبعث عمرو بن العاص إلى صنم
سواع الذي تعبده قبيلة هذيل، فهدمت
جميعها.
وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- مصير
عمرو بن لحي وسوء عاقبته، كما في الصحيح
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«
رأيتعمرو بن عامر الخزاعييجر قصبه
-أمعاءه- في النار، فكان أول من سيب
السوائب » ، وفي رواية:»أول من غير دين
إبراهيم»، و-السوائب- جمع سائبة وهي
الأنعام التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا
يحمل عليها شيء.
وذكر الإمامابن كثيرعند تفسير قوله تعالى
في سورة الأنعام﴿فمن أظلم ممن افترى على
الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا
يهدي القوم الظالمين ﴾(الأنعام:144) أن
أول من دخل في هذه الآيةعمرو بن لحي، لأنه
أول من غير دين الأنبياء، وأول من سيب
السوائب ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، كما
ثبت ذلك في الصحيح .
وكان أهل الجاهلية مع ذلك، فيهم بقايا من
دين إبراهيم، ڪــ :
- تعظيم البيت، و
- الطواف به، و
- الحج و
- العمرة، و
* الوقوف بعرفة ومزدلفة، و
- إهداء البدن، وإن كان دخلها شيء كثير من
شوائب الشرك والبدعة،
و
من أمثلة ذلك أن نزاراً كانت تقول في
إهلالها: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك
لك ، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك،
فأنزل الله تعالى:﴿ ضرب لكم مثلا من
أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من
شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء
تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات
لقوم يعقلون ﴾(الروم:28).
ومنها أن قريشًا كانوا يقولون: نحن بنو
إبراهيم وأهل الحرم، وولاة البيت وقاطنو
مكة ، وليس لأحد من العرب مثل حقنا
ومنزلتنا ـ وكانوا يسمون أنفسهم الحُمْس ـ
فلا ينبغى لنا أن نخرج من الحرم إلى الحل،
فكانوا لا يقفون بعرفة، ولا يفيضون منها،
وإنما كانوا يفيضون من المزدلفة وفيهم
أنزل الله تعالى:﴿ثم أفيضوا من حيث
أفاض الناس﴾ (البقرة:199)..
هذا الوضع الذي كان سائدا في جزيرة العرب،
حتَّم إرسال نبي مرسل ووجود رسالة سماوية
تنتشل الناس من جهلهم وضلالهم وتردهم إلى
فطرتهم السوية النقية وتمحو مظاهر الشرك
والوثنية من حياتهم، فكانت الرسالة
الخاتمة -على صاحبها أفضل الصلاة
والسلام-..وإشكاليتهم: صناديد قريش ومشركو
مكة وما حولها - في المرحلة المكية للنبوة
الخالدة - أنهم لم يستطعوا إدراك وفهم
واستيعاب ما أخبر به النبي المصطفى عن ربه
-وفي مقالي هذا- فيما جرى له في حادثة
الإسراء.. إذ أن المناخ العام والبيئة
الحاضنة لصناديد كفار قريش ومشركي مكة لم
تتقبل فكرة توحيد الآله المعبود!
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــ ـ ـ ـ ـ ـ
الخميس : ٣ رجب 1446 هــ ~ 01 يناير 2025
م.